06-06-14, 12:46 AM
|
|
حليمة...ارادوا تكحيلها فـعموها...!
حليمة ...
لم يكن يتجاوز عمرها العاشرة عندما هاجرت
إلى أوربا مع أمها, بعد فترة من الزمن التحق بهما
الأب تاركا وراءه مشاهد ليست شواذا في تلك المنطقة,
فالحرب بالوكالة في القرن الإفريقي أكلت الأخضر واليابس,
لا سيما الإنسان والحيوان, وهجرت أيضا من هجرت.
في البلد الجديد دخلت حليمة المدرسة وبعد فترة وجيزة
أجادت اللغة المتداولة هناك, كونت صداقات,
وشاركت في النشاطات المدرسية المختلفة, كان يعجبها
التجول في الغابات الكثيفة أثناء الرحلات المدرسية.
ولما قررت حليمة أن تتحجب كانت الحرب
عليها وعلى اسرتها لا تحتمل.
حرب في المدرسة في الشارع في الأسواق في المكاتب,
لكنها شمخت كشموخ الجبال, ثم ما لبثت أن هدأت العاصفة,
ولم تنجلي, فالارهاب الاعلامي على كل شيئ يمت بصلة
بالاسلام اصبح من اساسيات الصحافة في كثير من البلاد.
...
تركت عائلة حليمة خلفها مشاهد يصعب على الزمن محوها.
لكن الحياة وتسارع الأحداث أقوى من الجمود والتوقف.
بالرغم من مشاهد الموطن الأصلي التي ترسبت في
ذاكرة حليمة والتي كانت تعاودها أحيانا في شكل كابوس
يوقظها من النوم إلا أن السعادة كانت ترفرف فوق بيتها.
الأب كان يعمل في مصنع للأسلحة وكان يتقاضى راتبا لا باس به.
وفي يوم من أيام العمل تبادر إلى سمعه أن المصنع يصدر أسلحة
إلى من يتسببون في خراب موطنه الأصلي وأراد أن يتيقن.
قابل المدير الذي أكد له الخبر فقرر حينها أن يترك المصنع
أو أن يوقف المصنع عن تصدير تلك الأسلحة
التي تقتل أهله وتخرب بلده.
سمع المدير معارضة أبو حليمة إلا انه قال سيبحث الامر مع
الجهات العليا فمثل هذه القرارات ليس هو الذي يتخذها.
خرج أبو حليمة شاكرا المدير على إتاحته
الفرصة له للتعبير عن موقفه.
مرت الأيام ولم يتراجع المصنع عن قراره وكان رد
الإدارة أن المسالة بالنسبة للمصنع اقتصادية بحته
وإذا لم نصدر نحن فسيفعل غيرنا ذلك ثم أن العمال
بما فيهم أبو حليمة لن يستمروا في العمل دون
الأرباح المجزية من مثل تلك الصفقات.
عزم أبو حليمة على ترك المصنع قائلا:
لن ألوث خبزي بدماء أهلي! وأتمنى أن لا يشتكي
احد هنا من كثرة عدد اللاجئين الذين تتسبب
الحروب في دفعهم للخروج من تلك المناطق
الساخنة بعد الآن.
اصطادت بعض المنظمات المدنية ومعها بعض أجهزة
الإعلام الفتاة اليافعة حليمة وأظهرتها كضحية للختان
الذي تمارسه "المجتمعات الإسلامية المتوحشة"
دون غيرها كما يصور ذلك الإعلام.
لكن هناك وفي مقابلة تلفزيونية من أنصف المجتمع
المسلم وإن كانوا قلة. منهم الطبيب لينس..
من سكان تلك البلاد الأصليين وقد قال في هذا الشأن:
في الجنوب يمارس ختان البنات حتى في بعض
المجتمعات المسيحية, وليست كل المجتمعات الإسلامية
تمارس ذلك فهو من العادات والتقاليد عند بعض
الفئات المسلمة أكثر منه عبادة.
أفاقت حليمة من غفوتها وأيقنت أن تلك الجهات
تستخدمها ضد دينها ومجتمعها فقررت مع عائلتها
هجر موطنها الجديد إلى بلد عربي تتعلم فيه شيئا ينفعها.
ولما علمت أن بلدها الأصلي يتمتع بشيء من الاستقرار
عادت إليه.
لكن بعد عدة أشهر من الاستقرار فيه بدأت تهب
عليهم عاصفة تسمى بالحرب على الإرهاب.
انهالت على قراهم زخات من الصواريخ العابرة
فدكت ربوعهم وأتلفت محاصيلهم ومتاجرهم
ومساكنهم واستمر هذا الحال عدة أيام.
نجت عائلة حليمة من هذا الهول المميت
بأعجوبة بل بفضل الله لكن ما أصاب حليمة
جعلها تستهين عليه الموت.
عادت العائلة أدراجها إلى
موطنها الثاني في بلاد الغرب, فإنها
أضحت لا تملك سوى جنسيته التي قد تمنحها
الأمن المفقود أو لعلها تصيب شيئا من العلاج
والرعاية, فالدنيا هناك لا زالت بخير والإنسانية
وحقوقها يمكن التكلم عنها بحرية. لكن لسان
حال جسدها المشوه بلهيب الصواريخ العابرة كأنه
يقول لمن عرفتهم يدافعون عنها ضد ختانها:
كنتم تستوحشون على الختان وتدافعون عني كضحية له,
فهل تملكون الشجاعة والجرأة لتفعلوا نفس الشيء مع
وحشية ألاسلحة التي شوهت جسدي بالكامل؟!
كنت أتمنى الحياة مع الختان لكني اليوم أصبحت
أتمنى الموت بسبب هذا التشوه الذي
أصابتني به أسلحتكم الذكية.
....
راجي
التوقيع
|
تيه "غـ زي" متعاظم
وهجير بلا وعد بالعودة
لكن هذا إن سَد حدودا
فهناك رب يأذن
بالسماح
سلام على الدنيا
إن عاش الضعيف فيها مُهانا
بلا وطن كطير بلا عُش
تتقاذفه النسور ودمه
مباح
مشارق الأرض ومغاربها
جيل الصبر سوف يرثها
عندما تندمل قريبا كل
الجراح
مهما طال الليل بحلكته
وضاعف الظالم قسوته
فميلاد الشروق يبدأ مع
الصباح
|
|