غداً إن شاء الله
بكيت حتى جفت دموعي وجفت دموعي حتى بكيت, ربما لن يوافقني البعض فيما سأكتبه وسيقولون الذي فينا يكفينا, والكل يحب أن يهرب من الأسى إلى الفرح, وضمن ذلك لا يمكننا مهما فعلنا أن نتجاهل ما يحدث حولنا, وكأنه لم يحدث, والإنسان بطبيعته يركض وراء الخبر الغريب والنادر حدوثه, مهما كانت مطالعته مؤلمة وقاسية, لكنه يكون خبر جدير بالقراءة والاهتمام, صدقاً ما سمعته وقرأته منذ أيام جعلني أغرق في رغبة في الصراخ, رغبة في الغضب في الموت, ورغبة في الخجل من نفسي كوني من بني البشر, هل يصدق أحد أن الجوع في إفريقيا وصل لدرجة أن يأكل الناس حيوانات ميتة كالفيل مثلاً, وهل وصلت أمور الفقر والحروب فيها للاعتداء على الفتيات وهن مقتولات, إنه شيء حقاً لا يحتمله أي عقل, وفي قارة أخرى هل من المعقول أن الناس الأثرياء يقيدون قرد بإحكام ليفتحوا رأسه ويأكلوا دماغه وهو على قيد الحياة, حتى أنه في الصين يأكلون حتى الأجنة, ويتفنون في طرق إعدادها, وذلك الرجل يسرق طفل في الأشهر الأولى من قرب أمه وهي تصلي قرب الكعبة الشريفة ومن دون أن تشعر, لماذا..؟؟ لينزع أحشاءه هكذا وبكل بساطة, ويضع فيه مخدرات وينقلها لبلد آخر, فأرجوكم أخبروني هل هذا من البشر لا مستحيل أن يكون كذلك, فما مدى تأثرك من هذا الكلام, وهناك غيرها الكثير مما يحدث كل يوم, لكن ليس بالإمكان كتابتها كلها لما فيها من ألم لن تحتمله الجبال حتى يحتمله قلبكم الرقيق, كنا نسمع كل أسبوع كل شهر عن حادثة ما, لكن الآن في اليوم الواحد تحدث أكثر من حادثة, من حوادث سيارات بسبب السرعة الزائدة لعدم المبالاة وتحمل المسؤولية, وحوادث الغرق والحروق بصعقات الكهرباء, إلى ازدياد عمليات خطف الأطفال والاعتداء عليهم, ولعل أخطر حادثة هي محاولة هدم التراث العربي الإسلامي .. ولماذا لم يعد هناك شيء يحركنا, وبدل من أن نصلح الخطأ كي نتدارك حصوله مرة أخرى, نكتفي بالقول هكذا الله تعالى أراد, منذ قديم الزمان كان إن حدثت حادثة عادية نستغرب ونتألم, واليوم إن حدثت حادثة أليمة ومأساوية لا نكترث, إنه شيء لا يمكنني وصفه, لا يمكنني وصف ما شعرت به لأن وصفه صعب جداً إنه أصعب شيفرة لا يمكن ترجمتها إلى كلمات ومشاعر, إن البشر يقتلون بعضهم في كل مكان بلا رحمة ولا رادع, ولا يعرف أي منهما لم يُقتل ولم يَقتل, وهناك ومن زاوية أخرى, أب يعتدي على ابنته ولا أحد يكترث لما يحمله ذلك من معاني, أما إذا ارتكبت الفتاة خطيئة ولا ذنب لها فيها سوى قلة وعي الأهل بتربيتها المثلى, فانجرفت وراء كلام معسول, حتى راحت ضحية أمرين, شاب خدعها بكلامه, وأهل لم يوجهوها للطريق القويم في التعامل مع العالم الخارجي, وتكون النتيجة أن تُذبح الفتاة كما تُذبح الشاة, أما هو إذا اعتدى على ابنته فحكمه السجن ثلاث سنوات فقط, ويقول أنها أحضرت له العار وسكين غسل العار في انتظارها, ألا تعرف أيها الأب وأيها الأخ, أولاً أن ذنبها ذنبكم, وأن هناك قانون وعدالة تأخذ وتعطي كل ذي حق حقه, أجل أذنبت لكننا نعيش في مجتمع يحكمه قانون بشري وليس قانون الغاب, وهل هي قد ترجت المعتدين كي يعتدوا عليها, هل أصبح العار وغسله جيداً ونشره أمام الناس يعني القتل..؟؟ في الدول غير الإسلامية يرمون البنت في القمامة ويدفنوها على قيد الحياة, أما في دولنا الإسلامية وبحجة الشرف يقتلون البنت (وما أدراك ما البنت), ويبقى الخوف أن تنقرض البنت وعندها لن يبقى شرف نتحجج به لنقتل, والشابة مروة تُقتل بسبب رفضها نزع النقاب, وماذا حدث بعد ذلك..؟؟ انتشر منع النقاب في بلدان أخرى ومنها وللأسف بلدان عربية وإسلامية, إني لمتأكدة أن هناك أشخاصاً كثيرون يعرفون ذلك وغير راضين عنه ويتألمون أشد الألم, ويتساءلون ما الذي جعلنا نصل إلى هذه الحال, إلى هذه الوحشية وهذا الظلم, التي جعلت الشعر يميل إلى البياض, أشياء أصبحت تمر على مسامعنا ونظراتنا وكأنها أشعار للشاعر سليمان العيسى, مثل ماما ماما يا أنغاما, وقفز الأرنب وعمي منصور نجار, كأنها أناشيد نطرب لسماعها, ورؤية حروفها الكبيرة الواضحة من دون جهد, فيما مضى كنت تمر قرب أي بناء لا تسمع سوى السكينة والهدوء, والآن لا تسمع سوى أصوات المولدات والضجيج, الذي يجعلك تكره حياتك, ونحن اليوم فرحين بكل لحظة نعيشها محاولين أن ننسى ونتعايش مع ما نسمعه ونشاهده لنستطيع أن ننام, ليس لشيء بل لنحلم بالغد الذي سنكون فيه في أمان وسعادة إن شاء الله تعالى, وبللت دموعي حياتي من جديد, فما الذي سينقذها من غرقها الجديد .... بقلمي غالية طرابيشي
التوقيع
|
الولادة الحقيقية للانسان هي اول سجدة يسجدها للرحمن
|
|