19-11-08, 03:08 PM
|
|
وقلتِ:
"الحب هو ما حدث بيننا.. والأدب هو كل ما لم يحدث".
نعم ولكن..
بين ما حدث وما لم يحدث، حدثت أشياء أخرى، لا علاقة لها بالحب ولا بالأدب.
فنحن في النتيجة، لا نصنع في الحالتين سوى الكلمات. ووحده الوطن يصنع الأحداث. ويكتبنا كيفما شاء.. مادمنا حبره.
غادرت الوطن في زمن لحظر التنفس.. وها أنا أعود إليه مذهولاً في زمن آخر لحظر التجول.
أتذكر وأنا أواجه وحدي هذه المرة مطار تلك المدينة الملتحفة بالحداد كلاماً قاله حسان منذ ست سنوات واستوقفتني كلماته دون سبب واضح.
قال: "إن قسنطينة فرغت من أهلها الأصليين. لقد أصبحوا لا يأتونها سوى في الأعراس و في المآتم".
يذهلني اكتشافي.. ها أنا أصبحت إذن الابن الشرعي لهذه المدينة التي جاءت بي مكرهاً مرتين.
مرة لأحضر عرسك.. ومرة لأدفن أخي. فما الفرق بين الاثنين؟ لقد مات أخي في الواقع مثلما متّ أنا منذ ذلك العرس.
قتلتنا أحلامنا..
هو لأنه أصيب بعدوى الأحلام الفارغة الكبيرة.
وأنا لأنني غادرت وهمي.. ولبست نهائياً حداد أحلامي.
يسألني جمركيّ عصبي في عمر الاستقلال لم يستوقفه حزني ولا استوقفته ذراعي.. فراح يصرخ في وجهي، بلهجة من أقنعوه أننا نغترب فقط لنغنى، وأننا نهرّب دائماً شيئاً ما في حقائب غربتنا..
- بماذا تصرّح أنت؟
كان جسدي ينتصب ذاكرة أمامه.. ولكن لم يقرأني.
يحدث للوطن أن يصبح أميّاً.
كان آخرون لحظتها يدخلون من الأبواب الشرفيّة بحقائب أنيقة دبلوماسية.
وكانت يداه تنبشان في حقيبة زياد المتواضعة، وتقعان على حزمة من الأوراق.. فتكاد دمعة مكابرة بعيني تجيبه لحظتها:
- أصرّح بالذاكرة.. يا ابني..
ولكنني أصمت.. وأجمع مسودّات هذا الكتاب المبعثرة في حقيبة، رؤوس أقلام.. ورؤوس أحلام.
- تمت - باريس _ تموز 1988
التوقيع
|
تتقدم إدارة المنتدى بالشكر الجزيل
للمراقب والأديب/ حسن خليل ، على
جهوده الكبيرة في الرقي بالأقسام الأدبية
من خلال النقد ووضع المسابقات والحوافز
لجعل أقسامة متميزة كما هو ، سيما في
نجاح مسابقة " المقالة الأدبية " .
8/1/2012م
الأدارة .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
|
|