منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   صالون الأدب والأدبـاء (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   فن المقامة ونصوص مقامات بديع الزمان والحريري وابن دريد وبعض التعليقات (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=385520)

حسن خليل 29-10-10 09:03 PM

فن المقامة ونصوص مقامات بديع الزمان والحريري وابن دريد وبعض التعليقات
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخوة الأفاضل والأخوات الفاضلات

أسعد الله أوقاتكم بكل خير

لا يخفى عليكم أعضاء وعضوات هذا المنتدى الغالي مدى أهمية فن المقامة في النثر العربي وفنون الكتابة، ولما لهذا الجانب الغض الطري من عراقة في تاريخ الأدب العربي. لذلك رغبت في أن أجمع معلومات وافية قدر الإمكان حول هذا الفن ونشأته وتطوره من مصادر مختلفة - "أهمها كتاب "في النثر العربي وفنون الكتابه" - لنقف عليها وقوف المتأمل، آملاً أن تكون لنا مرجعاً يستفيد منه الجميع، ونستمتع معاً بقراءة المقامات المختلفة لكبار الكتاب والتعليقات عليها من خلال الصفحات القادمة في هذا الموضوع إن شاء الله.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الفن العربي الأصيل يستحق اهتماماً أكثر من ذي قبل من جانب الباحثين والدارسين والأدباء ليعرِّفوا الجيل الجديد جانباً من جمال الأدب العربي بمناهله الثرية وتراثه الضخم.

فن المقامة

المقامة لغةً: تعني في الأصل "مجلس القبيلة وناديها"، وذلك كقول زهير بن أبي سلمى:
فيهم مقامات حِسان وجوهها
وأندية ينتابها القولُ والفعلُ

وقد تعني "الجماعة في المجلس"، كقول لبيد:

ومقامةٍ غُلبِ الرقابِ كأنهمْ
جنٌ لدى باب الحصيرِ قيامُ

وأما المقامة من الناحية الاصطلاحية: فهي نوع من الحكايات القديمة، يتميّز بخصاص معينة من حيث الراوي وبطل الحدَث، ومن حيث الأسلوب القصصي والبديعي البلاغي، حتى يمكن القول: إن كل مقامة حكاية، ولكن ليس كل حكاية مقامة.

ولقد ظهر هذا الفن في القرن الرابع الهجري ويمکن القول أن جوهره هو تلك القصص والحکايات إلا أن مبدعيها تعمدوا التصنيع والتأنيق فيها. وهذه المقامات تضم الحکايات والنوادر والمطايبات، بينما لا تخلو من جوانب تاريخية وحکمية وأدبية.

والشائع بين الدارسين في الغلب أن مبدع المقامات بشكلها المعروف هو أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد ، أبو الفضل الملقب ببديع الزمان الهمذاني (من سنة 357هـ إلى 398هـ)، ولكن بعضهم يرى أن ابن دريد قد سبقه إليها حيث کان راوية وعالماً ولغويّاً وقد عنی برواية أحاديث عن الأعراب وأهل الحضر. وكان أوّل من لفت إلى هذا الدكتور زكي مبارك وممن تبعه فيه الدكتور شوقي ضيف، الذي لاحظ أيضاً أن جذورها موجودة قبل ابن دريد عن الجاحظ وإذا كان هو لم يعزّز كلامه عن تأثير الجاحظ في فن المقامه بنصوص، فقد وقعنا على نصوص تبيّن هذا خلال الصفحات القادمة، أما مقامات بديع الزمان فبعضهم يرفعها إلى أربع مئة، ولكنها على الأرجح حوالي خمسين مقامه، إذ إن أبو القاسم الحريري (446هـ - 516هـ) الذي اقتفى أثره قد وضع أيضاً نحو هذا العدد، والحريري كما يرى بعض الدارسين هو "أشهر من نَظم المقامات وإليه يرجع الفضل في ذيوع هذا الفن الجميل.

ومع أنه قد كتب المقامات في القديم أعلام كبار من أمثال الزمخشري والسيوطي والزيني وابن الجوزي والقلقشندي، لكن مقامات هؤلاء لم تشتهر شهرة مقامات البديع والحريري، لأن أصحابها لم يُعنوا فيها بروح الفن الحقيقي، فالزمخشري مثلاً قد مال في مقاماته إلى جانب الوعظ والإرشاد، والسيوطي قد مال في مقاماته إلى تصوير جمال النباتات والزهور.

ويعتقد جرجي زيدان أن بديع الزمان الهمذاني اقتبس أسلوب مقاماته من رسائل إمام اللغويين، أبي الحسين أحمد بن فارس (390هـ). بينما يعتبر الدکتور زکي مبارک مقامات الهمذاني مشتقة من أحاديث بن دريد (321هـ) ويری بين مقامات الهمذاني وأحاديث بن دريد مشابهات قوية من حيث الحبکة القصصية واستخدام السجع.

وقد برزت هذه الحركة الأدبية بروزاً واسع النطاق في عصر كثرت به المشاكل والفتن، بالإضافة إلى تغييرات في المجتمع العباسي في أساليب البناء والأكل والغناء والحياة بأسرها والتي جهد في تصويرها بديع الزمان الهمذاني.


سوف تكون التكملة على حلقات بحيث تشمل بنداً من بنود المقامة إن شاء الله.

احساس وافي 29-10-10 09:18 PM




نبذة جميلة و معلومات أدبية رائعة أخي حسن خليل

شكراً جزيلاً على هذآ الموضوع المفيد

والذي كان بمثابة الأطلالة الخلابة على فن المقامة

تحياتي.

حسن خليل 30-10-10 07:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احساس وافي (المشاركة 7854559)


نبذة جميلة و معلومات أدبية رائعة أخي حسن خليل

شكراً جزيلاً على هذآ الموضوع المفيد

والذي كان بمثابة الأطلالة الخلابة على فن المقامة


تحياتي.

الشكر الجزيل لك أخي احساس وافي على تشريفك لهذا الموضوع.

وإن شاء الله سوف نكمل الموضوع حتى يكون مرجعاً في فن المقامة.

لك فائق احترامي وتقديري وامتناني.

شيهانة 31-10-10 12:39 AM

طرح قيم ... وانتقاء جميل
وإفادة ليست بمستغربة على المتألق حسن خليل
شاكرة لك جميل الاتحاف ..
وحتماً سأكون من المتابعين
كل التقدير

حسن خليل 31-10-10 06:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيهانة (المشاركة 7859902)
طرح قيم ... وانتقاء جميل
وإفادة ليست بمستغربة على المتألق حسن خليل
شاكرة لك جميل الاتحاف ..
وحتماً سأكون من المتابعين
كل التقدير

مروركِ هو الأجمل أختي شيهانة.

لكِ كل الشكر والتقدير على تشريفك لهذا الموضوع.

حسن خليل 31-10-10 06:59 PM

خصائص المقامة:

المقامة في حقيقتها حكاية، ولكنها تميزت منها بخصائص معينة، قد أرسى قواعدها بديع الزمان في الكثير من مقاماته، ومن أبرز هذه الخصائص:

1- وحدة الراوي: فهو واحد في مقالات الأديب كلها، على النقيض من الحكاية العادية، إذ قد نجد لكل حكاية قديمة راوياً مختلفاً عن الآخر في الأخرى، وهو في مقامات البديع مثلاً عيسى بن هشام.

2- وحدة البطل الذي يدور حوله الحدث، فهو عند الأديب في المقامات واحد في الغالب، على حين أن الحكايات العادية عن الأديب الواحد قد نجد لكل منها شخصية أساسية يدور حولها الحدث، فبطل مقامات البديع مثلاً هو أبو الفتح الاسكندري.

3- الأسلوب اللغوي والأدبي: والمقامة فيه تميل إلى الألفاظ الغريبة، وإلى المحسنات البديعية من جناس وسجع وطباق وتورية، وذلك على نحو ظاهر أو متكلّف، على حين أن الحكاية قبل المقامات نجدها ذات أسلوب حر مرسل في الغالب وإذن فعبارة المقامة تتقارب بلاغياً وموسيقياً من العبارة الشعرية.

4- تصوير المغامرة الطريفة، ذلك أن بطل المقامات يكون في الغالب عاثر الحظ، على الرغم من علمه وثقافته، ولذا يلجأ إلى الكُدية في الحصول على لقمة عيشه، والكدية هي احتيال المرء للحصول على الطعام أو المال، من خلال لبوسه لحالة ما من الحالات لبوسها. ولكن من دون السؤال المباشر في المال أو الطعام وهنا ينبغي أن نلاحظ أن هذه الحيلة في الكدية تكون في الغالب طريفة ظريفة، مما يضفي على المقامة جواً من المرح والدعابة، ويوفر لها عنصر التشويق، بالإضافة إلى تضافر جميع الخصائص السابقة معاً، وسنتعرف إلى هذه الخصائص كلها من كثب، حين نقدم نماذج محللّة لها.

احساس وافي 01-11-10 12:58 PM

طيب أستفسآر بسيط أخي حسن

هل تصنف الرويات من فن المقامة أيضاً ؟

وهل إذا تصنف الرويات تحت فن المقامة

هل أنواع الرويات له علاقة ؟

لأن الرويات تختلف تاريخية - أدبية - بولسية - رومنسية ..الخ

يعني بختصار هل نطلق على الرويات بـ صُـنوفها أنها تقع تحت ( فن الماقمة ) ؟

حسن خليل 01-11-10 03:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احساس وافي (المشاركة 7866946)
طيب أستفسآر بسيط أخي حسن






هل تصنف الرويات من فن المقامة أيضاً ؟

وهل إذا تصنف الرويات تحت فن المقامة

هل أنواع الرويات له علاقة ؟

لأن الرويات تختلف تاريخية - أدبية - بولسية - رومنسية ..الخ


يعني بختصار هل نطلق على الرويات بـ صُـنوفها أنها تقع تحت ( فن الماقمة ) ؟


حيّاك الله أخي احساس:

لا تصنّف الروايات ضمن فن المقامة، حيث أن هناك اختلاف جوهري بينهما.

الروايات قريبة من القصص.

ولا أعتقد أننا يمكن أن نطلق على الروايات بصنوفها أنها تقع ضمن فن المقامة.

لكن أحياناً تكون المقامة قريبة من القصة أحياناً مثل المقامة البغدادية والمقامة المضيرية لبديع الزمان الهمذاني.

وإن شاء الله سوف نتكلم عن فنون الكتابة الأدبية الأخرى بعد أن ننهي موضوع المقامة في موضوعات منفصلة (مثل الحكاية والقصة والرواية والخاطرة والمقالة والمسرحية والأمالي والسيرة والخطابة والأمثال).

لك شكري وتقديري واحترامي.

حسن خليل 02-11-10 07:55 AM

المقامات في العصر الحديث:

لم يقتصر الاهتمام بفن المقامة على الأدباء في القديم، وإنما قد أبدى اهتماماً به بعض الأدباء في العصر الحديث، فقد تأثروا بمقامات البديع والحريري خاصة، إذ استظرفوا أسلوبها الشعري البلاغي، ولاحظوا أن بعضها تتوفر فيه عناصر القصة الحديثة، مثل: المقامة المضيرية والبغدادية للبديع، أو المقامه المكية للحريري، ... وإذا كان القدماء قد أولعوا في القرون الوسطى بمقامات الحريري لملهم إلى أسلوب الصنعة والزخرف البديعي، .. فلا شك أن الذوق في هذا العصر يميل أكثر إلى مقامات البديع، وذلك لأنه كما يقول زكي مبارك بحق: ".. عند مقارنة مقامات البديع بمقامات الحريري يتبين لنا أن لغة بديع الزمان خالية من التكلف والاعتساف، وأما لغة الحريري فتعد من أغرب نماذج النثر المصنوع ..، وأما شوقي ضيف فيقول عن أسلوب البديع إنه: يدل على ذوق رفيع يعرف كيف يختار الكلمة المناسبة، وكيف يضعها في مواضعها، فلا نبوَّ ولا شذوذ، بل دائماً دقة وضبط وإحكام في عذوبة وسلاسة وتناسق وانسجام .." على أن الحريري وجد بين الأدباء اللغويين من يؤثره، ويتأثره في كتابه المقامة، من أمثال إبراهيم اليازحي (1800-1871)، الذي وضع مقامات قلّد الحريري فيها، وسمّاها "مجمع البحرين"، وقد أودعها ثقافته اللغوية الواسعة، على نحو أفقدها حيوية هذا الفن ظرفه. ومن أشهر المحاولات الحديثة في كتابة المقامة محاولة محمد المويلحي في كتابه "حديث عيسى بن هشام" ويلاحظ من العنوان أنه يتأثر ببديع الزمان في مقاماته، فعيسى بن هشام كما مرّ بنا هو راوية البديع من المحاولات الحديثة أول هذا القرن في كتابه المقامة كتاب "ليالي سطيح" لشاعر النيل حافظ إبراهيم.

وفي زمننا هذا نجد أن من المعجبين بهذا الفن هو الدكتور/عائض القرني وله كتاب كامل في المقامات سمّاه المقامات.

حسن خليل 05-11-10 05:09 PM

المقامة في العصر الحديث (وجهة نظر أخرى):

لم يخلو قرنا واحدا من القرون من فن المقامة ومع ذلك فقد وجدنا في هذا العصر إلى جانب الأنماط المقامية التي تواكب أسلوب المقامة الكلاسيكية أنماطا أخرى مختلفة تماما سواء من حيث الشكل أو المضمون .

إن هذا العصر هو عصر التخصص (عصر الصحافة، القصة، المقالة) فقد كان طبيعيا أن يأخذ كل فن مجاله الطبيعي ولعل هذا التجديد جاء نتيجة الديباجة المقامية التي احتوت في داخلها ألوان شتى من الفنون لم يشأ لها أن تظهر في الصور القديمة على نحو مستقل .

من الطبيعي أن تتجه المقامات الحديثة اتجاهات متشعبة كخطوة أولى نحو اتصال الفنون التي اشتملت عليها المقامة القديمة وظهورها كفنون مستقلة .

لم تعد للمقامة في العصر الحديث فعاليتها القديمة فقد آل أمرها إلى التفكك، والتحلل من عناصرها المختلفة التي ظلت تتكون منها وهي القصة والمقالة .

هذا العصر عصر التخصص في الأنواع ولم يكن من الممكن أن يقبل الذوق العام المعاصر فناً كفن المقامة فهذا العصر (عصر القصة والمقالة والكاريكاتير) وهي فنون جميعها تغني عن فن المقامة.

اتجاهات المقامة الحديثة :

- مقامات التزمت المنحى الكلاسيكي :

ونعني بها المقامات التي سارت على النمط الذي وضعه بديع الزمان الهمذاني أو التزمت بتقليد نموذج قديم سبق إليه المقاميون من بعده مثل مقامات محمد أفندي الجزائري .

- مقامات جنحت نحو أدب القصة :
كحديث عيسى بن هشام للمويلحي .

- مقامات جنحت نحو أدب المقالة بوجهها العام أو بصورتها القصصية :
مثل المقامة الشريفية في مزايا اللغة العربية / محمد أفندي شريف .


الساعة الآن 08:30 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir