زازا وكفاح مع الحياة
رجل نحيل الجسد لكنه قوي البنية جاحظ العينين سريع الخطوة
يلتفت كثيرا عند المسير اذا لم يكن فوق ظهره ما يمنعه من ذلك.
كثيرا ما يناكفونه الصغار والكبار خاصة عندما يكون حاملا الاثقال,
لكن ليس دائما يامنون ثورته, فالاثقال لا تمنعه دوما من ان يصول
او يثور عليهم. فعندما يشتد غضبه يضع الحمل جانبا وينطلق
بسرعته المعروفة وراء الضحية المتباكية هلعا.
اسمه ادريس لكنه مشهور بلقب "زازا" الذي
عرف به وهو كارها له حتى تعود عليه.
انه مكافح يعمل حمالا في مدينة جبلية ماهولة.
وقد اعتبره البعض مجنونا لا سيما السلطات الحالية هناك
والتي اتخذت ضده اجراءات توقيفية فوضعته على اثرها
في مكان مخصص "للمجانين" لكن السيد ادريس اثبت لهم
انه رجل مكافح ياكل بعرق جبينه كما يقال
وانه اعقل من كل من اتهمه بالجنون.
ربما كان البعض يعتبره مجنونا لهيئته فقد كان لا يهتم
بمظهره فضلا عن انه كان يشمر احدى
ساقيه ويطلق الاخرى.
قل من لا يعرفة من اهل مدينته.
لم يتوقف عن العمل حتى بعد ان بلغ من العمر عتيا
واشتعل راسه شيبا ووهن عظمه الذي كان يحمل
مائة كيلو ليوصلها لاي مكان في مدينته تلك.
اما اليوم فقد استعان بعربة يدفعها دفعا لتسير امامه
الهوينة لينجذ عملا كان ينجذه قديما في وقت قياسي.
فقد كان يركض وهو يحمل فوق ظهره احمالا ثقيلة ينوء
من حملها الرجال. اما من حكاياته وطرائفه التي تحكى:
زازا والنوم داخل كيس
خططت عصبة من الصبية "الاشقياء"امرا ما ضد
السيد ادريس فتحينت الفرصة حتى نام الرجل في
مضجعه القابع في احدى زوايا الشارع المحاذي
للمسجد الكبير في المدينة.
وكان مضجعه هذا على شكل أكياس كبيرة تسع الواحدة
لـ100 كيلوجرام من القمح, يدخل فيها ليتقي برد الليل فينام.
تم تنفيذ الخطة في الثلث الاخير من الليل حيث تم خياطة
الاكياس بمن فيها من قبل الصبية وجعلوا الرجل المسكين
يتدحرج في منحدر الشارع وهم يتضاحكون!
استيقظ الرجل وبدأ يصرخ ويحاول عبثا فك ما الم به.
ولحسن حظه ان كان هناك في الاكياس
فتحات صغيرة ساعدته على التنفس.
سمعوا بعض الرجال الذين خرجوا من المسجد
بعد صلاة الصبح استصراخ زازا فعملوا على فك الاكياس
عنه ولما خرج اراد ان يتعارك معهم من الغضب!
افهموه انهم هم الذين ساعدوه .
مع بزوغ الشمس وانتشار الناس انتشر ايضا خبر هذا الحادث
في المدينة الصغيرة حيث تقتصر الاخبارفيها على مثل هذه الامور
فليس هناك جرائد او مجلات عدا التي تاتي احيانا من ارض الكنانة
البعيدة جدا. فالبلد يرزح تحت ويلات الاحتلال والتجهيل.
والناس خاصة الشباب يصنعون المسرحيات بالشكل الذي نسجوه
مع المسكين زازا يتسلون بامور يجهلون فيها خطوط الفيصل بين
ما يجوز وما لا يجوز.
اما عن مصير زازا بعد هذا الحادث المؤسف
كان خيرا فقد سمحت اسرة من الاسر الملاصق
منزلها للمسجد الكبير ان ينام السيد ادريس داخل
فنائهم وفي بيت خشبي.
اما تصرفاته في الشارع مع اهل المدينة فقد اصبح
اكثر عنفا وحدة لبعض الايام بعد ذلك الحادث.
*****
لا زال السيد زازا يعمل حمالا وبعض الناس لم يقصروا معه.
خاصة السيد الملقب بـ ابو المساكين محمد صاحب الفرن في
تلك المدينة حيث كان كل صباح يوزع بنفسه الخبز
للمساكين الذين كانوا يتحلقون حوله فيضحك معهم
ويسلم عليهم, الى ان توفاه الله قبل عدة سنوات.
ونحن نرحم بضعفائنا
.........
من حكايات اهل زماني
..........
راجي