العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
جهاد السلطان سليمان ضد الروافض والدولة الصفوية : قاد السلطان سليمان القانونى ثلاث حملات حربية ضخمة ضد الدولة الصفوية التى ارتكبت مجازر فى أهل السنة فى فارس والعراق !! ولكم أن تعلموا ان الروافض نبشوا قبر الإمام أبى حنيفة , ودفنوا فى تربته جثة كلب أسود , ونُودى فى الشوارع ان من أراد ان يقضى حاجته ان يقضيها فى قبر ابى حنيفة !!! الى هذا الحد من التعصب والبغض لأهل السنة !! بل أنهم تحالفوا مع الصليبين فى جزيرة رودس تارة ومع دولة المجر والنصارى تارة ضد الدولة العثمانية , ليسقطوا تلك الدولة التى ترفع راية الدفاع عن الإسلام والدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة !! ويوجد مثل دارج فى أوروبا أيامها : لولا الشاه ، لوصلت العثمانية إلى الراين ... بمعنى لولا تعاون الروافض فى الدولة الصفوية مع الصليبين النصارى بأوروبا , لاستطاع المسلمون العثمانيون ان يصلوا الى نهر الراين فى انجلترا ولاستطاع المسلمون اجتياح أوروبا الغربية كلها , ولربما أعادوا الأندلس مرة أخرى !! وقد أفتى علماء الدولة العثمانية بضرورة قتال الروافض , بالفعل يخرج السلطان سليمان القانونى على رأس حملة عسكرية من المجاهدين لقتال الروافض من الدولة الصفوية .... وكانت أول الحملات عام 941هـ واستطاع ان يدخل العراق فاتحا ودخل بغداد وطرد منها الروافض وأسقط مذهبم الخبيث ونفى علماؤهم وطهر بغداد من آثارهم , واتجه السلطان سليمان الى قبر الإمام ابى حنيفة فغضب على ما رآه هناك من النجاسات , فأمر بتطهير التربة وبنى فوقها قبة !! ثم كانت حملته الثانية عام 955هـ والتى استطاع ان يهزم الروافض , ودخل عاصمة ملكهم "تبريز" وفرّ شاه طاهمسب من أمامه وتوغل فى بلاد أذريبجان , فلم يستطع السلطان سليمان ان يتعقبه لوعورة الطريق ولتساقط الثليج , واكتفى بدخول عاصمة الدولة الصفوية ... وكانت الحملة الثالثة والأخيرة عام 962هـ واستطاع ان يخلص أذريبجيان وإقيليم القفقاس "القوقاز" وشرق الأناضول من الروافض نهائيا , وبهذه الحملات استطاع السلطان سليمان ان يدرء عن المسلمين خطورة النفوذ الشيعى تحت زعامة الدولة الصفوية الرافضية النجسة .. المسلمون يدخلون إقليم أذريبيجان ويخلصونه من الروافض انظروا يا إخوتى , لولا أن منّ الله علينا بهذا السلطان الجليل لتغلغل المد الشيعى فى الدولة العثمانية بأكملها ولدخل الروافض مصر والشام مرة أخرى ... فجزى الله خيرا السلطان سليمان ونسأل الله تعالى ان يتقبل جهاده .. معركة "بروزة" البحرية الخالدة .. ( 4 جمادى الأولى 945هـ , 28 سبتمبر 1538 ): قليلا ما نسمع عن المعارك البحرية الإسلامية , ولا نتذكر إلا معركة ذات الصوارى او معارك المسلمين فى العصور الأولى !! أولى المسلمين عناية فائقة بصناعة السفن وبناء اسطول اسلامى قوى لصد هجمات النصارى فى البحر المتوسط , ولصد هجمات الفايكنج أو المجوس كما كان يسميهم المسلمون فى الأندلس .. وكانت الدولة العثمانية تهتم جدا ببناء قوة بحرية عسكرية ضخمة لصد هجمات النصارى فى البحر المتوسط .. فاهتم السلطان سليمان القانونى بالبحرية الإسلامية , وأولى قيادتها لرجل من المجاهدين , هو أفضل من جاهد فى البحر من المسلمين فى التاريخ الإسلامى !! تُرى هل يعلم المسلمون عنه شيئا !! تُرى هل سمع المسلمون عن المجاهد البطل المسلم (خير الدين بربروس) !! نعم هو خير الدين بربروس , وأطلق عليه الأوروبين لقب (باربروسا) أى "ذو اللحية الحمراء" , كان هذا البطل وبالا على النصارى فى العالم كله قاطبةً , حتى ان سكان السواحل الأوروبية فى إيطاليا أو اسبانيا عندما يريدون إسكات أطفالهم يقولون : اسكت وإلا جئنا لك ببربروسا خير الدين !! كان ذعرا للنصارى على السواحل المطلة على البحر المتوسط .. المجاهد البحرى خير الدين بربروس ... يصفه الأوروبين بالقرصان !! وُلد خير الدين بربروس رحمه الله فى جزيرة لسبوس باليونان المسلمة عام 857هـ , ونشأ خير الدين على البحرية وشارك مع أخوه فى قيادة سفن للمجاهدين المتطوعين لصد هجمات الأسبان عن الجزائر والمغرب وإنقاذ مسلمى الأندلس من الهلاك ... وذاع صيت "عُرّوج" أخو خير الدين وكان مصدر قلق للنصارى فى البحر المتوسط ولنصارى جزيرة رودس , وفى أحد المعارك قُتل "عُرّوج" فى أحد معاركه ضد الأسبان الصليبين عام 924هـ عن عمر يناهز الخمسين سنة واحتل الأسبان مدينة تلمسان بالجزائر , وتولى خير الدين رحمه الله قيادة اسطول المجاهدين واستبشر المسلمين به خيرا ... وقاد حملات حربية رائعة ضد النصارى على السواحل الاسبانية والإيطالية وحرر مدينة تونس وتلمسان وغيرها من مدن السواحل الإسلامية التى احتلها النصارى !! سفن المسلمين تفرض سيادتها فى البحر المتوسط ... وفى عام 925هـ استطاع خير الدين بربروس ان ينتقم لأخية من الأسبان انتقاما بالغا دمّر فيه سفن النصارى وأسر منهم عددا امام سواحل الجزائر , وفى عام 935هـ استطاع خير الدين بربروس ان يدمّر معقل الصخرة بالجزائر وحاميته الأسبانية , وفى عام 936هـ انتصر خير الدين على الأسبان أمام جزر الباليثار , وفى عام 937هـ استطاع ان يهزم النصارى بقيادة قائدهم المغوار أندريا دوريا هزيمة ساحقة فى شرشال ... وكان خير الدين رحمه الله كلما خرج من معركة دخل معركة أخرى مع النصارى وفى إحدى معاركه لصد هجمات الأسبان على الجزائر قال ( أن من كان يؤمن بالله ورسوله , ويريد الجنة فى الآخرة , فعليه ان ينضم الى جيشه بكل سرعة , وذلك لمهاجمة وهران والمرسى الكبير ) وأصبح خير الدين بربروس مصدر رعب وهلع للنصارى على السواحل , حتى ان خير الدين رحمه الله أخذ 36 سفينة فقط واتجه بها الى الساحل الغربى للأندلس ولم يستطع الأساطيل الأسبانية او اى اسطول نصرانى آخر ان يتدخل خوفا من خير الدين رحمه الله .. واستطاع خير الدين بربروس ان ينقذ 70.000 ألفا من مسلمى الأندلس الذى نزل عليهم جام غضب شارلكان بعد خسائره أمام خير الدين بربروس وسليمان القانونى فى موهاكس !!! وكان خير الدين يكمن فى السواحل الغربية للسفن القادمة من الأمريكتين محملة بالذهب والأموال , فكان يتصدى لها ويأخذ كل ما فيها من ذهب وأموال ويعطيها للمسلمين حتى تقوى بها شوكتهم ضد الأسبان .. الله أكبر والعزة لله ... رحمك الله يا خير الدين وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ... اللهم إنا نشهد بجهاد خير الدين ضد المشركين والنصارى فاغفر له وارحمه آمين آمين آمين كيف يُعقل ان يجهل شباب المسلمين سيرة هذا البطل !!! هنا جنّ جنون النصارى وحتى البابا بولس الثالث فى روما !! , وسمّوا أعمال خير الدين بربروس بالقرصنة ... وللأسف الشديد مازالت الكتابات عن خير الدين بربروس تصفه بالقرصان خير الدين , حتى المؤلفون من العرب والمسلمين مازالوا يسمّون خير الدين بالقرصان ولا حول ولا قوة الا بالله .. وهنا انتهر السلطان سليمان الفرصة وكتب لخير الدين يستدعيه بصفته خليفة المسلمين .. البابا بولس الثالث كلب الفاتيكان .. الذى نادى بحرب صليبية ضد المسلمين فاتجهت أنظار الدولة العثمانية الى جهاد هذا البطل وأرادت ان تكافئه وان تعينه رسميا ضمن أسطولها البحرى , ليُصبغ جهاده ضد النصارى صبغة رسمية وشرعية , وحتى يعلم الجميع ان الدولة العثمانية هى حامية الدول الإسلامية فى أى مكان , حتى ولو لم تكن تتبع السيادة العثمانية .. وأكبر دليل على هذا ما فعله السلطان سليمان من إرسال أسطول بحرى بقيادة سليمان باشا الى الهند لصد هجمات البرتغاليين , وأرسل كذلك أسطوله الى البحر الأحمر وعدن لصد هجمات البرتغاليين الذين زاد خطرهم جدا .. وفى عام 939هـ , 1533 م عيّن السلطان سليمان القانونى المجاهد البطل خير الدين بربروس أميرا للبحر أو قبودان البحر بمعنى أنه أصبح منذ الآن قائد عام الأسطول الإسلامى ... واستقبل السلطان سليمان القانونى فى اسطنوبل خير الدين بروبرس استقبال الملوك وكان فرحا جدا بقدومه .. نزل هذا الخبر على النصارى فى أوروبا كالصاعقة وذُهل أمراء أوروبا وجُن جنونهم ولو رأيتهم كأنهم سكارى وما هم بسكارى !! وهنا قام خير الدين بربروس بأعباء المنصب الجديد كوزير البحرية وقائد عام الأسطول الإسلامى العثمانى , فظلّ فى جهاده فى البحر المتوسط حتى فرض سيطرة المسلمين تماما من أول اسبانيا الى البلقان ولم يكن فى البحر المتوسط كله أى قوة بحرية تضاهى قوة المسلمين إلا قوة هذا القائد النصرانى الصليبى الخبيث الشهير جدا فى أوروبا وهو (أندريا دوريا) الذى ذاق طعم الذل على يدى خير الدين رحمه الله ... أندريا دوريا ... أشهر قائد بحرى عرفته أوروبا فى القرون الوسطى وهنا انتفض البابا فى روما بولس الثالث وعلم خطورة هذا البطل المجاهد , وأصبح خطرا يهدد النصارى فى البحر , كما ان السلطان سليمان خطرا يهدد النصارى على البر .. فاجتمع البابا بولس الثالث مع ملوك وأمراء أوروبا , وأعلن حربا صليبية جديدة ... ولكن هذه المرة الحرب الصليبية لن تكون على البر ضد السلطان سليمان لأنهم بعد خسارتهم فى موهاكس ما تجرأوا ان يعلنوا الحرب على المسلمين لحين من الدهر ... إنما الحرب الصليبة ضد قوة المسلمين البحرية : ضد خير الدين بربروس , ورٌفع الصليب واجتمع الأمراء ووافقوا على الحرب ... ففى عام 945هـ اجتمع على المسلمين فى البحر أكثر من 600 سفينة حربية للنصارى من كافة دول أوروبا ( أسبانيا , النمسا , البندقية , جّنوة , فرسان القديس يوحنّا ....) عليها 60.000 ألف صليبى , ويقود الأسطول القائد النجس الصليبى الملعون أندريا دوريا .. وكان عدد أسطول المسلمين 122 سفينة فقط عليها 20.000 ألف مسلم !! يقودهم خير الدين بربروس رحمه الله , وفى يوم 4 جمادى الأولى 945هـ , 28 سبتمبر 1538 وأمام سواحل مدينة "بروزة" او "بريفيزا" غربى اليونان , دارت أعنف معارك المسلمين البحرية ... هذه المعركة الى الآن يتذكرها النصارى فى أوروبا بالألم والحسرة والضيق ... والتقى الفريقان , ووضع خير الدين بربروس خطة حربية رائعة كالعادة , وبدأت المعركة وحمى الوطيس واحترقت السفن وارتفع دخان المدافع الى عنان السماء ... وضع خير الدين بربروس أسطوله على شكل هلال، وعيَّن على رأس جناحه الأيمن القائد المجاهد صالحرئيس. وعلى رأس جناحه الأيسر سيدي على رئيس. وقاد خير الدين الجناح الأيسر بنفسه،وأمر القائد الفذ المجاهد طورغود بأن يقود احتياطى الأسطول ويبقى فى الخلف. واستعمل خير الدين بربروسعنصر المباغتة، ولم يكن أسطول الصليبيين مستعدّا ؛ مما أدى إلى اختلال نظامه؛ فمالبث أن تفرق، وهرب قائده أندريا دوريا؛ نجاة بحياته. ولم تستمر المعركة أكثر من خمسساعات تمكَّن فى نهايتها "خير الدين" من حسم المعركة لصالحه، وصارت العزة والسيادةللعثمانيين فى البحر المتوسط. شكل المعركة والخطة التى وضعها خير الدين , خلدها له التاريخ وانتهت المعركة : معركة بروزة "بريفيزا" البحرية بالنتصار ساحق للمسلمين وهزيمة مخزية للمشركين فلله الحمد والمنة .. واستولى المسلمون على أكثر من 36 سفينة وأسروا حوالى 3000 أسير , وغرق واحترق للكفار 123 سفينة !! نزل خبر انتصار المسلمين على النصارى فى روما وأوروبا كالصاعقة على مسامعهم , فأُخرسوا من هول الخبر !! وبهذا الانتصار فرضت الدولة العثمانية قوتها وسيطرتها على كل البحر المتوسط ولم ينازعها أحد ولله الحمد والمنة .. انتصار المسلمين فى معركة بريفيزا البحرية ولعلى ان شاء الله أقوم بكتابة نبذة عن خير الدين بربروس فى موضوع مستقل ان شاء الله ... ملخص لجهاد السلطان سليمان القانونى رحمه الله : استطاع السلطان سليمان القانونى فى خلال 48 سنة ان يبسط نفوذ المسلمين من بغداد شرقا الى فيينا غربا ومن موسكو شمالا الى بلاد إفريقيا جنوبا , وكانت ملوك أوروبا وأمرائها تدفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ... وواصل السلطان سليمان رحمه الله جهاده ضد النصارى حتى وصلت جيوش المسلمين الى أسوار فيينا مرتين ولم يقدّر الله الفتح إما لتساقط الثلوج وطوال مدة الحصار وإما لتعاون الرافضة واستغلال توغل المسلمين فى غرب أوروبا فيعبثوا فى مناطق الأناضول والقوقاز ويحاولون نشر المذهب الرافضى الخبيث .. ولكن هيهات هيهات فقد كان السلطان سليمان رحمه الله سدا منيعا ضد أطماع الروافض فى الشام ومصر والاناضول وضد أطماع الصليبين فى القسطنطينية وشرق أوروبا .. ووصلت الدولة فى عهده أقصى اتساع لها ولم تصل حركة الفتوحات الإسلامية اقصى من ذلك , ووصلت من هيبة السلطان سليمان ان بعث اليه ملك فرنسا يستجديه ويرجوه ان يساعده ضد هجمات شاركان على موانىء فرنسا , فأجابه السلطان سليمان وبعث اليه خير الدين بربروس فى سفن حربية حتى استعاد له الميناء المحتل .. !! الدولة العثمانية فى عهد السلطان سليمان القانونى رحمه الله .. واااااااااااااااهٍ ياأيام العزة .. كانت ملوك فرنسا تستعين بنا وتستجدينا ان ننقذها ونمدها بالمساعدة !! كم صرفتنا يد كنا نصرفها *** وبات يملكنا شعب ملكناهُ استرشد الغرب بالماضى فأرشده *** ونحن كان لنا ماضٍ نسيناهُ اكتفى بما ذكرته من جهاد السلطان سليمان القانونى رحمه الله حتى لا أطيل ... أوجه الحضارة فى عهد السلطان سليمان القانونى : كان عهد السلطان سليمان القانونى رحمه الله هو العهد الذهبى للدولة العثمانية على الإطلاق , وشهد عهد السلطان سليمان حركة علمية فى شتى مجالات الحياة ... ونبغ فى عهده وظهر نجم كثير من المبدعين .. ولعل الحديث سيأخذنا أكيد الى أعظم مهندسين المسلمين المعماريين وهو (معمار سنان) رحمه الله .. سنرتب له موضوع مستقل ان شاء الله هذا الرجل هو مبدع بحق , وكان مثال للمسلم الذى خدم الإسلام بعلمه فى الهندسة والعمارة ... استطاع معمار سنان ان يبنى مساجد الدولة العثمانية الشاهقة وان يبنى القصور والمستشفيات والحمامات والمدارس الفخمة .. معمار سنان ذكر نجم الدين الغزّى فى الكواكب السائرة أن السلطان سليمان رحمه الله رأى رسول الله فى الرؤيا يأمره ببناء مسجد جامع وأشار الى المكان , فاستيقظ السلطان سليمان من نومه وأمر معمار سنان ان يبنى فى هذا المكان مسجد جامع كبير , فبنى له مسجد السليمانية ... وهو آية فى الجمال وروعة الإتقان , وبنى بجوارها مدارس منها أكبر مدرسة فى اسطنبول وهى المدرسة الحديثية وكانت خاصة بتدريس علوم الحديث ... جامع السليمانية باسطنبول وكان السلطان سليمان مشهورا ببناء المدارس , وكذلك رممّ السلطان سليمان رحمه الله سور القدس القديم الموجود الى الآن , وهو صاحب العيْن الموجودة بعرفة لخدمة الحجيج , وكانت له نفقات على أهل الحرمين وكانت مادة حياة أهل الحرمين من تلك الأموال فجزاه الله خيرا , وبنى بمكة أربع مدارس لتعليم علوم الدين , وكذلك بنى فى دمشق المدرسة والتكيّة السليمانية ومازالت موجودة تعرف باسم (التكية السليمانية) .. وأمر تشييد القلاع فى طريق الحج لحماية المسلمين . واهتمامه بالعمران والجمال كان السبب الذى جعل اسطنبول أو الآستانة عاصمة الخلافة وحاضرة لدنيا ولم يكن لها فى الدنيا نظير .. دعونى أنقل لكم وصف اسطنبول فى عهد السلطان سليمان من وصف عبد الرحيم العباسىّ الذى شاهد السلطان سليمان وعاش فى اسطنبول , يقول رحمه الله : ( ذات المحل الأرفع والمقام الأسمى , مدينة العلم وقرارة الحلم , ومحط الرجال , ومنتهى الترحال , وكعبة الكرم , وقبلة النِّعم , ومعدن الفخار , وموطن السنن والآثار , ومنبع الإقبال , ومربع الآمال , ومنتهى المطالب , ومشتهى القاصد والطالب , مَظهر شموس السيادة , ومقر السعادة , آياتُ محاسنها لم تزل بألسن السُّمار مملوَّه , وعرائس بدائعها لم تبرح على أعين النظار مجلُوّه , أجلّ ما فُتح من البلاد , وأعظم ما استخلصته يد الصلاح من الفساد , كم خَطبها عظيمٌ من ملوك الزمان وأمهَرَها مواضى المشرفية وعوالى المُرّان , وهى أشد ما يكون إباء , وأوفى ما يتصور منعة واستعصاء , إلى أن قصدها من ادُّخر له ذلك الفتح , فى خبر طويل الشرح , وهو المرحوم السعيد الشهيد السلطان محمد خان بن مراد خان بن عثمان , بوّأهُ الله غُرف الجنان , بمزيد من العفو والغفران , فذلت له صِعابُها , وخضعت لعزته رقابها ,ولان جماحها , وتسنّى انفتاحها , وأُعلن فيها بالتهليل والتكبير , وصُرّح بالصلاة على البشير النذير , واعتدلت بعد انحنائها قامات المناير , وارتفعت بعد خفضها درجات المنابر , وأُخرست النواقيس , ونُطق بالتأذين على رغم أنف إبليس , وخُطّت المساجد والمدارس , ومعّرت بأوقات الخيرات بعد ما كانت دوارس , ونَطَقَت خطباء الإسلام , فسكتت القساوسة اللئام , ونَصَب الدين المحمدى بها خيامه , ورفع الشرع الأحمدى على قُللها أعلامه , وبُدلت من الإنجيل بالقرآن , وعُوّضت من الرهبان بعلماء الإيمان , فأصبحت شموس الدين بأفاقها مشرقة , وسحب اليقين بروضاتها مغدقة ........... جامع السليمانية عند الغروب ولعمرى إنها لمدينة العمران , والمشار اليها دون سائر البلدان , إذ هى تخت الملك الأعظم , ومقر المجد المعظم وموفد الوفود , ومنبع الكرم والجود , وبها العمارات العظيمة , ذوات الصدقات الجسيمة , والمبرّات العميمة , والقصور المنيفة , والمتنزهات اللطيفة , والرياض النضرة , والمروج الخضرة , فهى نزهة النفوس , ومسرّة العبوس , وبُهجة الخواطر , وقُرّة النواظر , وبها من الآثار العجيبة , والأبينة الغريبة , ما تذهل له الألباب , ويستولى عليها منه العجب العجاب , وبها من الأئمة الأعلام , وقضاة الإسلام , ما يتحمل به الزمان , ويفتخر بمجده العصر والأوان , إذ كلٌ منهم علّامة العصر , وفرد الدهر , وعالم الوقت , والمبرّأ من الشٍّين والمقْت , وبحر العلوم , ومالك أزمّة المنطوق والمفهوم , ونُعمان (أبو حنيفة) زمانه , وأبو يوسف (ابو يوسف القاضى) أوانه , وكنز الطالبين , وهداية الراغبين , ومختار الحق , واختيار الغرب والشرق , ومجمع الفضائل , ونُقاية الأماثل , وصدر الشريعة , ذو الفنون البديعة , دام فخرهم , وسما قدرهم , ولا برح نير سُعدهم مشرقا فى الأكوان , والانتفاع ببركتهم , وبركة علومهم دائما مدى الأزمان , فكل فرد منهم نيّر قطرها الأعظم , ورئيس مجدها المكرم , تفتخر به على سائر الأمصار , وتسمو به عصره على غابر الأعصار , فهى الآن مصر الدنيا , والمنفردة بالمرتبة العليا , جعلها الله دار الإسلام والإيمان , ومحل الأمنية والأمان , ومقر الدولة والسلطان .... ) أ.هـ قطوف من سيرة السلطان سليمان القانونى رحمه الله : فى يوم من الأيام ظهر فن الرقص فى فرنسا فى زمن السلطان سليمان القانونى , وكانت فرنسا حليفة للدولة العثمانية وكان المسلمون يطلقون عليها (ولاية فرنسا) وكأنها تابعة للمسلمين ...
انزعج السلطان سليمان القانونى جدا من ظهور هذا المجون والفسق , فتدخل السلطان سليمان فى شوؤن فرنسا الداخلية كما يُقال , وأوقف هذا المجون خشية ان ينتشر فى بلاد المسلمين .. !! دعونى أسرد لكم ما قاله رئيس اللجنة الأوربية عام 1923 عند سقوط الخلافة الإسلامية فى تركيا , وتكريم أول مسلمة فى مسابقة ملكة جمال العالم والذى روّج لها العلمانيون فى تركيا , وكانت الفتاة المتقدمة للمسابقة هى "كريمان خالص" .. يقول رئيس اللجنة الأوربية فرحا بهذه المناسبة , وانظرا الى الحقد الدفين : " أيها السادة، أعضاء اللجنة، إن أوروبا كلها تحتفل اليوم بانتصار النصرانية، لقد انتهى الإسلام الذي ظل يسيطر على العالم منذ 1400م، إن "كريمان خالص" ملكة جمال تركيا تمثل أمامنا المرأة المسلمة.. ها هي "كريمان خالص" حفيدة المرأة المسلمة المحافظة تخرج الآن أمامنا "بالمايوه"، ولا بد لنا من الاعتراف أن هذه الفتاة هي تاج انتصارنا.. ذات يوم من أيام التاريخ انزعج السلطان العثماني"سليمان القانوني" من فن الرقص الذي ظهر في فرنسا، عندما جاورت الدولة العثمانية حدود فرنسا، فتدخل لإيقافه خشية أن يسري في بلاده، ها هي حفيدة السلطان المسلم، تقف بيننا، ولا ترتدي غير "المايوه"، وتطلب منا أن نُعجب بها، ونحن نعلن لها بالتالي: إننا أُعجبنا بها مع كل تمنياتنا بأن يكون مستقبل الفتيات المسلمات يسير حسب ما نريد، فلتُرفع الأقداح تكريماً لانتصار أوربا ... " أ.هـ ...... نقلا عن مقال لأميمة بنت أحمد الجلاهمى فى موقع اسلام واى .. - لا تعليق – مختصر رسالة السلطان سليمان القانونى الى قاضى بروصة بعد انتصار المسلمين فى رودس .. " منذ بداية تسلمنا للسلطة ونحن سائرون على إعلاء ونصرة هذا الدين بتوفيق من الله تعالى , وجعل همنا واهتمامنا رفع أعلام هذا الدين لقلع وقمع آثار الكفر والظالمين , وسيرا على هذه العادة الحسنة , والسنة المرضية , صدرت أوامرنا بضرورة استخلاص قلعة رودس من ايدى الكفرة , وقد أعددنا أسباب القتال , والرجال الأبطال , والسفن والمراكب , وقد أرسلنا وزيرنا مصطفى باشا لإنجاز هذه الغاية , كما شاركنا شخصيا فى هذه الحملة من القسطنطينية المحروسة الى اسكودار .... وكان أهالى رودس يقطعون طريق المسافرين بالبحر , ويسفكون دماء التجار , وذلك منذ ان سكنوا الجزيرة وحتى هذا الوقت , ورودس جزيرة فى غاية المتانة , وأسوارها طويلة وعريضة , وخندقها عميق .... وفى اليوم الثالث من ذى القعدة سنة 928هـ تم إطلاق قذائف كالمطر وهجمت العساكر المنصورة على الأسوار ... , ولم يتصور أن يستسلم أحد من الكفار , ولكن بتوفيق من الله تعالى زادت عساكرنا من تخريب قلاعهم يوما بعد يوم .... ثم قامت عساكر الإسلام المظفرة بتطهير قلعة رودس المنيفة من دنس أهل الكفر و وتحولت معابد الأصنام والأوثان الى مساجد لأهل الإيمان , وأضحت معابر بيت الله الحرم آمنة من عبث الكفرة الفجرة , وبالإضافة الى القلعة المزبورة فقد فتحت ايضا كل من استانكوى , وتخته لو , وبوردوم , وغيرها من القلاع التى بلغ مجموعها 11 قلعة , وشملت كذلك كافة الجزر والأراضى وتوابعها , وأضيفت الى الممالك المحروسة , والحمد لله حمدا دائما الذى يسر لى ما لم ييسر لغيرى ... " أ.هـ عملة ذهبية من عهدالسلطان سليمان سأكتفى بهذا القدر من قطوف فى سيرة السلطان سليمان رحمه الله , حتى لا أطيل ...
|
#32
|
|||
|
|||
وفاة السلطان سليمان القانونى رحمه الله ... غزوة سيكتوار (20 صفر 974 هـ = 5 سبتمبر 1566م) : ما ترك السلطان سليمان القانونى الجهاد قط ... فى أواخر أيام السلطان سليمان أصابه مرض النقرس , فكان لا يستطيع ركوب الخيل , ولكنه كان يتحامل رحمه الله إظهارا للقوة أمام أعدائه ... السلطان سليمان القانونى فى أواخر أيامه , وما ترك الجهاد قط قد بلغ السلطان سليمان القانونى من العمر 74 عاماً , ومع ذلك عندما علم بأن ملك الهايسبرج أغار على ثغر من ثغور المسلمين , قام للجهاد من فوره ... ومع أنه كان يتألم من شدة المرض إلا أنه قاد الجيش بنفسه وخرج على رأس جيش عرمرم فى 9 شوال عام 973هـ , 29 ابريل عام 1566م .. ووصل الى مدينة سيكتوار المجرية وكانت من أعظم ما شيّده النصارى من القلاع ... وكانت مشحونة بالبارود والمدافع وكان قبل خروجه للجهاد , نصحه الطبيب الخاص بعدم الخروج لعلّة النقرس التى به , فكان جواب السلطان سليمان الذى خلده له التاريخ : أحب أن أموت غازيا فى سبيل الله ... سبحن الملك !! , هذا السلطان كان قد بلغ من الكبر عتيا وكان يملك تحت قبضته نصف الدنيا , وملوك الأرض طوع بنانه وكان بإمكانه التمتع بحياة القصور والتنقل بين الغرف والاستمتاع بالملذات والشهوات , ومع ذلك أبى إلا أن يخرج غازيا فى سبيل الله !! وخرج بالفعل على رأس جيشه وما كان يستطيع ان يمتطى جواده لازدياد علة النقرس عليه , فكان يُحمل فى عربة , حتى وصل الى أسوار مدينة سيكتوار ... السلطان سليمان فى أواخر أيامه لا يقوى على ركوب الخيل , وبجانبه وزيره يسانده وابتدأ فى حصارها , وفى أقل من اسبوعين احتلّ معاقلها الأمامية , وبدأ القتال واشتدّ النزال , وكان أصعب قتال واجهه المسلمون لمتانة الأسوار حصانتها وضرواة النصارى فى الدفاع عن حصنهم .. واستمر القتال والحصار قرابة 5 شهور كاملة , وما ازداد أمر الفتح الا استعصابا وازداد همّ المسلمين لصعوبة الفتح , وهنا اشتدّ مرض السلطان وشعر بدنوّ الأجل , فأخذ يتضرع الله تعالى وكان من جملة ما قاله : يارب العالمين , افتح على عبادك المسلمين , وانصرهم , واضرم النار على الكفار !!! إحدى قلاع مدينة سيكتوار المجرية ... فاستجاب الله دعاء السلطان سليمان , فأصاب أحد مدافع المسلمين خزانة البارود فى الحصن فكان انفجارا مهولا , ودعونى أنقل لكم ما قيل فى وصف هذه الحادثة , يقول صاحب نزهة الأنظار :- " فقبل الإنفصال إشتدّ بالسلطان رحمه الله مرضه , وغمرته غمرات الوفاة , وهو مع ذلك رضى الله تعالى عنه يلهج الى الله القريب المجيب بطلب الفتح القريب , فاستجاب الله دعاؤه فأضرمت النار فى خزانة بارود الكفّار المخزونة بالقلعة , وكانت موفورة عندهم مهيأة لقتال المسلمين , فأصابها شرر من النّار إجابة لدعاء ذلك الروح المقدّس , فأخذت جانبا كبيرا من القلعة فرفعته الى عنان السماء , وزلزلت الأرض زلزالها الى تخوم الأرض السلفى , وتطاير جلاميد صخور الحصن , ورمت النار بشرر الكقصر من جدران ذلك الحصن , والتهبت النار وتزايد الدخان حتى امتلأ الفضاء , فضعفت طائفة الكفر وعذبهم الله بنار الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى , فتزاحم الشجعان بآلات الحرب مع صدق النية والإعتماد والتوكل على الله تعالى , وطبول الحرب ونيرانه تضرب , وتحاملوا على الكفّار حملة رجل واحد , وتعلقوا بأطرف القلعة , وهجموا عليها من فوق الأسوار , واستشهد من سبقت له من الله العناية , وفتح القلعة من نصره الله من المسلمين , ورفعت الراية السليمانية على أعلى مكان من القلعة , ووقع السيف فى الكفار , فقتل منهم من قتل , واسر من بقى , وعند وصول خبر الفتح للسلطان فرِح , وحمد الله على هذه النعمة العظيمة , وقال : الآن طاب الموت , فهنيئا لهذا السعيد بهذه السعادة الأبدية , وطوبى لهذه النفس الراضية المرضية , من الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه ... " أ.هـ قولوا : الله أكبر والعزة لله ... عندما جاء خبر الفتح للسلطان سليمان وهو فى غمرات الموت , فرِح وحمد الله تعالى وقال : الآن طاب الموت ... وتخرج روحه الى بارئها , الى جنان الخلد ان شاء الله ... فى 20 صفر عام 974هـ , 5 سبتمبر 1566م ما أروع هذ الخاتمة ... سلطان المسلمين يموت مجاهدا فى سبيل الله , وتفوض روحه فى أرض الجهاد مقبلا غير مدبر , فيالها من خاتمة , نسأل الله لنا مثلها وأخفى الوزير محمد باشا نبأ وفاة السلطان حتى أرسل لولى عهده السلطان سليم الثانى , فجاء واستلم مقاليد السلطنة فى سيكتوار , ثم دخل اسلامبول ومعه جثمان ابيه الشهيد – ان شاء الله – وكان يوما مشهوا لم يُرى مثله إلا فى وفاة محمد الفاتح ... وصلّى عليه الإمام المفتى أبى السعود جنازة السلطان سليمان ورجوعهم بجثمانه الى اسلامبول ... وعلم المسلمون خبر وفاة السلطان سليمان , فحزنوا أشد الحزن ورثاه الشعراء والعلماء بقصائد ليس لها مثيل سأنقلها لكم بعد قليل .. اما على الجانب النصرانى , فما فرح النصارى بموت أحد بعد بايزيد الأول ومحمد الفاتح كفرحهم بموت السلطان سليمان المجاهد الغازى فى سبيل الله .. وجعلوا يوم وفاته عيدا من أعيادهم , ودقت أجراس الكنائس فرحا بموت مجدد جهاد الأمة فى القرن العاشر رحمه الله ... صورة لقبر السلطان سليمان باسطنبول المسلمة ما قيل فى السلطان سليمان من الشعراء والعلماء والمؤرخين : يقول صاحب نزهة الأنظار : " وهو سلطان غاز فى سبيل الله , مجاهد فى إعلاء كلمة الله , كان رحمه الله مؤيدا فى حروبه ومغازيه , أين سلك ملك , وصلت سراياه مشارق الأرض ومغاربها , فافتتح البلاد الشاسعة والأقطار بالقهر والحجة والسيف , وأقام السنة وأحيى الملة , ورفع شعائر الشريعة وأعلى منارها , واحيى ما اندرس من آثارها , فكان من المجددين لهذه الأمة دينها فى القرن العاشر لكثرة علمه وعمله وأدبه وفضله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ... " وقال ايضا : " .. كان رحمه الله تعالى ورضى عنه كأسلافه الطيبين محبا للجهاد فى سبيل الله , باذلا نفسه وخزائن أمواله لإعلاء كلمة الله , بحيث لم تُرفع راية الإسلام فى زمانه للإسلام على رأس أحد من السلاطين العظام مثله !! , ولم يكن أكثر جهادا ونصرة للدين , وأكملُ عّدَّة وآلة لقطع الملاعين , وأقمع لأهل البغى والبدعة والكفرة الملحدين , وأشدّ عضدا وأشدّ نصراً لأهل السنة والدين منه رحمه الله , فهو سليمان زمانه وفريد عصره وأوانه , فكم دوّخ بلاد الكفر واجتاحها وجاس خلال مغانيها ورباعها , وافتتح صياصيها وقلاعها , وأخرب معاهد الأصنام , وبنى مساجد للإسلام . " أ.هـ طغراء السلطان سليمان القانونى رحمه الله ------------------------------------------------------- يقول صاحب أخبار الدول : " وكان رحمه الله , عالى الهمة , عالما , شجيعا الى الغاية , طويل القامة , حسن الصورة , وهو ممن اشتهر فى الآفاق بالعدل والخيرات ... " ------------------------------------------------------- يقول صاحب العقد المنظوم : " .. السلطان سليمان بن سليم خان عاشر سلاطين آل عثمان فاتح ديار فارس وبغداد , قالع قلاع انكروس وبغدان بلغراد , قامع آثار الكفرة والملحدين , معفر جباه عتاة المشركين صاحب الوقائع المشهورة , والمناقب المذكورة , ملك ملك الآفاق بسطوته وتطاطا سراة العالمين عند سرادقات عزته , هو الذى هرب ملك المشرق من بين يديه دربا فدربا , ودانت لهيبته الملوك شرقا وغربا , فياله من ملك مجاهد تناول الكواكب وهو قاعد أصبح البحر من صارمه الصمصام فى اضطراب ..... " وقال ايضا : " ... كان رحمه الله ملكا ممدوحا ومحمودا مقداما مظفرا مسعودا , وقع منه عداة الدين فى العذاب الأليم ... وكان رحمه الله ذا حظ من المعارف والنوادر وله معرفة تامة بالتواريخ من الأوائل والأواخر , وكان ينظم الشعر بالتركى والفارسى .. " ------------------------------------------------------- يقول صاحب شذرات الذهب : " .. كان سلطانا سعيدا ملكا , أيده الله لنصرة الإسلام تأييدا ... وهو سلطانٍ غازٍ فى سبيل الله , مجاهد لنصرة دين الله , مُرغم أنواف عداه بلسان سيفه وسنان قناه , كان مؤيدا فى حروبه ومغازيه , مسدداً فى آرائه ومعازيه , مسعودا فى معانية ومغانية , مشهودا فى وقائعه ومراميه , أيّان سلك ملك , وأنّى توجه فتح وفتك , وأين سافر سفر وسفك , وصلت سراياه الى أقصى الشرق والغرب , وافتتح البلدان الشاسعة الواسعة بالقهر والحرب , وأخذ الكفار والملاحدة بقوة الطعان والضرب , وكان مجدد دين هذه الأمة المحمدية فى القرن العاشر , مع الفضل الباهر , والعلم الزاهر , والأدب الغص الذى يقصر عن شأوه كل أديب شاعر , إن نظم نضد عقود الجواهر , أو نثر آثر منثور الأزاهر , أو نطق قلّد الأعناق نفائس الدرّ الفاخر ... كان رؤوفا , شفوقا , صادقا , صدوقا , إذا قال صدق , وإذا قيل له صدّق , لا يعرف الغلّ والخداع , ويتحاشى عن سوء الطباع ولا يعرف المكر والنفاق , ولا يألف مساوىء الأخلاق , بل هو صافى الفؤاد , صادق الإعتقاد , منّور الباطن , كامل الإيمان , سليم القلب , خالص الجنان ..... " ------------------------------------------------------- يقول الجبرتى فى تاريخه عن السلطان سليمان وعن دولة آل عثمان : " .. المغازى السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان , فأسس القواعد , وتمم المقاصد , ونظم الممالك , وآنار الحوالك , ورفع منار الدين , وأخمد نيران الكافرين , وسيرته الجميلة أغنت عن التعريف , وتراجمه مشحونة بها التصانيف .... " ثم قال عن الدولة العثمانية : " ... ولم تزل البلاد منتظمة فى سلكهم , ومنقادة تحت حكمهم , من ذلك الأوان الذى استولوا عليها فيه إلى هذا الوقت الذى نحن فيه , وولاة مصر نوابهم , وحكامها أمراؤهم , وكانوا فى صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين , وأشد من ذب عن الدين , وأعظم من جاهد فى المشركين , فلذلك اتسعت ممالكهم , بما فتحه الله على ايديهم وايدى نوابهم , وملكوا أحسن المعمور من الأرض , ودانت لهم الممالك فى الطول والعرض , هذا مع عدم إغفالهم الأمور , وحفظ النواحى والثغور , وإقامة الشعائر الإسلامية والسنن المحمدية , وتعظيم العلماء وأهل الدين , وخدمة الحريمين الشريفين , والتمسك فى الأحكام والوقائع , بالقوانين والشرائع , فتحصنت دولتهم , وطالت مدتهم , وهابتهم الملوكم , وانقاد لهم الممالك والملوك . " أ.هـ جامع السليمانية ------------------------------------------------------- وما قيل من الشعر فى حقه , وبما رثاه العلماء والشعراء , وهذه القصائد لم يوردها المعاصرين فى كتبهم , وهى تنشر الآن لأول مرة ولله الحمد والمنة فى هذا المنتدى الشامخ : كان من أعظم ما قيل من الشعر هو ما نظمه المفتى أبى السعود صاحب التفسير فى وفاة السلطان سليمان : أصوت صاعقةٍ أم نفخةُ الصورِ *** فالأرض قد مُلئت من نقرِ ناقورِ أصاب منها الورى دهياء داهيةٍ *** وذاق منها البرايا صعقةَ الطورِ تهدّمت بقعة الدنيا لوقعتها *** وانهدّ ما كان من سور ومن دورِ أمسى معالمها تَيْمَاءَ مُقفرةً *** ما فى المنازل من دار ودَيُّورِ تصدّعت قُلَلُ الأطواد وارتعدت *** كأنها قلب مرعوب ومذعورِ واغبرَّ ناصيةُ الخضراءِ وانكدرت *** وكاد ان تمتلىء الغبراء بالمورِ فمن كئيب وملهوف ومن دَنِف *** عَانٍ بسلسلة الأحزانِ مَأسورِ فيا له من حديث موحش نكد *** يعافه السَّمع مكروه ومنفورِ تاهت عقول الورى من هول وحشته *** فأصبحوا مثل مسجون ومسحور تقطَّعت قِطعاً منه القلوب فلا *** يكاد يوجد قلبٌ غير مكسورِ أجفانهم سفن مشحونةٌ بدم *** تجرى ببحر من العبْراتِ مسجورِ أتى بوجه نهار لا ضياء له *** كأنّها غارة شنّت بديْجورِ أم ذاك نعى سليمان الزمان ومن *** مضت أوامره فى كل مأمورِ من ملا جملة الدنيا مهابته *** وسخّرت كل جبّار وتيْهورِ مدار سلطنة الدنيا ومركزها *** خليفةُ الله فى الآفاق مذكورِ مُعلى معالم دين الله مُظهرها *** فى العالمين بسعى منه مشكورِ وحسن رأى الى الخيرات مُنصرف *** وصدقُ عزم على الألطاف مقصورِ بآية العدل والإحسان مُمْتثِلٍ *** بغاية القسطِ والإنصافِ موفورِ مجاهد فى سبيل الله مجتهد *** مؤيد من جناب القسط منصورِ بلهذمىّ إلى الأعداء منعطفٍ *** ومشرفىّ على الكفار مشهورِ وراية رُفعت للمجد خافقةً *** تحْوى على علمٍ بالنصر منشورِ وعسكر ملأ الآفاق مُحتشدٍ *** من كل قطر من الأقطار محشورِ له وقائع فى الأعداء شائعةٍ *** وأخبارها زُبرت فى كل طامورِ يا نفس ما لكِ فى الدنيا مخلّفةٌ *** من بعد رحلته عن هذه الدورِ وكيف تمشين فوق الأرض غافلة *** أليس جثمانه فيها بمقبورِ فللمنايا مواقيت مقدّرة *** تأتى على قدرٍ فى اللوح مسطورِ وليس فى شأنها للناس من أثر *** ومدخل ما بتقديم وتأخيرِ إذ لستِ مأمورةً بالمستحيل ولا *** بما يُنْوى بمجذولٍ ومسرورِ وا تظنّنّه قد مات بل هو ذا *** حىٌ بنصٍ من القرآنِ مزبورِ له نعيم وأرزاق مقدرة *** تُجرى عليه بوجه غير مشعور إن المنايا إن عمّت محرّمة *** على شهيد جميل الحال مبرورِ مرابطٌ فى سبيل الله مقتحمٌ *** معارك الحتف بالرضّوان مأجورِ ما مات بل نال عيشا باقيا ابدا *** عن عيش فانٍ بكل الشر مغمورِ إبتاع سلطنة العقبى بسلطنة *** الدنيا فأعظم بربح غير محصورِ بل حاز كلتيْهما إذ حلّ منزله *** من لم يغايره فى أمر ومأمورِ أما ترى ملكه المحمى آل إلى *** سرّ سَرِىٍ له فى الدهر مشهورِ ولىّ سلطنة الآفاق مالكها *** برا وبحرا بعين اللطف منظورِ ------------------------------------------------------- ومن أعظم ما قيل وهى مؤثرة جدا , أوردها عبد الرحيم العباسىّ فى كتابه منح البرية , ولعلها من نظمه هو وقد كان شاعرا فحلا , قال رحمه الله :- كأن لم تكن للكفر داراً ولم يقم *** بها قائم نعماء مولاه يكفرُ وصار بها الإسلام فى أرفع الذُّرا *** تتيه بمجدٍ من عُلاه وتفخرُ وأعلن بالتوحيد من كان ساكتاً *** وخافَتَ بالإشراك من كان يجهرُ وقام منارٌ الدين بعد قعوده *** وظل به يزهو سريرٌ ومنبرُ وتاهت على كل البلاد بدولة *** لها السعد عبدٌ طوع ما يأتى تأمّرُ وأضحت وأعناق الممالك خُضعا *** لديها وجبهات الملوك تُعفّرُ بِسَعدِ سليمانَ الزمان ومن له *** إله البرايا ناصرٌ ومظفّرُ مليك حباه الله ملكا مُؤيداً *** يجدُّ على مر الليالى ويُذكرُ مليكٌ له عمزٌ إذا ما انتضان لا *** يقاربه ماضٍ صقيلٌ وأبترُ مليكٌ إذا ما همّ أيسر همّةٍ *** لقصدٍ تسنى مسرعاً لا يُقصرُ مليكٌ أبادَ الكفرَ رعبا فلم يدع *** لهم أنفساً إلا بذكراه تُذعرُ مليكٌ يرى أن ليس فى الأرض مشتهى *** سوى منع دين الله مما يُغيّرُ مليكٌ له فوق السمّاكين رتبةٌ *** جميع المعالى دونها تتقهقرُ مليكٌ بدا فى الكون للناس رحمة *** به كل مكسورٍ من الدهر يُجبرُ مليكٌ يُحارُ الفهم فى كُنهِ وصفهِ *** ويعجز عنه التفكير حين يَفكّرُ إذا قال فيه الشعرَ أشعرُ شاعرٍ *** ولو أنه الشعرى لما كان يشعرُ ولكنه بالحلم يُغضى عن الذى *** يُقصّرُ بعد الجهد فضلاً ويعذرُ فلا زال فى سعدٍ يدوم ودولةٍ *** مخلّدةٍ ما قال بِشراً مُبشّرُ ------------------------------------------------------- ومما ذكره صاحب العقد المنظوم كذلك :- مضى ملك الدنيا ولم يبق مشرق *** ولا مغرب إلا له فيه نائح ولم يُغن عنه ماله ورجاله *** من الموت شيئا والخيول السوابح وما انا من رزء وان جل فاجع *** ولا بحبور بعد موتك فارح وقل للمنايا قد ظفرت سميدعا *** براجمه للمشرقين مفاتح وقل للعطايا بعد ذاك تعطلى *** فإن ولى الجود والطول طائح إمام الهدى بحر الندى قامع العدا *** سليمان من بالفضل للناس سامح لقد دُفن المجد الرفيع بدفنه *** وعزّ منيع والخلال الصوالح وجد لرايات السيادة ناصب *** وجد لآيات السعادة واضح وقد بكت الأقلام اذ فاض بالاسى *** عليه كما رنت عليه الصفائح ذر الموت يُفنى من أراد فإنه *** ثوى اليوم من يخشى عليه الفوادح اذا أعجلت سهما من العيش ناعما *** فمن خلفه سهم من البؤس فادح سلاف قصاراها زعاف ومركب *** شهى اذا استلذذته فهو جامح وقد جاد ما قد قيل فى وصف حظها *** وماهو وصف ان تدبرت صالح رويدك يا من غرهطيف عزها *** فعما قليل عنك ذاك نازح وما هو إلا كالشهاب وضوئه *** يزول بآن بعدما هو لائح وأودى ولكن طيب ذكراه خالد *** الى الحشر يبقى وهو كالمسك فائح الا أيها الملك السعيد المكرم *** عليك سلام الله ماحن صادح ونقل ايضا فى كتابه : - نسيم الصبا رقت بأشجان فرقة *** حمامة ذات السدر جنت من الذعرِ أحامى حمى الاسلام أودى وهل له *** نعيت لدين أنت مالك من عذرِ أزالت من الدنيا مراسم بهجة *** وآلت مسرات الزمان الى الضرِ دموعى جودى فى رزية عادل *** عديل ابن خطاب مثيل أبى بكرِ لقد ذاق من كاس الحمام امامنا *** امام الهدى بحر الندى طيب البشرِ أنام أنام العهد فى مهد عدله *** فراح الى دوح على سندس خضرِ تفضلت الأيام بالجمع بيننا *** ففرق من أجل القصور عن الشكرِ كذلك دهر الدهر بؤس ونعمة *** وناهيك تلك الحل فى الوعظ والذكرِ فوا حسرتا ان أنزل الدهر مثله *** من القصر فى قعر الجنادل والصخرِ فما اخضرّ بالمروين بعدك عوده *** وما غردت ورقاء فى الروض ذى النورِ وما قلبت أيدى الفوارس بعده *** رماحا لدى الهيجاء ذى الكر والفرِ سقى الله قبرا من سحائب نعمه *** تضمن بحرا فى الندى صافى البرِ ألا أيها الملك الشهيد المجاهد حليما *** كريما قد مضى طيب الذكرِ عليك من الرحمن فضل ورحمة *** وروح وريحان مدى الدهر والعصرِ كما أنت فى الأولى بعز ونعمة *** كذلك فى الأخرى وفى الحشر والنشر ------------------------------------------------------- وذكر فى النور السافر فى أخبار القرن العاشر :- لعمرك ما الأعمار إلا مراحلُ ***وفيها مرور الحادثات مناهلُ كأن بنى العباس سنت سوادها *** عليه وبالأعلام قاست دلائلُ وكان عماد الدين فى كل حادث *** وسلطانه بالنصر للشرع حافلُ وجثته فى الأرض أضحت دفينة *** ومن شأنها تحوى الكتوز الجنادلُ فكم حىّ قلب قد تقلب فى الغضا *** عليه وكم عقل غدا وهو ذاهلُ وكم أنفق الأموال فى الغزو قائلاً *** إلا فى سبيل الله ما أنا فاعلُ شياطين أهل الكفر ولت لأنها *** سليمان وافا وهو للشرك خاذلُ غزاهم بعزم كالشهاب وقد سما *** ومن حوله عد النجوم جحافلُ أسود لها لهف الدروع مواطن *** وغاباتها سمر القنا والعواملُ ------------------------------------------------------- وللأديب ماميه الانقشارى فى تاريخ وفاته شعراً : انتقل العادل من دنيته *** جاور الرحمن والمولى الرحيم
قالت الأقطاب فى تاريخه *** "مات سليمان بن سلطان سليم" ------------------------------------------------------- وإلى هنا ينتهى ما وفّقنى الله فى كتابته ولله الحمد والمنة ... كلمة لإخواننا من المسلمين : هذه سيرة رجل من أعظم القادة والفاتحين , لم نكن نعلم عنه شيئا ... وتاريخنا الإسلامى مليىء بالأبطال والقادة والفاتحين , والمطلوب ان نفتح الكتب ونقرأ ونستخرج سير هؤلاء الأبطال أرجو عند نشر الموضوع ذكر المصدر وذكر اسم كاتب المقال .... والسلام ختام
|
#33
|
|||
|
|||
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! بقلم / محمود حافظ كان من أعظم من حكم الأندلس على الإطلاق , الرجل الذى وطأت خيله أماكن لم يطأها خيل المسلمين من قبل !! يكفى ذكر اسم المنصور بن أبى عامر أمام ملوك قشتالة وليون وجيليقية ليجثوا على ركبهم من الرعب والهلع , كان لربما الواحد منهم أرسل ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه ..!! ووصلت جيوشه الى حيث لم يصل حاكم أو خليفة قبله قط , وغزا أكثر من 54 غزوة فى الأندلس فلم تنتكس له فيها راية ولم تهلك له سرية ولم ينهزم له جيشٌ قط !!! آثــاره تنبيـك عن أخبــاره **حتـى كأنــك بالعيـــان تـراهُ تالله لا يأتي الزمان بمثله **أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ فمن هذا الرجل العظيم الذى لم يأتى الزمان بمثله أبدا , ومن هذا العظيم الذى كان رمزا للرعب فى الممالك المسيحية فى أوروبا !!! دعونا نسرد سيرة الحاجب المنصور ابن أبى عامر , وحقيقة لقد جُمع لى من المصادر والمراجع والكتب الشيىء الكثير لأنى فى الحقيقة أردت أن أعمل دراسة كاملة متأنية فى سيرة الحاجب المنصور , لكن أكتفى بذكر نبذة بسيطة عن هذا البطل الفريد الى حين الإنتهاء من الدراسة الكاملة إن شاء الله, واليكم بعض مصادر الدراسة :- 1- اعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام , للسان الدين ابن الخطيب 2- الزهرات المنثورة فى نكت الأخبار المأثورة , لابن سماك العاملى 3- البيان المغرب فى أخبار الأندلس والمغرب , لابن عذارى المراكشىّ 4- المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا ,لأبو الحسن النباهى المالقى الأندلسى 5- بغية الملتمس فى تاريخ أهل الأندلس , للضبىّ 6- صفة جزيرة الأندلس منتخبة من كتاب الروض المعطار فى خبر الأقطار , للحميرىّ 7- دولة الإسلام فى الأندلس , لمحمد عبد الله عنان 8- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب , للمقرى التلمسانى 9- الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة , لابن بسام الشنترينى 10- وغيرها من الكتب والمصادر العديدة الأخرى ولكن أكتفى بذكر ماسبق أعلاه ... الأندلس ..... ما أعذبها من كلمة تطرب لسماعها الآذان وتسرح فى جمالها الأذهان , هى الفردوس المفقود والمجد السليب ولولا أن هذا المقام ليس لذكر حضارة الأندلس لأسهبت بالحديث عن ذكر محاسن الأندلس ومآثرها ولكن أكتفى الآن بذكر أحد تلك المآثر العظيمة إن لم يكن أعظمها على الاطلاق ... المولد والنشأة :- إنه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عامر بن أبى عامر بن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك المعافرىّ القحطانىّ , من أصول يمنية , جده الأكبر "عبد الملك المعافرى" هذا كان أحد قادة الجند مع طارق بن زياد أثناء فتح الأندلس الأول . وكان أبوه "عبد الله بن محمد" من أهل الفضل والعلم حجّ ثم مات قافلاً من حجه – رحمه الله – فى طرابلس المغرب. وأمه هى "بُريْهة بنت يحيى بن زكريا التميمىّ " من بنى تميم , لذلك قال فيه ابن دارج القسطلىّ : تلاقت عليه من تميمٍ ويَعْرُبِ *** شموسٌ تلالا فى العلا وبدورُ مـن الحِمــيْريْنَ الذين أكُفُّهـم *** سحـائبُ تَهْمي بالنَّدى وبحــورُ وُلد محمد بن أبى عامر عام 327هـ , وهو العام الذى انهزم فيه المسلمون فى عهد عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق عند مدينة "شنت مانقش" أمام قلعة سمّورة المنيعة , وكأن ميلاد محمد بن أبى عامر فى هذه السنة هو أخذ الله بثأر المسلمين على يدى المنصور .أصله من "تركش" فى الجزيرة الخضراء فى جنوب الأندلس , نشأ محمد بن أبى عامر كمثله من أقرانه على القرآن والفقه إلا أنه كان ظاهر النجابة وكانت له حال عجيب فى قوة الإرادة والطموح والسعى وراء هدفه حتى قال عنه ابن الآبار فى كتابه "الحلة السيراء" : كان أحد أعاجيب الدنيا فى ترقيه والظفر بتمنيه !! لافتة فى أحد الطرق الأسبانية لمدينة الجزيرة الخضراء ومكتوبة بالخط العربى وقال عنه ابن عذارى المراكشىّ فى كتابه "البيان المغرب فى أخبار الأندلس والمغرب" : وكان محمد هذا حسن النشأة , ظاهر النجابة , تتفرس فيه السيادة ... ارتحل محمد بن ابى عامر الى قرطبة حاضرة الدنيا طلباً للأدب وعلم الحديث , فطلب علم اللغة على أبى علىّ القالىّ البغدادىّ اللغوى المشهور وعلى أبى بكر ابن القوطية , وقرأ الحديث على أبى بكر ابن معاوية القرشىّ وغيره , فنبغ فى تلك العلوم كلها ونما ذكره فيها . حلم المنصور بن أبى عامر :- كان محمد بن أبى عامر – رحمه الله – له همة عجيبة وإرادة قوية وكان لديه حلما عظيما وهو أن يصبح حاكم الأندلس !! وقد كان – رحمه الله – يخبر أصحابه بهذا والمقربين اليه , حتى أنه لربما قلدهم الخُطط والمناصب وهو مازال فى حداثة سنّه !! واليكم هذه القصة التى أوردها ابن الخطيب فى كتابه " اعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام " وأوردها أيضا ابن النباهى فى ترجمة القاضى الجليل محمد بن يبقى بن زرب فى كتابه " المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا " يقول : ( ومن أعجب أحواله – أى محمد بن أبى عامر – أنه كان على بصيرة من أمره , هانئاً بما ذخرت له الأيام فى حداثة سنّه , فكان يتكلم فى ذلك بين أصحابه , ويشير الى ما خبأ الله له من غيبه , فحدث ابن ابى الفيّاض فى كتابه قال : أخبره الفقيه أبو محمد علىّ بن أحمد , قال : أخبرنى محمد بن موسى بن عزرون , قال : أخبرنى أبى قال : اجتمعنا يوماً فى متنزه لنا بجهة الناعورة بقرطبة , ومعنا ابن أبى عامر , وهو فى حداثته , وابن عمه عمرو بن عسقلاجة , والكاتب ابن المارعزّى ورجلٌ يعرف بابن الحسن من جهة مالقة , كانت معنا سفرة فيها طعامٌ , فقال المنصور من ذلك الكلام الذى كان يتكلم به : < لا بد لى أن أملك الأندلس , وأقود العسكر , وينفذ حكمى فى جميع الأندلس !! > , ونحن نضحك منه ونهزأ به . وقال : < تمنّوا علىّ > , فقال ابن عمه عمرو : " أتمنّى أن تولينى على المدينة , نضرب ظهور الجناة ونفتحها مثل هذه الشاردة " , وقال ابن المارعزّى : "أشتهى أن تولينى أحكام السوق !" , وقال ابن الحسن : "نتمنّى أن تولينى القضاء بجهتى ! " , قال موسى بن عزرون : وقال :< تمنّى أنت ! > , فشققت لحيته , وأسمعته كلاماً سمجاً قبيحاً ... فلم يك إلا أن صار الملك اليه , فولى ابن عمه المدينة , وولى ابن المارعزّى السوق , وكتب لابن الحسن بالقضاء , قال : "وأغرمنى أنا مالاً عظيماً , أجحفنى وأفقرنى لقبيح ما كنت جئت به .." ) انتهى كلام ابن الخطيب . وايضا قصة أخرى عجيبة من قصص المنصور بن أبى عامر فى هذا الجانب ذكرها أبو الحسن النباهى فى كتابه (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا) أنقلها لكم بتصرف : (كان المنصور بائتاً ليلة مع أحد إخوانه في غرفة، فرقد رفيقه، ودنيُّه، ولم يرقد هو قلقاً وسهراً فقال له صاحبه: يا هذا قد أضررتني هذه الليلة بهذا السهر , فدعنى أرقد ... فقال المنصور: إنني أتفكر في من يصلح أن يكون قاضياً للأندلس، ولمّا استغرب صاحبه ذلك، قال له: "يا هذا! أأنت أمير المؤمنين؟ فقال له: "هو كذلك". ثم أخذ صاحبه يعرض بعض أسماء القضاء وقال : يصلح فلانٌ ويصلح فلانٌ , ومحمد بن أبى عامر لا يجوز من المذكورين أحداً , حتى ذكر صاحبه "أبي بكر محمد بن يبقى بن زرب" العالم الجليل الفاضل ، فتهللت أسارير وجه محمد بن أبى عامر وقال : < يا هذا ! فرجت عنّى , ليس بالله يصلح لها أحدٌ غيره > ثم رقد ونام مطمئناً !!! ) هكذا كان المنصور بن أبى عامر فى حداثة سنّه يحدّث نفسه بحكم الأندلس , وأن يقود العسكر وينفذ حكمه فيها , فكان يضع هذا الهدف نصب عينيه ويعمل له ويخطط من أجله ويسعى من أجل تحقيقه .. حياة محمد بن أبى عامر فى قرطبة :- اقتعد محمد بن أبى عامر دكانا عند الزهراء – المدينة الملكية التى بناها عبد الرحمن الناصر – أيام الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – يكتب شكاوى الناس أو طلباتهم أو حاجاتهم التى يرفعونها الى الخليفة او الحاجب , وكان يأنس اليه فتيان القصر وظل على ذلك مدة حتى رفع ذكره وعلا شأنه وبدأ نجمه فى الظهور . حتى طلبت السيدة صبح زوج الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – وأم ولى العهد "هشام" من يكتب عنها , فدلوها على محمد بن أبى عامر , فترقى الى ان كتب عنها , فاستحسنته ونبهت عليه الحكم المستنصر – رحمه الله – ورغبت فى تشريفه بالخدمة . ومن ذلك اليوم وبدأ نجم محمد بن أبى عامر فى الظهور وظهرت منه نجابة وذكاء أعجبت الحكم المستنصر – رحمه الله , فترشح الى وكالة ولى العهد "هشام" لسنة 359هـ , فأعجبت به الحكم المستنصر , فولاه قضاء بعض الكور بأشبيلية , ثم ترقى الى المواريث والزكاة , فأظهر حسن التدبير مع ما له من الرأى السديد فأعجب به الحكم المستنصر – رحمه الله – فولاه الشرطة الوسطى بقرطبة , ثم أصبح صاحب السكة , ثم قدمه الى الأمانات بالعدوة .... وظل محمد بن أبى عامر فى ترقى مستمر وبدأ بزوغ فجره ومن ورائه فجر الأندلس كلها , حتى لازم الحكم المستنصر – رحمه الله – وأوكل اليه القيام على أمر ولى العهد "هشام" بن الحكم المستنصر , فبذلك أصبح محمد بن أبى عامر فى منزلة رفيعة جدا . وكان محمد بن أبى عامر يصطنع الرجال من حوله ويمهد لنفسه وكان يتخذ رجاله من البربر من أهل العدوة لخشونتهم وصلابتهم عند الحروب , ولكى يقوم بالقضاء على الصقالبة ويدمر نفوذهم فيما بعد كما سيأتى. بقايا مدينة الزهراء فى أسبانيا ... وبذلك أصبح محمد بن أبى عامر من كبار رجال القصر وهو مازال فى العقد الثالث من عمره , وليس يضاهيه فى منزلته إلا الحاجب – بمثابة رئيس الوزراء - جعفر المصحفىّ وقائد جيش الثغور غالب الناصرىّ , وأصبح محمد بن أبى عامر حديث العامة فى قرطبة , فكان لا يمر يوم إلا وهو فى زيادة ترقى , فكانت أيامه فى إقبال وتخبر عن سعده وبزوغ فجره وسطوع شمسه , فتمكن حبه للناس وكان بابه مفتوح لهم على الدوام , وأفشى الأمن فى قرطبة بعدما ضجت العامة من ضياع الأمن لكثرة اللصوص وتسلط الفتيان الصقالبة على العامة فقد ظهر وفشى ظلمهم وبغيهم , حتى قضى عليهم محمد بن أبى عامر كما سيأتى بيانه إن شاء الله . وفاة الحكم المستنصر -ر حمه الله :- وتوفى الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – فى قصره بقرطبة بعدما أصيب بالفالج , وذلك فى عام 366هـ , بعد أن حكم الأندلس 16 عاماً كانت كلها بركة وخير على المسلمين فى الأندلس , وولى من بعده ابنه "هشام" وهو ابن اثنتى عشرة سنة 12 سنة !! وتسمّى وتلقب " هشام المؤيد بالله " , وكان وقتها بلغ محمد بن أبى عامر 39 عاماً , فكان لابد من رجل يدبر أمره ويقوم على عمل الدولة وتدبير الخلافة . فتكون مجلس وصاية على الخليفة الصبىّ ويتكون من أكبر 3 رجال فى الأندلس وقتها وهم : 1- الحاجب جعفر المصحفىّ 2- قائد الثغور غالب الناصرىّ 3- قائد الشرطة وحاكم المدينة محمد بن أبى عامر عند وفاة الحكم المستنصر – رحمه الله – جاشت الروم وهاجت حتى كادت تطرق أبواب قرطبة , ولم يحرك الحاجب جعفر المصحفى ساكناً خوفاً على منصبه وتبعه فى ذلك غالب الناصرىّ قائد الثغور وكانت بينه وبين الحاجب جعفر المصحفى خلافة قديمة وبغضاً وكراهية شديدة , فلم يقم أى منهما لنصرة المسلمين وتأديب النصارى الذين هجموا على ثغور المسلمين . قال ابن حيان ( ... وجاشت النصرانية بموت الحكم وخرجوا على أهل الثغور فوصلوا إلى باب قرطبة ولم يجدوا عند جعفر المصحفي غناء ولا نصرة وكان مما أتى عليه أن أمر أهل قلعة رباح بقطع سد نهرهم لما تخيله من أن في ذلك النجاة من العدو ولم تقع حيلته لأكثر منه مع وفور الجيوش وجموع الأموال وكان ذلك من سقطات جعفر فأنف محمد بن أبي عامر من هذه الدنية .. ) انتهى كلام ابن حيان فقام محمد بن أبى عامر بأخذ رجاله وطلب من جعفر المصحفى أن يمده بالرجال والعتاد والمال اللازم للقيام بحملة لتأديب النصارى وليعلموا أن مازال بالمسلمين شوكة ومنعة , وبالفعل قام المنصور بحملة عظيمة جدا فى الشمال وغنم من السلاح والأموال الشيىء الكثير . وقفل راجعا الى قرطبة بعد 52 يوما من الغزو والجهاد وكان يوزع المال فى طريق عودته الى قرطبة على الجند والعوام حتى تمكن حبه فى قلوب الناس , واستبشروا به جدا . وكان وصياً على الصبى هشام المؤيد بالله , فقام بإسقاط ضريبة الزيتون عن الناس , فسروا بذلك أعظم سرور , ونسب شأنها الى محمد بن أبى عامر وأنه أشار الى ذلك , فأحبوه لذلك ثم يقول ابن عذارى فى "البيان المغرب " : ( ولم تزل الهمة تحذوه , والجد يحظيه , والقضاء يساعده , والسياسة الحسنة لا تفارقه , حتى قام بتدبير الخلافة , وأقعد من كان له فيها إنافة , وساس الأمور أحسن سياسة , وداس الخطوب بأخشن دياسة , فانتظمت له الممالك , وانضحت به المسالك , وانتشر الأمن فى كل طريق , واستشعر اليمن كل فريق , وأسقط جعفرا المصحفىّ , وعمل فيه ماأراده ... ) انتهى كلام ابن عذارى والتف المسلمون حول محمد بن أبى عامر , فى الوقت الذى بدأت أيام الحاجب جعفر المصحفىّ فى الزوال , فقد أفل نجمه وكورت شمسه ورغب الناس عنه , وأصبح يمشى وحيدا فى طرقات الزهراء بعد ان كان من قبل كثيف الموكب وجليل الهيبة وكان الناس لا يستطيعون الى الوصول اليه لكثافة موكبه . ثم أقدم محمد بن أبى عامر بالتحالف مع غالب الناصرىّ وتزوج ابنته "أسماء" وكان عرس مشهود فى الأندلس كلها , وبدأت نكبة الحاجب جعفر المصحفىّ , فخلعه محمد بن أبى عامر وأصبح الحاجب من بعده .. دينار هام يشمل اسماء الخليفة الحكم ابن الناصر، وصاحب السكة عامر والحاجب جعفر المصحفي فسبحان من يدبر الأمر وهكذا حال الدنيا , فظلّ فى تلك المحنة حتى نكبه محمد بن أبى عامر وسجنه فى سجن المُطبّق فى الزهراء حتى مات فى سجنه , وكان جعفر المصحفى يستعطف الحاجب محمد بن أبى عامر ويرسل له أبياتا : هبني أســـأت فأيـن العفـو والكرم *** إذ قادنـي نحـوك الإذعـان والنـدمُ يـا خـير مـن مـدت الأيـدي إليـه *** أمـا ترثي لشيــخٍ رمـاهُ عندك القلـمُ بالغت في السخط فاصفح مقتدر *** إن الملوك إذا ما استرحموا رحموا فما زاده ذلك إلا حنقا وحقدا, فكتب اليه : الآن يـــا جـــاهلا زلـــت بـــك القـــدم *** تـبـغي التـكــرم لمــا فـاتــك الكـــرمُ أغـــريـت بــي مـلكـا لـــولا تـثـبــته *** مــا جـــاز لـي عنــده نـــطق ولا كلـــمُ فايأس من العيش إذ قد صرت في طبق *** إن الملوك إذا مـا استنقموا نقموا نفــسي إذا سـخطــت لـيست براضيـــة *** ولـو تشفـع فيــك العـــرب والعـجمُ وحين جاء الأمر بسجن الحاجب جعفر المصحفىّ , ودّع أهله وابنائه , ومن عجيب ما قاله جعفر المصحفى فى هذا الأمر أنه كان ينتظر هذا منذ 40 أربعين سنة , وذلك لأنه سجن أحد الناس ظلما فى سجن المُطبّق بالزهراء فقام السجين وتضرع الى رب العالمين ودعا وقال فيما معناه : اللهم عليك بكل من ساعد فى سجنى ظلما وأهلكه فى غيابات السجون ... سبحن الله ... هذا يوم إجابة الدعاء وبالفعل سُجن جعفر المصحفى فى سجن المُطبّق بالزهراء ومات فيه .... وكان المؤرخون يشبّهون نكبة المصحفيين – آل جعفر المصحفى – بنكبة البرامكة فى المشرق أيام هارون الرشيد – رحمه الله - , وهكذا بدأت شمس محمد بن أبى عامر تسطع على الأندلس , وبدأ عهد جديد فى الأندلس , عهدٌ ما رأت الأندلس مثله ولا حتى أيام عبد الرحمن الناصر – رحمه الله - , إنه عهد الحاجب المنصور ..... ( يتبع )
|
#34
|
|||
|
|||
عهد الحاجب المنصور :- تحجب محمد بن أبى عامر لهشام المؤيد بالله , وحجره فى قصره بالزهراء ومنع دخول الناس اليه وتصرف بالملك بنفسه واتخذ جميع مراسم الملك , ونقش اسمه على السكة , وخطب له على المنابر , تلقب "بالمنصور" وأصبح يدعى ( الحاجب المنصور ) , وابتدأ معه عهد جديد للأندلس ما عرفت مثله من قبل . كانت من أول أعمال المنصور أنه نكب الصقالبة وأخرجهم من الزهراء بعدما فشى ظلمهم وتوحدت كلمتهم بعد موت الحكم المستنصر – رحمه الله – وظنوا أن لا غالب لهم , فاستبدل المنصور بهم البربر من أهل العدوة من زناتة وبنى برزال وغيرهم واستكثر منهم جدا وأصبحوا هم أهل خدمته وزينة ملكه . والحديث عن المنصور بن أبى عامر مرتبط بالضرورة بالحديث عن جهاده وغزواته ضد الممالك النصرانية فى الشمال , وسنفصل هذا لاحقاً إن شاء الله ... وأما عنه هيبته وحزمه :- كان رحمه الله حازما شديد الهيبة , ماسمعنا أن أحدا من ملوك الإسلام قديما وحديثا من هو بمثل هيبته إلا ماكان من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رحمه الله ورضى عنه , وفى ذلك يقول ابن سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة فى نكت الأخبار المأثورة " : ( انتهت هيبة المنصور بن أبى عامر وضبطه للجند واستخدام ذكور الرجال وقوّام الملك الى غاية لم يؤتها ملكٌ قبله !! , فكانت مواقفهم فى الميدان على احتفاله مثلا فى الزماته والإطراق , حتى أن الخيل لتتمثل إطراق فرسانها , فلا تكثر الصهيل والحمحمة .... !!!! ) وكان لربما يتساهل فى أى أمر من الأمور إلا التساهل فى أمر من أمور الدولة وما يتعلق بهيبة الدولة , وقد وصلت هيبته الى ملوك النصارى فى الشمال فكانوا يهتزون ويرتجفون فرقا ورعبا من ذكر اسمه وكاد الواحد منهم أن يهذى كالسكران اذا علم بقدوم المنصور بن أبى عامر اليه بجيش المسلمين لغزوه ... !! أى رجل كان !! رحمه الله ..... أما عن دينه وورعه :- فقد كان رحمه الله شديد التدين , قمع أهل البدع وأقام السنة , وبلغه أن مكتبة الحكم المستنصر – رحمه الله – بها كتب بعض الفلاسفة والملاحدة التى تنافى أصول الدين , وعلم بانتشار تلك الكتب وكادت أن تفسد عقائد الناس فقام بحرقها والتخلص منها ولله الحمد والمنة , وفى هذا يقول ابن عذارى فى كتابه (البيان المغرب .. ) : ( وكان المنصور أشدّ الناس فى التغير على من عَلِمَ عنده شيىء من الفلسفة والجدل فى الاعتقاد والتكلم فى شيىء من قضايا النجوم وأدلتها , والاستخفاف بشىء من أمور الشريعة , وأحرق ما كان فى خزائن الحَكَم من كتب الدّهريّة والفلاسفة بمحضر كبار العلماء , منهم الأصيلىّ وابن ذكوان والزبيدىّ وغيرهم , واستولى على حرق جميعها بيده ... ) انتهى كلام ابن عذارى. وكان شديد التعظيم للعلماء بدرجة كبيرة جدا , فقد ذكر النباهى فى كتابه "المرقبة العليا" فى ذكره لترجمة العالم الجليل محمد بن يبقى بن زرب حين وفاة الإمام : ( وأظهر ابن أبى عامر لموته غمّاً شديداً , وكتب لورثته كتاب حفظ ورعاية انتفعوا به , واستدعى ابنه محمد , وهو طفلٌ ابن ثلاثة أعوام , فوصله بثلاثة آلاف دينار , وألطافٍ قيمتها ما يناهز العدد المسمّى ..... وليس ذلك من أفعال المنصور ببدع , فقد كان فى حسن معاملته للناس والوفاء لهم بمنزلةٍ لا يقوم بوصفها كتابٌ , حتى يُقال إنه لا يأتى الزمان بمثله فى فضله , ولا طفرت الأيدى بشكله ... ) انتهى كلام النباهى الله أكبر , أرأيتم كيف يكون معاملة الحاكم والأمير للعلماء , فلا ينكرون فضلهم ولا يستغنون عن مشورتهم بل ويمتثلون أمرهم , وبهذا يكون النصر والتمكين .... وايضا فيما ورد عن دينه وتواضعه ما ذكره ايضا النباهى فى كتابه "المرقبة العليا" فى ترجمة الإمام محمد بن يبقى بن زرب عند صلاة الاستسقاء فى قرطبة , وأخبر أنه صلى 10 مرات صلاة الاستسقاء فحضر معه مرة المنصور بن أبى عامر فكان من أمره ما ذكره النباهى فى كتابه : ( حضر معهم المنصور محمد بن أبى عامر استسقاءاً واحداً , ولبوسه ثيابٌ بيضٌ وعلى رأسه أُقرُفُ وشْىٍ أغبر , على شكل أهل المصايب بالأندلس قديماً , قد أبدى الخشوع , وهو باكٍ ودموعه تسيل على لحيته : فتقدم الى جناح المحراب عن يمين الإمام , وقد كان فُرش له هنالك حصيرٌ ليُصلّى عليه , فدفعه برجله وأمر بنزعه وجلس على الأرض , وشهد الاستسقاء !!! ) انتهى كلام النباهى الله أكبر , هذه والله هى العزة والكرامة , فإذا خشع الحاكم والأمير استجلب معه رحمات الله , كما قال الإمام المنذر بن سعيد حين أخبروه بأن الخليفة عبد الرحمن الناصر يبكى بكاء مريرا من الخشوع والخشية ويبتهل الى الله بنزول المطر , فقال المنذر بن سعيد – رحمه الله - : أبشروا .. اذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء !! جامع قرطبة فى اسبانيا , وقد بنيت بداخله كاتدرائية للنصارى وتحول الباقى الى متحف !! وقد أخبر ابن حيان فى كتابه عن المنصور بن أبى عامر : ( وكان متسماً بصحه باطنه , واعترافه بذنبه , وخوفه من ربه , وكثرة جهاده ,واذا ذُكّر بالله ذكر , واذا خُوّف من عقابه ازدجر ... ) وقال ابن خلدون مخبرا عن المنصور بن أبى عامر : ( أرخص للجند فى العطاء وأعلى مراتب العلماء وقمع أهل البدع , وكان ذا عقل ورأى وشجاعة وبصر بالحروب ودين متين .. ) هكذا كان حكامنا وعلاقتهم مع الله , وما ارتبط اسم أحد من عظماء المسلمين بالعزة والمجد إلا ووجدته له حال عجيب مع الله سبحانه وتعالى , وهذا من سنن الله فى الكون , من استمسك بالله وجبت له العزة والتمكين . بل أن المنصور – رحمه الله – اختط بيده مصحفاً كان يحمله معه فى غزواته ويقرأ فيه ويتبرك به !!! , وكان يحمل معه أكفانه وكان أمنيته التى يدعوا الله بها دائما أن يتوفاه الله وهو فى طريقه للغزو والجهاد !! , والحديث عن جهاد المنصور يطول جدا لذا قمت بإختصاره كما سيأتى إن شاء الله ... وكان المنصور بن أبى عامر على مذهب الإمام مالك على عادة أهل الأندلس وقتها وقد أمر المنصور الفقيه المشهور أبو مروان القرشى المعيْطى والفقيه أبو عمر أحمد بن عبد الملك المعروف بابن المكوى أن يجمعوا كتابا فيه أقاويل الإمام مالك بن أنس – رضى الله عنه - وروايات أصحابه عنه لينتفع به علماء المسلمين !! وذكر ابن سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة" , وذكرها ابن الآبار فى "إعتاب الكتاب" وغيرهما , قال خلف بن حسين بن حيان , وهو والد أبى مروان ابن حيان صاحب كتاب "نفح الطيب" وكان أبوه من كتاب المنصور بن أبى عامر , فأخبر عن نفسه وقال : ( بكّتنى المنصور محمد بن أبى عامر يوماً على ما أنكره منى تبكيتاً بعث من فزعى ما اضطربت منه , فلما أخلى مجلسه قال لى : رأيت من فزعك وشدة روعك ما استنكرته منك , ومن وثق بالله برىء من الحول والقوة لله , وإنما أنا آلة من آلات الله تعالى , أتصرف بمشيئته وأسطو بقدرته وأعفو عن إذنه , ولا أملك لنفسى إلا ما أملك من نفسى لسواى , فطأمن جأشك وأزل عنك روعك , فإنما أنا ابن امرأة من تميم طالما تقوتت بثمن غزلها , أغدو به الى السوق وأنا أفرح الناس بمكانه , ثم جاء من أمر الله ما تراه , ثم قال : يابن حيان , إن أفضل الناس غراسا من غرس الخير , وإن أفضل السلطان غراسا ما أثمر فى الآخرة , ومن أنا عند الله تعالى لولا عطفى على المستضعف المظلوم وقصمى للجبار الغشوم اللاهى عن حقوق ربه بفسوقه ودنسه .. هكذا كان تواضعه واعترافه بفضل ربه عليه ... !!! أما عن عدله فى الرعية :- كان رحمه الله عادلاً يكره الظلم والبغى , وكان لا يستهين بأمر الظالم , بل لربما أمر بتغليظ العقوبة عليه ليرتدع أهل الشرور وكان لا يقبل شفاعة أحد أبداً ولو كان من المقربين اليه , بل وإن كان من أهله ... !! ومن أروع الأمثلة التى ضربها المنصور بن أبى عامر فى العدل وعدم الرفق بأهل الغدر والظلم , ما حدث مع ابنه عبد الله بن المنصور بن أبى عامر حين لجأ الى ملك ليون وأراد أن يساعده فى الخروج على أبيه وشق عصا الطاعة وعزل أبيه , فكان ماكان من المنصور إلا أن أمر ملك ليون بتسليم ابنه , فسلمه ابنه عبد الله , وقام بضرب عنقه جزاء خيانته , ولم تأخذه به رأفة ولا رحمة !!!! وله بذلك القصص المشهورة والأحاديث المنثورة التى سارت بها الركبان وتسامر بها الرجال فى مجالسهم , ومنها ما ذكره ابن حيان فى كتابه : ( وأما عن عدله أنه وقف عليه رجل من العامة بمجلسه , فنادى : ياناصر الحق , إن لى مظلمة عند ذلك الوصيف الذى على رأسك , وأشار الى الفتى صاحب الدرقة , وكان من المقربين الى المنصور بن أبى عامر , ثم قال : وقد دعوته الى الحاكم فلم يأتِ – لمكانته عند المنصور - , فقال له المنصور وقد اشتد غضبه : أوَ عبد الرحمن بن فطيس – القاضى - بهذا العجز والمهانة !! , وكنا نظنّه أمضى من ذلك ؟ ثم وجه كلامه للقاضى وقال له :يا عبد الرحمن , أعجزت أن تأخذ العدل , أوَ كنت مهانا فلم تصل اليه !! , ثم قال للمظلوم : اذكر مظلمتك ياهذا , فذكر الرجل معاملة كانت جارية بينهما فقطعها من غير نَصَفٍ , فقال المنصور : ما أعظم بليتنا بهذه الحاشية , ثن نظر الى الصقلبىّ وقد ذُهل عقله – أى الفتى – فقال له : ادفع الدرقة الى فلان , وانزل صاغرا – ذليلا – وساو خصمك فى مقامه حتى يرفعك الحق او يضعك !! ففعل ومثل بين يديه , ثم قال لصاحب شرطته الخاص به : خذ بيد هذا الفاسق الظالم وقدمه مع خصمه الى صاحب المظالم لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما يوجبه الحق من سجن أو غيره .. ففعل ذلك , وعاد الرجل اليه شاكراً , فقال له المنصور : قد انتصف أنت , اذهب لسبيلك , وبقى انتصافى أنا ممن تهاون بمنزلتى .. فتناول الصقلبىّ بأنواع من المذلة , وأبعده عن الخدمة ... ) انتهى كلام ابن حيان دينار ضرب عام 377 في عهد الحاجب المنصور ومن ذلك أيضا ما رواه ابن حيان فى كتابه : ( ومن ذلك قصة فتاه الكبير المعروف "بالبورقى" – اسم الفتى – مع التاجر المغربى , فإنهما تنازعا فى خصومة توجهت فيها اليمين على الفتى المذكور , وهو يومئذ أكبر خدم المنصور , واليه أمر داره وحرمه , فدافع الحاكم وظن أن جاهه يمنع من إحلافه .. فصرخ التاجر بالمنصور فى طريقه الى الجامع متظلما من الفتى , فوكل به فى الوقت من حمله الى الحاكم , فأنصفه منه , وسخط عليه المنصور , وقبض نعمته منه ونفاه .. ) انتهى كلام ابن حيان ومواقف المنصور بن أبى عامر فى عدله كثيرة ولكن أكتفى بما ذكرته آنفا , حتى لا أطيل ... ( يتبع)
|
#35
|
|||
|
|||
أما عن جهاده وغزواته :- لا أجد كلمات أوصف بها حب المنصور بن أبى عامر للجهاد والغزو فى سبيل الله , يكفى أن تعلموا أن المنصور بن أبى عامر قاد جيوش المسلمين الى النصر والفتح فى زهاء 54 غزوة ومعركة , فلم يهزم فى واحدة منها قط !! , وكان يأمر غلمانه بتنظيف ثوبه وأخذ ما علق به من غبار المعارك والغزوات وأمر أن تدفن معه فى قبره لتكون شاهد له عند الله يوم القيامة بجهاده فى سبيله !! ووصل بجيوشه الى أماكن لم يفتحها المسلمون من قبل من أيام طارق بن زياد وموسى بن نصير , وبلغت الأندلس فى عهده من العزة والمجد والتمكين الى درجة لم يبلغها حاكم قبله ولا بعده !! وقال عنه الفتح بن خاقان فى كتابه (مطمح الأنفس ومسرح التأنس فى ملح أهل الأندلس) : ( إنه تمرّس ببلاد الشرك أعظم تمرّس , ومحا من طواغيتها كل تعجرف وتغطرس , وغادرهم صرعى البقاع , وتركهم أذل من وتدٍ بقاع , ووالى على بلادهم الوقائع , وسدّد الى أكبادهم سهام الفجائع , وأغصّ بالحِمام أرواحهم , ونغّص تلك الآلام بكورهم وروَاحهم ... ) انتهى كلام الفتح بن خاقان فقد كان رحمه الله أعجوبة دهره وأوحد زمانه , له فى كل عام غزوتان "الصوائف والشواتى" , كان يهتم جدا بالناحية العسكرية فى دولته حتى لكم أن تعلموا أن عدد الفرسان فى الجيش المرابط (الثابت) وصل الى 112.000 اثنى عشر ألف ومائة فارس من سائر الطبقات , جميعهم مدونون فى الديوان وتصرف لهم النفقات والأعطية والهبات , وبلغ عدد المشاة الى 26.000 ستة وعشرين ألف راجل , وتتضاعف تلك الأعداد فى الصوائف بسبب كثرة المتطوعين حتى أنها وصلت الى مائة ألف 100.000 من المشاة !! جيوش المسلمين بقيادة الحاجب المنصور حتى أنه من كثرة قوى الجيش النظامية أصدر مرسوما عام 388هـ بإعفاء الناس من إجبارهم على الغزو , اكتفاء بعدد الجيش المرابط , وقرأ الخطباء على الناس ذلك المرسوم وفيه : " بأن من تطوع خيراً فهو خير , ومن خف اليه فمبرور ومأجور , ومن تثاقل فمعذور " , فسُرّ لذلك الناس سرورا بالغاً . وكانت له سُنّة فى غزواته وهى أن يحمل النصارى بأنفسهم الغنائم الى قرطبة إمعانا فى ذلهم وتدميرا لكيدهم . وكانت جميع الممالك النصرانية فى الشمال تدفع للمسلمين الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ... دمّر المنصور بن أبى عامر جميع الممالك النصارانية المتواجدة فى شمال الأندلس تدميرا بالغاً , كانت غزواته فى الممالك النصرانية كالصاعقة والعاصفة المدمرة التى لا تبقى ولا تذر , فكم من قلوع وحصون للنصارى سواها بالتراب , وكم من ملوك وقواد للنصارى هلكوا على يد المنصور بن أبى عامر !! فكان رحمه الله هو الذى ثأر لهزيمة المسلمين أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق أمام قلعة سمّورة المنيعة جدا , ففى اثناء حكم الحاجب المنصور ثارت القوط وتحركت وقامت بأعمال تخريبية فى مدن المسلمين وقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا وكان يمتنعون من المسلمين دوما فى قلعة سمّورة الحصينة والتى هى أمنع حصون النصارى فى الشمال , فقام المنصور عام 371هـ بحملة عسكرية كالصاعقة على القوط فى تلك القلعة واستطاع ان يدمرها ويقتحمها وفتك بحاميتها من النصارى , فهرب أهلها الى قلعة قريبة تسمى "سانت مانس" فدخل عليهم المنصور ودمرها فأصبح الطريق الى مدينة ليون العاصمة مفتوحا وسائغا , ولكنه لم يدخل ليون هذا العام لشدة البرد وقتها وتساقط الثلوج فى تلك المناطق . وفى عام 373هـ قام المنصور بغزوة "ليون الكبرى" حيث قاد الحاجب المنصور الجيوش ووصل الى مدينة ليون عاصمة اقليم جيليقية وحاصرها حصاراً شديدا , فجاء اليها المدد من كل مكان لأهميتها وقدسيتها للنصارى , فوصل مدد من إفرنسة "فرنسا" بشكل خاص ولكنه استطاع فى النهاية ان ينزل الهزيمة على الفرنجة والنصارى ودخل عاصمتهم وخرب قلاعها وحصونها وساق منها 3 آلاف أسير وأمر أن يرفع الآذان فى جنبات ليون لأول مرة بعد أن سقطت لأول مرة منذ الفتح الإسلامى الأول .... الأندلس فى عهد الحاجب المنصور وفى عام 374هـ أعاد فتح برشلونه فى أقصى شمال الأندلس وهزم الفرنسيين شر هزيمة وضمها مرة أخرى للمسلمين , بعد ان سقطت فى أيدى الفرنجة من الفرنسيين بعد فتحها على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير أيام الفتح الأول. ولم تقتصر منطقة نفوذ الحاجب المنصور على الأندلس فقط , بل سيطر على شمال المغرب سيطرة تامة وخضعت لسلطانه , بعد أن ثار البربر من أهل العدوة على الحسن بن كنّون نائب الخليفة الفاطمىّ العبيدىّ على المغرب واستطاع هذا الرجل ان يجمع حوله الأنصار من البربر وثارت القلاقل والفتن فى المغرب , فلم ينتظر الحاجب المنصور أن تكبر الفتنة , بل أرسل ابن عمه عمرو بن عبد الله على رأس جيش لمحاربة الحكم الفاطمى العبيدى الشيعى وإخراجهم من المغرب , ثم أرسل جيشا آخر بعد ذلك بقيادة ابنه عبد الملك الظفر بن المنصور بن أبى عامر ودخل فاس , واستقر أمر المغرب للمنصور , فبلغت الأندلس فى عهده أقصى اتساع لها !! وفى عام 379هـ ثار عبد الله بن المنصور على أبيه الحاجب المنصور إذ كان يحكم مدينة "سانت استيفان" ولجأ الى بلاد البشكنش - اقليم الباسك حالياً - فطلب المنصور من "غرسيه" حاكم البشكنش بتسليم ابنه فرفض "غرسيه" فقام المنصور بحملة عسكرية قوية على بلاد البشكنش ودام القتال أياما وكان قتالا مروعا حتى أنزل الله النصر على المسلمين وأيدهم بجنود من عنده وجعل كلمة الذين كفروا السفلى , وهُزم البشكنش مما اضطر غرسيه الى قبول الصلح وتسليم عبد الله بن المنصور الى أبيه ومعه كل من ساعده من المسلمين , فقام المنصور بضرب أعناقهم جميعا بما فيهم ابنه عبد الله !! غزوات المنصور - الأسهم السوداء ومن أهم وأعظم معارك المنصور على الإطلاق والتى هى بمثابة غرة المعارك الإسلامية فى جزيرة الأندلس , هى معركة "شنت ياقب" – سانت يعقوب - حيث وصل الى أقصى بلاد جيليقية الى حيث لم يصل مسلم من قبل , ومدينة – سانت يعقوب - تمثل العاصمة الروحية الدينية لنصارى أوربا قاطبة , وكعبة النصرانية وتأتى أهيمتها بعد بيت المقدس ورومية – روما - عندهم , فبها قبر يعقوب الحوارىّ ويزعمون أنه كان من أخص حوارىّ عيسى – عليه الصلاة والسلام – وكان قبره بمثابة الكعبة عندهم – وللكعبة المثل الأعلى – ويفدون اليه من رومية وشرق أوربا ومن كل مكان . كنيسة شنت ياقب - sandiago - فى أقصى شمال غرب أسبانيا وقد قاموا ببناء كنيسة ضخمة جدا على هذا القبر وكانوا يحجون اليه من كل مكان كما ذكرنا . وكانت تلك البلاد هى أمنع بلاد النصارى فى الأندلس لوعورة طرقها وخطورة مفاوزها وصعوبة اجتيازها بالجند . ولم يفكر أحد من قادة المسلمين من أيام طارق بن زياد أن يقصد تلك المنطقة الجبلية الوعرة . فقصد المنصور بن أبى عامر تلك البلاد لسببين رئيسيين ذكرهما د. محمد عبد الله عنان فى كتابه (دولة الإسلام فى الأندلس ) وهما : 1- أنها كانت ملاذا وملجأ لملوك ليون , يمتنعون بها كلما أرهقتهم الغزوات الاسلامية بقيادة المنصور 2- أنها كانت كعبة اسبانيا النصرانية ومزارها المقدس ورمز زعامتها الروحية , وقد شاء المنصور أن يضرب أسبانيا النصرانية فى صميم معقلها القاصى , وفى صميم زعامتها الروحية .. خرج المنصور بن أبى عامر على رأس جيش ضخم فى يوم 23 الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 387هـ ( 3 يوليه 997م ) وكانت هذه هى الغزوة الثامنة والأربعين للمنصور , وفى نفس الوقت تحرك الاسطول الاسلامى الذى أعده المنصور لهذه الغزوة العظيمة من مرساه أمام قصر أبى دانس على الساحل الغربى للأندلس فى بلاد البرتقال – البرتغال الآن – وتحرك شمالا فى محاذاة الشاطىء البرتغالى وهو يحمل أقوات الجنود والذخيرة وكل ما يحتاجونه من مؤن .. وكانت الخطة التى وضعها المنصور بن أبى عامر محكمة للغاية , فجعل يمشى بجنده على اليابسة شمالا باتجاه الغرب على أن يوافيه الاسطول الاسلامى عند نهر دويرة , وكانت مسيرة المنصور بن أبى عامر فى غاية المشقة لكثرة السلاسل الجبلية وكثرة الأنهار ووعورة الطرق , حتى أنه فى أثناء مسيره عرض له جبل ضخم شامخ شديد الوعورة لا مسلك فيه ولا طريق , ولم يهتدى الأدلاّء الى سواه , فجعل المنصور يقدّم الفَعَلة – الحرفيين – ويمدهم بالحديد والفوؤس لتوسعة الشعاب وتسهيل وتعبيد المسالك والمفاوز !! الى هذا الحد كان المنصور حريصا على غزو النصارى ولم يفت في عضده او يوهن كيده صعوبة الطريق ووعورته !! وبالفعل استطاع المنصور بن أبى عامر أن يفتح المسالك والشعاب واخترق الأراضى الوعرة وهو فى أثناء ذلك يقتحم حصون النصارى ويأسر منهم أعداد كبيرة فى طريقه , وما ان يسمع أهل قرية بقدوم المنصور حتى يهربوا منها وتفرّ حاميتها الى قرى مجاورة , فغنم أمولاً عظيمة وأسلحة كثيرة ولله الحمد والمنة ... وعند وصول المنصور الى نهر دويرة وافاه الاسطول الاسلامى , فجعل منه المنصور بن أبى عامر جسرا لعبور قواته الى الجانب الآخر وهكذا , واتجه الجيش الاسلامى صوب جيليقة مخترقا الشعاب والسهول والوديان والجبال والأنهار وهو فى مسيره لا يكف عن الجهاد والقتال فيحطم القلاع والحصون ويهدم المدن والقرى .... حتى وصل الى مشارف مدينة (شنت ياقوب) – سانت يعقوب – يوم الأربعاء الموافق 2 الثانى من شعبان عام 387هـ ( 11 اغسطس 997م) , فدخلها المنصور بجنده وقد فرّ منها أهلها وحاميتها , فأمر المنصور بهدم القلاع والحصون وخرّب المدينة ودمّر الكنيسة العظيمة التى بنوها فوق قبر الحوارىّ المزعوم عندهم , فسواها بالتراب , ولكنه أمر بحماية القبر وصونه وعدم مساسه بأى اذى !! – احتراما لتعاليم الاسلام ... وأخذ المسلمون أبواب المدينة والكنيسة ونواقيس الكنيسة العظمى وحملها الأسرى النصارى على كواهلهم حتى قرطبة، واستخدمت في توسيع الجامع وعلقت به النواقيس رؤوسًا للثريات الكبرى وأصبحت الكنيسة العظمة للنصارى أثرا بعد عين !! ووجد المنصور رجلاً شيخا كبيرا من النصارى جالس بجوار القبر فسأله عن شأنه , فقال : أونس يعقوب !! , فأمر المنصور بالكفّ عنه . قبر يعقوب الحوارىّ المزعوم لدى النصارى بداخل الكنيسة وترك المنصور بن أبى عامر المدينة كأن لم تغن بالأمس , واهتزت النصرانية من أقصاها الى أقصاها , ونزل الخبر على نصارى العالم كالصاعقة فمنذ الفتح الأول للمسلمين للأندلس لم ينهزموا مثل هذه الهزيمة ولم يلحقهم مثل هذا الذل والصغار !! وأرسل المنصور كتاب الفتح والنصر الى قرطبة , ففرح المسلمون بهذا النصر جدا ولهجت العامة بالدعاء لمنصور , وظل المنصور فى جهاده مع النصارى فى الأندلس طوال 27 عاما غزا فيها أكثر من 54 غزوة !! والحديث عن غزوات المنصور بن أبى عامر حديث جليل وعظيم جدا , لكن أكتفى بما ذكرته آنفاً. أما عن حبه للأدب والعلوم : كان المنصور بن أبى عامر يعشق الأدب والشعر بل وينظم شعراً , فمن شعره يفتخر :- ألم ترنى بعتُ الإقـامـةَ بالسُّرى *** ولين الحشايـا بالخــيول الضـوامرِ؟ تبدَّلْتُ بعد الزعفــرانِ وطِـيبِه *** صدا الدّرع من مستحكمات المسـامرِ أرونى فتىً يحمى حماىَ ومـوقفى *** إذا اشتـجر الأقـرانُ بين العساكرِ أنا الحـاجب المنصور من آل عامرٍ *** بسيفى أقُدُّ الهـام تحت المغـافرِ تــلادُ أمـير المـؤمنين وعَبـــدُهُ *** وناصــحه المشـهودُ يــومَ المفـــاخرِ فــلا تحسـبوا أنــى شُـغلت بغــيركم *** ولكـــن أطـعتُ الله فى كــل كـافرِ ومن شعره أيضاً , يفتخر : رميت بنفسى هول كل عظيمةٍ *** وخاطرتُ والحر الكريمُ يخاطرُ ومـا صاحبى إلا جنـان مشيعٌ *** وأسمر خطى وأبيـض بـاترُ ومن شيمى أنى على كل طـالبٍ *** أجـودُ بمالٍ لا تقيه المعـاذرُ وإنى لزجاء الجيـوش الى الوغى *** أسـود تلاقيها أسـود خوادرُ فسُدتُ بنفسى أهل كل سيادة *** وفاخرت حتى لم أجد من أفاخرُ ومـا شِدتُ بنياناً ولكن زيادة *** على ما بنى عبد المليك وعـامرُ ورفعنا المعـالى بالعوالى حـديثَهُ *** وأورثناها فى القـديم معـافرُ وله أيضا يتوعد صاحب الدولة الفاطمية العبيدية الخبيثة ويمنى نفسه فى القضاء عليه وحكم مصر والحجاز : منع العين أن تذوق المناما *** حُبها أن ترى الصفا والمقاما لى ديون بالشرق عند أناسٍ *** قد أحلوا بالمشعرين الحراما إن قضوها نالوا الأمـانى وإلا *** جعلـوا دونهـا رقـاباً وهـاما عـن قـريبٍ تـرى خـيول هشـام *** يبلغ النيلَ خطوُها والشآما وكانت دولة المنصور وحكومته تضم عددا من الوزراء والكتاب والشعراء الأفذاذ أمثال : أبو العلاء صاعد اللغوى وكذلك أبو مروان عبد الملك بن شهيد وأحمد بن سعيد ابن حزم والد الفيلسوف والعالم الشهير ابن حزم وآخرون ممن هم مشهود لهم بالفضل والعلم وواسع المعرفة . وكان يوسع النفقة على الأدباء والشعراء وكان المنصور له مجلس أسبوعى يعقده للبحث والمناظرة ويشهده كثير من العلماء والأدباء , كما اهتم جدا بإنشاء دور العلم فى الأندلس وفى قرطبة وبالغ فى الإنفاق عليها وكان يزور المساجد والمدارس بنفسه وكان يجالس الطلاب أحيانا !! وإهتمام المنصور بن أبى عامر بالأدب شيىء معروف ومشهور وأكتفى بما ذكرته آنفا .. مسجد قرطبة مناقب المنصور بن أبى عامر : اهتم المنصور بن أبى عامر بالأوجه الحضارية كذلك فابتنى مدينة "الزاهرة" على غرار "الزهراء" ونقل اليها كل دوواين الحكم وجعلها عاصمة لملكه وفرغ من بناءها عام 370هـ وكانت آية فى البناء الجمال وجلب اليها المنصور بن أبى عامر غلمانه وحاشيته ووزراءه , ففرغت "الزهراء" منهم وملئت الزاهرة وكثر فيها الأسواق والقصور وامتازت بحسن حدائقها وجمال عمرانها واعتدال هواءها وفيها يقول صاعد اللغوىّ : يا أيهـا الملكُ المنصـورُ من يمنٍ *** والمُبتنى نسبـاً غـير الذى انتسبا بغزوة فى قلـوب الشـرك رائعة *** بين المنـايا تُناغى السُّمر والقُضُبَا أما ترى العين تجرى فوق مرْمَرِها *** هوىً فتجرى على أخفاقها الطربا أجريتها فطـما الـزاهى بَجرْيتها *** كمـا طمــوتَ فَسـُدْتَ العُـجْمَ والـعَرَبَا تخــالُ فـيه جـنـودَ المــاءِ رافلــةً *** مستلئمـات تُـريـك الــدرع والـيَلَبـَا تَـحِفـُّهـا مـن فنــونِ الأيْكِ زاهـرةً *** قــد أوْرَقـَتْ فضـة إذْ أَوْرَقَـت ذَهَـبا بديعـــة المـلك مـا ينفكُّ نـاظـرها *** يتلـو على السمـعِ منها آيــة عَـجَبَا ولا يُحْســن الــدَّهْرُ أن يُـنشي لـها مَثَلا *** ولـو تعنّت فـيها نفســه طَلَبـَـا وأصحبت الزاهرة هى حاضرة الأندلس ونافست قرطبة فى جمالها وروعة بنيانها واتسعت وزادت مساحتها حتى اتصلت أرباضها بأرباض قرطبة , وبنى المنصور بمنطقة فيها مجموعة من قصوره وسماها (مُنية العامرية) وكانت بها أروع قصور المنصور وأحظى بيوته , دخل عليه يوما ابن أبى الحُباب فى بعض قصوره بمنية العامرية والورد قد تفتحت أوراقه وزاد جمال القصر وبهجته والشمس ساطعة تعكس أنوارها المياه الجارية بالقصر فكان المنظر بحق بديع , فقال فى ذلك : لا يـوم كاليـوم فـى أيامــك الأُولِ *** بـالعامــرية ذات المـاء والظُـللِ هـواؤها فى جميع الدهر معتدلٌ *** طيـبا وإن حــل فصلٌ غيـرُ معـتدلِ ما إن يُبالى الذى يحتل ساحتها *** بالسعد أن لا تحلّ الشمسُ بالحملِ كما أن المنصور بن أبى عامر جدد بناء قنطرة قرطبة التى تعد من عجائب الدنيا فى ذلك الزمن وأعاد بنائها سنة 378هـ واستغرق بناؤها سنة ونصف وأنفق لذلك مائة وأربعين ألف دينار !!! وبنى كذلك قنطرة آستجة على نهر شنيل وكلفت كثير من الجهد والوقت لكنها سهلت الكثير على المسلمين , ولهجت العامة بالدعاء للمنصور بن أبى عامر – رحمه الله قنطرة قرطبة فى أسبانيا التى جددها المنصور بن أبى عامر ومن أعظم مناقبه كذلك وهى الزيادة والتوسعة التى وسعها فى جامع قرطبة العظيم الذى لم يبنى مثله فى الإسلام !! , فأضاف اليه مثل مساحته تقريبا , وكان يرسل أسرى النصارى للعمل فى البناء , وكان المنصور يشترك بنفسه أحيانا فى أعمال البناء , وكانت تلك هى أضخم وآخر التوسعات التى تمت لجامع قرطبة , فشرع فى البناء عام 387هـ واشترى المنصور البيوت والأملاك الواقعة ضمن منطقة التوسعة وحرص على إنصاف أصحابها , وتضاعف حجم الجامع جدا , وبلغ عدد سوارى المسجد ما بين كبيرة وصغيرة الى ألف وأربعمائة وسبعة عشرة 1417 سارية – عمود - , وبلغت كذلك عدد الثريات مابين كبيرة وصغيرة الى مائتان وثمانون 280 , وعدد الكؤوس سبعة آلاف وأربعمائة وخمس وعشرون كأسا 7425 , وكان يخدم الجامع من أئمة ومقرئين وأمناء ومؤذنين وسَدَنة ومُوقدين – يوقدوا الشموع والمصابيح للإنارة – وغيرهم أكثر من مائة وتسعة وخمسون 159 شخصاً , وفى رمضان يُوقد العود والطيب فى جميع أنحاء الجامع ...... مسجد قرطبة ومن أهم مناقب المنصور هو عمله على إذلال الممالك النصرانية فى الشمال والعمل على تأديبهم المستمر حتى لا يفكروا إلا فى طلب ود وجوار المسلمين , ومن أجل ذلك أرسل ملك قشتالة "شانجة" ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه !! وعندما جاء الى قرطبة بعد هزيمته مع المسلمين , وأثناء مروره بين صفوف العسكر والجند وأهل الخدمة انخلع قلبه من الرهبة والهيبة حتى ارتعدت فرائصه , ودخل مجلس المنصور فما إن وقعت عينه على المنصور بن أبى عامر حتى هوى على الأرض من فرط هيبيته وقبّل قدم المنصور ويده !!! أى عزة هذه بالله عليكم !!! اللهم أعد لنا عزتنا واكتب لنا النصر والتمكين !! وللمنصور مناقب أخرى كثيرة ولو أخذت بحصرها ما انتهيت منها وأكتفى بما ذكرته .... ( يتبع )
|
#36
|
|||
|
|||
قطوف من أخبار المنصور ومآثره :- الراية المنسية : كان كلما غزا المنصور غزوة أخذو جنوده الرايات فيثبتونها على الأماكن العالية ثم يأخذونها حين يرحلون , وفى أحد الغزوات نسى أحد الجنود راية على أعلى التبة بين الحصون والقلاع بعدما فر أهلها وهرب جنود النصارى بين الشعاب والجبال , ورحل المسلمين ونسوا تلك الراية , فظل النصارى يرمقون تلك الراية فى رعب شديد وهم يظنون أن المسلمين مازالوا هناك ,وظلوا على ذلك زمن حتى علموا برجوع المسلمين منذ زمن !! هكذا كانت العزة ..... راية واحدة منسية أرعبت جنود النصارى وعاشوا من أجلها فى ذعر ورعب وهلع !! توسعة وزيادة المنصور لجامع قرطبة باللون البنى فى يمين الصورة هذا طليق الله على رغم أنف ابن ابى عامر : عُرض على المنصور بن أبى عامر يوما اسم أحد خدّامه ممن قد طال سجنه , وكان شديد الحقد عليه . فوقّع على اسمه أنه لا سبيل الى إطلاقه ابداً ويظل فى السجن الى أن يتوفاه الله , وعرف هذا الخادم ما وقّع عليه المنصور بن أبى عامر , فاغتم لذلك غما شديدا وأخذ يتوسل الى الله ويتضرع اليه , فجاء المنصور بن أبى عامر الأرق ولم يستطع النوم من أجل ذلك , وكان كلما حاول النوم آتاه رجل كريه الوجه عنيف الكلام يأمره أن بإطلاق الرجل ويتوعده , وظل المنصور على ذلك زمن لا يستطيع أن ينام بسبب ما يأته فى منامه , حتى علم المنصور أن هذا نذير من ربه فأخذ رقعة ودعا بالدواة فى مرقده وعلى فراشه فكتب : هذا طليق الله على رغم أنف ابن أبى عامر ..!!! وظل الناس يتحدثون بهذا زمانا .... الأسيرة : أرسل المنصور يوما رسولا الى بلاد البشكنش "اقليم الباسك حاليا" فى وقت السلم والمعاهدة , وكان من شروط المعاهدة أن لا يبقى أسير مسلم فى بلاد النصارى , عندما وفد هذا الرسول الى تلك البلاد استقبله ملكها أحسن استقبال وأكرمه وأحسن ضيافته , وسمح له أن يتجول فى بلده كما يحب , فدخل أحد أكبر كنائسهم وإذا هو بالداخل إذ وجد امرأة قد أقبلت عليه وقالت له : أيرضى المنصور أن ينسى بتنعمه بؤسها !! , وأخبرته أنها أسيرة فى تلك الكنيسه ومعها امرأتين من المسلمين كذلك ومضى لهن سنين طويلة فى تلك الكنيسة , واستحلفته أن يخبر المنصور بشأنها .. وعاد الرسول الى المنصور فى قرطبة يخبره بنتائج الزيارة وحكى له عن تجواله فى أراضى المملكة , فقال له المنصور : هل وقفت هناك على أمر أنكرته , أم لم تقف على غير ما ذكرته ؟ , فأخبره بقصة المرأة , فغضب المنصور وعاتبه ولامه وارتفع صوته على أنه لم يبدأ بها كلامه !! فأصبح المنصور غازيا من فوره وجهز الجيوش ولم تطلع الشمس إلا والمنصور والمسلمين على ظهور خيولهم متوجهين الى بلاد البشكنش , لأن وجود تلك المرأة المسلمة الأسيرة مخالفة صريحة جدا لما اتفقوا عليه ... وأقسم المنصور أنه لا يرجع عن أرضه حتى يكتسحها – اى الكنيسة – وجن جنون الملك عندما علم بقدوم المنصور بن أبى عامر وأرسل له يخبره أنه لم ينقض عهدا ولم يشق عصا الطاعة أنه على طاعة المنصور والمسلمين ابدا , فاستقبل المنصور رسل "ابن شانجة" – ملك البشكنش – أسأ استقبال وعنفهم وأخبرهم : أنه عاقدنى على ألا يبقى ببلاده مأسورة أو مأسور , وقد بلغنى بعدُ بقاء فلانة المسلمة فى تلك الكنيسة وواله لا أنتهى عن أرضه حتى أكتسحها !! فأرسل الملك يخبره أنه كان لا يدرى بوجود تلك الأسيرة وأن أحد قواده هو من قام بأسرها , ثم أرسل له الملك يسترضيه ويستعطفه حتى أنه أخبره : أنه قد بالغ فى هدم الكنيسة – اى سواها بالتراب – وهنا توقف المنصور وأخذ المرأة وجلس معها وطيب خاطرها وأرسلها الى أهلها فى قرطبة ومعها الأسيرتيْن ...... وكأنى بهؤلاء النسوة الثلاث كدن أن يهلكن من شدة الفخر والسعادة والإباء , عندما شعروا بأن جيش المسلمين كله قد خرج من أجلهن وفى سبيل نصرتهن !!! أين أنت ايها الحاجب المنصور الآن ... جامع قرطبة وسط الثليج لقد طابت لنا العيشة هنا : ذكرها د/طارق السويدان فى كتابه "الأندلس التاريخ المصور" فى إحدى غزوات المنصور لبلاد البشكنش دخل فيها فى أعماق بلادهم وتوغل فى أرضهم حتى صار وراء الجبال , فأخذ النصارى يسدون طريق العودة أمام المنصور وجيشه كمنوا له بين جبلين كان سيمر بينهما المنصور وجنوده , ومن أصعب أنواع القتال هو القتال فى ممر ضيق جدا , فماذا فعل المنصور !! لم يقاتل ولم يقتحم الممر , بل اختار مدينة قريبة من ذلك المكان , فنزلها ووزع جنوده فى أرجائها , يعملون ويحرثون ويبيعون ويشترون ويقوم بكل متطلبات الحياة فيها , وبعث الحاجب المنصور الجند بالسرايا يمينا وشمالا يقتلون ويأسرون ويغنمون , حتى ضج القوط النصارى من غاراتهم , وأرسلوا اليه ان اعبر المضيق أنت وجنودك , إلا أن المنصور رفض قائلاً : لقد طابت لنا المعيشة هنا وإن هذه البلاد جميلة يطيب سكناها وسأبقى الى السنة القادمة لأغزو فى الصيف القادم إن شاء الله !! وكان جنده يأتون بقتلى النصارى منهم ومن القرى فى السرايا والغارات ويلقونها أمام الوادى حتى ضج سكان المنطقة الى الذين هم فى الوادى ان دعوه يعبر , فأرسلوا اليه ثانية بذلك الى الحاجب المنصور الذى قبل أن يمر عبر المضيق برجاله بشرطين : 1- أن يحمل النصارى ما معه من الغنائم والأسلاب على دوابهم أمامه !! 2- وان يقوموا هم بإزالة الجثث التى ألقاها على الطريق بفم الوادى دينار من عام 390 وواصل عامر كتابه اسم الخليفة هشام واسمه الخاص على وجه, ولا الله الا الله على الوجه الاخر الملك لا ينام اذا نامت الرعية : كان المنصور بن أبى عامر كثير السهر جدا حتى أن أحد خدمه اسمه "شعلة" قال له فى ليلة : قد أفرط مولانا فى السهر , وبدنه يحتاج الى أكثر من هذا النوم , وهو أعلم بما يحركه عدم النوم من علّة العصب , فقال المنصور : يا شعلة , الملك لا ينام اذا نامت الرعية , ولو استوفيت نومى لما كان فى دور – بيوت – هذا البلد العظيم عين نائمة .... هكذا كان حرصه على دولة المسلمين واهتمامه بشؤونها !! ومآثر المنصور لا تحصى ومناقبه وأخباره كثيرة ولكن حتى لا أطيل أكتفى بذكر ما سبق ... وفاة المنصور بن أبى عامر :- أما آن هذا الجسد أن يستريح !! حكم المنصور بن أبى عامر الأندلس زهاء 27 سنة , وغزا أكثر من 54 غزة لم يهزم فى واحدة قط !! , كانت كلها عز للإسلام والمسلمين حتى قال عنه ابن الخطيب فى كتابه "اعمال الاعلام " : ( وعلى الجملة , فكان نسيج وحده فى صقعه , وقلّ أن يسمع بمثله فى غيره ... ) انصرف المنصور بن ابى عامر الى الغزو عام 392هـ (1002م) فسلم وغنم كعادته وكان عمره وقتها ناهز 65 عاماً , ووجد فى نفسه خفة وعلم بدنو الأجل , فأحضر جماعة بين يديه وهو كالخيال لا يبين الكلام وأكثر كلامه بالإشارة كالمسلم المودع , وأوصى ألا يحمل فى تابوت , وأمر أن يدفن مكان موته وكان وقتها فى مدينة الثغر المنيع "مدينة سالم" فأمر أن يدفن رحمه الله فى صحن قصره بمدينة سالم وأمر أن يدفن معه غبار المعارك حتى تشهد له أمام الله بجهاده , وأمر أن يكفن بتلك الأكفات التى كان يحملها معه دائما فى المعارك وهى أكفان صنعت من غزل بناته واشتريت من خالص ماله الموروث ....... وفى ليلة الاثنين 27 رمضان من عام 392هـ / 11 أغسطس 1002م فاضت روح المنصور محمد بن أبى عامر الى بارئها .... ونقشت على قبر المنصور محمد بن أبى عامر تلك الأبيات : آثـــاره تنبيــك عــن أخبــاره **حتـى كأنـك بالعيـان تـراهُ تالله لا يأتي الزمان بمثله **أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ وظل قبر المنصور بن أبى عامر معروفا فى مدينة سالم حتى بعد أخذ النصارى تلك المدينة واحتلوها , وقد أوصى لسان الدين ابن الخطيب احد طلابه حين كان ذاهبا الى هناك لتأكيد عقد الصلح مع ملكها أن يزور قبر المنصور بن أبى عامر , وأخبره الطالب عند عودته أنه رأى قبر المنصور إلا أن رسومه من شعر منقوش وتاريخ مثبوت قد عفت ومحيت آثارها وكان هذا ما بين عامى 1361 – 1370م
وظلت سيرة المنصور بن أبى عامر مصدر عز وفخر ومجد للمسلمين حتى بعد هزيمتهم وأيام ملوك الطوائف , حتى أن مولى المستعين بالله ابن هود (دويلة بنى هود ) يقول : لما توجهت الى ألفونسو وجدته فى مدينة سالم وقد نصب على قبر المنصور بن أبى عامر سريره , وامرأته متكئة الى جانبه , فقال لى : ياشجاع – اسم المولى – اما ترانى قد ملكت بلاد المسلمين وجلست على قبر مليكهم ؟ قال : فحملتنى الغيرة أن قلت له : لو تنفس صاحب هذا القبر وأنت عليه ما سمع منك ما يكره سماعه ! ولا استقر بك قرار ... , فهمّ بى , فحالت امرأته بينى وبينه , وقالت : صدقك فيما قال , أيفخر مثلك بمثل هذا ؟
|
#37
|
|||
|
|||
لودفيج فان بيتهوفن لودفيج فان بيتهوفن (1770-1827م) مؤلف موسيقي ألماني ولد عام 1770 م في مدينة بون. يعتبر من أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، وأبدع أعمالاً موسيقية خالدة. له الفضل الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكية. قدم أول عمل موسيقي وعمره 8 سنوات. تشمل مؤلفاته للأوركسترا تسـعة سيمفونيات وخمس مقطوعات موسيقية على البيانو ومقطوعة على الكمان. كما ألّف العديد من المقطوعات الموسيقية كمقدمات للأوبرا. بدأ بيتهوفن يفقد سمعه في الثلاثينيات من عمره إلا أن ذلك لم يؤثر على إنتاجه الذي ازداد في تلك الفترة وتميز بالإبداع. من أجمل أعماله السمفونية الخامسة والسادسة والتاسعة. وقد توفي في فيينا عام 1827م. حياته شهدت مدينة بون الألمانية ميلاد الفنان العبقري لودفج فان بيتهوفن في 16 ديسمبر عام 1770، وتم تعميده في 17 ديسمبر1770. ظهر تميزه الموسيقي منذ صغره، فنشرت أولى أعماله وهو في الثانية عشرمن عمره عام 1783 م. اتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكرة، ثم زاد إنتاجه وذاع صيته كمؤلف موسيقى. عانى بيتهوفن كثيراً في حياته، عائلياً وصحياً، فبالرغم من أن أباه هو معلمه الأول الذي وجه اهتمامه للموسيقى ولقنه العزف على البيانو والكمان، إلا أنه لم يكن الأب المثالي، فقد كان مدمناً للكحول، كما أن والدته توفيت وهو في السابعة عشر من عمره بعد صراع طويل مع المرض، تاركة له مسؤولية العائلة. مما منعه من إتمام خطته والسفر إلى فيينا، عاصمة الموسيقى في ذلك العصر. فهل كان التأليف الموسيقي هو نوع من أنواع العلاج والتغلب على المشاكل بالنسبة لبيتهوفن. حياته في فيينا عاصمة الموسيقى في 1789 م تحقق حلمه أخيراً، فقد أرسله حاكم بون إلى فيينا، وهناك تتلمذ على يد هايدن. ولكن بيتهوفن، صاحب الألحان واجه بعض الخلافات مع معلمه، وعندما سافر هايدن إلى لندن، تحول بيتهوفن إلى معلمين آخرين مثل ساليري وشينك وألبريشتبيرجر. وقد أسهمت كل هذه الدروس والاحتكاكات في تكوين شخصية بيتهوفن الفنية. وحاول أن يشق لنفسه طريق كعازف في عاصمة الموسيقى، وسرعان ما لاقى مكانة كبرى خاصة في الأوساط الأرستقراطية. فقد حاز بإعجاب الأسرة الملكية وعومل كصديق أكثر منه مؤلفاً. بالرغم من ذلك فقد عاش ومات فقيراً، غناه هو أعماله الفنية المتميزة. فقد جاء إنتاجه الفني صمم بيتهوفن والتحول الكبير في شخصيته بدأت إصابة بيتهوفن بصمم بسيط عام 1802، فبدأ في الانسحاب من الأوساط الفنية تدريجياً، وأمضى حياته بلا زواج يرتبط بعدة علاقات عاطفية. إلا أنه لم يتوقف عن الإنتاج الفني، ولكن أعماله اتخذت اتجاه جديد. ومع ازدياد حالة الصمم التي أصابته، امتنع عن العزف في الحفلات العامة، وابتعد عن الحياة الاجتماعية واتجه للوحدة، وقلت مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيداً. حتى أنه رد على انتقادات نقاده بأنه يعزف للأجيال القادمة. وبالفعل مازالت أعماله حتى اليوم من أهم ما أنتجته الموسيقى الكلاسيكية العالمية. واكتسبت اثنان من السيمفونيات التي كتبها في صممه أكبر شعبية، وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة. كما أنه أحدث الكثير من التغييرات في الموسيقى، وأدخل الغناء والكلمات في سيمفونيته التاسعة.فجاءت رسالته إلى العالم "كل البشر سيصبحون إخوة". توقيع بيتهوفين أعمال بيتهوفن وبالرغم من اليأس الذي أصابه في أوقات عديدة، وكاد يصل به للانتحار، إلا أنه قاوم ووجه طاقته كلها للإبداع الفني. حتى أنه قال يوماً :«يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك». وطالما أضاف عدم تفهم الناس لحالته ألماً على ألمه. ولكن معاناته لم تطل كثيراً، فقد توفي عن عمر يناهز السابعة والخمسين، بعد أن أثرى الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وصار أحد أعلامها الخالدين. البيت الذي ولد فيه بيتهوفن في بون أعمال الأوركسترا أولا السيمفونيات :-
ثانيا الكونشرتو :-
ألف بيتهوفن لأوبرا "فيديلو" أربعة إفتتاحيات ، افتتاحيات ليونور (أحد الشخصيات الرئيسية في الأوبرا ) الثلاثة و إفتتاحية فيديلو موسيقى البيانو اثنتان و ثلاثون سوناتاأشهرها السوناتا الرابعة عشرة و المعروفة لاحقاً بـ (ضوء القمر) ، سوناتا Appassionato و العاصفة (The Tempest) وال Hammerklavier ولبيتهوفن أعمال أخرى على البيانو ليست بضخامة السوناتا إلا أنها قد تكون أكثر شهرة وقد سميت بالألماية (Bagatelle) وتعني هذه الكلمة بالألمانية السخيف، وذلك بسبب قصرها وعدم احتوائها على رسالة فلسفية أو إنسانية من نوع ما وإنما تكون للاستعراض أو تقدم كهدية لشخص ما وهذا هو الحال مع الBagatelle رقم 21 على سلم "لا" الصغير وتسمى Für Elise. وسميت كذلك لأن بيتهوفن أهداها لفتاة يافعة شفيت من مرض تعرضت له . موسيقى الحجرة
موسيقى الأوبرا
من أعمال بيتهوفن أيضاً: الكتابة.
|
#38
|
|||
|
|||
كريستوف كولومبوس مكتشف العالم الجديد
كريستوف كولومبوس ( 1451 - 1506م) الرحالة الايطالي المشهور الذي ينسب اليه اكتشاف العالم الجديد (أمريكا) .ولد في جنوى عام 1451 في عائلة من صانعي النسيج واظهر ميلا مبكرا لاستكشاف العالم فجاب منذ سن التاسعة عشرةانكلترا والبرتغال والبحر المتوسط في فترة الرق والقرصنة وحوادث الغرق. ويقال انه لم يكن يكتب بالايطالية بل بلغة اسبانيةمليئة بالاستعارات البرتغالية والكاتالونية. وكان يتكلم اللاتينية بطريقة بدائية تكفيه لقراءةالمقاطع الخاصة بما رواه المستكشف ماركو بولو عن سيباندو (اليابان حاليا) وبلادجنكيز خان في كتابات عالم الرياضيات الفلورنسي باولو دلبوزو توسكانيلي.لكن بالرغم من توقه لاستكشاف العالم تريث كريستوف كولومبوس اكثر من عشر سنوات قبل ان يتمكن من تمويل مشروعه. وكان كولومبوس يخطط للوصول الى اقصى الشرق (بلادالهند) ويعتزم من اجل ذلك الابحار غربا وكان على قناعة بان هذا الانجاز في متناوله بالرغم من اخطائه الحسابية في تقدير المسافات. وقبل ان يبحر كولومبوس في مشروع حياته اقام في جزيرةماديرا البرتغالية حيث تزوج من فيليبامونيزدي بيريستريلو ابنة الحاكم المحلي التيانجبت له ابنه دييغو. وبعد وفاة زوجته في 1485 انتقل كولومبوس الى منطقةقريبة من بويرتو دي باولوس جنوب اسبانيا حيث استقبله رهبان الفرنسيسكان وحظي بدعم الاب خوان بيريز المؤتمن على اسرار الملكة ايزابيل والذي لعب دورا اساسيا في المفاوضات من اجل اقناع العرش الاسباني بتمويل مشروعه. وفي انتظار الحصول على رد ارتبط كولومبوس ببياتريزانريكيز دي ارانا التي انجبت له ابنه الثاني هرناندو المولود في 15 اب/اغسطس 1488. واضطر في تلك الفترة الى رسم خرائط وبيع كتب مصورة لكسب لقمة عيشه. وبعد فشل محاولات لدى العرشين البرتغالي والانكليزي للحصول على تمويل فاز كولومبوس اخيرا بدعم فردينان وايزابيل الكاثوليكية ملك وملكةقشتالة واراغون بعد ان ابديا تمنعا خوفا من طموح كولومبوس الهائل. وفي 17 نيسان/ابريل 1492 وفي اعقاب سقوط غرناطة وقع فردينان وايزابيل "امتيازات سانتا في" التي عين كولومبوس بموجبها اميرال بحريانائبا للملك وحاكما على اي اراض يكتشفها ما يستشف منه عدد من الخبراء انه كان علىيقين بانه سيكتشف اراض فيما يتحدث بعضهم عن "اكتشاف مسبق". ويقول البعض ان كولومبوس كان يعتبر نفسه اداة بيدالعناية الالهية التي ستقوده الى اكتشاف احدث في العالم ثورة لم يتكهن اطلاق ابابعادها وقد بقي حتى آخر يوم من حياته يجهل انه وطئ ارض اميركا. وبعد شهرين على ابحاره في سفينة "سانتا ماريا" بمواكبة المركبين "لا بينتا" و"لا نينيا" وصل كولومبوس وطاقمه في 12 تشرينالاول/اكتوبر 1492 الى ارخبيل باهاماس. وتلت ذلك ثلاث رحلات غير ان صورة البحار المغامربهتت في اسبانيا حيث اتهمه العرش بسوء ادارة الامبراطورية الناشئة وباعتماد نهج عنيف في التعامل مع سكانها. وفي 20 ايار/مايو 1506 وبعد عامين على آخر رحلة قامبها توفي كريستوف كولومبوس وسط لا مبالاة تامة ثريا انما مجردا من القابه وامجاده. وما زال العلماء يسعون حتى يومنا هذا لمعرفة ما اذاكانت رفاته ترقد في كاتدرائية اشبيلية او في جمهورية الدومينيكان. توفي كريستوف كولومبوس قبل 500 عام في فالادوليد وسط اسبانيا بدون ان يعي انه ببلوغه شواطئ اميركا قام باكتشاف سيبدل وجه العالم للابد.
|
#39
|
|||
|
|||
نابليون بونابرت امبراطور فرنسا نابليون بونابرت أو نابليون الأول قائد فرنسي ذكرته كتب التاريخ كثيراً كقائد عسكري لا يشق له غبار وإمبراطور لفرنسا حيث حقق العديد من الانتصارات لها، وقامت جيوشه باحتلال معظم القارة الأوربية في فترة من الزمن، كما قاد الحملة الفرنسية الشهيرة على مصر. عرف نابليون بعبقريته وذكاؤه الأمر الذي ساعده على تحقيق النصر في العديد من المعارك التي قام بخوضها، حيث حقق أثناء حكمه لفرنسا عدد من الإصلاحات منها إدخاله للعديد من الإصلاحات الخاصة بالنظام المالي والقضائي، وقام بإنشاء بنك فرنسا، بالإضافة لقيامه بالإشراف على وضع القانون الفرنسي الذي أعطى العديد من الحريات للشعب الفرنسي. النشأة ولد نابليون بونابرت في 15 أغسطس عام 1769م في أجاكسيو بجزيرة كورسيكا الفرنسية، وتلقى تعليمه وتدريبه العسكري في فرنسا، حيث التحق بمدرسة فرنسية عسكرية، ثم التحق بعد ذلك بأكاديمية باريس العسكرية وتخرج برتبة ملازم ثاني في الجيش الفرنسي وذلك في عام 1785م. المجال العسكري تقلد بونابرت رتبة ملازم ثاني في سلاح المدفعية بالجيش الفرنسي، ثم قام بالخدمة في مدرسة تدريب ضباط المدفعية، وفي عام 1791م تم ترقيته إلى رتبة ملازم أول ومنها إلى رتبة نقيب في عام 1792م، ونظراً لذكاء نابليون ومهارته العسكرية والحربية تدرج سريعاً في عمله، فتم تعيينه قائداً للجيش الفرنسي في عام 1794م وذلك بعد تمكنه من حماية مدينة طولون أثناء الثورة الفرنسية. تمكن نابليون من تحقيق النصر لفرنسا والجيش الفرنسي في العديد من المعارك التي قام بخوضها وكانت البداية انتصاره في الحرب التي وقعت بينه وبين النمسا، ثم توالت انتصاراته في عدد من الحروب الكبرى الأخرى، إلى أن وقعت فرنسا معاهدة كامبو فورميو والتي نتج عنها توسع فرنسا في أراضيها. حملته على مصر عاد نابليون بعد كل هذه الانتصارات إلى وطنه كبطل وطني عظيم حقق الكثير من أجل بلاده، وبعد كل هذا النجاح توجهت أطماع فرنسا ونابليون بونابرت إلى مصر فقام بشن حملة عسكرية إليها لكي يتخذ منها قاعدة عسكرية لمحاربة بريطانيا والوصول إلى الأملاك الإنجليزية في الهند، وتنفيذ مخططاته في طرد الإنجليز من ممتلكاتهم في الشرق، وإيجاد طريق تجاري آخر بعد أن قام الإنجليز بالاستيلاء على طريق رأس الرجاء الصالح، والعمل على شق قناة السويس، وأيضاً للاستيلاء على الثروات الموجودة في مصر، والعمل على تأديب المماليك الذين أساءوا معاملة الفرنسيين والاستيلاء على أملاك الإمبراطورية العثمانية، وبالفعل أبحر الأسطول الحربي الفرنسي من ميناء طولون في 19 مايو 1798م، وفي طريق الحملة إلى مصر قامت بالاستيلاء على جزيرة مالطة، ووصلت جيوش الحملة الفرنسية إلى مصر حيث دخلت إلى الإسكندرية وقامت باحتلالها في 2 يوليو عام 1798م، ثم أخذ الفرنسيون بقيادة نابليون بونابرت في الزحف إلى القاهرة مروراً بالمدن والقرى المصرية وهو الأمر الذي لم يكن سهلاً حيث لاقى الجنود الفرنسيين شتى أنواع المقاومة الشعبية من المصريين، بالإضافة للمواجهات التي وقعت بين الجيش الفرنسي وجيش المماليك بقيادة مراد بك وانتهت بهزيمة المماليك ودخول الفرنسيين إلى القاهرة. تودد نابليون للمصريين حاول نابليون بكل السبل التودد للمصريين والظهور لهم كبطل جاء ليحررهم من تسلط المماليك، كما عمل على محاباة المصريين من خلال تأكيد احترامه للعقائد والعادات والتقاليد الخاصة بهم، وحاول بكل السبل إقناعهم أنه مسلم وأن الجنود الفرنسيين مسلمين وأنه قام هو وجنوده بتخريب كرسي البابا في روما والذي كان يحث النصارى على محاربة المسلمين، كما فعلوا ذلك في مالطة بطردهم فرسان القديس يوحنا، وكان يحاول ألا يظهر في صورة المعتدي المحتل ولكنه لم يتمكن من سياسة الخداع هذه حيث ثار المصريين على الاستعمار وضربوا أروع الأمثال في قصص البطولة والكفاح ضد الاحتلال. ولم يستمر الاحتلال الفرنسي لمصر سوى ثلاث سنوات نتيجة للمقاومة الشرسة والثورات التي شنها المصريين على الاستعمار الفرنسي وانتشار وباء الطاعون حيث بدأ الجيش الفرنسي مرحلة من الضعف، بالإضافة إلى أن إنجلترا وتركيا قد عقدوا العزم على طرد الفرنسيين من مصر، وبالفعل تم عقد خطة بين كل من الجيش العثماني والأسطول الإنجليزي بقيادة القائد الإنجليزي نيلسون ووقعت الهزيمة للجيش الفرنسي في المعركة التي سميت بمعركة النيل، وتم جلاء الجيش الفرنسي عن مصر في عام 1801م. إمبراطورا لفرنسا بعد فشل حملة نابليون على مصر عاد إلى فرنسا حيث أحدث انقلاباً بها تولى بعده السلطة وأصبح إمبراطوراً عليها في مايو 1804م، استطاع نابليون أن يكون إمبراطورية أوربية هائلة، ففي عام 1805م دخل الحرب ضد بريطانيا والنمسا وروسيا ونجح في التغلب عليهم ولكن عندما دخل الجيش الفرنسي إلى موسكو لم يستطع المقاومة ولم يتمكن نابليون من تزويد جيشه بالإمدادات اللازمة فأصابه الإنهاك والتعب نتيجة لبرودة الطقس وانتشار الأمراض في صفوفه فهلك في هذه الحملة قرابة 500 ألف جندي فرنسي فكانت الهزيمة من نصيب نابليون وجيشه. وبعد عودة نابليون من روسيا تحالفت عليه عدد من الدول الأوربية منهم النمسا وإنجلترا، وبروسيا وروسيا في "معركة الأمم" وسقطت باريس في أيديهم في 11 إبريل 1814م، وقام نابليون بالتنازل عن العرش ونفي في جزيرة "ألبا" في الساحل الشمالي الغربي لإيطاليا، ولكنه عاد من جديد وكون جيش مرة أخرى ولكن تصدى له الحلفاء بقيادة إنجلترا ووقعت الهزيمة له مرة أخرى في عام 1815م بموقعة وترلو الشهيرة بالقرب من بروكسيل، وهو الأمر الذي لم يستطع أن يكون معه نابليون جيشاً آخر فقرر التنازل عن الحكم حيث تم نفيه إلى جزيرة سانت هيلانة بجنوب المحيط الأطلنطي. إنجازاته تمكن نابليون في خلال فترة حكمه لفرنسا بضم معظم الدول الأوربية إلى نفوذه، كما ساهم في وضع القانون الفرنسي أو القانون المدني والذي أعطى للشعب الفرنسي العديد من الحريات ولا يزال هذا القانون الذي وضعه نابليون يشكل الأساس للقانون المدني الفرنسي إلى الآن بالإضافة للعديد من الإصلاحات التي أجراها على فرنسا. وعلى الرغم من الاحتلال والقهر الذي تعرض له الشعب المصري على يد جنود الاحتلال الفرنسي بقيادة نابليون إلا أنه كان هناك عدد من الإيجابيات ومنها حضور العديد من العلماء المرافقين لنابليون والحملة الفرنسية، حيث كان هناك العديد من العلماء في شتى المجالات العلمية والفنية وغيرهم من أطباء ورسامين وفلكيين والذين ساهموا جميعاً في وضع كتاب "وصف مصر" وهو الكتاب الذي يقوم برصد وتسجيل كل أمور الحياة في مصر من حياة حضارية قديمة وتوثيق لجميع الثروات التاريخية والفنية والدينية المصرية، فخرج الكتاب في عشرين جزء متميز بلوحات ورسومات يدوية شديدة الدقة، ويعد هذا الكتاب الآن أكبر مخطوطة يدوية بها حصر شامل للأراضي والآثار المصرية يتمتع بالدراسة المتعمقة والرسوم التوضيحية . كان أحد أحلام نابليون هو حفر قناة تربط ما بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ولكن لم يتحقق هذا الحلم في عهد نابليون، ولكن تحقق بعدها بنصف قرن عندما قام ديليسبس بحفر قناة السويس. الحياة الشخصية لبونابرت عرف عن نابليون عشقه للنساء، ولقد تزوج من جوزيفين دي بوارنييه ذات الأصول الفرنسية هذه المرأة التي أحبها نابليون حباً جماً وتم الزواج في عام 1796م وكان نابليون هو الزوج الثاني في حياة جوزيفين حيث كانت متزوجة قبله من الفيكونت دي بوارينييه ولديها منه طفلان، وظلت زوجة له حتى وقع الطلاق بينهم في عام 1809م، ولم يسفر هذا الزواج عن أي أطفال لهم، تزوج نابليون بعد طلاقه من جوزيفين من ماري لويز ابنة إمبراطور النمسا. الوفاة توفى نابليون بونابرت في 5 مايو عام 1821م، في منفاه في جزيرة سانت هيلانة عن عمر يناهز 52 عاماً، بعد معاناة من مرض أصابه في معدته يقال أنه قرحة بالمعدة أو سرطان بالمعدة ولكن أوضحت عدد من البحوث أن سبب الوفاة يرجع إلىجرعات من السم التي دست له، حيث إنه بعد تحليل عينات من شعر نابليون وجدوا بها عينات من مادة الزرنيخ والتي يرجح أنه تعرض لجرعات متكررة منه، دفن في سانت هيلانة إلا أن جثمانه أعيد إلى باريس ودفن في كنيسة القبة. من أقوال نابليون
· في مصر لو حكمت لن أضيع قطرة واحدة من النيل في البحر ، وسأقيم أكبر مزارع ومصانع أطلق بها إمبراطورية هائلة، ولقمت بتوحيد الإسلام والمسلمين تحت راية الإمبراطورية ويسود العالم السلام الفرنسي. · في مصر قضيت أجمل السنوات، ففي أوروبا الغيوم لا تجعلك تفكر في المشاريع التي تغير التاريخ، أما في مصر فإن الذي يحكم بإمكانه أن يغير التاريخ. · لو لم أكن حاكما علىمصر لما أصبحت إمبراطورا علىفرنسا.
|
#40
|
|||
|
|||
حتشبسوت..أعظم ملكة فرعونية
الملكة الفرعونية حتشبسوت أعظم ملكات مصر الفرعونية والتي تأتي كأعظم شاهد على دور المرآة المميز وقدرتها على الإدارة والحكم، هذا على الرغم من كثرة المعارضين لها والرافضين لوجود إمرأة على كرسي العرش، وعلى الرغم من هذا تمكنت حتشبسوت من إحكام قبضتها على الحكم لمدة عشرين عاماً، نعمت فيها البلاد بالكثير من الرخاء والازدهار، وعندما كثرت عليها الضغوط من الكهنة وقادة الجيش تنازلت عن العرش فقط من اجل مصلحة البلاد. حياة الملكة ولدت الملكة حتشبسوت أو " ماعت كاع رع" والتي يعني اسمها "أفضل النساء بفضل آمون"خلال فترة حكم الأسرة الثامنة عشرة، والدها هو تحتمس الأول الذي خاض الكثير من المعارك الحربية الناجحة فاتح بلاد النوبة وسوريا وبلاد ما بين النهرين، والذي على الرغم من مكانته الكبيرة كأحد قادة الجيوش إلا أنه لم يكن له الحق في تولي الحكم أو الجلوس على العرش لأته لا ينتسب إلى ملوك الفراعنة، حيث كان السائد في هذه الفترة التاريخية ألا تتزوج الأميرات الفرعونيات إلا من ملوك الفراعنة، ولكن نظراً لكثرة الحروب التي خاضها الملوك تقلص عددهم بشكل كبير وبالتالي كان على الأميرات الزواج من النبلاء من عامة الشعب، ومن خلال ذلك تمكن تحتمس الأول من الزواج بالأميرة الفرعونية "أحمس" وأصبح فرعوناً لمصر. أثمر هذا الزواج عن مولد "حتشبسوت" هذه الأميرة الفرعونية التي سوف يكون لها شأن عظيم بعد ذلك، ولم تكن حتشبسوت هي الابنة الوحيدة لتحتمس الأول فكان له ابنة أخرى تدعى "خبيتا- نفرو" ولكنها توفيت، كما كان له ابن غير شرعي من إحدى محظياته عرف "بتحتمس الثاني". من يكون فرعوناً لمصر؟ جاءت وفاة والدة حتشبسوت بعد 50 عاماً من الزواج بتحتمس الأول ليفقد الأخير حقه في الجلوس على العرش، والذي كان السبب فيه من البداية زواجه من أميرة فرعونية، فتجمع حوله كهنة آمون مطالبين إياه بالتنازل عن العرش، ولم يكن يوجد من يصعد للعرش ليخلف والده سوى الأميرة "حتشبسوت" والتي تعتبر أميرة شرعية تجري بعروقها الدماء الملكية، بعكس تحتمس الثاني والذي يعد ابن غير شرعي لتحتمس الأول ولا يجوز له أن يعتلي العرش. وهنا وقع الكهنة والشعب في جدل كبير فهناك من يؤيد صعود حتشبسوت لتعتلي العرش باعتبارها أميرة فرعونية ووريثة شرعية، وهناك من يعترض لكونها امرأة وهو أمر غير مرغوب فيه أن تمسك امرأة بمقاليد الحكم ويرجحوا كفة تحتمس الثاني لكونه رجل إلا أنهم يخشون من الثورات لأنه ابن غير شرعي ولا يمكن أن يكون فرعوناً لمصر. حتشبسوت ملكة فرعونية احد تماثيل حتشبسوت على الرغم من كون حتشبسوت امرأة إلا أنها كانت تتمتع بالكثير من الصفات التي تؤهلها لأن تكون ملكة متمكنة على عرش مصر يأتي في مقدمتها انحدارها من أصول ملكية ونسبها إلى أمون، وتمتعها بذكاء باهر وإلمامها بالمهارات القتالية، حيث حرص والدها على تنميتها فيها منذ الصغر ودفعها لمشاركته الحكم في أخر عهده، ولذلك اندفعت للمطالبة بحقها في العرش فخلعت ملابس النساء وارتدت ملابس الرجال، ووضعت ذقن مستعارة، مؤكدة على قدرتها على إدارة شئون البلاد والقيام بمهامها كفرعون لمصر على أكمل وجه، ومن الممكن أن تعتمد على قادة الجيوش في إدارة الحروب إذا عجزت هي عن ذلك. وظل الجدل مثار حول من الأحق بعرش مصر حتى حسم تحتمس الأول الجدل بأن أعلن زواج كل من حتشبسوت من تحتمس الثاني، وبذلك أصبح الاثنان شركاء في الحكم. ما بعد الحكم رضخت حتشبسوت لرغبة والدها بالزواج من تحتمس الثاني حتى تتمكن من الحصول على حقها في العرش وعلى الرغم أنه من المفترض أن يكون الزوجان شريكان في الحكم إلا أن حتشبسوت كانت هي الحاكم الفعلي بينما كان تحتمس الثاني زوجها منصرفاً لحياة اللهو والمجون فقد كان ضعيفاً في أمور القيادة والحكم، وقد حققت حتشبسوت في بداية سنوات حكمها الكثير من الازدهار والرخاء ونعمت البلاد بالاستقرار بعد فترة من الحروب، وأسفر زواجها من تحتمس الثاني عن ابنتين هما نفرورا وحتشبسوت الصغرى، كما أنجب تحتمس الثاني من إحدى عشيقاته ولداً هو تحتمس الثالث والذي سوف ينازع حتشبسوت الحكم بعد ذلك. تمكنت حتشبسوت من الانفراد بالحكم سريعاً بعد وفاة زوجها في إحدى المعارك التي خاضها من أجل إخماد تمرد حدث في المناطق الصحراوية الخاضعة لمصر. إنجازات الملكة ا لرحلة لبلاد بونت تمكنت حتشبسوت أخيراً من الإنفراد بالحكم فاتجهت إلى سلسلة من الإصلاحات الداخلية، وشهد عصرها الكثير الإنجازات فشقت الترع والقنوات ونهضت بالزراعة وأصلحت ما تم هدمه من المعابد، وسعت من اجل إنعاش التجارة فجاء التبادل التجاري بين مصر وجيرانها، وشهد عصرها أشهر الرحلات التجارية وهي الرحلة التجارية إلى بلاد "بونت" وجاءت جدران معبد الدير البحري مزينة بالنقوش والرسومات التي تعبر عن تفاصيل هذه الرحلة. وبدأت الرحلة التي استغرقت عامين أولاً بتنظيف القناة التي تصل بين كل من النيل والبحر الأحمر عند نهاية الدلتا، لتسير بها سفن الأسطول، والتي حرصت حتشبسوت على أن تكون محملة بالهدايا. وعندما وصل الأسطول الفرعوني إلى بلاد بونت استقبله زعيمها منبهراً بكم الهدايا التي أرسلتها حتشبسوت، وعادت السفن مرة أخرى إلى مصر محملة بخيرات هذه البلاد من أخشاب، وأشجار البخور والأبنوس والصمغ، وقد أمرت الملكة بزراعة أشجار البخور داخل أسوار معبد الكرنك، بالإضافة للعاج والذهب والحيوانات كالقرود والفهود والطيور المختلفة التي حملت بها السفينة. وكما أنعشت حتشبسوت التجارة أمرت بإعادة العمل في مناجم النحاس والملاكيت بشبه جزيرة سيناء والتي توقف فيها العمل أثناء حكم الهكسوس. التهديدات الخارجية سادت حالة من الاستقرار والرخاء في الدولة أثناء حكم حتشبسوت، ولكن دوام الحال من المحال فقد بدأت الدولة تعاني من التهديدات الخارجية هذا بالإضافة لحالة البلبلة التي أثارها الكهنة المعارضين لحكم حتشبسوت لكونها إمرأة، كما بدأ تحتمس الثالث الابن الغير شرعي لتحتمس الثاني بالمطالبة بحقه في الحكم، وتم اتهامها بالانصراف نحو شئون البلاد الداخلية والإهمال في إعداد الجيش مما عرض البلاد لخطر الهجوم الخارجي. التف الكهنة حول تحتمس الثالث فحيكت المؤامرات من أجل توصيله للعرش وكان منها ما سردوه حول المعجزة التي حدثت لتحتمس بأن آمون ظهر له وأختاره ليكون فرعوناً لمصر وطلب من حتشبسوت التنازل عن العرش والخضوع لإرادة آمون. لجأت حتشبسوت للحيلة من أجل فرض سيطرتها على تحتمس الثالث فعاملته بالكثير من الود وبالفعل بدأ تحتمس يظهر بعض الاستسلام ولكنه ما لبث أن عاد للتمرد مرة أخرى بعد تحريض الكهنة له. تعرضت البلاد للخطر نتيجة للفتن المتفجرة ببلاد كوش وثار قادة الجيش من أجل التحرك ووقف هذه الفتن، ووقعت حتشبسوت في حيرة ما بين تحذير مستشاريها من خروج تحتمس الثالث على رأس الجيش لإخماد الفتن والرجوع منتصراً لينتزع منها العرش، ونصيحتهم بإضاعة مستعمرة بدلاً من إضاعة العرش، وبين حرصها على مصلحة الدولة. وصل ذكاء حتشبسوت لحل تضمن به ولاء تحتمس، حيث هداها تفكيرها لتزويجه من ابنتها نفرورا وبذلك يضمن حقه في الحكم على أن يذهب إلى محاربة الكوشين ويقمع ثوراتهم، ولاقى هذا العرض قبولاً من تحتمس، إلا أنه أشترط عليها لكي يقود الجيش وينقذ البلاد أن تتنازل عن عرشها، وبإعادة النظر للموقف وجدت الملكة أن تحتمس يلتف حوله كل من الكهنة ورجال الجيش، كما ازداد الضغط الخارجي من قبل الأعداء، ولن يتم إنقاذ البلاد إلا بتخليها عن العرش لذلك قررت التنازل عنه من أجل إنقاذ البلاد. إتلاف التاريخ بعد وفاة الملكة الفرعونية حتشبسوت عمل تحتمس الثالث على محي أثارها وطمسها وادعاء استيلائها على عرش والده، كما حطم تماثيلها، وعلى الرغم من محاولاته لطمس معالم هذه الملكة العظيمة وإتلافها إلا أن خبراء الآثار استطاعوا الكشف عن الكثير من المعالم الدالة على عظمة هذه الملكة من نقوش وأثار وغيرها، ومن أروع ما تم كشفه هو معبد الدير البحري الذي أتى كواحد من أعظم أبنية التاريخ الفرعوني. معبد الدير البحري معبد الدير البحري واحد من أشهر الأماكن الأثرية التي تم تصميمها وبنائها في العصر الفرعوني، والتي أوكلت الملكة حتشبسوت مهمة بنائه للمهندس الملكي "سنموت" والذي كان بينه وبين الملكة الكثير من الحب والإعجاب والإخلاص المتبادل، فشيد لها واحد من أروع الأبنية ليظل أثراً خالداً يدل على روعة المعمار والتصميم الذي تمتع به هذا العصر وهذا المهندس الذي كرمته الملكة بأن سمحت له بحفر مقبرة لنفسه داخل حرم معبدها ليكون بجوارها إلى الأبد. ويعد هذا المتحف تحفة فنية واحد الآثار التاريخية القيمة التي تركتها حتشبسوت، فيقبع هذا المعبد في باطن الجبل بالبر الغربي، تم إنشائه منذ أكثر من 3500 عام ويتكون من ثلاثة طوابق يضم الطابق الأول صور لصيد الطيور، ونقل المسلات من أسوان إلى المعبد، والثاني تزخرفه الرسوم التي تصف الرحلة التجارية الشهيرة إلى بلاد بونت، أما الطابق الثالث فهو فناء الاحتفالات، ويتوافد على هذا المعبد أفواج من السياح للتمتع بهذا الأثر التاريخي الهام وللأقتراب من حياة واحدة من أعظم ملكات التاريخ.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |