منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   قسم القصص والروايات (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=71)
-   -   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=758103)

محمد نعناع 08-09-19 09:57 PM

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة الاولى

فصول العذاب :
في صباح يوم ، من أوائل أيام الشتاء ، وتحديدا في 20 - 10 - 1983 كنت ورفاقي التسعة ، نخرج من زنزانة ضيقة ، مساحتها أربعة أمتار مربعة ، كنا قد أمضينا فيها ، ليلتنا الآخيرة من الاسر ، لدى الاسرائيليين .

بدأ جنود العدو ، بتفتيش ثيابنا وأمتعتنا ، التي كنا نحملها من أعمالا يدوية ، كنا نقوم بصنعها داخل المعتقل .

لم نكن نشعر بالخوف من الصهاينه ، بعد ان أخذنا قليلا من حريتنا داخل المعتقل ، وبعد أن قدمنا بعض التضحيات من قتلى وجرحى ، ونعرف ان الحرية لا تمنح بدون ثمن ، وثمن الحرية هو الدم :

وللحرية الحمراء باب ، بكل يد مضرجة يدق

كنا قد توصلنا مع العدو الاسرائيلي على مفردات وصيغ ، تصون بعضا من كرامتنا بعد أن قدمنا تلك التضحيات .

كنت لا أصدق بأن الاسرائيليين سوف يطلقون سراحنا ، فقد كذبوا علينا كثيرا ، فقد كنت أعتقد بأنهم سوف ينقولونا الى سجن آخر .

جاء الصليب الاحمر الدولي ، وكان أكثرهم من النساء ، جاؤوا كي يرافقونا ، في طريق العودة ، الى ارض الوطن .
يتبع ..

محمد نعناع
اسير سابق لدى اسرائيل
من مذكراتي الشخصية

غريب الماضي 08-09-19 11:31 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
ننتظرك

الموج القادم 09-09-19 03:27 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
فى إنتظارك

جراح !! 09-09-19 05:21 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
سجن الوطن
كم هو موجع هذا العنوان و كم هو معبر !!!

بإنتظار عودتك ...

محمد نعناع 09-09-19 09:55 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
غريب الماضي
بحر
جراح


فكم صعب أن نعيش في بحر الجراح غرباء في الأوطان
لن أدع إنتظاركم يطول
تقبلوا إحترامي وتقديري

محمد نعناع 09-09-19 10:04 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة الثانية

قدم لنا اليهود وجبة الافطار الصباحية ، وأعطوا كل اسير ، أربعة علب من التبغ المصنع اسرائيليا .

دقت ساعة الصفر ، وبدأت مرحلة العودة الى الوطن ، فصعدنا الى الحافلة التي سوف تقلنا .

بدأ الباص بالتحرك برفقة مندوبين الصليب الاحمر الدولي ، ونحن نرقص ونغني ، مبتهجين باطلاق سراحنا .

كنا نحمل أشواقا حارة ، لكل شيئ في بلادنا ، ومن كثرة الشوق والحنين الذي كان يشتعل داخل صدري ، كنت قد اشتقت للحجر والشجر قبل البشر ، وكنت قد نذرت على نفسي أن أقبل تراب الوطن قبل أن تطأ قدمي عليه ، وكنت أفكر كثيرا باللقاء الذي يجمعنا مع أحبتنا عند الحدود السورية الاسرائيلية ، وكم كنت آتساءل بيني وبين نفسي ، عن نوعية ذلك اللقاء ..
هل سيكون حارا ..؟
يالله .. يالله ..
ماأجمل ذلك اللقاء ..
وماأجمل الناس الذين سوف يستقبلونا ..
وماأجمل تلك اللحظات ..
وينقطع حبل تفكيري وشرودي ، بلمسة من رفيقي ، أو هزة من هزات الباص ، الذي يسير باتجاه فلسطين ( اسرائيل ) .

يتبع ..

محمد نعناع 16-09-19 09:29 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة الثالثة

معتقل انصار :
نحن كنا في جنوبي لبنان ، في منطقة اسمها ( انصار ) كان قد بنى الاسرائيليين عليها هذا المعتقل ، وسمي بمعتقل انصار ، وكنت قد أمضيت سبعة عشر شهرا في ذلك المعتقل ، وخلالها ، كنت ورفاقي في الاسر منعزلين عن العالم أجمع ، ولانرى أحدا من البشر .
كنا كمن يعيش حياة ، همجية وبربرية ، ونحن في القرن العشرين .
كنا نعيش كطرزانا ، في غابة من غابات افريفيا ، وخرجنا الى المدنية والحضارة ، فبهرتنا هذه الحضارة .
كنا كاأطفال ، نعيش في بطون أمهاتنا ، وخرجنا الى الحياة ، فبهرتنا هذه الحياة .
كنا كبشر ، نعيش في كوكب ، واكتشفنا بأن هناك حياة بشرية أخرى ، في كوكب آخر .
لا أستطيع أن أوصف هذه المشاعر بالقلم ، ولا يستطيع أي قلم في العالم ، أن يوصف مشاعري في تلك اللحظات الرائعة ، التي خرجنا فيها من المعتقل ، لقد خرجنا من الظلمة الى النور .
كان هناك بعض النسوة والاطفال اللبنانيين يهتفون ويلوحون لنا بالمناديل ونحن خارجون من المعتقل ، وكانوا ينثرون الارز بأياديهم ، يالله .. ما أجمل هذا ، انهم يحيونا كأننا أبطال .
فهل نحن أبطال ..؟!
الله أعلم ..
فكل اسير منا ، له قصته ومعاناته الشخصية
هاهي المسافات تقطع
هاهي فلسطين الحبيبة تنادينا ، فلبينا النداء ودخلناها ، ولكن ، دخلناها مأسورين .
فهل سيأتي يوم علينا ندخلها فاتحين ..؟
لا أظن ذلك في الوقت القريب
فنحن الآن في زمن الفضائح والخيانات العربية نحن في زمن بيع الأوطان ، وبأبخس الأثمان
نحن نعيش في زمن المتاهة والضياع
نعيش خارج التاريخ والزمان والمكان
نعيش في زمن الأنظمة الفاسدة
اخيرا ، وصلنا الى الحدود السورية الاسرائيلية ، وبدأنا بالنزول من الباص .
كان هناك أحد الضباط الاسرائيليين ، الكبار بالعمر والرتبة ، يلبس بذة عسكرية ، مقلدة بالأوسمة الكثيرة ، يصافح باليد كل اسير ، ينزل من الباص .
جاء دوري ، فصافحني ، متحدثا باللهجة العربية السورية ، ومعتذرا ، عما بدر منهم ، من معاملة سيئة ، خلال وجودنا في المعتقل ، بطريقة دعابية ، مع ابتسامة خبيثة مرسومة بين شفتيه ، قائلا : ( ستروا ما شفتوا منا ، ولا تعيدوها ، ومع السلامة ، وسلموا ) .

يتبع ..

محمد نعناع 17-09-19 09:49 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة الرابعة

في الطريق الى الوطن :
لم يعد يفصلنا عن تراب الوطن ، الا أمتارا قليلة ، يشغلها موظفون عسكريون ، من قوات الامم المتحدة ، مصطفون على جانبي الطريق ، واقفون باستعداد ، رافعين اياديهم بالتحية العسكرية احتراما لنا .

كانت الامنيات كثيرة ، وكانت الاحلام ، تزين لي الاستقبال الكبير ، من قبل أبناء الوطن .
لقد كان رفاق الاسر ، في المعتقل ، قد قالوا لنا : حينما تدخلون الى سورية سوف يستقبلونكم استقبالا كبيرا ، ويدخلوكم الى المشفى ( الحجر الصحي ) ثلاثة أيام ، كي يفحصونكم فحصا عاما ، لانهم يخافون عليكم من الامراض السارية ، التي قد يصدرها الاسرائيليين الى سورية ، وخلال هذه الايام الثلاثة ، يحققون معكم تحقيقا سريعا ، ويبعثون بكم الى اهاليكم .

أبحرت عيوني ، على بعد مائتي متر تقريبا ، وهي المسافة ، التي تفصلنا عن المستقبلين السوريين ، الذين كانوا بانتظارنا .

كانت اللهفة كبيرة ، والاشواق كثيرة ، وها هو قلبي يدق بسرعة من الفرح ..
هاهي بلادي ..
هاهي سورية ..
يالله .. هل أنا أحلم ..؟

لم أكن أصدق ، أني سوف أرى بلادي ثانية ، ولذلك ، كنت قد نذرت على نفسي ، أن أقبل ترابك يا وطني ، قبل أن تطئك قدماي .

أنتهت رحلتنا مع الاسرائيليين ..
انتهت رحلتنا مع المآسي والعذاب ..
هكذا كنت أظن .

يتبع ..

غريب الماضي 17-09-19 06:12 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
ما أقسى خيبات الآمل وفشل الآمنيات
بعد قسوة الحياة والوحوش التي بالحياة
وياليتك بعد معتقلات الصهاينة وجدت جنة
السوريين

موجه هادئه 17-09-19 08:45 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
أرحب بك أخي محمد نعناع أجمل ترحيب في قسم الروايات خاصةً
وفي المنتدى عامةً ..

سرد مشوّق جذاب لأحداثٍ مؤلمة ،،

يقولون على قدر الأمل تأتي الخيبة..

بانتظار التتمة..

محمد نعناع 19-09-19 01:07 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الماضي (المشاركة 12364266)
ما أقسى خيبات الآمل وفشل الآمنيات
بعد قسوة الحياة والوحوش التي بالحياة
وياليتك بعد معتقلات الصهاينة وجدت جنة
السوريين


نعم ..
ماأشقى الإنسان الذي يفقد الأمل
وماأصعب على الإنسان الذي تتحطم أحلامه على صخور الواقع المرير
إذ لا حياة دون أمل .



غريب الماضي
لك فراشات امل
إحترامي وتقديري

محمد نعناع 19-09-19 01:13 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موجه هادئه (المشاركة 12364329)
أرحب بك أخي محمد نعناع أجمل ترحيب في قسم الروايات خاصةً
وفي المنتدى عامةً ..

سرد مشوّق جذاب لأحداثٍ مؤلمة ،،

يقولون على قدر الأمل تأتي الخيبة..

بانتظار التتمة..



و
كم كانت
خيبة الأمل كبيرة
ومريرة
و
لن أدعك تنتظرين طويلا .

موجة هادئة :
شكرا لترحيبك
لك زنابق امل
إحترامي وتقديري

محمد نعناع 19-09-19 01:24 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة الخامسة

ياوطناه :
هاهن مندوبات الصليب الاحمر الدولي يهنئن بالسلامة ، انهن يبدين كأنهن من الملائكة ، فهن حسناوات وشقراوات ..
نعم انهن ملائكة ، بالمقارنة مع الصهاينة ، فقد كنت أشعر معهن بالأمان ، كانوا يرافقوننا من بداية الرحلة ، وكانوا
يبتسمون
لنا ، ويداعبون هذا وذاك ، كن يتكلمن بلغة عربية ركيكة ، وعندما تصعب عليهن أي كلمة عربية ، كن يتلفظهن بالانكليزية ، وكنت أفهم عليهن بعد أن تعلمت بعض الانكليزية خلال فترة الاسر .

عندما كان الاسرائيليين يقررون الافراج عن بعض الاسرى ، يأتي مندوبون ومندوبات الصليب الاحمر الدولي فيجتمعون مع كل اسير ، ويسألونه عن البلد الذي يود الذهاب اليه .

ياوطناه :
جائتني مندوبة الصليب الاحمر الدولي أكثر من عشر مرات لتسئلني عن البلد الذي أود أن أذهب اليه ، وأنا أقول لها : أريد الذهاب الى بلدي سورية ، فكانت تقول : ألا تخاف على نفسك من أن يذبحوك ، فأقول لها : ولماذا يذبحوني وأنا (صفحتي بيضاء ) في بلدي ، ولم أقم بأي عمل يخالف القانون ، فتجيب قائلة : إن الناس الذين ذبحوا ويذبحوا في بلدك ، هل قاموا بشيئ ضد القانون ..؟ وتضيف قائلة : كلا ، لم يفعلوا أي شيئ ، ولكن لانهم لا يحبون رئيسكم ، فرفضت هذا الكلام ، وأبلغتها قراري بأني أود الذهاب الى بلادي ، فبدأت تزين لي ، الحياة الكريمة ، التي يعيشها الناس ، في البلاد الاوربية ، وبأن حياتي ، كلاجئ سياسي لن ينقصها شيئ وانهم سوف يأمنون لي المسكن والمعيشة ، واخيرا ، الجنسية التي تخولني الذهاب الى أي بلد عربي .

ياوطناه :
بدأت أفكر في هذا الكلام ، ونفسي تراودني على ذلك ، فهل أسمع كلامها ..؟
إن الكثير من أبناء وطننا العربي يحلمون بالسفر أو الهجرة الى البلاد الاوربية لما فيها من مزايا حسنة ، وهاهي الفرصة تقدم لي وعلى ( صحن من ذهب ) بدون تعب أو شقاء ، فهل أستغلها وأوافقها وأعيش حياتي بعيدا عن وطني كلاجئ سياسي في بلاد الغربة ..؟
لقد قيل لي : أن هناك الكثيرين من الاسرى ، قد ذهبوا كلاجئين سياسيين الى "المانيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا"
فهل أوافقها على ذلك ..؟
فانها تنتظر الجواب النهائي .

يتبع ..

موجه هادئه 19-09-19 02:47 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
بين الحنين واللهفة ،، والحيرة والتفكير ،،

تركتنا..


ومازلنا بالانتظار..

محمد نعناع 21-09-19 10:42 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موجه هادئه (المشاركة 12364826)
بين الحنين واللهفة ،، والحيرة والتفكير ،،

تركتنا..


ومازلنا بالانتظار..



بين
الأنين والحنين .. ووجع السنين
ولدنا


موجة هادئة :
لك حدائق ياسمين

محمد نعناع 21-09-19 10:49 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 6

ياآماه :
هاهي جميلة الجميلات تغريني ، هاهي مندوبة المندوبات تنصحني ، فأي بلد تختاره للذهاب اليه .. ؟ أبريطانيا تعجبك ، أم تريد ألمانيا .. ؟ أو ربما تعجبك بلجيكا أكثر أو ربما فرنسا .. ؟
ترددت واحترت قليلا ، ولكن ، حينها سمعت صوت امي يناديني من داخل أعماقي ويقول لي : تعال يابني لقد اشتقت اليك ، حتى ان صوت أمي الخافت والحنون بدأ يعلو ، وبدأ الدم داخل شراييني يتدفق إلى وجهي بسرعة ، وأحسست بأنه سيتفجر ، ان هذا الصوت القادم من أعماقي قد غلب جميع الاصوات ، إن هذا الصوت أصبح يناديني بقوة أكثر ، فتغرغرت الدموع في عيناي
وقلت : لبيك يااماه ..
ها أنا قادم اليك .. فانتظريني
فأنا في الطريق اليك
فلم يعد أمامي غير المراسم الرسمية التي يقومون بها قوات الامم المتحدة احتفاءا بنا
لم يعد يفصلنا عنك الا خمسين متر
فأعدي للقاء ياآماه .

يتبع ..

محمد نعناع 24-09-19 11:27 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة السابعة

في قلب الوطن :
كنا أبطالا يااماه ، في نظر قوات الامم المتحدة ، عاملونا واستقبلونا استقبال الملوك والرؤوساء بمراسم حراس الشرف ، لم يكن هناك سجادا أحمرا يااماه ، ولكن يكفيني المثل الذي يقول ( لاقيني ولاتطعميني ) .

هاهي الرايات مرتفعة ، والوقفة العسكرية للجنود بعدها لم تنتهي ، فنحن الآن يااماه ، في وسط الجنود ، وهم مصطفين على الجانبين ، وبالتحية العسكرية لأياديهم رافعين .

بدأت الخطوات تتسارع لهفة للقاء ، ووصلت الى آخر جندي أممي ، وقد كان عمره من عمري تقريبا ، انه أشقر ووسيم ، وله عينان زرقاوان ، فقلت لنفسي : هل له أم مثلي تنتظره بفارغ الصبر .. ؟ وهل يستطيع أن يراها ..؟ وهل يشده الحنين الى وطنه كما يشدني أنا .. ؟ .

تركت آخر الجنود ورائي ، فأمرهم قائدهم بالانصراف الى شئونهم ، وابتعدنا عنهم ، ونحن نسير على الاقدام متجهين الى الذين ينتظروننا في الطرف الآخر من أحبتنا السوريين .

أنتظريني يااماه ..
فلم يتبقى الا أمتار قليلة ونلتقي ، لنطفئ شوق سنين الغياب .

فقد بدأت تتوضح ملامح وجوه السوريين الذين كانوا ينتظروننا ، فقد كان عدد المستقبلين عشرة تقريبا ، والاسرى عددهم عشرة ، فهرولت الخطوات عفويا وتلقائيا ، بدون ارادة منا حتى وصلنا اليهم وتعاركنا بالعناق والمصافحة والقبلات ، ومشينا باتجاه السيارات التي سوف نستقلها ، فقد كان هناك مسافة بيننا وبين وسائط النقل ، فتأبط بزراعي شاب من المستقبلين ، كان يرتدي بدلة عسكرية ، عليها بعض النجوم على كتفيه فسألته أين نحن الآن ..؟ فأجاب : أنت في قلب الوطن "فنبض قلبي" ، واضاف ، هذه الجولان ، وهذا هو جبل الشيخ ، وهذا المرصد لنا ، وذلك المرصد للعدو الاسرائيلي ، وسنسترجع هذه الاراضي في يوم ما ، ان شاء الله ، قال ذلك ونحن كنا قد وصلنا الى السيارات .

يتبع ..

محمد نعناع 08-12-19 08:18 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 8

المصير المجهول*
نادى علينا احد المستقبلين العشرة ، وقال :*
اصعدوا الى ( اللاندروفر ) من الخلف ، وفتح الباب الخلفي ، وأضاف : تفضلوا بالصعود .. فنظرنا نحن الاسرى الى بعضنا البعض ، ومن خلال نظرات العيون ، كنا كمن يسأل ..!؟*
هل يتسع لنا ذلك الصندوق الخلفي .. !؟
وقلت لنفسي ، ربما لا يوجد وسائط نقل ، أو ربما ممنوعا في هذه المنطقة الحساسة على الشريط الحدودي تواجد السيارات ، فصعدنا ، ولاأعرف كيف أستطاع هذا المكان الضيق أن يستوعبنا ، كنا قد جلسنا بأحضان بعضنا البعض ، وقلت لنفسي ، كما يقول المثل :*
"بيت الضيق بيتسع لألف صديق"

حين أذكر هذا ، لابد لي ان أذكر أن الاسرائليين كانوا قد جلبوا لنا ( باصا ) كبيرا يتسع لأكثر من خمسين راكبا ، ونحن كنا عشرة اسرى فقط ..!؟

وأبتدأت رحلتنا إلى المصير المجهول ..!؟

لاأعرف كم من الوقت قد مضى ، ولاأعرف الى أين يجدون بالمسير ، كل هذا لايهمني ، المهم أني في بلدي ، وأنا في غاية الفرح والسعادة والحنين للقاء أمي*
فلا تحزني يااماه ..*
فقريبا سوف تكتحل عيناكي برؤياي*
فهي ساعات معدودة*
ونلتقي .

يتبع ..



غريب الماضي 08-12-19 11:23 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
ننتظرك
على فكرة نحن لانقرائك نحن نشاهدك صوت وصورة

the lonely girl 11-12-19 10:03 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اين انت ؟

بانتظارك لا تتأخر علينا ارجوك !!

حسن خليل 18-04-20 02:26 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
نرحب بالأخ محمد نعناع أجمل ترجيب في قسم القصص والروايات بشكل خاص وفي المنتدى بشكل عام.

حلقات مشوقة بشكل عام أخي محمد في سرد الأحداث. وتصوير جيد للمشاعر والأحاسيس في الحلقات وخاصة مشاعرك الجيّاشة نحو رؤية الأم التي طال انتظارها.

كذلك استخدام الدلالات اللغوية في مجمل الحلقات جيد إلى حد ما.

لدي ملاحظة وهي أنه يوجد بعض الأخطاء الإملائية في بعض الكلمات. وهذا لا ينقص من جهدك في كتابة هذه المذكرات، ولكن وددت أن أذكرها للمعلومية.

وبانتظار الحلقة القادمة، لك خالص الشكر والتقدير لجهودك المبذولة في قسم القصص والروايات.

محمد نعناع 19-06-21 01:17 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الماضي (المشاركة 12380850)
ننتظرك
على فكرة نحن لانقرائك نحن نشاهدك صوت وصورة




كم هو صعب ان ننتظر إشراقة شمس دون أن تأتي ..
و
كم هو مؤلم أن نشاهد معاناة الآخرين وعذاباتهم من خلال الصوت والصورة .


كن بخير
ياصديقي

محمد نعناع 19-06-21 01:18 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 9

فرع سعسع :
وصلنا اخيرا ، الى محطتنا الاولى ، وهي عبارة عن مبنى ، فيه ساحة كبيرة توقف فيه موكبنا ، فقالوا لنا : انتظرونا في السيارة ، وتركونا وذهبوا ليدخلوا ذلك المبنى .

بدأ الوقت يمضي ونحن جالسون ..
وبدأت خيوط العتمة ، تطرد خيوط النور ، ونحن منتظرون وقابعون في ذلك الصندوق الخلفي من السيارة .

كنا في وسط ساحة المبنى الذي عرفنا فيما بعد ، أنه ( فرع سعسع ) وهو أحد الافرع الامنية في بلادنا .

كان بعض عناصر ذلك الفرع "الفضوليين" عندما يشاهدوننا ، يتجهون نحونا ويسألونا عن الجرم الذي ارتكبناه ، فنقول لهم : أننا كنا اسرى حرب لدى اسرائيل ، فيتعجبون سبب وجودنا عندهم وينصرفوا .

مضى وقت طويل ونحن في ذلك القبر الجماعي ، احسسنا فيه بالجوع والعطش ، فقال احد رفاقي : انظروا هناك ، وكان يشير الى حنفية ماء ، وكان قد ترجل من السيارة ، وخطا خطوتين باتجاه الماء ، فلم نسمع والا صوتا عاليا ، يؤنب رفيقنا لنزوله من السيارة ، فقال له رفيقنا : انني عطشان وأريد أن أشرب ، فرد عليه صاحب الصوت : اصعد الى السيارة وكل طلباتكم ستأتي اليكم .

مضى الوقت ، وأحسسنا فيه دهرا ، ولم يأتي فيه الماء .

رأينا أحد عناصر ذلك الفرع ، يخرج من احدى الغرف ، وبيده عنقودا من العنب ، يتجه الى الماء ليغسله ، وبعد أن غسله ، أدار نظره الينا فشاهدنا ، فشده الفضول الينا ، فجاء الينا كما جاء غيره من الفضوليين ، فسألنا نفس الاسئلة ، ورددنا عليه بنفس الاجوبة ، وقلنا له : أننا جوعى وعطشى ، فمد يده بعنقود العنب ، وقال : لاأملك غيره من الطعام فخذوه ، فأخذناه ، وعددنا حباته ، وقسمناه على عشرة ، فكان نصيب الفرد منا ، اربعة حبات من العنب ، وهنا ضحكنا ، وهذا الضحك كان يحمل في طياته الما ..!؟
وهنا شردت بأفكاري ، كان الاسرائليين ، يجلبون لنا في بعض الاحيان ، القليل من العنب ، وعندما كنا نقسمه ، كان نصيب الفرد منا ، مابين ستة حبات وعشرة حبات من العنب ..
فهل مازلت اسيرا لدى اسرائيل ..!؟

أين أبناء وطني ..!؟
فإني لا أراهم ..!!
أين تراب وطني ، فقد نذرت على نفسي أن أقبله .. !؟
إني لاأرى ذلك التراب كي احتضنه وأقبله ..!! أين وطني ..!؟
فاني لاأراك ياوطني ..!!
فهل أخطئت العنوان ..!؟
هل دخلت الى بلد آخر غير بلدي ..!؟
إنني لاأعرف ..
فأين انت ياوطني ..!؟
فإني ضائع وتائه ..
فاالهمني الصبر ياإلهي .

يتبع ..

محمد نعناع 19-06-21 02:03 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة the lonely girl (المشاركة 12381652)
اين انت ؟

مازلت أهرب من ألم إلى آخر
بانتظارك لا تتأخر علينا ارجوك !!

لقد أتيت باكرا قبل الشروق
فسرقوا الشمس

لك تحية

محمد نعناع 19-06-21 02:07 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 10

في تلك المحطة ، التي توقف عندها الزمن ، جرى التحقيق معنا ، بتقديم نشرة معلومات تفصيلية ، عن اسمائنا واسماء اقربائنا ، وتم ذلك ، بأن دخل كل اسير الى ذلك المبنى ، والوقت يمضي .

ففي ذلك اليوم ، وفي تلك الساحة ، التي أمضينا فيها الساعات ، احسست فيها بالاهانة الكبرى للإنسانية ، وجرحت في صميم قلبي ..!!
فهؤلاء الفضوليين ، قبل أن يتعرفوا علينا ، كانوا يكيلون لنا الشتائم والسباب ، بكلمات كان الاسرائيليين ينعتونا بها ، لا بل كلمات أقسى وأقذر من كلمات الاسرائيليين ، وعندما نعرفهم بأنفسنا ، ونقول لهم : أننا كنا اسرى حرب لدى الاسرائيليين ، عندها يعتذرون عما بدر منهم من شتائم ونعوت .
اذن .. كان علينا أن نشهر "سلاح الاسر" بوجوههم وندافع عن كرامتنا ، عندما يأتينا الفضوليين ، بأن نعرفهم على أنفسنا
يالله ماهذا ..!؟
وماالذي يحصل ..!؟
وما هذه الاخطاء التي ترتكب بحقنا ..!؟
لماذا لم يقم المسؤولين بتعرفيهم علينا كي لا يشتمونا ..!؟
ماذا فعلنا حتى نعامل هذه المعاملة السيئة..!؟
ماذا فعلنا حتى نبقى بذلك القبر الجماعي ..!؟
ماذا فعلنا حتى نبقى جوعى ..!؟
ماذا فعلنا حتى نمنع عن الماء ..!؟
ماذا فعلنا حتى نمنع ، حتى من التبول ..!؟
وهل هذه الأفعال هي عملية مقصودة ..!!!؟؟؟
وتتراكم الأسئلة ، باحثة عن الأجوبة ، وليس هناك من يستطيع الإجابة


واخيرا ..
ها قد جاء الفرج ، جاء من يقول لنا :
ترجلوا من السيارة ، فترجلنا
قالوا : اركبوا بهاتين السيارتين ، فتوزعنا نحن العشرة اسرى على السيارتين
وبدأت رحلة جديدة الى محطة جديدة .

كان الظلام قد لف كل شيئ ..
كان الليل ولازال ، ليل للحالمين
وبدأت أحلم ..
سبحت باحلامي ، فتارة اغوص الى الاعماق ، وتارة اطفوا ، لقد توقف الزمن ، لقد توقفت الحياة ، لقد اختلطت الاوراق ، لقد أصبحت تائها ، لم اعد اعرف الوقت ، لم اعد اعرف نفسي ..
هل أنا نائم ؟
هل أنا أحلم بكل ما مر بي من أسر لدى اسرائيل ولدى هذا الفرع الامني ..!؟
هل ستوقظني أمي بعد قليل ، كي أذهب الى العمل ، أم أنا مستيقظ وهذا ما يجري فعلا ..!؟

وصلنا الى محطتنا الجديدة وكانت على ما أعتقد ( قيادة موقع دمشق ) ونزلنا من السيارات ، وأشار احدهم أن ندخل من الباب الذي أمامنا ، فدخلنا خلف بعضنا البعض ، وكان هناك ممرا ضيقا مررنا فيه ، وبعد ذلك أصبحنا أمام باب زنزانة ، كان بداخلها عشرة مساجين تقريبا ، ففتحوا لنا الباب ، وقيل لنا : ادخلوا الى هنا ، فدخلنا الى تلك الزنزانة ، واغلقوا الباب .

يتبع ..

محمد نعناع 19-06-21 02:23 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن خليل (المشاركة 12417169)
نرحب بالأخ محمد نعناع أجمل ترجيب في قسم القصص والروايات بشكل خاص وفي المنتدى بشكل عام.

حلقات مشوقة بشكل عام أخي محمد في سرد الأحداث. وتصوير جيد للمشاعر والأحاسيس في الحلقات وخاصة مشاعرك الجيّاشة نحو رؤية الأم التي طال انتظارها.

كذلك استخدام الدلالات اللغوية في مجمل الحلقات جيد إلى حد ما.

لدي ملاحظة وهي أنه يوجد بعض الأخطاء الإملائية في بعض الكلمات. وهذا لا ينقص من جهدك في كتابة هذه المذكرات، ولكن وددت أن أذكرها للمعلومية.

وبانتظار الحلقة القادمة، لك خالص الشكر والتقدير لجهودك المبذولة في قسم القصص والروايات.

شكرا على ترحيبك اخي الفاضل
وآسف على تأخري بالدخول إلى المنتدى والرد على الموضوع لأسباب خارجة عن إرادتي ..
وكما أشكرك على تقييمك الرائع استاذي الكريم

اما بالنسبة للأخطاء الإملائية فهذا أمر عادي جدا وطبيعي إذا عرفت أني لم أنل أية شهادة دراسية

لك باقة ورود ملونة
مع كامل احترامي

محمد نعناع 19-06-21 02:25 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 11

الزنزانة السورية :
في داخل هذه الزنزانة ، التي تشبه الى حد ما ، الزنزانة الاسرائيلية ، بدأنا ننظر الى بعضنا البعض ، كأن لسان حالنا يقول :
لماذا نسجن ..!؟
وماذا فعلنا حتى نسجن ..!؟
فنحن كنا عشرة اسرى ، وهناك عشرة مساجين آخرين تقريبا ، كانوا قبلنا في هذه الزنزانة ، فأصبح العدد عشرين شخصا ، في زنزانة ( طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترا واربعون سنتيمتر تقريبا )
فهل يتسع لنا هذا المكان الضيق ..!؟
ياالله..
ماذا فعلنا حتى نحشر كقطيع من الغنم داخل هذه الزريبة ..!؟
ماذا فعلنا حتى نكون بين مساجين كل واحدا منهم له تهمة ما ..!؟ فهذا مهرب مخدرات ، وذاك تهمته الشذوذ الجنسي ، وآخر غادر البلاد بطريقة غير شرعية ، ولكن ، لحظة يامحمد ، لماذا تتهم هؤلاء المساجين ..!؟ ألا يعقل أن يكونوا مظلومين مثلنا ، فقد قال احد المساجين بأنه متهما بأشياء لاعلاقة له بها ، وهنا انبرى احد المساجين وسألني عن تهمتي ، فقلت : لاأعرف ماهي تهمتي ، فقال : وهل هناك احد يدخل الى السجن ولايعرف ماهي تهمته ..!؟ قلت له : نعم أنا ، فابتسم ، وأضفت : كل ماأعرفه ، هو اني كنت اسير حرب عند الاسرائيليين ، واليوم قد اطلقوا سراحي وأتيت الى سورية ، وشرحت له ذلك ، فتعجب كثيرا ، وقال : ان مكانكم ليس هنا في هذا السجن ، وانما في مكان آخر ، فقلت له : وهل هناك احد يسمعك ، فنحن في بلاد الصم والبكم ..
خفف المساجين ببعض الكلمات عن معاناتنا التي أنستنا بعض الوقت ما نحن فيه .

يتبع ..

محمد نعناع 22-06-21 11:55 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 12

تلك الزنزانة الموجودة في مكان ما ، في مدينة دمشق ، كيف أنساها ..
ففيها أحسست بأن الانسانية جمعاء كانت تهان ،
هذه الزنزانة لاتستطيع أن تستوعب عشرون شخصا ينامون فيها ، لهذا تقاسمنا الليل مع رفاقنا السجناء بالتناوب على النوم كما تقاسمنا حبات العنب ، فعشرة ينامون وعشرة يقفون .

جاء دوري لكي انام على الارض بدون غطاء أو فراش ، ولكن من أين ، سيأتيني النوم ؟ وانا في قلب بلادي أحس بالبرد والجوع ، فنحن لم نذق الطعام منذ الصباح ، ونحن الآن في منتصف الليل تقريبا .

كان اعدائنا الصهاينة قبل ان يطلقوا سراحنا في صباح ذلك اليوم ، كانوا قد قدموا لنا وجبة الافطار ( وفطرنا ) قبل ان تنطلق رحلة العودة
وعندما جاء وقت الغذاء عند الظهر ونحن في الطريق ، جاؤوا لنا بوجبة الغذاء ، فرفضنا أن نأكل الا في بلادنا ..
فكيف انام وافكاري تتيه هنا وهناك ..؟
كان الضياع والتشتت في كل شيئ ، وليس هناك أي جواب لأي سؤال ..

لاأعرف اذا نمت في تلك اللحظات العصيبة ، هل سرقت بعض لحظات من النوم أم لا ..؟ كل ماأتذكره أن رفيقي قد نبهني لأعطيه مكاني لكي ينام ، كان كجبل واقف ايام الحرب وايام الاسر لايركعه شيئ ، ، والآن ان هذا الجبل لم يعد يتحمل أكثر من ذلك ، فسقط وخارت قواه وغاب عن الوجود ، كان الارهاق باديا على وجهه ، فأعطيته مكاني ووقفت مكانه ..
وقفت انظر اليه بعين ام تراقب وليدها و( طبطبت ) عليه لاجعله يحس بأني موجودا بجانبه ، وضع رأسه بين أقدامي وأراد أن يفرد رجليه فلم يستطع ، لأن جدار الزنزانة وقف حائلا بينه وبين ذلك ، فكيف يستطيع أن يفرد رجليه في هذا المكان الضيق ، ان الجداران المتقابلان متقاربان والمسافة التي تبعد بينهما هي مئة واربعون سنتيمتر تقريبا ،

إننا نحن الاسرى كنا جبالا لا يركعنا شيئ ، كنا نتحمل جميع انواع العذاب النفسي والجسدي في سجن اسرائيل ، ولم يأتي علينا يوم يأسنا فيه عند الاسرائيليين كاليوم الذي نحن فيه في زنزانة من زنزانات دمشق .
يتبع ..

محمد نعناع 24-06-21 06:22 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 13

كان جسدي في تلك الزنزانة ، وأما روحي كانت سابحة في اللاشيئ ، وكان هناك كوة في اعلى جدار الزنزانة ، من خلالها كنت ارى النجوم وهي تسبح في السماء ، وكنت اتعلق بها لاذهب بعيدا عن مآساتي ..

يالله .. ماأجمل تلك النجوم في السماء ، فهي حرة طليقة ..

ماأجملك .. ياأيها الليل ، أريد أن أختبئ فيك أيها الظلام ..

من قال أن الظلام ليس جميل ، انه في بعض الاحيان أفضل من النور ..

إن الليل والظلام معناه الذهاب إلى النوم والذهاب الى المجهول وبعدم تحمل المسؤوليات ، وأنا الآن أريد أن أهرب من كل شيئ ، أريد أن أهرب الى اللاشيئ ..

في بعض الاحيان يفضل الانسان أن يكون مجذوبا على أن يكون عاقلا ..
فيارب .. لماذا لم تخلقني مجنونا بدون عقل ..؟

كنت واقفا على قدماي الاثنتين ، انتظر دوري مرة اخرى لكي انام ، فأحسست باحدى قدماي بأنها لم تعد تساعدني على الوقوف ، ، كانت قد ( لبدت ونملت ) فرفعتها بيداي الاثنتين لاريحها قليلا ، عندها شعر رفيقي النائم بين اقدامي ببعض فراغ عند رأسه ، فمد رأسه ووضعه مكان موضع قدمي ، فلم أعد أستطيع أن أنزل قدمي ..
إن رأس رفيقي أصبح يحتل موضع قدمي ، فأمسكست رجلي بكلتا يداي لكي لا تسقط على رأس رفيقي وبقيت واقفا على رجل واحدة ( مثل اللقلق ) .
يتبع ..

غريب الماضي 24-06-21 09:54 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
حسبي الله ونعم الوكيل وكفى

محمد نعناع 03-07-21 07:31 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الماضي (المشاركة 12496654)
حسبي الله ونعم الوكيل وكفى


.
الحلقة 14

فقدان الذاكرة ، في الوطن :

كانت تباشير الفجر تهل وتعلن ولادة يوم جديد ، وآذان المؤذن للصلاة ينادي الناس ، كانت هذه أول مرة منذ سبعة عشر شهرا وعشرون يوما أمضيتها في المعتقل اسمع فيها صوت الآذان من المآذن ، اعترف بأني في ذلك الوقت كنت لاأصلي ، والله يهدي من يشاء ، فنحن ولدنا على الفطرة مسلمين ، وإن التكبير وذكر الله يعطينا قوة فائقة للتحمل والصبر ،

فالله اكبر الله أكبر ، واشهد ان لااله الالله ، واشهد ان محمد رسول الله .

في السادسة صباحا تقريبا ، استيقظ رفيقي ورآني اقف على رجل واحدة وعرف بأنه قد أخذ مكان موضع قدمي برأسه ، فبكى وحزن على وقفتي هذه ، وضممنا بعضنا البعض وتعانقنا كأننا كنا بعيدين عن بعض البعض ، والتقينا .

هذه الصورة كيف انساها ..!؟
ففي وطني لم يكن هناك لي موضع رجل لأضعها فيه
فأين أنت ياوطني ..!؟

كنا نداوي جراح بعضنا البعض أنا ورفاقي
كنا جياعا ، فلم نأكل منذ صباح الامس ، فذهبنا الى التدخين عوضا عن الطعام .

لم يكن في الزنزانة السورية ( دورة مياه ) لنغتسل أو نقضي حاجتنا فيه ، بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها شبه ( مرحاض افرنجي ) وهو عبارة عن سطل بلاستيك كبير .

لم يكن في الزنزانة السورية أي شيئ ننام عليه أو نغطي أجسادنا به ، بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها أغطية ( حرامات ) تحتنا وفوقنا .

في الزنزانة السورية نمنا جوعى ، بينما في الزنزانة الإسرائيلية نمنا شبعى .

في الزنزانة السورية كنا عشرون شخصا ، بينما في الزنزانة الإسرائيلية كنا عشرة .
ولكن ،
لأتوقف قليلا عن هذا السرد وعن هذه المقارنات بين الزنزانة السورية والزنزانة الإسرائيلية ، ربما لاتجوز المقارنة .

يتبع ..

غريب الماضي 03-07-21 08:54 AM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
حينما يكون العدو أرحم من أبناء الوطن

محمد نعناع 12-07-21 12:29 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الماضي (المشاركة 12498732)
حينما يكون العدو أرحم من أبناء الوطن

حينها لابد من ولادة الثورات

محمد نعناع 12-07-21 12:30 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة 15

لقد اصبحت الآن الساعة العاشرة تقريبا ..
فتح باب الزنزانة ، ونادى احدهم وهو يقول : ( يالله طلعوا فطروا )
فخرجنا جميعا ، العشرون سجينا ..
أما العشرة الاولى فهم الاسرى ، وكنا نلبس لباسا موحدا ..
واما العشرة الثانية فهم المساجين الآخرين ، وكانت لهم مشاكلهم وصراخهم ، وعندما كان يعلو الصراخ ، يأتي عناصر ذلك الموقع ويهينوا الجميع بدون استثناء ..

إذن ، فالعشرون مهانون ، ونحن الاسرى من ضمن العشرون ..

إن عناصر هذا الموقع لايعرفون بأننا كنا اسرى حرب لدى اسرائيل ، وعندما كانوا يعرفون ذلك ، كانوا يعتذرون لنا ويتعجبون لوجودنا عندهم ، والمشكلة الكبرى انهم يأتون فرادى ، وكل منهم يشتمنا ، فنوضح له وضعنا نحن الاسرى العشرة ، فيعتذر ويتعجب ويذهب الى حال سبيله ..

هكذا مرت الساعات علينا في ذلك الموقع ، يأتي عنصر ، يهيننا ، نوضح له ، فيعتذر ويذهب ، وتواليك .. وهلم جرا ..

لقد كرهنا أنفسنا لاننا كنا اسرى ..
لقد كرهنا العالم اجمع ..
فمن المسؤول عن تلك الاهانات ..!؟
هل هو العنصر ، ام المسؤول عن العنصر ..!؟

لم نعد نقول بأننا اسرى ، لم نعد نتكلم عندما نهان ( كأننا من البكم ) وقد كان قلبي يبكي دما لهذه الأفعال المشينة ..
تحجرت الدموع في عيناي ..
يالله .. أريد أن أبكي ..
فلما لاأستطع البكاء ..!؟
أين تلك الدموع الخائنة ..!؟

يتبع ..

غريب الماضي 12-07-21 12:35 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد نعناع (المشاركة 12500122)
الحلقة 15

لقد اصبحت الآن الساعة العاشرة تقريبا ..
فتح باب الزنزانة ، ونادى احدهم وهو يقول : ( يالله طلعوا فطروا )
فخرجنا جميعا ، العشرون سجينا ..
أما العشرة الاولى فهم الاسرى ، وكنا نلبس لباسا موحدا ..
واما العشرة الثانية فهم المساجين الآخرين ، وكانت لهم مشاكلهم وصراخهم ، وعندما كان يعلو الصراخ ، يأتي عناصر ذلك الموقع ويهينوا الجميع بدون استثناء ..

إذن ، فالعشرون مهانون ، ونحن الاسرى من ضمن العشرون ..

إن عناصر هذا الموقع لايعرفون بأننا كنا اسرى حرب لدى اسرائيل ، وعندما كانوا يعرفون ذلك ، كانوا يعتذرون لنا ويتعجبون لوجودنا عندهم ، والمشكلة الكبرى انهم يأتون فرادى ، وكل منهم يشتمنا ، فنوضح له وضعنا نحن الاسرى العشرة ، فيعتذر ويتعجب ويذهب الى حال سبيله ..

هكذا مرت الساعات علينا في ذلك الموقع ، يأتي عنصر ، يهيننا ، نوضح له ، فيعتذر ويذهب ، وتواليك .. وهلم جرا ..

لقد كرهنا أنفسنا لاننا كنا اسرى ..
لقد كرهنا العالم اجمع ..
فمن المسؤول عن تلك الاهانات ..!؟
هل هو العنصر ، ام المسؤول عن العنصر ..!؟

لم نعد نقول بأننا اسرى ، لم نعد نتكلم عندما نهان ( كأننا من البكم ) وقد كان قلبي يبكي دما لهذه الأفعال المشينة ..
تحجرت الدموع في عيناي ..
يالله .. أريد أن أبكي ..
فلما لاأستطع البكاء ..!؟
أين تلك الدموع الخائنة ..!؟

يتبع ..

لاتقلق فإن جهنم مبرزة للمجرمين وأن طال بقائهم وطغيانهم
سيأخذ كل حقاً حقه

محمد نعناع 12-07-21 12:35 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
الحلقة "16"

هاهي مناسف الحلاوة على الارض تناديني قائلة : ( ألست جوعان ،تعال وكلني )
نعم ، كنت أتضور جوعا ، ولكن مابال نفسي قد شبعت وصامت ، فلم استطع أن ( آكل ) ، لقد شبعت نفسي من الاهانات ..
مد رفيقي يده وقال :
( بسم الله الرحمن الرحيم ) وأجبرني على أن آخذ لقمة وآكلها ، ، فحمدت الله على هذه النعمة ورجعت الى الوراء وأنا أمد يدي على علبة التبغ الاسرائيلية الصنع ، وأشعلت لفافة القمتها في فمي ، فقدم لي احد رفاقي كوب من الشاي وهو ينظر الي ويقول : ( اشبك ماخربت الدنيا ... معلش ... معلش ) كان رفيقي يعرف بأني كنت حساسا وشفافا جدا ، يعرف بأن الكلام والقول يؤثر بنفسي أكثر من ألف مدفع ، ولقد ماتت نفسي في نفسي ، لقد قتلوني في داخلي ، لقد نحروني بدون سبب ، فمن المسؤول عن ذلك ..؟!

انتهت وجبة الافطار العربية ودخلنا الى مقصورتنا الجميلة الرحبة ننتظر اللاشيئ ، ننتظر المجهول ، ننتظر الانتظار ، وبعد فترة وجيزة من الوقت لاأعرف تحديدها بالضبط ، فتح باب الزنزانة ، وطلب منا الخروج حالما نسمع اسمائنا ، فبدأت الاسماء تتلى واصحابها يخرجون ، حتى خرجنا جميعا ، جميع العشرون ..
تجمعنا في ساحة ذلك المبنى ، وكان هناك غرفة صغيرة مسبقة الصنع بجانب ذلك المبنى ، وكنا نزور هذه الغرفة ( البراكة ) كل شخص بمفرده ، وعندما تنتهي هذه الزيارة نصعد الى ( ميكرو باص ) كان بانتظارنا .

يتبع ..

غريب الماضي 08-08-21 10:48 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
تأخرت علينا يابن نعناع

حسن خليل 13-10-21 11:04 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
عدنا من جديد لمتابعة روايتك أخي الكريم.

جميلة تلك المقارنة بين السجون.

ووصف جيد لكل حالة على حدة.

ومع الأسف لهذه الحالة المزرية.

لك جزيل الشكر والتقدير على جهودك المبذولة في هذا القسم.

غريب الماضي 02-11-21 06:12 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
بن نعناع رجعوك للمعتقل ؟
وينك يارجل

غريب الماضي 23-11-21 09:28 PM

رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
 
ولا زلت أنتظرك !


الساعة الآن 07:49 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir