21-06-23, 02:50 AM
|
|
رد: 📖 أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ..؟! 📖
أمم أمثالكم !
➖ الجزء الثاني ➖
مساجلات
▪️ قدر الرجل على قدر همته هكذا قالوا أهل الحكمة.
ولم أكن اتوقع ان يكون للطير أفعال حكيمة.
فهذا الهدهد العجيب الذي أوتي هِمة الرجال العالية،
استطاع أن "يُحرض" (1) سيدنا سليمان عليه
السلام على تغيير الوضع في مملكة سبأ.
وكأن لسان حاله يقول لسيدنا سليمان، وبأسلوب مؤثر
وكخبير بالنفس البشرية : بالرغم من مُلكك العظيم
وتنوع جندك الكريم بما فيهم كتيبة الطيارين من الطيور
والعفاريت ومن ذو العلم الذين يستطيع بعضهم أن يحرك
الجبال، إلا اني أنا الجندي الصغير ممن كنت تتفقده في
ثكنة الطيور فتجده غائبا من أجل هذه المهمة
الإستخباراتية السرية جداً (ما عرف بها إنس ولا جان) ،
هو من أحاط بما لم تحط به علما !
هل يعقل أن تكون في مثل هذا المُلك العظيم وتوجد
هناك ملكة بعرش عظيم تعبد وقومها غير الله؟!
((وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)) !
سورة النمل
عرف هذا الطير مكر الشيطان أيضا وصعوبة هدايتهم
بسبب ما رآن على قلوبهم من عبادتهم لغير الله :
((وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ
فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)) (24)
وقد أكد الله ذلك في آية أخرى :
﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ
كَافِرِينَ﴾ [ النمل: 43]
ثم أثنى الهدهد على الله وذكر وحدانيته ونعمه على الخلائق
التي أوتي بعضها من كل شيئ لتتقلب فيه ، ومع ذلك أبى
الجحود أن لا يفارق بعضها، لتعبد غيره !! :
((أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ))
يقول ابن زيد في تفسير الطبري ان كل هذا الكلام (الوارد في
تلك الآيات السابقة الذكر) كان للهدهد.
القرار الحاسم
▪️ بعد تلك الحجة والمرافعة القيمة للهدهد كان القرار الحازم
لسيدنا سليمان عليه السلام وهو النبي الخبير بأصول القضاء
والعدالة بعد استيفاء شروطها واتخاذ الإجراءات اللازمة مثل
تحري صدق الناقل للخبر (2) : (( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ
مِنَ الْكَاذِبِينَ)) النمل،
وكذلك بعد انذار المستهدف من القرار برسالة - كِتَابٌ كَرِيمٌ -
((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ)) النمل
▫️ بهذا تم إعطائهم فرصة للتفكير واتخاذ القرار للمثول أمامه ،
كما ورد في الآية من نفس السورة الزاخرة بعجائب لا سيما
عجائب الحيوانات والجن وذوي العلم.
أما فيما يتعلق بذلك القرار الحاسم فكان : ((أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ
وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)).
فكان له ما تمناه وأراده ذلك الجند المؤمن، "الداعية"، الدال
على الخير = الهدهد :
(( ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ)) [44] النمل.
فجهوده وفضوله للاستكشاف والدعوة كان سبباً لإسلام
مملكة سبأ.
فما أجمل القرآن وقصصه لمن يتدبر في معانيه ومثانيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش :
(1) ((وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ.....)) سورة النساء
(2) طالما أن سيدنا سليمان لم يعاقب الهدهد لمخالفته
تعليمات عدم التغيب، فإن هذا قد يعنى إمكانية قيام القائد
الميداني أو قائد الثكنة العسكرية أو الاستخباراتية ،
بالتحرك والمناورة والاجتهاد للقيام بعمل يراه ضروريا ودون
إِخطار القائد الأعلى بذلك، كما فعل هدهد سليمان الذي
وجد حرية التحرك في ظل عدالة نبي كريم . فإفشاء
السر قد يفسد المهمة.
فالصرامة والحزم شيئ، والطغيان والجبروت شيئ آخر.
لأن في الحرب العالمية الثانية حدث أن تصرف قائد ميداني
من تلقاء نفسه (دون الرجوع إلى القائد العام) وحقق
انتصارا، لكن بعد تقليده وساما تقديرا لجهوده، عُوقب
بالإعدام لمخالفته القوانين العسكريه المعمول بها حينها
في تلك الدولة الأوربية.
وفي التاريخ العسكري الإسلامي هناك شواهد لإجتهاد
بعض القادة الميدانيين دون الرجوع إلى مركز القيادة.
ولم يعاقب حتى من انسحب بجيشه من المعركة، بل
أُعتبروا من الكُرار وليس من الفرار ولم يقل لهم القائد
الأعلى كان عليكم إما النصر أو الشهادة، لأن تقييم من
في أرض المعركة يختلف عن تقدير من يجلس أمام
المنضدة . فلا بد ان يكون هناك أحيانا حرية في سرية
وسرعة التصرف لتحقيق النجاح ولو على حساب
سلامة الفدائي الذي يقوم بتلك المهمة الخطرة.
اذن، ليس كل مبادرة تواجه بالمؤاخذة، وليس كل
انسحاب يستحق العتاب.
ــ.........ــ
راجي
|