منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   قسم القصص والروايات (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=71)
-   -   فارس من بلاد كوش (رواية ) (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=758819)

adilahmedyousif 09-12-19 05:48 AM

فارس من بلاد كوش (رواية )
 
فارس من بلاد كوش
...................

بقلم ((عادل احمد يوسف ))
كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قذح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ،
كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ،
سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة ..
على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت .
(خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا )
طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة
التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ،
تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه
صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها
حتى عادت الصخرة الى طبيعتها ..
خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء .
.ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة .
منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية .
وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه .
ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا .
ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ،
انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا
عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية
واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم .
ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها .
وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها
وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة
.وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء .
وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد .

اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل )
كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما
ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري
لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما
بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن
المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم .....
ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ،
وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً
ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات
المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ،
يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة ..
طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً...
أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ...
وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ...
( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) ....
ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما .
فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر .
فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ
كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين .
وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود .
وصدقنا نحن الصغار ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم .
ولكن منظر القبور يقول انها واقعة حقيقية ..
كيف ذلك لا ادرى !!!!
من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ،
يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن .
ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة .
تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل .
ذات يوم لا اذكر تاريخا له .
...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته .
ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة
قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين
ودستور امارتى لكم .
ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم .
(اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ،
اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ،
ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ،
ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه
ولا عاشر امراة متزوجة ،
ولا انطق بحكم دون سند ،


ولا انصب الشراك للطيور المقدسة
او حيوانا مقدسا ،
اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة )
اقدم العطايا للمعبد ،
اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى
والملبس للعرى ،انعل هذا فى هذه الحياة الدنيا
واسير فى طريق الخالق ،
مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ،
لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ،
فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد.
ثم تابع كلامه .
ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائر يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش.
اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد .
اين محتويات العروش الملكية .
لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض .
هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان
يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء
كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء ..
كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر
واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم .
شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر
نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر
يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر
انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية .
رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها
لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته .
هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ، هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه
يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول .
اسمعوا منى ،
انها ليست تخاريف شيخ .
انها تمتمات النيل عبر القرون .
انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا
اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا
اسمعى ايتها الجبال الصامدة
ان عز للناس تصديقى
هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين .
كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه .
رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا
المقابر انت وهى موجودة , كيف ننكر ذلك .
اذهب ايها الشيخ المخرف ،
هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة .
يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ،
هل هى لعنة اله النيل ،
ام غضبة الكنداكة ،
ام سحرة موسى ،
من يسير المكان هنا يا الهى ..
ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ...
مشيا على الاقدام .
ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه .
استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم ..
ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,,
وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى .
وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا .
وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا
ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه
كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه
انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ،
والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى ..
علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا .
قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة
ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم
ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .

adilahmedyousif 09-12-19 03:50 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة adilahmedyousif (المشاركة 12381020)
فارس من بلاد كوش
...................

بقلم ((عادل احمد يوسف ))
كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قذح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ،
كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ،
سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة ..
على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت .
(خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا )
طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة
التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ،
تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه
صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها
حتى عادت الصخرة الى طبيعتها ..
خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء .
.ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة .
منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية .
وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه .
ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا .
ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ،
انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا
عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية
واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم .
ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها .
وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها
وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة
.وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء .
وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد .

اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل )
كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما
ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري
لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما
بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن
المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم .....
ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ،
وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً
ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات
المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ،
يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة ..
طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً...
أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ...
وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ...
( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) ....
ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما .
فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر .
فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ
كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين .
وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود .
وصدقنا نحن الصغار ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم .
ولكن منظر القبور يقول انها واقعة حقيقية ..
كيف ذلك لا ادرى !!!!
من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ،
يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن .
ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة .
تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل .
ذات يوم لا اذكر تاريخا له .
...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته .
ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة
قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين
ودستور امارتى لكم .
ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم .
(اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ،
اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ،
ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ،
ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه
ولا عاشر امراة متزوجة ،
ولا انطق بحكم دون سند ،


ولا انصب الشراك للطيور المقدسة
او حيوانا مقدسا ،
اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة )
اقدم العطايا للمعبد ،
اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى
والملبس للعرى ،انعل هذا فى هذه الحياة الدنيا
واسير فى طريق الخالق ،
مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ،
لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ،
فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد.
ثم تابع كلامه .
ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائر يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش.
اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد .
اين محتويات العروش الملكية .
لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض .
هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان
يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء
كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء ..
كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر
واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم .
شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر
نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر
يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر
انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية .
رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها
لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته .
هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ، هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه
يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول .
اسمعوا منى ،
انها ليست تخاريف شيخ .
انها تمتمات النيل عبر القرون .
انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا
اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا
اسمعى ايتها الجبال الصامدة
ان عز للناس تصديقى
هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين .
كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه .
رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا
المقابر انت وهى موجودة , كيف ننكر ذلك .
اذهب ايها الشيخ المخرف ،
هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة .
يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ،
هل هى لعنة اله النيل ،
ام غضبة الكنداكة ،
ام سحرة موسى ،
من يسير المكان هنا يا الهى ..
ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ...
مشيا على الاقدام .
ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه .
استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم ..
ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,,
وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى .
وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا .
وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا
ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه
كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه
انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ،
والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى ..
علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا .
قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة
ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم
ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .

تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى .
اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت ,
مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها
وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ،
وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا
وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها
وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات
اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه
بارك الجميع كلام الملك العظيم
قال الملك باركوه
وردد الجميع باركنا نحن جميعا
ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى
كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ،
لكننى عدت وكفى .
عندما ودعتنى قالت لى
ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها .
اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا

احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين .
.. ............
كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.
تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,,
وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,,
إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم
إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘
ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ،
كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ،
وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة ..........
ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى سليمة .
كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى .
كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة
...
إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة
والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام .
ويقال ان اشهر اغنية فى الفن النوبى
قد فصلت فيها
اين من سحرك اسباب الهروب
-
تهت فى قلبى وادمنت الغريق
ورويت الشوق مدا وشهيق...
وسكبتي الحرف دمعا نازفا
وتجاوزت الملامة والرفيق
وسكنت الروح فى عليائها
اين من سحرك سمار الفريق
يافتاة ارخت في خاطرى
بهجة الشمس وابداع الشروق
يا فتاة جمعت في جيدها
لمعة الماس والقرط الانيق
يا فتاة للسماء قد سمت
اثمرت في ايكها مثل البريق
واذ الزفة في رونقها
والنجوم الزغب مالت للغروب
لاهيات خصلها في المدار الرطب
تزكي مثل اوتار القلوب
واذ البسمة في اجوائها
عذبة مثلما يرفدها الطفل العذوب
وعزوف البدر في ايماءة
اثقلتها طلة الوجة الطروب
ونخيل شامخات رقصت
اين من عينيك اسباب الهروب
...
لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم .
ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ،
ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ،
وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى
انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد
ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض .
كل الاوصاف بسيطة فيها .
سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى
فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى .
ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ،
انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم .
كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة .
واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق .
ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب .
عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ،
ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ،
قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم .
وجدت الفتاتين منهمكتين في جمع التمر ،
اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ،
وخجولة جداً ..كما توقعت ،
التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى
وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ،
ماذا تريد ايها الشاب ,,
يبدو انك اخطأت العنوان ،
انا لا أعرفك بتاتاً ،
يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ
إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس
قلوب العذارى.
انت من طينة أخرى
وكانت تنظر إلي بتحد واضح ،
من اين لك كل هذه الجراة ؟
لتغازل فتاة مجهولة .
وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها
لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب
كلمات الاغنية التى ا رسلتها لها ,
كانت تغنى وتتمايل وتبتسم
وهاهى تغنى تلك المقاطع التى ارسلتها لها
انها معجونة من السحر
...
يا سمحة يا بت الجروف

الساكنه في القلب الولوف

بغناك لونت الحروف

ومشيتي في الدرب المعرش بالورود

عينك اه ..معجونة من سحر الغروب

وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم

ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون

والشوق قد يدمنك يا بدر البدور

اه منك اه

من سحرك اه

من دلعك اه

يا بخت روحي بطلة القمر المنير

ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف

يا نسمة الفجر المباح

سافرت في السحر الودود

وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور

اقمت ناصية الهوي

انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي

الراسمة اسمك في الرمال

وفي الخلاء وفي السماء الشاردة

حتي ارتوت همسا وردده الصدي

والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى

اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا

اني زرعتك مثل اسرار الهوى

وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى

يا همسة القلب العذوب

يا طلة الوجه الطروب

قيسك عذبه الهوي

اسفا لحب ما روي قلبى

واتعبنى

ومزقنى

ومابلغ المدى
كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى
وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك
انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا
لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى تمالكت نفسى

وقلت لها لا لا ..
تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان
وارتجلت لها
مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ،
بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون
..... وغنيت لها ..
وانا ادند كان الطنبور فى يدى
.....
يازهرة النيل على درب الهوى تدللى
انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى
وملكت ناصية البيان بمعصى
عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى
هيا تعالى اجلسى
واحسست بطرب فى عينها بلون الشروق
وواصلت كلامى وانا انظر اليها
،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش
ومن فى الورى مثلنا ،
استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ،
واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ،
كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى
آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة ..
لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ،
وبدات اصرخ باعلى صوتى .
اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟
اين انتم يا اغبناء كوش ؟
واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا
وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟
كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟
اين المستكشفين وأين الفضائيات !
مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت :
حماك الله من اعين اهل البندر ..
هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى .
القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً.
كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى .
انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى :
نعم والف نعم للسعادة والجمال .
تجاذبنا اطراف الحديث .
ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا
بصوت واثق وشجى ...
......
يا اميرة النيل
ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح
ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن
يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف
اغيثى اذنى بهمسات دافئة
بل اطلقى قريحتك واشدى
ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة
تمام الالحان .
وشجعى الحمام والطيور للغناء ،
وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ،
ولملمى اوجاعنا الحزينة ،
ارقصى ياسمحة الخصال ،
وشتتى الشمبال ،
تخيلى رحلة بقارب ،
والموج في زحام ورغوة بيضاء ،
طيرى مع الحمام ،
يا بطة الغرام ،
التفتت وقالت بثغرها الوثاب
الله الله الله ،،
شكرا لك ،
شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ،
واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ،
لاشم نفحات من قطرات الندى ،
واردفت تقول ..
اه منك يا شقى ,,
اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول ....
لقد اعجبتنى خفة دمك ،
وانتقاءك للكلمات
انت تدغدع مشاعرى ،
و تثير انوثتى ،
يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد
هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،،
وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ،
كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية ..
اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام .
وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ،
وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة
وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر
وشرع الطفل على الفور
واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها
يا اميرة النيل وقلبى ..
انت تستحقين محصول هذا العام كله .
كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى
...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى
بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ،
سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ،
بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ،
قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم
ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه ..
واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر
واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك
وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب
...
يافتنة العين يا حورية النيل
اني احبك
يا بنت الحلاوين
عطر الاماسى ودف الليل اطربنى
همس اللسان ولون الورد والزين
شوقى اليك تراتيل معتقة
خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى
ان غبت حبى وخارطتى
ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين
قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا
والقلب يدمع قبل الحس والعين
وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا
يحاكى النجم والنيل
وطيف حاجبك في صورة القمر
قبل التمام فيا من منظر فنن
ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا
وكم تحوى من صدف ومن زين
ورسمة الفم فن فى خلاصته
وتيه مشيتها للحب تلقين
يافتنة العين يا حورية النيل
دعنى اغنى وما للوصف تمكين
دعنى لارسم مافى العقل من فنن
يا فتنة النيل يا حورية االكون
تاه الخيال ومالى في البكا لغة
وسرحة النجم السارى الي حين
اني انا الشاعر النيلى
راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين
ورب دار كساها القلب من كمد
اعدت لجوفها نفس وتامين
حتي اذا جاءت الاقدار في كنف
اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون
لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت
حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر
لم تقل صراحة ...
بل انني قرات في عينيها المنتشتين ما كانت تريد ان تقولها
وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا .
وبعد فترة صمت ،
قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث
انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت
هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب
قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا ..
الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك ..
لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال
فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة ..
ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل
وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل .
وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو .
جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى
جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية ..
واحلامي بحجم الفضاء ..
قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك .
قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟
وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك
انا اقرأ الكف ..
قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة ...
كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية اميرة الا لماما .
قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ...
نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..
ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك .
ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة
ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى ..
عدت الى عرافتى وقلت لها ..
وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى
انني لن اترك كلامك يمر هكذا
بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا
وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم

adilahmedyousif 09-12-19 07:43 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
نريد من من يمتلكون حاسة النقد أن يوجهو رؤيتهم وكتبوا حتي نستفيد من رؤاكم

adilahmedyousif 10-12-19 08:01 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
اجمل منهن .[/quote]

تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى .
اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت ,
مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها
وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ،
وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا
وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها
وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات
اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه
بارك الجميع كلام الملك العظيم
قال الملك باركوه
وردد الجميع باركنا نحن جميعا
ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى
كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ،
لكننى عدت وكفى .
عندما ودعتنى قالت لى
ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها .
اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا

احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين .
.. ............
كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.
تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,,
وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,,
إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم
إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘
ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ،
كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ،
وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة ..........
ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى سليمة .
كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى .
كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة
...
إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة
والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام .
ويقال ان اشهر اغنية فى الفن النوبى
قد فصلت فيها
اين من سحرك اسباب الهروب
-
تهت فى قلبى وادمنت الغريق
ورويت الشوق مدا وشهيق...
وسكبتي الحرف دمعا نازفا
وتجاوزت الملامة والرفيق
وسكنت الروح فى عليائها
اين من سحرك سمار الفريق
يافتاة ارخت في خاطرى
بهجة الشمس وابداع الشروق
يا فتاة جمعت في جيدها
لمعة الماس والقرط الانيق
يا فتاة للسماء قد سمت
اثمرت في ايكها مثل البريق
واذ الزفة في رونقها
والنجوم الزغب مالت للغروب
لاهيات خصلها في المدار الرطب
تزكي مثل اوتار القلوب
واذ البسمة في اجوائها
عذبة مثلما يرفدها الطفل العذوب
وعزوف البدر في ايماءة
اثقلتها طلة الوجة الطروب
ونخيل شامخات رقصت
اين من عينيك اسباب الهروب
...
لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم .
ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ،
ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ،
وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى
انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد
ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض .
كل الاوصاف بسيطة فيها .
سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى
فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى .
ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ،
انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم .
كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة .
واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق .
ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب .
عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ،
ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ،
قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم .
وجدت الفتاتين منهمكتين في جمع التمر ،
اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ،
وخجولة جداً ..كما توقعت ،
التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى
وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ،
ماذا تريد ايها الشاب ,,
يبدو انك اخطأت العنوان ،
انا لا أعرفك بتاتاً ،
يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ
إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس
قلوب العذارى.
انت من طينة أخرى
وكانت تنظر إلي بتحد واضح ،
من اين لك كل هذه الجراة ؟
لتغازل فتاة مجهولة .
وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها
لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب
كلمات الاغنية التى ا رسلتها لها ,
كانت تغنى وتتمايل وتبتسم
وهاهى تغنى تلك المقاطع التى ارسلتها لها
انها معجونة من السحر
...
يا سمحة يا بت الجروف

الساكنه في القلب الولوف

بغناك لونت الحروف

ومشيتي في الدرب المعرش بالورود

عينك اه ..معجونة من سحر الغروب

وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم

ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون

والشوق قد يدمنك يا بدر البدور

اه منك اه

من سحرك اه

من دلعك اه

يا بخت روحي بطلة القمر المنير

ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف

يا نسمة الفجر المباح

سافرت في السحر الودود

وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور

اقمت ناصية الهوي

انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي

الراسمة اسمك في الرمال

وفي الخلاء وفي السماء الشاردة

حتي ارتوت همسا وردده الصدي

والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى

اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا

اني زرعتك مثل اسرار الهوى

وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى

يا همسة القلب العذوب

يا طلة الوجه الطروب

قيسك عذبه الهوي

اسفا لحب ما روي قلبى

واتعبنى

ومزقنى

ومابلغ المدى
كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى
وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك
انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا
لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى تمالكت نفسى

وقلت لها لا لا ..
تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان
وارتجلت لها
مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ،
بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون
..... وغنيت لها ..
وانا ادند كان الطنبور فى يدى
.....
يازهرة النيل على درب الهوى تدللى
انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى
وملكت ناصية البيان بمعصى
عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى
هيا تعالى اجلسى
واحسست بطرب فى عينها بلون الشروق
وواصلت كلامى وانا انظر اليها
،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش
ومن فى الورى مثلنا ،
استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ،
واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ،
كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى
آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة ..
لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ،
وبدات اصرخ باعلى صوتى .
اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟
اين انتم يا اغبناء كوش ؟
واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا
وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟
كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟
اين المستكشفين وأين الفضائيات !
مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت :
حماك الله من اعين اهل البندر ..
هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى .
القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً.
كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى .
انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى :
نعم والف نعم للسعادة والجمال .
تجاذبنا اطراف الحديث .
ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا
بصوت واثق وشجى ...
......
يا اميرة النيل
ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح
ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن
يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف
اغيثى اذنى بهمسات دافئة
بل اطلقى قريحتك واشدى
ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة
تمام الالحان .
وشجعى الحمام والطيور للغناء ،
وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ،
ولملمى اوجاعنا الحزينة ،
ارقصى ياسمحة الخصال ،
وشتتى الشمبال ،
تخيلى رحلة بقارب ،
والموج في زحام ورغوة بيضاء ،
طيرى مع الحمام ،
يا بطة الغرام ،
التفتت وقالت بثغرها الوثاب
الله الله الله ،،
شكرا لك ،
شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ،
واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ،
لاشم نفحات من قطرات الندى ،
واردفت تقول ..
اه منك يا شقى ,,
اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول ....
لقد اعجبتنى خفة دمك ،
وانتقاءك للكلمات
انت تدغدع مشاعرى ،
و تثير انوثتى ،
يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد
هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،،
وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ،
كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية ..
اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام .
وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ،
وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة
وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر
وشرع الطفل على الفور
واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها
يا اميرة النيل وقلبى ..
انت تستحقين محصول هذا العام كله .
كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى
...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى
بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ،
سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ،
بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ،
قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم
ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه ..
واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر
واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك
وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب
...
يافتنة العين يا حورية النيل
اني احبك
يا بنت الحلاوين
عطر الاماسى ودف الليل اطربنى
همس اللسان ولون الورد والزين
شوقى اليك تراتيل معتقة
خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى
ان غبت حبى وخارطتى
ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين
قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا
والقلب يدمع قبل الحس والعين
وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا
يحاكى النجم والنيل
وطيف حاجبك في صورة القمر
قبل التمام فيا من منظر فنن
ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا
وكم تحوى من صدف ومن زين
ورسمة الفم فن فى خلاصته
وتيه مشيتها للحب تلقين
يافتنة العين يا حورية النيل
دعنى اغنى وما للوصف تمكين
دعنى لارسم مافى العقل من فنن
يا فتنة النيل يا حورية االكون
تاه الخيال ومالى في البكا لغة
وسرحة النجم السارى الي حين
اني انا الشاعر النيلى
راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين
ورب دار كساها القلب من كمد
اعدت لجوفها نفس وتامين
حتي اذا جاءت الاقدار في كنف
اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون
لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت
حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر
لم تقل صراحة ...
بل انني قرات في عينيها المنتشتين ما كانت تريد ان تقولها
وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا .
وبعد فترة صمت ،
قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث
انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت
هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب
قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا ..
الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك ..
لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال
فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة ..
ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل
وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل .
وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو .
جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى
جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية ..
واحلامي بحجم الفضاء ..
قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك .
قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟
وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك
انا اقرأ الكف ..
قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة ...
كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية اميرة الا لماما .
قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ...
نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..
ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك .
ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة
ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى ..
عدت الى عرافتى وقلت لها ..
وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى
انني لن اترك كلامك يمر هكذا
بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا
وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم
خذى كلامي علي محمل الجد ..ماانتهى كلامي الا ان وجدتها تضحك
ثم صممت قليلا واستعدلت في جلستها و
قالت لا لا يا صديقي
ما الذى يجعلنى اكذب عليك ..
ان كنت لا اعرفك ، لكنني مترع بحب صديقتى الجميلة وكانت تنظر الى ربيعة ، وهي تبتسم
وكانت ربيعة أيضا تبادلها نفس نظرات الحب والاعجاب ..
الحلة وغطاءها ، كما يقول المثل النوبى القديم .
وقالت وهيبة وهي تنظر الى ، يجب عليك ان تعلم يا عزيزى اننى
قارئة كف محترفة وغالبا ما تصدق نبوءاتى ..
لقد تنبأت قبل ذلك بقيام سد مروى ..
وبهبوط العملة الورقية وباختفاء جزيرتى جرجا وقورتين النيليتين ..
وبامر الهدام علي شواطى قرية فنتى اركى
كما جلدت رغباتى بسيرة زائعة الصيت
و ملهمتى دوما كانت العرافة الشهيرة
ام الحسن الهوارية ..
وام الحسن هذه كانت معروفة حقاً ..
انني أتذكر ذلك جيداً من حكايات جدتى ...
كثيرا ما سمعت عنها في ونسات الاخرين أيضاً ...
قلت لها جميل جدا ، جميل جدا ما اسمعها منك يا وهيبة .
ولكن الكلام متاح حتي للمجانين ، لكن اثبات الكلام
بامور عملية هو بيت القصيدة ،،،
نعم نعم نحن شعب نؤمن بالخرافات ولكن في نفس الوقت
نؤمن فقط بتلك الخرافة التي يمكن تصديقها ،
ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة
.....

adilahmedyousif 11-12-19 10:12 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
[
ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة
.....[/quote]

.....
اذن هيا بنا .
وفتحت لها يدى . ، وانا انظر اليهما بسخرية
ضحكنا نحن الثلاثة بصوت عال .......
وسرعان ما مسكت وهيبة ، بيدى وفتحتها على مصراعيها
نعم أمسكت بها وبدأت تتاملها بتوجس .
نعم امسكت بها وقالت .
كفك فنجان في وضع يبدو لى مقلوبا .
قلت لها وانا اضحك خلاص يا عبد الحليم حافظ
يا العندليب النيلى ..
اين فرقتك الموسيقية اذن ..
وغنيت لها يا ولدى لاتحزن
فالخوف عليك هو المكتوب
يا ولدى .
قالت لي العرافة .. صوتك جميل وجذاب
..قلت لها شكرا شكرا يا معجبة
كنت انا امزح ظاهريا ولكنى في حقيقة الامر
كنت خائفا بل مرعوباً ...
ويبدو ان العفريتة قد لاحظت أمر ى
نظرت الي وهى تشد يدى بقوة
وبصرامة , قالت لاتخاف ياولدى
وكررت ،
لاتخاف يا أخى..
انت رجل ام إمراة ؟؟
الرجال هنا لايرعبهم شى .
انهم بلا مشاعر .
حتي لو طقه عقرب .
يقف صامدا كالصخر .
او كالنخلة الحمقاء كأنها وتد في الأرض او حجر
ومعذرة يا صاحب الطلاسم ان استعرت شيئا من شعرك ونظرت الى وهيبة وقالت .
اتفقنا وكانت توجه كلامها لى مباشرة ..
قلت لها نعم نعم ..
وبدات تقرا وتقول ..
حقيقة ارى فنجانك فى وضع مقلوب
وحبيبة قلبك سارحة وسط النخل وفى رمل الشطئان ،
لكن هذا لايعني شيئا .ولايعنى أيضا
أن السعادة لن تاتيك ابدا .
وأن حياتك ستسوء .
بل يعنى ان حياتك ستمر بمنعرجات غير طبيعية ،
وازيدك يا صاحبى من الشعر بيت ان هذه البنت قد مشت بعيدا في استفزازى وانا كنت مستسلم تماما ,,, كانت صاحبة ربيعة مازالت تواصل كلامها موجها اياه لى ..
لا لا يا صاحبى ..
الفجر الموعود ,
قريب ...... لكن هنا
في شكل
وطن قد يبدو حلما ،
او هداما يقلع نخيلا علي الشاطى .
او ذئبا ينقض علي زريبة البهائم ويعدمهم جميعا .
او نزعة طفل يبدو مرعوبا ،
وقت السيول ،
ومضت تقول ...
ولكن
انقضى وقت الخوف
لا تخف يا حلو المعشر ..
ويا ابن الارض البكر ..
وريث الثروة والجاه ..
... تاكد
ان مستقبلك جميل ..
بربيعة او غيرها ..
انت رجل مبدع وخلاق وشاعر عظيم
نعم انك لم تسوق نفسك بطريقة جيدة
لكنى اؤكد لك ان اسمك سيذهب فى التاريخ كاحد اعظم شعرائه
وسيكون للنيل من شعرك نصيب وكررت ..
سيكون لك شان عظيم ..
ولكنك ستمر بنفق نصفه ضوء ونصفه ظلام
هنالك بقع بيضاء ..
وأخرى سوداء قاتمة ..
قد ياتيك الحظ في شكل رجل يصادقك ويقف بجانبك وقت الازمات
او فتيات كثيرات تستمتع كثيرا معهن ..
بنات من طينة اخرى ومن بلدان اخر .
بنات تري الدم فى عروقهم يجرى .
والذهب في شعرهم يلمع .
والزرع في عيونهم يخضر , ممكن ان ياتيك في شكل
بنت تتحرك فوق الجليد تمشى احيانا كانها قارب تجدفه التيار وتطير احيانا ,, ليس مثل الطيور تماما
وتمنحك قبلة وانت قابع في تل جليدى .. او ربما
ياتيك حظك رفع جسمها احيانا ثم تهبط الي الماء
وانت تسبح في النيل ترفع يديك لتمسك بها
او اشياء غير مالو
كبطة تلعب في الماء ت فة ..
لكن ثم ماذا بعد سالتها ... وانا مرعوب وكنت اكتم غيظى .... تاوهت قليلا وجرت نفسا عميقا وضغطت علي يدى كانها تريد ان تسمعنى بكل صفاء كل ما تريد قوله
دون تشويش ..
وقالت . وملامحها قد تغيرت تماما ..
ربيعة ستكون معك والى الابد بصورتها ..مرسومة في جدار العقل بروحها
ولكنك لن تتزوجها ابدا , وقع هذا الكلام كالصاعقة على عقلى
وقلت انشاء الله انتى كاذبة
لكنها اومات براسها كانها تعتذر وقالت هذا لايعنى انك لن ترى محبوبتك القدرية ..
كحبيب وحبيبة ،، ربما بطريقة عابرة ترون بعضكما
ان النقاط ليست واضحة ، فخطوط يدك متشابكة جدا
لم اقرا كفا كهذا طوال حياتى ...
,,,,,
قلت لكم هذه الكلمات قد وقعت كالصاعقة على راسى
وشعرت بدوار وصداع ...
وحاولت ن امسك يدها واقول لها
نعم يا ربيعتى الان الان احبك اكثر .
ونسيت امر العرافة ،
وقلت لها ،
ربيعتى واميرة قلبى ..
ايتها الميدالية الذهبية ،
لن تبارحى عنقى ..
انت خلاصة المعادن النفيسة ،
وقلائد الاميرات عبر العصور ،
وانا البطل الخارق لمقتضيات المبارزة ،
ساقطع البرارى وسانطلق علي صهوة العزيمة ،
ولن يجرو فارس من اللحاق بى عندما يخص الامر ،
بماراثون حلبة حبك ....
انطلقى يا فرس الهوى وهنالك ما وراء المجرات تنتصب خيمة اميرتك .
والتفت الى ربيعة وهى غارقة فى دموعها وقلت لها ..
كلام النفس للنفس ، مقتبسا الهداية من رحمن الذات وايماءة العاطفة
لاتستمع الي كلمات هذه المعتوهة ربيعتى الجميلة ..
انت لى ..
ولا احد في هذا العالم يستطيع ان يقلعك منى،
فجذورك ياسيدتى ضاربة بامر الهوى في أعماق الأرض البكر ،
ومعاولى عطشى للتوهان بعيدا فى الهوة السحيقة من ذاكرة الهوى
ثم ،،
حضنتها بكل ما املك من شغف وحنان .
وكانت ربيعة غارقة في الحب حتي اذنيها .
ارادت ان تبتعد عنى لكنها لم تستطع
لانها كانت مشتاقة الى هذا العناق الدافى .
استلمت ملاكى الجميل ونامت بين ذراعى
يا لها من لحظة سكرى .
في جبين الصمت
كنت اقبلها فى كل وجهها وأقول لها
مهلا ربيعتى
ابق معى الي الابد
كانت تنظر الى نظرات غامضة ولكنها ودودة ، كانها تعرفنى منذ عشرات السنين .
انى ارى الدف الذى ينبعث من عينيها
كانها تقول وانا ايضا احببتك
احببتك يا صديقى ..
وتمنيت ان اقضى العمر كلو معك ..
ايها الامير النوبى ..
ان دقات قلبىي تنبض باسمك الان حبيبى عبد المعين
على كل حال الله يعين
,,,لم تكن الجميلة تتكلم هكذا ,,لكننى قرات فى عينيها
موسومة بوشم الهوى الغلاب ....
نظرت الي جانبى هنا وهناك ولكن العرافة كانت قد اختفت
كان الأرض قد ابتلعتها ....
....
وبينما نحن هكذا في حرم اللحظات الرهيبة , ثمة صوت من بعيد شق صمتنا وكنت اريد ان استوعب ماجرى وهى لحظات سكون تعقبها العواصف ..
....................
جاء من بعيد فتى صغير جميل المحيا ، ضئيل الجسم فى مشيته عرج بسيط لا ادرى
وهو يهرول ويبدو انه جرى مسافة طويلة دون توقف ، ان انفاس الفتى تحكي انه تعب
وقف امامنا رافعا راسه منتصبا ، جال ببصره ناحيتنا واخير استقر نظره ناحية ربيعة
وقال انتى ربيعة , ردت عليه ربيعة نعم ايها الطفل الصغير
ما الخطب ، ومن ارسلك الى
جاوبنى بسرعة ,, قال الطفل بسرعة ،والدتك مريضة جدا
لا ادرى وقال الطفل أيضا ..
انها تريد منك ان ترجعى باول لورى متجه السليمة .
جدك ارسلنى اليك ،
وطلب منك العودة فورا الي البيت ،
, لا ادرى هل العرافة هي التي ارسلته ،
,,,تحولت لحظاتنا السعيدة الي شقاء ،
كانت ربيعة تفكر في امها وانا كنت افكر فى ما قالتها العرافة ،
وايضا فيما قاله الفتى الصغير ،، وكانت
قارئة الكف قد عادت وكانت حزينة مثلى
ولكن لما اختفت هكذا ثم عادت
سؤال ملح كان يؤرقنى
سؤال يلجمنى ،هل ياترى لن
أرى ربيعى بعد اليوم
سائلت نفسى ..
,,,
وقبل ان نبارح المكان أخرجت العرافة تمرتين من كيس كانت تحمله و
قرات فيه بسرها بتمتمات غير مفهومة ..
ناولتنى واحدة والثانية لربيعة ،
اكلت نصيبى دون تردد ولا اخفى اننى كنت متوجس وقلق
اما ربيعة فقد وضعتها فى فمى وهى تقول
الي الابد معا يا حبيبى .
في السراء والضراء .
ساحاول ان اعود اليك .
ولكن ان لم اعد لا تبحث عنى ابدا ،
لان القدر قد يكون قد اراد لنا الفراق .
كم راق لي كلمة حبيبى .
وكم اغاظنى الشطر الثانى من الكلام حين قالت قد لا اعود .
اختلطت المشاعر الموجبة والسالبة فى خاطرى
واحاطت جدار قلبى بكم هائل من الهواجس المريرة
الحب يا سادتى سلطان يزين اريكة الامبراطور
وظل يحنو لمسار الراعى ،
ولحن يموسق قالب قافية شرودة يؤلفها شاعر مبتدي
ذهلت حتى ارتويت
وانا اسمع تلك الكلمات المتشابكة
من احلى فم في خارطة الاناث ،
اكلت الثانية وانا اكلها رايت فيها صورة الملكة ووجه ربيعة ومن خلفهما وقف ميدوب مذعورا . وتهت وانا مغمض العينين فى متاهات الخيال السارح فى اقبية الجنون ،
ونظرت فى عينيها والتي تبدو لى غامضة وحالمة
وتراءى لي طيفها وهي تطير بجناحين عبر الفضاء الممتد الي الشمال
رايت السحب والثلوج وجبالا من الجليد .
ورجال شقر ونساء شقراوات وعيون خضراء .
وكاننى مربوط بشى ما خارج النطاق الزمانى والمكانى ..
في منطقة وسطى بين النجوم البعيدة .
والقدر ينادينى كانها ومضات من جبين الشمس
ويكتب اسمى في كف العفاريت السارحة في اللامنتهى ،
ومنذ تلك اللحظات المجنونة .
سكنت روح ربيعة فى دواخلى ,,, باسماء مختلفة وباشكال مختلفة
في الليل والنهار والحركة والسكون والحزن والفرح
واشياءأخرى ,,,ستجدها فى رحلتى مع الايام ..
مع اختلاف الزمان والمكان .
اختفت الجميلة مع اللوارى الذاهبة الى واحة سليمة
ومع تجرعى لمرارة الفراق وقسوة الفراق وشرود الخيال ، فكرت فى اللحاق بها .
فى مساء ذلك اليوم اجتمعنا نحن ابناء القرية لاول مرة منذ سنوات طويلة لنتناقش فى امورنا الخاصة
دعوتهم انا شخصيا لمادبة عشاء واحضرت خروفا من حظيرة اغنامنا وكلفت صديقى حسن جمعة ليقوم بواجبات الطبخ وعدد من الشباب
بواجب الضيافة
دعيت حوالى خمسة وعشرون شخصا من الشباب وكنت اريد ان استشيرهم في امكانية ذهابهم معى لقرية سليمة ، فى زفة كبرى تليق بفارس كوشى اصيل وذلك
لخطبة ربيعة وان اعبر لهم بالتحام واصطفاف كل هؤلاء من حولى وباننى مهم وابن مشايخ ونوبى اصيل
تجرى فى عروقى الدماء الملكية . ملوك كوش العظماء .
وعليهم ان يعرفوا اننى الفارس الكوشى ويحق لى ان اتزوج من من اخترت ...
وان اسرة ربيعة يجب ان تنصاع لشروطى
والا فان الفيضان ، قادم والطوفان آت ،
ايمانا منى بان اجعل الليلة مميزة وساحرة ،
احضرت لهم سلفا بعضا من خمرة حاكمين النقية وحاكمين هذه قرية نوبية امتازت بجودة بلح الجاو المادة الاساسية للعرقى البلدى ،من تلك الخمرة المعدة سلفا من بلح الجاو الاصيل
شرب الجميع حتى سكرو واكلو حتى شبعوا وكنت معهم مستمتعا بلحظات لاتنسى
طلبت من حسن جمعة ان يغنى لنا ،
ابتسم حسن واخد الطمبور ووزنه واتجه بنظره صوب الجميع كانه يريد ان يعرف مدى استعدادى للاستماع اليه تبادلنا الابتسامات علامات الرضا .
بعد ان اطمان على الجميع والذين ترقبوا اغانيه
بدا يغنى ،
.......
باسمك ايها النيل العظيم رطنا ،
وباسم حفيد ملوك كوش التقينا
وباسم الكنداكات الجميلات تتفتح ابواب السماء لتهب لنا طراوة الصلاح اللذيذة
فدا لك يا ايتها النخلة السامقة ،،
المنتجة لتمر الجاو ،
ولولاك يا تمر الجاو ،
لما شربنا خمرة حاكمين النقية ( وهى خمرة كوش الاولى من بلح الجاو الحاكمينى الاصيل )
عصير الملوك وعشق الكنداكات عبر الدهور ،
الى اين تتجه اقدارنا اذن ،
اللهم يارب العرش العظيم ،
رب النيل ورب الجبال ،
ورب البرارى ورب القفار ،
فليسمعنى من فى البيوت ومن فى القبور ،
من فى الجزر ومن فى الجبال ،
بانى اغنى لاغلى الرجال ،
رمز العز ورمز الفخار ،
فيا طينة الشط اسرح معى ،
هبنا الثمار وهبنا الزهور ،
وفاكهة الفرح والبرتقال ،
واكمل لفارسنا السرمدى
عبد المعين
سليل الشجاعة ،
ورمح القبيلة زواجا اصيلا كاصل الجمال .
وعند منتصف الليل .
كانت ليلة جميلة ، لكن فى النهاية اتى الصباح ولم نفعل شيئا .
ذات مساء وانا تايه فى مغارة الشوق ,, جاءت ربيعة ، جلست بجانبى وحكت مايلى ,
كانت وهيبة قبل ان اقابلها مع ربيعة فى ذلك اليوم تعيش قصة حب كبيرة ، مع شاب اسمه حسن . ان وهيبة فتاة من قرية تجاور قرية صديقتها ربيعة ، ويحكي انها اتت الي منطقتنا في الموسم الفات ونزلت في قرية دفى وهي قرية محسية متاخة لمنطقة السكوت من ناحية الجنوب ، ويحكي ان علاقة نشات بين وهيبة وحسن ،ومن الطبيعي حسب مواريث مجتمعنا
ان يكون العريس لبنات منطقتنا من نفس القبيلة .
ونمي الحب بين هذين العاشقين وذات يوم تقدم حسن لخطبتها ، الا ان اعمام وهيبه رفضوا هذا الامر رفضا قاطعا ، واعتبروه عارا ما بعده عار وخاصة ان اثنين من ابناء هم مستعدين تمام للزواج من وهيبة واكثر من اربعة منهم كانو فسي سن الزواج ايضا
كان والد وهيبه رجلا مثقفا وطيبا ومحبا لبنته الوحيده ، لم يكن ليرفض لها طلبا
وكان في امكانه ان يعارض العائلة باكملها ويخاصمهم من اجل ارضاء بنته
.. وعندما حاول ان يقنع بنته في بادي الامر ،ويوضح لها ان امر زواجها او مجرد خطبتها لشاب غريب
سيجلب لهم الكثير من المتاعب وربما تحصل مقاطعة شاملة من الاهل
جلست وهيبة علي ركبتيها وبدات تتوسل لوالدها انها تحب حسن
ولايمكنها ان ترضي بغيره ، وان مجرد محاولاتهم لتثنيتها يمكنها ان تحطمها
وتزيد من متاعبها الصحية وخاصة انها كانت فتاه نحيلة في جسدها .
دخل والدها في صراع نفسي كبير بين امرين لا ثالث لهما ، اما ان يقبل ويكسب بنته
وراحة البال ، او ان يرفض ويكسب اهله ويحطم مستقبل بنته وكذلك راحة نفسه الشخصية
، لم يكن الرجل بطبعه صبورا ولقد عرف عنه برغم طيبته الكبيرة سرعته في اتخاذ القرارات
، وذات يوم راي بنته حزينه وفي وضع يرثى لها ،
سالها عن السبب وكيف له ان يساعدها ، قالت له ، والدي العزيز ، اريد منك ان تذهب لاعمامي وتجتمع بهم وتقل لهم ،
انني مصره للمضي قدما والزواج من حسن ، وانك تؤيدني وستقف معي في كل الاحوال
وهذا قار نهائي لارجعة فيه .
كان والد وهيبة قد اقنع تماما ، ان معارضته لهذه الخطبة وعدم موافقته لاتمام الزواج فيما بعد ، ستاتي باشياء كارثية ، ربما تفقدهه بنته الوحيدة
نعن نعم لقد سيطرت عليه هذه الفكرة ودق الخوف علي جدار عقله بقوة
لم يتريث كثيرا وسرعان ما خرج مسرعا الي حيث يجتمع الاهل في مثل ذلك الوقت
وكان حسن ينتظره خارج البيت . وقال له ابو وهيبة اتبعني يا بني
ساله حسن الي اين .
قال له من غير سؤال تعال معي وستعرف الي اين نحن ذاهبون
ووجد اخوانه كلهم هناك وكذلك ابناء اخوانه .
خاطبهم جميعا دون ان يجلس
اسمعونى جيدا ..
نعم نعم : انتم اهلي ومن دمي ولحمي ، ولكن الشي الذي جئت من اجله شي خطير
وان كنتم تحبوننى وتريدون لي خيرا ، ارجو ان توافقو قبل ان اصارحكم
ويقيني ايها الاحباب لو ان الامر كان بيدي لما طرحت عليكم السؤال ابدا
خاطبه اخاه الاكبر واسمه شمس الدين ، يا ابا وهيبة
ما الامر ؟
ورد عليه ابو وهيبه الامر يا ابن ابي وامي انني نويت ان ازوج وهيبة من خارج العائلة
من هذا الشاب الذي يقف امامكم .
وذلك ارضاء لها وانتم تعلمون من هي ، انها وهيبة ابنتي الوحيدة ، وهي كل ما املها في هذه الحياة وكرر اريد ان البي رغبتها لاننى لا اريد ان تلومنى وتحملنى مسئولية فشل حياتها المستقبلية ان عارضت مسعاها وارغمتها علي الزواج دون رغبتها وانتم تعلمون انني لا املك غيرها .
ارجو منكم ان تقفوا بجانبي هذه المرة ,، لان حالها لايسر
وكان حسن يقف صامتا وخائفا ايضا
ان هؤلاء المزارعين وابنائهم يبدو علي تقاسيم وجههم الصرامة والقسوة ايضا
من اين اتيت بهذا الابله ساله اخاه الاكبر شمس الدين
قال له ، انه شخص طيب ومن قرية قريبة من قري المحس
ههههه ضحك الجميع
قال اخوه الثاني بدر الدين يا اخي ان كان محسيا ،من اين له بهذا الشلوخ
رد عليه ابو وهيبة والتف الي حسن وخاطبه رد عليهم وبين اصلك وفصلك لهم
وقف حسن بثبات هذه المرة وقال لهم .
انا لو اردتم ان تعرفي اصلى وفصلى من ابويين مختلفي الانتماء
امي من فلاليح ارقو والمعروف ان هؤلاء الفلاحين وهم بيض البشرة من بقايا الاستعمار
ووالدتي من قبيلة الشلك الافريقية المعروفة
وان كنت قد اخذت بعض من ملامح والدتى ، الا انني اعتز بقبيلة والدى وهو شلكاوى اصيل
تجري فيه الدماء الافريقية الحارة
وهو ابن رث من الشلك كان له مقام وجاه
اصيب الجميع بالصدمة الشديدة
وقالوا يا ابا وهيبة ،
ان كنت تريد لنا ولكم خيرا ، اذهب من هنا بسرعة ولاتجعلنا نقبض علي هذا الغريب
وان قبضنا عليها , ان تعرف اننا سنقتله في الحال
لذا اخرجو من هنا وبسرعة قالها الجميع بصوت واحد
وفي معمعة الصراخ من هنا وهناك .. اصيب ابو وهيبة بتشنجات كبيرة
سرعان ما غاب بعدها عن الوعى ..
حملوه الي مستشفي دلقو القريب وهناك لفظ انفاسه الاخيرة ..
كان حسن معهم حتي اخر لحظة ولكنه حينما علم بموت ابوهيبة ، خاف علي نفسه وغاب عن الانظار ..
حمل اعمام وهيبة جثمان والدها ورجعو من دلقو الي بيت والدها ..
انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم وعم حزن عارم ارجاء القرية والقري المجاورة
بعد ايام من الحدث الجلل .. افاقت وهيبة علي صدمة اخري اخري الا وهي صدمة
اختفاء حسن وتقاعسه عن القيام بواجباته ايام الوفاة
لقد انكسرت وهيبة في خاطرها واصيبت في كبريائها ، كيف لرجل تحدت العالم من اجل الزواج به وغامرت من اجله بسمعته وسمعة العائلة يوم قبلت به وهو الغريب عن هذه المنطقة
ليس بحكم المولد بل بالانتماء للجذور والتاريخ وتخيلت والدها ولحظات الحزن الرهيبة التي اعقبت وفاته وكانت وهيبة تؤنب ضميرها وتحمل نفسها المسئولية كاملة بعد ان اندفعت وراء رجل غريب ، يفتقد الي النبل والشهامة ، رجل ترك حبيبته في ذورة حوجتها له
.. لقد فكرت وهيبة في هذه العلاقة التي سببت له كل هذه المصائب
وهاهو طيف والدها لايفارق خيالها ،
جلست وهيبة ثم قامت وصلت ركعتين واقسمت بالشفع والوتر
ان تاخذ حقها وحق ابيها كاملا من حسن ، اذ اعتبرته من ذلك اليوم عدوها الاول
كان ذلك قبل عام من معرفتى بها وذلك برفقة صاحبتها ربيعة الكاهلية
لكنها اثرت ان تواصل العلاقة معه دون ضجيج

وبعد عام من ذلك التاريخ .

adilahmedyousif 14-12-19 06:48 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
وبعد عام من ذلك التاريخ .[/quote]

عندما بلغت الثامنة عشر من عمرى ساقتنى الظروف ان اكون ضمن كوكبة من ابناء وطني واللذين وقع عليهم الاختيار للدراسة في روسيا , وقبل سفرى بيوم واحد جاءت ومن دون سابق انذار العرافة وهيبة وهي تحمل قيراطا من البلح في دلو مائي ,, واهدتني إياه ,, قلت لها أانت تهديني بلحا ؟ ,, يا للمفارقة وانا صاحب الساقية وسليل النخلات ، قالت ، تذكر كلامي جيدا، هذا ليس تمرا فقط ،هذا طوق نجاة لك عند الملمات الكبيرة ,, فتمرتين ستكفيك وتغنيك من أشياء كثيرة ‘ هل دلوك مسحور سالتها ،، قالت وهي تبتسم ... سمه كما شئت ، فلتسمه مثلا القدح المسحور ،، ذاك ليس مهما ولكن هنالك جنى قد سبقك الي هناك انه حسن سارق قلبى وقاتله ، اتوقع بل اجزم ان الاقدار ستقابلك به ، ولكن اسالك بكل معانى الشرف والطيبة والجمال التي تؤمن بها ، ان تعطى حسن تمرتين يوم ان تقابله اكثر ، لاننى عزمت امرى ان اخدمه خدمة جليلة ، ولا اخفى عليك اننى نذرت حياتى من اجل اسعاده ومع الايام ستتضح لك كل شى ..انسى امره الان وحسبى ان اقول لك انه اذا دارت بك الأيام وقدر لك ان تقابلى ربيعة ‘ فستكشف لك السر , وتاكد ان هذا الدلو بما فيه سيكون ذو فائدة عظيمة لك ، انه مفتاح ديجون ستفتح به كل شى استعصى عليك فتحه , لم تمهلنى ان اسالها اكثر ,, وغابت عن ناظرى في لمحة بصر ,, لم اكن مستعدا للبحث عنها ,, لانى ببساطة تخيلتها هرطقات امراة مجنونة ...وقلت لك وتبا لحسن ، مالي انا اشغل نفسى بمشاكلكما ،، وقلت ان مشاكلى تكفينى .....
جلست وهيبة فى بيتها وتذكرت كل ما فعلت حسن بها استرجعت الاحداث وقالت فى نفسها , انها روح ميدوب اللعين وغدا ستعلم ماذا ستفعل بك الايام ياحسن , ان الارواح تتلاقح فى دفتر هذا الميت الحى ويالها من اثارة ،
انها قصة حب رائعة جدا ذ، تلك التى ربطت وهيبة بحسن جمعة ، كانا يلتقيان عند وادى الجن ، خلف الجبل الكبير، كم جميلة تلك المنطقة الساحرة عند الغروب ،كان من عادة حسن جمعة الذهاب باكرا والكتابة والرسم احيانا فى تلك الصخور ،كلمات من الوجد وايات من الغرام وكانت وهيبة تنصحه دائما ، ان لايكتب شيئا ، لانها كانت تؤمن ان الجن وحده يسيطر على ذلك الوادى ، وكانت تقول ان الجن يمكنه سرقه اشعارك كلها وعمل ديوان باسمه .
لم يكن حسن من ذلك الرجال اللذين يؤمنون بالخرافات ، كان يملك من العقل والشجاعة ما يكفى والدليل على ذلك انه لم يدخل ويتبرك فى تلك القباب ابدا ولم يؤمن بوجود الشيخ على امام القبب ايضا ،
ولم يسال يوما لا فى سره ولاعلانية ان يمنحه الشيخ تلك القوة المطلوبة من كثير من الخلق فى تلك البيئة المسحورة .
ولكنه كان مهتما بامتاع نفسه ايما امتاع .
بل كان يرتجل كلمات مقفاة دوما عندما يحتسى قدحين من خمرة حاكمين النقية المعتقة والتى تسمى ايضا خمرة كوش .
وقف ذات يوما مخمورا بجانب القبة وكان جمع غفير من الناس اتو لزيارة الشيخ لكنه لم يكن مهتما ابدا بنظرة الناس اليه .
وذلك انه كان مؤمنا حقا بصحة رايه حول القباب عامة وقبة الشيخ على خاصة
واليكم ما قاله ..
ايها الشيخ المخبول ،
القابع فى الضريح المجهول ،
ايتها العظام المهترئة ،
ايتها الروح البائسة ،
انا حسون وقاله عن نفسه تحببا ،
لا اؤمن بالخزعبلات ،
قد تكون مهرجا ،
وقد تكون مسطولا ومخرفا ،
وقد تكون اكذوبة كبرى ،
وقد يكون الضريح لجثة خيل من عصر بعانخى ،
من خيول الاجداد ،
كيف لا !!
انهم كانوا يقدسون الخيول ،
وبعانخى نفسه قاد معركة ،
لان المصريين اساءوا للخيول ،
هزمهم وحكمهم هو ومن اتى بعده ثلاثمائة وخمسون عاما
ولكن كل هذا هين،
فالمصيبة ان تطلع لنا ،
بقايا عظام لحمار اعرج او كلب .
كانت وهيبة تنصت اليه ،
وقالت اسكت يا حبيبى ،
اخاف عليك من لعنة القباب ،
وقف حسن ونظر ثانيه ناحية القبة ،
ربما شعر ببعض الذنب او التراجع قليلا ، ربما لانه مخمور ولكن تلك ليست عادته
لكنه على اية حال ،
بدا يمدح القبة !
،،،
لسالف الازمان تاريخ عريق
يحكي لنا عن حال السودان فى الماضى السحيق
فى حقبة كانت مقيدة الدروب
كانت لنا فى ارضنا اعظم حضارات الجدود
اسالكم يا ساداتى ووجه كلامه للزوار
اين العقول الواعيات
اين الاصالة والفحولة والثبات
وقال بصوت خفيض
قد تكون القبة لملك نوبى قديم
معذرة لك حبيبتى
قد اعود غدا الى هذه القبة لنرى ماذا فيه
العام المنصرم كلمت اهلك وفشلنا وانتهي مسعاى بمصيبة وفاة والدكم وربما كسبا للوقت وتناسيا للجفوة من قبل اهلك
سافر ولكنى على العهد دوما من الزواج بك مهما طال الزمن وكبرت الاشواك
ولكن ان وعدتينى بالانتظار ساسافرمطمئنا للبحث عن عمل مناسب او اواصل دراستى وبعد سنوات ساعود
وسنتزوج ، ابتسمت وهيبة وقالت
كيف ستتركنى يا حبيبى
ومن سيمنحنى القوة ويسمعنى كلمات الغرام
تلك الكلمات التى تحرك الجبال وترتقى بروحى الى سماوات الهيام والدلع العاطفى
ومن بعدك من يا ترى سيهبنى اغانى الغرام
ومن سيروى عطشى وجوعى اليك
من سيرمى شباكه فى امسيات الربيع
ليصطادنى
سيجف النهر فى عينى وكل منابع الغرام
لن تزهر الشطان بعد اليوم
لاتسافر يا حبيبى
واجعل حبال الوصل ممدودةو
ربما سيغنينا الله
من يدرى
كم من معدم صارا غنيا
كم من مريض و ابرص شفاه شيخ مغمور
كم من عقيم نال بركات الشيخ وانجب البنات والبنون بعد ان عجز اساطين الطب فى مساعدته
لاتنسى يا جميلى ان لبعض المشايخ بركات .
من عند الله (ذلكم هم اولياء الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون )
احقا ما اقول
انهم يدعون ربهم بنقاء
ويألونه بصفاء
ولقد منحهم الله بعض القوى الخارقة فى نظر البشر
ومنحهم ايضا فاصلا وقدرا من الامانى
سكت حسن قليلا وقال لمحبوبته
ياساكنة فى قلبى الولوف ،
يازين الروح يا عسل ،
كفاك هرطقة وجنونا ،
الشيخ يا غاليتى مات منذ زمن بعيد ،
وهو الان من الرميمات البوالى ،
\وقد لايكون عظمه موجودا ،
وقد يكون روحه فى مكان اخر اوركبت جسد كائن اخر
لو اردت الحقيقة ، ساثبت لك يا اميرتى الصغيرة .
ساثبت لك ذلك حتما ، ساشق الارض شقا بفاسى ومعاولى ذادى
لست خائفا من احد ، فان كشف الحقيقة هدف نبيل ، دعنى احفر وارى ماذا هناك
انقاذا لملايين الخرفان التى تنتظر فى فسحات الزمن الفداء بارواحها
انقاذا لمدخرات الناس التى تذهب لشيوخ الدجل والشعوذة
تغييرا لعادات قديمة ورؤى بالية نسجت من كفن التخلف الاجتماعى .
سكت وكانت وهيبة تسمعه حتى انتهى من كلامه
وسالته وهيبة ماذا قلت ياحسن ،
اتريد ان تحفر قبر الشيخ ؟
ياله من جنون ،
اذا فعلت ماقلته ،
ستصيبنا اللعنة الابدية ،
ولن تنام على الجنبة التى تريحك بعد اليوم
ان حياتك ستتحول الى وصلات من الخوف والقلق والانغلاق تماما .
تاثر حسن كثيرا بكلامها او هكذا كان يظهر
او ربما خاف عليها من الصدمة ،
وقال لها ،
تاكدى لن اخطوا خطوة واحدة دون تعليماتك او اقل شي يمكن ان يحدث ،ساعلمك قبل اية خطوة ساتخذها ،
يا وهيبة انتى حياتى وفجر احلامى ،
وبانك بداياتى فى بحر الحب ونهاياتى فى اتونها .
انتي ياوهيبة خلاصة دفق العطر ،
وكل شراين قلبي تضخ من قلبك وتصب فى قلبى كل الحب
كان الوقت قد سرق الحبيبين ،
وحل الظلام لكن الفجر مازال معرشا على قلبيهما بضوء الصباح
ومن يعرش الحب قلبه لا يعترف بولوج الليل ،
ذهبت وهيبة كما قلت لكم وتبعه حسن كل الى بيته ،
لكن هاجسا غريبا قد المح لحسن ان يعود فورا الي ضريح شيخه ،
نعم نعم يمكننى القول ان حسن لم يتمكن مقاومه نزعاته فى معرفة ماذا فى القبر
اتصلت بوهيبة لتكلمها ، ردت وهيبة اهلا حبيبي
رد عليه حسن انا متاكد ياحبيبتى ان الضريح ليس فيه شى
وسكت وقالت وهيبة بتشنج واضح
لاتفعل ارجوك ، اتوسل اليك ورقدت المسكينة على ركبتيها
لكن حسن لم يكن على استعداد ليستمع الى احد
غضبت وهيبة غضبا عظيما ورمت السماعة فى وجها
سكت حسن قليلا وقال بصوت عالى
تبا لك ايتها الحمقاء ،
وذهب حسن الي بيت اهلها وحاولت ملاطفتها ،
الا انها كانت قد اتخذت قرارا صارما وموضوعيا
للابتعاد عنه ،
لم يكترث حسن بتوسلات حبيبته ، ليس هذا وحسب بل حمل معاوله وذهب حسن الى الضريح مباشرة وحفر الضريح كله بعمق اربعة امتار وطول ثلاثة امتار وعرض مترين ولجدما ادهشه ما وجده هناك
سيف ذهبى يزن نصف كيلوجرام وخاتم كبير وعصا من الذهب واشياء كثيرة
حمل حسن كلما وجدها من نفائس وذهب الى بيته ودفنها فى حوش الرجال
لم يكن الاحمق يعرف مقدار ما وجده من كنز ، لكن حسن لسوء حظه راه احد الاجانب الذين ربما يراقبون المكان بكمرات خفية ومنحه مبلغ ثلاثمائة الف دولار مقابل السيف الذهبى بعد سجال عنيف كاد ان يفضحهما .ما ان راى الدولارات حتى
سال لعاب حسن ووافق على ذلك ووافق بعد ان عاند فى البداية كما قلت لكم ، استلم حسن المبلغ وعده تماما ورقة ورقة . وضع فى كيس كبير ونظر الى الاجنبى وناوله السيف الذهبى
ولكن لحسن الحظ اوسوء حظه لا لاادرى ان الاجنبى لم يطلب منه غير ذلك
ذهب حسن ودفن المال ايضا فى ذات المكان الذى يرقد فيه كل ليلة ، وفى اثناء نومه ليلا جاءه ميدوب وعشر من فرسان مجهولين واوسعوه ضربا وقالو له اننا انتقمنا منك ولكن الحساب معك لم ينتهى بعد وتم استرداد سيف بعانخى الذهبى من الاجنبى الارعن القادم من وراء البحار
وهو فى مكان محفوظ ، اما الاجنبى فقد رميناه فى البحر والتماسيح ستتولى باقى المسئولية
زرت حسن فى ذلك الصباح ووجدت محموما وكان بعض من جيرانه مجتمعين حوله وهم فى ذهول
ولايدرون ماذا حصل له
وكان حسن يتكلم خارج راسه وليس مدركا لما حوله ، لدرجه انه لم يستطع التعرف على .
لا ادري ماذا حصل له بالضبط ولكن حاله يدل انه مر بتجربة قاسية وتعذب كثيرا .
لكنه كان يقول بصوت خافت كانه انين ...
ميدوب ،،،
اتركنى عليك اللعنة ، انا مرهق جدا ، خذ ماتريد ، لاتعذبنى يا ميدوب
اعتذر منك ، لن اكررها
سامحنى يا ميدوب ..
كان الجميع ينصتون ولا احد اعطي تفسيرا مناسبا لهذه الحالة .
رجعت الى البيت وتخيلت منظر حسن وتالمت جدا ، وقلت فى نفسى كيف اساعده .
كنت عائدا من شاطى النيل فى اليوم التالى ، وسمعت صوتا خافتا يغنى فوق المقابر واقتربت منه وعرفت انه صوت حسن ولجدما افزعنى منظره ، كان يبكى ويغنى فى آن واحد .
وعندما اقتربت منه جرى نحوى ومسك فى جلابيتى بقوة وقال عبد المعين الحقنى يااخى ان ميدوب يطاردنى ويريد ان يطعمنى بلحا مسموما , من اين اتى ميدوب بالتمر المسموم
لغز عجيب وسرعان ما انتبهت لحسن وقلت هو يريد ان يقتلك ، قال حسن نعم نعم وواصل كلامه
انا اهرب منه , انه هنا ,, يخرج من هنا من المقابر ويعود اليها ، سالته ماذا يقول ميدوب يا حسن
، كان حسن يرتجف ويقول ميدوب يقول لى لماذا ذهبت لنهش قبر الملك ايها التعيس
لماذا سرقت محتويات المقبرة الملكية ، الا تعلم ايها الافعى ان للمقبرة حراسها ،
كيف لك ان تبيع التاريخ ، كيف لك ان تبيع ارث اجدادك ، الا تخجل ايها الحقير
ان هذه التحف والتماثيل سر من اسرار القرون ومفتاح الالغاز لتطور الحياة على وجه البسيطة
وسر الحياة واكسير الاستدامة وعلاج ما استعصى من الامراض
كل شى مخبى فى تلك القبور ،
كل الدنيا تعرف اهمية تاريخنا ، وان تاريخ اجدادنا هى الحلقة المفقودة فى الوصول لاصل وفصل الانسان ،لذا لا تحزن كثيرا ، كل ما سيبلحقك من ماسى انت تستحقها ، ولا اخفيك اننا
سنريك الويل وعظائم الاهوال ، سانزع عقلك ايها الافعى
ولن تعيش بهدوء طوال اربع سنوات قادمات .
منذ ذلك اليوم التعيس فقد حسن عقله ولم يعد حسن ذلك الرجل البشوش والماكر
عندما تم عرضه لطبيب نفسى قال لهم .
, قد تظنون اننى اكذب ولكنى اجزم ان السحر موجود فى كل العصور وان هذه المنطقة بالذات تطير فيها الارواح منذ زمان سيدنا موسى .
وان الحل والشفاء له فقط فى مستشفيات خارج السودان ، علاج حسن فوق طاقة وامكانياته وامكانيات محبيه .
لذا عمل صديق له كل ما يستطيع ان يفعله وارسله الى روسيا بعد ان تحصل على المبلغ المدفون بايعاز من حسن شخصيا
وسدد به نفقات السفر وسلم لمرافقه وهو ابن عم لنا اسمه صالح بعض المال فى يده واحتفظ بالباقى .
سافر حسن الى روسيا برفقة صالح وكان مريضا جدا من الناحية النفسية
حسن حبيب الجميع سبقنى الى روسيا للاستشفاء قلت هذا شي طيب , , على الاقل على البحث عنه وتقديم كل ما يمكن ان يقدمه شخص عزيز اوقريب له قلت فى نفسى .
وبعد أيام قليلة ،حطت بنا طائرة الخطوط الجوية العراقية في يوم من ايام الشتاء ليس لبرده مثيل في مطار موسكو الثاني المسمى شيرميتفا دا نافذة موسكو الجوية بعد استراحة ثلاث أيام في بغداد ......
طوال ثلاثة أيام اقمنا بفندق حمل اسم رغدان وذلك بجوار فندق الرشيد الشهير احد اهم معالم بغداد ....
كنت مسرورا برؤية بغداد وبالعراق كاول بلد ازوره بعد محبسى الاضطراري في القرية التي ولدت فيها ..
كانت بغداد خارجة لتوها من حرب الثمانية سنوات مع ايران والتي حصدت مئات الالاف من الارواح , من الجانبين ودمرت المدن والقرى .
وشتت ملايين البشر ....
واحتفالا بوقف اطلاق النهار وانتهاء الحرب ...
كانت العراق تعيش أجواء هستيرية وفرح شعبي طاغ ...
كانت مطاعم بغداد مفتوحة ,, للجميع وتوزع الوجبات المجانية في كل مكان ....
والموسيقى تلعلع من المقاهى البغدادية ....
ناشرة الفرح في قلوب الشعب ...
وكنت مغرما باحاديث سمعتها عن اشهر شوارع بغداد ...
لذا ذهبت راجلا مع صديق لى تعرفت عليه فى مطار الخرطوم
وزرت شارع ابونواس ,,
على نهر دجلة ’’
ورايت صوره منتشرة في كل مكان ،،
الحسن بن هانى
الملقب بابى نواس،،
ووجدت كل شي هنا بنكهة اشعاره ،
كان الرجل عاش في الامس القريب
نعم نعم ...
في البارات التي كانت تلاصق بعضها تجد نفس القصائد النواسية.
وكانت دجله بكورنيش شارعها الساحر قد احتضن من قبل
فطاحل الادب العربى حيث عاش.
الجواهرى والبياتى والسياب ونازك الملائكة ومعروف الرصافى .
من هنا أيضا مر ذات يوم أبو الطيب المتنبي شاعر العربية الأكبر على مر العصور ....
ورايت شخصا يكتب في جدران احد البارات .
احدى قصائدى النوبية
كم قلت لكم ان روح الكنداكات قد تطاردنى الى مالانهاية وربما روح ميدوب الملعون لن يتركنى وان طال السفر ،
وقفت مذعورا وانا اقرا قصيدة نوبية رصينة
. كل الحياة هنا في ارضنا كرم
-------------------كل الكلام هنا في بيتنا حكم
نحن الاوائل والايام شاهدة
------------------- والنبل غايتنا في اغلب اللمم
والنيل ملهمنا في كل نائبة
------------------ والامن ديدننا واعظم الشيم
اباؤنا السمر ارسوا للمروءة خطي
--------------------الصدق اوله والشعر والقلم
الزرع في رونق والجرف موطنه
------------------- والنخل اخضر في الكثبان والنعم
ووجبة من سمك البلطي ساخنة
------------------- والضيف في ابهة وكلنا خدم
والرعي في مهده وقطيع الضان راحلة
---------------------وخلفها الشيب والشبان في حمم
وهذه التربة الصفراء صافية
-------------------عز لساكنها ولاروع الهمم
كل الامور لها في الارض متكئا
-------------------- ومنطق الحب موروث من القدم
مهد الحضارات والتاريخ يا ابتي
-------------------مهد الاصالة والانسان والقيم
الشوق والحلم والامال حاضرة
-------------------والعلم والمال والاتراح والندم
يا امة في شعاب الكون قد قطنوا
------------------- عودو لارضكم المعطاء و الذمم
ووقفت مبهورا وانا اقرا كلما كتبه هذا الحالم البغدادى بصوت عال
ان مثل ما تفعله من كتابة قصيدة شاعر علي الجدران
لم اراها في حياتي ،، شي مذهل تماما . ناهيك ان يحدث هذا فى بلد بعيد
رد علي بلهجة عراقية
ومن من اهل السودان لايعشق الشعر
وهو الضلع الثالث لعشقنا الابدى .
النيل الازرق والابيض
يا الله كم انت رائع .
ابتسم لي وواصل الكتابة
....
وبينما انا مشغول بقراءة ما يكتبه هذا العاشق
سرني سؤاله لى .
هل انت من السودان .
قلت نعم .
قال ونعم باهل النيل
والنيل يا صاحبى
من اسرار الوجود
وفلق الصباح
وديمومة السعادة
وبرج الاسرار
كان على ضفافه جنون الشعر
الم يقل جماع عن حظه العاثر فى مضارب العبدلاب
عند حلفاية الملوك
ابياته الاستثنائية
ان حظى كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاه يوم ريح اجمعوه
صعب الامر عليهم قال بعض اتركوه
ان من اشقاه ربى كيف انتم تسعدوه
وقال الشاعر الملتهب حد الجنون
هي نظرة تنسي الوقار ،
وتسعد الروح المعنى ،
مولاى انت وفرحتى ومنى الجمال اذا تمنى ،
انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا ،
الله الله يالك من رجل مثقف ،،
االله الله يا لسحر هذه القصيدة المجنونة ..
:فالنيل لايلد من الشعراء الا المجانين : داويت ولع نفسى بنفسى بهذه العبارة
وهتفت وانا مسحور ايضا بكل ما كتبه عنا
....
عاش النيل وعاش وعاشت الخرطوم
وعاش النيل بابيضه وازرقه
عند الالتقاء في مقرن النيلين الشهير
وعاشت توتي الجزيرة التي ترقد كبطة تسبح ضد التيار
في منظر لاتجده الا في الخرطوم ،
احقا لايجاور تلك الأنهار الا
العظماء ،
والفلاسفة ،
والشعراء ،
وكان العراق كله احتفالات بوقف الحرب كما قلت لكم
وتجولت لارى معالم بغداد وتاملت مليا قصر الرشيد وقلت بصوت عالى وانا استلذ النظر في ذاك البناء الشاهق الجميل ..
عشت وزرتك يا بلد هارون الرشيد
وبعد ثلاثة أيام ،،
القيت النظرة الأخيرة علي نهر دجلة ..
من نافذة طائرة الخطوط الجوية العراقية ..
ورايت وجه الحالم البغدادى اللذى قابلته على شاطى نهر دجله وكان يبتسم ويقول بصوت عال وكنت اسمعه جيدا
وهويغنى بصوت فخيم ووهانذا ارى صورة وجه ميدوب اللعين ولجدما اذهلنى ظهوره هنا , ولم اكن اتخيل ان هذا الساحر اللعين يمكنه الطيران لكل هذه المسافات .
اى سحر تملك روح هذا الافعى ، سائلتنى نفسى .
.....
لم يترك لى فرصة للتامل واستلهام المعانى وظهر الافعى وهو يردد .
انا ميدوب ا بن القرون ..جئت من النيل والى النيل ساعود .
ذاك عشقى سرمدى اصطبغ بلون الوجود ، وتلاقح للارواح عبر الدهور وتبصر للشى من سحر مبتور ،
واردف يقول ،
انا سر من اسرار الزمان الغابر .. استطيع ان امدك بكل الاخبار عن حبك لربيعة
ساكون معك اينما حللت ولوح لى بكلتا يديه وغاب عن الانظار
لوح لى بخاتم ذهبى غريب فى شكله واختفى . وسيفى الذى بعته للاجنبى ،
اه ، شى مقزز ومخيف ومبكى حد الوجع .
استعدلت في جلستى وكنت احلم ربما لا ادرى ,, قلت فى نفسى بسم الله
اللهم سترك من رجس الشيطان ..
وانا علي ارتفاع ثلاثة وثلاثون الف قدم اكلت تمرتين خلسة ، ولم اكن ارغب ان يشاركنى حسن جمعة تلك اللحظات ..
و اكل التمرات ، وما ان شربت بعض الماء وجلست لارى عبر النافذه ماذا تخبى الأجواء في لحظات الطيران ويا لهو مارايت ، انها ربيعة بشحمها ولحمها في هيئة ملاك علي بعد امتار منى ..
وهي تطير في وضع موازى لمسار الطيارة .
كانت تنظر الي وكانها تريد اللحاق بى ،،
كان يبدو لي ان أشجار النخيل تظلله والنيل يجرى من تحتها .
وكان نهرا اخر من بعيد يبدو منظره جليا وهى تلوح بصورة ميدوب
وتؤشر اليها ,,, هذا هو الحبل الذى بيننا وسيكون البشارة اليومية لك
الله من جمال ربيعة والسحر الكامن في عيونها ....
وعبرها تخيلت النيل باسطا ضفتيه حاضنا ساكنيه في صورة عاشق مجنون ...,لكنها قاطعت خيالى
وكانت تغنى ,,
لارضنا النوبية تاريخ عريق
يحكى عن حال النوبة فى الماضى السحيق
والعالم الامى فى جهل مريب
فى دفتر الماضى التليد
كانت لنا اعظم حضارات الجدود
ابتسمت وكانت ربيعة فى طيرانها الموازى لخط الطائرة تنخفض وترتفع
وهى تقول يسلم عليك صديقى ميدوب وروح الملكة الغائبة ، لم افهم ماذا كانت تعنى ، بروح الملكة الغائبة
هل كانت تشير الى نفسها ، ليس مهما الان .
لكن ما ملك تفكيرى كيف ظهرت اميرتى ربيعة هكذا فى وضع طائر .
وتمدد بصرى في اللا منتهى قبل ان انتبه ان الطائرة قد دخلت الاجواء الروسية ...
تركت صورة بغداد جانباً وبدأت الغرام مع فتاة أخرى لاتقل عن بغداد
سحراً وفتنةً وجمالاً ,,,,,,,,,موسكو مدينة القياصرة وبلد الفنون والشطرنج
والجمباز وأرض الروايات الخالدات
....
موسكو ,,, يالها من عالم غامض ...
,, ومنذ ذلك التاريخ تركت حياتى القروية جانباً ونسيت كل شيء عن القرية إلا ربيعة الكاهلية التي طاردتنى في صحوى ومنامى والخوف من ميدوب وروح الملكة ..ومع كل الهموم التى تكالبت على راسى كالجمرات غير اننى اقول لكم اننى تناسيت حياة القرية وبدات حياة جديدة كاننى احاول ان اصيغ دورة الأيام من جديد ..
وتخيلت نفسى رائداً اقتحم مجاهيل الفضاء...
..انا ارم استرونغ النوبي وهاهى أولى خطواتى علي سطح القمر اخطوها بثبات ,, كل شيء يوحي لي انني نزلت دنيا جديدة ،، وهانذا اسرج بعيري في تلال القمر وعليك أن تتخيل أن تنقلك الأقدار من قرية منسية في شواطى النيل إلى موسكو الساحرة بميدانها الاحمر ،، وكنائسها القوطية ذات القباب الذهبية وخطوط المترو ذات المسارات المدهشة والتي مازالت تحير العالم ونهر موسكو الساحر الاخاذ .. ،، اني ارى الكرملين بام عينى واقف مع المصطفين في الميدان الاحمر لاري ضريح فلادمير اليتش لينين قائد الثورة البلشفية في روسيا وملهم الاشتراكية ومنظر الشيوعية الاول ،احد أكثر رجال التاريخ اثارة للجدل ,،،موقف عجيب لأول مرة ارى انساناً ميتا بكل هذا الالق ,, ثمة رجل ميت ولكنه يرقد بكامل اناقته ,, قلت في نفسي وانا ادقق في وجهه ,, اوه لينين أيها الانسان الماكر , ايها القصير المكين الاصلع ,, هل انت ميت حقا ؟؟, أم نائم ,, أيها الرجل الخارق اللذى شغل العالم ,, من أقصاه الى أقصاه ,,, أي اسرار حملتها معك في تابوتك الزجاجى ,, لماذا لايكف الروس عن الحديث عنك والدنيا من ورائهم .كيف استطعت ان تقنع شعوب هذا البلد الاقطاعى ان تترك حياتها الباذخة .
وتنجذب الى اراءك الافلاطونية على الاقل في ذلك الوقت .. كيف ساويت بين الفلاحين وملاك الأراضى ؟ كيف صنعت من كل روسى راهبا كليف نيكلايفيتش تلستوى يتنازل عن كل ممتلكاته بمحض اراداته ؟ نعم لقد ابهرت العالم برؤاك عن الحياة والموت والسياسة وحكم خالدات اضحت تراتيل تروي لملايين البشر لكن هذا لايهمني في كثير او قليل ,, يجب ان تعرف ان كل مايؤرقني هي تعاليمكم عن الحياة والعيش المشترك وضرورة التعاون والمساواةهذه تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وقيمه التربوية العظمي ,,, لماذا سرقت قيمنا وانزلتها هكذا يالينين ؟
لماذا سرقت تعاليم الإسلام !!؟ هب انك اردت ان تبني مجدا وامة في حياتك ..هب انك اردت ان تنحاز نحو الكادحين والفقراء وتكون سفيراً لفقراء العالم ,, وترسل رسالة الي المليارات الخمسة من البشر , أن لاحياة للأغنياء على حساب الفقراء ,, وأن المأكل والملبس والسكن والعلاج للجميع ,, وأن الحرية ان يشم الناس هواءاً نقياً بأقدار متساوية ,, لماذا لم تعترف لهم انها قيم الإسلام !!؟وأن محمد بن عبد الله قد نادى بها قبل أربعة عشر قرناً ,,يتبع

موجه هادئه 15-12-19 12:15 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
أرحّب بك أخي عادل أحمد يوسف أجمل ترحيب في قسم القصص والروايات،،
وكم سررت بوجود روايتك هنا..

ماشاءالله بداية رائعة وسرد مشوّق في التعريف عن هذه القرية النوبية وعاداتها،،
وفعلاً كم هو محظوظ عبد المعين أن مولده كان في يوم موت البطل ميدوب
وبهذا كان تاريخ ميلاده موثّقاً ومعروفاً له وللجميع ..


مازلتُ في البداية والشّوق يدفعني لإن أُكمل،،

أشكرك شاعرنا العذب..

adilahmedyousif 15-12-19 11:52 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
موجه هادئة مرورك اسعدني وكلماتك التشجيعية اضافت لي قوة إضافية شكرا لك

adilahmedyousif 16-12-19 08:21 PM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
شر قرناً ,,يتبع[/quote]

فارس من بلاد كوش

....

متابعة

ان المرء ليسرق بعض المال أو بعض الأرض وقد يتغول في مصالح الخلق ,, لكن أن تسرق تعاليم أمة وتنزلها هكذا في مجتمعك وتصدرها للعالم بكل تلك القوة وتموت دون ان تتفوه بكلمة واحدة او تذكر شيئا عنها

ليس بالامر الجيد ..

لينين الثائر أنت رجل عميق في حياتك وعند الممات ورؤاك تقع خلف حدود تفكير غالبية البشر كما قال مكسيم غوركي ذات مرة ...

عندما رثاك ....

كنت اتمنى يا لينين العظيم أن تقول للروس كل ما اخفيته عنهم قبل ان تموت ولكنك لم تفعل شيئاً من هذا القبيل هذى مؤاخذتى عليك ...

لكني اعترف لك وأنا بكامل وعيى أنك ربيت شعباً عظيماً ,, شعب يعمل وشعب يتعلم وشعبٌ لا يكذب وشعب يمتاز بالكرم والنقاء ..

شعبٌ ينقصه فقط الايمان بأركان الإسلام ..شعب لايؤمن بالسحر والدجل والخرافات

شعب لايؤمن بدقة الشلوف ولا بالبخور ولا بقبة الشيخ على .

خرجت من هناك بعد هذه الرحلة الخالدة الى الضريح الشهير وتجولت في ارجاء موسكو , ارض تغطيها الخضرة تماما وسماء يكسوها الجليد وفتيات شقراوت جميلات , ساحرات وفاتنات .

وزرت جامعة الصداقة المسمى باسم المناضل الافريقي الخالد باتريس لوممبا.ايقونة الحرية الخالد

لا أحد في العالم يستطيع أن يسيطر على نقاء نظره دون أن يصيبه الاضطراب ودون أن يصيبه فيروس الحب القاتل لهذا البلد المدهش ارضاًوخلقاً ....

الحب يا سادتي آت لامحالة أو هكذا خطر ببالي ويقيني أن الحب لاجنسية له ولاجواز سفر

ولا ادري لماذا خطرت ببالى صورة ربيعة

كانها تلبس خاتم ميدوب الذهبى ..

وهي تتجول علي شاطى النيل وتغنى

.............................

اه للحياة وغناى

والحياة لاتوجد فيها جواز سفر

وقلت في نفسى

الله الله غناك جميل ولكن ما يستغرق فكري الان

لست انت يا ربيعة الكاهلية ,,, إنما

هذه الشقراء التي أتجول في ربوعها

الله الله لهذه الغزالة البرية

موسكو أراك الآن كانك محمية طبيعية

ونساءك هي تلك الغزلان السارحة في مروجها

وخطر في بالي السؤال التالى ,,

اذا كانت هذه الروسيات بكل هذا الجمال و الكمال والغنج والدلال ,, كيف الحوريات اذن هنالك في الجنة الموعودة !! ؟

اللهم ارزقنا الجنة لنستمع بالعيش مع الحوريات , قلت بصوت عال ....

, لكن كان علي أن اترك موسكو و أشد الرحال الى مدينة أخرى,, وحسبي أن أقول أنني لم امكث غير ثلاث أيام في موسكو , بعدها شددت الرحال الى العمق الروسي وذلك في مدينة بجنوب روسيا تسمي راستوف علي الدون ....

(( الدون هو نهر الدون في اقصى جنوب روسيا )

كانت الشيوعية تعيش ايامها الأخيرة قبل أن تدخل في فوضى عارمة فيما بعد أو بعد أربع سنوات من وصولى الى روسيا على وجه التقريب ,, ....المهم أنني سافرت الى مدينة راستوف اون دون بالقطار ,, ولجدما ادهشتنى تلك المساحات الخضراء الشاسعة والمستوية والغابات وارتال المزارعين وهم يحرثون الارض باليات مختلفة على طول الطريق ,, ولم ارى من المزارعين من يحمل واسوقا ولا طورية ولافاسا

ولم ارى جبالاً ولا رملاً ولاحجراً.

انها غابات ممتدة الى مالانهاية

اية مياه تكفي كل هذا الزرع تسائلنى نفسى !!؟؟

,,وأستهوتنى حقاً المساحات الممتدة الى الامنتهى وتذكرت علب الكبريت التي نزرع فيها محاصيلنا وتيقنت انني وصلت الى ارض جديدة وقلت لنفسي: هيا أنهض يا عبد المعين وغني نخب الاكتشاف العظيم .وتخيلت نفسي برهة كريستوفر كولمبوس مكتشف امريكا ورجعت الى رشدى وقلت مهلا يا عبد المعين انها بلاد القياصرة الافذاذ والكتاب المرموقين والشعراء العظام ,, فلتعش روسيا العظيمة سامقة باسقة ابد الدهر ..

بعد ساعات من السفر وصلت ارض الدون وبدأت حياة اخرى..

وحسبى ان أقول بملْ فمي ,, انني رغم هذا الغني البادي في الروح مما يسر العين إلا انني

افتقدت غابات النخيل الباسقة ،، وجبال قريتي الشماء ،، وشاطيء النيل والجروف وقبه الشيخ على ،، المزار الوحيد لاهل القرية تقربا للَّه في أعمال الخير.

انها أعمال تنصب في خانة البدع المسكوت عليها على ما عرفت حين كبرت ،،

ولم أصدق عمى حين قال أن ذاك الرجل القابع في قبره فى ضريح قريب من قبة الشيخ على

كان رجلا بسيطاً

والقصة كلها ان جدى لابي قد بنى له هذه القبة تكريما له ،، أي ان الشيخ مختار قد اهداه سرج حمار فاخر ،، حين رجع من احدى سفراته من مصر..

وكرد جميل لهذا السرج بنى له جدى هذه القبة الشهيرة

المهم ان الناس اضافوا لسيرتها الكثير من الأقاويل والأساطير

حتى رأيناه بهذه الصورة اليوم ....

وكم من الخراف المسكينة يا الهى راحت قربانا لتلك الهلوسات والاعتقادات العجيبة

انني اشعر بأن الكثير قد قضو عمرهم وهم يخدمون هذه القبب ،

...قلت لكم يا صحابى انني افتقدت حقاً ونسة الاهل وحياة البساطة ،،وقد طرأ تغيرٌهائل في برنامج حياتي ،،ولم تعد جدتي تأمرنى بأن اصحى باكراً و أذهب لرعى الأغنام في مزارع القرية،،

ولم يعد جدى ينهرنى لأحضر معه شروق الشمس حتى لو لم يكن على مايجب القيام به.

و إفتقدت إلى حنان اهلى وحكايات عمتى السبعينية ومناوشات أبناء قريتى ،،

وإفتقدت الملعب الكائن في شرق القرية وإفتقدت كرة الشرُّاب وكذلك منظر النيل الساحر وقت الغروب وكذلك السباحة على ضفاف النيل.كما افتقدت لعب الورق والخروج ليلاً مع شباب القرية وعمل برنامج من لاشىء ....وافتقدت قبل ذلك كله وبعد ذلك كله السحر القاتل

لقاءتى مع حبيبتى القدرية ربيعة الكاهلية

تمددت على ظهرى وانا فى غمرة انشغالى بها ,, بدت لى صورتها شبحا على الجدران

قالت لى وهى ترقص

الحب يا صديقى ليس له وطن

والقلب يا قمرى ليس له جواز سفر

النجوم وحدها تخزن اسرارى

والكون كلو حدود تفكيرى

يا وجها طرز باشعة الشمس

وعينا همست بنور القمر

الحق قلبى بمدد من عندك

,,

كنت مندهشا ومرتعبا فى البداية ، لكنى قليلا قليلا ، استجمعت قواى وقلت

حبيبة قلبى الان الان احبك اكثر . وسرعان ما اختفت .

إفتقدت الى نادى القرية والأغاني النوبية والمنلوجات والمسرحيات في الحفلات التي كانت تقام

في صيفيات القرى.

وأفتقدت أيضاً صوت الطواحين ونهيق الحمير ونقنقة الضفادع على الضفاف المخملية وجانبى الترعة الرئيسية للمشروع الكبير ..

افتقدت الى صوت الصلاح طراوة الصباح الجميل ..

كما إفتقدت الى النظر مليا الى الضفة الغربية عند الغروب ،،

والتكلم مع أصدقائي وتلك الأسئلة المعتادة عن أخبار الاهل من الشاطى الآخر ..

كل ذلك اصبح جزءًا من الماضى وكان علي أن أستمتع بحياتى الجديدة

في بلد غريب وجميل وممتع حد الدهشة ...

بلد تظهر بجلاء كم هم منظمون ومحكومون بقوانين الحياة العصرية .

اناس لاتربطهم ببعضهم تلك العواطف المتشابكة ،،

وقصص الاخرين وشمارات النساء .

أُناس لايتبادلون الأسرار والضحكات ويسلمون علي بعضهم وهم صامتون.

ولكن في الشواطى والمنتزهات تجدهم قمة في التآخى والتآلف كما يقول اهلنا في بلاد النوبة ...

ولا أحد في العالم لاتبهره روسيا الغنية بتراثها الموغل في احراش التاريخ

ألف عام والكرملين يحكم هذا البلد ....

قياصرة و أباطرة وراسماليون وشيوعيون ,,

لكن الشعب هو الشعب نفسه لايتغير ,,,

بلد الكنوز وآلاف البحيرات , بلد الجليد ، وبلد الفنون والاداب ،،،

احقا انهم أُناس باسماء غريبة والوان غريبة وشعر اشقر.

ورستوف ، ما ادراك ماراستوف ،،،

مدينة مرتبة في شوارعها ,, مدينه تتنقل فيها الناس بشتي انواع المواصلات

بالباصات والترمفاى والترلويبس ...

لم ارى شخصا يركب حمارا و أخر يربى بقرة بجوار بيته ولم ارى من يحلب شاه او يسقى بعيرا .

ولماذا ارى حتى النجوم في السماء تبدو بيضاء بلون الجليد !! ؟ ولماذا

لا اشم هنا روث الأغنام؟

ولا ارى الذئب يسرح مع الغنم ..

إنه مجتمع يسيره القانون ، و مجتمع مسكون بالابداع، و مفتون بالموسيقى، ومهووس بالكتابة الروائية، و مجتمع يعشق المسرح ويمجد الرقص، ويحنو كثيرا الي روحانيات الشرق ..

اية كنوز يحويها ثراك روسيا العظيمة؟

هنا النظافة والنظام واحترام المواعيد سنن

مفروضةٌ على الجميع وهي إرادة مجتمع يمجد الإبتكار..

من الكبار والصغار كأنها ارادة كونية اختطتها يد الاله ..

وآمن بها هذا الشعب الماجد ..

سآئلت نفسى ..

يا إلهى اين يربون الدجاج؟

وكيف يحمونه من الثعلب المكار؟

سؤال تبادر الى ذهنى مرات ومرات !!؟؟

لأن الأرض هنا نظيفة جداً ,, لا وجود للقمامة هنا

شعب يعبد ترابه الوطنى ...

ان استغلال أيام إجازة الطلاب والطالبات فى فلاحة الأرض

شأن تربوى خاص بروسيا ..

ليس هنالك عطالة حقيقية ولا حتى عطالة مقنعة ..

كلٌ يعمل بكد وجد ،شراكة كبرى في المأكل والملبس وحتى البيرة متاحة للجميع ...

ربما كانت الاشتراكية ستكون خياراًمذهلاً وعالياً في الحكم لولا ربطها بمعاداة الأديان ..ذلك قد أفسد كل شى ,, بالنسبة لنا على الأقل

نحن القادمون من أرض الأمن والسلام الروحى

إذن، تلك كانت خطأ منظري ومؤسسي الاشتراكية ...

ولكن رغم كل ذلك سارت قافلة حياتي بنحو لم أرتب له بتاتاً ..

وهانذا أجد نفسى أسير في المجهول دون أي زاد فكرى وبلا أية مساعدات من أي كائن من كان ..

شعرت بالإستغلالية وقوة العزيمة وقلت يجب أن أخطط بالاستفادة من هذه الظروف لأعود يوماً الى قريتي بشهادة موثقة ..

حينها ساكون رجلا له تاريخ واسم له أصل كالنيل تماماً ،

وسأعيش بشموخ بقامة الجبال الشماء والتلال العفراء ،

التي تنتصب على امتداد أرضنا النوبية ....

سامتلك سيارة وبيتا من طوب .

ولن أركب الحمار ابداً .

لابد أن أعود يوماً قلت بصوت عال ،،

يوم أن أعود ..

سأعمل بجد ,,سأهتم بالمشاريع التعاونية ,,وساربى صغار قريتى على حب العمل الجاد والمستمر وليس العمل لما يحتاجونه فقط .

تلك طريقة تنقصها الحكمة وبعد النظر ،،

لن أترك أحداً يعيش بعشوائية واتكالية ،،

من لايعمل لن يكون له مكان بيننا ...

سأدعو إلى الصدق مع الذات ومع الآخرين ..

سأدعو قومي إلى مبدأ ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية ..

وقيم التكافل وسأدعو إلى الاهتمام بالتعليم ومحو الامية

وقيم الإسلام العليا وتعاليمه السمحة ..

ان وجود أمي واحد خلال عشر سنوات ستكون كارثة كبرى ..

ان التعليم هو مستقبل الامة وطريق الخلاص ..

وتخيلت للحظة أنني تخرجت من الجامعة وحملت ريشتى

لارسم كل أيامى فى روسيا ..

و أعلق لوحاتى في قارعة الطريق ..

وتخليت ايضاًأن آلاف من أبناء قريتى قد خرجوا ذات يوم

وهم يهتفون ،،

مرحب مرحب يا دكتور ،،

بما أنني لم اجي الى هنا أصلاً لدراسة الطب أو دراسة الدكتوراة فى أى من فروع العلم ولم أخطط يوماً أن أكون كذلك ....

كان حلمى أن أكون شكسبير قريتى،،

أتخصص في الآداب الروسية ،،

واتعرف بلغتها الام على كنوزها وأسرارها التي لاتنتهى ،،

وأن أعود مهيأً لعكس تراثنا النوبي العتيق بنفس قوة ومسيرة

هؤلاء الكتاب الروس العظماء ،،

والذين جعلوا من تاريخ روسيا كتاباً مفتوحاً تجده في أي مكان و أي زمان

فراوية الام لمكسيم غوركي والحرب والسلام لليف تولستوى ،

والجريمة والعقاب والاخوة كارموزوف لفيدوردستيوفسكى ،،

والدون الهادي لشولخوف والمعلم ومارغريتا لمخائيل بولغاكوف ،،

والرياح تطهر الأرض لجنكيز ايتماتوف ،،

تلك هي اعظم روايات الادب العالمى زد عليها قليلاً من نتاجات كتاب أخر من بلاد أخرى ،،

تلك كانت وجهة نظرى،،

زد على كل ماقلته عن مستقبلي أنني ,بنيت فرضياتى وقناعاتى المستقبلية لأعود يا اخوتى و

ابني أمة ,, أمة نوبية خالصة ..امة تعجن بتوابل التكنولوجيا , امة تستنهض ماضيها ,

امة تسود فيها قيم الحب ,, حيث يستطيع شخص مثلى ان يختار حبيبته بمحض ارادته , امة تقرر فيها اميرة ان تسافر معى بعد الزواج دون ايه تكاليف ,, زواج مهره الحب .رفعت راسى واخذت نفسا عميقا وقلت بصوت مجلل اثار انتباه وفضول من كانوا بالقرب منى يمشون

انه ميدوب يقف امامى ويملينى

..

تهراقاً أيها الامبراطوار العظيم ،

هل تأتيك حبى نافذه جدار الازمان ،

هل سيهب النيل العظيم بعض من أسرار ذلك الزمان ،

أثارك باقية أيها العميق والعظيم من هذا العالم ،

هاهو سيفك الذهبى يجوب العالم ويحكى عنك وعن عظمة عهدك.

ان أحترامك للخيول ، جعل العالم من بعدك يحترمه أيضاً.

نعم يا جدى العظيم بعانخى ملك النوبة .

نعم سأعود يوماً.

و أشارك في بناء مجتمع عصرى

أساسه الشعر والادب والخبرة والدراسة التي رجوتها وسافرت من أجلها كل هذه المسافات،

وتركت من أجلها أعظم ما أملكهم في هذه الحياة أهلى وذوى القربى

من أبناء قريتى الحبيبة ..... وكذلك سأعيد احترام أمتك للخيول.

هذا وعد منى لك، ومرت علي خيالي صوراً من الخيال.

انها دف الحياة في القرية ، ليست هنالك ثمة أمور كثيرة تشغلهم.

الرجال في مزارعهم منذ طلوع الشمس إلى غروبها .. يزرعون بداية الموسم القمح والفول المصري وبعض الخضروات. ويحصدون محصولهم في أوان الحصاد ،انهم يجتمعون مع بعض ويساعدون بعضهم ، ياكلون مع بعض ، يتقاسمون الحليب. أما النسوة فهن مشغولات باالمواشي ، وعلفها وشربها . زد على ذلك بتحضير الوجبات للمزارعين ، وبينهما يشتغل الصبية بتوصيل الأكل وتحضير الطلبات وعندما يأتي المساء تجتمع النسوة لبعض الوقت في شكل مجموعات ويتبادلهن الحديث عن يومهن وتكثر الشمارات.

أما الصبية فيذهبون للعب على نور القمر أو يجتمعون في نادي القرية.

كذلك الحال عندما يسافر أحد منهم أو يجى من البندر الكل يكون في استقباله أو وداعه.

ليس هنالك جائع أو محتاج أو مريض لم يجد حق العلاج.

الحياة تسير ببساطة نادرة من أراد أن يزوج يزوجونه لو لم يكن يملك مليماً واحداً،و من يريد أن يتعلم في البندر يجمعون له المال بما يكفي لعام كامل ومن أراد أن يبني بيتاً يبنون له بالتعاون بين كل الناس ، فلسفتنا في الحياة كل يساعد الاخر .نحن اشتراكيون ياسادتى فى بعض جوانب الحياة ,,تلك خاطرة مرت علي عجل ببالى ..

ومما ساعدنا على هذا هو محصول التمر الذي نبيعه كل عام.كان التمر المورد الأول للمال

نعم بيننا وبينكم أيها الروس قواسم مشتركة ،ولكننا لانملك أكثر من هذا بينما أنتم لكم الكثير منه ، لكننا نملك التمر اللذي لاتملكونه ،

نعم نعم ، نحن لانملك غيره ,, لكنه كان علي الدوام معينا لنا في الملمات

هكذا يا إخوتي كانت تشير الحياة بقريتي وفق قواعد بسيطة لاتجد فيها غير الفرح والونسات والملمات الجميلة هكذا كان النيل يسير في مساره القديم والجديد يخزن في ذاكرتهاحياة كل الأجيال منه

يشربون ومنه يزرعون واليه يذهبون تقرباً عند الولادة وعند الموت ،وكذلك المحبين وعشاق الرومانسية ,, جعلوه مكانا لاجتماعهم وكاتما لاسرارهم ورمزا لكل تاريخهم ،،.

"هناك قامت الامبراطوريات العظمى ، و هنا أبدعت الحروف الابجدية ، وهنا بنوا اول اهرامات عرفتها البشرية ،،

و هناك ولد بعانخى وتهراقا والملكة امانى ، و هنا ك دفنوا كل ممتلكاتهم من ذهب ومال ,,حتي ملابسهم ونياشينهم المذهبة ، وهناك قبورهم وكذلك ابتدعو فن التحنيط ،،

و هناك اشرقت الشمس لأول مرة على البشر ، وربما كان هنا موطن الانسان الأول ،

و من يدري ، كثير من الدلائل تقول أن أول سلالة بشرية عاشت هناعلى الأقل منذ أن بدأت الحضارة ، والنيل دوماً كان المدار الذي ارتسمت حوله كل الافاق الحياتية ، يدعون له بالخير والاستمرارية كما يدعون لأنفسهم .

كانت روسيا معطاءة كبقرة حلوبة تعطي من يشاء بغير حساب ، حتي لهؤلاء الطلاب امثالي القادمين من العالم الثالث أو الرابع سمه ماشئت

تم استقبالنا كالرجال الفاتحين ،،

كأننا ابطال روس حصدنا ميداليات اولمبية ،،

قلت في نفسي لم لا ، نحن أيضاً مقامرون وفاتحون أيضاً ، وكيف نسمي قدومنا الى هنا .

أليس فتحاً سائلت نفسى !!

وحتى القائد الإسلامي محمد الفاتح لم يقطع كل هذه المسافات يوم فتح القسطنطينية .

المهم أنهم منحوننا غرفاً مجانيةً واعطونا كل مايلزمنا من ملابس الصيف والشتاء،وكنا نستمتع جداً ونحن نجرب الجزم الشتوية الشبيهة ببوتات العساكر والمعاطف الصوفية والجلدية الثقيلة وقبعات تغيب فيها رؤوسنا تماماً ملابس تكفي لعام كامل .

كنت أحس في كل خطوة من خطواتي بأن هذه البلاد تهب الشعوب عطايا بلا حدود .

من الدراسة الى مسائل الاعاشة ، وربطهم مع بعضهم البعض ، وكانوا يدرسوننا حتى تاريخنا ،،

كثير من التحف الفنية واثارنا النوبية وجدتها في متحف ارميتاج الشهير في لينغراد فيما بعد

فكثير من حقائق التاريخ النوبي قد أستقيتها من هنا ولايمكنني أن أنكر ذلك .

فهنالك الكثير من الروس ينظرون الي بلادنا بانها بداية التاريخ ، و احساسهم يشعرك بالفخر والقوة والجذور ، و احساسهم يشعرك بالنيل وبعظمة تاريخه ، و من هنا أيضا يذهب الاف الروس الي زيارة الاهرامات ، والتي ترتبط بشكل ما بتاريخنا النوبي ،،

وأعتز بالنيل ،، وأردد مع شوقي ابياته الخالدات عن رحلة النيل من المنبع الى المصب ,, ومن فجر التاريخ الى يومنا هذا

من أي عهد في القرى تتدفق و بأي كف في المدائن تغدق .

أيها النيل الخالد على امتداد أجيال وأجيال وأمم وشعوب .

مضى الزمان ويمضي ساكونك ويعقبه اخرون ، تموت الأشجار وتزرع أشجار اخري ، ولكنك مازلت ذلك المهيمن على حياة الجميع .

قضت قرون وقامت حضارات واختفت .

جاء الغزاة واندحروا لكنك بقيت وحدك سيد الزمان والمكان .

ثابت في خيال الناس من أين تأتي وإلى أين تذهب ،،

وأنت تغمر كل هذه البراري والسهول ،،

وتسقي كل هذه النخيل ،،

وكل البساتين وتعانقين الجبال يعترض طريقك ((جبل فتتنحي جانباً..

يحاول أن يوقفك تل تجانبه ))..كما قال الطيب صالح ذات مرة

وووسطك تكونت الجزر واحتوت البشر ، وبقيت كأنها أقمار في سماء صافية ،،

تنير الدروب لكل هذه الشعوب .

دع الخيال يسرح هناك ,, عد الى روسيا يا عقلي واحكي ماتراها ..

قلت لكم ان روسيا العظيمة قد استقبلنا بالحضن والترحاب ،

وكنا نشعر ونحن الضيوف والغرباء ،

كاننا في بلداننا واكثر ،

كنا نذهب وناكل من المطعم الخاص والمرتب مجانا ,, ماعليك الا تختار مالذ وطاب من الاكل دون ان تدفع روبلا واحدا ،

كنت استمع باكلة البلوفا الازبكية ،والسمتانا الروسية

ذات مرة قلت في نفسي لقد تعرفنا علي الكرم بصور مختلفة عند الافراد وعند القبائل ولكن ان تكون الدولة كريمة هكذا لايحدث الا في روسيا ,, ذاك لعمري شي من الخرافة ...

وقلت شكرا ايتها الاشتراكية لانك ساويت بين الشعوب .

فرسلان الروسي وجيرمان البوليفي وليون باك الفيتنامي وشارونا الموريصية وجميس الكمرونى ياكلون نفس الاكل ويلبسون نفس اللبس .

ويتقاسمون نفس الهبة المالية من الروبلات تلك المنحة الحكومية من الدولة الروسية ...

أي مساواة هذه ..

واي قانون ينظم كل هذه الفضائل ..

احقا انها معجزة من السماء .

سرقت من تعاليمنا ..

وعجنت بالطينة الماركسية .

ومن بعده لينين ..

اه لشطيتنك يا كارل ماركس ..

وفخرا لايمانك بحب البشر فلاديمير لينين

وان كنت اختلف معكما في نظرتكم للحياة ..

وتعريف الخاسر لديننا الحنيف .

وعدم ايمانكم بالله الواحد الاحد .

الا انكم لم تبنوا امجادكم الا بسرقة تعاليم ديننا العظيم وهانذا اكرر كلامي مرات ومرات ................

لقد كنتم تقلدون امام البشرية في إرساء دعائم دولتكم ....

حتي ان الكثير من تعاليم تولستوى التربوية وحكمه العظيمة منقولة تمام من احاديث رسولنا الكريم ..

واستخدم دستويفسكى الكثير من صفات الخير للصحابة الكرام ليزين الجانب الخير من ابطال روايته ,,

وعندما ينتصر الخير في صدامه الابدي مع الشر ...

كان الإسلام حاضرا بتعاليمه ونقاء فضيلته ..

في إنتصار القيم العظمى ..

ولكن ، حسبى أن أقول بمل فمى .

أنتم ملحدون ونحن نؤمن بالله الواحد الأحد ،،

احقاً أنتم طيبون ولكن ينقصكم الايمان ،،

لعلَ الله يهدي روسيا يوماً إلى فضيلة الدين ،،

هكذا كانت الهواجس تتمايل في أركان خيالى ....

الم تقرأ لسيد شعراء روسيا الاكسندر بوشكين وهو يمدح رسولنا الكريم

وناداني صوت الله ،

انهض يا رسول واصبر ،

لب ارادتي .

وجب البحار ،

والهب بدعوتك قلوب الناس ،

وقال بوشكين أيضاً ،

يا زوجات الرسول الطاهرات .

انكن تختلفن عن كل الزوجات .

فحتي طيف الرذيلة مفزع .

ولكن في الظل العذب للسكينة .

عشن في عفاف فقد علق بكن .

حجاب الشابة العذراء .

حافظن على قلوب وفية .

من اجل هناء الشرعيين والخجلي .

ونظرة الكفار الماكرة ،

لاتجعلنها تبصر وجوهكن ،

اما أنتم يا ضيوف محمد ،

وأنتم تتقاطرون علي امسياته ،

احذروا فبهرجة الدنيا تكدر رسولنا ،

فهو لايحب الثرثارين ،

كلمات غير المتواضعين والفارغين ،

شرفوا مادبته في خشوع.

وانحنو بادب ،

لزوجاته الشابات المحكومات ،

كانت هذه بعض مما قاله شاعركم الأعظم عبر كل العصور ،

وكلمات شكلت بنوع ما الوجدان الروسي ،

فروسيا دوماً افتخرت بالإسلام ،

لذا كان عليك أن تكون واضحاً معهم فلادمير لينين .

مضت الايام متسارعة وهانذا التحق بأول يوم دراسي بعد أن أنهينا السنة التحضيرية ...

تعارفنا نحن الطلبه ,على نحو لائق وكان منظر الفصل كأنه عالم مصغر .

بجواري يساراً يجلس جيرمان ،وهو شاب لاتيني قصير القامة لايتعدي طوله متراً ، وأظنه من بوليفيا .ولا أدري لماذا تبادر الى ذهني صورة تشي جيفارا ذلك الثوري الذي حير العالم بطريقه نضاله ووقوفه مع حقوق شعوب أمريكا اللاتينية ، وبجواري يميناً ليونج باك الفيتنامي ذو العيون الغريبة والوجه المدور ،والمواهب الاستثنائية في الرسم والخيال والكارتيه وفنون المصارعة ،

تعارك معي ذات يوم وكنت يقظاً لكي لا يطير ، لأنني ظننته كذلك وذلك رشاقته المفرطة في الدقه ، وكان له ذاكرة نظرية مدهشة في تخيل الاشياء .ومن خلفي جلس باري الموزمبيقي ذو الملامح الافريقية ذوالشعر المجعد والطول الفارع والبشرة الداكنه .بتقاسيم وجه صارمة وكان لايضحك كثيراًولا يمزح مع أحد كأنه يحمل معه سلة المشاكل في قارة البؤس من مجاعات وأمراض وعادات بالية من وشم على الوجوه وتشويه للجسم وضرب بالحبال على كامل الجسم إظهارا للجلد والصبر تلك جاهلية ساعد خيال الغربيين في إظهارها برؤى ساخرة مما ادى الى ترسيخها بتلك السلبية في اذهان البشرية مما اضفى على صورة قارتنا الأفريقية رؤى خيالية لكن جميس والحقيقة ماثلة امامى .

كان عظيم الامتنان بافريقيته وكان يسمي نفسه نلسون مانديلا رسول السلام وامبراطور الحكمة وسلطان الكاريزما السياسية فى القرن العشرين ، وكان يقول لي لماذا أنت اسود البشرة وشعرك مثل الحرير؟

ويضحك ويقول أنت افريقي مزيف لأجل هذا لن تملك ابداً روح مانديلا أو كاريزما باتريس لوممبا ، ولا حتى اطلالة كوامي نكروما ، ولا شجاعة جعفر النميري .

كان دائم الحديث عن قادات افريقيا التاريخيين و زعماء الاستقلال الأوائل

الذين وضع اللبات الاولي لدائم دولهم بعد الاستقلال .

ومن منا لايذكر جاليس تيريري في تنزانيا ودانيال اراب موي في كينيا

وغيرهم الكثير . لقد كان صاحبى جميس مفتونا بهم .

أما تسفاي الحبشي ، كان طالب لطيفا ولكنه كان ينزعج جداًعندما تناديه يا حبشي وكان يقول أنا اثيوبى ولست حبشيا و يقول أنه من مواليد أديس ابابا أو الزهرة الجديدة وكان يحفظ الكثير من أغاني الفنانين السودانيين .

كما أنه كان يكره كثيراً تنظيف الداخلية والذي كان بالتناوب بين الطلبة وهذا تقليد روسي ويقول غاضباً وهو ينظف غرفته أو الممر أمام الغرف : نحن لم نأت هنا لنعمل خدماً ، نحن طلاب علم فقط . وقلت في نفسي :

الآن افهم لماذا حارب أجدادنا ملوك اكسوم تلك المملكة الحبشية القديمة ، وتيقنت حتى و أنا في تلك السن المبكرة أن كنا نحن هكذا كافارقة نشغل أنفسنا بأمجاد الغابرين ، سنظل دوماً في مؤخرة الشعوب .

وقلت : يا قارة الدمار والجوع والمرض كما ترسخ في اذهان العالم ، انت ابدا لم تكن كذلك

فانسانك هو ذلك الطيب البسيط الذي بني أمريكا ، انسانك هو ذلك الملاك الذي اضطهده

العالم الذي يدعي الحضارة وجعل من التفرقة العنصرية والتباهي بتفوق انسان الغرب الأبيض شيئا مسلما به

ولكنك نسيت أيها الغربى ان قيم الحياة الكمالية كما جاءت في جميع الأديان

هي دعوة نحو العدالة والمساواة ، عفوا قارتنا الجميلة انت حقا جميلة جدا ولكنه الاعلام الارعن من اظهرك علي هذه الهيئة ولكن قل لي الان , يا تسفاي متي تعلم ان تنظيف الغرف والممرات هو جزء من التربية والتعليم ..

عفوا تسفاي ,, روسيا قادرة لتوفر لك من يخدموك حتي في تنظيف غرفتك .

ولكن اين التربية هنا وأين التعليم وكيف سينقلون لك اذن مزايا مجتمعهم الاستثنائية ..ان في الكلخوز عبرة للجميع .

لا اريدك ان تعود كما جئت صديقي تسفاي

للتعليم ضريبته قلت له ذات يوم ناصحا ...

وامامنا جميعا كانت تقف انا نيكلافينا مدرسة اللغة الروسية ذو الملامح الملائكية والقوام الفارع ..

لقد كانت مزيجا وكوكتيلا لذيذا من جينات القوقاز والأتراك والعرب

معجونه بسحر العيون الارمينية ورغوة الشعر الأشقر ،،

انها فتنة كونية اختصرت عصارة تلاقح الاجنة عبر الازمان ،،

كم هي ساحرة هذه اللوحة الروسية

adilahmedyousif 20-12-19 10:41 AM

رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
 
كم هي ساحرة هذه اللوحة الروسية[

يتبع



انها فتنة كونية اختصرت عصارة تلاقح الاجنة عبر الازمان ،،
كم هي ساحرة هذه اللوحة الروسية المغلفة بتمازج كوني للسحر .. لا اكاد استطيع ان استوعب كل هذا الوداعة وتلك السكينة ,,اتخيلها الان وبعد مضي كل هذا العدد من السنين ..
كانها لوحة تفوق كل افافين القدر وفي عينيها اري ذلك السر الغامض
في عيون ربيعة الكاهلية ....
وتساءلت هل رسم دافنشي لوحته الافتراضية ،
دون ان يري ربيعة الكاهلية وناتاشا الروسية ،
هانذا اقرا ابداعات شعر بوشكين وغزل الشعراء العذريين ،
ومفتاح انوثة كيلوباترة ,, تلك العاشقة الأبدية التي لم يشبعها رجل ،
ولكنني لم اجن مثلك يا قيس ابن الملوح وانا اهيم في البادية ،
اشعر بكلمات مفعمة بالاسي ،
يقولون ليلي بالعراق مريضة ،
فيا ليتي كنت الطبيب المداويا ،
وتذكرت ربيعة وحرارة الانفاس وقبلات اودعتها رحم النيل في ذلك اليوم العاصف
قلت في سري .. وانا اتناول تمرتين وقلبي مترع بحب ربيعة وذكري ذلكم اليوم الخالد
في حظيرة الرومانسية يوم شيدنا الامل ، وعلي خطي الامل افترقنا ,, وعلي ذات النهج المامول انما تكويني الان لحظات الفراق المريرة .
هل هنالك تداخل في الأدوار ؟؟ سؤال يراودني الان .
اري روسيات ربيعة تتوسطهم ،وغالبا ما ارى خاتم ميدوب فى يديها
اذن يا سادتى فربيعتى هى مدار نلتف حوله جميعا .
وربيعة حقا فينوس الجمال عبر القرون .
وفى المساء اجتمعنا نحن طلاب السنة التحضيرية فى معية الجميلة انا نيكولايفنا
ثمة حلقة رقص وورود وزهور توزع علي الناس هكذا .
ووزعت الشمبانيا وبعض من الفودكا
اه من هذه الحسناوات .
كم عددهن ؟
لا ادري .
وأين موقعي ؟ لا ادري .
لكني مفعم بحب هذه اللحظات .
ان اري رقصة الحوريات .
وربيعة تتقدم الجمع .
كانها قطعة من موسيقي بتهوفن !!
وتنهيدة من صوت ام كلثوم !
انها فيروز تناجي القمر بنبرة ملائكية ،
حاضرة في أغانى الفنان وردى ،
جميلة ومستحيلة ،،
وهانذا اتمايل طربا واغنى
...........
انت زي سحابة عابرة الريح تعجل برحيلها
يا جميلة ومستحيلة ،
عيوني في الدمعات وحيلة ،
اسمحيلا تشوف عيونك ،
انا لا الصبر قادر علي ،
ولا عندى حيلة ،،
..
يامراسى الشوق تعالي ،
لا الليالي تمر بدونك هي الليالى ،
من ضواحي الدنيا جيت ،
وعلي رحالى ،
لمدائن في عيونك يا محالى ،
ريحينى .
اشتري حالى ،
فرحينى،
عيوني في الدمعات وحيلة ،
انا لا الصبر قادر عى ،
ولا عندى حيلة ....
...
حدثت عنك نجمة جارة ،
وزرعت اسمك حارة حارة ،
في مناديل العذارى،
في مشاوير الحيارى ،
في لحا الأشجار كتبته ،
نحته في صم الحجارة ،
وبحت للشمس البتقدل ،
في مدارها ،
وانتي منك لابداية ولانهاية ،
مرة اسرح ،
ومرة امرح ،
ومرة تغلبني القراية ،
لما اكتب لك وداعا .
قلبي ينزف في الدواية .
ياصبية ،
الريح ورايا ،
خلي من حضنك دوايا .
الله يا ود الشريف .
كم انا ممتن لك ،
رددت اغنيتك ،
ودوني صوت وردى ،
لكني بلغت قمة السمو العاطفي ،
وعواطفي تتمدد نشوانة ،
كاني اشرب من ماء النيل ،واتخيل
اننى قابع فوق تل جليدى،
تكويني نار الهوي الغلاب ،
لعيون ربيعة ولخيال ناتاشا ،
ولعيون الكمال الأثر الكامن في جماليات الحياة الروسية ،
لم اشرب شى ،
اعذرينى ،
ولكنها لحظات سكري بكل مافيها
من دغدغة للخيال وتزيين للفؤاد ..
وقلت يا عبد المعين علي كل حال
يعينك الله ،
وانت معلق بين السحب تنتظر الرعد وبداية المطر ،
كان النيل يسير في مساره القديم كعادته وحوله تسير الحياة وفق ضوابطها
المعروفة منذ القدم .
كان حسن قد سافر في ذلك الوقت في منحة دراسية الي موسكو ..
وفى واحة سليمة كانت الاسرة تنتظر ربيعة ليزفوها الى ابن عمها ,, ذلك قرار اسرى
وصل الباص الذى اقل ربيعة عند منتصف الليل ,,كان جميع اهل الحى نائمون ماعدا زوجها المستقبلى كما حضر له .. انزل الباص ربيعة وراح فى طريقه الى اخر الواحة
كان الظلام يطوق على ليل القرية تماما والمسافة بين البيوت وطريق العربات حوالى مائه متر
ولكنه طريق صعب يسير عبر منحيات وغابات ..كان احمد يغازل زوجته المستقبلية ويغنى لها ,,
ذو الخدود النايرة ذات الشامة سيرى
فى سماء الحب غنى يا جميلة
اننى زوجك منذ الان يا اغلى هدية
زينى فسحة قلبى بنجوم مرصعات فى الفضاءات الطليقة
وورود من حدائق كفكفتها روضة الزمن البتول
انتى يا كنداكة قولى .ان قلبك دقة من جرح قلبى
وخيالى وخيالك ترقبان زفة العرس النبيل ..
وبدت الدهشة واضحة جليه فى عينى ربيعة ونطت الى الامام
وهى تقول اسكت يا ابن عمى
انا لست لك واقدارى معلقة بشاب يسكننى وقلبى ...
اللقاء كان قصيرا لكن
حبه يا ابن عمى يعيش فى شراينى وراسى
وغضب احمد غضبا عظيما , كاد ان يفقده صوابه
وكان يسالها والشرر يطير من عينيها , ماذا قلت يا ربيعة . قلت
ان لك حبيبا .. كيف ذلك ؟ ومن هو ؟ وكيف يتجرا انسان غريب للاقترب منك !
اين اباك ؟ واين اخوانك ؟ واين نحن بنو عمومتك ؟
وانت ؟ كيف تتجرايين ان تعلو وتقذف فوق قوانين مجتمعنا وارث عائلتنا التليد
نحن قبائل العرب لانعطى بناتنا للنوبيين ابدا
لهم بناتهم ولنا بناتنا ..
هل تدرى انت , انه لوكنت ذهبت انا وطلبت يدك اخت حبيبك
لكانو رمونى فى النهر طعاما للتماسيح .
والله ان السماء السابعة اقرب لك من الزواج بهذا المعتوه
.. وكانت عقارب الساعة تشير الى العاشرة عندما وصلا الى منزل اهل ربيعة .
عندئذ ذهب كل واحد منهم الى طريقه ,,دون ان يودعا بعضهما
ذهب احمد الى منزلهم ونام مطمئنا بعض الشى لاعتقاده الراسخ ان عمه وابوه لن يسمحا لها
بالخروج عن تقاليد الاسرة ومعصية ارادتهم
اما ربيعة دخلت الى البيت واصابتها حمى مفاجئة ,,وبرد ورجفه
وكانت تهزى باسمى ,, وكانت كل الاسرة للاسف تقيف فوقها , منهم من اتى بالمكمدات
ومنهم من وقف مذهولا بما يسمع .ومنهم من استوعب كلامها وكان يبكى بحرقة بما يسمع .وفجاة جلست ربيعة كان ليس بها شيئا وبدات تتكلم مع شخص امامها تراه هى ولايراه الباقون
تسمعه هى ولايسمعه الباقون
لكنهم كان يسمعون صوت ربيعة وهى تردد وتكرر كلام هذا الشبح
.قالت ربيعة من انت بحق السماء وهى تنظر اليه باستغراب..
رد عليها الشخص انا ميدوب النبت الباقى من ارث النوبيين القدماء
روح الاميرات اللائى رمين فى البحر منذ آلاف السنين ..درءا للفيضان وابتغاء لخير
انتظروه ..نصيحتى لاتخن العهد يا ربيعة
فحبيبك عبد المعين يعانى فى وطن الثلوج
جئت لادافع عنك امام هؤلاء العرب الاقحاح . دفاعا عن عبد المعين النوبى الاصيل
فارس الزمان وابن الاكرمين ..
وثقى تماما ان النيران ستشتعل فى كل مكان ولن يجرو احد من الاقتراب منك
كائنا من كان الا عبد المعين
اختفى الشبح وعاود الحمى لربيعة ثانية وكانت تهذى وتغنى ,

النار النار , من اين ستاتى النار
وهل هنالك نيران احر من تلك التى تجتاحنى
وووقعت على المخدة ونامت بسرعة ..
بعد ايام قليلة ذفت ربيعة الى ابن عمها رغم ارادتها .. وبدات الماساه الرهيبة
ويقال ان خيطا احمرا كالشفق كانت تمتد فى سماء القرية
ترسل اصواتا مخيفة ,,انه ميدوب يرسل اشارات عدم الرضا
كان احمد ولدا طيبا ووديعا لكن الحب جعل منه انسانا عدوانيا واحمقا
لم يستطع ان يقترب من ربيعه ابدا ،
وكان ميدوب ياتى لربيعه فى منامها ويذكرها بحبيب قلبها
يطمنها احيانا ويحذرها احايين اخرى
ورغم خوف ربيعة من الاحلام المزعجة احيانا الا ان ذمر ميدوب لاسم حبيبها كان شيئا محببا لها
فى احد الايام وفى ليلة مقمرة من ايام الصيف حضر احمد من مزرعته وكان ثملا ومان ان ذهبا الى الفراش الا ان انقض على زوجته وفعل معها بالقوة
كانت ربيعة تبكي بحرقة وتقاوم بشدة لكنها لم تستطع الصمود ومن فرط المقاومة كانت لافقدت وعيها
ورقدت كانها استسلمت
وفى الايام التالية كانت تبكى يوميا كان غريبا قد اغتصبها
ولم تكن تعرف ان الشى الادهى والامر قادم .
ساءت حالة ربيعة بصورة كارثية فى الايام القليلة التى سبقت ذلك اليوم المشئوم ،
وبدات تشعر بدوار وحمى متوصلة وامتنعت عن الاكل لمدة خمسة عشر يوما
ولم تستطع الحركة بصورة طبيعية ،وبدات تفقد تركيزها قليلا . خاف اهلها من تردى وضعها
ولم يعرفوا سببا واضحا لهذه الحالة
ولم يكن زوجها احمد يفاتح احدا بموضوع زوجته ولقد كان يعتبر تدخل الناس فى امورهما الخاصة
نوعا من المذلة الاجدتماعية والاهانة الشخصية
لكن اخوان اميرة اصروا لعرضها للدكتور فى مستشفى دنقلا
ذهب الاخوان باختهما ونزلا فى فندق جودة وذهبا بها صباحا الى المستشفى وبعد اجراء التحاليل الاولية
اثقبت لهم الدكتور ان وهيبة حامل
لم يكن الخبرغريبا على اخويها ، فالحمل فى مثل حالة اختهما وارد
لكن وهيبة وبمجرد سماعها للخبر, دخلت فى حالة عصبية شديدة
ولجدما اصاب الجميع بالهول وكان الدكتور الاكثر تاثرا
قاس لها الضغط والسكر ووجدهما طبيعيين ولاسبب واضح لحالتها
اقتنع الدكتور ان مثل هذه الحالات يتطلب علاجا قرانيا
وليس للطب دخل فيه
ووصف الحالة بانها حالة عصبية حادة


...

ذات يوم بارد من أيام الشتاء ,, جال في خاطري ,, ان اجرب التزحلق علي الجليد وكنت مبهورا عندما اري الروسيات وهن يرقصن ويتمايلن كانهن مربوطات بقوى سحرية
لم اري ان واحدة منهن قد وقعت يوما وكسرت انفها في الجليد
ان اكوام الجليد بستان الشقراوات وربما ،
ربما اوجده الله للشقراوات ...
ولما لا ان قارات بأكملها لم تري الجليد الا لماما
لبست جوزا من نعال التزحلق وجريت في الجليد قلت اجربه ولما لا وانا المتيم بارض الشقراوات ..ولا ادري استطيع الصمود او لا
ما حصل لي بعد ذلك ,, الا انني
افقت من غيبوبتي بعد 3 ساعات ووجدت بنتا روسية شقراء
تطبطب علي راسى ،
بحنان انثوى ،
وثغر تتمدد حنية وشفقة
يا عزيزي انهض
وكانني سمعتها تقول ..
انا ربيعة الكاهلية
والله اقولها لك بكل صدق يا حبيبى عبد المعين
انا لا احب احمد سابقا ولن احبه فى يوم من الايام
وورغم انهم اذفونى اليه ، الا انه لم يستطع ان يلمس خصلة من شعرى
ولم ينال من جسدى ابدا
انه قدر مفروض على
انا اعيش معك بقلبى
اشتقت اليك ،
لقد ادمن خيالى صورتك
لا اكاد انام دون ان يمر طيف جلستنا
في ذلك اليوم المدهش
ودون ان احرك لساني لتذوق طعم تلك التمرتين
بما انني لم اكلهم في ذلك اليوم
فطعم القبلات تركت فيني طعم التمرات ولا اخفيك
انني اخال اتذوق طعمهما يوميا
وجال بخاطري وهي تقترب مني وتطبق شفاهها علي خدي
لكني التفت ووجدت فتاة شقراء
امامي تسائلنى !!!
ما الامر ,, هل اصابك مكروه ؟؟
طمنى ياعزيزى ,
لاتخوفنى..
انهض يا قلبى
هل انت بخير ؟
هل اطلب لك الإسعاف ؟
ولكن علي ان اعترف ان جمال وسحر قوام هذه الروسية قد دوات جروحي .
مددت لها يدي وانا في غاية السعادة ,
حضنتى وقبلتنى في خدى..
اهما قبلات بنفس الالهام
شعرت بقشعريرة في كل جسدي
وراحة عجيبة . كانت وجه الجميلة يتغير من ربيعة والى ناتاشا
وانا غارق فى حب جميلتى
اختفت الالام او هكذا خيل لي
كان حملا ثقيلا قد نزل عن كاهلي
وشعرت انني عبرت النيل سحابة
وبلغت الشاطي الاخر ...
حيث هناك مسرح الاحلام
وحورية النيل تنتظري
ربيعة الكاهلية
تحمل في يديها ورود وزهور..
وهانذا مزهو بمزاحمة النجوم في هوي القمر ..
كبدر في ليلة تمامه يتجلي وجهها ..
وكشمس شقت طريقها وسط السحب اري طلتها
وانفاسها الملتهبة تتسامي مطرا لتسقى ارضى الجدباء
هذه لحظة الانتشاء ...فربيعة فى كل مكان
اشكرك يا ميدوب
اختفت الالام وهرب مني التعب والارهاق
وقلت يا مطرا من السماء بلل اطراف مزرعتي
وتولد علي اثرها حالة من الرضا والغناء
لحظة جعلتني اشعر بخفة ملاكم من وزن الريشة وجعلني اركض بعد ان ودعتني ناتاشا بسرعة عداء جاميكي ..
قلت لها نعم نعم انا بخير
كيف لا أكون بخير ,,
وهل الخير الا نطفة من رضاب شفتيك
الحائرتين التواقتين الي الامان ..
نعم نعم
كل الخير في نضارة كلماتك
يا انسة تطرز قدسية جمال فينيقى
يا ابتسامة فاقت افانين الشعر
يا ربيعة
لقد تفتحت مسامات النشوة
واختلط الحابل بالنابل
اختفت ربيعة
وذهبت ناتاشا بعد ان اطمئن علي
ولكني كنت اخاطب خيالها
وبقيت مذهولا من امر الاقدار
وصفاء النفوس
في هذه الأرض التي لاتنجب الا الملائكة
وقفت علي رجلي وحمدت الله وشكرته لهذه النعمة الالهية
لكنني لم انسي ان اتلمس واتحسس مكان لمسات انامل ناتاشا
حتي تورمت خداي بقدرما كنت اطبطبهما فرحا ..
وتمنيت ان اكرر الوقعة ثانية شرط ان اجد ناتاشا واقفة امامي
هكذا تنسج الاقدار المواقف الخالدة من رحم الغيب .
وتتداخل عوامل الشر وانكساراتها مع رياح الخير وجاذبيته
ليس كل امر مبداه سيئا ينتهي كما بدات .
لكن الله الواهب الاحد الصمد ربما لامرلانعلمه ييسر لك من سبل النجاة
مايجعلك ,تتامل في امر الاقدار ..
هكذا سارت قافلة الليالي والأيام ناشرة فينا الفرح وغاسلة الهموم التي طالما لازمتنا علي جروف النيل ..
كنت افكر دوما ,, هل يمكنني ان اتزوج هنا يوما واحمل زوجتي الي ضفاف النيل وهل حياة الدون لزوجتي المستقبليه التى لبست وجه ربيعة ،وتشابه الضفاف بين النهرين سينسيها الفوارق الازلية بين الحياة هنا وهناك .
كيف لفتاه ادمنت الرقص في ملاهي روسيا وتزحلقت علي الجليد .
ان تقبل الحياة في ارض تغلي فيها الأجساد من لفح حرها
كيف لفتاه غضة طرية كالملبن ان تتحمل الحياة القروية .
وهل تستطيع هذه الروسية الشقراء ان تعيش في بلد لاتوجد فيها الفودكا والشمبانسكيا ؟؟
وان كانت الروسية قد اجتازت كل هذه الامتحانات .
هل سيقبل اهلي بنصرانية غلفاء وانا ابن الشيوخ ؟
والطرق الصوفية ..
وهل سيسامحني قومي بتجاوز للتقاليد القروية الصارمة ؟
وان استطعنا ان نتجاوز كل هذه المحن معا
وانجبنا الشقراوات والمخلوطات
وكبرن هنا ..
هل هنالك من سيقبل بالزواج بهم ؟
في مجتمع ينظر الي الخواجية الأجنبية كانها غضب من السماء
وهل ستنتظرني ربيعة في الجانب الاخر من الكون
كل هذه الأفكار دارت في ذهني
من احب انا لا ادري
ربيعة الكاهلية ام ناتاشا
ام هن روح واحدة في جسدين .

بعد عام كامل درست فيه اللغة الروسية وقواعدها بحيث ان مكنني عن اكتب قصيدة قيلت فيها الكثيرا حتي جعلتني معروفا عند حسناوات الدون وساعرج علي هذه النقطة لاحقا
, التحقت بكلية الفنون الجميلة حيث توزعت في مبني كان داخلية لطلاب الكلية ,,كنت ارقد في سرير غرفتي في الطابق الثامن في السكن الطلابي في شقة تطل علي نهر الدون في مدينة راستوففي ذات المبني المملوك للكلية ...كنتاقرا رواية المعلم ومارغريتا للكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف وعندما وصلت الي تلك المشاهد الخياليه والشيطانية تملكني خوف غريب ولملمت رجلي اللتان تدلتا باسترخاء بعد يوم دراسي شاق وفجاه فكرت في حياتي و تلك الرحلة الطويلة الشاقة التي قطعتها منذ ان كنت يافعا ارعي الغنم في مراعي القرية ، كنت افكر في الناس اللذين عشت معهم وكانو قريبين مني ،في كل الذين لعبو دورا ما في حياتي ،والدي الذي رحل عن الدنيا قبل بضعة اشهر من سفري والذي كان دوما مصدر الهام كبير بالنسبة لي بما يملك من ثقافة عالية والمام بعدد من اللغات ورغم تقدمه في السن الا انه كان ابا رائعا غرس فيني روح الطموح ونشوة الانتصار والارتقاء دوما الي الامام ويحضرني جيدا قوله لي وهو مبتسم عندماتفوقت في المرحلة الابتدائية ان نجاحك هذا هو اول العتب وسيكون امامك الكثير من الجبال التي يجب ان تصعدها دون ان تنظر الي الخلف ,وذلك كسبا للوقت ودعما لروح المثابرة وتذكرت والدتي المراة الطيبة التي كانت الابتسامة لا تفارق محياها رغم مجاهداتها في سبيل تربيتنا وتذكرت الاصدقاء الذين جمعتني بهم كهف الظروف وبقيو في ساحة ذاكرتي بقعة مضيئة تعطي مددا لي لا ينضب كلما عصفت بي ايام الغربة القاسية ، اشتقت الي حكايات والدي التاريخية وتجاربه العظيمة في الحياة ومغامراته في بلاد الافرنج حيث كان يعمل جنديا في جيش الانجليز وتذكرت الاحترام العظيم الذي كان يكنه لبلاد الانجليز ومجتمعه المثالي الخالي من الكذب والرشوة والمحسوبية والرواية لوالدي وتذكرت مجاهدات جدتي الاستثنائية التي كانت تعمل علي مدار ثمانية عشرة ساعة بدءا بشاي الصباح وتجهيز شنط المدرسة وفطور الاولاد ثم الذهاب الي تجهيز علف البهائم من البرسيم المزروع علي جانبي الترعة العمومية لمشروع القرية والعودة الي البيت لتجهيز الغداء ثم الولوج لغسل الملابس يدويا وغسل الصحون بعد الغداء وشاي المغرب ثم الاستعداد للعشاء وتلبية طلباتنا المتكررة من اكل وشاي تذكرت كل هذا وعزمت امري ان لا اعود الا بشهادة تضي طموحهم وتجعلهم فخورين بهذا الابن الذي سافر بعيدا عنهم لبلاد تفر الطيور من سماءها خوفا من البرد ..

كنت اشبه ذاكرتي دوما بصحراء امتدت جنباتها الي مالانهاية وسيرة الخيريين فيهاكتلك الاشجار التي تظل خضراء رغما عن ضربات الطبيعية القاسية ،اما هؤلاء الذين لم يرتاح لهم ضميري كالاشجار التي تموت واقفة .....
وقفت علي رجلي بواعظ داخلي لم ادرك كنه ابدا واتجهت الي تلك النافذة ورايت الدون ذلك النهر الخالد الهادي والذي عاش ليس بعيدا من ضفافه ميخائيل شولخوف صاحب الدون الهادي وابطال روايته الخالدة غريوري وناتاشا وتذكرت ناتاشا التي علمتني سر القبلات العابرة يوم خانني الجليد وكم كان منظر الماضي مبهرا وجميلا يتراءي لي كانه سحب سماوية في يوم غائم كل شي يذكرك بالنيل ارتال المزارعين الذين يجوبون مزارعهم ويضربون الارض بسواعدهم القوية واشكال الناس الذين افترشوا الرمال علي الشاطي وبعض السكاري يغنون اغان الحب لعشيقاتهم ,,, النظر من بعيد يفسر عن كل شي ولا يحتاج شي الي تفسير
هنا عاشت الصراحة قلت في نفسي,,لا اتخيل ان هنالك شخص واحد يكذب هنا ,,,لان الحياة هنا بسيطة وجميلة والتقارب بين الناس في اذهي صورها كمالا ..
وقلت في نفسي الدون الهادى
ياله ،من نهر عظيم
كالنيل تماما ..
كعذب خصاله وعذوبة ماءه ..
ولكنه اكثر هدوءا وشفافية ...
ووجدت قرطاسا وقلما وبدات اكتب القصيدة التي تحدثت عنها وتذكرت ناتاشا معلمة اللغة الروسية
تلك الشقراء الساحرة ...
التي كانت تعاملنا بحنو ولطف وحب
وناتاشا ملكة الجليد التي انقذتنى ،
وناتاشا او قل ربيعة بطلة النيل الصافي والتي تاتيني في صورة ناتاشا ايضا
واحببت حقا هذا الاسم
وحروفها ,,, تناولت تمرتين وسافرت عبر الخيال الي مدارات الهوي العشقية وتذكرت حبيبتي وغلبني ان الملم فكري العاري تماما من المنطق الان ,
اجتمعت صور الناتاشات في خيالي حتي فقدت ان اميز بينهن
وهانذا اري ناتاشا واحدة
لكنها تعبر عنهن جميعا
وتخيلت انى ،
ناجيت قلبها و تناولت معها قدحين من الفودكا
وفي عينيها الجميلتين رايت الكون ضاحكا في شكل انثي
أصبت بهلوسة الهوي ،
اذابتي نكهة الفودكا واتساع حدقتى عينها الي رجل يغنى
وينشد عن تاريخه
في تينك العينين الساحرتين
ترقد أحلام فارس نوبى
ملهم يحمل علم بلاده
ممتطيا خيلا اصيلا
من بقايا جيش بعانخى
وتخيلت اساور امراة هي الملكة نفرتيتى
لاضعها
بين رموش وخدودهذه الروسية المعتقة بسحر غابات وبساتين القوقازوتخيلت نفسي مطربا ,,,,
تناولت الجبنة ..
وتمرتين من يدي ناتاشا
وبدات اهزى وانا اقرا ماكتبتها اناملى..
وظهرت وجه ربيعة صافيا كالبدر فى ليلة تمامه
وحضنتنى وها هى تحضننى كطفلة صغيرة
وهانذا فى قمة النشوة اسرح
ربيعة عزيزتى ...
تعالي لندمج حلمينا الي الابد
نشدانا للحياة النيلية
وبمدد من أمواج الدون الهادى
بكل مافيها من سحر وجمال
أيتها النوبية الممزوجة بدماء النوبة القدماء
انا وانت تجسيد لخلود نيلنا العظيم
وتجسيد لتلك القصص الأسطورية
هنا تتمحور حكايات الف ليلة وليلة
يا شهر ذاد النيل
وكنداكة الحسن والجمال
انظرى الي شهريارك
الغارق في اثام الهوى ..
ودغدغة الرغائب الشبابية ..
قافلتي سارت وعبرت القارات ..
ليقيم خيمته في ردهات صدرك ..
وانفاس من زمن الكنداكات تلهبني
حرارتها ..
وتحيلني الي ثور هائج
يحول فكره دون الوقوع في بحر الظلمات
ان تقاليد النوبة واحترامها العظيم لكل ما هي انثوي
فقط جعل بيني وبينك
مسافة تغطي ساحات الأطلسي
ولعينك أقول ..
وارسم هيكل الحلمات
مدارا ..
يحيل همتي الي تعويذة
تقيني عذاب القبلات
ربيعة قلبى
لقد ارهقتني الزكريات
كانت جدتي تقول ان النهر يقذف بحورية
تضامنا مع ساكنيه كل عام
أتصورك جدا حورية نيليه
بل انت ربيعة الكاهلية
انا واثق من عقلى
منذ ان كنت
اسرح ببعيري في صحاري الظما العشقية
واجمع العلف ..
ذادا للحظات الكبت العاطفي
انت حقا اميرة النيل يا ربيعة
تعرفين سر العزف علي القلوب ،
تجيدين لعبه التمويه بلغة الرموش ،
وبهمسة حيري تحيلين غابات الشوق المتدفق مل شدقي
الي قافية شرودة ..
تماثل روعة الغروب
إذن اغتربى يا فرس الهوى ،
وامتطى جواد السباق
بحمى الفوز بقلب فارس نيلى ،
اختصرى دف الشواطئ الاستوائية
وعذابات شهرزاد .
وسحر خلود النيل ..
وقلت لها وانا امتع نظرى فى مدرات عينيها انظر اليها ،
وادقق الى تلك الفوضى العارمة
في احمرار شفتيها
ربيعة
ما هذا الحلق الذى يتدلى من اذنيك .
ربما كبير وتقيل عليك .
هانذااستحضرت مملكة الوصف وقدح الغزل امامي ...
انت الجزء الأكثر عذوبة في معرفتي بالشعر.
لم اقابل في حياتي فتاة احلى منك

لقد خلدت محبوبتى بهذه الاغنية الخالدة ،
فمن سيغني اذن لسحرالنساء الروسيات بعد اليوم ؟
اذن ساخلد الحلق المتدلي من معشوقى ؟
ربيعة ,,لانها تستحق جيلا من الشعراء والفنانين ,, اجل ربيعتى
الي أية عوالم يسوقني عفريت الاقدار ...
لاتوه عميقا فى عينك القادرتين لاختراق القلوب .. انت تحتاجين الي ديوان يوقع عليه كل الشعراء الغزليين ومن كل مكان وزمان
وكذلك شعرك الغجري الأشقر المسترسل على كتفي غزالة
وقوامك اين منه الشعر .
ربيعة قلبى
التمسى لى عذرا
وانا الفارس الذي سلب الهوى عقلي
من أكون وايه صيغ وصفية تليق بي في علم السلالات
ومع من اكمل مشوارى.
في حياة تتقاذف ايامها العفاريت .
ذاك سؤال يهاجمى في لحظات الصحو المسروقة ...
..............
مع اختلاف الزمان والمكان .
ومع اختلاف الجمال والهيام .
يبقي الحب والاعجاب
سنة كونية .
النساء هن ملح الحياة .
النصف المكمل لسعادة الرجال
......

....ناتاشا عفوا ربيعة
في بحر عينيك ،
يجتمع اللؤلؤ ،
وتنثر الورود ،
وتنتشي اوردة الخدود
ويكتسي الافئدة سكون الليل
وتنتفض اناملك
المخملية وتنتصب رايات الخصل الذهبية
إيذانا لموعد مكتوب منحوت في ذاكرة القلب
وعلي فسحات الوعد ،
تنتحر الكلمات وتدمي أكف احرف الهوي الغلاب
نعم كانوا يفتدون النيل بروح الحوريات
عاما بعد عام ،
هذه ليست أسطورة
إنما واقع أطره التاريخ ،
جدتي لاتكذب ،
إذن انتي انعكاس لفيضان النيل
نجمة تزين كبد السماء
في ليالي الصيف
عند اكتمال القمر،
مع تماذج الأصوات لاحياء الكون

مع رقصة الشادوف
وإلق الشطأن
ربيعة
اه ثم اه
...
كم سجل قلبي من تسارع في الدقات ..
وكم عبثت بي جنيات الصبابة
لقد اتعبني النظر إليك
وتباعدت فضاءات الرؤي
واكتست مداراتها حلل فرح طاغي
أي سحر يسكنك
واي شدو طواه السكون
وادمن خصلات شعرك الاسود عقلى
إذن فلنذب الشموع ونحتفل
نخب نهرينا النيل والدون الذى امامى
وحي صدفة احتواها مجداف الامواج


الساعة الآن 02:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir