العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#221
|
||||
|
||||
فتح عمورية .. معركة رد الكرامة / علاء أبو العينين
فتح عمورية .. معركة رد الكرامة علاء أبو العينين وقع في عهد الخليفة المأمون فتنةٌ عظيمةٌ كادت أنْ تودي بالخلافة الإسلامية العباسية، وقادها بابك الخُرَّمي، وكان زعيمَ فرقةٍ ضالةٍ، تُؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح، وتدعو إلى الإباحية الجنسية.
وبدأت تلك الفتنة تُطِلُّ برأسها في أذربيجان، ثمَّ اتسع نطاقها لتشمل همدان وأصبهان، وبلاد الأكراد وجرحان، وحاول المأمون أنْ يقضي عليها؛ فأرسل الحملات تَتْرى؛ لقمع تلك الفتنة، لكنه تُوفي دون أن يُحقق نجاحًا، وانتقلت مهمة القضاء على هذه الفتنة إلى الخليفة المعتصم بالله الذي أعانة الله فأخمدها، وأسر قائدها وقتله. الروم في بلاد الإسلام وكان من نتائج هذه الفتنة أنِ اتَّصل قادتها -وعلى رأسهم بابك- بإمبراطور الروم يستحثُّونه، ويطلبون منه مهاجمة الخلافة الإسلامية العباسية التي انشغلت بقتالهم، وكان مما قالوه له: إنَّ المعتصم لم يُبْقِ على بابه أحدٌ، فإنْ أردت الخروج إليه فليس في وجهك أحدٌ يمنعك. واستجاب ملك الروم "توفيل ميخائيل" لاستغاثة بابك، وجهَّز جيشًا يزيد قُوامه على مائة ألف جندي، وسار به إلى بلاد الإسلام، فهاجم المدن والقرى يقتل ويأسر ويمثِّل، وكانت مدينة ملطيَّة من المدن التي خرَّبها الملك توفيل، حيث قتل الكثير من أهلها، وأسر نساءها المسلمات، حتى إنَّ عددهن بلغ ألف امرأة، وكان يمثِّل بالمسلمين فيقطع آذانهم وأُنوفهم، ويَسْمِلُ أعينهم. وكان من بين الأسيرات امرأة هاشمية تُدعى "شراة العلوية"، استغاثت بالخليفة المعتصم في أسرها، ونقل ذلك إليه؛ فلبى استغاثتها. كما أنَّ المسلمين جميعًا في سائر الأمصار ضجُّوا واستغاثوا في المساجد والديار، ودخل إبراهيم بن المهدي على المعتصم، فانشده -قائمًا- قصيدةً طويلة يذكر فيها ما نزل بالمسلمين، ويحضُّه على الانتصار، ويحثُّه على الجهاد، ومنها: يا غارة الله قد عاينت فانتهكـي *** هتك النساء وما فيهن يرتكـب هبَّ الرجال على أجرامها قُتلت *** ما بال أطفالها بالذبـح تنتهـب فخرج المعتصم من فوره نافرًا، عليه درَّاعةٌ من صوفٍ بيضاء، وقد تعمَّم بعمامة الغزاة، وعسكر غربي دجلة، وأرسل طائفة من الأمراء ومعهم جيش كبير إعانة عاجلة للمسلمين، وساروا إلى تلك الديار؛ فوجدوا الروم قد انسحبوا، حينئذ عادوا للمعتصم رحمه الله. المعتصم يقصد عمورية ولم يكن خليفة المسلمين ليسكت على ما حلَّ بالمسلمين، وكيف يسكت وأصوات الاستغاثات ما زالت تتردَّد أصداؤها في أذنيه، وأسرى المسلمين مع الروم؛ ولذا جمع الأمراء وسألهم: أيُّ بلاد الروم أمنع وأحصن؟ قالوا: عمُّوريَّة، لم يعرض لها أحدٌ من المسلمين منذ كان الإسلام، وهي عندهم أشرف من عاصمتهم القسطنطينية (بيزنطة). فقال: هي هدفنا. وبدأ الخليفة يستعدُّ، فاستدعى الجيوش وتجهَّز جهازًا قيل: إنَّه لم يتجهَّز قبله بمثله، ولا غرو في ذلك؛ فالهدف عظيم، وقد أراد الله أن يجعلها حاسمة لا تقوم للروم بعدها قائمة، بل إنَّ أهدافه تعدَّت مجرَّد الأخذ بالثأر وتأديب الروم إلى فتح بلادهم كلها وضمِّها للمسلمين. خرج المعتصم إلى عمُّوريَّة في (جمادى الأولى 223هـ/ إبريل 838م)، ولم تكن من عادة الحملات الكبرى الخروج في ذلك الوقت، غير أنَّ الخليفة كان متلهِّفًا للقاء، ورفض قبول توقيت المنجِّمين الذين تنبَّئوا بفشل الحملة إذا خرجت في هذا التوقيت. وسار المعتصم في جحافل أمثال الجبال، وبعث الأمراء إلى مناطق الثغور، ووصل إلى قُرب طرطوس، وعند (سروج) قَسَّمَ المعتصم جيشه الجرَّار إلى فرقتين؛ الأولى بقيادة الأفشين، ووجهتها أنقرة، وسار هو بالفرقة الثانية، وبعث "أشناس" بقسم منها إلى أنقرة، ولكن من طريقٍ آخر، وسار هو في إثره، على أن يلتقي الجميع عند أنقرة. معركة دزمون علم المعتصم من عيونه المنتشرين في المنطقة أنَّ إمبراطور الروم قد كمن شهرًا لملاقاة الجيش الإسلامي على غرَّة، وأنَّه ذهب لمفاجأة الأفشين، وحاول الخليفة أنْ يُحَذِّرَ قائده، لكنه لم يستطع، واصطدم الأفشين بقوات الإمبراطور عند "دزمون"، وألحق الأفشين بإمبراطور الروم هزيمة مدوِّية في (25 من شعبان 223هـ/ 838م)، ولم يَحُلْ دون النصر الضباب الكثيف الذي أحاط بأرض المعركة أو المطر الغزير الذي انهمر دون انقطاع، وهرب الإمبراطور إلى القسطنطينية، وبقي قسم من جيشه في عمُّوريَّة بقيادة خاله "مناطس" حاكم "أناتوليا". دخلت جيوش المعتصم أنقرة التي كانت قد أُخليت بعد هزيمة الإمبراطور، وتوجَّهت إلى عمورية فوافتها بعد عشرة أيام، وضربت عليها حصارًا شديدًا. حصار عمورية بدأ الحصار في (6 رمضان 223هـ/ 1 أغسطس 838م)، وكانت عمورية مدينة عظيمة جدًّا، ذات سور منيع وأبراج عالية كبار كثيرة، وقد تحصَّن أهلها تحصُّنًا شديدًا، وملئوا أبراجها بالرجال والسلاح، ولكنَّ ذلك لم يَفُتَّ في عضد المسلمين. في الوقت نفسه بعث إمبراطور الروم برسوله يطلب الصلح، ويعتذر عمَّا فعله جيشه بمدينة ملطية، وتعهَّد بأن يبنيها ويردَّ ما أخذه منها، ويُفرج عن أسرى المسلمين الذين عنده، لكنَّ الخليفة رفض الصلح، ولم يأذن للرسول بالعودة حتى أنجز فتح عمورية. ابتدأت المناوشات بتبادل قذف الحجارة ورمي السهام، فقُتل كثيرون، وكان يمكن أنْ يستمرَّ هذا الحصار مدة طويلة، لولا أنَّ أسيرًا عربيًّا قد أسره الروم دلَّ الخليفة المعتصم على جانبٍ ضعيفٍ في السور، فأمر المعتصم بتكثيف الهجوم عليه حتى انهار، وانهارت معه قوى المدافعين عنه بعد أن يئسوا من المقاومة. دخول عمورية ودخل المعتصم وجنده مدينة عمورية في (17 رمضان 223هـ/ 12 أغسطس 838م)، وتكاثر المسلمون في المدينة وهم يكبرون ويهلِّلون، وتفرَّقت الروم عن أماكنها، فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان، ولم يبقَ في المدينة موضعٌ محصَّنٌ سوى المكان الذي يجلس فيه نائبها مناطس، وهو حصن منيع، فركب المعتصم فرسه، وجاء حتى وقف بحذاء الحصن، فناداه المنادي: ويحك يا مناطس! هذا أمير المؤمنين واقف تجاهك. فقالوا: ليس بمناطس ههنا مرتين. فرجع الخليفة ونصب السلالم على الحصن، وطلعت الرسل إليه، وقالوا له: ويحك! انزل على حكم أمير المسلمين. فتمنَّع، ثم نزل متقلدًا سيفه، فوضع السيف في عنقه، ثمَّ جيء به حتى أُوقف بين يدي المعتصم، فضربه بالسوط على رأسه، ثمَّ أمر به يمشي إلى مضرب الخليفة مهانًا. وهكذا فتح المسلمون مدينة عمورية، وأخذوا منها أموالاً كثيرة، وأسروا أعددًا من الروم افتُدِيَ بها أسرى المسلمين. وكان من أهداف المعتصم أنْ يستمرَّ في الجهاد حتى يفتح عاصمة الروم القسطنطينية، لكن هذا المشروع لم يُقيَّضْ له أن يُنفَّذْ، بعد أن اكتشف المعتصم مؤامرةً للتخلُّص منه دَبَّرها بعض أقربائه، كما أنَّ فتح القسطنطينية يحتاج إلى قوى بحرية كبيرة لم يكن يملكها ساعتها؛ فتوقَّف المشروع إلى حين. وخلَّد المؤرخون اسم هذا الخليفة المسلم؛ لِما قام به من نجدة المسلمين والدفاع عنهم، كما خلَّده الشعراء، وعلى رأسهم أبو تمام حبيب بن أوس. وكتب أبو تمام قصيدته المشهورة بمناسبة هذا الفتح العظيم لمدينة عمورية وقد كرر إلقاءها ثلاثة أيام أمام المعتصم، وحوله المهنئون وعلية القوم، حتى قال له المعتصم: لِمَ تجلو علينا عجوزك؟ ويجيب أبو تمام: حتى أستوفي مهرها يا أمير المؤمنين، فأمر له بمئة وسبعين ألف درهم، عن كل بيت منها ألف درهم. السيف أصدق أنباءً من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لا سود الصحائف *** في متونهنّ جلاء الشك والريب والعلم في شهب الأرماح لامعة *** بين الخميسين لا في السبعة الشهب أين الرواية أم أين النجوم وما *** صاغوه من زخرف فيها ومن كذب فتح الفتوح تعالى أن يحيط به *** نظم من الشعر أو نثر من الخطب فتحٌ تُفَتَّحُ أبواب السماء له *** وتبرُز الأرض في أثوابها القُشُب يا يوم وقعة عمورية انصرفت *** منك المنى حُفَّلاً معسولة الحلب أبقيتَ جدَّ بني الإسلام في صَعَد *** والمشركين ودار الشرك في صَبَب لقد تركتَ أمير المؤمنين بها *** للنار يوماً ذليل الصخر والخشب غادَرتَ فيها بهيم الليل وهو ضحىً *** يشُلّه وسطها صبحٌ من اللهب حتى كأن جلابيب الدجى رَغِبت *** عن لونها وكأن الشمس لم تَغِب لو يعلم الكفر كم من أعصر كَمَنَت *** له العواقب بين السُّمر والقُضُب تدبير معتصمٍ بالله مُنتقِم *** لله مرتقِبِ في الله مُرتَغِب رمى بك الله برجيها فهدّمها *** ولو رمى بك غيرُ الله لم يُصِب لبَّيت صوتاً زِبطرياً هَرَقَتْ له *** كأس الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُب أجبته معلناً بالسيف منصلتاً *** ولو أجبت بغير السيف لم تُجِب حتى تركتَ عمود الشرك منعفرا *** ولم تُعرّج على الأوتاد والطُّنُب ولّى وقد ألجم الخطِّيُّ منطِقَه *** بسكتة تحتها الأحشاء في صخب والحرب قائمةٌ في مأزقٍ لَجِجٍ *** تجثو القيام به صُغراً على الرُّكَب إلى آخر ما قاله أبو تمام في قصيدته العصماء التي ما أن يقرأها المسلم حتى يشعر بنشوة الأيام الخالدة التي علا فيها راية الإسلام خفاقة فوق هامات الشرك، أما اليوم والأمة تعيش حالة من الذل والهوان والخور، ليتها ترجع إلى تاريخها وتقرأ عندما ارتفعت في تاريخنا الإسلامي أصوات استنجاد، وانطلقت صرخات استغاثة، رفعتها حناجر المظلومين، وأطلقتها أفواه المحرومين، كان الجواب الثابت على كل تلك الصرخات ثابت لم يتغير، وهو المسارعة للإغاثة والمساعدة، ولم يحدث قط أن ماتت في أمتنا روح الحمية، وفضيلة النجدة، حتى في أشد لحظات ضعفها وتمزقها. ولعل أول تلك الأصوات المستغيثة التي صدحت في أذن التاريخ، هو صوت المرأة الأنصارية المسلمة، التي غدر بها يهود، في سوق بني قينقاع فكشفوا بعض عورتها، فصاحت وصرخت واستنجدت، فجاءها الجواب من القائد الأول لهذه الأمة المجاهدة، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وزحف عليه الصلاة والسلام بجنود الحق يدك أوكار اليهود حتى مزقهم كل ممزق. ثم جاءت صرخة الهاشمية الحرة التي غدر بها الروم فأسروها، فصاحت صيحتها التي غدت مثلا "وامعتصماه" فأجابها المعتصم من عراق التاريخ والأمجاد، على ما تم تفصيله في هذه المحاضرة، وجهز جيشاً قاده بنفسه، واقتحم به عمورية، وهي تركيا الحالية، فحرّك الجيش الإسلامي من العراق حتى تركيا، ولم يرجع إلا بالأسيرة المسلمة وهي حرة عزيزة. وأيضاً من هناك، من وراء البحار، من الأندلس الخضراء، صدح صوت امرأة مسلمة، غدر بها الأعداء فأسروها، فصاحت: واغوثاه بك يا حكم، تقصد الحكم الأول بن هشام الأول ملك قرطبة، وانطلق النداء يجلجل في أرجاء الكون، حتى بلغ الحَكم ملك قرطبة، فصاح من فوق عرشه، وتحرك من فوره على رأس جيش يعشق الموت في سبيل الله، حتى دهم العدو في عقر داره، وخلص إلى الأسيرة المسلمة، وقال لها: هل أغاثك الحكم يا أختاه؟ فانكبت الأسيرة تقبل رأسه، وهي تقول: والله لقد شفى الصدور، وأنكى العدو، وأغاث الملهوف، فأغاثه الله، وأعز نصره. ولله در الحجاج بن يوسف الثقفي، يوم بلغه صوت عائلة مسلمة أسرها الديبل في أعماق المحيط الهندي، فصاحت في أسرها: يا حَجاج. وانطلقت الصرخة تهز أوتار الكون، حتى بلغت العراق، بلد النخوة والكرامة والنجدة، فصاح الحجاج بأعلى صوته والتاريخ أذن تسمع، وأرسل جيشاً عظيماً جعل عليه أعظم قواده، محمد بن القاسم، وتحرك الجيش المسلم، يحدوه صوت المرأة المسلمة المظلومة، حتى اقتحم بلاد الديبل، وهي كراتشي حالياً، وقتل ملكها، وعاد بالمرأة المسلمة حرة عزيزة. واليوم ما أكثر أصوات الاستغاثة والاستنجاد، التي تطلقها أفواه المظلومين وترفعها حناجر المسحوقين من أمتنا، ابتداءً من أطفال العراق ونسائه وشيوخه المظلومين، الذين تتفنن قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية الظالمة في تعذيبهم وإذلالهم، وما فضائح سجن أبي غريب عنا ببعيدة! ومروراً بأطفال فلسطين الحبيبة وشيوخها ونسائها، الذين يتفنن اليهود أيضاً في ذبحهم، وتكسير عظامهم، وبقر بطونهم، وتهديم بيوتهم، وتجريف أراضيهم، وها هي مآسي رفح وغزة التي تقشعرّ منها الأبدان مستمرة تحت سمع وبصر أهل النخوة والنجدة - زعموا -. وانتهاءً بمآسي المسلمين في أفغانستان وكشمير والشيشان والبلقان، وغيرها مما يشيب لهولها الولدان. ولا تزال الجرائم مستمرة، ولا تزال طاحونة الموت والدمار تدور رحاها على هذه الأمة، ولا تزال آلاف الحناجر من النساء والأطفال والشيوخ، تستصرخ وتستنجد وتستنصر، أن وا معتصماه ووا إسلاماه. أفلم يعد في الضمير المسلم متسع لنصرة طفل مظلوم؟ أولم تبق في النخوة العربية والإسلامية بقية لإغاثة امرأة ثكلى؟ وهل هانت قيم النخوة والرجولة والمروءة في أمتنا، إلى الحد الذي صار فيه ذبح الأطفال، وبقر بطون الحوامل، وقتل المصلين في المساجد وهم سجود، وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها، أمراً عادياً ومألوفاً؟. إن حال الأمة اليوم يصدق عليها ما وصف به أحد الشعراء المعاصرين بقصيدة كتبها بعد نكبة 48م، والتي قال في مطلعها: أمتي هل لك بين الأمـم *** منبر للسيف أو للقلـم أتلقّــاك وطرفي مطرقٌ *** خجلاً من أمسك المنصرم "ألإسرائيل" تعلو رايةً *** في حمى المهد وظل الحرم كيف أغضيت على الذل ولم *** تنفضي عنك غبار التهم أوَ ما كنت إذا البغْي اعتدى *** موجة من لهب أو من دمِ فيم أقدمتِ؟ وأحجمت؟ ولم *** يشتفِ الثـأرُ ولم تنتقمي اسمعي نوح الحزانى واطربي *** وانظري دمع اليتامى وابسمي واتركي الجرحى تداوي جرحها *** وامنعي عنها كريمَ البلسمِ رُبَّ "وامعتصماه" انطلقت *** ملءَ أفواه الصبايا اليتم لامست أسماعهُم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم لا يُلام الذئب في عدوانه *** إن يكُ الرَّاعي عدو الغنمِ ولكن الأمل كبير بعون الله، فالأمة لم تمت، بالرغم من كل مظاهر الضعف والذلة والغثائية البادية، فإن في بطولات المجاهدين والمقاومين الرائعة، وتضحياتهم المشرّفة، والتفاف الجماهير الإسلامية حولهم، واحتضانها لهم، وتفاعلها معهم، في كل من فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين المظلومة، لخير دليل على ذلك. وسيأتي اليوم لا نشك في أن تنتصر فيه الجماهير المؤمنة من أعدائها وتنتقم من جلاديها { ويســألونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً }. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم... بتصرف بسيط عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#222
|
||||
|
||||
قذيفة واحدة تنقذ قرة عين العالم الإسلامي إسطنبول
قذيفة واحدة تنقذ قرة عين العالم الإسلامي إسطنبول دخل الجيش العثماني في موقعة مضيق الدردنيل المشهور عند الأتراك بمضيق جناق قلعة معركة هي الأشرس من نوعها، لأنها كانت بمثابة نقطة تحول في تأريخ الدولة. قاتل فيها القادة والجنود جنبا الى جنب في خندق واحد بكل ما أوتوا من قوة إيمانية. فالعدو قبل الصديق شهد بأن الجيش العثماني قاتل بروح جهادية ولم ينسلخ هذا الجيش عن الجانب الإنساني طوال المعركة. فهذا احد الكتاب الإنكليز كتب في 18 آذار 1915 عن جهود المدفعية التركية في أكبر معركة بحرية ما يأتي:
إنه لجدير بالإشادة بتلك المواقف الى عرضها الجنود الأتراك أثناء القصف الذي تعرضوا له طوال سبع ساعات. فإن من شاهد المدفعية التركية في منطقة كليتبحر على سواحل جليبولو يقول أن الجندي التركي كان يدافع من منطلق إيمانه بأن أحدا لن يقهره، وأنه كلما ركض الجندي نحو المدفع لإطلاق النار على العدو كان الأئمة يرفعون إيديهم الى السماء وهم يدعون بالنصر. فالظاهر إن هذه المعركة لم تكن معركة طبيعية البتة. فالجندي التركي كان يحارب بروح إيمانية وسط شعوره بأنه يحارب الكفار. ولهذا السبب لم يبال بشظايا القنابل ولا رصاص الرشاشات، وظل يتقدم ويتقدم. فكما أقر هذا الكاتب الإنكليزي فإن الجيش العثماني قاتل في هذه المعركة ومعارك أخرى مليئة بها صفحات التأريخ بروح جهادية عالية وإذا حاولنا أن نلقي نظرة الى النقطة الحاسمة في المعركة الجهادية التي وقعت عند مضيق جناق قلعة، فإننا لن نجد تفسيرا ماديا لما جرى في ذلك الوقت، لأن قوانين الطبيعة عطلّت، وحلت محلها القدرة الإلهية... والتفسير الوحيد لما جرى هو تجلي نصرة الله لا أكثر. والمسألة هي ما قام به العريف سيّد من عمل بطولي أقل ما يقال فيه أنه أنقذ الإسلام في تركيا، ومنع تدنيس مقدسات المسلمين. والموقف كما يأتي: الساعة تشير الى الخامسة مساء من يوم 18 آذار 1915... والمعركة البحرية في أوج اشتدادها.. وبفضل تلك القذائف التي تطلقها المدفعية التركية ، وبفضل الألغام التي زرعها نصرت وهو أحد المتخصصين في هذا المجال، فقد تم إغراق السفينة Bouvet"، بينما أصيبت السفينتان Inflexible وIrresistible وانقلبتا في عرض البحر. وظهر في صفوف العدو حالة من الإرباك والتوتر. ومرت من جانب السفينة المنقلبة Inflexible سفينةOcean وهي تتقدم كالحصان الجامح، تطلق قذائف مدفعيتها ورصاص رشاشتها يمنة ويسرة دونما تمييز... ولف غبار كبير حيثما سقطت هذه القذائف.. إذ سقطت أغلبيتها على تلال منطقتي روملي الحميدية و روملي المجيدية... في هذه الأثناء وقعت قذيفة كبيرة على تلة (روملي المجيدية)، أطلقتها السفينةOcean أصابت مستودع الذخيرة الموجود في المنطقة فأحدثت انفجارا هائلا، اختلطت معه أشلاء الشهداء مع الأحجار والشظايا والمتطايرة... ومن بين الركام نهض العريف سيّد بن محمد أحد المدفعيين وهو من سكنة قرية حوران - جامليك (المشهورة اليوم بـ( قرية قوجا سيّد) التابعة لمدينة باليق أسير ونفض التراب الذي غطى بدنه كله.. لقد نجا باعجوبة، والأعجب إنه لم يصب أيضا... نظر يمنة ويسرة، فوجد صديقه (علي) بالقرب منه.. وهو الآخر كان حيا، فسأله: -أين البقية؟ -فأجاب: لقد نالوا مراتبهم... لقد استشهدوا جميعا... لم يبق أحد إلا أنا وأنت... نهض العريف سيّد وألقى نظرة على مياه المضيق، فأندهش لما رأى... وأخذته الغيرة على دينه ووطنه... سفينة العدو Ocean " تتقدم في المضيق مطلقا القذائف على المواقع الموجودة على ضفتيه!!!. وبسرعة ألقى نظرة على المدافع الموجودة حوله، فوجد مدفعا صالحا، أما ما عداه فقد لحقه الدمار والتخريب نتيجة القصف... لكنه وجد الرافعة التي كانت تستخدم في حمل القذيفة لوضعها داخل المدفع قد تقطعت قطعا قطعا...عليه أن يفعل شيئا!! لأن السفينة تتقدم...كانت هناك أربع قذائف مرمية على الأرض بالقرب من المدفع... ولم يجد أكثر من هذا العدد... ولإطلاق القذيفة لابد أولا من وضع القذيفة داخل المدفع... وهو الأمر الذي يتطلب صعود عدد من الأدراج لسلم مصنوع لهذا الغرض. إتخذ سيّد قرار سريعا، وقال لصاحبه: -تعال يا علي! ساعدني لأضع هذه القذيفة على ظهري...نظر إليه صاحبه بتعجب وقال له: يا سيّد كل قذيفة تزن 215 أوقية ـ أي حوالي 275 كغم ـ وإنك لن تستطيع حملها. -فقال سيّد: دعني أجرب. وفعلا نجح سيّد في حمل القذيفة على ظهره، ولكنه في الوقت نفسه كان يحس أن عظامه تكاد تتهمش، وكأن البرق يخطف بصره... وكاد شرايين عنقه أن تتفجر... مع هذا بدأ رويدا رويدا بصعود السلم درجا درجا... وبمعاونة صاحبه إستطاع إدخال القذيفة الى المدفع... وبعدما حدد الموقع والمسافة، أطلق القذيفة وهو يذكر إسم الله... فأصابت السفينة من جهة المحرك، ففقد قائدها السيطرة عليها. وبدأت تتخبط في مياه المضيق.. جاء حلمي بك آمر الوحدة المدفعية مهرولا من الخطوط الخلفية ومعه ضابطان ألمانيين، ونظر الى سيّد نظرة إعجاب وقال له: -هل أنت الذي أطلق القذيفة؟ لقد أصبتها...وفي هذه الأثناء وقع انفجار ضخم في المضيق كاد أن يصم الآذان!!! وعندما استطلع الأمر وجد أن السفينة التي أصابها سيّد قد اصطدمت بأحد الألغام التي زرعها نصرت في المضيق... نعم اصطدمت باللغم نتيجة فقدانها السيطرة... وقد بدأت بالغرق بسرعة... علت أصوات التكبير من الخنادق ونقاط المراقبة... وبدأ الأفراد يحتضنون بعضهم البعض قادة ومراتب وأعينهم تفيض دمعا... إنها دموع الفرح... ولم تكن قذيفة سيّد لتغرق المجنونةOceanفحسب، بل إن هذه القذيفة غيّرت مجرى الحرب برمتها وفي صباح اليوم التالي، وبينما قائد الاستطلاع جودت بك يتجول في المواقع، سمع ببطولة سيّد، وعندما التقى به سأله: -يا ولدي كيف حملت القذيفة؟ وهل تستطيع أن ترينا ذلك؟ كان سيّد محرجا مما سمعه من وصف له بالبطولة، وقال: كان ذلك بمساعدة الله جل جلاله... وأراد أن يكرر العملية مرة أخرى بناء على طلب قائد الإستطلاع فتوجه الى إحدى القذائف من النوع نفسه.. وذكر اسم الله، ووضع يديه على القذيفة... ولكنه لم يستطع حتى تحريكها من مكانها ناهيك من رفعها!!!... ما يعني أنه فعلا قد تجلت نصرة الله تعالى في تلك اللحظة الحرجة من تأريخ الأمة الإسلامية...ومن أجل توثيق هذا الموقف يتم صنع قذيفة خشبية ويضعها العريف سيّد على ظهره كما حمل الحقيقية منها ويتم التقاط صورة تذكارية له بهذا المنظر... وتداولت وسائل الإعلام العالمية هذه الصورة... ولكن أيا من هذه الوسائل لم تذكر أنه لولا العريف سيّد بن محمد لسقطت قرة عين العالم الإسلامي إسطنبول، وأن يد الأجنبي النجسة كانت ستدنس راية المسلمين في عقر دارهم. عن موقع جريدة البصائر العراقية
|
#223
|
||||
|
||||
معركة جاليبولي
معركة جاليبولي معركة جاليبولي (بالإنجليزية: Battle of Gallipoli) هي معركة دارت في شبه الجزيرة التركية عام 1915 م خلال الحرب العالمية الأولى حيث قامت قوات البريطانية والفرنسية مشتركة بمحاولة احتلال العاصمة العثمانية إسطنبول، لكن المحاولة باءت بالفشل وقتل ماقُدّر عدده بحوالي 55 الف جندي من قوات التحالف (بريطانيا، أستراليا, نيوزيلندا, فرنسا) وحوالي 90 الف جندي عثماني ومئات الآلاف من الجرحى من الطرفين.
تُعرف هذه المعركة في تركيا باسم معركة شنق قلعة سافاشلاري (بالتركية: Çanakkale Savaşı) كونها وقعت في منطقة شنق قلعة. وفي بريطانيا، تسمى بمعركة مضيق الدردنيل. كانت المعركه تهدف إلى غزو إسطنبول عاصمة تركياومن ثم الدخول إلى الجزء الشمالي الشرقي من تركيا لمساندة روسيا ضد القوات الألمانيه, حيث طلبت روسيا من فرنسا وبريطانيا مساعدتها ضد القوات الالمانيه في الجانب الشرقي بعد أن تكبدت القوات الروسيه خسائر كبيره امام الالمان. وقد أشرف القائد مصطفى كمال أتاتورك على هذه المعركه من الجانب العثماني, وتعد معركة جاليبولي نقطه سوداء بالتاريخ العسكري البريطاني بعد هزيمتهم بها امام القوات العثمانيه. اسباب الحملة كان موقف روسيا في بدايات الحرب حرجا للغاية بعد الهزائم المنكرة التي أنزلتها بها القوات الألمانية، وأرادت بريطانيا أن تفتح الطريق أمام الأساطيل البريطانية والفرنسية إلى البحر الأسود، وكانت منطقة المضايق هي التي تفصل بريطانيا وفرنسا عن روسيا وتحول دون إمدادها بالذخائر والأسلحة التي كانت في أشد الحاجة إليها بعد أن استنفدت احتياطيها من الذخائر، وانعدمت قدرة مصانعها على تلبية أكثر من ثلث حاجتها من الذخائر. وكانت بريطانيا غير راغبة في خروج روسيا من الحرب وتخشى ذلك، ولم يكن أمامها هي وحلفائها سوى بسط السيطرة العسكرية على منطقة المضايق، ضمانا لإرسال الذخائر والأسلحة إلى روسيا وحثها على مواصلة الحرب. وفي الوقت نفسه كان الاستيلاء على المضايق يشد من أزر القوات الروسية ويرفع من معنوياتها التي انهارت أمام شجاعة القوات الألمانية وانتصاراتها المتتالية. وفوق ذلك وعدت بريطانيا روسيا في حالة سيطرتها على منطقة المضايق بأنها ستهدي إليها مدينة إستانبول؛ لحثها على الثبات والصمود، ولم تكن هناك هدية أعظم من أن تكون المدينة التاريخية تخت عرش الامبراطورية الروسية وهو الذي دام عقودا طويلة يحلم بمدينة إسطنبول. ويضاف إلى هذه الاعتبارات أن نجاح حملة الدردنيل يجعل في متناول بريطانيا وحلفائها المحاصيل الوافرة من القمح التي تنتجها أقاليم روسيا الجنوبية، وأن رُسُو الأسطول البريطاني أمام إستانبول يشطر الجيش العثماني شطرين، ويفتح الطريق إلى نهر الدانوب. التحضير الهجمات البحرية وفي (ذي الحجة 1332 هـ=نوفمبر 1914م) اقترب الأسطول البريطاني من مياه الدردنيل وهو يمني نفسه بانتصار حاسم وسريع، والمعروف أن مضيق الدردنيل هو أول ما تقابله السفن القادمة من البحر المتوسط والمتجهة نحو البحر الأسود، وخلال ذلك تمر بالدردنيل ثم بحر مرمرة ثم البوسفور ثم مدخل البحر الأسود. وقبل أن تتوغل بعض السفن البريطانية في مياه مضيق الدردنيل، ألقت بعض المدمرات قنابلها على الاستحكامات العسكرية العثمانية، ولم تتحرك هذه القوات للرد على هذا الهجوم ووقفت دون مقاومة، الأمر الذي بث الثقة في رجال الأسطول البريطاني، وأيقنوا بضعف القوات العثمانية وعجزها عن التصدي لهم، وتهيئوا لاستكمال حملتهم البحرية. وبعد مضي شهرين أو أكثر من هذه العملية توجهت قطع عظيمة من الأسطول البريطاني إلى الدردنيل، وهي لا تشك لحظة في سهولة مهمتها، واستأنفت ضرب الاستحكامات العسكرية الأمامية مرة أخرى، ثم اقتحم الأسطول البريطاني المضيق في جسارة، وكم كانت المفاجأة مروعة له، حين اصطدم بحقل خفي من الألغام في مياه الدردنيل، وأصيب بأضرار بالغة بسبب ذلك، وكان لهذا الإخفاق دوي هائل وصدى واسع في جميع أنحاء العالم. الهجمات البرية لم تسكت بريطانيا وحلفاؤها على هذا النصر العثماني الذي قام على استدراج وحدات الأسطول البريطاني إلى مياه المضيق واصطيادها بسهولة وسط حقل الألغام البحرية، فرأت تعزيز الهجوم البحري على الدردنيل بهجوم بري، على أن يكون دور القوات البرية هو الدور الأساسي، في حين يقتصر دور القوات البحرية على إمداد القوات البرية بما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومواد تموينية، ومساعدتها على النزول إلى البر، وحماية المواقع البرية التي تنزل بها. وكانت القوات البريطانية البرية تتألف في معظمها من جنود أستراليين ونيوزلنديين، وهم معروفون بالبأس الشديد في القتال، ويقود هذه القوات سير إيان هاملتون، وكانت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال جورو تعزز البريطانيين. بدأت هذه القوات تصل إلى بعض المناطق في شبه جزيرة غاليبولي في شهر (جمادى الآخرة 1333هـ = أبريل 1915م)، حتى إذا اكتمل عددها بدأت هجومها على منطقة المضايق، ونزلت بعض قواتها في بعض المناطق، لكن خانها التوفيق في اختيار الأماكن الصالحة، إذ نزلت في أراض تنحدر تدريجيا نحو ساحل البحر، واشتركت في الإنزال كتيبة يهودية وأخرى يونانية. وقد انتهز الأتراك العثمانيون هذه الفرصة واصطادوا القوات البريطانية والفرنسية المهاجمة، وكانوا قد أكملوا استعدادهم لمواجهة هذا النزول المتوقع، وأظهروا بسالة فائقة وشجاعة نادرة أعادت إلى الأذهان أمجاد العسكرية العثمانية. وبينما كان القتال يدور في ضراوة بالغة أحرز الجنود المهاجمون نصرا على الأتراك (في 25 من رمضان 1333 هـ = 6 من أغسطس 1915م) بعد أن وصلت إليهم إمدادات كثيرة، ونجحوا في أخذ الأتراك على غرة، غير أن قائد القوات المهاجمة لم يستثمر هذا النصر الخاطف بأن يبدأ في التوغل نحو شبه جزيرة غاليبولي، وظل متباطئا دون تطوير هجومه، الأمر الذي جعل القوات العثمانية تنجح في صد المهاجمين، واسترداد ما تحت أيديهم وتكبيلهم خسائر فادحة بعدما وصلتهم إمدادات سريعة. الانعكاسات السياسية وقد أدى هذا النصر العثماني إلى إنقاذ إستانبول عاصمة الخلافة من السقوط في أيدي قوات الاحتلال الأجنبي، وفي الوقت نفسه جعل القوات البريطانية والفرنسية تفكر في الانسحاب من شبه جزيرة غاليبولي بعد أن فقدت الأمل في الاستيلاء على منطقة المضايق، وبدأت بالفعل الانسحاب في (10 من صفر 1334 هـ = 18 من ديسمبر 1915م) بعد أن كلفت الحملة بريطانيا وحليفاتها مائة وعشرين ألفا من القتلى والجرحى، وأخفقت في تحقيق هدفها الرئيسي وهو الاستيلاء على المضايق، وكان الفشل مزدوجا في البر والبحر. عن موسوعة ويكيبديا
|
#224
|
||||
|
||||
خدعة غيرت مجرى الحرب/وفيق السامرائي
خدعة غيرت مجرى الحرب وفيق السامرائي بعد خمسة أيام، سيمر ربع قرن على بدء العمليات الهجومية الاستراتيجية العراقية على طول جبهة الحرب مع إيران، البالغة أكثر من ألف كيلومتر. حيث بدأت العمليات بهجوم سريع شن بتشكيلات النخبة المتكونة من قوات الحرس ومساندة القوة الجوية وقوات برية أخرى، لاستعادة منطقة الفاو بالغة الأهمية، التي تسبب احتلالها من قبل قوات الحرس الثوري في حدوث خلل معنوي وسياسي على مستوى الإقليم والعالم. إلا أن ذلك الاحتلال لم يربك الخطط العسكرية العراقية، بعدما اقتنع الرئيس العراقي صدام حسين بضرورة إيقاف الهجمات المقابلة الفورية التي بنيت وفق نظريات رد الفعل، وكان للاستخبارات دور كبير في الإقناع.
معركة احتلال الفاو كانت واحدة من المعارك الدموية، ففي فترة الهجمات المقابلة التي امتدت لأسابيع، كانت القوات العراقية تتكبد يوميا نحو 1700 شخص بين قتيل وجريح، وشجع الخلل العراقي في معركة الفاو القيادة الإيرانية على شن هجمات متعاقبة في مناطق العمليات الشمالية والوسطى والجنوبية، لغرض استنزاف القوات العراقية، ومحاولة إحداث اختراقات مهمة. وبعد أن فشلت في الاقتراب من البصرة الهدف الاستراتيجي الخطير، شنت هجوما شديدا ومتواصلا في منطقة العمليات الشمالية شرق السليمانية، مما اضطر القوات العراقية إلى دفع المزيد من التشكيلات القتالية، التي كانت مجهزة كقوة ضربة، لمحاولة صد التهديد الإيراني. وتحولت المعارك إلى استنزاف شديد. وفي ظروف بالغة التعقيد، زودت المخابرات الأميركية الاستخبارات العسكرية العراقية برسالة معلومات قصيرة، تشير إلى رصد قيام قوات الحرس الثوري بنقل بعض وحدات المدفعية من منطقة الفاو غرب شط العرب إلى الضفة الشرقية، وهي في طريقها على ما يبدو إلى منطقة أخرى. وهنا قامت الاستخبارات العراقية بمقارنة هذه المعلومات مع ما لديها، وأحالتها برسالة حاسمة إلى القائد العام للقوات المسلحة، مفادها أن القوات الإيرانية بدأت بترقيق انتشارها في منطقة الفاو لتعزيز تشكيلاتها في المنطقة الشمالية، وقد حان وقت وقف الهجمات المقابلة شمالا، والعمل على استعادة الفاو. ولم تكن الرسالة بعيدة عن تحمل مسؤولية خطيرة، لأنها اعتمدت على التحليل أكثر من المعلومات المؤكدة. ولا مفر من الإقرار بأن الرئيس العراقي لم يتردد في اتخاذ القرار الصحيح في هذا الموقف، وأمر بوقف الهجمات المقابلة شمالا، والتحضير لعمليات هجومية واسعة لاستعادة الفاو، على أن تقوم الاستخبارات العسكرية بإعداد خطط مخادعة تستهدف خدع الإيرانيين والأصدقاء الأميركيين معا. ولم تكن المهمة سهلة، فالفشل سيجعل العراق غير قادر على الدفاع الاستراتيجي، فيما يتطلب النجاح مباغتة شاملة، وحشد قوة تقليدية في أرض مكشوفة تماما أمام المراصد الإيرانية، فضلا عن تطلب مرور آلاف الدبابات وناقلات الأشخاص المدرعة والمدفعية وعشرات آلاف الجنود على طريق واحد في منطقة البصرة. ومن هنا بدأت المهمة الشاقة. كانت الاستخبارات العراقية قد اكتشفت تمكن الإيرانيين من اختراق جهاز لاسلكي بعيد المدى في المنطقة الوسطى، يعود للقوة الجوية، والتقاط كل الرسائل المتداولة بواسطته. فاقترحت على الرئيس الموافقة على أن تتولى الإشراف المباشر على الجهاز، ومواصلة ضخ معلومات صحيحة، وأخرى مضللة، عبر هذا الجهاز. وتولى مسؤول ملف إيران هذه المهمة شخصيا، وتم بذل جهود كبيرة، ليس للمحافظة على ثقة الإيرانيين بهذا الجهاز فحسب، بل لزيادة الاهتمام به. ولولا المتغيرات الكبرى في المنطقة لاستحقت هذه المحطة التخليد. وضعت الاستخبارات العراقية خطة مخادعة طويلة ودقيقة في الجوانب التكتيكية والاستراتيجية، وكان الجهاز اللاسلكي أهم وسائل تمرير مواد المخادعة إلى القيادة الإيرانية مباشرة وبسرعة، ومن أروع ما يمكن تسجيله هو أن الاختراقات العراقية في مفاصل أخرى كانت تتابع اهتمام القيادات الإيرانية بالمعلومات والرسائل والمحادثات، التي تجري من خلال هذا الجهاز. وكانت تتأكد دقيقة بعد دقيقة من سلامة الإجراءات وأمن الخطط والعمليات. أما الفكرة العامة فصممت على أساس أن القيادة العراقية مصممة على سحق الهجوم في المنطقة الشمالية، وسحب التشكيلات المتضررة وإرسالها إلى منطقة الفاو، لتحرير تشكيلات منتعشة لإرسالها إلى الشمال، وهو ما دفع القوات الإيرانية إلى نقل المزيد من قوات الفاو إلى الشمال. ومع ساعات الهجوم الأولى، حققت قوات الحرس الجمهوري تقدما سريعا جدا، وفرضت تفوقا ساحقا، أدى إلى استعادة الفاو، والإخلال بالتوازن الاستراتيجي للقوات الإيرانية على طول الجبهة، فاضطرت القيادة الإيرانية إلى القبول بوقف إطلاق النار. عن الشرق الأوسط
|
#225
|
|||
|
|||
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووور
|
#226
|
||||
|
||||
معركة أليس 'نهر الدم'/شريف عبد العزيز
معركة أليس 'نهر الدم' شريف عبد العزيز التاريخ / 25 صفر ـ 12 هجرية . المكان / قرية بالشاطئ الغربي للفرات ـ العراق . الموضوع / المسلمون بقيادة 'خالد بن الوليد' ينتصرون على التحالف المجوسي الصليبي. هذه المعركة رسالة شديدة الوضوح، ظاهرة الدلالة لهؤلاء الحمقى والمغفلين الذين يتحدثون عن الوثن الكبير المسمى 'بالقومية العربية' إلى هؤلاء الأشقياء الذين يقولون :'إن الدين يفرقنا، والعروبة تجمعنا' والذين جعلوا القومية العربية بديلاً عن عقيدة الولاء والبراء الناصعة، التي تجمع تحت لوائها كل مسلم في شتى بقاع الأرض، وإن نأت دياره، واستعجم لسانه، وتطرد عنها غير المسلم وإن كان من ذوى الأرحام، أو من أقرب الجيران، هذه المعركة تظهر المشاعر الحقيقية لغير المسلمين تجاه المسلمين، وإن كانوا من بنى جلدتهم، ويتحدثون بلسانهم، ولا عزاء للقوميين العرب في كل مكان وزمان . التحالف المجوسي الصليبي : بعد الانتصار الباهر الذي حققه المسلمون على 'الفرس' في معركة 'ذات السلاسل' و'المذار'، وسقوط مدينة 'الأبلة' منفذ 'الفرس' الوحيد على الخليج العربي أمرت القيادة العليا لفارس بإعداد جيشين من أقوى الجيوش الفارسية يقودهما أمهر القادة 'الفرس' وهما [1] 'الأندر زغر' [2] 'بهمن جاذوية'، وأمرهما كسرى بالتوجه سريعاً إلى منطقة 'الولجة' للوقوف في طريق 'خالد بن الوليد'، حتى لا يستولي على 'الحيرة' عاصمة العراق العربية، وانضمت قبائل 'بكر بن وائل' العربية وأغلبها نصارى إلى الجيش الفارسي، وانضم نصارى 'الحيرة' ونصارى 'تغلب' للجيش الفارسي . استطاعت الاستخبارات العسكرية أن تنقل الأخبار للقائد 'خالد بن الوليد' عن حقيقة المخطط الفارسي الذي يقوم على فكرة الكماشة، وتلك المعلومات جعلت 'خالد' يعيد ترتيب أوراقه ، ويغير خطط السير، حيث سلك طرقاً مختلفة، ويعكس اتجاه السير عدة مرات، حتى لا يتضح اتجاه سيره، ثم اتجه إلى الجنوب، ووضع الحاميات القوية في المناطق المفتوحة، وأمرهم أن يقوموا بحماية ظهره من العدوان . الغلطة العسكرية : كانت الخطة التي رسمها كسرى لجيوشه تقتضي أن يتبع 'بهمن' الطريق الذي يسير فيه 'الأندر زغر'، والاتحاد عند الاصطدام مع المسلمين، وبقدر الله عز وجل يرتكب القائد 'بهمن' غلطة عسكرية شنيعة، حيث يخالف الأوامر، ويسلك طريقاً مخالفاً للخطة، على أمل أن يوقع المسلمين في الكماشة، ولكن 'خالداً' بذكائه العسكري الفذ استطاع أن يفلت من هذه المصيدة، ويسلك طريقاً طويلاً، ولكنه خال من الكمائن الفارسية، في حين أن 'بهمن جاذوية' بمحاولته هذه قد سار في طريق بعيد عن 'الولجة'، مما سهل 'لخالد' مهمته في الانفراد بجيش 'الأندر زغر' . كان جيش 'الأندر زغر' عظيم التسليح، ضخم الحجم، يوجد به معظم نصارى العراق، وقد دفعه غروره وضخامة جيشه إلى التفكير في محاولة استرجاع المناطق المفتوحة من قبل المسلمين، ووصلت هذه الأخبار للقائد الفطن 'خالد بن الوليد' عبر سلاح الاستخبارات الإسلامية . **[وهذا يوضح أهمية الحذر، والأخذ بالأسباب، والفطنة الدائمة لقادة المسلمين في تعاملهم مع عدوهم، ليس حال الحرب فقط ولكن حال السلم أيضاً، عملاً بقوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا (71)}(النساء).] قام 'خالد' بتعبئة جيوشه، ونصب كمينين خلفه من ناحية اليمين واليسار وطلب منهما ألا يدخلا في القتال إلا قبل النهاية بقليل، وعندما تظهر بوادر الضعف على 'الفرس'، واستطاع 'خالد' بخطته العسكرية العبقرية أن ينفرد بجيش 'الأندر زغر'، ويصطدم معه في 22 صفر سنة 12 هجرية، وثبت 'الفرس' ثباتاً هائلاً أمام الصدمة الإسلامية، حتى خشي المسلمون من الهزيمة، وفى اللحظة الحاسمة ينقض الكمين الإسلامي من ناحية اليمين ثم الشمال، ويقع 'الفرس' بين فكي الأسد، ويفر الكثيرون من أرض المعركة هائمين على وجوههم في الصحراء، وعلى رأسهم القائد 'الأندر زغر' الذي مات عطشاً في الصحراء، وقتل كثير من النصارى في هذا الصدام: منهم ابني أكبر زعماء النصارى العرب 'جابر بن بجير' و'عبد الأسود' . الحقد الصليبي : كانت الصدمة والصفعة الشديدة التي نالها النصارى من المسلمين في القتال السابق قاسية، لدرجة أن صوابهم قد طاش، من كثرة ما فقدوه من القتلى، من خيرة شبابهم، فاشتعلت قلوبهم حقداً وغلاً على المسلمين رغم رابطة العروبة والجوار، إلا أنهم فضلوا الانضواء تحت لواء 'الفرس' الذين كانوا يحتقرون العرب جداً، ورغم ذلك فضلوا الانضمام إليهم لا لشيء إلا لعداوتهم للإسلام، وقرر زعماء نصارى العراق التجمع بأعداد كبيرة واستغاثوا بكسرى، وطلبوا منه الإمدادات، فانتعشت آمال كسرى وفرح بكتاب نصارى 'أليس' له، وكتب لقائده 'بهمن جاذوية'،[ وقد بقى بالمنطقة مرابطاً بجيشه بعد غلطته الفظيعة، والتي أتت على جيش 'الأندر زغر'] للانضمام إلى نصارى العراق في حربهم ضد المسلمين، ثم عاد كسرى وطلب من 'بهمن جاذوية' أن يعود سريعاً إلى 'المدائن'، لوجود اضطرابات داخلية بها، وعين مكانه في قيادة الجيش القائد 'جابان'، وكان رجلاً محنكاً، ولكنه ضعيف الشخصية . عاقبة الغرور : كانت الإمدادات الفارسية أقرب إلى منطقة تجمع الجيش الصليبي 'بأليس' من جيوش المسلمين، فوصلت قبلها، ورتب 'جابان' جيوشه ترتيباً جيداً، واستعد للقتال، وكان الجيش 'المجو صليبي' كبير العدد جداً، حيث بلغ عدد مقاتليه مائة وخمسين ألفاً، مما جعل الغرور يملأ القلوب والنفوس، وكذا جعل الثقة بحتمية النصر أكيدة، ووصل المسلمون بجيشهم الذي لا يتجاوز الثمانية عشر ألفاً، وصادف قدوم المسلمين وجود الجيوش 'المجوصليبية' على موائد الطعام في وقت الغداء، وفى الحال أمرهم القائد العام 'جابان' بترك الطعام والتهيؤ للقتال ضد المسلمين، ولكن الغرور والكبر منعهم من الاستماع لصوت العقل وظنوا أنهم لا يغلبون، فخالفوا أمر قائدهم العام، واستمروا في تناول الطعام، ثم عاد 'جابان' وأمرهم بوضع السم في الطعام، فإن دارت الدائرة عليهم، وغنم المسلمون الطعام وأكلوه ماتوا من السم، وهو رأى لا يصدر إلا من رجل داهية حقاً، ولكنهم أيضاً خالفوه وتكبروا، وسول لهم الشيطان سوء أعمالهم، وبخلوا حتى بطعامهم ! نهر الدم أدرك 'خالد' وجنوده أن عدوهم مغرور متكبر، فأصدر 'خالد' أوامره المباشرة بالهجوم فوراً وبكل القوة والثقل على هؤلاء المغترين، وبالفعل هجم المسلمون عليهم، وهم مازالوا على موائدهم الأخيرة، وبدأ القتال الذي ينتقل من طور إلى آخر أشد منه، لقوة وشراسة الحقد الصليبي على المسلمين، وأيضاً صبر 'الفرس' في القتال، وعلى أمل أن يصل القائد 'بهمن جاذوية' بالإمدادات من المدائن، ولقي المسلمون مقاومة عنيفة جداً من التحالف 'المجوصليبي' وعندها دعا القائد 'خالد بن الوليد' ربه، ونذر فقال : 'اللهم إن لك على إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقى منهم أحداً قدرنا عليه، حتى أجرى نهرهم بدمائهم' . حمى المسلمون بعد ذلك النذر في القتال، وازدادت قوتهم – خاصة مسلمي قبيلة 'بكر بن وائل' – حيث كانوا أشد الناس على نصارى قبيلتهم . **[مما يبين حقيقة فهم المسلمين الأوائل لعقيدة الولاء والبراء، حيث تنقطع كل الروابط من رحم، وقرابة، ومصاهرة، وجوار أمام رابطة الإسلام وحبل العقيدة، كما قال الحق في محكم التنزيل: { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}(المجادلة). لم يطل الأمر كثيراً حتى انتصر المسلمون انتصاراً باهراً، وأمر 'خالد' بإمساك الأسرى، وأخذهم جميعاً عند نهر 'أليس'، وسد عنه الماء، ومكث يوماً وليلة يضرب أعناقهم، حتى يجرى النهر بدمائهم وفاءً بنذره لله عز وجل، ومع ذلك لم يجر النهر بدمائهم، فقال له 'القعقاع بن عمرو': 'لو أنك قتلت أهل الأرض جميعاً لم تجر دماؤهم- ذلك لأن الدم سريع التجلط كما هو معروف طبياً- فأرسل الماء على الدماء، يجرى النهر بدمائهم' ففعل 'خالد' ذلك فسمى النهر من يومها 'نهر الدم' وقتل يومها أكثر من سبعين ألفاً من جنود التحالف 'المجوصليبي' . **[وليس في ذلك قسوة ولا دموية كما قد يظن البعض، لأن هؤلاء كانوا من مجرمي الحرب، وليس لهم أن يدخلوا الحرب أصلاً ضد المسلمين، فهي ليست حربهم، ولا هم طرف فيها، وهم الذين بدأوا المسلمين بالعداوة، واتحدوا مع عباد النار من أجل إفناء المسلمين، ومن يقع من المسلمين بأيديهم كانوا يمثلون بجثته، ويقتلونه شر قتلة، فهؤلاء وأمثالهم ممن تمتلئ قلوبهم بكره وبغض المسلمين ينطبق عليهم قول الله عز وجل : { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ...(4)}(محمد) ، وقوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)(التوبة) عندما وصلت الأخبار بالنصر للخليفة 'أبى بكر الصديق' قال كلمته الشهيرة :[يا معشر 'قريش' عدا أسدكم- يعنى 'خالداً'- على الأسد- يعنى كسرى- فغلبه على خراذيله- أى على فريسته- عجزت النساء أن ينشئن مثل 'خالد' ] . عن موقع مفكرة الإسلام المصادر تاريخ الرسل والملوك تاريخ الخلفاء فتوح البلدان المنتظم محاضرات في الأمم الإسلامية الكامل في التاريخ البداية والنهاية موسوعة التاريخ الإسلامي التاريخ الإسلامي الخلفاء الراشدين
|
#227
|
||||
|
||||
معركة المذار/د.أبو بكر الشامي
معركة المذار* المذار .. موقع على الشاطئ الشرقي لدجلة ، في مكان تلتقي فيه الأنهار ، وتتشعب منه الطرق إلى الأهواز والجبل وفارس والسواد ، ويقع على مسافة أربعة أيام من البصرة ، حوالي175 كم إلى الشمال من الأُبُلّة ، بالقرب من واسط عاصمة ميسان اليوم … وحدثت موقعة المذار بعد موقعة ذات السلاسل ، في اوائل صفر (12 هجري ) الموافق لشهر نيسان (633م) . حيث وصلت أخبار هزيمة هرمز إلى المدائن ، فأرسل الفرس مدداً يرأسه ( قارن بن قريانس ) وتوجّه هذا الأخير باتجاه الجنوب حتى بلغ المذار فعسكر فيها وعبّأ قواته … أما خالد ( رض ) فكانت عيونه الساهرة تأتيه بأخبار تحركات العجم أولاً بأول ، فلما علم بتجمع الفرس في المذار بادر بتوزيع غنائم النصر على المجاهدين لرفع معنوياتهم ، كما أرسل بشائر النصر إلى المدينة المنورة ، ثم تحرك من فوره على تعبئة تامة لسحق تجمع الفرس في المذار قبل اكتماله ، وجعل على مقدّمته البطل العربي الإسلامي المعروف ، المثنى بن حارثة الشيباني ، الذي كان مع قبيلته بني شيبان من أكثر العرب خبرة بالفرس وجرأة عليهم . والتقى الجمعان ، وكالعادة فقد خرج قائد الفرس ( قارن ) يبحث عن كرامته المفقودة طالباً المبارزة ، وكالعادة أيضاً ، فقد كان العملاق خالد ( رض ) له بالمرصاد ، إلا أن أحد كماة العرب واسمه معقل بن الأعشى بن النبّاش ويكنّى ( بأبيض الركبان ) سبق خالداً إليه فقتله ، ثم تزاحف الفريقان ودارت رحى معركة رهيبة أبلى فيها صناديد العرب والإسلام أعظم البلاء ..!!! وفي المواطن الصعبة تلمع معادن الرجال … ولله درّهم من أبطال شجعان ..!!!! فأما البطل العملاق عاصم بن عمرو التميمي ، أخو القعقاع بن عمرو التميمي ، وقائد ميمنة المسلمين ، فقد شكّل مجموعة استشهاديّة قادها بنفسه ، ولم يزل يضغط على من قبالته من ميسرة العجم حتى خلُص إلى قائدها ( أنو شجان ) فقتله . وكذلك فعل عديّ بن حاتم الطائي ، قائد ميسرة المسلمين ، فلم يزل يضغط حتى دحر ميمنة العجم ، وخلص إلى قائدها ( قُباذ ) فقتله ، وضغط بقية المسلمين على العجم وتطايرت الرؤوس ، حتى كست الدماءُ الأرضَ ، فكانت مذبحة عظيمة في صفوف العجم ، حيث قتل منهم ثلاثون ألفاً ..!!! ( الطبري /4/7) . وانهارت معنويات الفرس ، فولّوا الأدبار لا يلوون على شيء ، ولولا المياه التي منعت المسلمين من تعقّبهم لما نجا منهم أحد .!!! * مقتطعة من موضوع دروس في فقه الجهاد والقيادة الراشدة للدكتور أبو بكر الشامي عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#228
|
||||
|
||||
معركة الولجة/د.أبو بكر الشامي
معركة الولجة* بلغت أخبار هزيمة الفرس في معركة المذار إلى المدائن ، فأرسل ملكها ( أردشير ) على عجل جيشاً يقوده ( أندَرْزَغرْ ) ، ثم أتبعه بجيش ثانٍ يقوده ( بهمن جاذويه ) وأمرهما أن يطبقا على جيش المسلمين المتوغّل في سواد العراق بفكّي كماشة ، كان ذلك في أواخر صفر ( 12 هجري ) الموافق لبداية أيار (633 م ).. انتهت هذه الأخبار إلى خالد ( رض ) وهو ما زال بالمذار ، فقدّر الموقف تقديراً صحيحاً وآثر أن ينسحب إلى الجنوب لكي يفلت من الكمّاشة ، ولم يكن خالد ( رض ) ممن ينتشي بالنصر فينسيه الحقائق العسكرية في أرض الميدان وما يجب عليه فعله لمواجهتها ، كما أن خطة العرب في جميع فتوحاتهم لم تكن لتركّز على الاحتفاظ بالأرض كما ذكرنا ، بل كانوا يركزون على سحق معنويات الخصوم وقوّاتهم المحاربة ، ثم تكون الأرض لمن غلب .! علم خالد ( رض ) بوصول ( أندرزغر ) إلى منطقة الولجة ، فقرر مهاجمته قبل اكتمال قواته ، وقبل أن ينضمّ إليه بهمن أيضاً ، فزحف إليه على تعبئة ، ولما وصل إلى الولجة وجدها أرض منبسطة مفتوحة خالية من المسطحات المائية ، فعرف ببديهته العسكرية الفذّة أنها أرض صالحة للمناورات التكتيكية ، ووضع خطّته الرهيبة التالية : عبّأ قواته الرئيسية قبالة الفرس وأخفى قوّتين من الفرسان ، الأولى من يمين الجيش وعليها البطل ( بسر بن أبي رهم الجهني ) ، والثانية من اليسار وعليها ( سعيد بن مرّة العجلي ) ، وأمرهما أن لا يطلعان إلى القتال إلا بأمره ثم أنشب القتال ، ودارت رحى معركة ضروس حتى أنهك الجانب الفارسي وهزَّ معنوياته ، وبينما العجم ينتظرون طلوع المدد عليهم الذي يقوده بهمن ، إذ أمر خالد قوات الفرسان بالالتفاف عليهم ، فخرجوا من خلفهم ، من حيث ينتظرون المدد وأعملوا فيهم السيوف قتلاً وأسراً ، فذهلوا ، وأسقط في أيديهم ، وخارت عزائمهم ثم لاذوا بالفرار لا يلوون على شيء ، وكان على رأس الفارين قائدهم ( أندرزغر ) الذي تقول الروايات أنه مات في الصحراء من العطش .!!! أما خالد ( رض ) فقد قام خطيباً في قواته يهنئهم بالنصر والفتح ، ويمنّيهم بالمزيد إذا هم صبروا واحتسبوا ، ثم أمر بالأسلاب فوزّعت على أصحابها كائنة ما تكون ، ثم نفّل كعادته أهل البلاء من خمس الغنائم ، وأرسل ببقية الخمس وبشائر النصر إلى المدينة المنوّرة ، وسار في الفقراء والفلاحين والمغلوب على أمرهم من الفرس من غير المحاربين ، بسيرته السابقة ، حيث أقرّهم على أراضيهم ، وأبقاهم في قراهم ، بدون أن يمسّهم أحد بسوء . وبينما راح خالد ( رض ) يستعد للمواجهة المقبلة ، ويضع خطّته لموقعة تالية ، كان الأبطال من جنوده الأوفياء يحيون أمسياتهم بالفرح والسمر وإنشاد الشعر ، وكان مما قاله أسد العرب والإسلام ، القعقاع بن عمرو التميمي في تلك الملحمة : ولم أرَ قوماً مثلَ قومٍ رأيتهم * على ولَجاتِ البَرِّ أحمى وأنجبا وأقتَلَ للروّاسِ من كلِّ مجمعٍ * إذا ضعضع الدهرُ الجموعَ وكبكبا * مقتطعة من موضوع دروس في فقه الجهاد والقيادة الراشدة للدكتور أبو بكر الشامي عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#229
|
||||
|
||||
فتح الحيرة/د.أبو بكر الشامي
فتح الحيرة * في الطريق إلى الحيرة الحيرة بلدة عربية قديمة ، تقع على نهر الفرات ، وتبعد حوالي ستة كيلومترات إلى الجنوب من الكوفة الحالية ، التي لم تكن موجودة يوم دخل المسلمون العراق ، على الحدود الفاصلة بين صحراء العرب وسواد العراق . لما فرغ خالد ( رض ) من أُلَّيس ، أراد ألا يمنح العجم فرصة لالتقاط أنفاسهم وتجميع قواتهم ، ذلك أن من أهم مباديء الحرب ( خفّة الحركة ، والمرونة والمطاردة واستثمار الفوز) ، وكان من أهم ما يتميّز به خالد ( رض ) : خفة حركته ، وسرعة بديهته ، ومبادأته الأعداء ، ومباغتته لهم دوماً ... وهذه تشكّل اليوم روح وجوهر حرب العصابات في العالم ... فنهض من أُلَّيس وأتى أمغيشيا ، وهي مدينة كبيرة في طريقه إلى الحيرة ، فلما دخلها وجد أهلها قد هجروها وتفرّقوا في السواد من شدّة الخوف والرعب الذي أحدثته انتصارات خالد السابقة ، والتي كانت أخبارها قد ملأت الآفاق ، فاستولى عليها المسلمون بدون قتال ، وغنموا كلّ ما فيها حتى بلغ سهم الفارس فيها ( 1500 درهم ) ، هذا عدا الأنفال التي نفّلها خالد لأهل البأس والبلاء .!!! ولما بلغت أخبار أمغيشيا إلى المدينة المنوّرة ، جمع الخليفة الناس كعادته ، وصعد المنبر ، وقال : ( يا معشر قريش ، لقد عدا أسدُكم ( ويعني خالداً ) على الأسد ( ويعني فارس ) فغلبه على خراذيله ( أشلائه ) ، أعَجَزتِ النساءُ أن يلدْنَ مثل خالد .!؟ ) ... وأما خالد ( رض ) ، فبعد أن فرغ من توزيع الغنائم أراد أن يواصل سيره في خطّته المرسومة باتجاه الحيرة ، لكنه وجد صعوبة في السير على الأرض بسبب كثرة الفيضانات ، حيث كان الفصل ربيعاً ، والأرض مليئة بالمسطحات المائية ، فقرر أن يحمل قواته على السفن في النهر ، وبينما المسلمون يتسامرون على ظهر السفن ، إذْ راعهم جفاف مياه النهر ، وجنوح السفن إلى الأرض ، ففزعوا ، ولم يكن للمسلمين خبرة بركوب السفن .!!! فلما سأل خالد ( رض ) أهل المنطقة عن السبب ، تبين له أن مرزبان الحيرة كان قد قطع مياه النهر وحوّل مجراه ، فنهض خالدٌ ( رض ) في مجموعة من الفرسان يقودها بنفسه ، وتوجّه مسرعاً باتجاه الحيرة حتى بلغ المقر عند فم العتيق ، فوجد خيلاً من طلائع جيش الحيرة عليه ابن آزاذبه ، مرزبان الحيرة ، وكان طلوع خالد ( رض ) عليهم مفاجأة غير متوقعة ، فدهمهم وهم آمنون حتى أبادهم ، وسدّ خالد فروع الأنهار ، وأعاد المياه إلى مجراها في الفرات ، ثم أرسل إلى بقية جيشه أن يلحق به بعد أن عادت المياه إلى مجاريها ، وعادت السفن إلى المسير ، واستمر هو بمن معه من الفرسان السريعة قاصداً الحيرة … أما آزاذبه مرزبان الحيرة ، فقد فجع بخبرين مزعجين ، مقتل ابنه الذي كان يقود طليعة جيشه على يد خالد ، وموت أردشير في المدائن ، ولم يكن هناك من ينجده ويرسل إليه بالجيوش ، فما كان منه إلا أن انسحب بأهل بيته والبقية الباقية من عسكره إلى ما وراء الفرات ، تاركاً إقليم الحيرة يواجه مع خالد مصيره المحتوم.! وفي أمثال هذه المواقع الجهادية المشرّفة يحلو الشعر ، وتطيب ليالي الشعراء ، ومما قاله أبو مفزر الأسود بن قطبة : لقينا يومَ أُلَّيسٍ وأمغى * ويومَ المَقْرِ آناء النهار ولم أرَ مثلها فضلات حربٍ * أشدَّ على الجحاجحة الكبار قتلنا منهمُ سبعين ألفاً * بقيّةَ حربهم نخبَ الأسار سوى من ليس يُحصى من قتيلٍ * ومن قد غال جولانُ الغبار فتح الحيــرة الحيرة بلدة عربية قديمة ، تقع على نهر الفرات ، وتبعد حوالي ستة كيلومترات إلى الجنوب من الكوفة الحالية ، التي لم تكن موجودة يوم دخل المسلمون العراق ، على الحدود الفاصلة بين صحراء العرب وسواد العراق . لحق جيش المسلمين بخالد ، فتقدّم بهم من الخورنق باتجاه الحيرة ، فتحصّن أهلها في حصونهم ، فأمر خالد جنوده أن يدعوهم إلى الإسلام وأن يمهلوهم يوماً ، ولكنّهم أبوا الإسلام أو دفع الجزية ، فلما انتهت المهلة نشب القتال وضغط المسلمون على الحصون فأكثروا القتل بأهلها ، وأدرك أهل الحصون أن لا جدوى من المقاومة فنادوا بالأمان على أن يصالحوا المسلمين وينزلوا على حكم خالد ( رض ) ، فقبل منهم خالد ( رض ) وأعطاهم بذلك كتاباً ، وتم له ذلك في شهر ربيع الأول من سنة اثنتي عشرة للهجرة النبوية الشريفة ، الموافق لشهر أيار سنة 633 ميلادية . وهكذا يكون خالد ( رض ) قد حقّق هدفه في الوصول إلى الحيرة في أقل من ثلاثة أشهر، وأنجز مهمّته المرسومة على أفضل وجه ، ولقد كان لفتح الحيرة آثاره البعيدة ، فقد كانت أول عاصمة من عواصم الأقاليم تسقط في أيدي المسلمين ، وكان لسقوطها أهمية ستراتيجية ومعنوية كبيرة ، هذا فضلاً عن كونها قاعدة تموينية متقدّمة تمد الجيوش العربية الإسلامية المتقدمة بما تحتاجه من العتاد والمؤن … باختصار ، لقد كانت الحيرة ، وكما خطط لها الخليفة الراشد أبو بكر الصدّيق ( رض ) ، موطيء قدم مناسب لقفزة هجومية أخرى نحو الهدف الأكبر ، وهو المدائن عاصمة الفرس … هذا إذا سارت الأمور كما يشتهي المسلمون … أما إن كانت الأخرى – لا سمح الله – فإن موقعها على حدود جزيرة العرب يمنحها ميزة عظيمة ، في أن تكون طريق انسحاب ، وخط رجعة آمن للمسلمين …!!! ما إن ضرب خالد ( رض ) فسطاطه بالحيرة حتى جاءه أهل السواد من الدهاقين يرجون عفوه ويطلبون صلحه ، فصالحهم على أن لا يغدروا ولا يخالفوا ولا يعينوا كافراً على مسلم ، وكتب لهم بذلك كتباً وقّعها بختمه ، ثم بدأ بالكتابة إلى ملوك العجم في المدائن ومرازبة فارس فيها : كتب للملوك قائلاً : ( بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس ، أما بعد ، فالحمد لله الذي حلَّ نظامكم ، ووهَّن كيدكم ، وفرَّق كلمتكم ، ولو لم يفعل ذلك بكم لكان شرَّاً لكم ، فادخلوا في أمرنا ندَعَكم وأرضكم ونجوزكم إلى غيركم ، وإلا كان ذلك وأنتم كارهون على غَلَب ، فقد جئتكم بقومٍ يحبّون الموت كما تحبّون الحياة ) …! وكتب إلى المرازبة ورجال الدين : ( بسم الله الرحمن الرحيم . من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ، أما بعد ، فأسلموا ، تسلموا ، وإلا فاعتقدوا منّي الذمّة ، وأدّوا الجزية ، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبّون الموت كما تحبّون شرب الخمر ) .!!! ثم أقام خالد في الحيرة يشرّق منها ويغرّب ، ويصعّد ويصوّب ، ويرقب الأحداث قرابة سنة ، هذا والفرس مشغولون في المدائن بخلع ملك وتولية آخر ، ذلك أن شيرويه بن كسرى كان قد قتل كلُّ من كان يناسبه إلى كسرى أنو شروان ، ثم ثار الفرس بعده وبعد ابنه أردشير فقتلوا كل من كان بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جور ، ثم بقوا بعد ذلك في أزمة ملوك ، لا يجدون من يملّكونه عليهم من آل ساسان.!!! وفي الوقت الذي كان فيه الفرس يتصارعون على كرسي الحكم والملك ، كانت خيول المسلمين تجوب أعماق السواد بين دجلة والفرات ، حتى وصلت طلائعها إلى مشارف المدائن ، وفي تلك البطولات المشرّفة قال القعقاع بن عمرو التميمي : سقى اللهُ قتلى بالفرات مقيمةً * وأخرى بأثباج النِّجاف الكوانفِ ( المناطق المحيطة بأرض النجف )فنحن وطئنا بالكواظمِ هرمزاً * وبالثَّنيْ قرنَيْ قارنٍ بالجوارفِ ( يقصد موقعتي كاظمة والمذار )ويوم أحطنا بالقصور تتابعت * على الحيرةِ الرَّوحاءِ إحدى المصارفِ ( هنا يتحدّث عن فتح الحيرة )حطَطْناهمُ منها وقد كاد عرشُهم * يميل به فعلَ الجبانِ المخالفِ رمينا عليهم بالقبولِ وقد رأَوا * غَبوقَ المنايا حول تلك المحارِفِ بهذا يكون العملاق خالد ( رض ) قد أنجز الشق الأول من الخطة ، وهي الوصول إلى الحيرة ، وجعلها نقطة ارتكاز للقفز إلى المدائن عاصمة الفرس ... * مقتطعة بتصرف بسيط من موضوع دروس في فقه الجهاد والقيادة الراشدة للدكتور أبو بكر الشامي عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#230
|
||||
|
||||
من التاريخ : درع مصر في عين جالوت/د. محمد عبد الستار البدري
من التاريخ : درع مصر في عين جالوت الدكتور محمد عبد الستار البدري استمرت الفتوحات المغولية في العالمين العربي والإسلامي وفي الصين وأوروبا، وبات كما لو أنه لا يوجد من يقف أمام هذه القوات الهمجية التي كانت لها الغلبة في المعارك التي خاضوها، فسرعة حركتهم كانت الباعث الأساسي لانتصاراتهم، فلم تستطع القوات النظامية المختلفة أن تقف أمامهم، وبات كما لو أن سقوط العالم الإسلامي بات وشيكا، فها هي فارس تخضع لجبروت جنكيز خان وعنفوانه وقسوته، كما سقطت الخلافة العباسية على أيدي هولاكو الجبار الذي دمر مدينة بغداد لمدة ثمانية أيام بلا رحمة، ولم يبق أمامه سوى التحرك صوب بقية العالم العربي، فكانت الفرصة مواتية له، فبدأ جهده العسكري تجاه الغرب وبدأ حملته العسكرية الجديدة في سوريا.
لقد ظهرت جيوش هولاكو حفيد جنكيز خان خلال مرحلة صعبة للغاية بالنسبة للعالم الإسلامي، فلقد انهارت الخلافة العباسية، على الرغم من أنها كانت في حالة يرثى لها، ولكن اندثار الخلافة وضع العالم الإسلامي في حالة يُتْم سياسي، خاصة أن مركز الثقل التالي الذي تمثل في مصر كان يمر بظروف صعبة للغاية بسبب الصراع على السلطة واحتضار الدولة الأيوبية، وبالتالي، فإن آخر فرص الصمود أمام الغزو المغولي كانت بأيدي مجموعة من العبيد المعروفين في التاريخ المصري باسم «المماليك»، حيث كان يشتريهم رجال الدولة الأيوبية لحمايتهم وتكوين جيوشهم الخاصة أو ميليشياتهم، وبالتالي، فإن الحالة في مصر كانت حرجة للغاية، لا سيما بعد اندثار الدولة الأيوبية، وبات من الواضح أن مصر قد تدخل في حرب أهلية فتصبح فريسة سهلة في أيدي المغول. وعلى الرغم من استعدادات هولاكو، فإنه اضطر لمغادرة سوريا صوب منغوليا على أثر سماعه بوفاة الخان الأعظم، مما دفعه للسعي إلى الحصول على نصيبه من الميراث السياسي، فترك الرجل شؤون الجيش المغولي إلى قائده «كتبغا» بعد أن أخذ نسبة لا بأس بها من جيشه معه، وعلى الفور بدأ «كتبغا» يطمع في مصر، فأرسل الرسل إليها، فكان رد المماليك قطع رؤوسهم إيذانا بالحرب، وبالفعل بدأ كتبغا يتحرك صوب مصر عبر فلسطين على رأس جيش تختلف حوله التقديرات، فترى بعض المصادر الغربية أن جيش المغول تراوح بين عشرين وثلاثين ألفا، ولكن في التقدير أن هذا الرقم أقل بكثير من الرقم الحقيقي، فلقد كان جيش هولاكو يقارب مائتي ألف مقاتل، وما كان له أن يترك جيشه يسيطر به على العراق والشام ويستعد لمنازلة مصر بثلاثين ألفا كما ورد في بعض الآراء، وبالتالي فإن التقدير المنطقي يكون في حدود ما بين الخمسين إلى السبعين ألف مقاتل. وعلى الفور استعد قائد المماليك المظفر قطز فجمع الجيش المصري الذي تكون في ذلك الوقت من المماليك وبعض البدو وقبائل الهوارة والأعراب والمصريين، لمواجهة المغول في أول حرب مفتوحة بين الطرفين. وتشير بعض المصادر الغربية إلى أن الجيش المملوكي بلغ أكثر من مائتين وعشرين ألفا، ولكن في التقدير أن هذا الرقم مبالغ فيه بشكل كبير للغاية، فالمماليك لا يتوقع أن يزيد عددهم على مائة ألف على أقصى تقدير بما في ذلك القبائل والقوات غير النظامية. لم يضع قطز الوقت فاتجه إلى فلسطين بعد أن أمن خطوط إمداده من خلال الحامية الصليبية التي كانت موجودة في عكا، وهو ما سمح له بالتوجه مباشرة إلى عين جالوت لملاقاة المغول، وقد اختار الظاهر بيبرس موقع المعركة بعناية، فلقد كانت له خبرة في التعامل مع المغول، خاصة أن بعض المصادر التاريخية تشير إلى أنه كان عبدا مملوكا لأحد القادة المغول، فكان على دراية كاملة بفنون القتال لديهم، فاختار الرجل موقع المعركة بعناية فائقة بحيث وضع جزءا كبيرا من جيشه خلف الجبال المحيطة بسهل عين جالوت تاركا المشاة يواجهون الهجوم المغولي وحدهم، وقد صدق حدس الرجل، فسرعان ما بدأت ميسرة الجيش المصري تنكسر أمام ضغوط فرسان المغول المدربين تدريبا على أعلى مستوى، وبالفعل تراجع المماليك بقوة جاذبين الميمنة المغولية إلى فخ منمق، فما كان من بيبرس إلا أن التف حول الميمنة من خلال هجمة شرسة أحاطت بالجيش من الخلف وطوقته، وقد أتقن المماليك الفخ وفرضوا حصارا على المغول انتهى بهزيمة ساحقة لهم أغلب الظن أنها أدت لقتل أغلبية الجيش المغولي. لقد مثل انتصار المصريين في معركة عين جالوت تغيرا نوعيا في الخريطة السياسية والعسكرية لمنطقة الشرق الأوسط، كما كانت لهذا النصر آثاره المباشرة في تغيير منحي السياسة الدولية، وذلك من خلال ما يلي: أولا: لقد مثلت هذه أول هزيمة ساحقة للمغول في المنطقة العربية والإسلامية، وهو ما كان له أكبر الأثر في كسر هيبة هذا الجيش الذي لا يقهر، خاصة بعد ما فعله عقب تدمير بغداد، وهو ما جرأ العالم الإسلامي على مواجهة هذا الخطر المحدق. ثانيا: إن الانتصار المملوكي ما كان ليتم لولا وجود تحالف مهم تغفله كثير من كتب التاريخ بين دولة المماليك في مصر من ناحية و«القبائل الذهبية» Golden Horde وهي فصيل من القبائل المغولية التي كانت تقطن روسيا، فلقد دخلت هذه القبائل في الإسلام ورفضت التعاون مع قوات هولاكو؛ بل أصر أميرها المعروف باسم «بيركاي» على أن يساند مصر والمسلمين في مواجهة هولاكو. ثالثا: اتصالا بما سبق، بدأت دولة المماليك تستعد لمواجهة المغول مرة أخرى، فقام بيبرس الذي تربع على عرش مصر بعد قتله لقطز، بتحصين سوريا واتباع سياسة الأرض المحروقة من أجل تجويع خيل المغول، وبالتالي عندما عاود المغول حربهم ضد المماليك، فإن مصر كانت مستعدة، وعلى الرغم من تحقيق المغول بعض الانتصارات، فإن المحصلة النهائية كانت هزيمتهم خاصة بعد موت هولاكو في عام 1264م. رابعا: وضعت هذه الانتصارات حد التماس الفاصل بين الدولة المملوكية والمغول الذين آثروا البقاء في فارس وإقامة الدولة الإلخانية، كما سنرى، مكتفيين بهذا القدر من الدولة الإسلامية خاصة بعدما باءت آخر محاولات المغول للسيطرة على مصر بالفشل عندما هزم السلطان الناصر بن قلاوون «اباكا» ابن هولاكو وآخر الجنرالات المغول. إن معركة عين جالوت تعد بالفعل إحدى أهم المعارك على مر التاريخ، وهي بالفعل نموذج للمعارك الفيصلية التي تغير وجه السياسة والتاريخ.. من ناحية أخرى؛ فقد وقى هذا الانتصار مصر والعالمين العربي والإسلامي خطر المغول، وسمح بأن يكون لها أكبر الأثر في تشكيل النظام السياسي الدولي، ووضعت الدولة المملوكية وقاعدتها مصر في مصاف القوى العظمى على المستوى الدولي. عن الشرق الأوسط
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |