18-11-08, 12:59 AM
|
|
لقد مات شاعراً كما أراد.. ذات صيف كما أراد. مقاتلاً في معركة ما كما أراد أيضاً.
لقد هزمني حتى بموته.
تذكّرت وقتها تلك المقولة الرائعة للشاعر والرسام "جان كوكتو" الذي كتب يوماً سيناريو فيلم يتصور فيه موته مسبقاً، فتوجه إلى بيكاسو وإلى أصدقائه القلائل الذين وقفوا يبكونه، ليقول لهم بتلك السخرية الموجعة التي كان يتقنها:
"لا تبكوا هكذا.. تظاهروا فقط بالبكاء.. فالشعراء لا يموتون. إنهم يتظاهرون بالموت فقط!".
وماذا لو كان زياد يتظاهر بالموت فقط؟ لو فعل ذلك عن عناد.. ليقنعني أن الشعراء يموتون حقاً في الصيف ويبعثون في كل الفصول؟
وأنتِ..
تراك تدرين؟ هل أتاك خبر موته؟ أم سيأتيك ذات يوم وسط قصة أخرى وأبطال آخرين؟
وماذا ستفعلين يومها؟ أستبكينه.. أم تجلسين لتبني له ضريحاً من الكلمات، وتدفنيه بين دفّتي كتاب، كما تعودت أن تدفني على عجل كلّ من أحببت وقررت قتلهم يوماً؟
هو الذي كان يكره الرثاء، كراهيته لربطات العنق والبدلات الفاخرة، بأية لغة سترثينه؟
في الواقع.. لقد هزمك زياد كما هزمني.
وضعك أمام الحد الفاصل بين لعبة الموت.. والموت. فليس كل الأبطال قابلين للموت على الورق.
هنالك من يختارون موتهم وحدهم.. ولا يمكننا قتلهم لمجرد رواية.
وكان يكذب.. كبطل جاهز لرواية.
كان يكابر ويدّعي أن فلسطين وحدها أمّه. ويعترف أحياناً فقط بعد أكثر من كأس، أن لا قبر لأمه، تلك التي دفنت في مقابر جماعية لمذبحة أولى كان اسمها (تلّ الزعتر).
وإنهم أخذوا صوراً تذكارية، ورفعوا علامات النصر ووقفوا بأحذيتهم على جثث.. قد تكون بينها جثّتها.
ولحظتها فقط كان يبدو لي أنه يبكي.
فَلِمَ البكاء زياد؟
التوقيع
|
تتقدم إدارة المنتدى بالشكر الجزيل
للمراقب والأديب/ حسن خليل ، على
جهوده الكبيرة في الرقي بالأقسام الأدبية
من خلال النقد ووضع المسابقات والحوافز
لجعل أقسامة متميزة كما هو ، سيما في
نجاح مسابقة " المقالة الأدبية " .
8/1/2012م
الأدارة .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
|
|