31-03-24, 01:18 AM
|
|
رد: مقالات ومآلات....
اضحكتهم ثم...
▪ بل ((هو الذي أضحك وأبكى)) آية
أن الذي يهوى الكتابة بأسلوب معين لا تخلو من تسجيل وقائع وأحداث
يعتبر مؤرخا لواقعه وربما لواقع آبائه. وإذا لم ينقل ما يشاهده ويسمعه
من أحداث بصدق وتجرد فقد لا يعكس الحقيقة.
أما إن كان يكتب ليُرضِي هواه وهوى الناس بإنتقاء ما يحبه وما يحبونه فقط
دون طرح المشكلة أو معالجتها، فهذا يشبه البرامج الترفيهية القديمة، مثل
برنامج ما يطلبه المستمعون أو المشاهدون، ولا بد عند ذلك أن يعيد النظر
في أسلوبه.
فكثير من الناس تميل نفوسهم إلى المهرج الذي يضحكهم حتى في أوقات
الخطر ولا يستسيغون الإستماع إلى صوت المُنذر الذي قد يتهمونه بالجنون
والسوداوية والتعب النفسي كما فعلوا بأخ فارسي جاء يسعى من بلاد
فارس محذرا الناس (أهل السنة) من الثورة الخمينية قبل ثلاثون عاما ونيف.(1)
اليوم بعد أن أُحتُلَت عدد من العواصم العربية عبر ميليشيات قاسم سليماني
وشردت وقتلت أهاليهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن "السعيد" جاءوا
يقولون له: كنا نحسبك مجنوناً فإذا بنا نكتشف اليوم أننا نحن من كنا
كذلك. فرد عليهم : لقد تأخرتم كثيراً.... لأكثر من ثلاثين عاماً وانا
أتكلم واكتب واترجم خططهم... وأنتم كنتم تضحكون علي
وتتهمونني بالجنون !
عادة؟
▪ وكأن الأمر صار عادة عند كثير من الناس أن يتهموا المُنذر والمبشِر أيضا
بالمبالغة وعدم الواقعية. فهناك من يعشقون التباكي قبل انكشاح الحليب
بل حتى والدماء أيضا كبعض الشيعة وهناك من يعشقون التباكي بعد
انسكابهما كبعض أهل السنة أو كثير منهم.
الا ان الشيعة يتباكون ويعملون بينما أهل السنة أو الكثير منهم
يضحكون ويرقصون حتى يأتي من يُجهز عليهم، وهذا أمر قديم
قدم عهد التتار عندما كان يقول التتاري انتظر أيها المسلم حتى
آتي بسيفي لأُجهز عليك ! فكان ينتظره بدلا من أن يقاوم أو يهرب.
فكأن قول الشاعر يصدق في مثله حين قال : لم ارى عجزا كعجز
القادرين على التمام.
▫ وهكذا تفعل أيضا اليوم بعض العواصم العربية الراقصة على إيقاع
بل قرع طبول المغنين والغانيات، حسن شاكوش وهيفاء ونانسي
عجرم والقائمة تطال...وتطول.
▫ قد يقول البعض كيف عرفت أسماء كل هؤلاء؟ والجواب يكمن في
كلمات الشيخ كشك رحمه الله فيما يتعلق بمعرفته انواع الخمور لما قال :
ما لازم نعرف. صدق الشيخ إذ لا بد من المعرفة.
فالمعرفة قوة حتى علم السحر كان قد جاز تعليمه من قبل
الملكين ببابل هاروت وماروت لكن باشتراط اي أن لا يمارسه من
يتعلمه لأنه كفر.
((وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ َۚ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ
يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ))
وكذلك الأمر مع علم السموم فالجامعات تعلم الناس رغم خطورة ذلك ولكن
تنصحهم في نفس الوقت بان لا يستخدموا معرفتهم به في الاذية والإضرار
لأن ذلك يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.
علاج بالتضاد
▪ علاج الكثير من المعضلات في حياتنا لا يكون دوما الإكتفاء بسدها
ولكن بردها وبضدها أيضا كما يقول الشاعر الذي لم يكن يعرف علم
النفس الحديث حين شخص العلة وإن كانت إجتماعية قائلا :
وداوني بالتي كانت هي الداء.
قصة من الواقع
▫ وفي هذا السياق لا بد أن أذكر قصة طبيب كان قد ألَم به ما قد يلم بمكروب.
لما زرته في بيته وجدته مكتئبا محمر العينين فقلت له بعد أن عرفت منه
سبب حزنه: لا بأس عليك فالله يبتلي من يحب وقد ابتلي بأشد مما ابتليت
به من هم خير منا. فذكرت له معاناة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منذ
أن كان صغيرا.
فأضاف قولي مقاطعا وبعد تنهض عميق : ومعاناة سيدنا يعقوب عليه السلام
حين حُرم من أعز أبنائه وذهب بصره من الحزن ....حتى تمادى هذا الأخ في
سرده ومضى مسترسلا .....
جعلت أنصت إليه دون مقاطعته، فكنت ألحظ فيه تحسنا حتى بدأ
يقوم ويتحرك ويعد الشاي وقد كان حاله يُرثى له قبل هذا.
الأمل
▫ لكل حالة علاج إذا ما استخدمنا معها الأسلوب الأنسب. وكثير من
المعالجين يعرفون أن بعض المرضى يتهربون دون وعي منهم من ما
يفيدهم ومما يبرئ مرضهم. وليس ضرورياً أن يكون المعالج لا يشكوا
من أي علة بل أن أنجح المعالجين قد يكون من اتعبته العلل كحال ابن
النفيس على ما اذكر والذي أعجز مرضه الأطباء فعزم هو وعمل
على أن يتعلم الطب وممارسته حتى أصبح مرجعا فيه.
الإرادة المعاكسة
▪ وليس غريباً ان يعادوا الناس كل من يطرح أو يتطرق إلى ما لا يحبذونه أو
ما لم يألفوه حتى لو كان ذلك لصالحهم، فالرسل جاءوا بأشياء كانت في
صالح الناس وان لم يحبها الكثير منهم من الذين لم يكتفوا بمعارضتهم
ومعارضة ما جاءوا به من رسالات، بل اعلنوا الحرب على تلك الرسالات
وعلى من جاء بها. وكانوا أكثرهم لايؤمنون بل وزادوا عليه الفسق مثل
أبا لهب وامراته حمالة الحطب ومن سلك طريقهم من قبل ومن بعد.
إرضاء الناس
▪ فبعض الناس لا يرضيهم شيئ حتى المن والسلوى : إن بشرتهم الرسل
بنعيم قالوا أضغاث احلام وغرورا كما ورد في قوله تعالى ((وَإِذْ يَقُولُ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا))
وإن توعدتهم بالعذاب سخروا وقالوا
((فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ))
وبعضهم تشائموا وتطيروا منهم بل وهددوهم :
((قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ
وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ))
تجربة جحا الحكيمة
, ▪ لقد صدق جحا إن كان قد قال ما قال بالفعل أو كما أثبت بتجربته
المعروفة عن الغاية التي لا تدرك وهي إرضاء الناس : فهو إن ركب دابته
اتهموه بقساوة القلب وإن سار خلفها اتهموه بعدم حسن استخدامها،
فلم يبقى إلا أن يحاول حملها إن استطاع ذلك ليشبعوا منه الساخرون
سخرية واستهزاءً.
القوة والمال
▪ المصلح إن لم يكن ذا قوة ومال بل وبطش أحيانا، غالبا ما تستهين به
الفئة المستهدفة بالإصلاح أو التوعية وهذا يتجلى في بعض الحكام وبعض
القنوات التلفزيونية أيضا كما هو الحال مع قناة الجزيرة : فبالرغم من أنها
تبث وتكرر طوال فترة الليل والنهار أخبار القتل والذبح والحرق والتشريد
إلا أن مشاهديها كان يزداد بدلا من أن ينقص ولم يتجرأ الكثير من الناس
بإتهامها بالسوداوية والتشائم بل هناك من يمتدح ذلك الجانب الذي
أتعب الكثير من المتابعين نفسيا.
استدلال
▫ وهنا يحضرني الحديث الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم وسلم:
إذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد.
▫ فلو كان من يفعل ذلك (مثل تلك القنوات)، شخص لا يملك المال والنفوذ
لاتهموه دون تردد بالتشائم والسوداوية لكن المال يفعل الأفاعيل كما
صور ذلك الشاعر قائلا : أن الدراهم تزيد الرجال مهابة فهي اللسان
لمن أراد فصاحة وهي السيف لمن أراد قتالا.
إقرار بالحقيقة
▪️لا ننكر ان تلك القناة وأمثالها تنقل الواقع، وكذلك يفعل أيضا الكاتب
المؤرخ إلا أن النظرة إلى كل منهما من قبل أكثر المتابعين، تختلف على
حسب ما في جعبة كل منهما من مال ونفوذ وأتباع.
وكأن شاكيهم يقول فيهم:
اضحكتهم فقالوا قليل الإحساس
بأمة مكلومة تباد بالرصاص
ولما أبكيتهم قالوا يعشق اليأس
وتكبيل الأمل في الاقفاص
فقلت افيدهم بالفوائد فقالوا
أكثر علينا النصح بالإخلاص!
وقال شاعر آخر في هذا الصدد:
ضَـحِـكْـتُ فَـقَـالُوا : أَلَا تَـحْـتَـشِمْ
بَـكَــيْـتُ فَـقَـالُـوا : أَلَا تَـبْـتَـسِــمْ
تَـبَـسَّـــمْـتُ قَـالُـوا : يُـرَائِــي بِـهَا
عَـبَـسْـتُ فَـقَـالُـوا : بَـدَا مَـا كَـتَـمْ
صَـمَـتُّ فَـقَـالُـوا : كَلِـيلُ اللِّـسَـانِ
نَـطَـقْـتُ فَـقَـالُـوا : كَـثِـيرُ الكَـلِـمْ
حَلمْـتُ فَـقَـالُوا : صَـنِـيعُ الـجَـبَانِ
وَلَـوْ كَـانَ مُـقْـتَـــدِرًا لَانْـتَـــقَــمْ
بَـسَـلْـتُ فَـقَــالُوا : لِــطَـيْـشٍ بِــهِ
وَ مَـا كَـانَ مُـجْـــتَرِئًا لَـوْ حَـكَــمْ
يَـقُـولُــون : شَـــذَّ إِذَا قُـلْــتُ : لَا
وَ إِمَّــــعَـةٌ حِــينَ وَافَـقْــتُــهُــمْ
فَـأَيْــقَـنْــتُ أَنِّــيَ مَـهْـــــمَـا أُرِدْ
رِضَـا النَّــاسِ لَا بُـــدَّ مِـنْ أَنْ أُذَمْ
إذن :
لا تتركَنْ حقًّا لخِيفةِ قائلٍ*فإنَّ الَّذي تخشَى وتحذرُ حاصِلُ.
(لله در قائل هذا البيت).
الخلاصة:
▪ إن التعامي عن الواقع القاسي قد يمنحنا وقتا إضافيا لخداع أنفسنا للعيش
في لحظات نتخيلها سعيدة بعيدا عن علقم العلاج الناجع المتمثل في
مواجهته بشجاعة، وليس الإدمان على الهروب الى الأمام عكس اتجاه
القاعدة الدفاعية المتمثلة في :
ان تُحضِر نفسك للأسوأ وتأمل لأفضل ما يكون.
وهذا دون المزايدة والعزف على أوتار التهم باليأس والسوداوية التي أثبت
الواقع انها تُلقى غالبا على من نظن انه ليس له ظهر أو سند من المال أو
المصفقين باللايكات والمايكات.
▫ وبما أن الإمعة سوقها رائج دائماً فقد أُجري استقصاء يتعلق ببعض
الأمور المشابهة من قبل بحاثة في إحدى الجامعات الغربية. سُئلت
فئة عن رأيها في كلمات شعرية فأبدت عدم إعجابها بها ، بل
استثارت استهجانها لها. وتكرر الأمر مع عدة فئات أخرى
من الشباب الجامعي فكانت النتيجة واحدة.
▫ لكن عندما أعيد إجراء نفس الاستقصاء أو الاستفتاء للرأي لنفس
الشيء لكن بصيغة أخرى مضافة عليها كأن قيل لهم أن هذه الكلمات
غنتها فرقة موسيقية شهيرة. عندها تغيرت النتيجه، فقد استحسن
الجميع تلك الكلمات وأعجِبوا بها، وقال بعضهم لو لم تكن تلك
الكلمات جميلة لما غنتها تلك الفرقة!
▫ وهكذا يساق أيضا الكثير من الناس كالنعاج في سياسات أو انتخابات
أغلب الدول المتقدمة والمتأخرة نحو سباق التنافس والتماهي مع
المفهوم العولمي "والعجرمي".
معذرة لجمهور ترامب ونانسي عجرم و....(3)
النجاح والسعادة
▪️ ان طول الصفوف أو قرع الدفوف تلفتان أنظار أكثر الناس
(( وأكثرهم)) لكن ليس كل ما يحقق الإنتشار "والنجاح"
يحقق السعاده أو الفلاح.
فقط بذكره تطمئن النفوس
((ألا بذكر الله تطمئن القلوب))
ـ___________
هامش :
(1) ولا يزال يخشى على دول الخليج من هؤلاء المغول الجدد .
(2) (3) تم كتابه هذا المقال قبل عده سنوات (في عهد الرئيس
الأسبق ترامب) ولا أدري ان كان سبق لي أن نشرته هنا، فقد
بحثت عنه مليا ولم أجده.
........ راجي .........
📚 مقالات ومآلات
التوقيع
|
تيه "غـ زي" متعاظم
وهجير بلا وعد بالعودة
لكن هذا إن سَد حدودا
فهناك رب يأذن
بالسماح
سلام على الدنيا
إن عاش الضعيف فيها مُهانا
بلا وطن كطير بلا عُش
تتقاذفه النسور ودمه
مباح
مشارق الأرض ومغاربها
جيل الصبر سوف يرثها
عندما تندمل قريبا كل
الجراح
مهما طال الليل بحلكته
وضاعف الظالم قسوته
فميلاد الشروق يبدأ مع
الصباح
|
|