العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
[QUOTE=adilahmedyousif;12419307]...................
بقلم ((عادل احمد يوسف )) كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قذح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ، كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ، سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة .. على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت . (خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا ) طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ، تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها حتى عادت الصخرة الى طبيعتها .. خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء . .ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة . منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية . وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه . ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا . ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ، انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم . ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها . وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة .وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء . وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد . اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل ) كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم ..... ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ، وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ، يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة .. طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً... أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ... وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ... ( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) .... ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما . فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر . فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين . وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود . وصدق الناس ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم . ولكن منظر القبور يقول انها ليست قصة , بل حقيقة ماثله امام الجميع كيف ذلك لا ادرى !!!! في ذلك اليوم رغم صغر سنى كنت واعيا بما يكفى و بمايدور حولي ذهبت الي عمي وقلت له ..يا ابي كيف يتحرك الموتي بعد دفنهم وهل هنالك حياه خاصه بالشيوخ غير حياة الناس العاديين ,, وهل خصهم الله بهذه الصفات كان ابي ينصت لي بانتباه شديد ويقول لي نعم نعم انهم شيوخ اجلاء , ولقد توارثوا الخلافة ابا عن جد وهم في الاساس اناس متدينون , يعالجون بالقران كثير من المرضي والمجانين ويعلمون بعض الاشياء الغيبية بمدد من تقواهم ان الله يخص بعض الناس بقدرات استثنائية , ليست كلها ولكن بعضها, كيف يعرفون بعض الاشياء , هل يملكون الجن ,سالته ولجدما اذهلني روعه بهذا السؤال واقترب مني كثيرا وجلس علي ركبتيه , اسكت ياابني , لو سمع احد حواراتنا , ربما تاتي الينا المصائب قد يسلطون علينا شياطينهم ,قاطعته قائلا ماذا تقول يا ابي , ماذا قلت, اضطرب ابي قليلا وصال بنظره ناحيه اليسار ومن ثم اليمين كانه يريد ان يتاكد من ان المكان خال ولا احد يتلصص علينا وقال وهو يمسك يدي بكلتا يديه وهو جالس .اسكت يا بني ولاتنسي ان للنخل ايضا اذنان تسمعان . لم اري في حياتي ابي حائرا ومرتعبا مثل ذلك اليوم . من جانبي لم اكن مقتنعا بما قاله ابي ,, وكيف افهم من اين لهم ان يسمعوا ما قلناه وهم ليسوا معنا . ذهبت الي صديقي حسن واخبرته كل مادار بيني وبين ابي وقال لي هو ايضا .. انا ايضا لا اتصور ان للموتي قدرات خارقة . والا اين الملوك والجبابرة العتاه .اين بعانخي وتهراقا واين اماني ريناس واين اجدادنا الذين سدوا ترس الشمس باجسادهم وقطعوا النيل صباحا ومساءا واصطادوا التماسيح .. لوكانت هنالك خوارق لخصواغ بها هؤلاء . وقلت له ضاحكا لو كان الميت يتحرك لكان احري بجدي ان يعود الينا وهو الذي ملا اسماع الناس بالتلاوه والذكر الحكيم من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ، يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن . ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة . تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل . ذات يوم لا اذكر تاريخا له . ...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته . ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين ودستور امارتى لكم . ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم . (اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ، اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ، ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ، ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه ولا عاشر امراة متزوجة ، ولا انطق بحكم دون سند ، ولا انصب الشراك للطيور المقدسة او حيوانا مقدسا ، اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة ) اقدم العطايا للمعبد ، اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى والملبس للعرى ،انعل هذا فى هذه الحياة الدنيا واسير فى طريق الخالق ، مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ، لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ، فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد. ثم تابع كلامه . ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائر يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش. اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد . اين محتويات العروش الملكية . لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض . هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء .. كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم . شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية . رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته . هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ،قلت له نعم نعم المشايخ الثلاثة رمقني الرجل العجوز بنظرة ازدراء ولكنه لم يقل شيئا لقد اغاظتني هذه الحركة وحاولت ان ارد عليه بحركه احتجاج . ان اصفق له مثلا لكن حسن كان بجانبي . لكزني برحله وقال لي بصوت خافت اسكت واصل الرجل العجوز كلامه هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول . اسمعوا منى ، انها ليست تخاريف شيخ . انها تمتمات النيل عبر القرون . انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا اسمعى ايتها الجبال الصامدة ان عز للناس تصديقى هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين . كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه . رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا المقابر اتت الي ديارنا وهي موجودة , كيف ننكر ذلك .ولقد راينا بام اعيننا لست لوحدي حتي تقولو انني مخرف ، لكن سكان اكثر من عشرة قري شهدوا معي وقال مخاطبا زميله اذهب ايها الشيخ المخرف ، هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة . يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ، هل هى لعنة اله النيل ، ام غضبة الكنداكة ، ام سحرة موسى ، من يسير المكان هنا يا الهى .. ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ... مشيا على الاقدام . ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه . استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم .. ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,, وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى . وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا . وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ، والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى .. علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا . قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .. تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى . اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت , مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ، وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه بارك الجميع كلام الملك العظيم قال الملك باركوه وردد الجميع باركنا نحن جميعا ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ، لكننى عدت وكفى . عندما ودعتنى قالت لى ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها . كان ميدوب يتكلم وبدا واضحا انه سارح بذهنه الي مكان ما قلت له كفاك خزعبلات انت الاخر اعتقد ان الشياطين وحدها تحرك الحياة في هذا البلد وفي لحظه اقترابي منه , اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا . لا ادري الحقيقه . مستحيل ان ميدوب هذا الذي رايته هو هو الذي مات واكدت وفاته الكثير من اهل البلد ان فرضيه ان يكون تؤامه كان يدور في خيالي في المساء بينما كنت نائما . رايت حلما غريبا ثمه دخان كان يخرج من النيل الي السماء وثمه وجوه بدت ملامحها واضحه ميدوب وبنت اخري كان تقف ملتصقه به وتلوح لي وتقول دورك سياتي يا فتي انا وهيبة تذكر هذا الاسم جيدا . لم اخاف هذه المرة , لان حياتنا كلها تحولت الي مجموعه من الترهات .والانقلابات الممتدة وارجو ان تكون هذه النقطه ماثله في اذهانكم . احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين . .. ............ كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.وكان صديقي حسن يسكن لوحده في اقصي طرف القرية في بيت قديم يخص اخا لجدي مات ولم يترك اولاد . تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,, وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,, إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘ ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ، كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ، وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة .......... ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى سليمة . كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى . كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة ... إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام . كان صوت كاسيت لاغنية نوبية كان ياتيني بقوه وقفت واستمتعت بتك الاغنية حتي النهاية ياقمر الزمان ارجع لينا تاني يامرح الليالي اشتقنا لقربك وللروح الجميله والطله البهية لدلع الليالي بالامس القريب شفناك ياحلو كل الحلة ترقص لوجيت مبتسم النخلات تنادي يا نيل ياسمح الاطفال تغني بطعم العسل ياقمر الزمان ارجع لينا تاني انت في قلوبنا شيدت الامل الغربة العجيبة لالون لا طعم العيش الجميل بدونك عدم يا جنه بلدنا يازهرة قلوبنا ارجع لينا تاني جيت ياحلوة تاني نورت البلد شلناك في الماقي والكل مبتنسم جيت ياحلوة تاني نورت البلد احقا اغنية رائعة وكانها فصلت فيها .قلت بصوت عال لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم . ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ، ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ، وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض . كل الاوصاف بسيطة فيها . سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى . ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ، انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم . كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة . واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق . ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب . عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ، ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ، قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم . وجدتها وكانت معها فتاه اخري منهمكتين في جمع التمر ، اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ، وخجولة جداً ..كما توقعت ، التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ، ماذا تريد ايها الشاب ,, يبدو انك اخطأت العنوان ، انا لا أعرفك بتاتاً ، يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس قلوب العذارى. انت من طينة أخرى وكانت تنظر إلي بتحد واضح ، من اين لك كل هذه الجراة ؟ لتغازل فتاة مجهولة . وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب كلمات اغنية جميله انها معجونة من السحر ... يا سمحة يا بت الجروف الساكنه في القلب الولوف بغناك لونت الحروف ومشيتي في الدرب المعرش بالورود عينك اه ..معجونة من سحر الغروب وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون والشوق قد يدمنك يا بدر البدور اه منك اه من سحرك اه من دلعك اه يا بخت روحي بطلة القمر المنير ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف يا نسمة الفجر المباح سافرت في السحر الودود وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور اقمت ناصية الهوي انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي الراسمة اسمك في الرمال وفي الخلاء وفي السماء الشاردة حتي ارتوت همسا وردده الصدي والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا اني زرعتك مثل اسرار الهوى وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى يا همسة القلب العذوب يا طلة الوجه الطروب قيسك عذبه الهوي اسفا لحب ما روي قلبى واتعبنى ومزقنى ومابلغ المدى كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى تمالكت نفسى وقلت لها لا لا .. تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان وارتجلت لها مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ، بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون ..... وغنيت لها .. وانا ادند كان الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى وملكت ناصية البيان بمعصى عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى هيا تعالى اجلسى واحسست بطرب فى عينها بلون الشروق وواصلت كلامى وانا انظر اليها ،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش ومن فى الورى مثلنا ، استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ، واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ، كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة .. لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ، وبدات اصرخ باعلى صوتى . اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟ اين انتم يا اغبناء كوش ؟ واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟ كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟ اين المستكشفين وأين الفضائيات ! مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت : حماك الله من اعين اهل البندر .. هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى . القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً. كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى . انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى : نعم والف نعم للسعادة والجمال . تجاذبنا اطراف الحديث . ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا بصوت واثق وشجى ... ...... يا اميرة النيل ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف اغيثى اذنى بهمسات دافئة بل اطلقى قريحتك واشدى ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة تمام الالحان . وشجعى الحمام والطيور للغناء ، وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ، ولملمى اوجاعنا الحزينة ، ارقصى ياسمحة الخصال ، وشتتى الشمبال ، تخيلى رحلة بقارب ، والموج في زحام ورغوة بيضاء ، طيرى مع الحمام ، يا بطة الغرام ، التفتت وقالت بثغرها الوثاب الله الله الله ،، شكرا لك ، شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ، واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ، لاشم نفحات من قطرات الندى ، واردفت تقول .. اه منك يا شقى ,, اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول .... لقد اعجبتنى خفة دمك ، وانتقاءك للكلمات انت تدغدع مشاعرى ، و تثير انوثتى ، يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،، وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ، كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية .. اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام . وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ، وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر وشرع الطفل على الفور واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها يا اميرة النيل وقلبى .. انت تستحقين محصول هذا العام كله . كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى ...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ، سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ، بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ، قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه .. واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب ... يافتنة العين يا حورية النيل اني احبك يا بنت الحلاوين عطر الاماسى ودف الليل اطربنى همس اللسان ولون الورد والزين شوقى اليك تراتيل معتقة خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى ان غبت حبى وخارطتى ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا والقلب يدمع قبل الحس والعين وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا يحاكى النجم والنيل وطيف حاجبك في صورة القمر قبل التمام فيا من منظر فنن ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا وكم تحوى من صدف ومن زين ورسمة الفم فن فى خلاصته وتيه مشيتها للحب تلقين يافتنة العين يا حورية النيل دعنى اغنى وما للوصف تمكين دعنى لارسم مافى العقل من فنن يا فتنة النيل يا حورية االكون تاه الخيال ومالى في البكا لغة وسرحة النجم السارى الي حين اني انا الشاعر النيلى راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين ورب دار كساها القلب من كمد اعدت لجوفها نفس وتامين حتي اذا جاءت الاقدار في كنف اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر لم تقل صراحة ... بل انني قرات في عينيها المنتشتين ما كانت تريد ان تقولها وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا . وبعد فترة صمت ، قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا .. الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك .. لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة .. ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل . وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو . جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية .. واحلامي بحجم الفضاء .. قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك . قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟ ودققت في وجهها ولهول ما اصابني انها نفس البنت التي رايتها مع ميدوب قلت في نفسي عليها اللعنه ،، ماذا تريد مني هذه الفتاه لقد قالت لي يوم رايتها مع ميدوب دورك سياتي ماذا تريد مني هذه العفريته وقلت في نفسي ,, لكن علي ايه حال ان ملامحها عادية ولاتبدو انها شريرة ووجهت كلامي لها وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك انا اقرأ الكف .. قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى اميرة والي تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية اميرة الا لماما . قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ... نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..ولم افاتحها ابدا انني رايتها مع ميدوب لكني قلت لها ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك . ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى .. عدت الى عرافتى وقلت لها .. وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى انني لن اترك كلامك يمر هكذا بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم خذى كلامي علي محمل الجد ..ماانتهى كلامي الا ان وجدتها تضحك ثم صممت قليلا واستعدلت في جلستها و قالت لا لا يا صديقي ما الذى يجعلنى اكذب عليك .. ان كنت لا اعرفك ، لكنني مترع بحب صديقتى الجميلة وكانت تنظر الى ربيعة ، وهي تبتسم وكانت ربيعة أيضا تبادلها نفس نظرات الحب والاعجاب .. الحلة وغطاءها ، كما يقول المثل النوبى القديم . وقالت وهيبة وهي تنظر الى ، يجب عليك ان تعلم يا عزيزى اننى قارئة كف محترفة وغالبا ما تصدق نبوءاتى .. لقد تنبأت قبل ذلك بقيام سد مروى .. وبهبوط العملة الورقية وباختفاء جزيرتى جرجا وقورتين النيليتين .. وبامر الهدام علي شواطى قرية فنتى اركى كما جلدت رغباتى بسيرة زائعة الصيت و ملهمتى دوما كانت العرافة الشهيرة ام الحسن الهوارية .. وام الحسن هذه كانت معروفة حقاً .. انني أتذكر ذلك جيداً من حكايات جدتى ... كثيرا ما سمعت عنها في ونسات الاخرين أيضاً ... قلت لها جميل جدا ، جميل جدا ما اسمعها منك يا وهيبة . ولكن الكلام متاح حتي للمجانين ، لكن اثبات الكلام بامور عملية هو بيت القصيدة ،،، نعم نعم نحن شعب نؤمن بالخرافات ولكن في نفس الوقت نؤمن فقط بتلك الخرافة التي يمكن تصديقها ، ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة ..... اذن هيا بنا . وفتحت لها يدى . ، وانا انظر اليهما بسخرية ضحكنا نحن الثلاثة بصوت عال .......ولكن في بالي كان يدور سؤال واحد ماعلاقه ميدوب باميرة , هل هو صديق وهيبة فقط ام ان اميرة ايضا تشتبك في بؤرة السر العظيم في غمرة انشغالي مسكت وهيبة بيدي وانا بدوري فتحت لها يدي على مصراعيها نعم أمسكت بيدي وبدأت تتاملها بتوجس . وقالت . كفك فنجان في وضع يبدو لى مقلوبا . قلت لها وانا اضحك خلاص يا عبد الحليم حافظ يا العندليب النيلى .. اين فرقتك الموسيقية اذن .. وغنيت لها يا ولدى لاتحزن فالخوف عليك هو المكتوب يا ولدى . قالت لي العرافة .. صوتك جميل وجذاب ..قلت لها شكرا شكرا يا معجبة كنت انا امزح ظاهريا ولكنى في حقيقة الامر كنت خائفا بل مرعوباً ... ويبدو ان العفريتة قد لاحظت أمر ى نظرت الي وهى تشد يدى بقوة وبصرامة , قالت لاتخاف ياولدى وكررت ، لاتخاف يا أخى.. انت رجل ام إمراة ؟؟ الرجال هنا لايرعبهم شى . انهم بلا مشاعر . حتي لو طقه عقرب . يقف صامدا كالصخر . او كالنخلة الحمقاء كأنها وتد في الأرض او حجر ومعذرة يا صاحب الطلاسم ان استعرت شيئا من شعرك ونظرت الى وهيبة وقالت . اتفقنا وكانت توجه كلامها لى مباشرة .. قلت لها نعم نعم .. وبدات تقرا وتقول .. حقيقة ارى فنجانك فى وضع مقلوب وحبيبة قلبك سارحة وسط النخل وفى رمل الشطئان ، لكن هذا لايعني شيئا .ولايعنى أيضا أن السعادة لن تاتيك ابدا . وأن حياتك ستسوء . بل يعنى ان حياتك ستمر بمنعرجات غير طبيعية ، وازيدك يا صاحبى من الشعر بيت ان هذه البنت قد مشت بعيدا في استفزازى وانا كنت مستسلم تماما ,,, كانت صاحبة ربيعة مازالت تواصل كلامها موجها اياه لى .. لا لا يا صاحبى .. الفجر الموعود , قريب ...... لكن هنا في شكل وطن قد يبدو حلما ، او هداما يقلع نخيلا علي الشاطى . او ذئبا ينقض علي زريبة البهائم ويعدمهم جميعا . او نزعة طفل يبدو مرعوبا ، وقت السيول ، ومضت تقول ... ولكن انقضى وقت الخوف لا تخف يا حلو المعشر .. ويا ابن الارض البكر .. وريث الثروة والجاه .. ... تاكد ان مستقبلك جميل .. بربيعة او غيرها .. انت رجل مبدع وخلاق وشاعر عظيم نعم انك لم تسوق نفسك بطريقة جيدة لكنى اؤكد لك ان اسمك سيذهب فى التاريخ كاحد اعظم شعرائه وسيكون للنيل من شعرك نصيب وكررت .. سيكون لك شان عظيم .. ولكنك ستمر بنفق نصفه ضوء ونصفه ظلام هنالك بقع بيضاء .. وأخرى سوداء قاتمة .. قد ياتيك الحظ في شكل رجل يصادقك ويقف بجانبك وقت الازمات او فتيات كثيرات تستمتع كثيرا معهن .. بنات من طينة اخرى ومن بلدان اخر . بنات تري الدم فى عروقهم يجرى . والذهب في شعرهم يلمع . والزرع في عيونهم يخضر , ممكن ان ياتيك في شكل بنت تتحرك فوق الجليد تمشى احيانا كانها قارب تجدفه التيار وتطير احيانا ,, ليس مثل الطيور تماما وتمنحك قبلة وانت قابع في تل جليدى .. او ربما ياتيك حظك رفع جسمها احيانا ثم تهبط الي الماء وانت تسبح في النيل ترفع يديك لتمسك بها او اشياء غير مالو كبطة تلعب في الماء لكن ثم ماذا بعد سالتها ... وانا مرعوب وكنت اكتم غيظى .... تاوهت قليلا وجرت نفسا عميقا وضغطت علي يدى كانها تريد ان تسمعنى بكل صفاء كل ما تريد قوله دون تشويش .. وقالت . وملامحها قد تغيرت تماما .. ربيعة ستكون معك والى الابد بصورتها ..مرسومة في جدار العقل بروحها ولكنك لن تتزوجها ابدا , وقع هذا الكلام كالصاعقة على عقلى وقلت انشاء الله انتى كاذبة لكنها اومات براسها كانها تعتذر وقالت هذا لايعنى انك لن ترى محبوبتك القدرية .. كحبيب وحبيبة ،، ربما بطريقة عابرة ترون بعضكما ان النقاط ليست واضحة ، فخطوط يدك متشابكة جدا لم اقرا كفا كهذا طوال حياتى ... ,,,,, قلت لكم هذه الكلمات قد وقعت كالصاعقة على راسى وشعرت بدوار وصداع ... وحاولت ن امسك يدها واقول لها نعم يا ربيعتى الان الان احبك اكثر . ونسيت امر العرافة ، وقلت لها ، ربيعتى واميرة قلبى .. ايتها الميدالية الذهبية ، لن تبارحى عنقى .. انت خلاصة المعادن النفيسة ، وقلائد الاميرات عبر العصور ، وانا البطل الخارق لمقتضيات المبارزة ، ساقطع البرارى وسانطلق علي صهوة العزيمة ، ولن يجرو فارس من اللحاق بى عندما يخص الامر ، بماراثون حلبة حبك .... انطلقى يا فرس الهوى وهنالك ما وراء المجرات تنتصب خيمة اميرتك . والتفت الى ربيعة وهى غارقة فى دموعها وقلت لها .. كلام النفس للنفس ، مقتبسا الهداية من رحمن الذات وايماءة العاطفة لاتستمع الي كلمات هذه المعتوهة ربيعتى الجميلة .. انت لى .. ولا احد في هذا العالم يستطيع ان يقلعك منى، فجذورك ياسيدتى ضاربة بامر الهوى في أعماق الأرض البكر ، ومعاولى عطشى للتوهان بعيدا فى الهوة السحيقة من ذاكرة الهوى ثم ،، حضنتها بكل ما املك من شغف وحنان . وكانت ربيعة غارقة في الحب حتي اذنيها . ارادت ان تبتعد عنى لكنها لم تستطع لانها كانت مشتاقة الى هذا العناق الدافى . استلمت ملاكى الجميل ونامت بين ذراعى يا لها من لحظة سكرى . في جبين الصمت كنت اقبلها فى كل وجهها وأقول لها مهلا ربيعتى ابق معى الي الابد كانت تنظر الى نظرات غامضة ولكنها ودودة ، كانها تعرفنى منذ عشرات السنين . انى ارى الدف الذى ينبعث من عينيها كانها تقول وانا ايضا احببتك احببتك يا صديقى .. وتمنيت ان اقضى العمر كلو معك .. ايها الامير النوبى .. ان دقات قلبي تنبض باسمك الان حبيبى عبد المعين على كل حال الله يعين ,,,لم تكن الجميلة تتكلم هكذا ,,لكننى قرات فى عينيها موسومة بوشم الهوى الغلاب .... نظرت الي جانبى هنا وهناك ولكن العرافة كانت قد اختفت كان الأرض قد ابتلعتها .... .... وبينما نحن هكذا في حرم اللحظات الرهيبة , ثمة صوت من بعيد شق صمتنا وكنت اريد ان استوعب ماجرى وهى لحظات سكون تعقبها العواصف .. .................... جاء من بعيد فتى صغير جميل المحيا ، ضئيل الجسم فى مشيته عرج بسيط لا ادرى وهو يهرول ويبدو انه جرى مسافة طويلة دون توقف ، ان انفاس الفتى تحكي انه تعب وقف امامنا رافعا راسه منتصبا ، جال ببصره ناحيتنا واخير استقر نظره ناحية ربيعة وقال انتى ربيعة , ردت عليه ربيعة نعم ايها الطفل الصغير ما الخطب ، ومن ارسلك الى جاوبنى بسرعة ,, قال الطفل بسرعة ،والدتك مريضة جدا لا ادرى وقال الطفل أيضا .. انها تريد منك ان ترجعى باول لورى متجه السليمة . جدك ارسلنى اليك ، وطلب منك العودة فورا الي البيت ، , لا ادرى هل العرافة هي التي ارسلته ، ,,,تحولت لحظاتنا السعيدة الي شقاء ، كانت ربيعة تفكر في امها وانا كنت افكر فى ما قالتها العرافة ، وايضا فيما قاله الفتى الصغير ،، وكانت قارئة الكف قد عادت وكانت حزينة مثلى ولكن لما اختفت هكذا ثم عادت سؤال ملح كان يؤرقنى سؤال يلجمنى ،هل ياترى لن أرى ربيعى بعد اليوم سائلت نفسى .. وقلت في نفسي تبا لك يا ميدوب ما هذه التي رميتها في طريقي ,,, وقبل ان نبارح المكان أخرجت العرافة تمرتين من كيس كانت تحمله و قرات فيه بسرها بتمتمات غير مفهومة .. ناولتنى واحدة والثانية لربيعة ، اكلت نصيبى دون تردد ولا اخفى اننى كنت متوجس وقلق اما ربيعة فقد وضعتها فى فمى وهى تقول الي الابد معا يا حبيبى . في السراء والضراء . ساحاول ان اعود اليك . ولكن ان لم اعد لا تبحث عنى ابدا ، لان القدر قد يكون قد اراد لنا الفراق . كم راق لي كلمة حبيبى . وكم اغاظنى الشطر الثانى من الكلام حين قالت قد لا اعود . اختلطت المشاعر الموجبة والسالبة فى خاطرى واحاطت جدار قلبى بكم هائل من الهواجس المريرة الحب يا سادتى سلطان يزين اريكة الامبراطور وظل يحنو لمسار الراعى ، ولحن يموسق قالب قافية شرودة يؤلفها شاعر مبتدي ذهلت حتى ارتويت وانا اسمع تلك الكلمات المتشابكة من احلى فم في خارطة الاناث ، اكلت الثانية وانا اكلها رايت فيها صورة الملكة ووجه ربيعة ومن خلفهما وقف ميدوب مذعورا . وتهت وانا مغمض العينين فى متاهات الخيال السارح فى اقبية الجنون ، ونظرت فى عينيها والتي تبدو لى غامضة وحالمة وتراءى لي طيفها وهي تطير بجناحين عبر الفضاء الممتد الي الشمال رايت السحب والثلوج وجبالا من الجليد . ورجال شقر ونساء شقراوات وعيون خضراء . وكاننى مربوط بشى ما خارج النطاق الزمانى والمكانى .. في منطقة وسطى بين النجوم البعيدة . والقدر ينادينى كانها ومضات من جبين الشمس ويكتب اسمى في كف العفاريت السارحة في اللامنتهى ، ومنذ تلك اللحظات المجنونة . سكنت روح ربيعة فى دواخلى ,,, باسماء مختلفة وباشكال مختلفة في الليل والنهار والحركة والسكون والحزن والفرح واشياءأخرى ,,,ستجدها فى رحلتى مع الايام .. مع اختلاف الزمان والمكان . اختفت الجميلة مع اللوارى الذاهبة الى واحة سليمة ومع تجرعى لمرارة الفراق وقسوة الفراق وشرود الخيال ، فكرت فى اللحاق بها . فى مساء ذلك اليوم اجتمعنا نحن ابناء القرية لاول مرة منذ سنوات طويلة لنتناقش فى امورنا الخاصة دعوتهم انا شخصيا لمادبة عشاء واحضرت خروفا من حظيرة اغنامنا وكلفت صديقى حسن جمعة ليقوم بواجبات الطبخ وعدد من الشباب بواجب الضيافة دعيت حوالى خمسة وعشرون شخصا من الشباب وكنت اريد ان استشيرهم في امكانية ذهابهم معى لقرية سليمة ، فى زفة كبرى تليق بفارس كوشى اصيل وذلك لخطبة ربيعة وان اعبر لهم بالتحام واصطفاف كل هؤلاء من حولى وباننى مهم وابن مشايخ ونوبى اصيل تجرى فى عروقى الدماء الملكية . ملوك كوش العظماء . وعليهم ان يعرفوا اننى الفارس الكوشى ويحق لى ان اتزوج من من اخترت ... وان اسرة ربيعة يجب ان تنصاع لشروطى والا فان الفيضان ، قادم والطوفان آت ، ايمانا منى بان اجعل الليلة مميزة وساحرة ، احضرت لهم سلفا بعضا من خمرة حاكمين النقية وحاكمين هذه قرية نوبية امتازت بجودة بلح الجاو المادة الاساسية للعرقى البلدى ،من تلك الخمرة المعدة سلفا من بلح الجاو الاصيل شرب الجميع حتى سكرو واكلو حتى شبعوا وكنت معهم مستمتعا بلحظات لاتنسى طلبت من حسن جمعة ان يغنى لنا ، ابتسم حسن واخد الطمبور ووزنه واتجه بنظره صوب الجميع كانه يريد ان يعرف مدى استعدادى للاستماع اليه تبادلنا الابتسامات علامات الرضا . بعد ان اطمان على الجميع والذين ترقبوا اغانيه بدا يغنى ، ....... باسمك ايها النيل العظيم رطنا ، وباسم حفيد ملوك كوش التقينا وباسم الكنداكات الجميلات تتفتح ابواب السماء لتهب لنا طراوة الصلاح اللذيذة فدا لك يا ايتها النخلة السامقة ،، المنتجة لتمر الجاو ، ولولاك يا تمر الجاو ، لما شربنا خمرة حاكمين النقية ( وهى خمرة كوش الاولى من بلح الجاو الحاكمينى الاصيل ) عصير الملوك وعشق الكنداكات عبر الدهور ، الى اين تتجه اقدارنا اذن ، اللهم يارب العرش العظيم ، رب النيل ورب الجبال ، ورب البرارى ورب القفار ، فليسمعنى من فى البيوت ومن فى القبور ، من فى الجزر ومن فى الجبال ، بانى اغنى لاغلى الرجال ، رمز العز ورمز الفخار ، فيا طينة الشط اسرح معى ، هبنا الثمار وهبنا الزهور ، وفاكهة الفرح والبرتقال ، واكمل لفارسنا السرمدى عبد المعين سليل الشجاعة ، ورمح القبيلة زواجا اصيلا كاصل الجمال . وعند منتصف الليل . كانت ليلة جميلة ، لكن فى النهاية اتى الصباح ولم نفعل شيئا . ذات مساء وانا تايه فى مغارة الشوق ,, جاءت ربيعة ، جلست بجانبى وحكت مايلى , كانت وهيبة قبل ان اقابلها مع ربيعة فى ذلك اليوم تعيش قصة حب كبيرة ، مع شاب حسن جمعة لكنني لم اكن اعرف ذلك . ان وهيبة فتاة من قرية تجاور قرية صديقتها ربيعة ، ويحكي انها اتت الي منطقتنا في الموسم الفات ونزلت في قرية دفى وهي قرية محسية متاخة لمنطقة السكوت من ناحية الجنوب ، ويحكي ان علاقة نشات بين وهيبة وحسن ،ومن الطبيعي حسب مواريث مجتمعنا ان يكون العريس لبنات منطقتنا من نفس القبيلة . ونمي الحب بين هذين العاشقين وذات يوم تقدم حسن لخطبتها ، الا ان اعمام وهيبه رفضوا هذا الامر رفضا قاطعا ، واعتبروه عارا ما بعده عار وخاصة ان اثنين من ابناء هم مستعدين تمام للزواج من وهيبة واكثر من اربعة منهم كانو فسي سن الزواج ايضا كان والد وهيبه رجلا مثقفا وطيبا ومحبا لبنته الوحيده ، لم يكن ليرفض لها طلبا وكان في امكانه ان يعارض العائلة باكملها ويخاصمهم من اجل ارضاء بنته .. وعندما حاول ان يقنع بنته في بادي الامر ،ويوضح لها ان امر زواجها او مجرد خطبتها لشاب غريب سيجلب لهم الكثير من المتاعب وربما تحصل مقاطعة شاملة من الاهل جلست وهيبة علي ركبتيها وبدات تتوسل لوالدها انها تحب حسن ولايمكنها ان ترضي بغيره ، وان مجرد محاولاتهم لتثنيتها يمكنها ان تحطمها وتزيد من متاعبها الصحية وخاصة انها كانت فتاه نحيلة في جسدها . دخل والدها في صراع نفسي كبير بين امرين لا ثالث لهما ، اما ان يقبل ويكسب بنته وراحة البال ، او ان يرفض ويكسب اهله ويحطم مستقبل بنته وكذلك راحة نفسه الشخصية ، لم يكن الرجل بطبعه صبورا ولقد عرف عنه برغم طيبته الكبيرة سرعته في اتخاذ القرارات ، وذات يوم راي بنته حزينه وفي وضع يرثى لها ، سالها عن السبب وكيف له ان يساعدها ، قالت له ، والدي العزيز ، اريد منك ان تذهب لاعمامي وتجتمع بهم وتقل لهم ، انني مصره للمضي قدما والزواج من حسن ، وانك تؤيدني وستقف معي في كل الاحوال وهذا قرار نهائي لارجعة فيه . كان والد وهيبة قد اقنع تماما ، ان معارضته لهذه الخطبة وعدم موافقته لاتمام الزواج فيما بعد ، ستاتي باشياء كارثية ، ربما تفقدهه بنته الوحيدة نعن نعم لقد سيطرت عليه هذه الفكرة ودق الخوف علي جدار عقله بقوة لم يتريث كثيرا وسرعان ما خرج مسرعا الي حيث يجتمع الاهل في مثل ذلك الوقت وكان حسن ينتظره خارج البيت . وقال له ابو وهيبة اتبعني يا بني ساله حسن الي اين . قال له من غير سؤال تعال معي وستعرف الي اين نحن ذاهبون ووجد اخوانه كلهم هناك وكذلك ابناء اخوانه . خاطبهم جميعا دون ان يجلس اسمعونى جيدا .. نعم نعم : انتم اهلي ومن دمي ولحمي ، ولكن الشي الذي جئت من اجله شي خطير وان كنتم تحبوننى وتريدون لي خيرا ، ارجو ان توافقو قبل ان اصارحكم ويقيني ايها الاحباب لو ان الامر كان بيدي لما طرحت عليكم السؤال ابدا خاطبه اخاه الاكبر واسمه شمس الدين ، يا ابا وهيبة ما الامر ؟ ورد عليه ابو وهيبه الامر يا ابن ابي وامي انني نويت ان ازوج وهيبة من خارج العائلة من هذا الشاب الذي يقف امامكم . وذلك ارضاء لها وانتم تعلمون من هي ، انها وهيبة ابنتي الوحيدة ، وهي كل ما املها في هذه الحياة وكرر اريد ان البي رغبتها لاننى لا اريد ان تلومنى وتحملنى مسئولية فشل حياتها المستقبلية ان عارضت مسعاها وارغمتها علي الزواج دون رغبتها وانتم تعلمون انني لا املك غيرها . ارجو منكم ان تقفوا بجانبي هذه المرة ,، لان حالها لايسر وكان حسن يقف صامتا وخائفا ايضا ان هؤلاء المزارعين وابنائهم يبدو علي تقاسيم وجههم الصرامة والقسوة ايضا من اين اتيت بهذا الابله ساله اخاه الاكبر شمس الدين قال له ، انه شخص طيب ومن قرية قريبة من قري المحس ههههه ضحك الجميع قال اخوه الثاني بدر الدين يا اخي ان كان محسيا ،من اين له بهذا الشلوخ رد عليه ابو وهيبة والتف الي حسن وخاطبه رد عليهم وبين اصلك وفصلك لهم وقف حسن بثبات هذه المرة وقال لهم . انا لو اردتم ان تعرفي اصلى وفصلى من ابويين مختلفي الانتماء امي من فلاليح ارقو والمعروف ان هؤلاء الفلاحين وهم بيض البشرة من بقايا الاستعمار ووالدتي من قبيلة الشلك الافريقية المعروفة وان كنت قد اخذت بعض من ملامح والدتى ، الا انني اعتز بقبيلة والدى وهو شلكاوى اصيل تجري فيه الدماء الافريقية الحارة وهو ابن رث من الشلك كان له مقام وجاه اصيب الجميع بالصدمة الشديدة وقالوا يا ابا وهيبة ، ان كنت تريد لنا ولكم خيرا ، اذهب من هنا بسرعة ولاتجعلنا نقبض علي هذا الغريب وان قبضنا عليها , ان تعرف اننا سنقتله في الحال لذا اخرجو من هنا وبسرعة قالها الجميع بصوت واحد وفي معمعة الصراخ من هنا وهناك .. اصيب ابو وهيبة بتشنجات كبيرة سرعان ما غاب بعدها عن الوعى .. حملوه الي مستشفي دلقو القريب وهناك لفظ انفاسه الاخيرة .. كان حسن معهم حتي اخر لحظة ولكنه حينما علم بموت ابوهيبة ، خاف علي نفسه وغاب عن الانظار .. حمل اعمام وهيبة جثمان والدها ورجعو من دلقو الي بيت والدها .. انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم وعم حزن عارم ارجاء القرية والقري المجاورة بعد ايام من الحدث الجلل .. افاقت وهيبة علي صدمة اخري اخري الا وهي صدمة اختفاء حسن وتقاعسه عن القيام بواجباته ايام الوفاة لقد انكسرت وهيبة في خاطرها واصيبت في كبريائها ، كيف لرجل تحدت العالم من اجل الزواج به وغامرت من اجله بسمعته وسمعة العائلة يوم قبلت به وهو الغريب عن هذه المنطقة ليس بحكم المولد بل بالانتماء للجذور والتاريخ وتخيلت والدها ولحظات الحزن الرهيبة التي اعقبت وفاته وكانت وهيبة تؤنب ضميرها وتحمل نفسها المسئولية كاملة بعد ان اندفعت وراء رجل غريب ، يفتقد الي النبل والشهامة ، رجل ترك حبيبته في ذورة حوجتها له .. لقد فكرت وهيبة في هذه العلاقة التي سببت له كل هذه المصائب وهاهو طيف والدها لايفارق خيالها ، جلست وهيبة ثم قامت وصلت ركعتين واقسمت بالشفع والوتر ان تاخذ حقها وحق ابيها كاملا من حسن ، اذ اعتبرته من ذلك اليوم عدوها الاول كان ذلك قبل عام من معرفتى بها وذلك برفقة صاحبتها ربيعة الكاهلية لكنها اثرت ان تواصل العلاقة معه دون ضجيج[/QU وبعد عام من ذلك التاريخ . عندما بلغت الثامنة عشر من عمرى ساقتنى الظروف ان اكون ضمن كوكبة من ابناء وطني واللذين وقع عليهم الاختيار للدراسة في روسيا , وقبل سفرى بيوم واحد جاءت ومن دون سابق انذار العرافة وهيبة وهي تحمل قيراطا من البلح في دلو مائي ,, واهدتني إياه ,, قلت لها أانت تهديني بلحا ؟ ,, يا للمفارقة وانا صاحب الساقية وسليل النخلات ، قالت ، تذكر كلامي جيدا، هذا ليس تمرا فقط ،هذا طوق نجاة لك عند الملمات الكبيرة ,, فتمرتين ستكفيك وتغنيك من أشياء كثيرة ‘ هل دلوك مسحور سالتها ،، قالت وهي تبتسم ... سمه كما شئت ، فلتسمه مثلا القدح المسحور ،، ذاك ليس مهما ولكن هنالك جنى قد سبقك الي هناك انه حسن سارق قلبى وقاتله ، اتوقع بل اجزم ان الاقدار ستقابلك به ، ولكن اسالك بكل معانى الشرف والطيبة والجمال التي تؤمن بها ، ان تعطى حسن تمرتين يوم ان تقابله اكثر ، وبعد ان يتناوله سيكون كلو ما ياكله من التمر مسحورا . لاننى عزمت امرى ان اخدمه خدمة جليلة ، ولا اخفى عليك اننى نذرت حياتى من اجل اسعاده ومع الايام ستتضح لك كل شى ..انسى امره الان وحسبى ان اقول لك انه اذا دارت بك الأيام وقدر لك ان تقابلى ربيعة ‘ فستكشف لك السر , وتاكد ان هذا الدلو بما فيه سيكون ذو فائدة عظيمة لك ، انه مفتاح ديجون ستفتح به كل شى استعصى عليك فتحه , لم تمهلنى ان اسالها اكثر ,, وغابت عن ناظرى في لمحة بصر ,, لم اكن مستعدا للبحث عنها ,, لانى ببساطة تخيلتها هرطقات امراة مجنونة ...وقلت لك وتبا لحسن ، مالي انا اشغل نفسى بمشاكلكما ،، وقلت ان مشاكلى تكفينى ..... جلست وهيبة فى بيتها وتذكرت كل ما فعلت حسن بها استرجعت الاحداث وقالت فى نفسها , انها روح ميدوب اللعين وغدا ستعلم ماذا ستفعل بك الايام ياحسن , ان الارواح تتلاقح فى دفتر هذا الميت الحى ويالها من اثارة ، انها قصة حب رائعة جدا ذ، تلك التى ربطت وهيبة بحسن جمعة ، كانا يلتقيان عند وادى الجن ، خلف الجبل الكبير، كم جميلة تلك المنطقة الساحرة عند الغروب ،كان من عادة حسن جمعة الذهاب باكرا والكتابة والرسم احيانا فى تلك الصخور ،كلمات من الوجد وايات من الغرام وكانت وهيبة تنصحه دائما ، ان لايكتب شيئا ، لانها كانت تؤمن ان الجن وحده يسيطر على ذلك الوادى ، وكانت تقول ان الجن يمكنه سرقه اشعارك كلها وعمل ديوان باسمه . لم يكن حسن من ذلك الرجال اللذين يؤمنون بالخرافات ، كان يملك من العقل والشجاعة ما يكفى والدليل على ذلك انه لم يدخل ويتبرك فى تلك القباب ابدا ولم يؤمن بوجود الشيخ على امام القبب ايضا ، ولم يسال يوما لا فى سره ولاعلانية ان يمنحه الشيخ تلك القوة المطلوبة من كثير من الخلق فى تلك البيئة المسحورة . ولكنه كان مهتما بامتاع نفسه ايما امتاع . بل كان يرتجل كلمات مقفاة دوما عندما يحتسى قدحين من خمرة حاكمين النقية المعتقة والتى تسمى ايضا خمرة كوش . وقف ذات يوما مخمورا بجانب القبة وكان جمع غفير من الناس اتو لزيارة الشيخ لكنه لم يكن مهتما ابدا بنظرة الناس اليه . وذلك انه كان مؤمنا حقا بصحة رايه حول القباب عامة وقبة الشيخ على خاصة واليكم ما قاله .. ايها الشيخ المخبول ، القابع فى الضريح المجهول ، ايتها العظام المهترئة ، ايتها الروح البائسة ، انا حسون وقاله عن نفسه تحببا ، لا اؤمن بالخزعبلات ، قد تكون مهرجا ، وقد تكون مسطولا ومخرفا ، وقد تكون اكذوبة كبرى ، وقد يكون الضريح لجثة خيل من عصر بعانخى ، من خيول الاجداد ، كيف لا !! انهم كانوا يقدسون الخيول ، وبعانخى نفسه قاد معركة ، لان المصريين اساءوا للخيول ، هزمهم وحكمهم هو ومن اتى بعده ثلاثمائة وخمسون عاما ولكن كل هذا هين، فالمصيبة ان تطلع لنا ، بقايا عظام لحمار اعرج او كلب . كانت وهيبة تنصت اليه ، وقالت اسكت يا حبيبى ، اخاف عليك من لعنة القباب ، وقف حسن ونظر ثانيه ناحية القبة ، ربما شعر ببعض الذنب او التراجع قليلا ، ربما لانه مخمور ولكن تلك ليست عادته لكنه على اية حال ، بدا يمدح القبة ! ،،، لسالف الازمان تاريخ عريق يحكي لنا عن حال السودان فى الماضى السحيق فى حقبة كانت مقيدة الدروب كانت لنا فى ارضنا اعظم حضارات الجدود اسالكم يا ساداتى ووجه كلامه للزوار اين العقول الواعيات اين الاصالة والفحولة والثبات وقال بصوت خفيض قد تكون القبة لملك نوبى قديم معذرة لك حبيبتى قد اعود غدا الى هذه القبة لنرى ماذا فيه العام المنصرم كلمت اهلك وفشلنا وانتهي مسعاى بمصيبة وفاة والدكم وربما كسبا للوقت وتناسيا للجفوة من قبل اهلك سافر ولكنى على العهد دوما من الزواج بك مهما طال الزمن وكبرت الاشواك ولكن ان وعدتينى بالانتظار ساسافرمطمئنا للبحث عن عمل مناسب او اواصل دراستى وبعد سنوات ساعود وسنتزوج ، ابتسمت وهيبة وقالت كيف ستتركنى يا حبيبى ومن سيمنحنى القوة ويسمعنى كلمات الغرام تلك الكلمات التى تحرك الجبال وترتقى بروحى الى سماوات الهيام والدلع العاطفى ومن بعدك من يا ترى سيهبنى اغانى الغرام ومن سيروى عطشى وجوعى اليك من سيرمى شباكه فى امسيات الربيع ليصطادنى سيجف النهر فى عينى وكل منابع الغرام لن تزهر الشطان بعد اليوم لاتسافر يا حبيبى واجعل حبال الوصل ممدودةو ربما سيغنينا الله من يدرى كم من معدم صارا غنيا كم من مريض و ابرص شفاه شيخ مغمور كم من عقيم نال بركات الشيخ وانجب البنات والبنون بعد ان عجز اساطين الطب فى مساعدته لاتنسى يا جميلى ان لبعض المشايخ بركات . من عند الله (ذلكم هم اولياء الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ) احقا ما اقول انهم يدعون ربهم بنقاء ويألونه بصفاء ولقد منحهم الله بعض القوى الخارقة فى نظر البشر ومنحهم ايضا فاصلا وقدرا من الامانى سكت حسن قليلا وقال لمحبوبته ياساكنة فى قلبى الولوف ، يازين الروح يا عسل ، كفاك هرطقة وجنونا ، الشيخ يا غاليتى مات منذ زمن بعيد ، وهو الان من الرميمات البوالى ، \وقد لايكون عظمه موجودا ، وقد يكون روحه فى مكان اخر اوركبت جسد كائن اخر لو اردت الحقيقة ، ساثبت لك يا اميرتى الصغيرة . ساثبت لك ذلك حتما ، ساشق الارض شقا بفاسى ومعاولى ذادى لست خائفا من احد ، فان كشف الحقيقة هدف نبيل ، دعنى احفر وارى ماذا هناك انقاذا لملايين الخرفان التى تنتظر فى فسحات الزمن الفداء بارواحها انقاذا لمدخرات الناس التى تذهب لشيوخ الدجل والشعوذة تغييرا لعادات قديمة ورؤى بالية نسجت من كفن التخلف الاجتماعى . سكت وكانت وهيبة تسمعه حتى انتهى من كلامه وسالته وهيبة ماذا قلت ياحسن ، اتريد ان تحفر قبر الشيخ ؟ ياله من جنون ، اذا فعلت ماقلته ، ستصيبنا اللعنة الابدية ، ولن تنام على الجنبة التى تريحك بعد اليوم ان حياتك ستتحول الى وصلات من الخوف والقلق والانغلاق تماما . تاثر حسن كثيرا بكلامها او هكذا كان يظهر او ربما خاف عليها من الصدمة ، وقال لها ، تاكدى لن اخطوا خطوة واحدة دون تعليماتك او اقل شي يمكن ان يحدث ،ساعلمك قبل اية خطوة ساتخذها ، يا وهيبة انتى حياتى وفجر احلامى ، وبانك بداياتى فى بحر الحب ونهاياتى فى اتونها . انتي ياوهيبة خلاصة دفق العطر ، وكل شراين قلبي تضخ من قلبك وتصب فى قلبى كل الحب كان الوقت قد سرق الحبيبين ، وحل الظلام لكن الفجر مازال معرشا على قلبيهما بضوء الصباح ومن يعرش الحب قلبه لا يعترف بولوج الليل ، ذهبت وهيبة كما قلت لكم وتبعه حسن كل الى بيته ، لكن هاجسا غريبا قد المح لحسن ان يعود فورا الي ضريح شيخه ، نعم نعم يمكننى القول ان حسن لم يتمكن مقاومه نزعاته فى معرفة ماذا فى القبر اتصلت بوهيبة لتكلمها ، ردت وهيبة اهلا حبيبي رد عليه حسن انا متاكد ياحبيبتى ان الضريح ليس فيه شى وسكت وقالت وهيبة بتشنج واضح لاتفعل ارجوك ، اتوسل اليك ورقدت المسكينة على ركبتيها لكن حسن لم يكن على استعداد ليستمع الى احد غضبت وهيبة غضبا عظيما ورمت السماعة فى وجها سكت حسن قليلا وقال بصوت عالى تبا لك ايتها الحمقاء ، وذهب حسن الي بيت اهلها وحاولت ملاطفتها ، الا انها كانت قد اتخذت قرارا صارما وموضوعيا للابتعاد عنه ، لم يكترث حسن بتوسلات حبيبته ، ليس هذا وحسب بل حمل معاوله وذهب حسن الى الضريح مباشرة وحفر الضريح كله بعمق اربعة امتار وطول ثلاثة امتار وعرض مترين ولجدما ادهشه ما وجده هناك سيف ذهبى يزن نصف كيلوجرام وخاتم كبير وعصا من الذهب واشياء كثيرة حمل حسن كلما وجدها من نفائس وذهب الى بيته ودفنها فى حوش الرجال لم يكن الاحمق يعرف مقدار ما وجده من كنز ، لكن حسن لسوء حظه راه احد الاجانب الذين ربما يراقبون المكان بكمرات خفية ومنحه مبلغ ثلاثمائة الف دولار مقابل السيف الذهبى بعد سجال عنيف كاد ان يفضحهما .ما ان راى الدولارات حتى سال لعاب حسن ووافق على ذلك ووافق بعد ان عاند فى البداية كما قلت لكم ، استلم حسن المبلغ وعده تماما ورقة ورقة . وضع فى كيس كبير ونظر الى الاجنبى وناوله السيف الذهبى ولكن لحسن الحظ اوسوء حظه لا لاادرى ان الاجنبى لم يطلب منه غير ذلك ذهب حسن ودفن المال ايضا فى ذات المكان الذى يرقد فيه كل ليلة ، وفى اثناء نومه ليلا جاءه ميدوب وعشر من فرسان مجهولين واوسعوه ضربا وقالو له اننا انتقمنا منك ولكن الحساب معك لم ينتهى بعد وتم استرداد سيف بعانخى الذهبى من الاجنبى الارعن القادم من وراء البحار وهو فى مكان محفوظ ، اما الاجنبى فقد رميناه فى البحر والتماسيح ستتولى باقى المسئولية زرت حسن فى ذلك الصباح ووجدت محموما وكان بعض من جيرانه مجتمعين حوله وهم فى ذهول ولايدرون ماذا حصل له وكان حسن يتكلم خارج راسه وليس مدركا لما حوله ، لدرجه انه لم يستطع التعرف على . لا ادري ماذا حصل له بالضبط ولكن حاله يدل انه مر بتجربة قاسية وتعذب كثيرا . لكنه كان يقول بصوت خافت كانه انين ... ميدوب ،،، اتركنى عليك اللعنة ، انا مرهق جدا ، خذ ماتريد ، لاتعذبنى يا ميدوب اعتذر منك ، لن اكررها سامحنى يا ميدوب .. كان الجميع ينصتون ولا احد اعطي تفسيرا مناسبا لهذه الحالة . رجعت الى البيت وتخيلت منظر حسن وتالمت جدا ، وقلت فى نفسى كيف اساعده . كنت عائدا من شاطى النيل فى اليوم التالى ، وسمعت صوتا خافتا يغنى فوق المقابر واقتربت منه وعرفت انه صوت حسن ولجدما افزعنى منظره ، كان يبكى ويغنى فى آن واحد . وعندما اقتربت منه جرى نحوى ومسك فى جلابيتى بقوة وقال عبد المعين الحقنى يااخى ان ميدوب يطاردنى ويريد ان يطعمنى بلحا مسموما , من اين اتى ميدوب بالتمر المسموم لغز عجيب وسرعان ما انتبهت لحسن وقلت هو يريد ان يقتلك ، قال حسن نعم نعم وواصل كلامه انا اهرب منه , انه هنا ,, يخرج من هنا من المقابر ويعود اليها ، سالته ماذا يقول ميدوب يا حسن ، كان حسن يرتجف ويقول ميدوب يقول لى لماذا ذهبت لنهش قبر الملك ايها التعيس لماذا سرقت محتويات المقبرة الملكية ، الا تعلم ايها الافعى ان للمقبرة حراسها ، كيف لك ان تبيع التاريخ ، كيف لك ان تبيع ارث اجدادك ، الا تخجل ايها الحقير ان هذه التحف والتماثيل سر من اسرار القرون ومفتاح الالغاز لتطور الحياة على وجه البسيطة وسر الحياة واكسير الاستدامة وعلاج ما استعصى من الامراض كل شى مخبى فى تلك القبور ، كل الدنيا تعرف اهمية تاريخنا ، وان تاريخ اجدادنا هى الحلقة المفقودة فى الوصول لاصل وفصل الانسان ،لذا لا تحزن كثيرا ، كل ما سيبلحقك من ماسى انت تستحقها ، ولا اخفيك اننا سنريك الويل وعظائم الاهوال ، سانزع عقلك ايها الافعى ولن تعيش بهدوء طوال اربع سنوات قادمات . منذ ذلك اليوم التعيس فقد حسن عقله ولم يعد حسن ذلك الرجل البشوش والماكر عندما تم عرضه لطبيب نفسى قال لهم . , قد تظنون اننى اكذب ولكنى اجزم ان السحر موجود فى كل العصور وان هذه المنطقة بالذات تطير فيها الارواح منذ زمان سيدنا موسى . وان الحل والشفاء له فقط فى مستشفيات خارج السودان ، علاج حسن فوق طاقة وامكانياته وامكانيات محبيه . لذا عمل صديق له كل ما يستطيع ان يفعله وارسله الى روسيا بعد ان تحصل على المبلغ المدفون بايعاز من حسن شخصيا وسدد به نفقات السفر وسلم لمرافقه وهو ابن عم لنا اسمه صالح بعض المال فى يده واحتفظ بالباقى . سافر حسن الى روسيا برفقة صالح وكان مريضا جدا من الناحية النفسية حسن حبيب الجميع سبقنى الى روسيا للاستشفاء قلت هذا شي طيب , , على الاقل على البحث عنه وتقديم كل ما يمكن ان يقدمه شخص عزيز اوقريب له قلت فى نفسى . وبعد أيام قليلة ،اجتمعت القرية كلها لوداعي وقفت امي تنظر الي الخرفان في الزريبة لمده طويله حتي تختار لي الذبيحة اوما تسمي الذوادة وبعد وقت قالت لي ابني العزيز اختار انت احسنهم قلت أي شي يا امي , ليس مهما . لكن اصرت وبعد الحاح منها حملت خروفا وذهبت الي البيت وجاء جارنا وجهزو كل شي من اقصي القرية حضر الناس لوداعي ,,لقد كان سفري مميزا .انه لو مرة في تاريخ القرية ان يسافر ابن لهم للدراسة في موسكو ان ابناي قريتي الهمهم سفري ومغامرتي وبدءوا تقويما جديدا كل ما اراد شخص ان يسال عن تاريخ محدد كانوا يقولون بعد سفر عبد المعين الي موسكو ام قبلها لم يعيرو لسفر حسن اهتماما لانه لم يكن من اصلاء القرية ، اذ انه غريب نزل قريتنا ذات يوم جاء اللوري وسلمت عليهم واحدا بعد اخر منهم من بكي ومنهم من حضني بقوة وتحركنا وبعد اربعه ساعات وصلنا الي قهوة سيدي عكاشه . حطت بنا طائرة الخطوط الجوية العراقية في يوم من ايام الشتاء ليس لبرده مثيل في مطار موسكو الثاني المسمى شيرميتفا دا نافذة موسكو الجوية بعد استراحة ثلاث أيام في بغداد ...... طوال ثلاثة أيام اقمنا بفندق حمل اسم رغدان وذلك بجوار فندق الرشيد الشهير احد اهم معالم بغداد .... كنت مسرورا برؤية بغداد وبالعراق كاول بلد ازوره بعد محبسى الاضطراري في القرية التي ولدت فيها .. كانت بغداد خارجة لتوها من حرب الثمانية سنوات مع ايران والتي حصدت مئات الالاف من الارواح , من الجانبين ودمرت المدن والقرى . وشتت ملايين البشر .... واحتفالا بوقف اطلاق النهار وانتهاء الحرب ... كانت العراق تعيش أجواء هستيرية وفرح شعبي طاغ ... كانت مطاعم بغداد مفتوحة ,, للجميع وتوزع الوجبات المجانية في كل مكان .... والموسيقى تلعلع من المقاهى البغدادية .... ناشرة الفرح في قلوب الشعب ... وكنت مغرما باحاديث سمعتها عن اشهر شوارع بغداد ... لذا ذهبت راجلا مع صديق لى تعرفت عليه فى مطار الخرطوم وزرت شارع ابونواس ,, على نهر دجلة ’’ ورايت صوره منتشرة في كل مكان ،، الحسن بن هانى الملقب بابى نواس،، ووجدت كل شي هنا بنكهة اشعاره ، كان الرجل عاش في الامس القريب نعم نعم ... في البارات التي كانت تلاصق بعضها تجد نفس القصائد النواسية. وكانت دجله بكورنيش شارعها الساحر قد احتضن من قبل فطاحل الادب العربى حيث عاش. الجواهرى والبياتى والسياب ونازك الملائكة ومعروف الرصافى . من هنا أيضا مر ذات يوم أبو الطيب المتنبي شاعر العربية الأكبر على مر العصور .... ورايت شخصا يكتب في جدران احد البارات . احدى قصائدى النوبية كم قلت لكم ان روح الكنداكات قد تطاردنى الى مالانهاية وربما روح ميدوب الملعون لن يتركنى وان طال السفر ، وقفت مذعورا وانا اقرا قصيدتى . والاعجب انه رسم صورتي وصورة اميرة وبدا يغني من اللوحة تعال ياغروحي فوق القيف تعال نتمشي جنب النيلب وكان ينظر لدجلة وواصل غناه نفتح صفحة الايام نعاين دفتر الاشعار اختار ليك قصيدة حب من اوتار الهوي الشارد وانغام الليالي تهب وسحب الصيف تقول يا ليل تعال ياحلوة فوق القيف نجسد لحظة اللقيا نغني ليك غنية نناجي في سكون الليل نجوما تايهة في الظلمة اه ياحلوة ياسمحة يا نبض اللحظة والقسمة وبعد النسمة راح الليل عدنا تاني للحظة وتبقي الهمسة وينك انتي يا حلوة ياربي انه ميدوب اللعين وخلفه بدا لي وجه وهيبة واضحا كيف وصلوا الى هنا , الله وحده يعلم ووقفت بصوت عال . يا ميدوب وروح ميدوب تركت لكم السودان ماذا تريدان مني رد علي بلهجته العراقية .انا لست ميدوب ولا وهيبة انا شبه ميدوب تؤام ميدوب قل فيني ما تريد ان الله يخلق من الشبه اربعين شخصا وقال اسمع المفيد ان سميتني ميدوبا فليكن سؤالي لك ومن من اهل السودان لايعشق الشعر وهو الضلع الثالث لعشقنا الابدى . النيل الازرق والابيض يا الله كم انت رائع . ابتسم لي وواصل الكتابة .... وبينما انا مشغول بما يقوله هذا الساحر سرني سؤاله لى . هل انت من السودان . قلت نعم . قال ونعم باهل النيل والنيل يا صاحبى من اسرار الوجود وفلق الصباح وديمومة السعادة وبرج الاسرار كان على ضفافه جنون الشعر الم يقل جماع عن حظه العاثر فى مضارب العبدلاب عند حلفاية الملوك ابياته الاستثنائية ان حظى كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاه يوم ريح اجمعوه صعب الامر عليهم قال بعض اتركوه ان من اشقاه ربى كيف انتم تسعدوه وقال الشاعر الملتهب حد الجنون هي نظرة تنسي الوقار ، وتسعد الروح المعنى ، مولاى انت وفرحتى ومنى الجمال اذا تمنى ، انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا ، الله الله يالك من رجل مثقف ،، االله الله يا لسحر هذه القصيدة المجنونة .. :فالنيل لايلد من الشعراء الا المجانين : داويت ولع نفسى بنفسى بهذه العبارة وهتفت وانا مسحور ايضا بكل ما كتبه عنى .... عاش النيل وعاش وعاشت الخرطوم وعاش النيل بابيضه وازرقه عند الالتقاء في مقرن النيلين الشهير وعاشت توتي الجزيرة التي ترقد كبطة تسبح ضد التيار في منظر لاتجده الا في الخرطوم ، احقا لايجاور تلك الأنهار الا العظماء ، والفلاسفة ، والشعراء ، وكان العراق كله احتفالات بوقف الحرب كما قلت لكم وتجولت لارى معالم بغداد وتاملت مليا قصر الرشيد وقلت بصوت عالى وانا استلذ النظر في ذاك البناء الشاهق الجميل .. عشت وزرتك يا بلد هارون الرشيد ونسيت ان اقول لكم اننا غادرنا الخرطوم وهي غارقة تماما بالفيضانات والسيول لقد حملت شنطتي فوق راسي ومشيت سيرا علي الاقدام مسافه خمسة كيلومترات ولقد تبللت ملابسي كلها وعند وصولنا الي بغداد , فان اول مافعلت انني رميت كل ملابسي المتسخه في سله القمامة واشتريت بدلها من السوق وكنا قد استجرنا فندقا اسمه فندق رغدان بجوار فندق الرشيد العتيق اتذكر انني كنت قد مازحت بائع المتجرقليلا وقلت له لقد اعبتني عاصمتكم , احقا انتم ارض حضارات واحفاد ملوك وملكات الحضارات البابلية والسومرية والاشورية ولقد اعجبني المثل البابلي القديم شد حزامك يكون الهك معك قال لي مرحب يا ابن النيل الي اين انت مسافر قلت له الي بلد القياصرة موسكو الساحرة ضحك قليلا وقال قل لي الي بلد الكفار ولكنه اردف قائلا كمن يعتذر لكنهم اهدي للبشرية فيدور دستيفسكي الكاتب العظيم قلت له صحيح كنت علي العجالة من امري دفعت له مبلغ الملابس وودعته كاني اعرفه من زمان وذهبت لحالي وبعد ثلاثة أيام ،، القيت النظرة الأخيرة علي نهر دجلة .. من نافذة طائرة الخطوط الجوية العراقية .. ورايت وجه الحالم البغدادى اللذى قابلته على شاطى نهر دجله وكان يبتسم ويقول بصوت عال وكنت اسمعه جيدا وهويغنى بصوت فخيم ووهانذا ارى صورة وجه ميدوب اللعين ووهيبه متمثله خلفه كما رايتهما قبلا ولجدما اذهلنى ظهورهما معا , ولم اكن اتخيل ان هذا الساحر اللعين يمكنه الطيران لكل هذه المسافات . اى سحر تملك روح هذا الافعى ، سائلتنى نفسى . ..... لم يترك لى فرصة للتامل واستلهام المعانى وظهر الافعى وهو يردد . انا ميدوب ا بن القرون ..جئت من النيل والى النيل ساعود . ذاك عشقى سرمدى اصطبغ بلون الوجود ، وتلاقح للارواح عبر الدهور وتبصر للشى من سحر مبتور ، واردف يقول ، انا سر من اسرار الزمان الغابر .. استطيع ان امدك بكل الاخبار عن حبك لربيعة ساكون معك اينما حللت ولوح لى بكلتا يديه وغاب عن الانظار لوح لى بخاتم ذهبى غريب فى شكله واختفى . وسيفى الذى بعته للاجنبى ، اه ، شى مقزز ومخيف ومبكى حد الوجع . استعدلت في جلستى وكنت احلم ربما لا ادرى ,, قلت فى نفسى بسم الله اللهم سترك من رجس الشيطان .. وانا علي ارتفاع ثلاثة وثلاثون الف قدم اكلت تمرتين خلسة ، ولم اكن ارغب ان يشاركنى صاحبي تلك اللحظات .. و اكل التمرات ، وما ان شربت بعض الماء وجلست لارى عبر النافذه ماذا تخبى الأجواء في لحظات الطيران ويا لهو مارايت ، انها ربيعة بشحمها ولحمها في هيئة ملاك علي بعد امتار منى .. وهي تطير في وضع موازى لمسار الطيارة . كانت تنظر الي وكانها تريد اللحاق بى ،، كان يبدو لي ان أشجار النخيل تظلله والنيل يجرى من تحتها . وكان نهرا اخر من بعيد يبدو منظره جليا وهى تلوح بصورة ميدوب وتؤشر اليها ,,, هذا هو الحبل الذى بيننا وسيكون البشارة اليومية لك الله من جمال ربيعة والسحر الكامن في عيونها .... وعبرها تخيلت النيل باسطا ضفتيه حاضنا ساكنيه في صورة عاشق مجنون ...,لكنها قاطعت خيالى وكانت تغنى ,, لارضنا النوبية تاريخ عريق يحكى عن حال النوبة فى الماضى السحيق والعالم الامى فى جهل مريب فى دفتر الماضى التليد كانت لنا اعظم حضارات الجدود ابتسمت وكانت ربيعة فى طيرانها الموازى لخط الطائرة تنخفض وترتفع وهى تقول يسلم عليك صديقى ميدوب وروح الملكة الغائبة ، لم افهم ماذا كانت تعنى ، بروح الملكة الغائبة هل كانت تشير الى نفسها ، ليس مهما الان . لكن ما ملك تفكيرى كيف ظهرت اميرتى ربيعة هكذا فى وضع طائر . وتمدد بصرى في اللا منتهى قبل ان انتبه ان الطائرة قد دخلت الاجواء الروسية ... تركت صورة بغداد جانباً وبدأت الغرام مع فتاة أخرى لاتقل عن بغداد سحراً وفتنةً وجمالاً ,,,,,,,,,موسكو مدينة القياصرة وبلد الفنون والشطرنج والجمباز وأرض الروايات الخالدات ....
|
#32
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
[QUOTE=adilahmedyousif;12419310][QUOTE=adilahmedyousif;12419307]...................
بقلم ((عادل احمد يوسف )) كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قذح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ، كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ، سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة .. على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت . (خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا ) طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ، تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها حتى عادت الصخرة الى طبيعتها .. خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء . .ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة . منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية . وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه . ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا . ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ، انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم . ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها . وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة .وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء . وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد . اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل ) كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم ..... ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ، وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ، يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة .. طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً... أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ... وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ... ( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) .... ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما . فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر . فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين . وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود . وصدق الناس ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم . ولكن منظر القبور يقول انها ليست قصة , بل حقيقة ماثله امام الجميع كيف ذلك لا ادرى !!!! في ذلك اليوم رغم صغر سنى كنت واعيا بما يكفى و بمايدور حولي ذهبت الي عمي وقلت له ..يا ابي كيف يتحرك الموتي بعد دفنهم وهل هنالك حياه خاصه بالشيوخ غير حياة الناس العاديين ,, وهل خصهم الله بهذه الصفات كان ابي ينصت لي بانتباه شديد ويقول لي نعم نعم انهم شيوخ اجلاء , ولقد توارثوا الخلافة ابا عن جد وهم في الاساس اناس متدينون , يعالجون بالقران كثير من المرضي والمجانين ويعلمون بعض الاشياء الغيبية بمدد من تقواهم ان الله يخص بعض الناس بقدرات استثنائية , ليست كلها ولكن بعضها, كيف يعرفون بعض الاشياء , هل يملكون الجن ,سالته ولجدما اذهلني روعه بهذا السؤال واقترب مني كثيرا وجلس علي ركبتيه , اسكت ياابني , لو سمع احد حواراتنا , ربما تاتي الينا المصائب قد يسلطون علينا شياطينهم ,قاطعته قائلا ماذا تقول يا ابي , ماذا قلت, اضطرب ابي قليلا وصال بنظره ناحيه اليسار ومن ثم اليمين كانه يريد ان يتاكد من ان المكان خال ولا احد يتلصص علينا وقال وهو يمسك يدي بكلتا يديه وهو جالس .اسكت يا بني ولاتنسي ان للنخل ايضا اذنان تسمعان . لم اري في حياتي ابي حائرا ومرتعبا مثل ذلك اليوم . من جانبي لم اكن مقتنعا بما قاله ابي ,, وكيف افهم من اين لهم ان يسمعوا ما قلناه وهم ليسوا معنا . ذهبت الي صديقي حسن واخبرته كل مادار بيني وبين ابي وقال لي هو ايضا .. انا ايضا لا اتصور ان للموتي قدرات خارقة . والا اين الملوك والجبابرة العتاه .اين بعانخي وتهراقا واين اماني ريناس واين اجدادنا الذين سدوا ترس الشمس باجسادهم وقطعوا النيل صباحا ومساءا واصطادوا التماسيح .. لوكانت هنالك خوارق لخصواغ بها هؤلاء . وقلت له ضاحكا لو كان الميت يتحرك لكان احري بجدي ان يعود الينا وهو الذي ملا اسماع الناس بالتلاوه والذكر الحكيم من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ، يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن . ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة . تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل . ذات يوم لا اذكر تاريخا له . ...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته . ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين ودستور امارتى لكم . ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم . (اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ، اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ، ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ، ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه ولا عاشر امراة متزوجة ، ولا انطق بحكم دون سند ، ولا انصب الشراك للطيور المقدسة او حيوانا مقدسا ، اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة ) اقدم العطايا للمعبد ، اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى والملبس للعرى ،انعل هذا فى هذه الحياة الدنيا واسير فى طريق الخالق ، مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ، لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ، فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد. ثم تابع كلامه . ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائر يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش. اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد . اين محتويات العروش الملكية . لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض . هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء .. كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم . شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية . رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته . هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ،قلت له نعم نعم المشايخ الثلاثة رمقني الرجل العجوز بنظرة ازدراء ولكنه لم يقل شيئا لقد اغاظتني هذه الحركة وحاولت ان ارد عليه بحركه احتجاج . ان اصفق له مثلا لكن حسن كان بجانبي . لكزني برحله وقال لي بصوت خافت اسكت واصل الرجل العجوز كلامه هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول . اسمعوا منى ، انها ليست تخاريف شيخ . انها تمتمات النيل عبر القرون . انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا اسمعى ايتها الجبال الصامدة ان عز للناس تصديقى هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين . كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه . رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا المقابر اتت الي ديارنا وهي موجودة , كيف ننكر ذلك .ولقد راينا بام اعيننا لست لوحدي حتي تقولو انني مخرف ، لكن سكان اكثر من عشرة قري شهدوا معي وقال مخاطبا زميله اذهب ايها الشيخ المخرف ، هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة . يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ، هل هى لعنة اله النيل ، ام غضبة الكنداكة ، ام سحرة موسى ، من يسير المكان هنا يا الهى .. ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ... مشيا على الاقدام . ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه . استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم .. ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,, وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى . وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا . وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ، والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى .. علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا . قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .. تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى . اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت , مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ، وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه بارك الجميع كلام الملك العظيم قال الملك باركوه وردد الجميع باركنا نحن جميعا ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ، لكننى عدت وكفى . عندما ودعتنى قالت لى ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها . كان ميدوب يتكلم وبدا واضحا انه سارح بذهنه الي مكان ما قلت له كفاك خزعبلات انت الاخر اعتقد ان الشياطين وحدها تحرك الحياة في هذا البلد وفي لحظه اقترابي منه , اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا . لا ادري الحقيقه . مستحيل ان ميدوب هذا الذي رايته هو هو الذي مات واكدت وفاته الكثير من اهل البلد ان فرضيه ان يكون تؤامه كان يدور في خيالي في المساء بينما كنت نائما . رايت حلما غريبا ثمه دخان كان يخرج من النيل الي السماء وثمه وجوه بدت ملامحها واضحه ميدوب وبنت اخري كان تقف ملتصقه به وتلوح لي وتقول دورك سياتي يا فتي انا وهيبة تذكر هذا الاسم جيدا . لم اخاف هذه المرة , لان حياتنا كلها تحولت الي مجموعه من الترهات .والانقلابات الممتدة وارجو ان تكون هذه النقطه ماثله في اذهانكم . احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين . .. ............ كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.وكان صديقي حسن يسكن لوحده في اقصي طرف القرية في بيت قديم يخص اخا لجدي مات ولم يترك اولاد . تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,, وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,, إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘ ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ، كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ، وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة .......... ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى سليمة . كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى . كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة ... إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام . كان صوت كاسيت لاغنية نوبية كان ياتيني بقوه وقفت واستمتعت بتك الاغنية حتي النهاية ياقمر الزمان ارجع لينا تاني يامرح الليالي اشتقنا لقربك وللروح الجميله والطله البهية لدلع الليالي بالامس القريب شفناك ياحلو كل الحلة ترقص لوجيت مبتسم النخلات تنادي يا نيل ياسمح الاطفال تغني بطعم العسل ياقمر الزمان ارجع لينا تاني انت في قلوبنا شيدت الامل الغربة العجيبة لالون لا طعم العيش الجميل بدونك عدم يا جنه بلدنا يازهرة قلوبنا ارجع لينا تاني جيت ياحلوة تاني نورت البلد شلناك في الماقي والكل مبتنسم جيت ياحلوة تاني نورت البلد احقا اغنية رائعة وكانها فصلت فيها .قلت بصوت عال لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم . ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ، ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ، وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض . كل الاوصاف بسيطة فيها . سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى . ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ، انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم . كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة . واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق . ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب . عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ، ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ، قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم . وجدتها وكانت معها فتاه اخري منهمكتين في جمع التمر ، اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ، وخجولة جداً ..كما توقعت ، التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ، ماذا تريد ايها الشاب ,, يبدو انك اخطأت العنوان ، انا لا أعرفك بتاتاً ، يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس قلوب العذارى. انت من طينة أخرى وكانت تنظر إلي بتحد واضح ، من اين لك كل هذه الجراة ؟ لتغازل فتاة مجهولة . وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب كلمات اغنية جميله انها معجونة من السحر ... يا سمحة يا بت الجروف الساكنه في القلب الولوف بغناك لونت الحروف ومشيتي في الدرب المعرش بالورود عينك اه ..معجونة من سحر الغروب وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون والشوق قد يدمنك يا بدر البدور اه منك اه من سحرك اه من دلعك اه يا بخت روحي بطلة القمر المنير ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف يا نسمة الفجر المباح سافرت في السحر الودود وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور اقمت ناصية الهوي انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي الراسمة اسمك في الرمال وفي الخلاء وفي السماء الشاردة حتي ارتوت همسا وردده الصدي والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا اني زرعتك مثل اسرار الهوى وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى يا همسة القلب العذوب يا طلة الوجه الطروب قيسك عذبه الهوي اسفا لحب ما روي قلبى واتعبنى ومزقنى ومابلغ المدى كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى تمالكت نفسى وقلت لها لا لا .. تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان وارتجلت لها مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ، بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون ..... وغنيت لها .. وانا ادند كان الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى وملكت ناصية البيان بمعصى عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى هيا تعالى اجلسى واحسست بطرب فى عينها بلون الشروق وواصلت كلامى وانا انظر اليها ،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش ومن فى الورى مثلنا ، استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ، واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ، كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة .. لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ، وبدات اصرخ باعلى صوتى . اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟ اين انتم يا اغبناء كوش ؟ واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟ كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟ اين المستكشفين وأين الفضائيات ! مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت : حماك الله من اعين اهل البندر .. هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى . القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً. كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى . انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى : نعم والف نعم للسعادة والجمال . تجاذبنا اطراف الحديث . ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا بصوت واثق وشجى ... ...... يا اميرة النيل ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف اغيثى اذنى بهمسات دافئة بل اطلقى قريحتك واشدى ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة تمام الالحان . وشجعى الحمام والطيور للغناء ، وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ، ولملمى اوجاعنا الحزينة ، ارقصى ياسمحة الخصال ، وشتتى الشمبال ، تخيلى رحلة بقارب ، والموج في زحام ورغوة بيضاء ، طيرى مع الحمام ، يا بطة الغرام ، التفتت وقالت بثغرها الوثاب الله الله الله ،، شكرا لك ، شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ، واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ، لاشم نفحات من قطرات الندى ، واردفت تقول .. اه منك يا شقى ,, اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول .... لقد اعجبتنى خفة دمك ، وانتقاءك للكلمات انت تدغدع مشاعرى ، و تثير انوثتى ، يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،، وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ، كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية .. اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام . وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ، وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر وشرع الطفل على الفور واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها يا اميرة النيل وقلبى .. انت تستحقين محصول هذا العام كله . كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى ...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ، سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ، بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ، قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه .. واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب ... يافتنة العين يا حورية النيل اني احبك يا بنت الحلاوين عطر الاماسى ودف الليل اطربنى همس اللسان ولون الورد والزين شوقى اليك تراتيل معتقة خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى ان غبت حبى وخارطتى ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا والقلب يدمع قبل الحس والعين وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا يحاكى النجم والنيل وطيف حاجبك في صورة القمر قبل التمام فيا من منظر فنن ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا وكم تحوى من صدف ومن زين ورسمة الفم فن فى خلاصته وتيه مشيتها للحب تلقين يافتنة العين يا حورية النيل دعنى اغنى وما للوصف تمكين دعنى لارسم مافى العقل من فنن يا فتنة النيل يا حورية االكون تاه الخيال ومالى في البكا لغة وسرحة النجم السارى الي حين اني انا الشاعر النيلى راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين ورب دار كساها القلب من كمد اعدت لجوفها نفس وتامين حتي اذا جاءت الاقدار في كنف اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر لم تقل صراحة ... بل انني قرات في عينيها المنتشتين ما كانت تريد ان تقولها وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا . وبعد فترة صمت ، قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا .. الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك .. لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة .. ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل . وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو . جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية .. واحلامي بحجم الفضاء .. قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك . قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟ ودققت في وجهها ولهول ما اصابني انها نفس البنت التي رايتها مع ميدوب قلت في نفسي عليها اللعنه ،، ماذا تريد مني هذه الفتاه لقد قالت لي يوم رايتها مع ميدوب دورك سياتي ماذا تريد مني هذه العفريته وقلت في نفسي ,, لكن علي ايه حال ان ملامحها عادية ولاتبدو انها شريرة ووجهت كلامي لها وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك انا اقرأ الكف .. قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى اميرة والي تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية اميرة الا لماما . قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ... نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..ولم افاتحها ابدا انني رايتها مع ميدوب لكني قلت لها ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك . ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى .. عدت الى عرافتى وقلت لها .. وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى انني لن اترك كلامك يمر هكذا بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم خذى كلامي علي محمل الجد ..ماانتهى كلامي الا ان وجدتها تضحك ثم صممت قليلا واستعدلت في جلستها و قالت لا لا يا صديقي ما الذى يجعلنى اكذب عليك .. ان كنت لا اعرفك ، لكنني مترع بحب صديقتى الجميلة وكانت تنظر الى ربيعة ، وهي تبتسم وكانت ربيعة أيضا تبادلها نفس نظرات الحب والاعجاب .. الحلة وغطاءها ، كما يقول المثل النوبى القديم . وقالت وهيبة وهي تنظر الى ، يجب عليك ان تعلم يا عزيزى اننى قارئة كف محترفة وغالبا ما تصدق نبوءاتى .. لقد تنبأت قبل ذلك بقيام سد مروى .. وبهبوط العملة الورقية وباختفاء جزيرتى جرجا وقورتين النيليتين .. وبامر الهدام علي شواطى قرية فنتى اركى كما جلدت رغباتى بسيرة زائعة الصيت و ملهمتى دوما كانت العرافة الشهيرة ام الحسن الهوارية .. وام الحسن هذه كانت معروفة حقاً .. انني أتذكر ذلك جيداً من حكايات جدتى ... كثيرا ما سمعت عنها في ونسات الاخرين أيضاً ... قلت لها جميل جدا ، جميل جدا ما اسمعها منك يا وهيبة . ولكن الكلام متاح حتي للمجانين ، لكن اثبات الكلام بامور عملية هو بيت القصيدة ،،، نعم نعم نحن شعب نؤمن بالخرافات ولكن في نفس الوقت نؤمن فقط بتلك الخرافة التي يمكن تصديقها ، ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة ..... اذن هيا بنا . وفتحت لها يدى . ، وانا انظر اليهما بسخرية ضحكنا نحن الثلاثة بصوت عال .......ولكن في بالي كان يدور سؤال واحد ماعلاقه ميدوب باميرة , هل هو صديق وهيبة فقط ام ان اميرة ايضا تشتبك في بؤرة السر العظيم في غمرة انشغالي مسكت وهيبة بيدي وانا بدوري فتحت لها يدي على مصراعيها نعم أمسكت بيدي وبدأت تتاملها بتوجس . وقالت . كفك فنجان في وضع يبدو لى مقلوبا . قلت لها وانا اضحك خلاص يا عبد الحليم حافظ يا العندليب النيلى .. اين فرقتك الموسيقية اذن .. وغنيت لها يا ولدى لاتحزن فالخوف عليك هو المكتوب يا ولدى . قالت لي العرافة .. صوتك جميل وجذاب ..قلت لها شكرا شكرا يا معجبة كنت انا امزح ظاهريا ولكنى في حقيقة الامر كنت خائفا بل مرعوباً ... ويبدو ان العفريتة قد لاحظت أمر ى نظرت الي وهى تشد يدى بقوة وبصرامة , قالت لاتخاف ياولدى وكررت ، لاتخاف يا أخى.. انت رجل ام إمراة ؟؟ الرجال هنا لايرعبهم شى . انهم بلا مشاعر . حتي لو طقه عقرب . يقف صامدا كالصخر . او كالنخلة الحمقاء كأنها وتد في الأرض او حجر ومعذرة يا صاحب الطلاسم ان استعرت شيئا من شعرك ونظرت الى وهيبة وقالت . اتفقنا وكانت توجه كلامها لى مباشرة .. قلت لها نعم نعم .. وبدات تقرا وتقول .. حقيقة ارى فنجانك فى وضع مقلوب وحبيبة قلبك سارحة وسط النخل وفى رمل الشطئان ، لكن هذا لايعني شيئا .ولايعنى أيضا أن السعادة لن تاتيك ابدا . وأن حياتك ستسوء . بل يعنى ان حياتك ستمر بمنعرجات غير طبيعية ، وازيدك يا صاحبى من الشعر بيت ان هذه البنت قد مشت بعيدا في استفزازى وانا كنت مستسلم تماما ,,, كانت صاحبة ربيعة مازالت تواصل كلامها موجها اياه لى .. لا لا يا صاحبى .. الفجر الموعود , قريب ...... لكن هنا في شكل وطن قد يبدو حلما ، او هداما يقلع نخيلا علي الشاطى . او ذئبا ينقض علي زريبة البهائم ويعدمهم جميعا . او نزعة طفل يبدو مرعوبا ، وقت السيول ، ومضت تقول ... ولكن انقضى وقت الخوف لا تخف يا حلو المعشر .. ويا ابن الارض البكر .. وريث الثروة والجاه .. ... تاكد ان مستقبلك جميل .. بربيعة او غيرها .. انت رجل مبدع وخلاق وشاعر عظيم نعم انك لم تسوق نفسك بطريقة جيدة لكنى اؤكد لك ان اسمك سيذهب فى التاريخ كاحد اعظم شعرائه وسيكون للنيل من شعرك نصيب وكررت .. سيكون لك شان عظيم .. ولكنك ستمر بنفق نصفه ضوء ونصفه ظلام هنالك بقع بيضاء .. وأخرى سوداء قاتمة .. قد ياتيك الحظ في شكل رجل يصادقك ويقف بجانبك وقت الازمات او فتيات كثيرات تستمتع كثيرا معهن .. بنات من طينة اخرى ومن بلدان اخر . بنات تري الدم فى عروقهم يجرى . والذهب في شعرهم يلمع . والزرع في عيونهم يخضر , ممكن ان ياتيك في شكل بنت تتحرك فوق الجليد تمشى احيانا كانها قارب تجدفه التيار وتطير احيانا ,, ليس مثل الطيور تماما وتمنحك قبلة وانت قابع في تل جليدى .. او ربما ياتيك حظك رفع جسمها احيانا ثم تهبط الي الماء وانت تسبح في النيل ترفع يديك لتمسك بها او اشياء غير مالو كبطة تلعب في الماء لكن ثم ماذا بعد سالتها ... وانا مرعوب وكنت اكتم غيظى .... تاوهت قليلا وجرت نفسا عميقا وضغطت علي يدى كانها تريد ان تسمعنى بكل صفاء كل ما تريد قوله دون تشويش .. وقالت . وملامحها قد تغيرت تماما .. ربيعة ستكون معك والى الابد بصورتها ..مرسومة في جدار العقل بروحها ولكنك لن تتزوجها ابدا , وقع هذا الكلام كالصاعقة على عقلى وقلت انشاء الله انتى كاذبة لكنها اومات براسها كانها تعتذر وقالت هذا لايعنى انك لن ترى محبوبتك القدرية .. كحبيب وحبيبة ،، ربما بطريقة عابرة ترون بعضكما ان النقاط ليست واضحة ، فخطوط يدك متشابكة جدا لم اقرا كفا كهذا طوال حياتى ... ,,,,, قلت لكم هذه الكلمات قد وقعت كالصاعقة على راسى وشعرت بدوار وصداع ... وحاولت ن امسك يدها واقول لها نعم يا ربيعتى الان الان احبك اكثر . ونسيت امر العرافة ، وقلت لها ، ربيعتى واميرة قلبى .. ايتها الميدالية الذهبية ، لن تبارحى عنقى .. انت خلاصة المعادن النفيسة ، وقلائد الاميرات عبر العصور ، وانا البطل الخارق لمقتضيات المبارزة ، ساقطع البرارى وسانطلق علي صهوة العزيمة ، ولن يجرو فارس من اللحاق بى عندما يخص الامر ، بماراثون حلبة حبك .... انطلقى يا فرس الهوى وهنالك ما وراء المجرات تنتصب خيمة اميرتك . والتفت الى ربيعة وهى غارقة فى دموعها وقلت لها .. كلام النفس للنفس ، مقتبسا الهداية من رحمن الذات وايماءة العاطفة لاتستمع الي كلمات هذه المعتوهة ربيعتى الجميلة .. انت لى .. ولا احد في هذا العالم يستطيع ان يقلعك منى، فجذورك ياسيدتى ضاربة بامر الهوى في أعماق الأرض البكر ، ومعاولى عطشى للتوهان بعيدا فى الهوة السحيقة من ذاكرة الهوى ثم ،، حضنتها بكل ما املك من شغف وحنان . وكانت ربيعة غارقة في الحب حتي اذنيها . ارادت ان تبتعد عنى لكنها لم تستطع لانها كانت مشتاقة الى هذا العناق الدافى . استلمت ملاكى الجميل ونامت بين ذراعى يا لها من لحظة سكرى . في جبين الصمت كنت اقبلها فى كل وجهها وأقول لها مهلا ربيعتى ابق معى الي الابد كانت تنظر الى نظرات غامضة ولكنها ودودة ، كانها تعرفنى منذ عشرات السنين . انى ارى الدف الذى ينبعث من عينيها كانها تقول وانا ايضا احببتك احببتك يا صديقى .. وتمنيت ان اقضى العمر كلو معك .. ايها الامير النوبى .. ان دقات قلبي تنبض باسمك الان حبيبى عبد المعين على كل حال الله يعين ,,,لم تكن الجميلة تتكلم هكذا ,,لكننى قرات فى عينيها موسومة بوشم الهوى الغلاب .... نظرت الي جانبى هنا وهناك ولكن العرافة كانت قد اختفت كان الأرض قد ابتلعتها .... .... وبينما نحن هكذا في حرم اللحظات الرهيبة , ثمة صوت من بعيد شق صمتنا وكنت اريد ان استوعب ماجرى وهى لحظات سكون تعقبها العواصف .. .................... جاء من بعيد فتى صغير جميل المحيا ، ضئيل الجسم فى مشيته عرج بسيط لا ادرى وهو يهرول ويبدو انه جرى مسافة طويلة دون توقف ، ان انفاس الفتى تحكي انه تعب وقف امامنا رافعا راسه منتصبا ، جال ببصره ناحيتنا واخير استقر نظره ناحية ربيعة وقال انتى ربيعة , ردت عليه ربيعة نعم ايها الطفل الصغير ما الخطب ، ومن ارسلك الى جاوبنى بسرعة ,, قال الطفل بسرعة ،والدتك مريضة جدا لا ادرى وقال الطفل أيضا .. انها تريد منك ان ترجعى باول لورى متجه السليمة . جدك ارسلنى اليك ، وطلب منك العودة فورا الي البيت ، , لا ادرى هل العرافة هي التي ارسلته ، ,,,تحولت لحظاتنا السعيدة الي شقاء ، كانت ربيعة تفكر في امها وانا كنت افكر فى ما قالتها العرافة ، وايضا فيما قاله الفتى الصغير ،، وكانت قارئة الكف قد عادت وكانت حزينة مثلى ولكن لما اختفت هكذا ثم عادت سؤال ملح كان يؤرقنى سؤال يلجمنى ،هل ياترى لن أرى ربيعى بعد اليوم سائلت نفسى .. وقلت في نفسي تبا لك يا ميدوب ما هذه التي رميتها في طريقي ,,, وقبل ان نبارح المكان أخرجت العرافة تمرتين من كيس كانت تحمله و قرات فيه بسرها بتمتمات غير مفهومة .. ناولتنى واحدة والثانية لربيعة ، اكلت نصيبى دون تردد ولا اخفى اننى كنت متوجس وقلق اما ربيعة فقد وضعتها فى فمى وهى تقول الي الابد معا يا حبيبى . في السراء والضراء . ساحاول ان اعود اليك . ولكن ان لم اعد لا تبحث عنى ابدا ، لان القدر قد يكون قد اراد لنا الفراق . كم راق لي كلمة حبيبى . وكم اغاظنى الشطر الثانى من الكلام حين قالت قد لا اعود . اختلطت المشاعر الموجبة والسالبة فى خاطرى واحاطت جدار قلبى بكم هائل من الهواجس المريرة الحب يا سادتى سلطان يزين اريكة الامبراطور وظل يحنو لمسار الراعى ، ولحن يموسق قالب قافية شرودة يؤلفها شاعر مبتدي ذهلت حتى ارتويت وانا اسمع تلك الكلمات المتشابكة من احلى فم في خارطة الاناث ، اكلت الثانية وانا اكلها رايت فيها صورة الملكة ووجه ربيعة ومن خلفهما وقف ميدوب مذعورا . وتهت وانا مغمض العينين فى متاهات الخيال السارح فى اقبية الجنون ، ونظرت فى عينيها والتي تبدو لى غامضة وحالمة وتراءى لي طيفها وهي تطير بجناحين عبر الفضاء الممتد الي الشمال رايت السحب والثلوج وجبالا من الجليد . ورجال شقر ونساء شقراوات وعيون خضراء . وكاننى مربوط بشى ما خارج النطاق الزمانى والمكانى .. في منطقة وسطى بين النجوم البعيدة . والقدر ينادينى كانها ومضات من جبين الشمس ويكتب اسمى في كف العفاريت السارحة في اللامنتهى ، ومنذ تلك اللحظات المجنونة . سكنت روح ربيعة فى دواخلى ,,, باسماء مختلفة وباشكال مختلفة في الليل والنهار والحركة والسكون والحزن والفرح واشياءأخرى ,,,ستجدها فى رحلتى مع الايام .. مع اختلاف الزمان والمكان . اختفت الجميلة مع اللوارى الذاهبة الى واحة سليمة ومع تجرعى لمرارة الفراق وقسوة الفراق وشرود الخيال ، فكرت فى اللحاق بها . فى مساء ذلك اليوم اجتمعنا نحن ابناء القرية لاول مرة منذ سنوات طويلة لنتناقش فى امورنا الخاصة دعوتهم انا شخصيا لمادبة عشاء واحضرت خروفا من حظيرة اغنامنا وكلفت صديقى حسن جمعة ليقوم بواجبات الطبخ وعدد من الشباب بواجب الضيافة دعيت حوالى خمسة وعشرون شخصا من الشباب وكنت اريد ان استشيرهم في امكانية ذهابهم معى لقرية سليمة ، فى زفة كبرى تليق بفارس كوشى اصيل وذلك لخطبة ربيعة وان اعبر لهم بالتحام واصطفاف كل هؤلاء من حولى وباننى مهم وابن مشايخ ونوبى اصيل تجرى فى عروقى الدماء الملكية . ملوك كوش العظماء . وعليهم ان يعرفوا اننى الفارس الكوشى ويحق لى ان اتزوج من من اخترت ... وان اسرة ربيعة يجب ان تنصاع لشروطى والا فان الفيضان ، قادم والطوفان آت ، ايمانا منى بان اجعل الليلة مميزة وساحرة ، احضرت لهم سلفا بعضا من خمرة حاكمين النقية وحاكمين هذه قرية نوبية امتازت بجودة بلح الجاو المادة الاساسية للعرقى البلدى ،من تلك الخمرة المعدة سلفا من بلح الجاو الاصيل شرب الجميع حتى سكرو واكلو حتى شبعوا وكنت معهم مستمتعا بلحظات لاتنسى طلبت من حسن جمعة ان يغنى لنا ، ابتسم حسن واخد الطمبور ووزنه واتجه بنظره صوب الجميع كانه يريد ان يعرف مدى استعدادى للاستماع اليه تبادلنا الابتسامات علامات الرضا . بعد ان اطمان على الجميع والذين ترقبوا اغانيه بدا يغنى ، ....... باسمك ايها النيل العظيم رطنا ، وباسم حفيد ملوك كوش التقينا وباسم الكنداكات الجميلات تتفتح ابواب السماء لتهب لنا طراوة الصلاح اللذيذة فدا لك يا ايتها النخلة السامقة ،، المنتجة لتمر الجاو ، ولولاك يا تمر الجاو ، لما شربنا خمرة حاكمين النقية ( وهى خمرة كوش الاولى من بلح الجاو الحاكمينى الاصيل ) عصير الملوك وعشق الكنداكات عبر الدهور ، الى اين تتجه اقدارنا اذن ، اللهم يارب العرش العظيم ، رب النيل ورب الجبال ، ورب البرارى ورب القفار ، فليسمعنى من فى البيوت ومن فى القبور ، من فى الجزر ومن فى الجبال ، بانى اغنى لاغلى الرجال ، رمز العز ورمز الفخار ، فيا طينة الشط اسرح معى ، هبنا الثمار وهبنا الزهور ، وفاكهة الفرح والبرتقال ، واكمل لفارسنا السرمدى عبد المعين سليل الشجاعة ، ورمح القبيلة زواجا اصيلا كاصل الجمال . وعند منتصف الليل . كانت ليلة جميلة ، لكن فى النهاية اتى الصباح ولم نفعل شيئا . ذات مساء وانا تايه فى مغارة الشوق ,, جاءت ربيعة ، جلست بجانبى وحكت مايلى , كانت وهيبة قبل ان اقابلها مع ربيعة فى ذلك اليوم تعيش قصة حب كبيرة ، مع شاب حسن جمعة لكنني لم اكن اعرف ذلك . ان وهيبة فتاة من قرية تجاور قرية صديقتها ربيعة ، ويحكي انها اتت الي منطقتنا في الموسم الفات ونزلت في قرية دفى وهي قرية محسية متاخة لمنطقة السكوت من ناحية الجنوب ، ويحكي ان علاقة نشات بين وهيبة وحسن ،ومن الطبيعي حسب مواريث مجتمعنا ان يكون العريس لبنات منطقتنا من نفس القبيلة . ونمي الحب بين هذين العاشقين وذات يوم تقدم حسن لخطبتها ، الا ان اعمام وهيبه رفضوا هذا الامر رفضا قاطعا ، واعتبروه عارا ما بعده عار وخاصة ان اثنين من ابناء هم مستعدين تمام للزواج من وهيبة واكثر من اربعة منهم كانو فسي سن الزواج ايضا كان والد وهيبه رجلا مثقفا وطيبا ومحبا لبنته الوحيده ، لم يكن ليرفض لها طلبا وكان في امكانه ان يعارض العائلة باكملها ويخاصمهم من اجل ارضاء بنته .. وعندما حاول ان يقنع بنته في بادي الامر ،ويوضح لها ان امر زواجها او مجرد خطبتها لشاب غريب سيجلب لهم الكثير من المتاعب وربما تحصل مقاطعة شاملة من الاهل جلست وهيبة علي ركبتيها وبدات تتوسل لوالدها انها تحب حسن ولايمكنها ان ترضي بغيره ، وان مجرد محاولاتهم لتثنيتها يمكنها ان تحطمها وتزيد من متاعبها الصحية وخاصة انها كانت فتاه نحيلة في جسدها . دخل والدها في صراع نفسي كبير بين امرين لا ثالث لهما ، اما ان يقبل ويكسب بنته وراحة البال ، او ان يرفض ويكسب اهله ويحطم مستقبل بنته وكذلك راحة نفسه الشخصية ، لم يكن الرجل بطبعه صبورا ولقد عرف عنه برغم طيبته الكبيرة سرعته في اتخاذ القرارات ، وذات يوم راي بنته حزينه وفي وضع يرثى لها ، سالها عن السبب وكيف له ان يساعدها ، قالت له ، والدي العزيز ، اريد منك ان تذهب لاعمامي وتجتمع بهم وتقل لهم ، انني مصره للمضي قدما والزواج من حسن ، وانك تؤيدني وستقف معي في كل الاحوال وهذا قرار نهائي لارجعة فيه . كان والد وهيبة قد اقنع تماما ، ان معارضته لهذه الخطبة وعدم موافقته لاتمام الزواج فيما بعد ، ستاتي باشياء كارثية ، ربما تفقدهه بنته الوحيدة نعن نعم لقد سيطرت عليه هذه الفكرة ودق الخوف علي جدار عقله بقوة لم يتريث كثيرا وسرعان ما خرج مسرعا الي حيث يجتمع الاهل في مثل ذلك الوقت وكان حسن ينتظره خارج البيت . وقال له ابو وهيبة اتبعني يا بني ساله حسن الي اين . قال له من غير سؤال تعال معي وستعرف الي اين نحن ذاهبون ووجد اخوانه كلهم هناك وكذلك ابناء اخوانه . خاطبهم جميعا دون ان يجلس اسمعونى جيدا .. نعم نعم : انتم اهلي ومن دمي ولحمي ، ولكن الشي الذي جئت من اجله شي خطير وان كنتم تحبوننى وتريدون لي خيرا ، ارجو ان توافقو قبل ان اصارحكم ويقيني ايها الاحباب لو ان الامر كان بيدي لما طرحت عليكم السؤال ابدا خاطبه اخاه الاكبر واسمه شمس الدين ، يا ابا وهيبة ما الامر ؟ ورد عليه ابو وهيبه الامر يا ابن ابي وامي انني نويت ان ازوج وهيبة من خارج العائلة من هذا الشاب الذي يقف امامكم . وذلك ارضاء لها وانتم تعلمون من هي ، انها وهيبة ابنتي الوحيدة ، وهي كل ما املها في هذه الحياة وكرر اريد ان البي رغبتها لاننى لا اريد ان تلومنى وتحملنى مسئولية فشل حياتها المستقبلية ان عارضت مسعاها وارغمتها علي الزواج دون رغبتها وانتم تعلمون انني لا املك غيرها . ارجو منكم ان تقفوا بجانبي هذه المرة ,، لان حالها لايسر وكان حسن يقف صامتا وخائفا ايضا ان هؤلاء المزارعين وابنائهم يبدو علي تقاسيم وجههم الصرامة والقسوة ايضا من اين اتيت بهذا الابله ساله اخاه الاكبر شمس الدين قال له ، انه شخص طيب ومن قرية قريبة من قري المحس ههههه ضحك الجميع قال اخوه الثاني بدر الدين يا اخي ان كان محسيا ،من اين له بهذا الشلوخ رد عليه ابو وهيبة والتف الي حسن وخاطبه رد عليهم وبين اصلك وفصلك لهم وقف حسن بثبات هذه المرة وقال لهم . انا لو اردتم ان تعرفي اصلى وفصلى من ابويين مختلفي الانتماء امي من فلاليح ارقو والمعروف ان هؤلاء الفلاحين وهم بيض البشرة من بقايا الاستعمار ووالدتي من قبيلة الشلك الافريقية المعروفة وان كنت قد اخذت بعض من ملامح والدتى ، الا انني اعتز بقبيلة والدى وهو شلكاوى اصيل تجري فيه الدماء الافريقية الحارة وهو ابن رث من الشلك كان له مقام وجاه اصيب الجميع بالصدمة الشديدة وقالوا يا ابا وهيبة ، ان كنت تريد لنا ولكم خيرا ، اذهب من هنا بسرعة ولاتجعلنا نقبض علي هذا الغريب وان قبضنا عليها , ان تعرف اننا سنقتله في الحال لذا اخرجو من هنا وبسرعة قالها الجميع بصوت واحد وفي معمعة الصراخ من هنا وهناك .. اصيب ابو وهيبة بتشنجات كبيرة سرعان ما غاب بعدها عن الوعى .. حملوه الي مستشفي دلقو القريب وهناك لفظ انفاسه الاخيرة .. كان حسن معهم حتي اخر لحظة ولكنه حينما علم بموت ابوهيبة ، خاف علي نفسه وغاب عن الانظار .. حمل اعمام وهيبة جثمان والدها ورجعو من دلقو الي بيت والدها .. انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم وعم حزن عارم ارجاء القرية والقري المجاورة بعد ايام من الحدث الجلل .. افاقت وهيبة علي صدمة اخري اخري الا وهي صدمة اختفاء حسن وتقاعسه عن القيام بواجباته ايام الوفاة لقد انكسرت وهيبة في خاطرها واصيبت في كبريائها ، كيف لرجل تحدت العالم من اجل الزواج به وغامرت من اجله بسمعته وسمعة العائلة يوم قبلت به وهو الغريب عن هذه المنطقة ليس بحكم المولد بل بالانتماء للجذور والتاريخ وتخيلت والدها ولحظات الحزن الرهيبة التي اعقبت وفاته وكانت وهيبة تؤنب ضميرها وتحمل نفسها المسئولية كاملة بعد ان اندفعت وراء رجل غريب ، يفتقد الي النبل والشهامة ، رجل ترك حبيبته في ذورة حوجتها له .. لقد فكرت وهيبة في هذه العلاقة التي سببت له كل هذه المصائب وهاهو طيف والدها لايفارق خيالها ، جلست وهيبة ثم قامت وصلت ركعتين واقسمت بالشفع والوتر ان تاخذ حقها وحق ابيها كاملا من حسن ، اذ اعتبرته من ذلك اليوم عدوها الاول كان ذلك قبل عام من معرفتى بها وذلك برفقة صاحبتها ربيعة الكاهلية لكنها اثرت ان تواصل العلاقة معه دون ضجيج[/QU وبعد عام من ذلك التاريخ . عندما بلغت الثامنة عشر من عمرى ساقتنى الظروف ان اكون ضمن كوكبة من ابناء وطني واللذين وقع عليهم الاختيار للدراسة في روسيا , وقبل سفرى بيوم واحد جاءت ومن دون سابق انذار العرافة وهيبة وهي تحمل قيراطا من البلح في دلو مائي ,, واهدتني إياه ,, قلت لها أانت تهديني بلحا ؟ ,, يا للمفارقة وانا صاحب الساقية وسليل النخلات ، قالت ، تذكر كلامي جيدا، هذا ليس تمرا فقط ،هذا طوق نجاة لك عند الملمات الكبيرة ,, فتمرتين ستكفيك وتغنيك من أشياء كثيرة ‘ هل دلوك مسحور سالتها ،، قالت وهي تبتسم ... سمه كما شئت ، فلتسمه مثلا القدح المسحور ،، ذاك ليس مهما ولكن هنالك جنى قد سبقك الي هناك انه حسن سارق قلبى وقاتله ، اتوقع بل اجزم ان الاقدار ستقابلك به ، ولكن اسالك بكل معانى الشرف والطيبة والجمال التي تؤمن بها ، ان تعطى حسن تمرتين يوم ان تقابله اكثر ، وبعد ان يتناوله سيكون كلو ما ياكله من التمر مسحورا . لاننى عزمت امرى ان اخدمه خدمة جليلة ، ولا اخفى عليك اننى نذرت حياتى من اجل اسعاده ومع الايام ستتضح لك كل شى ..انسى امره الان وحسبى ان اقول لك انه اذا دارت بك الأيام وقدر لك ان تقابلى ربيعة ‘ فستكشف لك السر , وتاكد ان هذا الدلو بما فيه سيكون ذو فائدة عظيمة لك ، انه مفتاح ديجون ستفتح به كل شى استعصى عليك فتحه , لم تمهلنى ان اسالها اكثر ,, وغابت عن ناظرى في لمحة بصر ,, لم اكن مستعدا للبحث عنها ,, لانى ببساطة تخيلتها هرطقات امراة مجنونة ...وقلت لك وتبا لحسن ، مالي انا اشغل نفسى بمشاكلكما ،، وقلت ان مشاكلى تكفينى ..... جلست وهيبة فى بيتها وتذكرت كل ما فعلت حسن بها استرجعت الاحداث وقالت فى نفسها , انها روح ميدوب اللعين وغدا ستعلم ماذا ستفعل بك الايام ياحسن , ان الارواح تتلاقح فى دفتر هذا الميت الحى ويالها من اثارة ، انها قصة حب رائعة جدا ذ، تلك التى ربطت وهيبة بحسن جمعة ، كانا يلتقيان عند وادى الجن ، خلف الجبل الكبير، كم جميلة تلك المنطقة الساحرة عند الغروب ،كان من عادة حسن جمعة الذهاب باكرا والكتابة والرسم احيانا فى تلك الصخور ،كلمات من الوجد وايات من الغرام وكانت وهيبة تنصحه دائما ، ان لايكتب شيئا ، لانها كانت تؤمن ان الجن وحده يسيطر على ذلك الوادى ، وكانت تقول ان الجن يمكنه سرقه اشعارك كلها وعمل ديوان باسمه . لم يكن حسن من ذلك الرجال اللذين يؤمنون بالخرافات ، كان يملك من العقل والشجاعة ما يكفى والدليل على ذلك انه لم يدخل ويتبرك فى تلك القباب ابدا ولم يؤمن بوجود الشيخ على امام القبب ايضا ، ولم يسال يوما لا فى سره ولاعلانية ان يمنحه الشيخ تلك القوة المطلوبة من كثير من الخلق فى تلك البيئة المسحورة . ولكنه كان مهتما بامتاع نفسه ايما امتاع . بل كان يرتجل كلمات مقفاة دوما عندما يحتسى قدحين من خمرة حاكمين النقية المعتقة والتى تسمى ايضا خمرة كوش . وقف ذات يوما مخمورا بجانب القبة وكان جمع غفير من الناس اتو لزيارة الشيخ لكنه لم يكن مهتما ابدا بنظرة الناس اليه . وذلك انه كان مؤمنا حقا بصحة رايه حول القباب عامة وقبة الشيخ على خاصة واليكم ما قاله .. ايها الشيخ المخبول ، القابع فى الضريح المجهول ، ايتها العظام المهترئة ، ايتها الروح البائسة ، انا حسون وقاله عن نفسه تحببا ، لا اؤمن بالخزعبلات ، قد تكون مهرجا ، وقد تكون مسطولا ومخرفا ، وقد تكون اكذوبة كبرى ، وقد يكون الضريح لجثة خيل من عصر بعانخى ، من خيول الاجداد ، كيف لا !! انهم كانوا يقدسون الخيول ، وبعانخى نفسه قاد معركة ، لان المصريين اساءوا للخيول ، هزمهم وحكمهم هو ومن اتى بعده ثلاثمائة وخمسون عاما ولكن كل هذا هين، فالمصيبة ان تطلع لنا ، بقايا عظام لحمار اعرج او كلب . كانت وهيبة تنصت اليه ، وقالت اسكت يا حبيبى ، اخاف عليك من لعنة القباب ، وقف حسن ونظر ثانيه ناحية القبة ، ربما شعر ببعض الذنب او التراجع قليلا ، ربما لانه مخمور ولكن تلك ليست عادته لكنه على اية حال ، بدا يمدح القبة ! ،،، لسالف الازمان تاريخ عريق يحكي لنا عن حال السودان فى الماضى السحيق فى حقبة كانت مقيدة الدروب كانت لنا فى ارضنا اعظم حضارات الجدود اسالكم يا ساداتى ووجه كلامه للزوار اين العقول الواعيات اين الاصالة والفحولة والثبات وقال بصوت خفيض قد تكون القبة لملك نوبى قديم معذرة لك حبيبتى قد اعود غدا الى هذه القبة لنرى ماذا فيه العام المنصرم كلمت اهلك وفشلنا وانتهي مسعاى بمصيبة وفاة والدكم وربما كسبا للوقت وتناسيا للجفوة من قبل اهلك سافر ولكنى على العهد دوما من الزواج بك مهما طال الزمن وكبرت الاشواك ولكن ان وعدتينى بالانتظار ساسافرمطمئنا للبحث عن عمل مناسب او اواصل دراستى وبعد سنوات ساعود وسنتزوج ، ابتسمت وهيبة وقالت كيف ستتركنى يا حبيبى ومن سيمنحنى القوة ويسمعنى كلمات الغرام تلك الكلمات التى تحرك الجبال وترتقى بروحى الى سماوات الهيام والدلع العاطفى ومن بعدك من يا ترى سيهبنى اغانى الغرام ومن سيروى عطشى وجوعى اليك من سيرمى شباكه فى امسيات الربيع ليصطادنى سيجف النهر فى عينى وكل منابع الغرام لن تزهر الشطان بعد اليوم لاتسافر يا حبيبى واجعل حبال الوصل ممدودةو ربما سيغنينا الله من يدرى كم من معدم صارا غنيا كم من مريض و ابرص شفاه شيخ مغمور كم من عقيم نال بركات الشيخ وانجب البنات والبنون بعد ان عجز اساطين الطب فى مساعدته لاتنسى يا جميلى ان لبعض المشايخ بركات . من عند الله (ذلكم هم اولياء الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ) احقا ما اقول انهم يدعون ربهم بنقاء ويألونه بصفاء ولقد منحهم الله بعض القوى الخارقة فى نظر البشر ومنحهم ايضا فاصلا وقدرا من الامانى سكت حسن قليلا وقال لمحبوبته ياساكنة فى قلبى الولوف ، يازين الروح يا عسل ، كفاك هرطقة وجنونا ، الشيخ يا غاليتى مات منذ زمن بعيد ، وهو الان من الرميمات البوالى ، \وقد لايكون عظمه موجودا ، وقد يكون روحه فى مكان اخر اوركبت جسد كائن اخر لو اردت الحقيقة ، ساثبت لك يا اميرتى الصغيرة . ساثبت لك ذلك حتما ، ساشق الارض شقا بفاسى ومعاولى ذادى لست خائفا من احد ، فان كشف الحقيقة هدف نبيل ، دعنى احفر وارى ماذا هناك انقاذا لملايين الخرفان التى تنتظر فى فسحات الزمن الفداء بارواحها انقاذا لمدخرات الناس التى تذهب لشيوخ الدجل والشعوذة تغييرا لعادات قديمة ورؤى بالية نسجت من كفن التخلف الاجتماعى . سكت وكانت وهيبة تسمعه حتى انتهى من كلامه وسالته وهيبة ماذا قلت ياحسن ، اتريد ان تحفر قبر الشيخ ؟ ياله من جنون ، اذا فعلت ماقلته ، ستصيبنا اللعنة الابدية ، ولن تنام على الجنبة التى تريحك بعد اليوم ان حياتك ستتحول الى وصلات من الخوف والقلق والانغلاق تماما . تاثر حسن كثيرا بكلامها او هكذا كان يظهر او ربما خاف عليها من الصدمة ، وقال لها ، تاكدى لن اخطوا خطوة واحدة دون تعليماتك او اقل شي يمكن ان يحدث ،ساعلمك قبل اية خطوة ساتخذها ، يا وهيبة انتى حياتى وفجر احلامى ، وبانك بداياتى فى بحر الحب ونهاياتى فى اتونها . انتي ياوهيبة خلاصة دفق العطر ، وكل شراين قلبي تضخ من قلبك وتصب فى قلبى كل الحب كان الوقت قد سرق الحبيبين ، وحل الظلام لكن الفجر مازال معرشا على قلبيهما بضوء الصباح ومن يعرش الحب قلبه لا يعترف بولوج الليل ، ذهبت وهيبة كما قلت لكم وتبعه حسن كل الى بيته ، لكن هاجسا غريبا قد المح لحسن ان يعود فورا الي ضريح شيخه ، نعم نعم يمكننى القول ان حسن لم يتمكن مقاومه نزعاته فى معرفة ماذا فى القبر اتصلت بوهيبة لتكلمها ، ردت وهيبة اهلا حبيبي رد عليه حسن انا متاكد ياحبيبتى ان الضريح ليس فيه شى وسكت وقالت وهيبة بتشنج واضح لاتفعل ارجوك ، اتوسل اليك ورقدت المسكينة على ركبتيها لكن حسن لم يكن على استعداد ليستمع الى احد غضبت وهيبة غضبا عظيما ورمت السماعة فى وجها سكت حسن قليلا وقال بصوت عالى تبا لك ايتها الحمقاء ، وذهب حسن الي بيت اهلها وحاولت ملاطفتها ، الا انها كانت قد اتخذت قرارا صارما وموضوعيا للابتعاد عنه ، لم يكترث حسن بتوسلات حبيبته ، ليس هذا وحسب بل حمل معاوله وذهب حسن الى الضريح مباشرة وحفر الضريح كله بعمق اربعة امتار وطول ثلاثة امتار وعرض مترين ولجدما ادهشه ما وجده هناك سيف ذهبى يزن نصف كيلوجرام وخاتم كبير وعصا من الذهب واشياء كثيرة حمل حسن كلما وجدها من نفائس وذهب الى بيته ودفنها فى حوش الرجال لم يكن الاحمق يعرف مقدار ما وجده من كنز ، لكن حسن لسوء حظه راه احد الاجانب الذين ربما يراقبون المكان بكمرات خفية ومنحه مبلغ ثلاثمائة الف دولار مقابل السيف الذهبى بعد سجال عنيف كاد ان يفضحهما .ما ان راى الدولارات حتى سال لعاب حسن ووافق على ذلك ووافق بعد ان عاند فى البداية كما قلت لكم ، استلم حسن المبلغ وعده تماما ورقة ورقة . وضع فى كيس كبير ونظر الى الاجنبى وناوله السيف الذهبى ولكن لحسن الحظ اوسوء حظه لا لاادرى ان الاجنبى لم يطلب منه غير ذلك ذهب حسن ودفن المال ايضا فى ذات المكان الذى يرقد فيه كل ليلة ، وفى اثناء نومه ليلا جاءه ميدوب وعشر من فرسان مجهولين واوسعوه ضربا وقالو له اننا انتقمنا منك ولكن الحساب معك لم ينتهى بعد وتم استرداد سيف بعانخى الذهبى من الاجنبى الارعن القادم من وراء البحار وهو فى مكان محفوظ ، اما الاجنبى فقد رميناه فى البحر والتماسيح ستتولى باقى المسئولية زرت حسن فى ذلك الصباح ووجدت محموما وكان بعض من جيرانه مجتمعين حوله وهم فى ذهول ولايدرون ماذا حصل له وكان حسن يتكلم خارج راسه وليس مدركا لما حوله ، لدرجه انه لم يستطع التعرف على . لا ادري ماذا حصل له بالضبط ولكن حاله يدل انه مر بتجربة قاسية وتعذب كثيرا . لكنه كان يقول بصوت خافت كانه انين ... ميدوب ،،، اتركنى عليك اللعنة ، انا مرهق جدا ، خذ ماتريد ، لاتعذبنى يا ميدوب اعتذر منك ، لن اكررها سامحنى يا ميدوب .. كان الجميع ينصتون ولا احد اعطي تفسيرا مناسبا لهذه الحالة . رجعت الى البيت وتخيلت منظر حسن وتالمت جدا ، وقلت فى نفسى كيف اساعده . كنت عائدا من شاطى النيل فى اليوم التالى ، وسمعت صوتا خافتا يغنى فوق المقابر واقتربت منه وعرفت انه صوت حسن ولجدما افزعنى منظره ، كان يبكى ويغنى فى آن واحد . وعندما اقتربت منه جرى نحوى ومسك فى جلابيتى بقوة وقال عبد المعين الحقنى يااخى ان ميدوب يطاردنى ويريد ان يطعمنى بلحا مسموما , من اين اتى ميدوب بالتمر المسموم لغز عجيب وسرعان ما انتبهت لحسن وقلت هو يريد ان يقتلك ، قال حسن نعم نعم وواصل كلامه انا اهرب منه , انه هنا ,, يخرج من هنا من المقابر ويعود اليها ، سالته ماذا يقول ميدوب يا حسن ، كان حسن يرتجف ويقول ميدوب يقول لى لماذا ذهبت لنهش قبر الملك ايها التعيس لماذا سرقت محتويات المقبرة الملكية ، الا تعلم ايها الافعى ان للمقبرة حراسها ، كيف لك ان تبيع التاريخ ، كيف لك ان تبيع ارث اجدادك ، الا تخجل ايها الحقير ان هذه التحف والتماثيل سر من اسرار القرون ومفتاح الالغاز لتطور الحياة على وجه البسيطة وسر الحياة واكسير الاستدامة وعلاج ما استعصى من الامراض كل شى مخبى فى تلك القبور ، كل الدنيا تعرف اهمية تاريخنا ، وان تاريخ اجدادنا هى الحلقة المفقودة فى الوصول لاصل وفصل الانسان ،لذا لا تحزن كثيرا ، كل ما سيبلحقك من ماسى انت تستحقها ، ولا اخفيك اننا سنريك الويل وعظائم الاهوال ، سانزع عقلك ايها الافعى ولن تعيش بهدوء طوال اربع سنوات قادمات . منذ ذلك اليوم التعيس فقد حسن عقله ولم يعد حسن ذلك الرجل البشوش والماكر عندما تم عرضه لطبيب نفسى قال لهم . , قد تظنون اننى اكذب ولكنى اجزم ان السحر موجود فى كل العصور وان هذه المنطقة بالذات تطير فيها الارواح منذ زمان سيدنا موسى . وان الحل والشفاء له فقط فى مستشفيات خارج السودان ، علاج حسن فوق طاقة وامكانياته وامكانيات محبيه . لذا عمل صديق له كل ما يستطيع ان يفعله وارسله الى روسيا بعد ان تحصل على المبلغ المدفون بايعاز من حسن شخصيا وسدد به نفقات السفر وسلم لمرافقه وهو ابن عم لنا اسمه صالح بعض المال فى يده واحتفظ بالباقى . سافر حسن الى روسيا برفقة صالح وكان مريضا جدا من الناحية النفسية حسن حبيب الجميع سبقنى الى روسيا للاستشفاء قلت هذا شي طيب , , على الاقل على البحث عنه وتقديم كل ما يمكن ان يقدمه شخص عزيز اوقريب له قلت فى نفسى . وبعد أيام قليلة ،اجتمعت القرية كلها لوداعي وقفت امي تنظر الي الخرفان في الزريبة لمده طويله حتي تختار لي الذبيحة اوما تسمي الذوادة وبعد وقت قالت لي ابني العزيز اختار انت احسنهم قلت أي شي يا امي , ليس مهما . لكن اصرت وبعد الحاح منها حملت خروفا وذهبت الي البيت وجاء جارنا وجهزو كل شي من اقصي القرية حضر الناس لوداعي ,,لقد كان سفري مميزا .انه لو مرة في تاريخ القرية ان يسافر ابن لهم للدراسة في موسكو ان ابناي قريتي الهمهم سفري ومغامرتي وبدءوا تقويما جديدا كل ما اراد شخص ان يسال عن تاريخ محدد كانوا يقولون بعد سفر عبد المعين الي موسكو ام قبلها لم يعيرو لسفر حسن اهتماما لانه لم يكن من اصلاء القرية ، اذ انه غريب نزل قريتنا ذات يوم جاء اللوري وسلمت عليهم واحدا بعد اخر منهم من بكي ومنهم من حضني بقوة وتحركنا وبعد اربعه ساعات وصلنا الي قهوة سيدي عكاشه . حطت بنا طائرة الخطوط الجوية العراقية في يوم من ايام الشتاء ليس لبرده مثيل في مطار موسكو الثاني المسمى شيرميتفا دا نافذة موسكو الجوية بعد استراحة ثلاث أيام في بغداد ...... طوال ثلاثة أيام اقمنا بفندق حمل اسم رغدان وذلك بجوار فندق الرشيد الشهير احد اهم معالم بغداد .... كنت مسرورا برؤية بغداد وبالعراق كاول بلد ازوره بعد محبسى الاضطراري في القرية التي ولدت فيها .. كانت بغداد خارجة لتوها من حرب الثمانية سنوات مع ايران والتي حصدت مئات الالاف من الارواح , من الجانبين ودمرت المدن والقرى . وشتت ملايين البشر .... واحتفالا بوقف اطلاق النهار وانتهاء الحرب ... كانت العراق تعيش أجواء هستيرية وفرح شعبي طاغ ... كانت مطاعم بغداد مفتوحة ,, للجميع وتوزع الوجبات المجانية في كل مكان .... والموسيقى تلعلع من المقاهى البغدادية .... ناشرة الفرح في قلوب الشعب ... وكنت مغرما باحاديث سمعتها عن اشهر شوارع بغداد ... لذا ذهبت راجلا مع صديق لى تعرفت عليه فى مطار الخرطوم وزرت شارع ابونواس ,, على نهر دجلة ’’ ورايت صوره منتشرة في كل مكان ،، الحسن بن هانى الملقب بابى نواس،، ووجدت كل شي هنا بنكهة اشعاره ، كان الرجل عاش في الامس القريب نعم نعم ... في البارات التي كانت تلاصق بعضها تجد نفس القصائد النواسية. وكانت دجله بكورنيش شارعها الساحر قد احتضن من قبل فطاحل الادب العربى حيث عاش. الجواهرى والبياتى والسياب ونازك الملائكة ومعروف الرصافى . من هنا أيضا مر ذات يوم أبو الطيب المتنبي شاعر العربية الأكبر على مر العصور .... ورايت شخصا يكتب في جدران احد البارات . احدى قصائدى النوبية كم قلت لكم ان روح الكنداكات قد تطاردنى الى مالانهاية وربما روح ميدوب الملعون لن يتركنى وان طال السفر ، وقفت مذعورا وانا اقرا قصيدتى . والاعجب انه رسم صورتي وصورة اميرة وبدا يغني من اللوحة تعال ياغروحي فوق القيف تعال نتمشي جنب النيلب وكان ينظر لدجلة وواصل غناه نفتح صفحة الايام نعاين دفتر الاشعار اختار ليك قصيدة حب من اوتار الهوي الشارد وانغام الليالي تهب وسحب الصيف تقول يا ليل تعال ياحلوة فوق القيف نجسد لحظة اللقيا نغني ليك غنية نناجي في سكون الليل نجوما تايهة في الظلمة اه ياحلوة ياسمحة يا نبض اللحظة والقسمة وبعد النسمة راح الليل عدنا تاني للحظة وتبقي الهمسة وينك انتي يا حلوة ياربي انه ميدوب اللعين وخلفه بدا لي وجه وهيبة واضحا كيف وصلوا الى هنا , الله وحده يعلم ووقفت بصوت عال . يا ميدوب وروح ميدوب تركت لكم السودان ماذا تريدان مني رد علي بلهجته العراقية .انا لست ميدوب ولا وهيبة انا شبه ميدوب تؤام ميدوب قل فيني ما تريد ان الله يخلق من الشبه اربعين شخصا وقال اسمع المفيد ان سميتني ميدوبا فليكن سؤالي لك ومن من اهل السودان لايعشق الشعر وهو الضلع الثالث لعشقنا الابدى . النيل الازرق والابيض يا الله كم انت رائع . ابتسم لي وواصل الكتابة .... وبينما انا مشغول بما يقوله هذا الساحر سرني سؤاله لى . هل انت من السودان . قلت نعم . قال ونعم باهل النيل والنيل يا صاحبى من اسرار الوجود وفلق الصباح وديمومة السعادة وبرج الاسرار كان على ضفافه جنون الشعر الم يقل جماع عن حظه العاثر فى مضارب العبدلاب عند حلفاية الملوك ابياته الاستثنائية ان حظى كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاه يوم ريح اجمعوه صعب الامر عليهم قال بعض اتركوه ان من اشقاه ربى كيف انتم تسعدوه وقال الشاعر الملتهب حد الجنون هي نظرة تنسي الوقار ، وتسعد الروح المعنى ، مولاى انت وفرحتى ومنى الجمال اذا تمنى ، انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا ، الله الله يالك من رجل مثقف ،، االله الله يا لسحر هذه القصيدة المجنونة .. :فالنيل لايلد من الشعراء الا المجانين : داويت ولع نفسى بنفسى بهذه العبارة وهتفت وانا مسحور ايضا بكل ما كتبه عنى .... عاش النيل وعاش وعاشت الخرطوم وعاش النيل بابيضه وازرقه عند الالتقاء في مقرن النيلين الشهير وعاشت توتي الجزيرة التي ترقد كبطة تسبح ضد التيار في منظر لاتجده الا في الخرطوم ، احقا لايجاور تلك الأنهار الا العظماء ، والفلاسفة ، والشعراء ، وكان العراق كله احتفالات بوقف الحرب كما قلت لكم وتجولت لارى معالم بغداد وتاملت مليا قصر الرشيد وقلت بصوت عالى وانا استلذ النظر في ذاك البناء الشاهق الجميل .. عشت وزرتك يا بلد هارون الرشيد و
|
#33
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
فارس من بلاد كوش
الجزء الاول ...... فارس من بلاد كوش ................... بقلم ((عادل احمد يوسف )) كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قزح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ، كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ، سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة .. على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت . (خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا ) طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ، تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها حتى عادت الصخرة الى طبيعتها .. خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء . .ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة . منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية . وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه . ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا . ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ، انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم . ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها . وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة .وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء . وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد . اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل ) كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم ..... ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ، وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ، يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة .. طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً... أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ... وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ... ( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) .... ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما . فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر . فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين . وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود . وصدق الناس ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم . ولكن منظر القبور يقول انها ليست قصة , بل حقيقة ماثله امام الجميع كيف ذلك لا ادرى !!!! في ذلك اليوم رغم صغر سنى كنت واعيا بما يكفى و بمايدور حولي ذهبت الي ابي وقلت له ..يا ابي كيف يتحرك الموتي بعد دفنهم وهل هنالك حياه خاصه بالشيوخ غير حياة الناس العاديين ,, وهل خصهم الله بهذه الصفات كان ابي ينصت لي بانتباه شديد ويقول لي نعم نعم انهم شيوخ اجلاء , ولقد توارثوا الخلافة ابا عن جد وهم في الاساس اناس متدينون , يعالجون بالقران كثير من المرضي والمجانين ويعلمون بعض الاشياء الغيبية بمدد من تقواهم ان الله يخص بعض الناس بقدرات استثنائية , ليست كلها ولكن بعضها, كيف يعرفون بعض الاشياء , هل يملكون الجن ,سالته ولجدما اذهلني روعه بهذا السؤال واقترب مني كثيرا وجلس علي ركبتيه لا ادري يا بني انه سؤال صعب لكن سقول لك كلاما واحدا سمعته من جدي قلت له ماذا قال يا بني اتعرف تلك الشجرة الطويله والمميزة الذي ينتصب في اخر القرية والمعروفة بالشجرة الخالدة قلت له نعم اعرفها قال لي لاتقترب منها ولاتاكل منها قد يكون هناك سر عظيم جزء من تمره يختلف لونه وحجمه وهنا يكمن السر لن لاتكلم احدا قلت له لماذا ان هذه المنطقة مليئة بالاشباح والارواح وتعاويذ اللذين ماتوا عبر الازمان , عليك ان تسكت ياابني , تاكد انه لو سمع احد حواراتنا , ربما تاتي الينا المصائب قد يسلط علينا غضبهم ,قاطعته قائلا ماذا تقول يا ابي , ماذا قلت, اضطرب ابي قليلا وصال بنظره ناحيه اليسار ومن ثم اليمين كانه يريد ان يتاكد من ان المكان خال ولا احد يتلصص علينا وقال وهو يمسك يدي بكلتا يديه وهو جالس .اسكت يا بني ولاتنسي ان للنخل ايضا اذنان تسمعان . لم اري في حياتي ابي حائرا ومرتعبا مثل ذلك اليوم . من جانبي لم اكن مقتنعا بما قاله ابي ,, وكيف افهم من اين لهم ان يسمعوا ما قلناه وهم ليسوا معنا . ذهبت الي صديقي حسن واخبرته كل مادار بيني وبين ابي وقال لي هو ايضا .. انا ايضا لا اتصور ان للموتي قدرات خارقة . والا اين الملوك والجبابرة العتاه .اين بعانخي وتهراقا واين اماني ريناس واين اجدادنا الذين سدوا ترس الشمس باجسادهم وقطعوا النيل صباحا ومساءا واصطادوا التماسيح .. لوكانت هنالك خوارق لخصوا بها هؤلاء . وقال لي حسن مازحا لو كان الميت يتحرك لكان احري بجدك ان يعود الينا وهو الذي ملا اسماع الناس بالتلاوه والذكر الحكيم من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ، يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن . ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة . تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل . ذات يوم لا اذكر تاريخا له . ...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته . ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين ودستور امارتى لكم . ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم . (اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ، اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ، ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ، ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه ولا عاشر امراة متزوجة ، ولا انطق بحكم دون سند ، ولا انصب الشراك للطيور المقدسة او حيوانا مقدسا ، اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة ) اقدم العطايا للمعبد ، اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى والملبس للعرى ،العن هذا فى هذه الحياة الدنيا واسير فى طريق الخالق ، مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ، لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ، فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد. ثم تابع كلامه . ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائرة يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش. اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد . اين محتويات العروش الملكية . لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض . هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء .. كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم . شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية . رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته . هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ،قلت له نعم نعم المشايخ الثلاثة رمقني الرجل العجوز بنظرة ازدراء ولكنه لم يقل شيئا لقد اغاظتني هذه الحركة وحاولت ان ارد عليه بحركه احتجاج . ان اصفق له مثلا لكن صديقي حسن كان بجانبي . لكزني برحله وقال لي بصوت خافت اسكت واصل الرجل العجوز كلامه هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول . اسمعوا منى ، انها ليست تخاريف شيخ . انها تمتمات النيل عبر القرون . انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا اسمعى ايتها الجبال الصامدة ان عز للناس تصديقى هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين . كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه . رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا المقابر اتت الي ديارنا وهي موجودة , كيف ننكر ذلك .ولقد راينا بام اعيننا لست لوحدي حتي تقولو انني مخرف ، لكن سكان اكثر من عشرة قري شهدوا معي وقال مخاطبا زميله اذهب ايها الشيخ المخرف ، هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة . يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ، هل هى لعنة اله النيل ، ام غضبة الكنداكة ، ام سحرة موسى ، من يسير المكان هنا يا الهى .. ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ... مشيا على الاقدام . ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه . استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم .. ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,, وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى . وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا . وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ، والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى .. علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا . قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .. تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى . اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت , مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ، وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه بارك الجميع كلام الملك العظيم قال الملك باركوه وردد الجميع باركنا نحن جميعا ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ، لكننى عدت وكفى . عندما ودعتنى قالت لى ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها . كان ميدوب يتكلم وبدا واضحا انه سارح بذهنه الي مكان ما قلت له كفاك خزعبلات انت الاخر اعتقد ان الشياطين وحدها تحرك الحياة في هذا البلد وفي لحظه اقترابي منه , اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا . لا ادري الحقيقه . مستحيل ان ميدوب هذا الذي رايته هو هو الذي مات واكدت وفاته الكثير من اهل البلد ان فرضيه ان يكون تؤامه كان يدور في خيالي في المساء بينما كنت نائما . رايت حلما غريبا ثمه دخان كان يخرج من نخلة بعينها مرتفعة جدا وقديمة ومنتصبة نحو السماء ولاتشبه باقي النخلات في اي شي يقال ان ميدوب كان لاينام الا تحت ظلالها ويحكي انه قد ان يموت يملا جيبه من ثمره ويقول كلوا من هذه الشجرة الطيبة ان اصلها في الارض وثمرها من السماء وبعد ان مات كان الناس يرددون دائما انهم راوه هناك وفي يوم من الايام مررت بجانب الشجرة ورايت ورايت ثمة دخان يرتفع منه ميدوب وبنت اخري كان تقف ملتصقه به وتلوح لي وتقول دورك سياتي يا فتي انا وهيبة تذكر هذا الاسم جيدا .يا صديقي المستقبلي وستاكل يوما من ثمار النخلة لم اخاف هذه المرة , لان حياتنا كلها تحولت الي مجموعه من الترهات .والانقلابات الممتدة وارجو ان تكون هذه النقطه ماثله في اذهانكم . احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين . ______________________________________---------- كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.وكان صديقي حسن يسكن لوحده في اقصي طرف القرية في بيت قديم يخص اخا لجدي مات ولم يترك اولاد . تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,, وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,, إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘ ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ، كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ، وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة .......... ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى سليمة . كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى . كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة ... إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام . كان صوت كاسيت لاغنية نوبية كان ياتيني بقوه وقفت واستمتعت بتك الاغنية حتي النهاية ياقمر الزمان ارجع لينا تاني يامرح الليالي اشتقنا لقربك وللروح الجميله والطله البهية لدلع الليالي بالامس القريب شفناك ياحلو كل الحلة ترقص لوجيت مبتسم النخلات تنادي يا نيل ياسمح الاطفال تغني بطعم العسل ياقمر الزمان ارجع لينا تاني انت في قلوبنا شيدت الامل الغربة العجيبة لالون لا طعم العيش الجميل بدونك عدم يا جنه بلدنا يازهرة قلوبنا ارجع لينا تاني جيت ياحلوة تاني نورت البلد شلناك في الماقي والكل مبتنسم جيت ياحلوة تاني نورت البلد احقا اغنية رائعة وكانها فصلت فيها .قلت بصوت عال لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم . ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ، ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ، وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض . كل الاوصاف بسيطة فيها . سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى . ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ، انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم . كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة . واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق . ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب . عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ، ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ، قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم . وجدتها وكانت معها فتاه اخري منهمكتين في جمع التمر ، اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ، وخجولة جداً ..كما توقعت ، التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ، ماذا تريد ايها الشاب ,, يبدو انك اخطأت العنوان ، انا لا أعرفك بتاتاً ، يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس قلوب العذارى. انت من طينة أخرى وكانت تنظر إلي بتحد واضح ، من اين لك كل هذه الجراة ؟ لتغازل فتاة مجهولة . وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب كلمات اغنية جميله انها معجونة من السحر ... يا سمحة يا بت الجروف الساكنه في القلب الولوف بغناك لونت الحروف ومشيتي في الدرب المعرش بالورود عينك اه ..معجونة من سحر الغروب وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون والشوق قد يدمنك يا بدر البدور اه منك اه من سحرك اه من دلعك اه يا بخت روحي بطلة القمر المنير ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف يا نسمة الفجر المباح سافرت في السحر الودود وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور اقمت ناصية الهوي انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي الراسمة اسمك في الرمال وفي الخلاء وفي السماء الشاردة حتي ارتوت همسا وردده الصدي والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا اني زرعتك مثل اسرار الهوى وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى يا همسة القلب العذوب يا طلة الوجه الطروب قيسك عذبه الهوي اسفا لحب ما روي قلبى واتعبنى ومزقنى ومابلغ المدى كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى تمالكت نفسى وقلت لها لا لا .. تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان وارتجلت لها مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ، بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون ..... وغنيت لها .. وانا ادند كان الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى فارس من بلاد كوش الجزء الثاني ____ وانا ادند كان الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى وملكت ناصية البيان بمعصى عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى هيا تعالى اجلسى ومدي ذراعيك لي واقتفي اثر القمر بين السحابات الهجينة وبللي ساحاتي العطشي بفيروز ابتسامتك الملائكية وركزت علي المنحدر الناعم بين الحاجبين واحسست بطرب فى عينيها وكان بلون الشروق وواصلت كلامى وانا انظر اليها ،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش ومن فى الورى مثلنا ، استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ، واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ، واغمضت عيني وخاطبت نفسي لبرهة كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى ايضا آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة .. لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ، وبدات اصرخ باعلى صوتى . يا عالم يا لاوهم اين انتم ايها السادة اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟ اين انتم يا ابناء ارض كوش العظيمة ؟ واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟ كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟ اين المستكشفين وأين الفضائيات ! مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت : حماك الله من اعين اهل البندر .. هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى . القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً. كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى . دفعة اضافية للمضي قدما في مقامرتي انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى : نعم والف نعم للسعادة والجمال . تجاذبنا اطراف الحديث . ناولتني من جيبها تمرتين كبيرتين صفراويتين اكلتهما وانا انظر اليها بفرح وانفجر نهر الشعر في راسي ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا بصوت واثق وشجى ... ...... يا اميرة النيل وربيعة الدف السامي ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف اغيثى اذنى بهمسات دافئة بل اطلقى قريحتك واشدى ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة تمام الالحان . وشجعى الحمام والطيور للغناء ، وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ، ولملمى اوجاعنا الحزينة ، ارقصى ياسمحة الخصال ، وشتتى الشمبال ، تخيلى رحلة بقارب ، والموج في زحام ورغوة بيضاء ، طيرى مع الحمام ، يا بطة الغرام ، التفتت وقالت بثغرها الوثاب الله الله الله ،، شكرا لك ، شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ، واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ، لاشم نفحات من قطرات الندى ، واردفت تقول .. اه منك يا شقى ,, اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول .... لقد اعجبتنى خفة دمك ، وانتقاءك للكلمات انت تدغدع مشاعرى ، و تثير انوثتى ، يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،، وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ، كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية .. اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام . وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ، وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر وشرع الطفل على الفور واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها يا اميرة النيل وقلبى .. انت تستحقين محصول هذا العام كله . كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى ...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ، سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ، بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ، قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه .. واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب واطير في ملكوت الفن السخي يافتنة العين يا حورية النيل اني احبك يا بنت الحلاوين عطر الاماسى ودف الليل اطربنى همس اللسان ولون الورد والزين شوقى اليك تراتيل معتقة خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى ووضعت يدي اليمين في صدري وواصلت مرح القوافي وانا مدجج بسلاح رضائها عني ان غبت حبى وخارطتى ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا كانت الجميلة منتشية وظننتها ستطير بعد حين مما شجعني ان اواصل جنوني وهانذا اواصل الشدو ثانية بعد فترة تامل لشفتيها التواقتين للكمال والقلب يدمع قبل الحس والعين وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا يحاكى النجم والنيل وطيف حاجبك في صورة القمر قبل التمام فيا من منظر فنن ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا وكم تحوى من صدف ومن زين ورسمة الفم فن فى خلاصته وتيه مشيتها للحب تلقين يافتنة العين يا حورية النيل دعنى اغنى وما للوصف تمكين دعنى لارسم مافى العقل من فنن يا فتنة النيل يا حورية االكون تاه الخيال ومالى في البكا لغة وسرحة النجم السارى الي حين اني انا الشاعر النيلى راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين قاطعتني هنا وقالت يا لك من شاعر مجنون وضحكت بهستيريا وواصلت انفعالاتي ورب دار كساها القلب من كمد اعدت لجوفها نفس وتامين حتي اذا جاءت الاقدار في كنف اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر كانت تبكي صراحة وتلك الدموع كماء الذهب بل انني قرات في عينيها المنتشتين ماهو ابلغ من كلامها وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا . وبعد فترة صمت ، قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا .. الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك .. لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة .. ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل . وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو . جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية .. واحلامي بحجم الفضاء .. قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك . قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟ ودققت في وجهها ولهول ما اصابني انها نفس البنت التي رايتها مع ميدوب قلت في نفسي عليها اللعنه ،، لها وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك انا اقرأ الكف .. قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى اميرة والي تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية اميرة الا لماما . قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ... نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..ولم افاتحها ابدا انني رايتها مع ميدوب لكني قلت لها ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك . ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى .. عدت الى عرافتى وقلت لها .. وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى انني لن اترك كلامك يمر هكذا بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم خذى كلامي علي محمل الجد ..ماانتهى كلامي الا ان وجدتها تضحك ثم صممت قليلا واستعدلت في جلستها و قالت لا لا يا صديقي ما الذى يجعلنى اكذب عليك .. ان كنت لا اعرفك ، لكنني مترع بحب صديقتى الجميلة وكانت تنظر الى ربيعة ، وهي تبتسم وكانت ربيعة أيضا تبادلها نفس نظرات الحب والاعجاب .. الحلة وغطاءها ، كما يقول المثل النوبى القديم . وقالت بسرها لربيعة انا ساربط بينكما الي الابد وساربطه ايضا حسن حبيبي هنالك نخلة عالية لها سبعة فروع عمرهخا خمسة الالف عام يحكي انه من عهد بعنخي ولقد شتله الملك بنفسه واليها كانت تنسحب ارواح الكنداكات اللائي متن في النيل من ياكل منها واحد من اثنين اما يعود الي محبوتته او يتكلم في السياسة ان تمرة واحدة نجعلك تتكلم سبعة ايام متواليات في السياسة وتنسي امر الحب والعشق الا لحبيبتك الاصلية والاعجب ان هذه التمرة تعادي غيرها لو اكلت تمرة واحدة فان اي تمرة تاكلها بعده يعطي نفس المفعول لقد سماة النوبيون القدماء الشجرة الخالدة او روح النيل ,,,,, بعد ان اكملت كلامها وقالت وهيبة وهي تنظر الى ، يجب عليك ان تعلم يا عزيزى اننى قارئة كف محترفة وغالبا ما تصدق نبوءاتى .. لقد تنبأت قبل ذلك بقيام سد مروى .. وبهبوط العملة الورقية وباختفاء جزيرتى جرجا وقورتين النيليتين .. وبامر الهدام علي شواطى قرية فنتى اركى كما جلدت رغباتى بسيرة زائعة الصيت و ملهمتى دوما كانت العرافة الشهيرة ام الحسن الهوارية .. وام الحسن هذه كانت معروفة حقاً .. انني أتذكر ذلك جيداً من حكايات جدتى ... كثيرا ما سمعت عنها في ونسات الاخرين أيضاً ... قلت لها جميل جدا ، جميل جدا ما اسمعها منك يا وهيبة . ولكن الكلام متاح حتي للمجانين ، لكن اثبات الكلام بامور عملية هو بيت القصيدة ،،، نعم نعم نحن شعب نؤمن بالخرافات ولكن في نفس الوقت نؤمن فقط بتلك الخرافة التي يمكن تصديقها ، ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة ..... اذن هيا بنا . وفتحت لها يدى . ، وانا انظر اليهما بسخرية ضحكنا نحن الثلاثة بصوت عال .......ولكن في بالي كان يدور سؤال واحد ماعلاقه ميدوب بربيعة , هل هو صديق وهيبة فقط ام ان ربيعة ايضا تشتبك في بؤرة السر العظيم في غمرة انشغالي مسكت وهيبة بيدي وانا بدوري فتحت لها يدي على مصراعيها نعم أمسكت بيدي وبدأت تتاملها بتوجس . ومازلت في فمي احس بعض التمرتين وقالت . كفك فنجان في وضع يبدو لى مقلوبا . قلت لها وانا اضحك خلاص يا عبد الحليم حافظ يا العندليب النيلى .. اين فرقتك الموسيقية اذن .. وغنيت لها يا ولدى لاتحزن فالخوف عليك هو المكتوب يا ولدى . قالت لي العرافة .. صوتك جميل وجذاب ..قلت لها شكرا شكرا يا معجبة كنت انا امزح ظاهريا ولكنى في حقيقة الامر كنت خائفا بل مرعوباً ... ويبدو ان العفريتة قد لاحظت أمر ى نظرت الي وهى تشد يدى بقوة وبصرامة , قالت لاتخاف ياولدى وكررت ، لاتخاف يا أخى.. انت رجل ام إمراة ؟؟ الرجال هنا لايرعبهم شى . انهم بلا مشاعر . حتي لو طقه عقرب . يقف صامدا كالصخر . او كالنخلة الحمقاء كأنها وتد في الأرض او حجر ومعذرة يا صاحب الطلاسم ان استعرت شيئا من شعرك ونظرت الى وهيبة وقالت . اتفقنا وكانت توجه كلامها لى مباشرة .. قلت لها نعم نعم .. وبدات تقرا وتقول .. حقيقة ارى فنجانك فى وضع مقلوب وحبيبة قلبك سارحة وسط النخل وفى رمل الشطئان ، لكن هذا لايعني شيئا .ولايعنى أيضا أن السعادة لن تاتيك ابدا . وأن حياتك ستسوء . بل يعنى ان حياتك ستمر بمنعرجات غير طبيعية ، وازيدك يا صاحبى من الشعر بيت ان هذه البنت قد مشت بعيدا في استفزازى وانا كنت مستسلم تماما ,,, كانت صاحبة ربيعة مازالت تواصل كلامها موجها اياه لى .. لا لا يا صاحبى .. الفجر الموعود , قريب...... لكن هنا في شكل وطن قد يبدو حلما ، او هداما يقلع نخيلا علي الشاطى . او ذئبا ينقض علي زريبة البهائم ويعدمهم جميعا . او نزعة طفل يبدو مرعوبا ، وقت السيول ، ومضت تقول ... ولكن انقضى وقت الخوف لا تخف يا حلو المعشر .. ويا ابن الارض البكر .. وريث الثروة والجاه .. ... تاكد ان مستقبلك جميل .. بربيعة او غيرها .. انت رجل مبدع وخلاق وشاعر عظيم نعم انك لم تسوق نفسك بطريقة جيدة لكنى اؤكد لك ان اسمك سيذهب فى التاريخ كاحد اعظم شعرائه وسيكون للنيل من شعرك نصيب وكررت .. سيكون لك شان عظيم .. ولكنك ستمر بنفق نصفه ضوء ونصفه ظلام هنالك بقع بيضاء .. وأخرى سوداء قاتمة .. قد ياتيك الحظ في شكل رجل يصادقك ويقف بجانبك وقت الازمات او فتيات كثيرات تستمتع كثيرا معهن .. بنات من طينة اخرى ومن بلدان اخر . بنات تري الدم فى عروقهم يجرى . والذهب في شعرهم يلمع . والزرع في عيونهم يخضر , ممكن ان ياتيك في شكل بنت تتحرك فوق الجليد تمشى احيانا كانها قارب تجدفه التيار وتطير احيانا ,, ليس مثل الطيور تماما وتمنحك قبلة وانت قابع في تل جليدى .. او ربما ياتيك حظك رفع جسمها احيانا ثم تهبط الي الماء وانت تسبح في النيل ترفع يديك لتمسك بها او اشياء غير مالو كبطة تلعب في الماء لكن ثم ماذا بعد سالتها ... وانا مرعوب وكنت اكتم غيظى .... تاوهت قليلا وجرت نفسا عميقا وضغطت علي يدى كانها تريد ان تسمعنى بكل صفاء كل ما تريد قوله دون تشويش .. وقالت . وملامحها قد تغيرت تماما .. ربيعة ستكون معك والى الابد بصورتها ..مرسومة في جدار العقل بروحها ولكنك لن تتزوجها ابدا , وقع هذا الكلام كالصاعقة على عقلى وقلت انشاء الله انتى كاذبة لكنها اومات براسها كانها تعتذر وقالت هذا لايعنى انك لن ترى محبوبتك القدرية .. كحبيب وحبيبة ،، ربما بطريقة عابرة ترون بعضكما ان النقاط ليست واضحة ، فخطوط يدك متشابكة جدا لم اقرا كفا كهذا طوال حياتى ... ,,,,, قلت لكم هذه الكلمات قد وقعت كالصاعقة على راسى وشعرت بدوار وصداع ... وحاولت ن امسك يدها واقول لها نعم يا ربيعتى الان الان احبك اكثر . ونسيت امر العرافة ، وقلت لها ، ربيعتى واميرة قلبى .. ايتها الميدالية الذهبية ، لن تبارحى عنقى .. انت خلاصة المعادن النفيسة ، وقلائد الاميرات عبر العصور ، وانا البطل الخارق لمقتضيات المبارزة ، ساقطع البرارى وسانطلق علي صهوة العزيمة ، ولن يجرو فارس من اللحاق بى عندما يخص الامر ، بماراثون حلبة حبك .... انطلقى يا فرس الهوى وهنالك ما وراء المجرات تنتصب خيمة اميرتك . والتفت الى ربيعة وهى غارقة فى دموعها وقلت لها .. كلام النفس للنفس ، مقتبسا الهداية من رحمن الذات وايماءة العاطفة لاتستمع الي كلمات هذه المعتوهة ربيعتى الجميلة .. انت لى .. ولا احد في هذا العالم يستطيع ان يقلعك منى، فجذورك ياسيدتى ضاربة بامر الهوى في أعماق الأرض البكر ، ومعاولى عطشى للتوهان بعيدا فى الهوة السحيقة من ذاكرة الهوى ثم ،، حضنتها بكل ما املك من شغف وحنان . وكانت ربيعة غارقة في الحب حتي اذنيها . ارادت ان تبتعد عنى لكنها لم تستطع لانها كانت مشتاقة الى هذا العناق الدافى . استلمت ملاكى الجميل ونامت بين ذراعى كطفله صغيرة اتعبها الارق يا لها من لحظة سكرى . في جبين الصمت كنت اقبلها فى كل وجهها وأقول لها مهلا ربيعتى ابق معى الي الابد كانت تنظر الى نظرات غامضة ولكنها ودودة ، كانها تعرفنى منذ عشرات السنين . انى ارى الدف الذى ينبعث من عينيها كانها تقول وانا ايضا احببتك احببتك يا صديقى .. وتمنيت ان اقضى العمر كلو معك .. ايها الامير النوبى .. ان دقات قلبي تنبض باسمك الان حبيبى عبد المعين على كل حال الله يعين ,,,لم تكن الجميلة تتكلم هكذا ,,لكننى قرات فى عينيها موسومة بوشم الهوى الغلاب .... نظرت الي جانبى هنا وهناك ولكن العرافة كانت قد اختفت كان الأرض قد ابتلعتها .... .... وبينما نحن هكذا في حرم اللحظات الرهيبة , ثمة صوت من بعيد شق صمتنا وكنت اريد ان استوعب ماجرى وهى لحظات سكون تعقبها العواصف .. .................... جاء من بعيد فتى صغير جميل المحيا ، ضئيل الجسم فى مشيته عرج بسيط لا ادرى وهو يهرول ويبدو انه جرى مسافة طويلة دون توقف ، ان انفاس الفتى تحكي انه تعب وقف امامنا رافعا راسه منتصبا ، جال ببصره ناحيتنا واخير استقر نظره ناحية ربيعة وقال انتى ربيعة , ردت عليه ربيعة نعم ايها الطفل الصغير ما الخطب ، ومن ارسلك الى جاوبنى بسرعة ,, قال الطفل بسرعة ،والدتك مريضة جدا لا ادرى وقال الطفل أيضا .. انها تريد منك ان ترجعى باول لورى متجه السليمة . جدك ارسلنى اليك ، وطلب منك العودة فورا الي البيت ، , لا ادرى هل العرافة هي التي ارسلته ، ,,,تحولت لحظاتنا السعيدة الي شقاء ، كانت ربيعة تفكر في امها وانا كنت افكر فى ما قالتها العرافة ، وايضا فيما قاله الفتى الصغير ،، وكانت قارئة الكف قد عادت وكانت حزينة مثلى ولكن لما اختفت هكذا ثم عادت سؤال ملح كان يؤرقنى سؤال يلجمنى ،هل ياترى لن أرى ربيعى بعد اليوم سائلت نفسى .. وقلت في نفسي تبا لك يا ميدوب ما هذه التي رميتها في طريقي ,,, وقبل ان نبارح المكان أخرجت العرافة تمرتين من كيس كانت تحمله و قرات فيه بسرها بتمتمات غير مفهومة .. ناولتنى واحدة والثانية لربيعة ، ونظرت الها ربيعة وسالتها هل هي نفسها ردت نعم نعم كان مفعولها سحريا الم تلاحظي ابتسمعت حبيبتي اكلت نصيبى دون تردد ولا اخفى اننى كنت متوجس وقلق نوعا ما اما ربيعة فقد وضعت نصيبها في فمي وهى تقول الي الابد معا يا حبيبى . في السراء والضراء . ساحاول ان اعود اليك . ولكن ان لم اعد لا تبحث عنى ابدا ، لان القدر قد يكون قد اراد لنا الفراق . كم راق لي كلمة حبيبى . وكم اغاظنى الشطر الثانى من الكلام حين قالت قد لا اعود . اختلطت المشاعر الموجبة والسالبة فى خاطرى واحاطت جدار قلبى بكم هائل من الهواجس المريرة الحب يا سادتى سلطان يزين اريكة الامبراطور وظل يحنو لمسار الراعى ، ولحن يموسق قالب قافية شرودة يؤلفها شاعر مبتدي ذهلت حتى ارتويت وانا اسمع تلك الكلمات المتشابكة من احلى فم في خارطة الاناث ، فان النخلة الخالدة تثمر الكثير من التمر وهي تثمر طوال موسم السنة ولاتتوقف عن ابدا من اكل هدايا وهيبة وعندما اتمت كلامها غفوت للحظة رايت فيها صورة الملكة ووجه ربيعة ومن خلفهما وقف ميدوب مذعورا . وتهت وانا مغمض العينين فى متاهات الخيال السارح فى اقبية الجنون ، ونظرت فى عينيها والتي تبدو لى غامضة وحالمة وتراءى لي طيفها وهي تطير بجناحين عبر الفضاء الممتد الي الشمال رايت السحب والثلوج وجبالا من الجليد . ورجال شقر ونساء شقراوات وعيون خضراء . وكاننى مربوط بشى ما خارج النطاق الزمانى والمكانى .. في منطقة وسطى بين النجوم البعيدة . والقدر ينادينى كانها ومضات من جبين الشمس ويكتب اسمى في كف العفاريت السارحة في اللامنتهى ، ومنذ تلك اللحظات المجنونة . سكنت روح ربيعة فى دواخلى ,,, باسماء مختلفة وباشكال مختلفة في الليل والنهار والحركة والسكون والحزن والفرح واشياءأخرى ,,,ستجدها فى رحلتى مع الايام .. مع اختلاف الزمان والمكان . اختفت الجميلة مع اللوارى الذاهبة الى واحة سليمة ومع تجرعى لمرارة الفراق وقسوة الفراق وشرود الخيال ، فكرت فى اللحاق بها . وفكرت في التمرتين وفي كلام ابي والنخلة الخالدة وودت ان اذهب الي هناك ولكن ثمه عارض منعني فى مساء ذلك اليوم اجتمعنا نحن ابناء القرية لاول مرة منذ سنوات طويلة لنتناقش فى امورنا الخاصة دعوتهم انا شخصيا لمادبة عشاء واحضرت خروفا من حظيرة اغنامنا وكلفت صديقى حسن جمعة ليقوم بواجبات الطبخ وعدد من الشباب بواجب الضيافة دعيت حوالى خمسة وعشرون شخصا من الشباب وكنت اريد ان استشيرهم في امكانية ذهابهم معى لقرية ربيعة ، فى زفة كبرى تليق بفارس كوشى اصيل وذلك لخطبتها وان اعبر لهم بالتحام واصطفاف كل هؤلاء من حولى وباننى مهم وابن مشايخ ونوبى اصيل تجرى فى عروقى الدماء الملكية . ملوك كوش العظماء . وعليهم ان يعرفوا اننى الفارس الكوشى ويحق لى ان اتزوج من من اخترت ... وان اسرة ربيعة يجب ان تنصاع لشروطى والا فان الفيضان ، قادم والطوفان آت ، ايمانا منى بان اجعل الليلة مميزة وساحرة ، احضرت لهم سلفا بعضا من خمرة حاكمين النقية وحاكمين هذه قرية نوبية امتازت بجودة بلح الجاو المادة الاساسية للعرقى البلدى ،من تلك الخمرة المعدة سلفا من بلح الجاو الاصيل ونمي الي مسامعي ان هذه الخمرة تطعم بتمرة واحدة من الشجرة الخالدة لا ادري لماذا لا ادري لماذا ولكن الذي اعرفه انه عندما احتسي كوبا واحدا اوقدحا صغيرا ياتيني شيطان الشعر وابدع شرب الجميع حتى سكرو واكلو حتى شبعوا وكنت معهم مستمتعا بلحظات لاتنسى طلبت من حسن جمعة ان يغنى لنا ، ابتسم حسن واخد الطمبور ووزنه واتجه بنظره صوب الجميع كانه يريد ان يعرف مدى استعدادى للاستماع اليه تبادلنا الابتسامات علامات الرضا . بعد ان اطمان على الجميع والذين ترقبوا اغانيه بدا يغنى ، ....... باسمك ايها النيل العظيم رطنا ، وباسم حفيد ملوك كوش التقينا وباسم الكنداكات الجميلات تتفتح ابواب السماء لتهب لنا طراوة الصلاح اللذيذة فدا لك يا ايتها النخلة السامقة ،، المنتجة لتمر الجاو ، ولولاك يا تمر الجاو ، لما شربنا خمرة حاكمين النقية ( وهى خمرة كوش الاولى من بلح الجاو الحاكمينى الاصيل ) (( اخلطها يا صديقي بتمرتين من ثمار النخلة الخالدة )) عصير الملوك وعشق الكنداكات عبر الدهور ، الى اين تتجه اقدارنا اذن ، اللهم يارب العرش العظيم ، رب النيل ورب الجبال ، ورب البرارى ورب القفار ، فليسمعنى من فى البيوت ومن فى القبور ، من فى الجزر ومن فى الجبال ، بانى اغنى لاغلى الرجال ، رمز العز ورمز الفخار ، فيا طينة الشط اسرح معى ، هبنا الثمار وهبنا الزهور ، وفاكهة الفرح والبرتقال ، واكمل لفارسنا السرمدى عبد المعين سليل الشجاعة ، ورمح القبيلة زواجا اصيلا كاصل الجمال . وعند منتصف الليل . كانت ليلة جميلة ، لكن فى النهاية اتى الصباح ولم نفعل شيئا . ذات مساء وانا تايه فى مغارة الشوق ,, جاءت ربيعة ، جلست بجانبى وحكت مايلى , كانت وهيبة قبل ان اقابلها مع ربيعة فى ذلك اليوم تعيش قصة حب كبيرة ، مع شاب حسن جمعة لكنني لم اكن اعرف ذلك . ان وهيبة فتاة من قرية تجاور قرية صديقتها ربيعة ، ويحكي انها اتت الي منطقتنا في الموسم الفات ونزلت في قرية دفى وهي قرية محسية متاخة لمنطقة السكوت من ناحية الجنوب ، ويحكي ان علاقة نشات بين وهيبة وحسن ،ومن الطبيعي حسب مواريث مجتمعنا ان يكون العريس لبنات منطقتنا من نفس القبيلة . ونمي الحب بين هذين العاشقين وذات يوم تقدم حسن لخطبتها ، الا ان اعمام وهيبه رفضوا هذا الامر رفضا قاطعا ، واعتبروه عارا ما بعده عار وخاصة ان اثنين من ابناء هم مستعدين تمام للزواج من وهيبة واكثر من اربعة منهم كانو في سن الزواج ايضا كان والد وهيبه رجلا مثقفا وطيبا ومحبا لبنته الوحيده ، لم يكن ليرفض لها طلبا وكان في امكانه ان يعارض العائلة باكملها ويخاصمهم من اجل ارضاء بنته .. وعندما حاول ان يقنع بنته في بادي الامر ،ويوضح لها ان امر زواجها او مجرد خطبتها لشاب غريب سيجلب لهم الكثير من المتاعب وربما تحصل مقاطعة شاملة من الاهل جلست وهيبة علي ركبتيها وبدات تتوسل لوالدها انها تحب حسن ولايمكنها ان ترضي بغيره ، وان مجرد محاولاتهم لتثنيتها يمكنها ان تحطمها وتزيد من متاعبها الصحية وخاصة انها كانت فتاه نحيلة في جسدها . دخل والدها في صراع نفسي كبير بين امرين لا ثالث لهما ، اما ان يقبل ويكسب بنته وراحة البال ، او ان يرفض ويكسب اهله ويحطم مستقبل بنته وكذلك راحة نفسه الشخصية ، لم يكن الرجل بطبعه صبورا ولقد عرف عنه برغم طيبته الكبيرة سرعته في اتخاذ القرارات ، وذات يوم راي بنته حزينه وفي وضع يرثى لها ، سالها عن السبب وكيف له ان يساعدها ، قالت له ، والدي العزيز ، اريد منك ان تذهب لاعمامي وتجتمع بهم وتقل لهم ، انني مصره للمضي قدما والزواج من حسن ، وانك تؤيدني وستقف معي في كل الاحوال وهذا قرار نهائي لارجعة فيه . كان والد وهيبة قد اقنع تماما ، ان معارضته لهذه الخطبة وعدم موافقته لاتمام الزواج فيما بعد ، ستاتي باشياء كارثية ، ربما تفقدهه بنته الوحيدة نعن نعم لقد سيطرت عليه هذه الفكرة ودق الخوف علي جدار عقله بقوة لم يتريث كثيرا وسرعان ما خرج مسرعا الي حيث يجتمع الاهل في مثل ذلك الوقت وكان حسن ينتظره خارج البيت . وقال له ابو وهيبة اتبعني يا بني ساله حسن الي اين . قال له من غير سؤال تعال معي وستعرف الي اين نحن ذاهبون ووجد اخوانه كلهم هناك وكذلك ابناء اخوانه . خاطبهم جميعا دون ان يجلس اسمعونى جيدا .. نعم نعم : انتم اهلي ومن دمي ولحمي ، ولكن الشي الذي جئت من اجله شي خطير وان كنتم تحبوننى وتريدون لي خيرا ، ارجو ان توافقو قبل ان اصارحكم ويقيني ايها الاحباب لو ان الامر كان بيدي لما طرحت عليكم السؤال ابدا خاطبه اخاه الاكبر واسمه شمس الدين ، يا ابا وهيبة ما الامر ؟ ورد عليه ابو وهيبه الامر يا ابن ابي وامي انني نويت ان ازوج وهيبة من خارج العائلة من هذا الشاب الذي يقف امامكم . وذلك ارضاء لها وانتم تعلمون من هي ، انها وهيبة ابنتي الوحيدة ، وهي كل ما املها في هذه الحياة وكرر اريد ان البي رغبتها لاننى لا اريد ان تلومنى وتحملنى مسئولية فشل حياتها المستقبلية ان عارضت مسعاها وارغمتها علي الزواج دون رغبتها وانتم تعلمون انني لا املك غيرها . ارجو منكم ان تقفوا بجانبي هذه المرة ,، لان حالها لايسر وكان حسن يقف صامتا وخائفا ايضا ان هؤلاء المزارعين وابنائهم يبدو علي تقاسيم وجههم الصرامة والقسوة ايضا من اين اتيت بهذا الابله ساله اخاه الاكبر شمس الدين قال له ، انه شخص طيب ومن قرية قريبة من قري المحس لكنه سكن قريتنا منذ زمن بعيد ههههه ضحك الجميع قال اخوه الثاني بدر الدين يا اخي ان كان محسيا ،من اين له بهذا الشلوخ رد عليه ابو وهيبة والتف الي حسن وخاطبه رد عليهم وبين اصلك وفصلك لهم وقف حسن بثبات هذه المرة وقال لهم . انا لو اردتم ان تعرفي اصلى وفصلى من ابويين مختلفي الانتماء امي من فلاليح ارقو والمعروف ان هؤلاء الفلاحين وهم بيض البشرة من بقايا الاستعمار ووالدتي من قبيلة الشلك الافريقية المعروفة وان كنت قد اخذت بعض من ملامح والدتى ، الا انني اعتز بقبيلة والدى وهو شلكاوى اصيل تجري فيه الدماء الافريقية الحارة وهو ابن رث من الشلك كان له مقام وجاه اصيب الجميع بالصدمة الشديدة وقالوا يا ابا وهيبة ، ان كنت تريد لنا ولكم خيرا ، اذهب من هنا بسرعة ولاتجعلنا نقبض علي هذا الغريب وان قبضنا عليها , ان تعرف اننا سنقتله في الحال لذا اخرجو من هنا وبسرعة قالها الجميع بصوت واحد وفي معمعة الصراخ من هنا وهناك .. اصيب ابو وهيبة بتشنجات كبيرة سرعان ما غاب بعدها عن الوعى .. حملوه الي مستشفي دلقو القريب وهناك لفظ انفاسه الاخيرة .. كان حسن معهم حتي اخر لحظة ولكنه حينما علم بموت ابوهيبة ، خاف علي نفسه وغاب عن الانظار .. حمل اعمام وهيبة جثمان والدها ورجعو من دلقو الي بيت والدها .. انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم وعم حزن عارم ارجاء القرية والقري المجاورة بعد ايام من الحدث الجلل .. افاقت وهيبة علي صدمة اخري اخري الا وهي صدمة اختفاء حسن وتقاعسه عن القيام بواجباته ايام الوفاة لقد انكسرت وهيبة في خاطرها واصيبت في كبريائها ، كيف لرجل تحدت العالم من اجل الزواج به وغامرت من اجله بسمعته وسمعة العائلة يوم قبلت به وهو الغريب عن هذه المنطقة ليس بحكم المولد بل بالانتماء للجذور والتاريخ وتخيلت والدها ولحظات الحزن الرهيبة التي اعقبت وفاته وكانت وهيبة تؤنب ضميرها وتحمل نفسها المسئولية كاملة بعد ان اندفعت وراء رجل غريب ، يفتقد الي النبل والشهامة ، رجل ترك حبيبته في ذورة حوجتها له .. لقد فكرت وهيبة في هذه العلاقة التي سببت له كل هذه المصائب وهاهو طيف والدها لايفارق خيالها ، جلست وهيبة ثم قامت وصلت ركعتين واقسمت بالشفع والوتر ان تاخذ حقها وحق ابيها كاملا من حسن ، اذ اعتبرته من ذلك اليوم عدوها الاول كان ذلك قبل عام من معرفتى بها وذلك برفقة صاحبتها ربيعة الكاهلية لكنها اثرت ان تواصل العلاقة معه دون ضجيج وبعد عام من ذلك التاريخ . عندما بلغت الثامنة عشر من عمرى ساقتنى الظروف ان اكون ضمن كوكبة من ابناء وطني واللذين وقع عليهم الاختيار للدراسة في روسيا , وقبل سفرى بيوم واحد جاءت ومن دون سابق انذار العرافة وهيبة وهي تحمل قيراطا من البلح في دلو مائي ,, واهدتني إياه ,, قلت لها أانت تهديني بلحا ؟ ,, يا للمفارقة وانا صاحب الساقية وسليل النخلات ، قالت ، تذكر كلامي جيدا، هذا ليس تمرا فقط ،هذا طوق نجاة لك عند الملمات الكبيرة ,, فتمرتين ستكفيك وتغنيك من أشياء كثيرة ‘ هل دلوك مسحور سالتها ،، قالت وهي تبتسم ... سمه كما شئت ، فلتسمه مثلا القدح المسحور ،، ذاك ليس مهما ولكن هنالك جنى قد سبقك الي هناك انه حسن سارق قلبى وقاتله ، اتوقع بل اجزم ان الاقدار ستقابلك به ، ولكن اسالك بكل معانى الشرف والطيبة والجمال التي تؤمن بها ، ان تعطى حسن تمرتين يوم ان تقابله اكثر ، وبعد ان يتناوله سيكون كلو ما ياكله من التمر مسحورا . لاننى عزمت امرى ان اخدمه خدمة جليلة ، ولا اخفى عليك اننى نذرت حياتى من اجل اسعاده ومع الايام ستتضح لك كل شى ..انسى امره الان وحسبى ان اقول لك انه اذا دارت بك الأيام وقدر لك ان تقابلى ربيعة ‘ فستكشف لك السر , وتاكد ان هذا الدلو بما فيه سيكون ذو فائدة عظيمة لك ، انه مفتاح ديجون ستفتح به كل شى استعصى عليك فتحه , لم تمهلنى ان اسالها اكثر ,, وغابت عن ناظرى في لمحة بصر ,, لم اكن مستعدا للبحث عنها ,, لانى ببساطة تخيلتها هرطقات امراة مجنونة ...وقلت لك وتبا لحسن ، مالي انا اشغل نفسى بمشاكلكما ،، وقلت ان مشاكلى تكفينى ..... جلست وهيبة فى بيتها وتذكرت كل ما فعلت حسن بها استرجعت الاحداث وقالت فى نفسها , انها روح ميدوب اللعين وغدا ستعلم ماذا ستفعل بك الايام ياحسن , ان الارواح تتلاقح فى دفتر هذا الميت الحى ويالها من اثارة ، انها قصة حب رائعة جدا ذ، تلك التى ربطت وهيبة بحسن جمعة ، كانا يلتقيان عند وادى الجن ، خلف الجبل الكبير، كم جميلة تلك المنطقة الساحرة عند الغروب ،كان من عادة حسن جمعة الذهاب باكرا والكتابة والرسم احيانا فى تلك الصخور ،كلمات من الوجد وايات من الغرام وكانت وهيبة تنصحه دائما ، ان لايكتب شيئا ، لانها كانت تؤمن ان الجن وحده يسيطر على ذلك الوادى ، وكانت تقول ان الجن يمكنه سرقه اشعارك كلها وعمل ديوان باسمه . لم يكن حسن من ذلك الرجال اللذين يؤمنون بالخرافات ، كان يملك من العقل والشجاعة ما يكفى والدليل على ذلك انه لم يدخل ويتبرك فى تلك القباب ابدا ولم يؤمن بوجود الشيخ على امام القبب ايضا ، ولم يسال يوما لا فى سره ولاعلانية ان يمنحه الشيخ تلك القوة المطلوبة من كثير من الخلق فى تلك البيئة المسحورة . ولكنه كان مهتما بامتاع نفسه ايما امتاع . بل كان يرتجل كلمات مقفاة دوما عندما يحتسى قدحين من خمرة حاكمين النقية المعتقة والتى تسمى ايضا خمرة كوش . وقف ذات يوما مخمورا بجانب القبة وكان جمع غفير من الناس اتو لزيارة الشيخ لكنه لم يكن مهتما ابدا بنظرة الناس اليه . وذلك انه كان مؤمنا حقا بصحة رايه حول القباب عامة وقبة الشيخ على خاصة واليكم ما قاله .. ايها الشيخ المخبول ، القابع فى الضريح المجهول ، ايتها العظام المهترئة ، ايتها الروح البائسة ، انا حسون وقاله عن نفسه تحببا ، لا اؤمن بالخزعبلات ، قد تكون مهرجا ، وقد تكون مسطولا ومخرفا ، وقد تكون اكذوبة كبرى ، وقد يكون الضريح لجثة خيل من عصر بعانخى ، من خيول الاجداد ، كيف لا !! انهم كانوا يقدسون الخيول ، وبعانخى نفسه قاد معركة ، لان المصريين اساءوا للخيول ، هزمهم وحكمهم هو ومن اتى بعده ثلاثمائة وخمسون عاما ولكن كل هذا هين، فالمصيبة ان تطلع لنا ، بقايا عظام لحمار اعرج او كلب . كانت وهيبة تنصت اليه ، وقالت اسكت يا حبيبى ، اخاف عليك من لعنة القباب ، وقف حسن ونظر ثانيه ناحية القبة ، ربما شعر ببعض الذنب او التراجع قليلا ، ربما لانه مخمور ولكن تلك ليست عادته لكنه على اية حال ، بدا يمدح القبة ! ،،، ولكني مازلت احفظ ماقاله ثائر نوبي قديم لسالف الازمان تاريخ عريق يحكي لنا عن حال كوش فى الماضى السحيق فى حقبة كانت مقيدة الدروب كانت لنا فى ارضنا اعظم حضارات الجدود اسالكم يا ساداتى ووجه كلامه للزوار اين العقول الواعيات اين الاصالة والفحولة والثبات وقال بصوت خفيض قد تكون القبة لملك نوبى قديم معذرة لك حبيبتى قد اعود غدا الى هذه القبة لنرى ماذا فيه العام المنصرم كلمت اهلك وفشلنا وانتهي مسعاى بمصيبة وفاة والدكم وربما كسبا للوقت وتناسيا للجفوة من قبل اهلك سافر ولكنى على العهد دوما من الزواج بك مهما طال الزمن وكبرت الاشواك ولكن ان وعدتينى بالانتظار ساسافرمطمئنا للبحث عن عمل مناسب او اواصل دراستى وبعد سنوات ساعود وسنتزوج ، ابتسمت وهيبة وقالت كيف ستتركنى يا حبيبى ومن سيمنحنى القوة ويسمعنى كلمات الغرام تلك الكلمات التى تحرك الجبال وترتقى بروحى الى سماوات الهيام والدلع العاطفى ومن بعدك من يا ترى سيهبنى اغانى الغرام ومن سيروى عطشى وجوعى اليك من سيرمى شباكه فى امسيات الربيع ليصطادنى سيجف النهر فى عينى وكل منابع الغرام لن تزهر الشطان بعد اليوم لاتسافر يا حبيبى واجعل حبال الوصل ممدودةو ربما سيغنينا الله من يدرى كم من معدم صارا غنيا كم من مريض و ابرص شفاه شيخ مغمور كم من عقيم نال بركات الشيخ وانجب البنات والبنون بعد ان عجز اساطين الطب فى مساعدته لاتنسى يا جميلى ان لبعض المشايخ بركات . من عند الله (ذلكم هم اولياء الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ) احقا ما اقول انهم يدعون ربهم بنقاء ويعبدونه بصفاء وعليه فقد استحقوا مكافئة السماء ولقد منحهم الله حقا بعض القوى الخارقة فى نظر البشر ومنحهم ايضا فاصلا وقدرا من الامانى التي لطالما رددوها ان تعم البشرية سكت حسن قليلا وقال لمحبوبته ياساكنة فى قلبى الولوف ، يازين الروح يا عسل ، كفاك هرطقة وجنونا ، الشيخ يا غاليتى مات منذ زمن بعيد ، وهو الان من الرميمات البوالى ، \وقد لايكون عظمه موجودا ، وقد يكون روحه فى مكان اخر اوركبت جسد كائن اخر لو اردت الحقيقة ، ساثبت لك يا اميرتى الصغيرة . ساثبت لك ذلك حتما ، ساشق الارض شقا بفاسى ومعاولى ذادى لست خائفا من احد ، فان كشف الحقيقة هدف نبيل ، دعنى احفر وارى ماذا هناك انقاذا لملايين الخرفان التى تنتظر فى فسحات الزمن الفداء بارواحها انقاذا لمدخرات الناس التى تذهب لشيوخ الدجل والشعوذة تغييرا لعادات قديمة ورؤى بالية نسجت من كفن التخلف الاجتماعى . سكت وكانت وهيبة تسمعه حتى انتهى من كلامه وسالته وهيبة ماذا قلت ياحسن ، اتريد ان تحفر قبر الشيخ ؟ ياله من جنون ، اذا فعلت ماقلته ، ستصيبنا اللعنة الابدية ، ولن تنام على الجنبة التى تريحك بعد اليوم ان حياتك ستتحول الى وصلات من الخوف والقلق والانغلاق تماما . تاثر حسن كثيرا بكلامها او هكذا كان يظهر او ربما خاف عليها من الصدمة ، وقال لها ، تاكدى لن اخطوا خطوة واحدة دون تعليماتك او اقل شي يمكن ان يحدث ،ساعلمك قبل اية خطوة ساتخذها ، يا وهيبة انتى حياتى وفجر احلامى ، وبانك بداياتى فى بحر الحب ونهاياتى فى اتونها . انتي ياوهيبة خلاصة دفق العطر ، وكل شراين قلبي تضخ من قلبك وتصب فى قلبى كل الحب كان الوقت قد سرق الحبيبين ، وحل الظلام لكن الفجر مازال معرشا على قلبيهما بضوء الصباح ومن يعرش الحب قلبه لا يعترف بولوج الليل ، ذهبت وهيبة كما قلت لكم وتبعه حسن كل الى بيته ، لكن هاجسا غريبا قد المح لحسن ان يعود فورا الي ضريح شيخه ، نعم نعم يمكننى القول ان حسن لم يتمكن مقاومه نزعاته فى معرفة ماذا فى القبر اتصلت بوهيبة لتكلمها ، ردت وهيبة اهلا حبيبي رد عليه حسن انا متاكد ياحبيبتى ان الضريح ليس فيه شى وسكت وردت عليه وهيبة بتشنج واضح لاتفعل ارجوك ، اتوسل اليك ورقدت المسكينة على ركبتيها لكن حسن لم يكن على استعداد ليستمع الى احد غضبت وهيبة غضبا عظيما ورمت السماعة فى وجها سكت حسن قليلا وقال بصوت عالى تبا لك ايتها الحمقاء ، وذهب حسن الي بيت اهلها وحاولت ملاطفتها ، الا انها كانت قد اتخذت قرارا صارما وموضوعيا للابتعاد عنه ، لم يكترث حسن بتوسلات حبيبته ، ليس هذا وحسب بل حمل معاوله وذهب حسن الى الضريح مباشرة وحفر الضريح كله بعمق اربعة امتار وطول ثلاثة امتار وعرض مترين ولجدما ادهشه ما وجده هناك سيف ذهبى يزن نصف كيلوجرام وخاتم كبير وعصا من الذهب واشياء كثيرة حمل حسن كلما وجدها من نفائس وذهب الى بيته ودفنها فى حوش الرجال لم يكن الاحمق يعرف مقدار ما وجده من كنز ، لكن حسن لسوء حظه راه احد الاجانب الذين ربما يراقبون المكان بكمرات خفية ومنحه مبلغ ثلاثمائة الف دولار مقابل السيف الذهبى بعد سجال عنيف كاد ان يفضحهما .ما ان راى الدولارات حتى سال لعاب حسن ووافق على ذلك ووافق بعد ان عاند فى البداية كما قلت لكم ، استلم حسن المبلغ وعده تماما ورقة ورقة . وضع فى كيس كبير ونظر الى الاجنبى وناوله السيف الذهبى ولكن لحسن الحظ اوسوء حظه لا لاادرى ان الاجنبى لم يطلب منه غير ذلك ذهب حسن ودفن المال ايضا فى ذات المكان الذى يرقد فيه كل ليلة ، وفى اثناء نومه ليلا جاءه ميدوب وعشر من فرسان مجهولين واوسعوه ضربا وقالو له اننا انتقمنا منك ولكن الحساب معك لم ينتهى بعد وتم استرداد سيف بعانخى الذهبى من الاجنبى الارعن القادم من وراء البحار وهو فى مكان محفوظ ، اما الاجنبى فقد رميناه فى البحر والتماسيح ستتولى باقى المسئولية زرت حسن فى ذلك الصباح ووجدت محموما وكان بعض من جيرانه مجتمعين حوله وهم فى ذهول ولايدرون ماذا حصل له وكان حسن يتكلم خارج راسه وليس مدركا لما حوله ، لدرجه انه لم يستطع التعرف على . لا ادري ماذا حصل له بالضبط ولكن حاله يدل انه مر بتجربة قاسية وتعذب كثيرا . لكنه كان يقول بصوت خافت كانه انين ... ميدوب ،،، اتركنى عليك اللعنة ، انا مرهق جدا ، خذ ماتريد ، لاتعذبنى يا ميدوب اعتذر منك ، لن اكررها سامحنى يا ميدوب .. كان الجميع ينصتون ولا احد اعطي تفسيرا مناسبا لهذه الحالة . رجعت الى البيت وتخيلت منظر حسن وتالمت جدا ، وقلت فى نفسى كيف اساعده . كنت عائدا من شاطى النيل فى اليوم التالى ، وسمعت صوتا خافتا يغنى فوق المقابر واقتربت منه وعرفت انه صوت حسن ولجدما افزعنى منظره ، كان يبكى ويغنى فى آن واحد . وعندما اقتربت منه جرى نحوى ومسك فى جلابيتى بقوة وقال عبد المعين الحقنى يااخى ان ميدوب يطاردنى ويريد ان يطعمنى بلحا مسموما , من اين اتى ميدوب بالتمر المسموم لغز عجيب وسرعان ما انتبهت لحسن وقلت هو يريد ان يقتلك ، قال حسن نعم نعم وواصل كلامه انا اهرب منه , انه هنا ,, يخرج من هنا من المقابر ويعود اليها ، سالته ماذا يقول ميدوب يا حسن
|
#34
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
رواية فارس من بلاد كوش
الجزء الثالث ______________ ، كان حسن يرجف ويقول ميدوب يقول لى لماذا ذهبت لنهش قبر الملك ايها التعيس لماذا سرقت محتويات المقبرة الملكية ، الا تعلم ايها الافعى ان للمقبرة حراسها ، كيف لك ان تبيع التاريخ ، كيف لك ان تبيع ارث اجدادك ، الا تخجل ايها الحقير ان هذه التحف والتماثيل سر من اسرار القرون ومفتاح الالغاز لتطور الحياة على وجه البسيطة وسر الحياة واكسير الاستدامة وعلاج ما استعصى من الامراض كل شى مخبى فى تلك القبور ، كل الدنيا تعرف اهمية تاريخنا ، وان تاريخ اجدادنا هى الحلقة المفقودة فى الوصول لاصل وفصل الانسان ،لذا لا تحزن كثيرا ، كل ما سيبلحقك من ماسى انت تستحقها ، ولا اخفيك اننا سنريك الويل وعظائم الاهوال ، سانزع عقلك ايها الافعى ولن تعيش بهدوء طوال اربع سنوات قادمات . منذ ذلك اليوم التعيس فقد حسن عقله ولم يعد حسن ذلك الرجل البشوش والماكر عندما تم عرضه لطبيب نفسى قال لهم . , قد تظنون اننى اكذب ولكنى اجزم ان السحر موجود فى كل العصور وان هذه المنطقة بالذات تطير فيها الارواح منذ زمان سيدنا موسى . وان الحل والشفاء له فقط فى مستشفيات خارج السودان ، علاج حسن فوق طاقة وامكانياته وامكانيات محبيه . لذا عمل صديق له كل ما يستطيع ان يفعله وارسله الى روسيا بعد ان تحصل على المبلغ المدفون بايعاز من حسن شخصيا وسدد به نفقات السفر وسلم لمرافقه وهو ابن عم لنا اسمه صالح بعض المال فى يده واحتفظ بالباقى . سافر حسن الى روسيا برفقة صالح وكان مريضا جدا من الناحية النفسية حسن حبيب الجميع سبقنى الى روسيا للاستشفاء قلت هذا شي طيب , , على الاقل على البحث عنه وتقديم كل ما يمكن ان يقدمه شخص عزيز اوقريب له قلت فى نفسى . وبعد أيام قليلة ،اجتمعت القرية كلها لوداعي وقفت امي تنظر الي الخرفان في الزريبة لمده طويله حتي تختار لي الذبيحة اوما تسمي الذوادة وبعد وقت قالت لي ابني العزيز اختار انت احسنهم قلت أي شي يا امي , ليس مهما . لكن اصرت وبعد الحاح منها حملت خروفا وذهبت الي البيت وجاء جارنا وجهزو كل شي من اقصي القرية حضر الناس لوداعي ,,لقد كان سفري مميزا .انه لو مرة في تاريخ القرية ان يسافر ابن لهم للدراسة في موسكو ان ابناي قريتي الهمهم سفري ومغامرتي وبدءوا تقويما جديدا كل ما اراد شخص ان يسال عن تاريخ محدد كانوا يقولون بعد سفر عبد المعين الي موسكو ام قبلها لم يعيرو لسفر حسن اهتماما لانه لم يكن من اصلاء القرية ، اذ انه غريب نزل قريتنا ذات يوم جاء اللوري وسلمت عليهم واحدا بعد اخر ’ منهم من بكي ومنهم من حضني بقوة ولكن تحركنا بعد ان انتهت مراسم الوداع لم اري والدي حزينا مثل ذلك اليوم ولقد تداخلت مشاعر غريبة في دواخلي ومرت بي لحظات حزن رهيبة ، وكانت هذه اخر مرة اري فيه والدي لقد ارتسمت تلك اللحظات الخالدة في ذهني والي الابد وبكت امي ايضا كثيرا وحضنتي مطولا ومدتني بطاقة هائلة وداعا قريتي الخضراء وداعا فسحة الامل وبعد اربعه ساعات وصلنا الي قهوة سيدي عكاشه . وهنالك جلسنا في صورة دائرية كل اتي بزوادته .. استمتعنا كثيرا باكل اللحوم وكل ما لذ وطاب من انواع الطعام نزلنا الي البحر لنودعه ايضا ,, وهنالك مروج خضراء معروفه غرب عكاشة --------------------------------------------------------------------------------- وبعدها بساعتين شق الباص طريقه الي حلفا ورايت تلك المدينه النوبية العريقة التي اغرقتها مياة السد العالي والتي تحولت من مدينة لاتنام وعصرية بمنارات مساجدها العتيقة الي حاله بائسة ذهبت الي مطعم صغير يحمل اسم الحلفاوي وانا واثنين من اهل قريتي وتناولنا شرائح السمك الشهية والمتبلة بعناية فائقة وشعرت بالراحة نوعا ما استاذنت مرافقي وذهبت الي النهر وعلي الشاطى وقفت ابكي جدي الذي مات هنا منذ خمسون عاما واغرقت قبره المياه يوم اغرقت حلفا وكان والدي قد اوصاني ان لا اغادر حلفا الا بعد ان ازور قبر ابيه وقراءه الفاتحه علي روحه الطاهرة. ووعدته ولم اخن وعدني هانذا اقف هنا ارثي جدي ومقابر الالاف من اهلي وهم دفنوا هنا تحت البحيرة الكبيرة نعم نعم وقفت وانا ابكي وانشد بصوت عال وانا اذكر انني كتبت ذات مرة تابيبنا لضحايا غرق حلفا وكان في ذكري غرق وادي حلفا التاسعه والاربعون ورفضا لتكرار ماساة السدود في دال وكجبار وكانت المشاعر تتداخل بصورة ماساوية في خاطري ووقفت انشد تارة ياكلني الحزن وتارة يحدوني الامل للخلاص نحو غد افضل \________________ الجزء االحلو من الكاس ___ ياصحابي قد شدوتم بالاغاني العاطفية وحلمتم باليالي السرمدية بسهرة في نص الليالي عند حلفا اللمة حلوة يالله يا يلا يا احباب نغني نهد احزان الليالي يالله يا حلفا نغني نغسل الحزن الموشي بالرحيل والقبور والنخيل وريحة الراحلين ندي للطمبور دروبه يالله يا رطانه غنوا نفحة من وهج السواقي يالله شوفوا طله من بنوت بعانخي ورقصة من محسية حلوة يالله يا نوبا البهية ندي للتاريخ تحية ان للارواح جناحات تطير انت جدوي جنة الزمن البتول رحمة من رب العباد ى يثلج الجسد المخبي وسط امواج البحيرة ____________ الجزء المحزن من الكاس ------------- الغد المجهول ات لوسكتنا يابرية كيف نؤمن بالاماني والوعود الاولية والنوايا لاتؤثر في القرارات العتيقة الجاية من دون روية قد رايت الحلم كابوسا ينادي كان في حلفا القديمة قبر جدي لم نزره راج جدي ضاع في جوف المياة اثر جدي كان يوما بائسا يوم وقفتم صامتين نرثي الاطلال والقبر الكبير قبر حلفا هل رايتم قبر حلفا وسمعتم انة الزمن الحزين الماذن قد تهاوت المدارس والبيوت والنخيل الباسقات تئن من وهن الشجون ويعود الزمن اسفينا يدق علي نعوش الذاكرة ابتاه هل دار الزمان ليكرر الماساة للقلب الحزين نابي نرسلها ممانعة الي كل الشهود لا للضياع لا للرحيل قسما نمجدها اراضينا واثار الجدود وتكوني يا نوبة كما انت الي الابد الابيد كفكفت دموعي وعدت ثانية الي المطعم وفي المساء انطلق بنا القطار قاطعا الصحراء النوبية صوب الخرطوم وقفت في سطح القطر القي نظرة الوداع لما تبقي من المدينة العتيقة _ولم اكن اعرف ان وقوفي بتلك الطريقة في جو عاصف قد تكلفي القروش التني كنت احملها مصروفا لي حيث طارت القروش الهواء ولم يبق في جيبي شي وفي البلد الذي تركته كانت ترتب هناك ماساة كبري لم اعلم بها الا بعد فوات الاوان وهو كيف اجبرت اسرة اميرة حبيبتي للزواج من غيري وساتي الي ذكره متي ان الاوان ... وصلت الي الخرطوم ووجدت تاكسيا ظريفا تفهم وضعي واوصلني الي بيت اخي بالمجان وانا ممتحن له كثيرا ___________________________________--- حطت بنا طائرة الخطوط الجوية العراقية في يوم من ايام الشتاء ليس لبرده مثيل في مطار موسكو الثاني المسمى شيرميتفا دا نافذة موسكو الجوية بعد استراحة ثلاث أيام في بغداد ...... طوال ثلاثة أيام اقمنا بفندق حمل اسم رغدان وذلك بجوار فندق الرشيد الشهير احد اهم معالم بغداد .... كنت مسرورا برؤية بغداد وبالعراق كاول بلد ازوره بعد محبسى الاضطراري في القرية التي ولدت فيها .. كانت بغداد خارجة لتوها من حرب الثمانية سنوات مع ايران والتي حصدت مئات الالاف من الارواح , من الجانبين ودمرت المدن والقرى . وشتت ملايين البشر .... واحتفالا بوقف اطلاق النهار وانتهاء الحرب ... كانت العراق تعيش أجواء هستيرية وفرح شعبي طاغ ... كانت مطاعم بغداد مفتوحة ,, للجميع وتوزع الوجبات المجانية في كل مكان .... والموسيقى تلعلع من المقاهى البغدادية .... ناشرة الفرح في قلوب الشعب ... وكنت مغرما باحاديث سمعتها عن اشهر شوارع بغداد ... لذا ذهبت راجلا مع صديق لى تعرفت عليه فى مطار الخرطوم وزرت شارع ابونواس ,, على نهر دجلة ’’ ورايت صوره منتشرة في كل مكان ،، الحسن بن هانى الملقب بابى نواس،، ووجدت كل شي هنا بنكهة اشعاره ، كان الرجل عاش في الامس القريب نعم نعم ... في البارات التي كانت تلاصق بعضها تجد نفس القصائد النواسية. وكانت دجله بكورنيش شارعها الساحر قد احتضن من قبل فطاحل الادب العربى حيث عاش. الجواهرى والبياتى والسياب ونازك الملائكة ومعروف الرصافى . من هنا أيضا مر ذات يوم أبو الطيب المتنبي شاعر العربية الأكبر على مر العصور .... ورايت شخصا يكتب في جدران احد البارات . احدى قصائدى النوبية كم قلت لكم ان روح الكنداكات قد تطاردنى الى مالانهاية وربما روح ميدوب الملعون لن يتركنى وان طال السفر ، وقفت مذعورا وانا اقرا قصيدتى . والاعجب انه رسم صورتي وصورة اميرة وبدا يغني من اللوحة تعال يا روحي فوق القيف تعال نتمشي جنب النيل وكان ينظر لدجلة وواصل غناه نفتح صفحة الايام نعاين دفتر الاشعار اختار ليك قصيدة حب من اوتار الهوي الشارد وانغام الليالي تهب وسحب الصيف تقول يا ليل تعال ياحلوة فوق القيف نجسد لحظة اللقيا نغني ليك غنية نناجي في سكون الليل نجوما تايهة في الظلمة اه ياحلوة ياسمحة يا نبض اللحظة والقسمة وبعد النسمة راح الليل عدنا تاني للحظة وتبقي الهمسة وينك انتي يا حلوة ياربي انه ميدوب اللعين وخلفه بدا لي وجه وهيبة واضحا كيف وصلوا الى هنا , الله وحده يعلم ووقفت بصوت عال . يا ميدوب وروح ميدوب تركت لكم السودان ماذا تريدان مني رد علي بلهجته العراقية .انا لست ميدوب ولا وهيبة انا شبه ميدوب تؤام ميدوب قل فيني ما تريد ان الله يخلق من الشبه اربعين شخصا وقال اسمع المفيد ان سميتني ميدوبا فليكن سؤالي لك ومن من اهل السودان لايعشق الشعر وهو الضلع الثالث لعشقنا الابدى . النيل الازرق والابيض يا الله كم انت رائع . ابتسم لي وواصل الكتابة .... وبينما انا مشغول بما يقوله هذا الساحر سرني سؤاله لى . هل انت من السودان . قلت نعم . قال ونعم باهل النيل والنيل يا صاحبى من اسرار الوجود وفلق الصباح وديمومة السعادة وبرج الاسرار كان على ضفافه جنون الشعر الم يقل جماع عن حظه العاثر فى مضارب العبدلاب عند حلفاية الملوك ابياته الاستثنائية ان حظى كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاه يوم ريح اجمعوه صعب الامر عليهم قال بعض اتركوه ان من اشقاه ربى كيف انتم تسعدوه وقال الشاعر الملتهب حد الجنون هي نظرة تنسي الوقار ، وتسعد الروح المعنى ، مولاى انت وفرحتى ومنى الجمال اذا تمنى ، انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا ، الله الله يالك من رجل مثقف ،، االله الله يا لسحر هذه القصيدة المجنونة .. :فالنيل لايلد من الشعراء الا المجانين : داويت ولع نفسى بنفسى بهذه العبارة وهتفت وانا مسحور ايضا بكل ما كتبه عنى .... عاش النيل وعاش وعاشت الخرطوم وعاش النيل بابيضه وازرقه عند الالتقاء في مقرن النيلين الشهير وعاشت توتي الجزيرة التي ترقد كبطة تسبح ضد التيار في منظر لاتجده الا في الخرطوم ، احقا لايجاور تلك الأنهار الا العظماء ، والفلاسفة ، والشعراء ، وكان العراق كله احتفالات بوقف الحرب كما قلت لكم وتجولت لارى معالم بغداد وتاملت مليا قصر الرشيد وقلت بصوت عالى وانا استلذ النظر في ذاك البناء الشاهق الجميل .. عشت وزرتك يا بلد هارون الرشيد وبعد ثلاثة أيام ،، القيت النظرة الأخيرة علي نهر دجلة .. من نافذة طائرة الخطوط الجوية العراقية .. ورايت وجه الحالم البغدادى اللذى قابلته على شاطى نهر دجله وكان يبتسم ويقول بصوت عال وكنت اسمعه جيدا وهويغنى بصوت فخيم ووهانذا ارى صورة وجه ميدوب اللعين ووهيبه متمثله خلفه كما رايتهما قبلا ولجدما اذهلنى ظهورهما معا , ولم اكن اتخيل ان هذا الساحر اللعين يمكنه الطيران لكل هذه المسافات . اى سحر تملك روح هذا الافعى ، سائلتنى نفسى . ..... لم يترك لى فرصة للتامل واستلهام المعانى وظهر الافعى وهو يردد . انا ميدوب ا بن القرون ..جئت من النيل والى النيل ساعود . ذاك عشقى سرمدى اصطبغ بلون الوجود ، وتلاقح للارواح عبر الدهور وتبصر للشى من سحر مبتور ، واردف يقول ، انا سر من اسرار الزمان الغابر .. استطيع ان امدك بكل الاخبار عن حبك لربيعة ساكون معك اينما حللت ولوح لى بكلتا يديه وغاب عن الانظار لوح لى بخاتم ذهبى غريب فى شكله واختفى . وسيفى الذى بعته للاجنبى ، اه ، شى مقزز ومخيف ومبكى حد الوجع . استعدلت في جلستى وكنت احلم ربما لا ادرى ,, قلت فى نفسى بسم الله اللهم سترك من رجس الشيطان .. وانا علي ارتفاع ثلاثة وثلاثون الف قدم اكلت تمرتين خلسة ، ولم اكن ارغب ان يشاركنى صاحبي تلك اللحظات .. و اكل التمرات ، وما ان شربت بعض الماء وجلست لارى عبر النافذه ماذا تخبى الأجواء في لحظات الطيران ويا لهو مارايت ، انها ربيعة بشحمها ولحمها في هيئة ملاك علي بعد امتار منى .. وهي تطير في وضع موازى لمسار الطيارة . كانت تنظر الي وكانها تريد اللحاق بى ،، كان يبدو لي ان أشجار النخيل تظلله والنيل يجرى من تحتها . وكان نهرا اخر من بعيد يبدو منظره جليا وهى تلوح بصورة ميدوب وتؤشر اليها ,,, هذا هو الحبل الذى بيننا وسيكون البشارة اليومية لك الله من جمال ربيعة والسحر الكامن في عيونها .... وعبرها تخيلت النيل باسطا ضفتيه حاضنا ساكنيه في صورة عاشق مجنون ...,لكنها قاطعت خيالى وكانت تغنى ,, لارضنا النوبية تاريخ عريق يحكى عن حال النوبة فى الماضى السحيق والعالم الامى فى جهل مريب فى دفتر الماضى التليد كانت لنا اعظم حضارات الجدود ابتسمت وكانت ربيعة فى طيرانها الموازى لخط الطائرة تنخفض وترتفع وهى تقول يسلم عليك صديقى ميدوب وروح الملكة الغائبة ، لم افهم ماذا كانت تعنى ، بروح الملكة الغائبة هل كانت تشير الى نفسها ، ليس مهما الان . لكن ما ملك تفكيرى كيف ظهرت اميرتى ربيعة هكذا فى وضع طائر . وتمدد بصرى في اللا منتهى قبل ان انتبه ان الطائرة قد دخلت الاجواء الروسية ... تركت صورة بغداد جانباً وبدأت الغرام مع فتاة أخرى لاتقل عن بغداد سحراً وفتنةً وجمالاً ,,,,,,,,,موسكو مدينة القياصرة وبلد الفنون والشطرنج والجمباز وأرض الروايات الخالدات .... موسكو ,,, يالها من عالم غامض ... ,, ومنذ ذلك التاريخ تركت حياتى القروية جانباً ونسيت كل شيء عن القرية إلا ربيعة الكاهلية التي طاردتنى في صحوى ومنامى والخوف من ميدوب وروح الملكة ..ومع كل الهموم التى تكالبت على راسى كالجمرات غير اننى اقول لكم اننى تناسيت حياة القرية وبدات حياة جديدة كاننى احاول ان اصيغ دورة الأيام من جديد .. وتخيلت نفسى رائداً اقتحم مجاهيل الفضاء... ..انا ارم استرونغ النوبي وهاهى أولى خطواتى علي سطح القمر اخطوها بثبات ,, كل شيء يوحي لي انني نزلت دنيا جديدة ،، وهانذا اسرج بعيري في تلال القمر وعليك أن تتخيل أن تنقلك الأقدار من قرية منسية في شواطى النيل إلى موسكو الساحرة بميدانها الاحمر ،، وكنائسها القوطية ذات القباب الذهبية وخطوط المترو ذات المسارات المدهشة والتي مازالت تحير العالم ونهر موسكو الساحر الاخاذ .. ،، اني ارى الكرملين بام عينى واقف مع المصطفين في الميدان الاحمر لاري ضريح فلادمير اليتش لينين قائد الثورة البلشفية في روسيا وملهم الاشتراكية ومنظر الشيوعية الاول ،احد أكثر رجال التاريخ اثارة للجدل ,،،موقف عجيب لأول مرة ارى انساناً ميتا بكل هذا الالق ,, ثمة رجل ميت ولكنه يرقد بكامل اناقته ,, قلت في نفسي وانا ادقق في وجهه ,, اوه لينين أيها الانسان الماكر , ايها القصير المكين الاصلع ,, هل انت ميت حقا ؟؟, أم نائم ,, أيها الرجل الخارق اللذى شغل العالم ,, من أقصاه الى أقصاه ,,, أي اسرار حملتها معك في تابوتك الزجاجى ,, لماذا لايكف الروس عن الحديث عنك والدنيا من ورائهم .كيف استطعت ان تقنع شعوب هذا البلد الاقطاعى ان تترك حياتها الباذخة . وتنجذب الى اراءك الافلاطونية على الاقل في ذلك الوقت .. كيف ساويت بين الفلاحين وملاك الأراضى ؟ كيف صنعت من كل روسى راهبا كليف نيكلايفيتش تلستوى يتنازل عن كل ممتلكاته بمحض اراداته ؟ نعم لقد ابهرت العالم برؤاك عن الحياة والموت والسياسة وحكم خالدات اضحت تراتيل تروي لملايين البشر لكن هذا لايهمني في كثير او قليل ,, يجب ان تعرف ان كل مايؤرقني هي تعاليمكم عن الحياة والعيش المشترك وضرورة التعاون والمساواةهذه تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وقيمه التربوية العظمي ,,, لماذا سرقت قيمنا وانزلتها هكذا يالينين ؟ لماذا سرقت تعاليم الإسلام !!؟ هب انك اردت ان تبني مجدا وامة في حياتك ..هب انك اردت ان تنحاز نحو الكادحين والفقراء وتكون سفيراً لفقراء العالم ,, وترسل رسالة الي المليارات الخمسة من البشر , أن لاحياة للأغنياء على حساب الفقراء ,, وأن المأكل والملبس والسكن والعلاج للجميع ,, وأن الحرية ان يشم الناس هواءاً نقياً بأقدار متساوية ,, لماذا لم تعترف لهم انها قيم الإسلام !!؟وأن محمد بن عبد الله قد نادى بها قبل أربعة عشر قرناً ,,,ان المرء ليسرق بعض المال أو بعض الأرض وقد يتغول في مصالح الخلق ,, لكن أن تسرق تعاليم أمة وتنزلها هكذا في مجتمعك وتصدرها للعالم بكل تلك القوة وتموت دون ان تتفوه بكلمة واحدة او تذكر شيئا عنها ليس بالامر الجيد .. لينين الثائر أنت رجل عميق في حياتك وعند الممات ورؤاك تقع خلف حدود تفكير غالبية البشر كما قال مكسيم غوركي ذات مرة ... عندما رثاك .... كنت اتمنى يا لينين العظيم أن تقول للروس كل ما اخفيته عنهم قبل ان تموت ولكنك لم تفعل شيئاً من هذا القبيل هذى مؤاخذتى عليك ... لكني اعترف لك وأنا بكامل وعيى أنك ربيت شعباً عظيماً ,, شعب يعمل وشعب يتعلم وشعبٌ لا يكذب وشعب يمتاز بالكرم والنقاء .. شعبٌ ينقصه فقط الايمان بأركان الإسلام ..شعب لايؤمن بالسحر والدجل والخرافات شعب لايؤمن بدقة الشلوف ولا بالبخور ولا بقبة الشيخ على . خرجت من هناك بعد هذه الرحلة الخالدة الى الضريح الشهير وتجولت في ارجاء موسكو , ارض تغطيها الخضرة تماما وسماء يكسوها الجليد وفتيات شقراوت جميلات , ساحرات وفاتنات . وزرت جامعة الصداقة المسمى باسم المناضل الافريقي الخالد باتريس لوممبا.ايقونة الحرية الخالد لا أحد في العالم يستطيع أن يسيطر على نقاء نظره دون أن يصيبه الاضطراب ودون أن يصيبه فيروس الحب القاتل لهذا البلد المدهش ارضاًوخلقاً .... الحب يا سادتي آت لامحالة أو هكذا خطر ببالي ويقيني أن الحب لاجنسية له ولاجواز سفر ولا ادري لماذا خطرت ببالى صورة ربيعة كانها تلبس خاتم ميدوب الذهبى .. وهي تتجول علي شاطى النيل وتغنى ............................. مشتاق ليك انا شوق ماعادي ياملهم قلبي ياساكن روحي افتش عنك في حروف اشعاري اسال عنك غيوم الهمسة اسال عنك النيل الشادي انت نشيد القلب العاشق الموسوم بالفن الراقي انت عيونك بلل شادي انت الهمسة انت اللمسة بيدك حبي وفرحي الطاغي البسمات الطابعة شفاهك توزع لينا سعادة الدنيا اه من فرحك اه من سفرك اه غيبة قمري الحاني واشرت الي بكلتا يديها ووضعت يدها علي فمها وارسلت لي قبلة حانية الله الله غناك جميل ولكن ما يستغرق فكري الان لست انت يا ربيعة الكاهلية ,,, إنما هذه الشقراء التي أتجول في ربوعها الله الله لهذه الغزالة البرية موسكو أراك الآن كانك محمية طبيعية ونساءك هي تلك الغزلان السارحة في مروجها وخطر في بالي السؤال التالى ,, اذا كانت هذه الروسيات بكل هذا الجمال و الكمال والغنج والدلال ,, كيف الحوريات اذن هنالك في الجنة الموعودة !! ؟ اللهم ارزقنا الجنة لنستمع بالعيش مع الحوريات , قلت بصوت عال .... , لكن كان علي أن اترك موسكو و أشد الرحال الى مدينة أخرى,, وحسبي أن أقول أنني لم امكث غير ثلاث أيام في موسكو , بعدها شددت الرحال الى العمق الروسي وذلك في مدينة بجنوب روسيا تسمي راستوف علي الدون .... (( الدون هو نهر الدون في اقصى جنوب روسيا ) كانت الشيوعية تعيش ايامها الأخيرة قبل أن تدخل في فوضى عارمة فيما بعد أو بعد أربع سنوات من وصولى الى روسيا على وجه التقريب ,, ....المهم أنني سافرت الى مدينة راستوف اون دون بالقطار ,, ولجدما ادهشتنى تلك المساحات الخضراء الشاسعة والمستوية والغابات وارتال المزارعين وهم يحرثون الارض باليات مختلفة على طول الطريق ,, ولم ارى من المزارعين من يحمل واسوقا ولا طورية ولافاسا ولم ارى جبالاً ولا رملاً ولاحجراً. انها غابات ممتدة الى مالانهاية اية مياه تكفي كل هذا الزرع تسائلنى نفسى !!؟؟ ,,وأستهوتنى حقاً المساحات الممتدة الى الامنتهى وتذكرت علب الكبريت التي نزرع فيها محاصيلنا وتيقنت انني وصلت الى ارض جديدة وقلت لنفسي: هيا أنهض يا عبد المعين وغني نخب الاكتشاف العظيم .وتخيلت نفسي برهة كريستوفر كولمبوس مكتشف امريكا ورجعت الى رشدى وقلت مهلا يا عبد المعين انها بلاد القياصرة الافذاذ والكتاب المرموقين والشعراء العظام ,, فلتعش روسيا العظيمة سامقة باسقة ابد الدهر .. وكانت ترقد في السرير الاخر روسية شقراء او حوريه سمها كما شئت قلت لها السلام عليكم بالانجليزية قالت لي عليكم السلام بلهجة مكسرة ثم اردفت تقول من اين اتيت قلت من عند التقاء النيلين الخرطوم قالت واي كرتوم انها مدينة جميلة لقد زرتها قبل عشر سنوات كان والدي يعمل قنصلا في سفارة بلادنا هنا سالتها هل اعجبتك الخرطوم قالت انها مدينه جميلة وانا احب الاكلات السودانية الويكه والملوحة والعصيدة اشتاق كثيرا الي الملوخية المفروكة قلت لها ماشاء الله كل الجمال دا واكلت الملوحة ربنا شافك يا حلوة ضحكت كثيرا واعطاني رقم هاتفها وقالت لي تةاصل معي اسمي ناتاشا من قرية بجوار راستوف اون دون عاش فيها ميخائيل شولخوف كنت اريد ان اسالها كثيرا عن شولوخوف والدون الهادي الا انها نزلت في احدي المحطات .. بعد ساعات من السفر وصلت ارض الدون وبدأت حياة اخرى.. وحسبى ان أقول بملْ فمي ,, انني رغم هذا الغني البادي في الروح مما يسر العين إلا انني افتقدت غابات النخيل الباسقة ،، وجبال قريتي الشماء ،، وشاطيء النيل والجروف وقبه الشيخ على ،، المزار الوحيد لاهل القرية تقربا للَّه في أعمال الخير. انها أعمال تنصب في خانة البدع المسكوت عليها على ما عرفت حين كبرت ،، ولم أصدق عمى حين قال أن ذاك الرجل القابع في قبره فى ضريح قريب من قبة الشيخ على كان رجلا بسيطاً والقصة كلها ان جدى لابي قد بنى له هذه القبة تكريما له ،، أي ان الشيخ مختار قد اهداه سرج حمار فاخر ،، حين رجع من احدى سفراته من مصر.. وكرد جميل لهذا السرج بنى له جدى هذه القبة الشهيرة المهم ان الناس اضافوا لسيرتها الكثير من الأقاويل والأساطير حتى رأيناه بهذه الصورة اليوم .... وكم من الخراف المسكينة يا الهى راحت قربانا لتلك الهلوسات والاعتقادات العجيبة انني اشعر بأن الكثير قد قضو عمرهم وهم يخدمون هذه القبب ، ...قلت لكم يا صحابى انني افتقدت حقاً ونسة الاهل وحياة البساطة ،،وقد طرأ تغيرٌهائل في برنامج حياتي ،،ولم تعد جدتي تأمرنى بأن اصحى باكراً و أذهب لرعى الأغنام في مزارع القرية،، ولم يعد جدى ينهرنى لأحضر معه شروق الشمس حتى لو لم يكن على مايجب القيام به. و إفتقدت إلى حنان اهلى وحكايات عمتى السبعينية ومناوشات أبناء قريتى ،، وإفتقدت الملعب الكائن في شرق القرية وإفتقدت كرة الشرُّاب وكذلك منظر النيل الساحر وقت الغروب وكذلك السباحة على ضفاف النيل.كما افتقدت لعب الورق والخروج ليلاً مع شباب القرية وعمل برنامج من لاشىء ....وافتقدت قبل ذلك كله وبعد ذلك كله السحر القاتل لقاءتى مع حبيبتى القدرية ربيعة الكاهلية تمددت على ظهرى وانا فى غمرة انشغالى بها ,, بدت لى صورتها شبحا على الجدران قالت لى وهى ترقص الحب يا صديقى ليس له وطن والقلب يا قمرى ليس له جواز سفر النجوم وحدها تخزن اسرارى والكون كلو حدود تفكيرى يا وجها طرز باشعة الشمس وعينا همست بنور القمر الحق قلبى بمدد من عندك ,, كنت مندهشا ومرتعبا فى البداية ، لكنى قليلا قليلا ، استجمعت قواى وقلت حبيبة قلبى الان الان احبك اكثر . وسرعان ما اختفت . إفتقدت الى نادى القرية والأغاني النوبية والمنلوجات والمسرحيات في الحفلات التي كانت تقام في صيفيات القرى. وأفتقدت أيضاً صوت الطواحين ونهيق الحمير ونقنقة الضفادع على الضفاف المخملية وجانبى الترعة الرئيسية للمشروع الكبير .. افتقدت الى صوت الصلاح طراوة الصباح الجميل .. كما إفتقدت الى النظر مليا الى الضفة الغربية عند الغروب ،، والتكلم مع أصدقائي وتلك الأسئلة المعتادة عن أخبار الاهل من الشاطى الآخر .. كل ذلك اصبح جزءًا من الماضى وكان علي أن أستمتع بحياتى الجديدة في بلد غريب وجميل وممتع حد الدهشة ... بلد تظهر بجلاء كم هم منظمون ومحكومون بقوانين الحياة العصرية . اناس لاتربطهم ببعضهم تلك العواطف المتشابكة ،، وقصص الاخرين وشمارات النساء . أُناس لايتبادلون الأسرار والضحكات ويسلمون علي بعضهم وهم صامتون. ولكن في الشواطى والمنتزهات تجدهم قمة في التآخى والتآلف كما يقول اهلنا في بلاد النوبة ... ولا أحد في العالم لاتبهره روسيا الغنية بتراثها الموغل في احراش التاريخ ألف عام والكرملين يحكم هذا البلد .... قياصرة و أباطرة وراسماليون وشيوعيون ,, لكن الشعب هو الشعب نفسه لايتغير ,,, بلد الكنوز وآلاف البحيرات , بلد الجليد ، وبلد الفنون والاداب ،،، احقا انهم أُناس باسماء غريبة والوان غريبة وشعر اشقر. ورستوف ، ما ادراك ماراستوف ،،، مدينة مرتبة في شوارعها ,, مدينه تتنقل فيها الناس بشتي انواع المواصلات بالباصات والترمفاى والترلويبس ... لم ارى شخصا يركب حمارا و أخر يربى بقرة بجوار بيته ولم ارى من يحلب شاه او يسقى بعيرا . ولماذا ارى حتى النجوم في السماء تبدو بيضاء بلون الجليد !! ؟ ولماذا لا اشم هنا روث الأغنام؟ ولا ارى الذئب يسرح مع الغنم .. إنه مجتمع يسيره القانون ، و مجتمع مسكون بالابداع، و مفتون بالموسيقى، ومهووس بالكتابة الروائية، و مجتمع يعشق المسرح ويمجد الرقص، ويحنو كثيرا الي روحانيات الشرق .. اية كنوز يحويها ثراك روسيا العظيمة؟ هنا النظافة والنظام واحترام المواعيد سنن مفروضةٌ على الجميع وهي إرادة مجتمع يمجد الإبتكار.. من الكبار والصغار كأنها ارادة كونية اختطتها يد الاله .. وآمن بها هذا الشعب الماجد .. سآئلت نفسى .. يا إلهى اين يربون الدجاج؟ وكيف يحمونه من الثعلب المكار؟ سؤال تبادر الى ذهنى مرات ومرات !!؟؟ لأن الأرض هنا نظيفة جداً ,, لا وجود للقمامة هنا شعب يعبد ترابه الوطنى ... ان استغلال أيام إجازة الطلاب والطالبات فى فلاحة الأرض شأن تربوى خاص بروسيا .. ليس هنالك عطالة حقيقية ولا حتى عطالة مقنعة .. كلٌ يعمل بكد وجد ،شراكة كبرى في المأكل والملبس وحتى البيرة متاحة للجميع ... ربما كانت الاشتراكية ستكون خياراًمذهلاً وعالياً في الحكم لولا ربطها بمعاداة الأديان ..ذلك قد أفسد كل شى ,, بالنسبة لنا على الأقل نحن القادمون من أرض الأمن والسلام الروحى إذن، تلك كانت خطأ منظري ومؤسسي الاشتراكية ... ولكن رغم كل ذلك سارت قافلة حياتي بنحو لم أرتب له بتاتاً .. وهانذا أجد نفسى أسير في المجهول دون أي زاد فكرى وبلا أية مساعدات من أي كائن من كان .. شعرت بالإستغلالية وقوة العزيمة وقلت يجب أن أخطط بالاستفادة من هذه الظروف لأعود يوماً الى قريتي بشهادة موثقة .. حينها ساكون رجلا له تاريخ واسم له أصل كالنيل تماماً ، وسأعيش بشموخ بقامة الجبال الشماء والتلال العفراء ، التي تنتصب على امتداد أرضنا النوبية .... سامتلك سيارة وبيتا من طوب . ولن أركب الحمار ابداً . لابد أن أعود يوماً قلت بصوت عال ،، يوم أن أعود .. سأعمل بجد ,,سأهتم بالمشاريع التعاونية ,,وساربى صغار قريتى على حب العمل الجاد والمستمر وليس العمل لما يحتاجونه فقط . تلك طريقة تنقصها الحكمة وبعد النظر ،، لن أترك أحداً يعيش بعشوائية واتكالية ،، من لايعمل لن يكون له مكان بيننا ... سأدعو إلى الصدق مع الذات ومع الآخرين .. سأدعو قومي إلى مبدأ ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية .. وقيم التكافل وسأدعو إلى الاهتمام بالتعليم ومحو الامية وقيم الإسلام العليا وتعاليمه السمحة .. ان وجود أمي واحد خلال عشر سنوات ستكون كارثة كبرى .. ان التعليم هو مستقبل الامة وطريق الخلاص .. وتخيلت للحظة أنني تخرجت من الجامعة وحملت ريشتى لارسم كل أيامى فى روسيا .. و أعلق لوحاتى في قارعة الطريق .. وتخليت ايضاًأن آلاف من أبناء قريتى قد خرجوا ذات يوم وهم يهتفون ،، مرحب مرحب يا دكتور ،، بما أنني لم اجي الى هنا أصلاً لدراسة الطب أو دراسة الدكتوراة فى أى من فروع العلم ولم أخطط يوماً أن أكون كذلك .... كان حلمى أن أكون شكسبير قريتى،، أتخصص في الآداب الروسية ،، واتعرف بلغتها الام على كنوزها وأسرارها التي لاتنتهى ،، وأن أعود مهيأً لعكس تراثنا النوبي العتيق بنفس قوة ومسيرة هؤلاء الكتاب الروس العظماء ،، والذين جعلوا من تاريخ روسيا كتاباً مفتوحاً تجده في أي مكان و أي زمان فراوية الام لمكسيم غوركي والحرب والسلام لليف تولستوى ، والجريمة والعقاب والاخوة كارموزوف لفيدوردستيوفسكى ،، والدون الهادي لشولخوف والمعلم ومارغريتا لمخائيل بولغاكوف ،، والرياح تطهر الأرض لجنكيز ايتماتوف ،، تلك هي اعظم روايات الادب العالمى زد عليها قليلاً من نتاجات كتاب أخر من بلاد أخرى ،، تلك كانت وجهة نظرى،، زد على كل ماقلته عن مستقبلي أنني ,بنيت فرضياتى وقناعاتى المستقبلية لأعود يا اخوتى و ابني أمة ,, أمة نوبية خالصة ..امة تعجن بتوابل التكنولوجيا , امة تستنهض ماضيها , امة تسود فيها قيم الحب ,, حيث يستطيع شخص مثلى ان يختار حبيبته بمحض ارادته , امة تقرر فيها اميرة ان تسافر معى بعد الزواج دون ايه تكاليف ,, زواج مهره الحب .رفعت راسى واخذت نفسا عميقا وقلت بصوت مجلل اثار انتباه وفضول من كانوا بالقرب منى يمشون انه ميدوب يقف امامى ويملينى .. تهراقاً أيها الامبراطوار العظيم ، هل تأتيك حبى نافذه جدار الازمان ، هل سيهب النيل العظيم بعض من أسرار ذلك الزمان ، أثارك باقية أيها العميق والعظيم من هذا العالم ، هاهو سيفك الذهبى يجوب العالم ويحكى عنك وعن عظمة عهدك. ان أحترامك للخيول ، جعل العالم من بعدك يحترمه أيضاً. نعم يا جدى العظيم بعانخى ملك النوبة . نعم سأعود يوماً. و أشارك في بناء مجتمع عصرى أساسه الشعر والادب والخبرة والدراسة التي رجوتها وسافرت من أجلها كل هذه المسافات، وتركت من أجلها أعظم ما أملكهم في هذه الحياة أهلى وذوى القربى من أبناء قريتى الحبيبة ..... وكذلك سأعيد احترام أمتك للخيول. هذا وعد منى لك، ومرت علي خيالي صوراً من الخيال. انها دف الحياة في القرية ، ليست هنالك ثمة أمور كثيرة تشغلهم. الرجال في مزارعهم منذ طلوع الشمس إلى غروبها .. يزرعون بداية الموسم القمح والفول المصري وبعض الخضروات. ويحصدون محصولهم في أوان الحصاد ،انهم يجتمعون مع بعض ويساعدون بعضهم ، ياكلون مع بعض ، يتقاسمون الحليب. أما النسوة فهن مشغولات باالمواشي ، وعلفها وشربها . زد على ذلك بتحضير الوجبات للمزارعين ، وبينهما يشتغل الصبية بتوصيل الأكل وتحضير الطلبات وعندما يأتي المساء تجتمع النسوة لبعض الوقت في شكل مجموعات ويتبادلهن الحديث عن يومهن وتكثر الشمارات. أما الصبية فيذهبون للعب على نور القمر أو يجتمعون في نادي القرية. كذلك الحال عندما يسافر أحد منهم أو يجى من البندر الكل يكون في استقباله أو وداعه. ليس هنالك جائع أو محتاج أو مريض لم يجد حق العلاج. الحياة تسير ببساطة نادرة من أراد أن يزوج يزوجونه لو لم يكن يملك مليماً واحداً،و من يريد أن يتعلم في البندر يجمعون له المال بما يكفي لعام كامل ومن أراد أن يبني بيتاً يبنون له بالتعاون بين كل الناس ، فلسفتنا في الحياة كل يساعد الاخر .نحن اشتراكيون ياسادتى فى بعض جوانب الحياة ,,تلك خاطرة مرت علي عجل ببالى .. ومما ساعدنا على هذا هو محصول التمر الذي نبيعه كل عام.كان التمر المورد الأول للمال نعم بيننا وبينكم أيها الروس قواسم مشتركة ،ولكننا لانملك أكثر من هذا بينما أنتم لكم الكثير منه ، لكننا نملك التمر اللذي لاتملكونه ، نعم نعم ، نحن لانملك غيره ,, لكنه كان علي الدوام معينا لنا في الملمات هكذا يا إخوتي كانت تشير الحياة بقريتي وفق قواعد بسيطة لاتجد فيها غير الفرح والونسات والملمات الجميلة هكذا كان النيل يسير في مساره القديم والجديد يخزن في ذاكرتهاحياة كل الأجيال منه يشربون ومنه يزرعون واليه يذهبون تقرباً عند الولادة وعند الموت ،وكذلك المحبين وعشاق الرومانسية ,, جعلوه مكانا لاجتماعهم وكاتما لاسرارهم ورمزا لكل تاريخهم ،،. "هناك قامت الامبراطوريات العظمى ، و هنا أبدعت الحروف الابجدية ، وهنا بنوا اول اهرامات عرفتها البشرية ،، و هناك ولد بعانخى وتهراقا والملكة امانى ، و هنا ك دفنوا كل ممتلكاتهم من ذهب ومال ,,حتي ملابسهم ونياشينهم المذهبة ، وهناك قبورهم وكذلك ابتدعو فن التحنيط ،، و هناك اشرقت الشمس لأول مرة على البشر ، وربما كان هنا موطن الانسان الأول ، و من يدري ، كثير من الدلائل تقول أن أول سلالة بشرية عاشت هناعلى الأقل منذ أن بدأت الحضارة ، والنيل دوماً كان المدار الذي ارتسمت حوله كل الافاق الحياتية ، يدعون له بالخير والاستمرارية كما يدعون لأنفسهم . كانت روسيا معطاءة كبقرة حلوبة تعطي من يشاء بغير حساب ، حتي لهؤلاء الطلاب امثالي القادمين من العالم الثالث أو الرابع سمه ماشئت تم استقبالنا كالرجال الفاتحين ،، كأننا ابطال روس حصدنا ميداليات اولمبية ،، قلت في نفسي لم لا ، نحن أيضاً مقامرون وفاتحون أيضاً ، وكيف نسمي قدومنا الى هنا . أليس فتحاً سائلت نفسى !! وحتى القائد الإسلامي محمد الفاتح لم يقطع كل هذه المسافات يوم فتح القسطنطينية . المهم أنهم منحوننا غرفاً مجانيةً واعطونا كل مايلزمنا من ملابس الصيف والشتاء،وكنا نستمتع جداً ونحن نجرب الجزم الشتوية الشبيهة ببوتات العساكر والمعاطف الصوفية والجلدية الثقيلة وقبعات تغيب فيها رؤوسنا تماماً ملابس تكفي لعام كامل . كنت أحس في كل خطوة من خطواتي بأن هذه البلاد تهب الشعوب عطايا بلا حدود . من الدراسة الى مسائل الاعاشة ، وربطهم مع بعضهم البعض ، وكانوا يدرسوننا حتى تاريخنا ،، كثير من التحف الفنية واثارنا النوبية وجدتها في متحف ارميتاج الشهير في لينغراد فيما بعد فكثير من حقائق التاريخ النوبي قد أستقيتها من هنا ولايمكنني أن أنكر ذلك . وفي قريتي اتني الهدام وبدا يقلع النخيل واحدا تلو الاخر في شهر واحد قضي الهدام علي ثلثي الاراضي المزروعة وعلي تسعيم في المائه من النخل وبدات قريتنا تفقد نفوذها وبدا الناس يسمعوا ان مستثمرا او مستثمرين قد نزلوا بقري بعيدة وباتو يشاركون الناس المشاريع غرق البلاد في الاخبار القادمة من بعيد لكن الحب مازال هو الذي يحرك ترس السعادة عند غالبية الشباب
|
#35
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
رواية فارس من بلاد كوش
الجزء الرابع بقلم عادل احمد يوسف فهنالك الكثير من الروس ينظرون الي بلادنا بانها بداية التاريخ ، و احساسهم يشعرك بالفخر والقوة والجذور ، و احساسهم يشعرك بالنيل وبعظمة تاريخه ، و من هنا أيضا يذهب الاف الروس الي زيارة الاهرامات ، والتي ترتبط بشكل ما بتاريخنا النوبي ،، وأعتز بالنيل ،، وأردد مع شوقي ابياته الخالدات عن رحلة النيل من المنبع الى المصب ,, ومن فجر التاريخ الى يومنا هذا من أي عهد في القرى تتدفق و بأي كف في المدائن تغدق . أيها النيل الخالد على امتداد أجيال وأجيال وأمم وشعوب . مضى الزمان ويمضي ساكونك ويعقبه اخرون ، تموت الأشجار وتزرع أشجار اخري ، ولكنك مازلت ذلك المهيمن على حياة الجميع . قضت قرون وقامت حضارات واختفت . جاء الغزاة واندحروا لكنك بقيت وحدك سيد الزمان والمكان . ثابت في خيال الناس من أين تأتي وإلى أين تذهب ،، وأنت تغمر كل هذه البراري والسهول ،، وتسقي كل هذه النخيل ،، وكل البساتين وتعانقين الجبال يعترض طريقك ((جبل فتتنحي جانباً.. يحاول أن يوقفك تل تجانبه ))..كما قال الطيب صالح ذات مرة وووسطك تكونت الجزر واحتوت البشر ، وبقيت كأنها أقمار في سماء صافية ،، تنير الدروب لكل هذه الشعوب . دع الخيال يسرح هناك ,, عد الى روسيا يا عقلي واحكي ماتراها .. قلت لكم ان روسيا العظيمة قد استقبلنا بالحضن والترحاب ، وكنا نشعر ونحن الضيوف والغرباء ، كاننا في بلداننا واكثر ، كنا نذهب وناكل من المطعم الخاص والمرتب مجانا ,, ماعليك الا تختار مالذ وطاب من الاكل دون ان تدفع روبلا واحدا ، كنت استمع باكلة البلوفا الازبكية ،والسمتانا الروسية ذات مرة قلت في نفسي لقد تعرفنا علي الكرم بصور مختلفة عند الافراد وعند القبائل ولكن ان تكون الدولة كريمة هكذا لايحدث الا في روسيا ,, ذاك لعمري شي من الخرافة ... وقلت شكرا ايتها الاشتراكية لانك ساويت بين الشعوب . فرسلان الروسي وجيرمان البوليفي وليون باك الفيتنامي وشارونا الموريصية وجميس الكمرونى ياكلون نفس الاكل ويلبسون نفس اللبس . ويتقاسمون نفس الهبة المالية من الروبلات تلك المنحة الحكومية من الدولة الروسية ... أي مساواة هذه .. واي قانون ينظم كل هذه الفضائل .. احقا انها معجزة من السماء . سرقت من تعاليمنا .. وعجنت بالطينة الماركسية . ومن بعده لينين .. اه لشطيتنك يا كارل ماركس .. وفخرا لايمانك بحب البشر فلاديمير لينين وان كنت اختلف معكما في نظرتكم للحياة .. وتعريف الخاسر لديننا الحنيف . وعدم ايمانكم بالله الواحد الاحد . الا انكم لم تبنوا امجادكم الا بسرقة تعاليم ديننا العظيم وهانذا اكرر كلامي مرات ومرات ................ لقد كنتم تقلدون امام البشرية في إرساء دعائم دولتكم .... حتي ان الكثير من تعاليم تولستوى التربوية وحكمه العظيمة منقولة تمام من احاديث رسولنا الكريم .. واستخدم دستويفسكى الكثير من صفات الخير للصحابة الكرام ليزين الجانب الخير من ابطال روايته ,, وعندما ينتصر الخير في صدامه الابدي مع الشر ... كان الإسلام حاضرا بتعاليمه ونقاء فضيلته .. في إنتصار القيم العظمى .. ولكن ، حسبى أن أقول بمل فمى . أنتم ملحدون ونحن نؤمن بالله الواحد الأحد ،، احقاً أنتم طيبون ولكن ينقصكم الايمان ،، لعلَ الله يهدي روسيا يوماً إلى فضيلة الدين ،، هكذا كانت الهواجس تتمايل في أركان خيالى .... الم تقرأ لسيد شعراء روسيا الاكسندر بوشكين وهو يمدح رسولنا الكريم وناداني صوت الله ، انهض يا رسول واصبر ، لب ارادتي . وجب البحار ، والهب بدعوتك قلوب الناس ، وقال بوشكين أيضاً ، يا زوجات الرسول الطاهرات . انكن تختلفن عن كل الزوجات . فحتي طيف الرذيلة مفزع . ولكن في الظل العذب للسكينة . عشن في عفاف فقد علق بكن . حجاب الشابة العذراء . حافظن على قلوب وفية . من اجل هناء الشرعيين والخجلي . ونظرة الكفار الماكرة ، لاتجعلنها تبصر وجوهكن ، اما أنتم يا ضيوف محمد ، وأنتم تتقاطرون علي امسياته ، احذروا فبهرجة الدنيا تكدر رسولنا ، فهو لايحب الثرثارين ، كلمات غير المتواضعين والفارغين ، شرفوا مادبته في خشوع. وانحنو بادب ، لزوجاته الشابات المحكومات ، كانت هذه بعض مما قاله شاعركم الأعظم عبر كل العصور ، وكلمات شكلت بنوع ما الوجدان الروسي ، فروسيا دوماً افتخرت بالإسلام ، لذا كان عليك أن تكون واضحاً معهم فلادمير لينين . مضت الايام متسارعة وهانذا التحق بأول يوم دراسي بعد أن أنهينا السنة التحضيرية ... تعارفنا نحن الطلبه ,على نحو لائق وكان منظر الفصل كأنه عالم مصغر . بجواري يساراً يجلس جيرمان ،وهو شاب لاتيني قصير القامة لايتعدي طوله متراً ، وأظنه من بوليفيا .ولا أدري لماذا تبادر الى ذهني صورة تشي جيفارا ذلك الثوري الذي حير العالم بطريقه نضاله ووقوفه مع حقوق شعوب أمريكا اللاتينية ، وبجواري يميناً ليونج باك الفيتنامي ذو العيون الغريبة والوجه المدور ،والمواهب الاستثنائية في الرسم والخيال والكارتيه وفنون المصارعة ، تعارك معي ذات يوم وكنت يقظاً لكي لا يطير ، لأنني ظننته كذلك وذلك رشاقته المفرطة في الدقه ، وكان له ذاكرة نظرية مدهشة في تخيل الاشياء .ومن خلفي جلس باري الموزمبيقي ذو الملامح الافريقية ذوالشعر المجعد والطول الفارع والبشرة الداكنه .بتقاسيم وجه صارمة وكان لايضحك كثيراًولا يمزح مع أحد كأنه يحمل معه سلة المشاكل في قارة البؤس من مجاعات وأمراض وعادات بالية من وشم على الوجوه وتشويه للجسم وضرب بالحبال على كامل الجسم إظهارا للجلد والصبر تلك جاهلية ساعد خيال الغربيين في إظهارها برؤى ساخرة مما ادى الى ترسيخها بتلك السلبية في اذهان البشرية مما اضفى على صورة قارتنا الأفريقية رؤى خيالية لكن جميس والحقيقة ماثلة امامى . كان عظيم الامتنان بافريقيته وكان يسمي نفسه نلسون مانديلا رسول السلام وامبراطور الحكمة وسلطان الكاريزما السياسية فى القرن العشرين ، وكان يقول لي لماذا أنت اسود البشرة وشعرك مثل الحرير؟ ويضحك ويقول أنت افريقي مزيف لأجل هذا لن تملك ابداً روح مانديلا أو كاريزما باتريس لوممبا ، ولا حتى اطلالة كوامي نكروما ، ولا شجاعة جعفر النميري . كان دائم الحديث عن قادات افريقيا التاريخيين و زعماء الاستقلال الأوائل الذين وضع اللبات الاولي لدائم دولهم بعد الاستقلال . ومن منا لايذكر جاليس تيريري في تنزانيا ودانيال اراب موي في كينيا وغيرهم الكثير . لقد كان صاحبى جميس مفتونا بهم . أما تسفاي الحبشي ، كان طالب لطيفا ولكنه كان ينزعج جداًعندما تناديه يا حبشي وكان يقول أنا اثيوبى ولست حبشيا و يقول أنه من مواليد أديس ابابا أو الزهرة الجديدة وكان يحفظ الكثير من أغاني الفنانين السودانيين . كما أنه كان يكره كثيراً تنظيف الداخلية والذي كان بالتناوب بين الطلبة وهذا تقليد روسي ويقول غاضباً وهو ينظف غرفته أو الممر أمام الغرف : نحن لم نأت هنا لنعمل خدماً ، نحن طلاب علم فقط . وقلت في نفسي : الآن افهم لماذا حارب أجدادنا ملوك اكسوم تلك المملكة الحبشية القديمة ، وتيقنت حتى و أنا في تلك السن المبكرة أن كنا نحن هكذا كافارقة نشغل أنفسنا بأمجاد الغابرين ، سنظل دوماً في مؤخرة الشعوب . وقلت : يا قارة الدمار والجوع والمرض كما ترسخ في اذهان العالم ، انت ابدا لم تكن كذلك فانسانك هو ذلك الطيب البسيط الذي بني أمريكا ، انسانك هو ذلك الملاك الذي اضطهده العالم الذي يدعي الحضارة وجعل من التفرقة العنصرية والتباهي بتفوق انسان الغرب الأبيض شيئا مسلما به ولكنك نسيت أيها الغربى ان قيم الحياة الكمالية كما جاءت في جميع الأديان هي دعوة نحو العدالة والمساواة ، عفوا قارتنا الجميلة انت حقا جميلة جدا ولكنه الاعلام الارعن من اظهرك علي هذه الهيئة ولكن قل لي الان , يا تسفاي متي تعلم ان تنظيف الغرف والممرات هو جزء من التربية والتعليم .. عفوا تسفاي ,, روسيا قادرة لتوفر لك من يخدموك حتي في تنظيف غرفتك . ولكن اين التربية هنا وأين التعليم وكيف سينقلون لك اذن مزايا مجتمعهم الاستثنائية ..ان في الكلخوز عبرة للجميع . لا اريدك ان تعود كما جئت صديقي تسفاي للتعليم ضريبته قلت له ذات يوم ناصحا ... وامامنا جميعا كانت تقف انا نيكلافينا مدرسة اللغة الروسية ذو الملامح الملائكية والقوام الفارع .. لقد كانت مزيجا وكوكتيلا لذيذا من جينات القوقاز والأتراك والعرب معجونه بسحر العيون الارمينية ورغوة الشعر الأشقر ،، انها فتنة كونية اختصرت عصارة تلاقح الاجنة عبر الازمان ،، كم هي ساحرة هذه اللوحة الروسية المغلفة بتمازج كوني للسحر .. لا اكاد استطيع ان استوعب كل هذا الوداعة وتلك السكينة ,,اتخيلها الان وبعد مضي كل هذا العدد من السنين .. كانها لوحة تفوق كل افافين القدر وفي عينيها اري ذلك السر الغامض في عيون ربيعة الكاهلية .... وتساءلت هل رسم دافنشي لوحته الافتراضية ، دون ان يري ربيعة الكاهلية وناتاشا الروسية ، هانذا اقرا ابداعات شعر بوشكين وغزل الشعراء العذريين ، ومفتاح انوثة كيلوباترة ,, تلك العاشقة الأبدية التي لم يشبعها رجل ، ولكنني لم اجن مثلك يا قيس ابن الملوح وانا اهيم في البادية ، اشعر بكلمات مفعمة بالاسي ، يقولون ليلي بالعراق مريضة ، فيا ليتي كنت الطبيب المداويا ، وتذكرت ربيعة وحرارة الانفاس وقبلات اودعتها رحم النيل في ذلك اليوم العاصف قلت في سري .. وانا اتناول تمرتين وقلبي مترع بحب ربيعة وذكري ذلكم اليوم الخالد في حظيرة الرومانسية يوم شيدنا الامل ، وعلي خطي الامل افترقنا ,, وعلي ذات النهج المامول انما تكويني الان لحظات الفراق المريرة . هل هنالك تداخل في الأدوار ؟؟ سؤال يراودني الان . اري روسيات ربيعة تتوسطهم ،وغالبا ما ارى خاتم ميدوب فى يديها اذن يا سادتى فربيعتى هى مدار نلتف حوله جميعا . وربيعة حقا فينوس الجمال عبر القرون . وفى المساء اجتمعنا نحن طلاب السنة التحضيرية فى معية الجميلة انا نيكولايفنا ثمة حلقة رقص وورود وزهور توزع علي الناس هكذا . ووزعت الشمبانيا وبعض من الفودكا اه من هذه الحسناوات . كم عددهن ؟ لا ادري . وأين موقعي ؟ لا ادري . لكني مفعم بحب هذه اللحظات . ان اري رقصة الحوريات . وربيعة تتقدم الجمع . كانها قطعة من موسيقي بتهوفن !! وتنهيدة من صوت ام كلثوم ! انها فيروز تناجي القمر بنبرة ملائكية ، حاضرة في أغانى الفنان وردى ، جميلة ومستحيلة ،، وهانذا اتمايل طربا واغنى ........... انت زي سحابة عابرة الريح تعجل برحيلها يا جميلة ومستحيلة ، عيوني في الدمعات وحيلة ، اسمحيلا تشوف عيونك ، انا لا الصبر قادر علي ، ولا عندى حيلة ،، ... حدثت عنك نجمة جارة ، وزرعت اسمك حارة حارة ، في مناديل العذارى، في مشاوير الحيارى ، في لحا الأشجار كتبته ، نحته في صم الحجارة ، وبحت للشمس البتقدل ، في مدارها ، وانتي منك لابداية ولانهاية ، مرة اسرح ، ومرة امرح ، ومرة تغلبني القراية ، لما اكتب لك وداعا . قلبي ينزف في الدواية . ياصبية ، الريح ورايا ، خلي من حضنك دوايا . الله يا ود الشريف . كم انا ممتن لك ، رددت اغنيتك ، ودوني صوت وردى ، لكني بلغت قمة السمو العاطفي ، وعواطفي تتمدد نشوانة ، كاني اشرب من ماء النيل ،واتخيل اننى قابع فوق تل جليدى، تكويني نار الهوي الغلاب ، لعيون ربيعة ولخيال ناتاشا ، ولعيون الكمال الأثر الكامن في جماليات الحياة الروسية ، لم اشرب شى ، اعذرينى ، ولكنها لحظات سكري بكل مافيها من دغدغة للخيال وتزيين للفؤاد .. وقلت يا عبد المعين علي كل حال يعينك الله ، وانت معلق بين السحب تنتظر الرعد وبداية المطر ، كان النيل يسير في مساره القديم كعادته وحوله تسير الحياة وفق ضوابطها المعروفة منذ القدم . كان حسن قد سافر في ذلك الوقت للعلاج في موسكو قلت لكم ان حدثا عجيبا ومزلزلا قد رتب له في البلد يوم سفري وهو انه في واحة سليمة كانت الاسرة تنتظر ربيعة ليزفوها الى ابن عمها ,, ذلك قرار اسرى وصل الباص الذى اقل اهل ربيعة عند منتصف الليل من البندر,,كان جميع اهل الحى نائمون ماعدا زوجها المستقبلى كما حضر له .. اما احمد فقد استاذن عمه وخرج مع ربيعة للتعارف اكثر دون ان يكلمها بالموضوع وراح فى طريقه الى اخر الواحة كان الظلام يطوق على ليل القرية تماما والمسافة بين البيوت وطريق العربات حوالى مائه متر ولكنه طريق صعب يسير عبر منحيات وغابات ..كان احمد يغازل زوجته المستقبلية ويغنى لها ,, ذو الخدود النايرة ذات الشامة سيرى فى سماء الحب غنى يا جميلة اننى زوجك منذ الان يا اغلى هدية زينى فسحة قلبى بنجوم مرصعات فى الفضاءات الطليقة وورود من حدائق كفكفتها روضة الزمن البتول انتى يا كنداكة قولى .ان قلبك دقة من جرح قلبى وخيالى وخيالك ترقبان زفة العرس النبيل .. وبدت الدهشة واضحة جليه فى عينى ربيعة ونطت الى الامام وهى تقول اسكت يا ابن عمى انا لست لك واقدارى معلقة بشاب يسكننى وقلبى ... اللقاء كان قصيرا لكن حبه يا ابن عمى يعيش فى شراينى وراسى وغضب احمد غضبا عظيما , كاد ان يفقده صوابه وكان يسالها والشرر يطير من عينيها , ماذا قلت يا ربيعة . قلت ان لك حبيبا .. كيف ذلك ؟ ومن هو ؟ وكيف يتجرا انسان غريب للاقترب منك ! اين اباك ؟ واين اخوانك ؟ واين نحن بنو عمومتك ؟ وانت ؟ كيف تتجرايين ان تعلو وتقذف فوق قوانين مجتمعنا وارث عائلتنا التليد نحن قبائل العرب لانعطى بناتنا للنوبيين ابدا لهم بناتهم ولنا بناتنا .. هل تدرى انت , انه لوكنت ذهبت انا وطلبت يدك اخت حبيبك لكانو رمونى فى النهر طعاما للتماسيح . والله ان السماء السابعة اقرب لك من الزواج بهذا المعتوه .. وكانت عقارب الساعة تشير الى العاشرة عندما وصلا الى منزل اهل ربيعة . عندئذ ذهب كل واحد منهم الى طريقه ,,دون ان يودعا بعضهما ذهب احمد الى منزلهم ونام مطمئنا بعض الشى لاعتقاده الراسخ ان عمه وابوه لن يسمحا لها بالخروج عن تقاليد الاسرة ومعصية ارادتهم اما ربيعة دخلت الى البيت واصابتها حمى مفاجئة ,,وبرد ورجفه وكانت تهزى باسمى ,, وكانت كل الاسرة للاسف تقيف فوقها , منهم من اتى بالمكمدات ومنهم من وقف مذهولا بما يسمع .ومنهم من استوعب كلامها وكان يبكى بحرقة بما يسمع .وفجاة جلست ربيعة كان ليس بها شيئا وبدات تتكلم مع شخص امامها تراه هى ولايراه الباقون تسمعه هى ولايسمعه الباقون لكنهم كان يسمعون صوت ربيعة وهى تردد وتكرر كلام هذا الشبح .قالت ربيعة من انت بحق السماء وهى تنظر اليه باستغراب.. رد عليها الشخص انا ميدوب النبت الباقى من ارث النوبيين القدماء روح الاميرات اللائى رمين فى البحر منذ آلاف السنين ..درءا للفيضان وابتغاء لخير انتظروه ..نصيحتى لاتخن العهد يا ربيعة فحبيبك عبد المعين يعانى فى وطن الثلوج جئت لادافع عنك امام هؤلاء العرب الاقحاح . دفاعا عن عبد المعين النوبى الاصيل فارس الزمان وابن الاكرمين .. وثقى تماما ان النيران ستشتعل فى كل مكان ولن يجرو احد من الاقتراب منك كائنا من كان الا عبد المعين اختفى الشبح وعاود الحمى لربيعة ثانية وكانت تهذى وتغنى , النار النار , من اين ستاتى النار وهل هنالك نيران احر من تلك التى تجتاحنى وووقعت على المخدة ونامت بسرعة .. بعد ايام قليلة ذفت ربيعة الى ابن عمها رغم ارادتها .. وبدات الماساه الرهيبة ويقال ان خيطا احمرا كالشفق كانت تمتد فى سماء القرية ترسل اصواتا مخيفة ,,انه ميدوب يرسل اشارات عدم الرضا كان احمد ولدا طيبا ووديعا لكن الحب جعل منه انسانا عدوانيا واحمقا لم يستطع ان يقترب من ربيعه ابدا ، وكان ميدوب ياتى لربيعه فى منامها ويذكرها بحبيب قلبها يطمنها احيانا ويحذرها احايين اخرى ورغم خوف ربيعة من الاحلام المزعجة احيانا الا ان ذكر ميدوب لاسم حبيبها كان شيئا محببا لها فى احد الايام وفى ليلة مقمرة من ايام الصيف حضر احمد من مزرعته وكان ثملا ومان ان ذهبا الى الفراش الا ان انقض على زوجته وفعل معها بالقوة كانت ربيعة تبكي بحرقة وتقاوم بشدة لكنها لم تستطع الصمود ومن فرط المقاومة كانت تفقد وعيها ورقدت كانها استسلمت ,,, وفى الايام التالية كانت تبكى يوميا كان غريبا قد اغتصبها ولم تكن تعرف ان الشى الادهى والامر قادم . ساءت حالة ربيعة بصورة كارثية فى الايام القليلة التى سبقت ذلك اليوم المشئوم ، وبدات تشعر بدوار وحمى متوصلة وامتنعت عن الاكل لمدة خمسة عشر يوما ولم تستطع الحركة بصورة طبيعية ،وبدات تفقد تركيزها قليلا . خاف اهلها من تردى وضعها ولم يعرفوا سببا واضحا لهذه الحالة ولم يكن زوجها احمد يفاتح احدا بموضوع زوجته ولقد كان يعتبر تدخل الناس فى امورهما الخاصة نوعا من المذلة الاجدتماعية والاهانة الشخصية لكن اخوان ربيعة اصروا لعرضها للدكتور فى مستشفى دنقلا ذهب الاخوان باختهما ونزلا فى فندق جودة وذهبا بها صباحا الى المستشفى وبعد اجراء التحاليل الاولية اثبتت اثقبت لهم الدكتور ان ربيعة حامل لم يكن الخبرغريبا على اخويها ، فالحمل فى مثل حالة اختهما وارد لكن ربيعة وبمجرد سماعها للخبر, دخلت فى حالة عصبية شديدة ولجدما اصاب الجميع بالهول وكان الدكتور الاكثر تاثرا قاس لها الضغط والسكر ووجدهما طبيعيين ولاسبب واضح لحالتها اقتنع الدكتور ان مثل هذه الحالات يتطلب علاجا قرانيا وليس للطب دخل فيه ووصف الحالة بانها حالة عصبية حادة لم تتحسن حالة ربيعة واوزع لهم رجل طاعن في السن بان يذهبوا الي الشيخة وهيبة ولم يكن يعلم الشيخ ان وهيبة كانت صديقة مقربة ربيعة .. ولكن بعد قصة حبها الفاشله مع حسن , اعتكفت في بيت قديم وعينت لها سكرتيرة ادارت امر الترويج لها واشتهرت بسرعة بعد ان عالجت كم حالة من المجانين والمتيمين الذين فقدو عقولهم وادارت السكرتيرة الجانب الاعلامي بحكمة كبيرة و بصورة كمالية وجعلت من هذه الساحرة شيخة يعمل لها الف حساب وكانت تعالج الناس بالقران كما كانت تروج له .. ولكنها الحقيقة انها كانت ساحرة تتعامل مع الجن وتستخدم في علاجها مجموعة من التعاويذ والالغاز واعشاب واعواد خشبية سوداء وقطع اقمشة بالية ... ذات يوم بارد من أيام الشتاء ,, جال في خاطري ,, ان اجرب التزحلق علي الجليد وكنت مبهورا عندما اري الروسيات وهن يرقصن ويتمايلن كانهن مربوطات بقوى سحرية لم اري ان واحدة منهن قد وقعت يوما وكسرت انفها في الجليد ان اكوام الجليد بستان الشقراوات وربما ، ربما اوجده الله للشقراوات ... ولما لا ان قارات بأكملها لم تري الجليد الا لماما لبست جوزا من نعال التزحلق وجريت في الجليد قلت اجربه ولما لا وانا المتيم بارض الشقراوات ..ولا ادري استطيع الصمود او لا ما حصل لي بعد ذلك ,, الا انني افقت من غيبوبتي بعد 3 ساعات ووجدت بنتا روسية شقراء تطبطب علي راسى ، بحنان انثوى ، وثغر تتمدد حنية وشفقة يا عزيزي انهض وكانني سمعتها تقول .. انا ربيعة الكاهلية والله اقولها لك بكل صدق يا حبيبى عبد المعين انا لا احب احمد سابقا ولن احبه فى يوم من الايام وورغم انهم اذفونى اليه ، الا انه لم يستطع ان يلمس خصلة من شعرى ولم ينال من جسدى ابدا انه قدر مفروض على انا اعيش معك بقلبى اشتقت اليك ، لقد ادمن خيالى صورتك لا اكاد انام دون ان يمر طيف جلستنا في ذلك اليوم المدهش ودون ان احرك لساني لتذوق طعم تلك التمرتين بما انني لم اكلهم في ذلك اليوم فطعم القبلات تركت فيني طعم التمرات ولا اخفيك انني اخال اتذوق طعمهما يوميا وجال بخاطري وهي تقترب مني وتطبق شفاهها علي خدي لكني التفت ووجدت فتاة شقراء امامي تسائلنى !!! ما الامر ,, هل اصابك مكروه ؟؟ طمنى ياعزيزى , لاتخوفنى.. انهض يا قلبى هل انت بخير ؟ هل اطلب لك الإسعاف ؟ ولكن علي ان اعترف ان جمال وسحر قوام هذه الروسية قد دوات جروحي . مددت لها يدي وانا في غاية السعادة , حضنتى وقبلتنى في خدى.. اهما قبلات بنفس الالهام شعرت بقشعريرة في كل جسدي وراحة عجيبة . كانت وجه الجميلة يتغير من ربيعة والى ناتاشا وانا غارق فى حب جميلتى اختفت الالام او هكذا خيل لي كان حملا ثقيلا قد نزل عن كاهلي وشعرت انني عبرت النيل سحابة وبلغت الشاطي الاخر ... حيث هناك مسرح الاحلام وحورية النيل تنتظري ربيعة الكاهلية تحمل في يديها ورود وزهور.. وهانذا مزهو بمزاحمة النجوم في هوي القمر .. كبدر في ليلة تمامه يتجلي وجهها .. وكشمس شقت طريقها وسط السحب اري طلتها وانفاسها الملتهبة تتسامي مطرا لتسقى ارضى الجدباء هذه لحظة الانتشاء ...فربيعة فى كل مكان اشكرك يا ميدوب اختفت الالام وهرب مني التعب والارهاق وقلت يا مطرا من السماء بلل اطراف مزرعتي وتولد علي اثرها حالة من الرضا والغناء لحظة جعلتني اشعر بخفة ملاكم من وزن الريشة وجعلني اركض بعد ان ودعتني ناتاشا بسرعة عداء جاميكي .. قلت لها نعم نعم انا بخير كيف لا أكون بخير ,, وهل الخير الا نطفة من رضاب شفتيك الحائرتين التواقتين الي الامان .. نعم نعم كل الخير في نضارة كلماتك يا انسة تطرز قدسية جمال فينيقى يا ابتسامة فاقت افانين الشعر يا ربيعة لقد تفتحت مسامات النشوة واختلط الحابل بالنابل اختفت ربيعة وذهبت ناتاشا بعد ان اطمئن علي ولكني كنت اخاطب خيالها وبقيت مذهولا من امر الاقدار وصفاء النفوس في هذه الأرض التي لاتنجب الا الملائكة وقفت علي رجلي وحمدت الله وشكرته لهذه النعمة الالهية لكنني لم انسي ان اتلمس واتحسس مكان لمسات انامل ناتاشا حتي تورمت خداي بقدرما كنت اطبطبهما فرحا .. وتمنيت ان اكرر الوقعة ثانية شرط ان اجد ناتاشا واقفة امامي هكذا تنسج الاقدار المواقف الخالدة من رحم الغيب . وتتداخل عوامل الشر وانكساراتها مع رياح الخير وجاذبيته ليس كل امر مبداه سيئا ينتهي كما بدات . لكن الله الواهب الاحد الصمد ربما لامرلانعلمه ييسر لك من سبل النجاة مايجعلك ,تتامل في امر الاقدار .. هكذا سارت قافلة الليالي والأيام ناشرة فينا الفرح وغاسلة الهموم التي طالما لازمتنا علي جروف النيل .. كنت افكر دوما ,, هل يمكنني ان اتزوج هنا يوما واحمل زوجتي الي ضفاف النيل وهل حياة الدون لزوجتي المستقبليه التى لبست وجه ربيعة ،وتشابه الضفاف بين النهرين سينسيها الفوارق الازلية بين الحياة هنا وهناك . كيف لفتاه ادمنت الرقص في ملاهي روسيا وتزحلقت علي الجليد . ان تقبل الحياة في ارض تغلي فيها الأجساد من لفح حرها كيف لفتاه غضة طرية كالملبن ان تتحمل الحياة القروية . وهل تستطيع هذه الروسية الشقراء ان تعيش في بلد لاتوجد فيها الفودكا والشمبانسكيا ؟؟ وان كانت الروسية قد اجتازت كل هذه الامتحانات . هل سيقبل اهلي بنصرانية غلفاء وانا ابن الشيوخ ؟ والطرق الصوفية .. وهل سيسامحني قومي بتجاوز للتقاليد القروية الصارمة ؟ وان استطعنا ان نتجاوز كل هذه المحن معا وانجبنا الشقراوات والمخلوطات وكبرن هنا .. هل هنالك من سيقبل بالزواج بهم ؟ في مجتمع ينظر الي الخواجية الأجنبية كانها غضب من السماء وهل ستنتظرني ربيعة في الجانب الاخر من الكون كل هذه الأفكار دارت في ذهني من احب انا لا ادري ربيعة الكاهلية ام ناتاشا ام هن روح واحدة في جسدين . بعد عام كامل درست فيه اللغة الروسية وقواعدها بحيث ان مكنني عن اكتب قصيدة قيلت فيها الكثيرا حتي جعلتني معروفا عند حسناوات الدون وساعرج علي هذه النقطة لاحقا , التحقت بكلية الفنون الجميلة حيث توزعت في مبني كان داخلية لطلاب الكلية ,,كنت ارقد في سرير غرفتي في الطابق الثامن في السكن الطلابي في شقة تطل علي نهر الدون في مدينة راستوففي ذات المبني المملوك للكلية ...كنت اقرا رواية المعلم ومارغريتا للكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف وعندما وصلت الي تلك المشاهد الخياليه والشيطانية تملكني خوف غريب ولملمت رجلي اللتان تدلتا باسترخاء بعد يوم دراسي شاق وفجاه فكرت في حياتي و تلك الرحلة الطويلة الشاقة التي قطعتها منذ ان كنت يافعا ارعي الغنم في مراعي القرية ، كنت افكر في الناس اللذين عشت معهم وكانو قريبين مني ،في كل الذين لعبو دورا ما في حياتي ،والدي الذي رحل عن الدنيا قبل بضعة اشهر من سفري والذي كان دوما مصدر الهام كبير بالنسبة لي بما يملك من ثقافة عالية والمام بعدد من اللغات ورغم تقدمه في السن الا انه كان ابا رائعا غرس فيني روح الطموح ونشوة الانتصار والارتقاء دوما الي الامام ويحضرني جيدا قوله لي وهو مبتسم عندماتفوقت في المرحلة الابتدائية ان نجاحك هذا هو اول العتب وسيكون امامك الكثير من الجبال التي يجب ان تصعدها دون ان تنظر الي الخلف ,وذلك كسبا للوقت ودعما لروح المثابرة وتذكرت والدتي المراة الطيبة التي كانت الابتسامة لا تفارق محياها رغم مجاهداتها في سبيل تربيتنا وتذكرت الاصدقاء الذين جمعتني بهم كهف الظروف وبقيو في ساحة ذاكرتي بقعة مضيئة تعطي مددا لي لا ينضب كلما عصفت بي ايام الغربة القاسية ، اشتقت الي حكايات والدي التاريخية وتجاربه العظيمة في الحياة ومغامراته في بلاد الافرنج حيث كان يعمل جنديا في جيش الانجليز وتذكرت الاحترام العظيم الذي كان يكنه لبلاد الانجليز ومجتمعه المثالي الخالي من الكذب والرشوة والمحسوبية والرواية لوالدي وتذكرت مجاهدات جدتي الاستثنائية التي كانت تعمل علي مدار ثمانية عشرة ساعة بدءا بشاي الصباح وتجهيز شنط المدرسة وفطور الاولاد ثم الذهاب الي تجهيز علف البهائم من البرسيم المزروع علي جانبي الترعة العمومية لمشروع القرية والعودة الي البيت لتجهيز الغداء ثم الولوج لغسل الملابس يدويا وغسل الصحون بعد الغداء وشاي المغرب ثم الاستعداد للعشاء وتلبية طلباتنا المتكررة من اكل وشاي تذكرت كل هذا وعزمت امري ان لا اعود الا بشهادة تضي طموحهم وتجعلهم فخورين بهذا الابن الذي سافر بعيدا عنهم لبلاد تفر الطيور من سماءها خوفا من البرد .. كنت اشبه ذاكرتي دوما بصحراء امتدت جنباتها الي مالانهاية وسيرة الخيريين فيهاكتلك الاشجار التي تظل خضراء رغما عن ضربات الطبيعية القاسية ،اما هؤلاء الذين لم يرتاح لهم ضميري كالاشجار التي تموت واقفة ..... وقفت علي رجلي بواعظ داخلي لم ادرك كنه ابدا واتجهت الي تلك النافذة ورايت الدون ذلك النهر الخالد الهادي والذي عاش ليس بعيدا من ضفافه ميخائيل شولخوف صاحب الدون الهادي وابطال روايته الخالدة غريوري وناتاشا وتذكرت ناتاشا التي علمتني سر القبلات العابرة يوم خانني الجليد وكم كان منظر الماضي مبهرا وجميلا يتراءي لي كانه سحب سماوية في يوم غائم كل شي يذكرك بالنيل ارتال المزارعين الذين يجوبون مزارعهم ويضربون الارض بسواعدهم القوية واشكال الناس الذين افترشوا الرمال علي الشاطي وبعض السكاري يغنون اغان الحب لعشيقاتهم ,,, النظر من بعيد يفسر عن كل شي ولا يحتاج شي الي تفسير هنا عاشت الصراحة قلت في نفسي,,لا اتخيل ان هنالك شخص واحد يكذب هنا ,,,لان الحياة هنا بسيطة وجميلة والتقارب بين الناس في اذهي صورها كمالا .. وقلت في نفسي الدون الهادى ياله ،من نهر عظيم كالنيل تماما .. كعذب خصاله وعذوبة ماءه .. ولكنه اكثر هدوءا وشفافية ... ووجدت قرطاسا وقلما وبدات اكتب القصيدة التي تحدثت عنها وتذكرت ناتاشا معلمة اللغة الروسية تلك الشقراء الساحرة ... التي كانت تعاملنا بحنو ولطف وحب وناتاشا ملكة الجليد التي انقذتنى ، وناتاشا او قل ربيعة بطلة النيل الصافي والتي تاتيني في صورة ناتاشا ايضا واحببت حقا هذا الاسم وحروفها ,,, تناولت تمرتين وسافرت عبر الخيال الي مدارات الهوي العشقية وتذكرت حبيبتي وغلبني ان الملم فكري العاري تماما من المنطق الان , اجتمعت صور الناتاشات في خيالي حتي فقدت ان اميز بينهن وهانذا اري ناتاشا واحدة لكنها تعبر عنهن جميعا وتخيلت انى ، ناجيت قلبهاو تناولت معها قدحين من الفودكا وفي عينيها الجميلتين رايت الكون ضاحكا في شكل انثي أصبت بهلوسة الهوي ، اذابتي نكهة الفودكا واتساع حدقتى عينها الي رجل يغنى وينشد عن تاريخه في تينك العينين الساحرتين ترقد أحلام فارس نوبى ملهم يحمل علم بلاده ممتطيا خيلا اصيلا من بقايا جيش بعانخى وتخيلت اساور امراة هي الملكة نفرتيتى لاضعها بين رموش وخدودهذه الروسية المعتقة بسحر غابات وبساتين القوقازوتخيلت نفسي مطربا ,,,, تناولت الجبنة .. وتمرتين من يدي ناتاشا وبدات اهزى وانا اقرا ماكتبتها اناملى.. وظهرت وجه ربيعة صافيا كالبدر فى ليلة تمامه وحضنتنى وها هى تحضننى كطفلة صغيرة وهانذا فى قمة النشوة اسرح ربيعة عزيزتى ... تعالي لندمج حلمينا الي الابد نشدانا للحياة النيلية وبمدد من أمواج الدون الهادى بكل مافيها من سحر وجمال أيتها النوبية الممزوجة بدماء النوبة القدماء انا وانت تجسيد لخلود نيلنا العظيم وتجسيد لتلك القصص الأسطورية هنا تتمحور حكايات الف ليلة وليلة يا شهر ذاد النيل وكنداكة الحسن والجمال انظرى الي شهريارك الغارق في اثام الهوى .. ودغدغة الرغائب الشبابية .. قافلتي سارت وعبرت القارات .. ليقيم خيمته في ردهات صدرك .. وانفاس من زمن الكنداكات تلهبني حرارتها .. وتحيلني الي ثور هائج يحول فكره دون الوقوع في بحر الظلمات ان تقاليد النوبة واحترامها العظيم لكل ما هي انثوي فقط جعل بيني وبينك مسافة تغطي ساحات الأطلسي ولعينك أقول .. وارسم هيكل الحلمات مدارا .. يحيل همتي الي تعويذة تقيني عذاب القبلات ربيعة قلبى لقد ارهقتني الزكريات كانت جدتي تقول ان النهر يقذف بحورية تضامنا مع ساكنيه كل عام أتصورك جدا حورية نيليه بل انت ربيعة الكاهلية انا واثق من عقلى منذ ان كنت اسرح ببعيري في صحاري الظما العشقية واجمع العلف .. ذادا للحظات الكبت العاطفي انت حقا اميرة النيل يا ربيعة تعرفين سر العزف علي القلوب، تجيدين لعبه التمويه بلغة الرموش، وبهمسة حيري تحيلين غابات الشوق المتدفق مل شدقي الي قافية شرودة .. تماثل روعة الغروب إذن اغتربى يا فرس الهوى ، وامتطى جواد السباق بحمى الفوز بقلب فارس نيلى ، اختصرى دف الشواطئ الاستوائية وعذابات شهرزاد . وسحر خلود النيل .. وقلت لها وانا امتع نظرى فى مدرات عينيها انظر اليها ، وادقق الى تلك الفوضى العارمة في احمرار شفتيها ربيعة ما هذا الحلق الذى يتدلى من اذنيك . ربما كبير وتقيل عليك . هانذااستحضرت مملكة الوصف وقدح الغزل امامي ... انت الجزء الأكثر عذوبة في معرفتي بالشعر. لم اقابل في حياتي فتاة احلى منك لقد خلدت محبوبتى بهذه الاغنية الخالدة ، فمن سيغني اذن لسحرالنساء الروسيات بعد اليوم ؟ اذن ساخلد الحلق المتدلي من معشوقى ؟ ربيعة ,,لانها تستحق جيلا من الشعراء والفنانين ,, اجل ربيعتى الي أية عوالم يسوقني عفريت الاقدار ... لاتوه عميقا فى عينك القادرتين لاختراق القلوب .. انت تحتاجين الي ديوان يوقع عليه كل الشعراء الغزليين ومن كل مكان وزمان وكذلك شعرك الغجري الأشقر المسترسل على كتفي غزالة وقوامك اين منه الشعر . ربيعة قلبى التمسى لى عذرا وانا الفارس الذي سلب الهوى عقلي من أكون وايه صيغ وصفية تليق بي في علم السلالات ومع من اكمل مشوارى. في حياة تتقاذف ايامها العفاريت . ذاك سؤال يهاجمى في لحظات الصحو المسروقة ... .............. مع اختلاف الزمان والمكان . ومع اختلاف الجمال والهيام . يبقي الحب والاعجاب سنة كونية . النساء هن ملح الحياة . النصف المكمل لسعادة الرجال ...... ....ناتاشا عفوا ربيعة في بحر عينيك ، يجتمع اللؤلؤ ، وتنثر الورود ، وتنتشي اوردة الخدود ويكتسي الافئدة سكون الليل وتنتفض اناملك المخملية وتنتصب رايات الخصل الذهبية إيذانا لموعد مكتوب منحوت في ذاكرة القلب وعلي فسحات الوعد ، تنتحر الكلمات وتدمي أكف احرف الهوي الغلاب نعم كانوا يفتدون النيل بروح الحوريات عاما بعد عام ، هذه ليست أسطورة إنما واقع أطره التاريخ، جدتي لاتكذب ، إذن انتي انعكاس لفيضان النيل نجمة تزين كبد السماء في ليالي الصيف عند اكتمال القمر، مع تماذج الأصوات لاحياء الكون مع رقصة الشادوف وإلق الشطأن ربيعة اه ثم اه ... كم سجل قلبي من تسارع في الدقات .. وكم عبثت بي جنيات الصبابة لقد اتعبني النظر إليك وتباعدت فضاءات الرؤي واكتست مداراتها حلل فرح طاغي أي سحر يسكنك واي شدو طواه السكون وادمن خصلات شعرك الاسود عقلى إذن فلنذب الشموع ونحتفل نخب نهرينا النيل والدون الذى امامى وحي صدفة احتواها مجداف الامواج واختفت رغواتها ، يا ربيعة تعرش جبين الشمس ، وفي الافاق القابعة في ملكوت الصمت اشعة تتبدد وتعيد التكوين امرحي مع الاجرام في الفضاءات الطليقة هنالك مع الأشياء المبهمة والتي لاتدركها الابصار ، ولا تحتويها العقول حيث تستوي اسفار التكوين وملامح النشاة الاولي لكل شى مجهول هنالك فقط تنتصب خيام الحب وتربط القلوب بحبال متينة ولاشي غير الخيال وزخم الابداع يلامس الكمال ، والشعر وحده قادر لوصف الحالة المجازية اذن لنغنى معا ...... عزيزتى ، والكمان الناطق ، باجمل الالحان ، هيا ، لم يبق في الاناء ماترويني من همسات غني معي ، لعرس نهرينا همسة همسة لاوقبلة قبلة وكاسا كاسا وانفاسا يعلوها اليأس دعنا نبني تمثال المجد للنيل في الاعالي ،بمدد من قدسية نهر اخر وخالد الاسم الدون العظيم ذاكرة روسيا القوقازية . \ ... ولدت ربيعة تواما , لكنها لم تفرح بهما بالرغم من ان زوجها كان يحبها جدا ولقد شارك زوجها احد الاجانب من الشوام في مشروع زراعي وفتح الله له ابواب الرزق واسعا ولم تعد ربيعه او أي واحد من اهلها في حوجة للبلح ولا احد كان يصدق ان احمدا سيكون بهذا الغني ولقد بني بيتا كبيرا من ثمانية غرف وصالون ضيافة كبيرة جدا للرجال وكان بيتهم في اعلي نقطه من قريتهم ونسبه لامتلاكه للمال فقد دفع رشوي لمسئول الهاتف وركب لهم البرج اعلي التل ايضا وكان احسن منزل من ناحية الانترت ,,لقد كانت الشبكة قوية وادت هذه الميزة للبيت بعدا فاتنا . ولقد الحق احمد ببيتهم مزرعه كبيرة زرع فيها حوالي ثلاثمائه الف نخله والفين شجرة منجه وثلاثه الاف شجرة برتقال ناهيك عن القمح المزروع والذي كان علي مساحة ثلاثين الف فدان انعكست الحالة واصبح اصحابي البلح القدامي وملاك الاراضي القدماء يرسلون ابنائهم عند مزرعة احمد او المشروع ربيعة العين الزراعي كما سماه هو شخصيا اشتري عربتي بوكس وسيارة برادو وعددا لاباس به من سيارات نقل الفواكه والخضروات لم تكن ربيعة سعيدا رغم تغير الحياة ووجود السيارات والسواقين والخادمات والبيت الكبير الا انها ظلت وفيه لحبها الاول ضعف جسدها واصابها الارهاق ولم تكن ترضع طفليها ،ولم يكن يروق لزوجها حالة زوجته كان احمد يعرف من البداية ان مرض زوجته وحبيبته ليس مرضا عضويا انما تحتاج الي تدخل نفسي من احد الشيوخ كان شباب القري كلهم يحبونها او يحبون جمالها ولم يكن واحدا منهم يتمني ان يراها حزينة وكانت علي الدوام امراة طيبة وخيرة وكانت تساعد المزارعين وتساعدهم كانهم اخوته وكان هنالك ابن عمي ضمن المزارعين الذين التحقوا بمزرعتهم جاءته ذات يوم وسالته ,, هل تستطيع ان تسدي معروفا دون ان تكشف سري او تفضحني عند المزارعين او اهلك . قال لها ابن عمي ولما لا وهل امراة طيبة وعطوفه مثلك يرفض لها امر ردت ربيعه بادبها الجم لا امر عليك سيدي واستغرب ابن عمي من ردة فعلها واستغرب جدا كيف لامراة تملك كل هذا المال ان تقول لي وانا المزارع البسيط ليس امرا وبينما هو في حالة اندهاش ظهرت عربية زوجها احمد البرادو من بعيد وانسحبت بعيدا وبسرعة وهي تقول موعدنا غدا لكن لاتقل لاحد اني قابلت واذا التزمت بالسر . ساعدك كثيرا جدا ولن تندم ابدا من صداقتك لي قال لها ابن عمي طلباتك اوامر ردت عليها شكرا لك ويسعدني ادب تعاملك معي انت تشبهه تماما وختفت بسرعة هائلة تسمر ابن عمي للحظات وهو يقيس كلامها ويوزنه وقال في نفسه ممكن فقد عقلها او شربت شي او اكلت شيئا محرما وكان يسائل نفسه من هو ابن المحظوظة الذي يسيطر علي عقل هذه الفاتنة وكان يقول في قرارة نفسه اه ايها النيل العظيم كم من الاسرار تختزنها لكنه علي العموم كان محتارا لان زوجها وسيم جدا وغني جدا وكل فتاه في البلد تتمناه أي حب غير عقل هذه الفتاة صحيح قال الهوي مجنون ضحك مع نفسه وذهب الي سكنه وفي المساء ظهرت وهيبة وزارت ربيعة لاول مرة منذ افتراقهما وفي غرقه ربيعة التي كانت تعتبر غرفة ملكية بوسعها وديكوراتها التي جلبها زوجها من تركيا والستائر من الخرطوم ولقد كانت غرفة كبيرة ومرتبه و بها جلسة خاصة جلست الصديقتان طوال الليل تثرثران وحكت ربيعه لصديقتها كيف انها تعاني من الفراغ وكيف ان حبها لي قد دمرها تماما من الناحية النفسية واعترفت ايضا ان العيش مع شخص تحبه في كوخ صغير بدون أي خدمات اجمل من حياة القصور مع شخص لاتحبه وقالت انها نادمة تماما علي سكوتها وعدم مقاومتها حتي النهاية وان الموت لها كان احسن من هذه الحياة وحكت وهيبة عن ماساتها وحبها الشديد لحسن وكيف ان الوساوس لاتفارقه ابدا وقالت لكنني اجد بعض العزاء في الساحرة سيوزا وهي تنقل لي بعض اخبار حبي القديم وردت عليها ربيعة بكل استغراب كيف القديم علي الاقل انتي قادرة لرؤيته وحتي الزواج منه .. انتي محظوظه لم ترتبط باحد ولم تلد تواما وحياتك لم تتغير وبدات ربيعه تبكي وتقول تعيسة انا وكل شي مظلم في داريا وكل يوم يمر يبعدني عنه اظن انه نساني ولايحبني ابدا كانت وهيبة تنظر اليها وتقول ماذا تريدين انتي لقد سلكت حياتك منحني اخرا ربما احسن مما تصورت غضبت ربيعة وقالت لها صديقتي متي تعقلين وتتركين انانيتك اتريدين ان تتزوجي بحب وتتركيني اموت الف مرة في اليوم مافائدة المال والعربات والمزارع اذا كانت حياتك بلات معني بلا حب . بلا دقدقة للمشاعر وترف حسي انا مولودة لاحب انا كنداكة الحب الازلي لعوب قلبي ولعوبة يد الاقدار تبا للزمان والف تبا لتصاريف القدر اعشقك يا ابن المعين انت سمائي وارضي ونيلي وزرعي احبك بلغة الورود ورائحة الازهار لاتتركني كن لي وحدي لاتتزوج ابدا , فانا انتظرك دع الايام تلمنا من جديد وطب نفسا لمعركة القضاء تمنيا ضحكت وهيبة مخفية كل ما فيها من الم تم اردفت تقول الحب ظلام كله اذا فشلت فيه ى ونهار كله اذا ربحت معركته لكن ثق ان كان حسن او عبد المعين ,, يمكنهم ان يحبو ويعبثوا كيفما يشاءات لكن لا احد فيهم يستطيع ان يتزوج انا اراقبهم يوميا اخبارهم تعرض علي لي صديقتين ساكلمك عنهما فيما بعد او ستعرفينم في الوقت المناسب يوم الحساب يوم نتشفي منهم لا يا صديقي ثقي تماما الروح التي عذبتك وايضا تلك التي عذبتني اعددنا لمحاسبتهم جيدا كانت ربيعة تستمع اليها بانتباه شديد قبل ان يسرقهم الوقت وياتي الصباح ولم ينتهي الكلام بعد استعدلت وهيبة في جلستها وقالت لها وبدون مقدمات طويلة لقد اخفيت سرا عظيما عنك سالت ربيعه صديقتها باستغراب ماهذا السر قالت بدون تردد بدفع من الوقت وفرصه اللقاء انا متزوجة ذهلت ربيعة من من يا كاذبة قالت والله متزوجه لكنه زواج اتعس من زواجك بكثير تكلمي بسرعة من من انت متزوجه ليس زواجا عاديا تكلمي ولاتحرقي قلبي زواج لايشبه زواج الناس اللعنة تكلمي انا متزوجة من من متزوجه من جني اسكتي يا كاذبه لست كاذبه انها الحقيقة انه جني خطير لو اراد ان ياتيني باخبار حسن وعبد المعين لايستغرق عنده ساعة ذهلت ربيعه ودخلت في حالة من الهلع حتي انها فقدت القدرة علي الكلام انسحبت وهيبة واختفت بسرعة وفي الصباح جاء احمد ووجدد ربيعه مستلقية علي الارض كانها فارقت الحياة ارتعب احمد ونادي في الناس القوني الحقوني يا ناس ما الامر اجتمع اكثر من خمسين شخص في لحظات وحملوا ربيعة الي المستشفي العام في سليمة علي مسافة عشر كيلومترات كشف عليها الطبيب وقال لهم عليكم ان تنتظرو انها مازالت حية لكن نسبه بقائها علي وجه الحياة لاتتعدي ثلاثة في المئة .. تساقطت سنوات عمري في خيالي او قل مرت كالاشجار امامي ناظري شخص يطل علي الدنيا من نافذة قطار يسير سريعا .تواترت الاحداث وتداخلت سنين العمر وتجولت علي ضفاف النيل ورايت عمي يرمي سنارته ويصطاد سمكة كبيرة ، ورايت النسوة يجلبن العلف لبهائمهن وفتاتين صغيرتين تتمايلن في مشيتهين وتضحكان بصوت عال وتطمئن ان الدنيا علي الف بخير وعدت الي الدون ورايت غزالتين جميلتين ،اوفتاتين شقراويتين تهمسان وتشربان شيئا من البيرة وتضحكان نخب السعادة . وترقصان علي انغام موسيقى وصوت الا بوغاتشوفا المطربة السوفيتية العالمية في اغنيتها الشهيرة مليون مليون . ................... في وقت مضي كان هناك رسام ، كان يملك بيتا صغيرا وقماش لكنه اغرم بممثلة يومها قرر بيع بيته وبالمال الذي وجده اشتري بيتا كاملا من الورود مليون مليون زهرة قرمزية تلوح عبر النافذة المغرمون المغرمون الذين يحبون بصدق قد يغلبون حياتهم الي ورود من اجلك في الصباح كنت تقفين عند النافذة وربما تكون قد فقدت صوابك كان استمرارا لحلم ما الفناء يمتلى بالورود وقد تمالكت روحك من الثرى الذى يشاغلنى الان ... ..... الفناء ممتلي بالورود المساء حمله القطار بعيدا واصل الرسام حياته الله الله جمهور من الجن يسمع معي الحين اه لعفرتك يا خيالات شقي نيلي كم يكابد عقلك اتعاب الهوى الغلاب لا لا لم يكن قطارا ,, انما سيارة بائسة تلك التي حملتك بعيدا عن العين في لحظة بائسة , عشت لحظات كئيبة وانا أحاول ان اتناسي صوت ضحتك والوجنات التي تجعل من وجهك وديعا ولامعا كل شي فيك مختلف ,, طيبتك الملائكية ,, وتواضعك الجم وحبك للناس واحترامك العظيم لكل انسان انت يا سيدتى خلاصة الخلاصة لكل جماليات مجتمعنا الاستثنائية عدت الي واقعى وتناسيت ولوقليلا تلك الملامح التي انطبعت اما ناظرى من ملامح وضحكات ربيعة الكاهلية .. وسرعان ما عادت ذاكرتي الي يومي الاول في موسكو حين حطت بي قافلة الزمن للدراسة مع زميل لي اعرفه منذ سنوات الصبا وتذكرت اول ملاحظة ابداها لي صديقي , وكان قد قال انظر يا اخي الناس هنا يتسمون بالواقعية وحب الحياة مجردة من اي تشويش قلت له لماذا ؟ لماذا تقولين هكذا ؟ أي شي الهمك لقول هكذا عبارات ، قال لي انظر والتفت الي حيث ينظر هو واردف يقول انظر انهم لا يضيعون الزمن جزافا انظر كيف يطالعون صفحات الكتب والمجلات وكيف يلعبون علي اجهزة الحاسوب وثمة اناس يستغل الزمن بطريقة خاصة واشار بطرف عينه الي شاب وشابة كان يحضان بعضهما بجنون عشقي ويتبادلان القبلان ،ولا هم لهما بما يجري بدمار في العراق ولا زلزال في ايران ولا اعصار في امريكا ولا ارهاب في الشيشان ولسان حالهم يقول فلتشتد اوزار الحروب في كل مكان وليفيض الدون ويغرق الحقول ،فلترمي القنابل الذكية والعادية في كل مكان ،فلياتي الطاعون من جديد ويبيد ملايين البشر اوحتي طوفان نوح ويمسح الأرض المهم ان لا تقترب المصاعب بالقرب منهم حتي لا يقطع الخوف هذا اللحظات الساحرة في ضمير العشق ،والملفت لي في تلك اللحظة ان المجتمع الشرقي برمته يعير اهتماما راسخا بخصوصية الافراد كل امري له همومه وكل امري له شان يغنيه ا
|
#36
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
فارس من بلاد كوش
الجزء الخامس بقلم عادل احمد يوسف ___ تطيروهربوا من خلال النافذة وقال وهو ينظر من خلال النافذة مخاطبا الدون ،اه ايها الدون الهادي صديق النيل لاتجعلني اخاف ,الحقني بمدد من عندك ,بمدد من هدوءك ،بقوة من تاريخ روسيا تاتينا نافذة جدار الازمان . بمدد من تقاليد روسيا القوية والعريقة وبنفس من عزيمة القوقاز الاقوياء احفاد المسلمين الاوائل واحمل لي سكينة من روحانيات سمرقند وماذن طشقند اليك اتوسل يا الهي اعطني الصبر وثبتنى علي اليقين . ويمكنني ان اقول لو ان السقف قد انشق ورايت السماء عارية من نجومها وقمرها لما استغربت من تداعيات هذه اللحظات الاستثنائية من عمري ولكن المعتوه وخلافا للتوقعات وتماشيا مع حركاته وتصرفاته التي لايتوقعها مخلوق عاد الي هدوء عجيب وجلس كمن نسي كل شي . وسالني اين الشاى ،كانت الغلاية قد قاربت ماءها الي النفاد, ولكني جهزت له الشاي بما تبقي من ماء وجلسنا جلوس الند للند كل يجلس الي الاخر خوفا من المفاجات ، حمل الكاس وافرغ جقمة كبيرة من الشاي الساخن في فمة الكبير وقال ان الشاي لذيذ جدا ويذكري بقهوة كحيل قلت له ماذا قلت ،، اعطيته تمرتين من القدح المسحور . نظر اليه مليا وقال ،، لا لا الا هذا يا عزيزي ، فالسيبيرية تامرنى بان لا اكل تمرا عندك . قلت له من هي هذه السيبيرية ، زما دخلها بك . قال ستعرف مع الايام ، كل شي ، فكرت في كلامه ، وجاءني خاطر بان هذا الشخص اللذي امامي ، هو خطيب وهيبة وابن عمى حسن استعذت من الشيطان وقلت في نفسي لا لا ، يا عبد المعين لاترهق نفسك بامور الناس دع الايام تخبرني بما هو خاف عني .لكن ذكره لبعض المعالم اربكني لان قهوة كحيل ,قهوة في منطقتنا وراودني سؤال بديهي من اين لهذا المعتوه ان يعرف معالم قريتي ولكني ادرجت هذا السؤال في سلم المفاجات العجيبة ,كان صاحبي يمص الشاي مصا وكلما افرغ جقمة في فمة كان يفتح فمه الكبير ويحرك فكيه بحيث تضرب اسنانه مع بعض محدثا اصوات مزعجة وقال هل تعرف الموسيقي النوبية ، هل سمعت بملحمة وردي موز وهل سمعت بحكايات ايسب وحيلة وهل سمعت باغنية شامة ,اه لروعة الارض النوبية وقراها ومدنها وجزرها وجبالها واه لك ايها النيل الاتي عبرالقرون وانت تعطر بوادينا وودياننا وانشد بصوت رخيم هذا البيت من الشعر . اغنية ورد موز \ان الشيطان يقرا افكارى قلت في نفسى .. ذادت مخاوفي بصورة مدوية وكان فضولي عارما ورغبتي جامحة لمعرفة المزيد عن هذا الزائر العجيب وبدات اشك ان كنت انا في حلم ام واقع ولكن المعتوة لم يمهلني وقطع حبل افكاري العميق . شرب المعتوة الشاي حتى نهايته ووضع الكباية علي الارض او رماها حتي تناثرت شظاياها في كل الغرفة لم تكن الرغبة في جمع ما تناثر من حطام لاني كنت متابعا لمفاجاته التي لاتنتهى . قلت لكم يا صحابي ان المعتوة قد شرب الشاي كله واستعدل في جلسته وقدم لي واجب الشكرونعتني بصفات الكرم والاصالةوالشهامة والنبل وقائمة اخري من الصفات الجميلة حتي ظننت انني الحاتم الطائي . وقلت له حسن كفي ونظر الي نظرة مبهمة فيها الف سؤال وسؤال وخرج سريعا بعد ان استاذنني لخمس دقائق . كنت خائفا .. طلبت المدد واكلت تمرتين من القدر المسحور .. شعرت بالراحة وزال الكابوس الذي جثم علي صدري واحال حياتي الي فزع رهيبولو الي حين ووجدتها فرصة لتقييم الموقف بصورة صحيحة دار بخلدي شريط من هذه الاحداث المتلاحقة وشعرت بصداع رهيب كاد ان يفقدني عقلي ، لا ادري كم استغرقت خلوتي ولكني وجدت المعتوة واقفا امامي حاملا كيس اسوداا كبيرا ، قلت له عدت بسرعة يا ابو الحسن ورد علي وهو يضحك تلك الضحكة الغامضة والمخيفة احيانا ,انا ابو المواعيد ان اردت بعض الحقيقة وان بحثت عن الحقيقة كلها ستجدها في فنجان قهوتي الصباحية ، وواصل كلامه انه يمكنه ان يضيف بلا فخر انه السوداني الوحيد في هذا العالم الذي يقول ويفي بمواعيده بالدقيقة والثانية . وبدا يقول نعم نعم الثانية جزء من الزمن الحسي وما حياتنا الدنيوية الا مجموعة تلك الثواني وقلت له وانا اضحك لاول مرة . دقات قلب المرء قائلة له ان الحياة دقائق وثواني . وقال حسن وهو يضحك ويكاد يطير فرحا ,ياله بيت من شعر رفيع . وربما كان شوقي دقيقا في مواعيدة ان جدته ذات الدماء الشركسية ربما اورثته بعضا من تقاليد القارة العجوز . المهم ان حسن جمعة بدا يخفض صوته وواصل كلامة وامسكني من يدي اليمني وقال المهم انني لا اريد ان استفذ مشاعرك لسوداني وطني ونوبي الهوى وقلت له مقاطعا لا يا اخي كلنا في الهم شرق واردف حسن يقول ان له رايا اخر تماما في تقييم هذه الصفة اذ انه يعتبره وليدة الطيبة والتسامح المعروفتين عند السودانيين تلك وجهة نظر صحيحة قاطعته ... ابتسم حسن وواصل حديثه الشيق الذي بدا رويدا رويد يداعب عقلي المحب للافكارالنيرة ,المهم انه قال فيما قال ان السودانيين دائما ما يفرطون في التعامل مع الاخرين ،حتي مع اقرب الاقربين اليهم وان الانسان السوداني دائما يعامل الضيف كتعامل اشبة بتعامل الطبيب مع مريضه وقال انه يمكنه جازما ان يضيف ان السودان هو المكان الوحيد في هذا العالم الذي يستطيع ان يعيش فيه اي انسان دون ان يكون له سابق معرفة باحد وهو لايحمل في جيبه جنية واحد وفي الارياف مثلا يمكن لاي ضيف ان يذهب الي المسيد . وما ان يعرف اهل القرية ان ضيفا قد حل بديارهم حتي يتسابقوا اليه وهم يحملون اطيب مالديهم من طعام والتي غالبا ما تكون من لحوم الماعز المصنوع بالطريقة النوبية القطر قام بحيث توضع اللحمة مع البصل والطمام والبهارات في ان واحد ويقفل الحلة بعناية في نار الحطب والذي يجلبونه دائما من نخيلهم وبعض الجبنه المصنوعة يدويا دون ان تنزع الدسم من الحليب والي يسمي لبنا وياتون بالشاي وباجود انواع التمر النوبي من القنديلة وبنت المودة والجاووالبركاوي .. واردف يقول وفي المدينة مثلا ما عليك الا ان تطرق اي باب وتطلب الطعام واضاف يقول بعد ان سكت لبرهة وتحسس الكيس الذي يحمله . ، ربما هذا من اسباب تخلفنا عن ركب الشعوب وقطار المدنية ،ثم انحني ووضع الكيس برفق واخرج منها قارورة مكتوبه عليها (( فودكا بالروسية )) برغم علمي ان الفودكا جزء من حياة روسيا ,الا ان اتيان المعتوه بها علي هذا النحو قد اصاب كبريائي في الصميم ، لانني كنت صامدا طوال هذه السنة وبعيدا حتي عن زملائي الذين انغمسو في الحياة الشرقية منذ الوهلة الاولي . قلت له اسمع يا حسن تاكد انني لن اسمح لك بتمثيل هذه المهزلة هنا اذهب الي الحانات والبارات واختر من ندمائه ما شئت ولتكن اذنيك الكبريتين قد سمعت كلماتي المشحونة بالرفض .. وتابعت كلامي لا اريد ان اعكر لك لحظات ضيافتي لك ولكني مصر علي ما اقول سكت لبرهة وقرات مسحة حزنة علي وجهة ، سرعان ما تدارك صمته وقال انا لست من عفاريت الحانات ولا مرتادي البارات انا بسيط .. حتي الدكاي لم اقربه في شبابي وكنت رجلا مسالما بسيطا واعيش علي حالي . ولكن مشاكل الحياة الاغترابية من فلس وشوق وحنين جارف الي مراتع الصبا واختلاف العادات والتقاليد وهجمة الثلوج واشكال الناس .. وتنوعهم ارهق قدراتنا التحملية ولتكن هذه الليلة مراجعة للذات دون خوف لان الفودكا ستنسيني ولو الي حين وقع الصدمات المتتالية و تابع كلامه اخي اسمح لي ان اقول لك ان الشرب ظرف طاري بالنسبة لي ولكل ظرف متتطلباته ،كان التحسر واضحا في صوته وتاكدت انه لا مجال لثنيه عن قراره . مما جعلني ارضخ لطلبه ، وحسبي ان اقول لكم يا صحابي انني اصغيت لصوت عاطفتي القروية ولم اقف عند هذا الحد بل اعددت له عشاء السكاري كما جهزت له الكؤؤس وقليل من الجبنة والزيتون والزبدة ومكعبات من الخبزالمستطيل البر الاسود اللذيذ ، لياخذ راحته تماما . ثمة شئ شيطاني قد مس عزيمتي في الصميم . لانني ما زلت اسمعه وهو يقول ان لايحبذ ان يركن عقله ولكن اليوم بالذات له ظرف طارئ يريد ان يشرب نخبه ويطلق الكاس للابد وفي هذه اللحظة دخل علينا ثلاثة من اصدقائي هم مازن العامري وحاتم الشكري ورسلان الازبكي شاب يدرس معنا من طشقند وما ان دخل هؤلاء الا ان دعاهم للشرب وليس هذا فحسب بل خرج الي اعلا النافذة ووضع نصف جسمه في الهواء وكاد ان يطير من الطابق الثامن عندما رفضوا مشاركته الشراب وهو يقول اما ان تشربو او ان اموت وامتثل الجميع للامروتناولو كاسا وهنا اطمئن الشقي ونزل سريعا وبدا يضحك ويقول ما دمتم جئتم هنا فانتم تمثلون السودان كله علينا ان نضع تصوراتنا لمستقبل بلدنا المضطرب ,قال رسلان ما ان تدخل السياسة بالباب حتي يخرج الصدق من الشباك واردف يا لحبكم للسياسة ايها السودانيون نحن هنا لا نحب السياسة والذي يناقش السياسة واحد من اثنين اما دارس لها ,اما شخص يريد المناصب ويرتقي الدرجات ويريد ان يكون حاكما او رئيسا . جلسنا جميعا والشي الطيب ان المعتوه قد نسي امري واصبح يصب لهم ما امكن ذلك وسررت جدا انني استطيع بعقل صافي ان ادير هذة الجلسة وادون ما فيها من مفاجات . بعد ربع ساعة كان الجميع في نشوة الصهباء غارق وبدا حسن الكلام واخرج ورقة من جيبه وقال الجماعة قد قتلو ابن عمه لسبب غير معلوم واظنه مرتبط بامر تجارة العملة وان الرجل المقتول كان وحيد ابويه وانشد يقول ، انه لم يحزن في حياته لمقتل شخص او وفاته كما تحسر علي رحيل ابن عمه عبد السميع حاج علي ، لقد كان عبد السميع رجلا عبقريا وكان يمتلك مواهب كثيرة كان فنانا وموسيقيا وشاعرا ورساما ونحاتا ، وفوق ذلك كله كان اكاديميا ناجحا‘ وكيف لا وهو الشخص الوحيد الذي اكمل مراحل الابتدائية والمتوسط والثانوي في ست سنوات فقط ، اعتقد انه لم يكن مهتما بالمال وشئون التجارة وان كان يريد ذلك لكان اليوم واحدا من اغنى النوبيين لقد كان والده هو المتعهد الوحيد لاكثر من خمس وعشرون داخلية طلابية وكان يملك 9 لواري وثلاثة وعشرون مركبا ، ومزرعة تضم بضعة الاف من المواشى ، لم يكمل كلامه وبدا يبكي ثم وقف فجاة واخرج ورقة . وبدا يقرا بصوت عذب ونبرات واضحة هذه الكلمات والتي ربما يكون قد كتبها أيام مقتل عبد السميع ، ....... ابكى يا شجر الهضاب ، اشرئبى للسماء واذرفي عبر السحاب ، اسكبي الدمع سخيا بين اطلال الخراب . فزمان الامن ولي وزمان الغاب اب . ورياض الانس دالت واتي دغل الذئاب . ارى كل السهل دمعا واروي احراش الهضاب . اعمرى رمل البراري واسقي اشجار الشهاب . وارسمى بالصمغ دربا يرتجى منه الاياب . ضمدى بالغصن جرحا غار من حرب الحراب . وامسحى بالغصن دما سال من جرح الشباب . وسكت قليلا وقال . تخيلو هل كان بالإمكان تفادي هذه الكارثة ؟ وهل يقبل بشري واحد مهما كان انتمائه لفلان . اوغضبه من علان ان يرتكب مثل هذه الجريمة ؟ وهل ان لنا ان نحكي عن هذه السابقة الخطيرة ماذا سيقول التاريخ عنا ... الإسلام يا سادتي دين البشرية دين القيم والأخلاق ... دين التكامل التعاملي في ارقي صوره دين العدالة الاجتماعية .. دين التاخي والأمانة .. ولكن يا سادتي عندما تخرج اعمالنا عن طورها وتنحرف عدالتنا عن أسس الدين والصلاح . سيحكى غيرنا عنا بصورة سالبة ... سيروى عابث في اخر الدنيا اننا نروى للعالم ثقافة . القتل في أمور بسيطة .. لكن الإسلام حدد لنا القواعد الصارمة لتحقيق العدالة من أراد ان يفسد ويسرق فليكن بعيدا عن استخدام الدين غطاء حتي لايضحك العالم علينا كيف كنا وكيف صرنا وفي رحاب الجوع والداء واسراب الذباب كيف سادوا وتمادوا باسم ايات الكتاب كيف صار الدين مخلب كيف صار للدين ناب كيف صار الظلم فينا سيد البيت المهاب قد دنا يوم الحساب ... يوم تدفن يا عرابي وانت حي بالتراب انتهي كلام المخبول حسن ... انصت الجميع وبتركيز شديد علي هذا الشعر العالي , خاصة ان مقتل هذا الشاب النوبي قد أصاب الملايين بحزن عارم ... وكانت طريقة قتله دون محاكمة وذلك لانهم وجدو في خزينة والده الفين دولار امريكي والف جنيه إسترليني وثلاثة آلاف درهم امارتي والمصيبة ان هذه الأموال كانت تخص ورثه والده ,, حيث ان الوصية تقول ,لايحق لاحد فتح هذه الخزنه الا بحضور الورثة وعندما مات والده فجاه اصر الورثة بالتعجيل بقسمتها تلبيه لنصيحة والدهم وكان عبد السميع مسافرا الي أمريكا لاستلام شهادة الدكتوراة من جامعة كليفورنيا وكانت رسالته ,, كيف شيد النوبيون العظماء الاهرامات النوبية . واثر واثر تلك القمم الشواهق فيما بعد في نهضة مصر الفرعونية , لكن ربما كان القدر يناديه او أحدا قد وشي به ، انه تاجر دولارات خطير .. المهم ان مجموعة العساكر ، ذهبو الي بيته واقتادو عبد السميع اللذي كان موجودا بالصدفة في غرفة الخزنةوسالوه عدة أسئلة وكسروالخزنه وحملوا كل مافيها. لم يعرف احد اين ذهبو به ,, وبحث الكثير الناس عنه في كل مكان الا انهم لم يجدوا اثرا له ,,,, وفي المساء سلم جثمانه الي ذويه وجاء في تقرير الطب الشرعي انه مات بضربة شمس ... واضيف في التقرير اما اثار الحبل على الرقبة ... قيل انه وقع في زربيه البهائم ولسوء الحظ خافت الأغنام واثناء هروبها التف الحبل اللذي كان مربوطا به احدالغنمايات حول عنقه ماجعله يختنق ويموت فورا ... تلك كانت الرواية الأكثر تداولا بين الناس .... كان الجميع قد نسي الموضوع او تناسوا سرده الطويل وظلوا يشربون وحسن ... سارح في شرحه لسبب كتابته لهذه القصيدة لكنهم انتبهوا عندما انتهي حسن من كلامه وتلطيفا للجوا وكفارة للاهمال قام احدهم ... الله ما هذا يا حسن ، قال العامري ان الله يضع سره في اضعف خلقه ، من اين اتاك شيطان الشعر وقام من مكانه ونظر الي الدون وقال مازال النهر يجري في مساره القديم وان الدنيا لم تنقلب بعد ،، ودخل رسلان الخط وقال انك شاعر عبقري ذدني من شعرك اوصف لي بلدك يا حسن اوه نوبا وياله من مكان النيل والتاريخ ، ماذا عن الحياة هناك وهل هي منطقة غنية ، ام منطقة فقيرة ، هل تاكلون اللحوم ؟ ام انتم نباتيون . صف لي الحياة النيلية . وكيف يعيش الناس هناك . هل يحكمها القيصر . هل هي تابعة لروسيا الفيدرالية ام لامريكا . زعل حسن من كلام رسلان . عن اية روسيا وعن ايه أمريكا تتكلم ،، نحن بعد المشتري يا ابن ,,, اعتقد انه أراد ان يقول يا ابن الغلفاء ، وسررنى عدم تكملته للعبارة ، نازعتني المخاوف وقلت ماهذا العفريت انه لايكف عن الكلام ، يا لحظي اه ... وتذكرت في سري ادريس جماع وتخيلته يكتب بعض مقاطع من اشد قصائده بؤسا ..,. في جدران بيت بائس في مضارب العبدلاب في حلفايا الملوك وربما يكون ضربه مس من هوى فتاة كاهلية اخرى .... ان حظى كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالو لحفاه اجمعوه ، صعب الامر عليهم ، قال بعض اتركوه ، ان من اشقاه ربي كيف انتم تسعدوه وكان حسن مازال يغيظ كبريائي ويلجم ساحة حريتي ، ويكبل يداي بحبل من الغيظ لا يقاوم ، هاهو حسن يواصل استفزازي ,, اذن استمعو اليه معي كان قد وقف يجوب الغرفة قائلا ، يعنى يا رسلان لقد طار غاغرين الي الفضاء وانت لاتدري اين تقع أراضي النوبة وحتي افريقيا الم تسمع بحضارات كوش ومروي في السودان الم تسمع بخوفو وخفرع ومنقرع في مصر الم تسمع بابو الهول ... الم تسمع ببحيرة فكتوريا ، وشلالات السبلوقة ، الم تسمع بالسد العالي ، واغراقه لمدينة وادي حلفا ، الم تسمع بأكبر بعثه اقامتها منظمة اليونسكو في التاريخ ، لإنقاذ تلك الكنوز التي انطمرت في البحيرة النوبيةالم تسمع بعمارة دنقس وعبد الله جماع مؤسسا مملكة الفونج ، الم تسمع بعجوبة المراة التي خربت سوبا ، الم تسمع باميرة الكاهلية والتي سلبت عقل صحابك عبد المعين ، الم تسمع بثورة الامام المهدي ، يوم ان قطع جندي شجاع راس غردون باشا حاكم الانجليز وقدمه الي الامام طمعا في ابداء ولاءه المطلق ولينال تمثال ابن النيلين البار ربما ، لم تسمع بمعركة كررى ، ... اذن ساغنى لك ، نخب نهرينا ، النيل والدون ، ونخب السودان العظيم ، نخب ابطاله الخالدين ، نخب الازهري ، زعيمنا الخالد وعن امجاده ، يوم رفع علم الاستقلال ، وقبل ذلك كله ، وبعد ذلك كله ، نخب الماجدات ، من مجاهدات وطنى.. في سفر الاستقلال ... كرري تحدث عن رجال كالاسود الضارية ، خاضوا اللهيب وشتتو كتل الطغاة الغازية ، والنهر ينضح بالضحايا بالدماء الغالية ، ماهان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية ، هذه الاغنية تحكي جزء هام من تاريخنا ، الم تسمع بالامام المهدي ، وقياداته العسكرية ، عبد الرحمن النجومى ، ومحمود ود احمد والزاكي طمبل الم تسمع بيونس ود دكين ، اللذي قدمته المهدية عريسا للملكة فكتوريا الم تسمع بتوتي متحف النيل عند التقاء شطريه انها كشطري انثي جميلة .... وتمتد رقبتها ناحية شندي وتتمايل عند محطة ام علي وصدر النيل يا أبو جهل عند عطبرة ، ولكن الوجه الفتان في بلاد النوبة ، تخيلتك يا نهر النيل انثي راقدة .... وبين رجليك اثمرت فواكهة الجزيرة ، وقلت في سري وانا اكمل كلمات هذا المعتوه ... ولك ان تقطف الثمار يا عبد المعين وانت تتناول تمرتين من القدر المسحور ، من ارضنا البكر ، ولكنني التفتت اليه ، اوقفته بنظرة جادة ، وقلت له .... تبا لك أيها المعتوه يا حسن .... قف عن خزعبلاتك نحن شعب لانقبل مثل تلك الاوصاف فى حرائرنا .. انما نقول للمراة .... أيها الليل مالسحرك راو ، غير حلم من الجمال اغر ، نحن هكذا يا اخرس ، نعشق النساء الجميلات ، فكم كنداكة خلدها الفن مع النيل ، فنحن معشر الشعراء لايتملكنا من افيون الشعر ، الا ضخب الاضواء عندما ينام الابالسة ... انتهى كلامي له .. .... لم يعر المعتوه لكلامي أي اعتبار كعادته . كان المجنون يعتبر نفسه خلاصة الابداع ، وكان يعتبر تخاريفه امثالا عبقرية ، وغاية ما يتمناه كل عاشق ان يسمعه ، ويعتبر حياته الانموذج الأمثل لكل فارس نيلى .. اخذت نفسا طويلا وانا مغمض العينين ، وقلت ... أي غرور يسكن راس هذا الافعى احقا ... اختلطت في خاطري مشاعر جمة ، لكن حسن مازال يهذي ويواصل تمتماته ، اذن لنرجع لحديثه ، وكان يقول ... يا رسلان ، انا اخاطبك انما ... اخاطب فيك حضارة روسيا ، والدون في هدوءه العجيب ، كم من ابراج شاهقة رمت ظلالها علي سطحك ايها النهر الخالد ، وكم من قارورة فودكا وزجاجة شمبانسكيا رميت علي شطانك الخالدات ، اخاطبك رسلان العزيز كشريك لك في حب روسيا ، وحب الدونيات والقوقازيات .... اي جمال يسكن في هذه الارض المعطاء !! ؟ لك وحدك كل جنوني في الكلام ايها الدون الهادي ، اما هؤلاء القادمين من صحاري افريقيا وغاباتها ، لا شان لي بتثقيفهم ... ان كل ما أقوله فقط ، مقتبسات من تاريخ بلادى . وتلك الأمانة قد حملناها معهم . وخلده شاعر حلفاوي قح هاجرت جدته ذات يوم من جزيزة صاي وتزوجت هناك .................... حين حط المجد في الأرض دروبها ، عزم ترهاقا وايمان العروبة ، عربا نحن حملناها ونوبا .. هذا جزء من تاريخنا وكيف هزمنا الانجليز ، وطردنا المستعمر البغيض ، واظنك لم تسمع أيضا ، بمملكة اكسوم الحبشية ، التي حاولت ان تغزو أراضينا منذ الاف السنين ، وان كان ثمة تداخل بين الحضارتين الا اننا لم نكن لنسمح لاحد . ان يعرض عضلاته علينا ... كما كنا نحن الاولين بتكوين اولي حضارات البشر كنا سباقين لنشر انجازاتنا وعلومنا ، أي سطوة ملكت ايتها الحضارة النوبية الخالدية ، خذ كاسا اخري واترك تخريفك ايها التمساح العجوز ، قلتها بصوت عال ...وانا اطمح في المزيد اختلطت مشاعرى ... الكلمات الشاعرية الجميلة تسلب العقول مهلا يا عبد المعين قلت مخاطبا نفسى كان الرجل يوجه حديثه لهدف واحد انه رسلان الروسى لكن رد رسلان لم يتاخر كثيرا اذا قال له ................. ان كنت قويا حقا ومفتول العضلات كنت سالقبك تمساحا نيليا لكنك علي ايه حال خائر القوي نحيف انهكتك امراض افريقيا وسكت ثم نظر الينا جميعا الواحد تلو الاخر بغموض ...وقال اهل لكم وطن!؟ ام ماضي وطن .... اين حاضركم واين انتم من خارطة العالم الان .. ان افريقيا قارة تسكنها العفاريت والجواسيس وكل دكتاتور يتصرف كانه اله ومازالت تنشر فيها حتي الملاريا لجدما غاظنى كلامه ، لكني لم اسكت ، وقلت له احقا ان تعليمك بجغرافيا الكون تحتاج الي ميزانية خاصة من وزارة التعليم الفيدرالية الروسية ... وقام حسن من مكانه وقال اسكت انت مخاطبا شخصي ووجه كلامه الي رسلان نيابة عني او عنا ان جاز التعبير ... .......... وبدا ينشد مرتجلا والعرق يتصبب من جبينه غزيرا ........... اتسالنى عن وطني ... فما وطنى سوي كهل يسير علي خطي الوهن ، يسير ينوءبالاثقال والاغلال والمحن ، تفيض به دموع الحزن والشجن ، يحمل راية السجان والجلاد في البدن ، ويلملم ان يجد قبرا ويستر في طى الكفن ، يري الاخلاق والاسلام يمتحن ، وتسالني وتسالني ... قلت في نفسي مخاطبا حسن احقا انك انسان مجنون ، وفارغ واجوف ايضا كيف تتغير انفعالاتك من اقصي اليمين الي اقصى اليسار احقا الجنون فنون ... ماعاش فينا من لم يراك اليوم تهزي يا حسن غدا تصير سقراط الحكيم ربما لا احد يعرف تصاريف القدر ، .................. ودخل العامري في الخط وهو معروف بميوله الادبية وايضا كاره للسياسة وقال اسكت يا حسن يا سادن ، ولاتفضحنا امام الضيوف ، لاتنس انك ضيف وهذا ليس ببيت لك علي كل حال . اسكت يا اخى , قلت له لقد زادت تخاريفك ، تتكلم وكان في المجلس التشريعي لقري الشمال واظن ان عينك علي العمودية حينما تعود الي الوطن ، لكن امثالك لا ينفعون لقيادة ركن نقاش في كلية بائسة اقامها متسول ، علي انقاض ارض حكومية ناهيك عن قيادة عمودية لها تاريخ وانت بطبعك سادن ربما تستفيد من الدعم السري للسدنة وتفصل لنا ثوب بطل حقيقي اترك عنك البلاهة أيها النوبي الاحمق فنخيل جدك لم يبقي فيها شي وارضكم بلغها البوار وانت تتكلم كانك امرو القيس تعلم الشعر وتحمل راياته وكانك الخليل بن احمد الفراهيدي واضع العروض اوكانك صناجة اللغة وموسيقارها عبر الاجيال البحتري يا سادن ..., وخاطبته انا ايضا يا حسن يا سادن ................ اسكت أيها الغافل ,, قال حسن وهو يوجه كلامه الي اتحكى عنى ... تعلم اولا ... من تخاطب .. امثالك لايجب عليهم ان ينظرو الي حتي في التلفاز ... قم وارمى واجب التحية لى أيها الحقير ...خاطبني حسن غاضبا وقبل ان ارد عليه قاطعه الشكري ايضا ياسادن يا حسن لما تزعل الحقيقة لاتزعل ..,. وانت كما يقول المثل النوبي قربة منفوخة قابلة للانفجار في اى لحظة وواصل ... احقا كل ما قيل فيك صحيح لا لبس فيه ولاغموض ... يبدو انك انتفخت يومان جلسنا صامين نسمع شعرك احقا ان شعرك لاغبار عليه اما باقي عقلك ,,اظنه عقل سخلة وراسك اللذي يشبه كثيرا راس خروف سواكنى ...... لايعنينى ما بداخله لواستثنيا الشعر الذي يخرج منه انت طبل اجوف .... وبدانا نضحك ونضحك عليه بصوره هستيرية وتداخلت الاصوات ,, الكل في عالمه ميت من الضحك ... اغاظت تلك الحالة حسن كثيرا وسرعان ما اتجه ببصره الي العامري وعيونه تتطاير شررا ..... ومن انت يا درويش وهل تعرف انت غير الضحك والقيل والقال ان فلانا نجح وان علانا سقط وان فلانة تحب فلان وان علانة قروي وسجمان من قبيلة فلان تخيل معي حتي تلك السودانية المسكينة محبه العلم ودارسة الطب لم تسلم من لسانك تلك الوديعة الحالمة بان تصبح طبيبة احقا انها لاتملك الكثير من المال وهي فقيرة ومن اسرة بسيطة الا انها فتاة ناضجة بما تكفى للحفاظ علي نفسها من ايدي العابسين وبائعي الكلام وانت انت كل يوم تاتي لنا بقصة عنها ... بما انها فتاة بالف رجل من امثالك انت وصاحبك العامري اللئيم ذاك ... لا اريد ان أقول اسمه حتي لا الطخ لساني بذكره انه احقر انسان قابلته في حياتى ..... بعدك طبعا .... بما اني لا اعدكم من فصيلة البشر ولكنى ساحكى لك حكاية طريفة ولكنها مؤلمة صاحبك هذا أيها المسخ تخيل انه كان جائعا ويكاد يموت بالجوع ادخلته الي غرفتي وطبخت له .... واكل مثل رجل لم يري الطعام من مئه عام اكل وشبع حد التخمة ونام في غرفتي وفي سريري الوحيد ونمت انا في الأرض .. اكراما له وبعد يومين بلغني انه يتكلم بخبث عني .. وانني لم اطعمه ولم اكرمه .... أي نوع من الناس انتم فالانسانية برئية منكم .. يا اشباه الرجال ولارجال .................... وهل هناك سادن للجهل الا انت قال حسن ولكن كلامه ونظراته تقول ان هذا الكلام موجه للجميع واردف يقول مثلا عربيا قديما ... (( أتذكر اذ لحافك جلد شاة وإذ نعليك من جلد البعير )) وكان الشكري يقول له اسكت .. ساريك من اكون ولن اجعلك تهنا اليوم ياحسن لاتنسي اننى اقوي منك ان صارعت ستبكي كالنساء ولاتنسي انني اعرف الكارتيه وقام ونط الي السماء كالصينين مسكه احد أصدقائه واطاح به ارضا ,,كان حسن جالسا ينظر اليه بلامبالاه ولكنه لم يسكت وبدا ينشد نعم سادن ........... اجل سادن .............. انا العملاق .......... انا الماكن ............ انا في خلدكم ساكن انا في عشكم داجن انا البركان انا الكامن انا الجاسوس انا في وسطكم مدسوس انا المزعج انا الناموس انا في نومكم كابوس انا الفيروس انا في نخركم كالسوس انا القائد انا الكائد انا لعملكم شاهد وافتك الافريقي من صاحبه وجري نحوه ومسكه من تلاليبه وقمنا جميعا وافضينا الشجار واقعدناهم لنستمتع معا بهذه اللحظات المجنونة وقال ستري يا حسن سنذيقك الهوان يا حثالة يا صهيوني يا حلاب التيس ساعيدك لتركب الحمار ثانية وتعش هناك يا مجنون ان كنت نوبيا حقيقيا ونيليا شرب من مائه لم تكن بهذا السوء وصاح باعلي صوته انت مزروع وجاسوس ورد عليه حسن .. انا يا حثالة البشرية يا ملعون ؟ انا بذرة الفاشية السوداء يا مجنون ؟ انا لا لا اقتل الاطفال لا لا ادمن الافيون انا شعب اجتاز مراحل الاحلام وراح يحطم الاصنام ويزرع في ثري الاعداء حقل سنابل الالغام يبدو انك شيوعي قح وكاره للعروبة يا حسن يا جمعة او انك طائفي بغيض وشخص لاتعرانتماءا للحمة الوطنية ما اسوا هؤلاء ... اترفض هويتك .. نعم اعرف اننا لسنا عربا تماما . لكننا لايمكننا ان ننكر وجود الدماء العربية وان لغة البلاد هي العربية .. ويجب ان تعرف أيها النوبي .. ان حضارتكم قد سادت وبادت .. ولم يعد من يذكر منطقتكم في العالم كله .. ان كتب التاريخ قد انحازت هنا للعنصر العربى او ان التاريخ قد زور بفعل فاعل.. لم يكن للعرب يد في هذ التزويير .......................... ولكن الغربيون كان لهم ماربهم البعيدة كانون يحلمون بالذهب وهاهم في ارض الذهب وكانون يحلمون بسيف بعانخى الذهبى وبسرير الكنداكة اماني ريناس وبالملاعق الذهبة والاسرة الملكية النوبية وكان يحلمون بسن العاج وباراضي مجهولة تحوي مدنا مطمورة ان الكثير من التماثيل قد سرقت وبعضها سرق راسها وبعضها قد سرق رجليه وهكذا لكن الأجزاء الباقية والاف المدن المطمورة التي لم تكتشف بعض كان مطمحا لهم ورد حسن بعد ان كان ساكتا يتامل في جوزيف بعد فترة سكوت انا لم انكر دور العرب .. وارتباط تاريخنا معهم هم جيراننا علي ايه حال ... وانا مغرم بشعرائهم واحفظ معلقاتهم واذكر شجاعتهم وبسالتهم .. وقوه الانتماء لموروثهم .. واذكر عفة قيس وكثير عزة وعنترة العبسي الا تلاحظ يا هرجلة ... جزالة الفاظي العربية لو لم اكن اتابع تاريخهم ومهموم بقضايا من اين لي كل هذا الصولجان اللغوي ..................... الا تسمع انت , ان لغتى سليمة الاتري عيونى ذو الملامح العربية وان كان شكل راسى يمور افريقية اعتقد انه في طول البلاد وعرضه ليس هنالك شخص كامل الانتماء جينيا وذلك لاختلاط عدة جنسيات لكن لاشك ان في جيناتي البعيدة شي من ملامح العرب وقد الهمتن] غزوات العرب وبطولاتهم واشعارهم وفروسيتهم ولكن هذا الجلف والذي يدعي انه شاعر ولايملك ايه ملكات انظرو اليه في راسه يمور غرور ناقص قال وهو يخاطب العامري زعل العامري وارتجل يقول شعرا ركيكا يا فلسفة عني تقول يا هرجلة فيك الخصال الناقصة فيك الخمول يا ابن تلك الحضارات الزابلة وانا انا الا تعرف من انا واردف يقول المعتوه انا ... انا ابن الشرق ابن ابن الوليد ابن الايوبى انا الشبل الحفيد انا سيف حمزة الوضاء في الماضي التليد وانا وهج الثورة البيضاء في العهد الجديد ستري يا حسن ان البلد ماض بالدماء ولا بالسياسة ولا بالمشانق وسنبيد اشكال ومن يناصرونكم وسنذهب الي الامام وحتي لو كان علي جماجم الشعب ,,, لانك حالم ولا احد في البلد كله يناصركم نحن البلد نحن اسياده انا حفيد المك واسال باشوات تركيا ماذا فعل جدى بابن محمد علي باشا اسماعين ... الا تعرف... ام انك يا حسن النوبي لاتعرف شيئا ... احقا انك طبل اجوف وانك لا تعرف التاريخ وان راسك ملي بالشعر الفارغ وهل سمعت يوما ان الشعر يطعم أحدا لقد مات معروف الرصافي سيد سادات شعراء العراق مديونا وكذلك صاحب ديوان اشراقة وشاعر النيلين الأزرق والأبيض التيجانى يوسف بشير وهو يعمل في محطة بنزين .الشعراء يا اخى هم دوما فقراء الامة حتى المتنبي شاعر العربية الأكبر ، مات وهو يمني نفسه بامارة منطقة صغيرة وواصل كلامه ..... انت كذاب ومنافق انت شاعر مهووس وغير عملي وغير عقلاني الشعر لايغيرشيئا ورد عليه حسن بسرعة بل يغير الشعب انت جاهل,, واردف روسيا كلها تسير علي تعاليم تولستوى التربوية... وواصل حسن كلامه في واحدة من اقوى مداخلاته ، اسمعوا نخب هذا المخبول .......................... : اسمع مني هذا الكلام أيها الواهمون مهما فعلتم ومهما نقلتم فسيبقى شعرى سيفا مسلطا ...... وستحكيه الأجيال وستتناقله الاعراب حتي بطون بني عامر والشكرية واراضي البطاحين وفي مراعي الرشايدة ................. وستكون أغنيات تنشدها بنات الحسانية في بواديهم البعيدة وستتمايل المواشي نشوانة بطرب القوافي لشعري الاتسمع انا احكي ................. واسمع يا شقي القلب يا عامري .......... حتي لو شنقوني لن اسكت ......... وقام كمن مسه جن ... وانشد وهو يلوح بعصاه لا ادري من اين اتي بهذا الخيزران ... ... فلتقيميوا في ربا الخرطوم الاف المشانق وتقيموا مهرجان الدم في كل السرادق وازرعوا الطرقات نارا وبنادق غير انا سنقاوم في جنين الرحم في سن الشرانق سوف ياتي كرنفال الثار في كل المناطق من جبال التاكا من قمم الشواهق من سهول الفور من عمق الطوارق من بلاد المحس من كل الجوانب سوف ناتي بالخوارق عن ايه خوارق تتحدث ايها المخبول انت في شمال السودان في قرية طرفية لكنه لم يستمع لكلامي واصل ثورت___ سوف ناتيكم حشودا وفيالق من جزائر النيل ناتي بالزوارق سوف تنمو من قبور المجد الاف الزنابق : قام العامري منفعلا كفي ايها المعتوه فشعرك جنون وغير واقعي نعم الشعراء يتبعهم العفاريت ............... نعم نعم سنجلدكم بالكرباج ونزيغكم العذاب ونفرقكم في شعاب الأرض نحن عندما نسكت فنسكت لحكمة ليس خوفا منك .. انا حفيد المك .. وابن سلالة العبدلاب نحن لانخاف .. فنسائنا فخر التاريخ .. حرائر الشرف الباسقات .. نساء في حرم الجمال دلال ... وفارسات ماجدات في صون انفسهن عند الشدائد والملمات يحكى التاريخ ............. كيف ان الاتراك ارادوا بهن سوءا كيف تصرفن .. يوم المضايق .. حكاية بطولة وسيرة معركة لقد افتدين بحياتهن .. واعدت سيرة حوريات النيل أيام زمان الامبراطوريات النوبية .. يوم كان الملوك يفتدين النيل باحلي عروس ابتغاء درء خطر الفيضانات الهدامة وارضاء لغرور النيل .. فليرحمكن الله يا ناس المتمة الجميلات نعم ... رمين انفسهن في البحر يوم تقرب منهن الانجاس جنود الاحتلال وهنالك قصة اخرى ......................... عجوبة حين ارادت خربت سوبا ورد عليه حسن بذات الانفعال ههههه المك اظنه مازال يجرى التاريخ لم يعرفنا اين قبره وانا مازلت مؤمنا انه مازال جاريا وهاربا اما ستات المك .. نعم هن فخر للسودان وليس هناك واحد في بلد المليون ميل مربع
|
#37
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
فارس من بلاد كوش
الجزء السادس بقلم عادل احمد يوسف يستطيع ان يقول غير ذلك اما مهيرة بنت عبود نعم نعم فانا احب سيرتها ولكن تلك القصص لاتهمني الان يا معتوه اجلدك قال ،،، هههه ,,, ههاي .. عن ماذا تحدث ’’ من تجلد أيها الارعن ، ليس هنالك مخلوق واحد في العالم اجمع يستطيع لي اصبعا واحد من أصابع يدي انما لامثالي من الرجال انما صنعت السيوف والاقلام والورق . ففارس مثلي ، قال قبل الف عام وكان يقصد أبو الطيب المتنبي الخيل والليل والبيداء تعرفني ، السيف والرمح والقرطاس والقلم ، انا الذى نظر الاعمي الي ادبي واسمعت كلماتي من به صمم لن اسكت .. وساشعرواغني .. عن الكادحين في بلاد النوبة والمهمشين في الشرق .. وعن كل شي يخالف تعاليم ديننا الحنيف وساحكى بلسان عربي فصيح . انا النوبي .. ليسمعنى الجميع ، وساشعر وادون ، واغني عن كل المهمشين في بلاد العالم ساغني عن الحرية .. وعن الانسان ’’ وعن البسالة ’’ وعن كل مضطهد انما كتبت ,, ساغنى بوضوح ’’ وسمو ’’ وبود وبعلم وبجهل ’’ وبفخر ’ ساغني ، واقول ، عن سراديب المهانة عن كرابيج العقاب ، عن براعم الجيل تقبر في زنانين العذاب ’ ابعثيها صيحة تطوي الشعاب ’ ابعثى الصرخة من وسط اليباب ’ صرخة المفجوع من هول المصاب قلت له اسكت يااخي لقد عذبتنا لولا لغه الشعر الرفيعة كنت ضربت جبهتك بالبيض الفاسد واصل المعتوه ثورته ثانية سوف تخترق الضباب ، سوف تدوي سوف تطرق كل باب ، اكشفى ستر الحجاب ، اكشفى زيف السراب ، كيف صار الدار وكرا للغراب ، نعم نعم سنطلقها صرخة داوية تزلل اركان القري والبطون . وواصل ينشد . سوف تزهر بذرة الشهداء في كل الحدائق وسماء الشعب يوما سوف تمطر بالصواعق ايها العهد المنافق عهد طماع وسارق ، كل ذنديق وابق ، اننا كالسيل كالطوفان ماحق ، اننا كالنار كالزلزال كالبركان ساحق ، فاحذرونا فلواء النصر في العليا خافق ، كلماتي ليست موجهة لمكان معين ، انما للظلم والجور في كل مكان ، في روسيا لضحايا الستالينية ، وفي افريقيا ضد الملاريا والكوليرا وفي أمريكا ضد التفرقة العنصرية ............................... انها للدفاع عن الانسان المضطهد عبر الازمان وسكت الجميع ...... نعم يا سادتي لقد احتدم النقاش السياسي ووصلت افاقا من السمو التعبيري اكثر من اي مكان ولكني رغم استمتاعي بثورة حسن الشاعرية الا ان الخوف قد بلغ مني مبلغا عظيما لان هذا الجدل غير المدبر وغير الممنهج دار هنا في الطابق الثامن في غرفتي واظن ان هذا الشي بالذات يربكني وانا الانسان المحب للشعر والكاره للسياسة وحسبى ان اقول بقدر ما استمتعت بانتفاضة حسن الشاعرية ، الا انني كنت نادما لاستضافتي لهؤلاء الاشخاص لان المندسون كثر في هذه الايام فان العين المراقبة تزرع الان في فناجين الشاي وانا في غني عن الف سؤال وسؤال ينتظرنى . قلت يا الله احمني من تداعيات اللحظات المفاجئة في جبين القدر واحفظ عبدك من عيون الكيد والحسد وتجار المعلومات . ووقفت بكامل جسدى وقلت لهم اقفلوا باب السياسة والا ساطردكم جميعا . نظر الجميع الي منهم من رضي ومنهم من لم يرضي ولكنهم في النهاية اطاعوا اوامرى , تواعدنا ان نلتقي في اليوم التالي علي شاطي الدون الهادى . جاء الجميع في عصر ذاك اليوم الغائم ,, وكانت الروسيات يتجولن بملابس السباحة مستعرضات اجسادهن الممشوقة بالوانها النحاسية ,, علي كثرة ما تعرضن لاشعة الشمس ،، ان الشاطي يشبه معرضا كبيرا لجميلات الدون . الناس جلوس في شكل مجموعات ، ولكن مجموعتنا كانت مميزة ، كنا نشوى اللحم واتي حسن بكيس كبير ملئ بانواع المسكرات من فودكا وويسكي وشمبانسكيا وكنياك ,,ان هذا العابث الماجن قد اعد عدته ، لاصيادالحسناوات ,,قلت له ماهذا ايها الشقي ,, لم نجي هنا بالغرض الذي يدور في راسك ,,انما جئنا لنستمتع بمواصلة الحوارات الاستثنائية ، في الشعر والاجتماع لا في المهاترات السياسة التي لاتنفع ولاتضر .... اجابني حسن عن ايه سياسة تتكلم . ، هذه ثقافة عامة ..... قلت له مازحا عن سياسة اصياد الحوريات في المياة العذبة ، ورد علي حسن قائلا ... نحن شعب النيل ’’ شعب المستحيل ’’ نهوى تسييس المسيس كل حين ,, ربما نهوى الصدام ’’ كل حسناء نحولها قصيدة ’’ عند حلق الرقص ’’ تبدو كالقوافي المستنيرة ’’ هكذا كان الطلبة يتناولون السياسة خبزا يوميا حتى وهم يستمتعون بسهر الليالي علي شطآ ن الدون بينما نحن نستمع بأجواء الدون الهادئة قلتم لهم .. أيها الاخوة المبجلون في حضرة الشعر ومحراب الادب . أيها الاوغاد عندما تتناولون وسخ السياسة ، اريد منكم إجابة شافية .. لماذا نحن السودانيون ، كلما اجتمعنا كانت السياسة حاضرة ، لسنا في كلية للعلوم السياسية . ولم يات واحد منكم الي هنا لدراسة السياسة ، اعتقد جازما ان غالبية شعبنا مصاب بمرض اسمه السياسة ، الأستاذ الجامعي ولاعب الكرة والرسام والفنان وسائق التاكسي وعامل الورنيش يتحدوثون بكل القوة وذات الفكر عن أمور السياسة وكل سوداني معارض ازلي لمن يحكمه او حتي لمن يجاوره في المنزل فيومنا أيها الاخوة ضائع في ثلاثة أمور ثلثه للنوم وثلثه للسياسة وثلثه لباقى أمور الحياة ودخل العامري علي الخط وقال صحيح جدا ماتقول والا قولوا لى .. ماذا استفدنا من انشغالنا بالسياسة نعم نعم لقد احالت أمور التحدث في السياسة شعبنا الي امه نسيت تاريخها ونسيت متطلبات الحياة العصرية . وجعلتنا في ذيل شعوب العالم . وقال متداخل اخر انتم محقون تبا للسياسة ورفع الجميع صوتهم ورددو متحدين لعنة الله على السياسة دعنا نعيش يومنا . ... وفي تلك اللحظة شعرت بأول انتصار حقيقى علي هؤلاء وشعرت بفخر وأصبحت مقتنعا اننا سنقضى ليلة هادئة ولحظات لاتنسى ، وفي تلك اللحظة بالذات . انما تقدمت نحونا فتاتين من شقراوات الدون واستئذنتا بالجلوس وقبل ان نسمح لهن جلسهن وقالت احداهن انا ناتاشا من راستوف وقلت لها اهلا يا سيدة الجليد ,, هل نسيتني بكل هذه السرعة ,,, لم تعر لكلامي اهتماما كافيا لا ادري ربما تكون لها غرضا اخر وقالت الاخرى... انا لينا من لينغراد وقالتا وهن ينظرن الي بعضهن نحن زميلتين في معهد الطب وقال العامري مرحبا بالغزالتين مازحا هنيئا للطب ..... وواصل موجها كلامها للفتاتين ,, مثل هذه الفاتنات العلاج عندهن لاتحتاج الي ادوية نظرة او نظرتين منهما عند اللزوم تزيل المرض وضحكنا كلنا ... ودارت عجلة الونسة بين الجميع .. قال حسن ,,ناتاشا معهد السينما يليق بك ,, فمثلك يا انستي يمكنك ان تكوني بطلة عظيمة لفلم يجسد احداث الدون الهادي فناتاشا احدي بطلات الراوية شبهك تماما ,, قد تكوني فتاه مثلها جامحة وشرهة وقد أكون انا غريغوى ... لكني لااملك مثل حصانه كما انك لاتحبينني مثل ناتاشا .. لكن الأيام كفيلة بحسم الأمور في صالحي ونظرالعفريت حسن الينا كانه يريد دعما معنويا من الجميع ولكنه بدل من ذلك وجد شماتة صامتة من الجميع الا انا حيث ... قلت لحسن هامسا اسكت ايها الافعي ,,لاتفتح لنا ابواب جهنم ولكن حسن لم يعر كلامي اهتماما وانما واصل حديثي ,, ان الجميلات من امثالك ياناتاشا خلقن لامثالى من صناديد النيل وفراسنته وهن روح الحياة ومتعتها ,, ضحكت ناتاشا بصورة هستيرية وطلبت لها وللينا بعض الماء وكانت تضحك وتتمايل وتنظر الي الجميع كانها ارادت ان تغرى الجميع لكن حسن صب لهن قدحين من الشمبانيا مع بعض الشوكولاتا وهو يقول لوكنت املك مصنعا للفودكا لكتبها باسمكما ,, تناولت الجميلتين كاسات الشمبانيا بحب وتوق وقامتا ترقصان .. الشكري كان مسا أصابه واقترب من ناتشا ولكني نهرته واجلسته حتي لا ليرقص مع ناتاشا وقام العامري ليرقص مع لينا أيضا ولكني حاولت اقناعها الا انه رفض وامسك بيد لينا وظل يمرجهمها اغدا سنتذكرك وسنتذكر ايامك الخالدات اذا امد الله في عمرك عد الينا واحضر معنا العيد ....وبدات تغنى اسرجت قافلتى على الوعد الطهور انها موسيقي هادئة وجميلة ركزت علي وجهها الصافي الجميل وصعقت انها امراة الجليد نظرت الي وضحكت احقا لم تعرفي يا حبيبي .. كنت متاكدا انك لم تعرفني ما اللذي تغير فيني لاني ضبغت شعري بالون الاسود ولبست بنطلونا من الجنز بدل الفستان اه انها لحظات رائعة لو عادت ناتاشا الي لكنها علي الاقل الي الحين في حضن شاب اخر بقيت انا وحيدا اتفرج اليهم والغيظ يملا قلبي وهن يتمايلن مع انغام اغنية عديلة ................ وبدا الجميع يتفرج علي وهم في قمة استمتاعهن .... وعندما بدا حسن يغني بصوت جميل ,, لم يجدي حسن ترديد اغنيته النوبية مع الروسيات وسرعان ما انقلب الي الغناء الافرنجي وبروسية مكسورة ابتغاء الاستثارباهتمام واحدة منهن لقد كان حسن يرتجل كلمات اغنية خاصة ، من دون اية تجهيزات اذن فلنستمع ماذا اعدها لنا كم اشتاق اليك ياجميلة يا لؤلؤة كسيت بماء الذهب ويا غزالة اذ تمشي وتنتشي كوردة مزهرة . اسقيك حبي لتسقني كاس العذوبة من رحيق شفتيك . تمايلي وانتشري بين يدي وتراقصي في عالمي . واملاي الفرحة دنا وتمني . كل شي هنا مبهر اغنية حسن و الدون هادي وجذاب . ليس هناك امتع مما اراه كل ذلك لايهمنى، لانه في عقلى ,,,, مازلت امل في تلك الشقراء كيف اقنعها ان ترقص معى ايضا ... ذهبت الشكري وقلت له دعنا نلحس معك من العسل قليلا نظر الي وهمس في اذنى ...... لمن تركت لحس العصيدة ياتربال النحس خاطبني العامري قلت له يا عفريت ،، العصيدة اكلة شعبية لاهالي وسط وغرب السودان نحن لاشان لنا بها ...قل لي مثلا من اين لك احتساء كاس من الدكاي او الشربوت كما يسمي عندنا تحببا علي ايه حال ’’ هذا الوغد لايرديني ان أكون سعيدا هذه الليلة كنت اعرف انه انسان نزل ووقح ، واناني ,,يحب الاسئثار بكل شى ، وقلت للعامري وهو بجانبي اخشى ، ان يكون هذالا الوغد وزيرا في يوم ما وينهب كل مقدرات امتنا كان العامري يضحك ويقول ، لا لا لا انشاء الله مايحصل ، وأيضا لا نعيش كثيرا لنري ، مثل تلك الاعاجيب ، ................... عدت انظر اليه واري وجهه العبوس ونظراته الكئيبة الى ، وكنت حزينا ,, وأقول كيف وقعت هذه الوردة البريئة في بطن الحوت ولكني علي ايه حال ، يئست من عناده وتشبثه بهذا الكنز الغالي ورضيت بقدري وجلست استمتعت بالاجواء . و منظر الحوريات والشمس التي تغالب السحب الكثيفة والخضرة التي تكسو كل الارض ومنظر الفنادق والابراج من الشاطي الاخر اه ان قلبي يكاد يطير ، ولكني لم استطع ان اصمد كثيرا ، وقلت ربما من تلك العينين الزرقاويتين ينبع نهر الدون ومن مداد الماء الرطب في شفتيها كتب شولوخوف الدون الهادي ، : ان صراع ناتاشا ولينا علي غريغوري بطل الدون الهادي لم يكن عبثا قد لا ينتصر الحب لاحد في ديار القوقاز . والقلوب المحبة هنا اظنها معلق بين السماء والأرض : وقمت من مكاني بسرعة وتوجهت لحسن ورمقته بنظرة حادة . لعله يفهم ان صبري قد اكتمل . ولكني لسبب مبهم خاطبت ناتاشا ، اترك هذا الفوكس وتعالي معي . ان حضني دافي واستوائي ، هل ترغبين بالدف ؟ وبالدلع . انا جاهز لاقدم لك رومانسية نيلية مع نشوة الشمبانيا . ,, مازال الشكري يمارس هوايته بالاستماع بلحظاته مرة بالرقص وتارا ببعض القبل في خد ناتاشا . ولكن فجاة حصل ما كنت اسعي اليه تركت ناتاشا الشايقي واتجهت الي وحضنتي بقوة . وقالت كنت اريد ان اغيظك . انت فارسي وجوادي .. تملكين شارة العشق ، وانغام الجمال ، واستطردت قائلة ، اريد ان اذوب علي وقع انفاسك الملتهبة وصدرك العاري يكويني منظره ، انا امراة كلي شرارات ، هنا تتولد ومضات العشق ، هنا في خدي تضي نجمة السعد وترقد اقمار السماء انا امراة لاتشبع ، انا البحر لاساحل له ، اذن ابحث عن اللؤلؤ والمرجان ان شئت في عالمي سرعان ما حضنتي وقبلتني وقالت الان الان يا جميل احبك اكثر ،وسرت في جسدي قشعريرة غامضة وذوبتي رائحتها الياسمينية وتذكرت التمرتين وحبي لربيعة وصوت ربيعة وعالم ربيعة وجلستنا في ذلك اليوم وكلمات العرافة اللعينة ،وسرحت . ولكني عدت الي ناتاشا هاهي تحكي عن نفسها ، بنهم كبير هيا لنستمع اليها ، انها ثملة الان ، غير مسيطرة علي نفسها تماما هاهي ناتاشا تتمدد في دلالها وتواصل كلامها :ان ترمومتر انوثني وصل مداده ، انا غابة المتع والرغبة الأبدية ، تعال بسرعة واحتويني اكثر ، وحضنتي بقوة ثانية انها هي التي تبادر ، وغاب وجهي بين نهديه ، واحسست بدف عجيب ، لا انكر يا صاحبي انني الان في عالم اخر ، تهت في ردهاته واغمضت عيناي دون اراداتي ربما لاستوعب اكثر وكان الناس من حولي في عالمهم ، منهم من يسكر ومنهم من يرقص ومنهم من يغني ومنهم من يتفرج ، وانا في عالمي لا اعبا بهم ، تركتهم وشانهم ولكن الجديد انه في لحظات او زمن لا استطيع ان احدده , اكتظت الساحة بناس اخر ووجدت اكثر من ثلاثون شخصا من الفتيات والشباب الروس قد انضموا الي ركب الراقصين والراقصات . واصبحنا نعيش اجواء حفلة حقيقة كبرى من اين جاء كل هؤلاء ؟لا ادرى . وكان حسن منسجما جدا وكان يستغل مهاراته الابداعية في الشعر ويؤلف لكل حسناء اغنية علي مقاسها . التف الي لينا فجاة , كانه شبع من الغناء وقال لها . لينشكا وهذا اسم التحبب والدلع للينا عند الروس ياشمس شموس الدون . ويا نخلة تتمايل مع نسمات الهواء . تغار منك الامواج وتتهامس النجوم في سماءها وكذلك القمر . ان الشاطي يبدو لي كسماء صافية . ومياه النهر تبدو كانها سراب . كم احبك لنشكا . مازال المجنون يمارس طقوسه . ونظر الي جموع الراقصات أيضا وتفحصهن واحدة تلو الأخرى وقال لهن . ................... وانتن يا جميلات الروس . تبدين كعشرون او ثلاثون قمرا يزين السماء . اه لهمس الكلمات وانتفاضة الالحان في ثغوركن . ووجع العاطفة الجياشة التي تجتاحني من وقع اصواتكن كم يحدوني الامل ان اعانقكن جميعا . واجعل من اجسادكن الطرية . عجوة اتذوقها . اه يا تمرة النخيل النوبية . اعشقك جدا ولكنني اخاف من القدح المسحور وعفرته وهيبة . اعلم انك تردين قتلي ، لذا لن اعود الي وطني ساعيش شبابي ، يوم تجدينني ، اقتليني بدم بارد وانا لست نادما علي مصيري . عندها ، ساكون قد عشت العمر الذي استحق . ولكني يا صحابي مترع بحب مذاق رطب القنديلة . وصفار رطب الجاووالبركاوي . في شواطي النيل الرملية والطينية ، وبدا يتاوه بصوت حزين ، نسيتك يا بنت المودة ، نوع من أنواع التمور النوبية ، اخرجني هذا المعتوه بكلماته الحماسية وقلعني من قمم رومانسيتي الي تائه يستمع اليه . هانذا انظر اليه كانه شي ممتع اقتربت منه . ,,,, وقلت له يالك من ابليس وافعي ، لقد انحازت الشواطي لعزفك المبهر ، وانرت هذا المساء الذي دخل لتوه امتداد لصباحه باغنيات لاتنسي ، لسوء حظي كان سحر حسن او جنونه او غبائه أحيانا قد جذب ناتاشا سابقا ,, لكن الان لم يعد أي منهم غيرى يستاثر نظراتها ، رقص الجميع وكان كل اثنين يكملون عالما خاصا بهم امتدت الحفلة او سمها كما شئت حتي الصباح ، وعند الصباح قالت ناتاشا انها علي موعد مع حسن لا اصدق ما اسمع الان ، يا الهى . كم لعوبة هذه الروسية ! اراها تتنقل بين الرجال كيفما شاءت من تحب هي ؟ قبل قليل كانت تتشبث برجع انفاسي وجسمها يتملل في حضني . الله وحده يعلم ...مايجري في راسها . ومع اولي شرارات اشعة الشمس التي غالبت الخروج من وراء السحب لكنها علي ايه حال رسمت علي صفحة النهر لوحات زاهية . انفض السمار كل الي مكان سكنه ,,استاذني حسن وقال انه سيربط سرج حصانه في مضارب اهل ناتاشا اليوم ذاك طريقته في الكلام ...اي انه ذاهب مع ناتاشا في بيتهم واردف قائلا ان دعوة هذي القوقازية الشقراء لي انا الفقير لله ,,قد لا تكرر وخاصة انها اسرت له انها تحن ان تنام تحت دف الشمس الاستوائية ولابد ان اسدد لها ثمن اعجابها بي وقال مازحا ان السماء لاتمطر ذهبا كل يوم . وليس كل يوم تمنح روسيا وسام القديس غريغوري لبطل مثلي وعندنا ايضا ليس كل يوم توزع الحكومة وسام ابن السودان البار . ولابد لي من تاصيل مبدا الشراكة البشرية مع مثل هذه الانواع من الظبيان وقلت له مهلا خذ راحتك وانتبه لنفسك عسي ولعل ان يجدك بعض صعاليك الدون مع ناتشاتاويجعلوك ارجوزايتقاذفونه حتي الصباح . اما الباقون لم يقل لي احدهم شيئا سوي غدا نلتقي في نفس التوقيت ونفس المكان اما انا فقد اتجهت الي منزل كنت قد استاجرته من امراة ستينيه بواقع اربع دولارات شهريا اسمها ماريا نيكولايفنا سوليمنكا وكانت تعيش مع زوجها . يوري سوليمنكو .....وحسبي ان اقول انني كنت حزينا جدا بسبب ناتاشا وخيانتها لي كانت هذه الاسرة البسيطة تعيش في منزل شعبي كبير مع حديقة ملحقه به بعد ان تشتت ابناءها في اصقاع الارض حيث كان يعمل الاول بحارا واسمه ايغر سوليمنكا اما ابنتهم الوحيدة كانت تعيش مع ابنها المعاق في منزل يبعد 10 محطات بالاتوبيس دخلت عليهم لاول مرة واستقبلتني ماريا بحفاوة بالغة لم اراها الا في القري النوبية عند امهات الكنداكات .. كانوا جلوسا علي العشاء فور وصولي وكانت المائدة في تربيزة دائرية فخمة مزينة بنقوش كثيرة وبارجل دائرية فخمة منقوشة عليها اشكال ناس وشجر وكان المطبخ مفتوحا وفخما وامامي يبدو الحديقة بازهارها وورودها وجلساتها شيئا مبهرا تماما . وكانت المائدة تحتوي علي انواع من اللحوم والاسماك وبعض المارتديلا وشيئا ما يشبه العصيدة وبعض المشروبات من عنب وكرز و3 قواقير اولها فودكا وثانيها شمبانسكيا وثالثها كنياك وانواع اخري من الخمور المعباة وانواع مختلفة من الحلويات . واثناء العشاء كانت ماريا تحكي لي عن تاريخها مع زوجها يورا اللذي يقف امامي ,, فهو رجل ربعة قامة ,, اشقر الشعر ,,نحيل الجسد . ويظهر عليه انه مريض ... يبدو لي كطفل صغير السن تماما . جا ء وقف ممسكا بزوجته كانه خائف مني ... سلمت عليه بالروسية . كيفك يا سيدي ، لعلك بخير والامور كلها علي مايرام . نظر الي نظرة غامضة نظر تمثال مثبت وليس بشري . انتبهت السيدة ماريا سوليمنكا الي اهتمامي بامر يورا وقالت لي ان امر يورا قصة طويلة ومحزنة . نحن نعيش منذ زمان طويل هكذا . لقد كان هذا الرجل البسيط روسيا شهما وانسانا نبيلا طوال تسعة اربعون عاما اعيش معه . لم اري معه يوما سيئا ,,, يورا حياتي ,,سرعان ماقامت من كرسيها وطبعت قبلة حانية علي خدي يورا . وانها تزوجته عندما كان عمرها ثلاثة عشر عاما وكان عمر يورا وقتها اربعة عشر عاما وانه كان جارا لهم وهم من اسرة فلاحية قوقازية وقالت ان علاقتها بيورا لمتبدا رسميا الا بعد الزواج بسنتين اوثلاث لان كل منهم كان يعيش في بيت اهله وبعيدا عن الاخر وقالت فيما قالت ان حمي غريبة قد اصابت يورا قبل ثلاث سنوات وانها ذهبت به الي مستشفيراستوف المركزي وهناك بعد تحاليل كثيرة اخبرها الاطباء انه لن يستطيع ان يعود الي ممارسة حياته وانعقله قد اصيب بضرر بالغ فقد علي اثرها النطق والسمع والتفكير السليم . وقد تم حجزه هناك دون فائدة لعشرة اشهر ولكنها ولكنها هربته واتي به الي هنا بعد ان تيقنت ان الانتظار هناك مضيعة للوقت ولن يات بجديد . وفي نفس الوقت ,, لم تستطع الجدة ان تعيش بمفردها حتي لو كان يورا صنما يتحرك ومنذ ذلك التاريخ فهم يعيشون حياتهم وانها تركت العمل ونزلت المعاش المبكر من اجل خدمة يورا .. نظرت اليه مليا في وجهه .وشعرت انه انسان وديع ووجهه لايخلو من الوسامة رغم تجاعيد السنين ,,, احقا احسست بان امامي يقف انسان رائع وبرئ كالاطفال تماما ويمكنني ان اقول ان يورا كان رجلا هادئا ورزينا لاتظهرعلي وجهة ايه علامات مرضية كانت الجدة ماريا تقف علي مقربة مني وتتابع كلامي بسعادة وضحكت ماريا وداعبت خصلات شعر يورا المتدلي كتفه وقالت له و هي تخاطبه حبيبي كن بخير لنكن بخير .... والتفت الي مازحة لاتخاف انه لا يعضاحدا ,,, ضحكت انا لهذه المزحة والطرفة الروسية .. وبعد ليل طويل من التعارف ذهبت الي السرير وسرعان تملل النعاس الي عيوني بعد مسيرة يوم شاق جدا وكنت قد ذهبت الي غرفتي ووجدتها مرتبه وجميلة ,, ستائر والوان وازهار تشعرك كانك في فندق خمس نجوم وتمددت في سريري بعد ان غيرت ملابسي واويت الي نوم عميقاو هكذا خيل لي .. صحوت علي وقع اصوات خافتة وجلست في سريري اراقب الوضع ..تبا ماهذا ,, اني اري جدران الغرفة الاربعة قد تمددت واصبحت الغرفة واسعة جدا وهاهو يورا يقف امامي كجني ظهر فجاة انه يلبس بنطلونا احمرا وشالا اسودا وطاغية مزركشة ,, لم اراه هكذا اليوم ,, نظرت اليه وشعرت بالخوف ,, فقدت جسارتي في الوقوف ولزمت السرير وقلت له تبا لك كيف دخلت الي هنا الجد يورا . اظن انك لست الشخص الذي رايته . ربما انت واعي وتتكلم ,, تبا لك .. الي الجحيم . رد علي تكلم يا يورا . كيف دخلت قل لي ..تكلم لا تمثل لي نفسك ابكما قل لي انت انسان ام جني ..يا الهي ماذا يحصل ولقد احكمت باب الغرفة واغلقته بمفتاح ولايبدو ان الباب مكسور وهاهو يورا واقف كانه تمثال ولاتتحرك فيه رمشة عين كما قلت لكم ,, اقترب مني الشبح او سمه كما شئت كنت اريد ان أقول له اثبت , لا تتحرك نحوي ووثبت من مكاني دون ان اشعر . وحاولت ان اصيح باعلي صوتي. لكن قوة مجهولة سلبت صوتي . اني ارفع يدي وانزلها ,,ارفع صوتي واخفضه لكن لا احد يسمعني ويجب ان اقول لكم يا صحابي انني اكاد اجن و لقد بلغ بي الخوف مبلغا عظيما وهاهو صوت من داخل يورا كانه صوت انثوي يتكلم مهلا يا عزيزي عبد المعين اين جسارتك ؟ وانسان تلك القارة لايخاف ابدا انه تعود علي الاشباح وصوت العفاريت قلت لك لاتخف وضحكت بصوت عال ومخيف اثبت اثبت ، لاتخف انت رجل ام لا ... الرجال في مكان لايخافون يدعون البطولة والمجد ويحكون عن عنتريات لاتوجد أصلا وبانهم الأوائل دوما . لم اسمع في حياتي عن رجل قال انه ثاني دفعته . هم الأوائل !! والأيام شاهدة علي ذلك ، انا اعلم انك افريقي قح ,, تمساح نيلي بلا انياب ، ولكن يجب ان تعرف ان الذي امامك ليس يورا . فالمسكين ينام هناك ... انا روح اميرة الكاهلية وسمني ماشئت سمني مثلا . سيوزا زوجة يورا او سمني جنيه يورا سولمنكو وبدات أقول لها ، اميرة حبيبتي . لماذا تفعلين فيني هكذا ؟ انا كنت احبك ولازلت انت من تخليت عني . ومن قدمت لي التمرتين بواسطة تلك اللعينة ارجوك ابتعدى عني لانني لست متاكدا من صدق كلامك وانك اميرة أصلا لم تعر الروح التي تركب يورا الان أي اهتمام لكلامي وواصلت حديثها لقد تزوجته منذ ثلاثة عشر عاما وهي تقصد يورا وكان مهري ان لايتكلم المعتوه ابدا والا كان قد افسد خططي ووافق ان يبقي صامتا الي الابد. هاهو اليوم ينفذ اتفاقه معي بكل اتزان انه رجل عظيم ملتزم لايخون المواعيد ابدا .... وأريد ان اخبرك انني اعيش معه بروحي وهو كذلك ولكن جسده تركته لماريا وهي بمثابة خدامة له ولي ,, انها امراة هائلة حيث تجتمع فيها جميع حسنات البشر لاتكل ولاتمل من خدمة يورا ان يورا سوليمنكو الذي يعيش بعقله معي متعب جدا لانه لايقوم باي شي وهو كثير الحركة أيضا كاطفال التوحد ويمكنني ان اخبرك أيضا انني عرفت الكثير من بني البشر وتزوجت الكثير من رجالهم وجندت زوجاتهم خادمات لهم ولي من غابات الامزون غربا الي هيرشيما في اليابان شرقا ومن ارض الاسكيمو الي ارض البافانا بافانا جنوبا ولكني لم اقابل بشري مثل ماريا .. انها تتمتع بقدر كبير من الجمال الروحي انها انسانة مطيعة جدا والخير يملا قلبها ,,لذا قررت ان لا اوذيها ابدا ليس هذا فحسب بل اوفر لها كل سبل الدفاع اذا ما تعرضت لمكروه . ان لي صداقات كثيرة حول العالم وصديقاتي المخلصات يعيشون في مثلث برمودا ,, انهن يقومون بما يلزم تجاه البشر . فهذه اسرار لايمكن الكشف عنها . وزت السودان وعشت علي النيل واكلت من فول السليم وتشبعت بحضارات وادي النيل ,وتجولت في وادي سليمة وزرت مقابر ملوكهم والتقيت ببعانخي بعد رحلة عبر الزمن استغرق تسعون يوما واوصاني بوهيبة وقال انها الاميرة الباقية من زمن الكنداكات اميرات وملكات النوبة . فوهيبة مثلا تؤام روحي ,, لقد دعوتها في منتدي عالمي لجنيات الانهار في الامزون وحكت لي عنك وذلك قبل سنتين واوعزت لي انها احبت شخصا اسمه حسن جدا جدا وفقدت التواصل جسديا معه وقالت لي انها بنت قصرا شامخا في عقله وسكنت فيه الي هنا انتهي كلامها واوصاني بك اما حسن فهو أيضا سفير من الماضي يتجدد امر حياته مع كل فيضان وهو متزوج من جنية من سيبيريا منذ سنوات . انه انسان عجيب وشاعر كبير ان العفاريت تلقنه الشعر . فقصائده واشعاره معروفة جدا في عالم الجن انه احد اكثر البشريين شهرة وكيف لا فوهيبة تمده بالاعلام اللازم وتسوق قصائده وكون له الاف المعجبين ولن يستطيع ان يعود الي بلاده بعد اليوم لان الجنية السيبيرية استاذنت وهيبة وتزوجته ... كاد قلبي ان يتوقف قبل ان افتح عيني واري ما هو امامي لكن لاشي .. ى هانذا ارقد وحيدا في غرفتي ولقد اختفي يورا بشكله وسيوزا بروحها حمدت الله وتيقنت ان هذه اللحظات ليست حقيقة ,,لكني لست ادري ان كان هذا حلما اوكابوسا او أي شي اخر ,,ولكن سلوك سيوزا ووصفها لحالة ماريا وحكاياتها عن بلاد النوبة وصداقتها لحبيبة قلبي ربيعة قد اصابتا عقلي في الصميم تاكدت من الباب اللذي كان مغلقا باحكام وفتحته والقيت نظرة الي غرفة يورا وماريا ووجدتهما يغطان في نوم عميق . شي مرعب حد الجنون ما يمر بي الان ... ..... وفي مستشفي المدينة ترقد ربيعة بين الحياة والموت كان الناس قد جاءو من كل حدب وصوب فزوجه احمد الذي يعرفه الكل بكرمه وطيبته وجمال اخلاقه يعيش اياما صعبة ربيعة في عرف من يراه في وضع صعب جدا لا احد يتوقع عودته الي الحياة الطبيعية تم استدعاء عدد كبير من الاطباء المشاهير من مستشفيات الشمالية ووصل اربعة من اكبر الاستشاريين من مستشفي البرقيق التعليمي كما تم استدعاء طبيب الكي الشهير عبد الجليل حسنين من مركز الكلي في مدينة عبري تم عمل جميع الفحوصات اللازمة ولم يجدو شيئا اجتمع الاطباء وتحدثوا انه امر غريب جدا وقالوا ان احدا منهم لم يشهد مثل هذه الحالة طوال تاريخه العلمي وان الوظائف الحيوية كلها علي مايرام وانها يجب ان تصحوا وتتحرك وان نومها ربما يعود لاسباب نفسية لاشان لتخصصاتنا بها ولكن في واقع الامر فان عقلها الباطني كان يعمل بقوة هاهي تتابع وهيبة وهي تاتي اليها في صورة لايمكن ان يراها هؤلاء الواقفين جلست وهيبة بالقرب منها وكان الاطباء قد ذهبو جميعا وقالو ىان الدرب يجب ان يعطي لها باستمرار لعل وعسي نكتشف هذا السر العجيب المهم ان وهيبة جاءت وايقظتها وجلست ربيعة معها وكانت بكامل صحتها قالت مهلا ياعزيزي ساقص عليك سري كاملا ولكن عليك ان تعرفي انني صادقة وانما ساقوله لك من الصعب ان تصدقيه بعد سفرك بيوم او يومين كنت ذهبت الي شاطي النيل وبينما انا اغني واسترجع لحظات حبي واسراها الرائعة واخاطب النهر وكنت اقول ايها النهر العظيم ان كنت حقا تجري منذ الالاف السنين وعاصرت الامبراطوريات وغنمت ارواح الكنداكات ارجع لي حبيبي اتو خدي اليك وفي لحظة فارغة جاءت المراة الملكية التي خرجت من عند حبة الفاصوليا الصخرة المعروفة وخاطبتني . لقد قبل ملك ملوك النوبة القديم مساعدتك بامر منه سنرسل لك زوجا يليق بك لاتخافي فانت اصلا حفيدة كنداكه نوبية عاشت منذ الالاف السنين ارجع وارقدي بسلام كل شي سيتم هذه خلال ثلاثة ايام الليلة وواصلت وهيبة كلامها لم استطع النوم طوال يومين وفي اليوم الثالث تعبت جدا واستغرقت في نوم عجيب وبينما انا نائم جاء فارس في لباس ابيض ورفعني في ظهره وخرج بالشباك كان يطير وانا ممسك به بشدة وقلبي يكاد ان يقع وفي وسط النيل افرد حناحين ونزل وانزلني في سفينة اشبه بمركبات الفضاء جاء ميدوب ومعه ىالرجال الاربع الذين ىخرجو من حبة الفاصوليا وعقدو القران وكتبوا نحن ورثه ملوك النوبة العظماء نشهد اننا زوجنا ك وهيبة زواجا بين الجن والبشر بارك النيل فيكما واختفوا ومنذ ذلك اليوم يزوني يوميا في المنام ويمارس معي حياة الزوجية اغمي علي ربيعة ثانية واختفت وهيبة رجعت الي غرفتي وظللت مابين النافذه والباب ارمق بنظري ان كان وراءهما شي ما انسانا او شبحا حتي ادركني الصباح تسللت بعض اشعة الشمس التي احترقت فتحات النافذة الي غرفتي بعد ان اذابت بعض الثلوج ومعها شعرت بذلك الفرح اللذي ياتيك بعد ساعات من الخوف والترقب ونشدان السكينة كنت اعتقد ان الارواح الشريرة مستوطنة في افريقيا فقط ولكني ادركت ان الامر كوني الصبغة وعالمي النشاة وفي كل مكان تقريبا من ارضنا الغبراء ,,,, وفتحت صوت قناة موسيقية عاليا وتصادفت صافية رتارا المغنية السوفيتية الشهيرة تغني وترقص في واحدة من اهم اغانيها الهاما . لاول تسلل بعض الراحة الي جسمي منذ وقت ليس بقصير ,, نعم لقد جهزت الجدة ماريا صينية الشاي وبعض الكيك وقطعة من خبز البر ((والذي يسمي في روسيا بالكربيش )) او الطوب . تناولت الشاي الساخن والتهمت الكيك بسرعة مما اثارت استغراب العجوز ، والتي قالت لي تمهل فان شرب الشاي الساخن بهذه السرعة ليس امرا جيدا وانه بالطبع يؤذي البطن ، وانت مازلت شابا صغيرا ، فكرت عن اسالها مثل ماذا ,, لكني تراجعت عن سؤالي ، لانني تخيلت ان الوقت مازال مبكرا لتساؤلاتي ... لم يكن بوسعي ان احكي ما حصل لي للجدة ماريا ,,لانني لم استاذن سيوزا وخفت من ردة فعل الجنية وتراءي في خيالي كلماتها القوية وثباتها في السرد ,, وتذكرت بعض من كلامها ... ان مهر زواجها بيورا كان الصمت اذن فالصمت هو احسن عربون يمكنني ان اكسب به ود الجنية سيوزا نظرت الي ماريا وكانت تنتظر الجواب مني قلت لها حسنا كل شي هنا مبهر ومشوق بيتكم فندق فايف استار لكني احبذ ان اخدم نفسي بنفسي قالت لي فنوك وهي كلمة روسية تعني حفيدي وقلت لها نعم يا جدتي واردفت تقول انها تحب ان تخدمني شكرا للرب علي النعمة التي فيها وانها تتقرب للرب بفعل الخير ,, ليحفظ لها يورا ولتهنئا معا بالسعادة التي طالما عرشت علي سنوات الزواج الطويلة قالت ماريا انها تشعر ببعض الراحة والفخر ايضا في التعرف علي شخص غريب مثلي اتي من وراء البحار شخص مختلف شكلا ولونا ومجتمعا نحن الروس شعب عريق وجميل الجمال يا عزيزي مواطن روسي والطيبة والعشرة النبيلة صفات خاصة للروس هم دوما معلمي البشرية وازيدك أيضا ,, ان الشعب الروسي هو اجمل شعب في العالم لكنهم لايتباهون بذلك ابدا وهنا تكمن سر عظمة وخلود التراث الروسي ولو اردت ان تحقق من كلامي فاذهب الي أمريكا فهي بلد عنصرى.. رقم شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان المزعومة وقالت هم الامريكان ليسوا مثلنا فهم مثلا لايقبلونبالاغراب وخاصة ذوات السحنات غير البيضاء لكنها استدركت وقالت كانها تعتذر . لكنهم ابتدعوا شيئا اسمه اللوتري وهي فرصة القرعة العشوائية للهجرة الي أمريكا او اليانصيب ،،،، ربما كفارة لكل تاريخهم الملطخ بالدماء انا لا اقصد شيئا يا حفيدي ،، انت انسان مختلف ويبدو من ملامحك انك ابن أصول ومن اسرة طيبة ولا اعتقد انك قادم من تلك المدن التي تتجول فيها الافيال والأسود في الشوارع مع الشعب ولا اعتقد انك تاكل اللحم نيئا .ولا اظن انك تحتفظ في ثلاجتك بشي غريب ... ابتسمت واومات موافقا ولم اجب علي كلامها ,,,, قالت لي كم انت مؤدب ومهذب يا ليتني كنت املك حفيدا مثلك .... تصافحنا علي نحو راقي وابتسمنا دليل الرضا وحضنتني بقوة . واصطكت رائحة ابطها بانفي . وأثارت فيني شهوة العناق وبعض الرغبة لشي ما , لا ادري ، أي علي الأقل ظاهريا شعرت بحنو بالغ منها ,, لا ادري ان كانت انتبهت هي ام لا ، لكنني لجمت الشيطان بسري ، وقد تكون مجرد هلوسات تهاجم العقل في لحظة ما قلت في سري ... وتذكرت نضالها اليومى من اجل حياة طبيعية وحاولت ان اخفف عليها او اوضع انطباعاتي عن الأدوار البطولية والإنسانية التي تقوم بها ولا ادري لماذا تراءي في ناظري صورة الام تريزا وقلت لها السيدة ماريا . انك تشبهين كثيرا الام تريزا ، ابتسمت وقالت لي انت تربط أشياء صغيرة بامور كبيرة وقالت هذه الإنسانية ذو سمعة كونية وهي جديرة بذلك ...اما انا فلست كذلك . انا لااعرف شيئا سوي خدمة حبيبي يورا ، ونظرت الي يورا بحنو بالغ وداعب خصلات شعره وقالت موجها كلامها الي يورا ، حبيبي فليشفك الله ، سالت منها دمعة وهي تنظر الي كانها تعتذر ومسحت بيدها وقالت ، اشكرك للاهتمام بي وبه .قلت لها اه سيدتي انت تعملين طوال الليل وتخدمين شخصا لايتكلمولايسمع ولا يفهم .. وانت سعيدة ,, احقا انك سيدة تعبر عن كل ملكات البشرية في الخير ، كم ياتري من امثالك في هذا العالم القمي الملي بالاشرار والملاعين واكلي لحوم البشر .... كنت انظر الي عينيها واري تلك الهالة النورانية تغطي جبينها انها حقا انسانة عظيمة قلت في نفسي اذن .. فليحفظك الاله ايتها القبس النوراني وايتها الراهبة الروسية هنيئا لك بتلك الصفات الاستثنائية ربما اراد الله لي خيرا يوم ان جمعني بك قد نتصارع نحن الثلاثة انا ويورا والجنية سيوزا في حبك واي كان المنتظر فستظلين محور الحياة في هذا البيت الوديع والهادي الجميل كنهر الدون تماما انتي معطاءة عشت ايتها القديسة لخيرنا وخير القوقاز جميعا ،، وتذكرت قول نزار قباني أيا امي أيا قديستي الحلوة الله الله يا ماريا سوليمنكا احقا انك زوجة وام عظيمة ليورا فليحفظكما الله ... وعندما كف صوت عقلي الداخلي عن البوح كانت ماريا وظلها يورا قد غابتا عن نظري وفي هذه اللحظة بالذات رن جرس التلفون وكان في الجانب الاخر حسن جمعة وبدا يتكلمدون مقدمات كعادته تماما وكعادة القرويين في شواطي النيل واليكم ماقاله ...... بالامس يا صاحبى كانت ليلة خالدة ليلة من ليالي الف ليلة وليلة ولكن بنكهة روسية خالصة الروس يا صديقي طيبون جدا ليس هناك شعب اخر في العالم يملك هذه الروح كل شي مذهل هنا قلت يا اخي ،، انا لا احب المقدمات الطويلة ادخل في صلب الموضوع قال مهلا ، طيب اسمعنى وواصل حديثه وصلنا الي هنا ,, وبالذات الي هذا البيت .. هوبيت شعبي ,, بثلاث غرف وصالة كبيرة كل الغرف بمنافع خاصة لم اكن أتوقع كل هذا الاستقبال ,,ريتا ام ناتاشا امراة فريدة ما ان دخلت البيت حتي استقبلتني بود كبير ,,كانها تعرفني منذ السنوات بيت كلوا ورود وتحف ولوحات .. لأول مرة اري في غرفة واحدة صورة طبق الأصل للموناليزا وصورة قديمة لمانرين مونرو وكذلك لاكترينا الثانية امبراطورة روسيا وصورة لماري انطوانيت وصورة لانجلينا جولي وصورة لهيما مالين لم استوعب لماذا كل هذه اللوحات لنساء شهيرات وجميلات جدا . ولماذ لم اجد صورة واحدة لفلاديمير لينين او لدستويفسكي ,,, ومكسيم غوركي ولاصورة حتي ليمنوسوف او غاري كاسباروف اسطورة الشطرنج .. الم يكن هؤلاء كلهم مشاهير . لم لاتوجد كتبا لبوشكين مثلا . او مخائيل ليرمنتوف ,, اعظم شاعرين في تاريخ روسيا ,, كنت غارقا في تفكيري ,,, نادتني ريتا ,,حسن ضيفنا العزيز تعال الي مكتبتنا واتفرج قليلا لقد قالت لي ناتاشكا انك شاعر مرموق لاتقل عظمة عن شعراءنا العظام وفجاة قالت لي سؤال سرني كثيرا انت تشبه بوشكين كثيرا . واردفت تقول هلي تعرف يا عزيزي ان جدة بوشكين من افريقيا وبالذات من اثيوبيا لقد اهداءه احدهم للقيصر . فهي اعظم هدية تلقتها روسيا عبر تاريخها الطويل .. فكل حبنا لافريقيا انما جاء من عمق حبنا لبوشكين العظيم . لقد احببتك قبل ان اراك ,, بيني وبين الادب والشعر رباط مقدس كانت ريتا تتكلم بحب وببعض الغرور عن حبه للشعر وفي تلك اللحظة كنا قد وصلنا الي مكتبة البيت تجولت يا صاحبى في المكتبة وشرحت لي ريتا بالتفصيل عن كل اللوحات والكتب والصور الخاصة . كانت تمازحني كثيرا واحيا نا تمسك وتضغط علي اناملي وتقترب مني . وتلمس بجسدها الدافي جسدي ... كنت مشغولا بناتاشا واتمني ان تذهب ريتا وتاتي ابنتها , لكنها كانت تقترب مني اكثر وكلما فتحت كتابا اقتربت ووضعت نهديها في جسدي . وتحرك يدها وتلمسني هنا وهناك . ان هذه المراة متعطشة جدا اظن انها تردينى حقا ..او تريد ان افك لها كربة شفتيها واحرر نهديها ، جلست الي طاولة مهملة ورمت نفسها فيها وقالت تعال الي اقترب منى .. فانا مغرم بافريقيا ورجالها لا اخفيك سرا . ان الافريقي هو ذلك الرجل الذي تحن اليه أي امراة كاملة . أي امراة تتمتع بمزايا استثنائية . أي امراة تهوي الجنس . وتملك تلك الطاقات الإضافية . انظر اليك واتخيل انني علي مقربة من تحقيق حلم ظل يطاردني في صحوى ومنامى . ان اتزوج نوبيا ولو لي ليلة واحدة . تعال يا عزيزي . مازالت الام تراودني عن نفسها ولكن خارت قواي , لكل مقاومة حدود . ذهبت اليها دون ان افكر في شي وضممتها بقوة ,, حتي داخت تماما سمعت وقع خطوات علي أرضية المر الواصل الي الغرفة وتوقفت , انتظر لاعرف من القادم .. لا ادري ما كان سيحصل لكنى حمدت الله كثيرا ان جاءت ناتاشا وانقذتني من ورطة حقيقية والاجمل من ذلك انها لم تراني في وضع مشكوك لانها كانت تنادي في أمها حين دخلت مما اتاحت لنا فرصة ترتيب نفسى وايقاظ من اسكرتها اللحظات هذه المراة المعجونة بحب الجسد .. عدنا يا صاحبي الي الغرفة الحلم والي الفتاة الحلم ناتاشا وتناولت قدحين من النبيذ الروسى وهانذا اكلمك وانا ارقص علي سطح الجبل فخيالى هناك في الاعالي ومملكتى امتدت في فسحات الكون وكيف لا يا صاحبى فتخيل انا راقد في سريري وبجانبي ناتاشا تبدو كحورية نيلية ,, ليس الشطان النيلية تولد كل يوم مثل هذه الحوريات ,, قد تاتي من البحر ويقصد النيل او من البدو الاقحاح باعي العطور فتاه تقاربها جمالا وشقارا ولكني اري اليوم الجمال النوبي الاصيل بشعر اشقر ولكن اعجب مافيها رقصتها علي انغام الموسيقي لقد لقنتها اليوم اغنية نوبية قديمة ولقد حفظتها من المرة واحدة . ان لها ذاكرة بصيرة . كل شى فيها يدهشك . وكانت ناتاشا دارسة التاريخ والمغرمة بتاريخ النوبة القديم تحفظ اسماء ملوكنا وملكاتنا عن ظهر قلب وهذه نص الاغنية التي كتبتها من اجلها ولقنتها .......................... عندما تتصارع المياة الهادرة وقت الدميرة وتاتى الاسماك مع الامواج ويضرب القمر سطح النيل يظهر منظر النيل او ظلاله كالوان قوس قزح ونسمع صوت الوابورات وصوت الساقية الوحيدة التي بقيت تصارع الزمان يبقي الجو جميلا ورومانسيا هذه هي الاغنية ومع دندنات صوت ناتاشا الملائكي ورقصاتها الجنونية وشعورها الطاغى بسعادة غامرة وتمايل جسدها الافعي المسكون بالسحر .. اشعر يا صاحبي انني تمساح الدميرة الما يخاف العوم وهانذا اجمع الجليد وهي وهيبة جميلة جميلات و حفيدات مملكة كوش تجمع الحطب نشدانا للدف واي دف في العالم من مدفئة صدرها الحلم وانفاسها المجنونة التي تلهبنى بشعور لايوصف حكاية ليلة بالف ليلة يا صديقي كانت امس ، سجدل يا تاريخ لماذا تركتني وذهبت أيها المخبول لن ينفعك الندم لقد اضعت اليوم الاكثر خصوصية يا صديقي ربما كان سيكون لك من هذه الكعكة الروسية نصيب ههههه وضحك بصوت مستفز ربما كنت قابلت ربيعة امس في مخدع الروسية اذن نلتقي مساءا وساحكي لك بقية الاخبار الاكثر دسامة في هذه الليلة سلام انتهى كلام حسن جمعة .................... ان هذا العفريت النيلي لم يدع لي حتي فرصة الرد علي هرطقاته قلت في نفسي يا له من شقي ومعتوه ,, حتي انه لم يكن متاكد اذا كنت انا في الجانب الاخر من الخط ,,,اسمعه او شخص اخر المهم انه كان يفرغ شحنات مكبوتة من لحظات الانتشاء أي جنية تحرك خياله ,,انه مزيج مبهم من أنواع كثيرة من البشر تجتمع فيه خصال الخير الشر , الجمال والقبح ,, الكذب والصدق الحنان والقسوة انه ليس بشريا بالمعني المعروف لدينا وخاطبت نفسي هذاجن جن احمر تبا لك يا حسن جمعة اللعنة يوم قابلتك ويوم توطدت علاقتي بك اووف لا ادري ,, ان حسن رجل عجيب مهما قلت عنه ,, انا لا استطيع عن ابتعد عنه كثيرا قلت بصوت عال وانا مازلت اتمدد علي سريري قمت علي رجلي وقلت بصوت عال سيوزا علي حق مثل هذا الكلام لايصدر الا من جني ابن جني تبا له ياسادتي ..احقا هذا الرجل يتكلم كثيرا ولكن شاعريته الفذه ومغامراته البطولية لحد التشويق يجعلك مرتاحا له علي اية حال .... وفي المساء ذهبنا الي الدون انا والمجموعة وحسن جمعة وناتاشا ورفيقات ناتاشا استقبلتنا ناتاشا واقفة وطبعت علي خدودنا قبلات دافئة احسست بالحرارة وعقلي يغلي من مشاعر مضطربة وشوق الي كلمات حسن الجنونية عنها ... وكانت تضحك وتقول ان حسن جمعة تمساح نيلي وانه اصطاد اكثر من عشرة اسماك في ساعة واحدة من نهر الدون وان حسن صياد ماكر . يخدع الاسماك ويستخدم مهاراته في السباحة بشكل رهيب لم اكن اتصور ان النيليين قادرين علي تطويع اسماك الدون وواصلت ناتاشا كلامها . . هنيئا لبطوننا الجائعة بطعم السمك اللذيذ ,, سمك الدون لقد كان والدي يعشقه جدا ,, وانا ورثت حب التاريخ والموسيقي واكل السمك منه . مرت علي جبينها مسحة حزن عابرة رفعت يديها الي السماء وقالت فليرحمك الرب ابي العزيز ولتعش روسيا علي ميراث كرم الاجداد وفضائل الصفات كم انا حزين انك لستمعي اليوم . كان سيكون مسرورا جدا بمعرفتك يا عبد المعين وايضا بحسن حبيبي لانه عمل بحارا وزار الكثير من الدول والهب فكري الغض بحكايات لاتنسي في الماضي ...حكايات وقصص عن الافيال في الغابات الاستوائية وعن الهنود الحمر في غابات الامزون وعن الناس الرائعين في فيتنام وعن جمال سكان السواحل الصوماليات وعن الشعب المرجانية في البحر الاحمر وعن ستات الشاي في سواكن وعن الاهرامات في بلاد النوبة ورعاة الابل في بطون البوادي كما انه تنبا بالذهب وقال ان المنطقة النوبية وخصوصا تلك المتاخمة للبحر الاحمر غني بالمعدن الاصفر وذلك لاصفرار جبالها ورمالها وصمتت قليلا كانها شعرت بالذنب وادخلتنا في اجواء حزينة لاتناسب هذا المقام وجلست تضحك بعد ان مد لها حسن جمعة كاسين من الفودكا مخلوطة بالكنياك وبعض الشمبانسيكا شربت قليلا واستعدلت في جلستها وقالت وهي تنظر الي حسن وتعانقه وتحرك خصلات شعرها الاشقر حسن حبيبى . انساني امس كل همومى . حملني الي الشمس واعادني الي الارض . وما بينهما مررت بحدائق السعادة الغناء ووصلت اعتاب الجنة الموعودة للعشاق كم احسست بعمق انوثي . وطغيان رغباتي في ان اعبر الأجواء الروسية كل يوم وكل ساعة . الى النيل باهراماته ومعابده الى جبل البركل خزانة الاسرار وادارت وجها صوب حسن وقالت مادام هناك في الأفق البعيد . يعيش مثل هؤلاء الناس . وطبعت قبلة في جبين حسن . كنت اتابع حسن وانظر الي وجهه . وكنت اري السعادة والكبرياء وعزة ما بعدها عزة ترتسم علي محياه لم يقل شيئا ,, ربما حملته كلمات ناتاشا الرومانسية الي عوالم لاتسكنه الا العفاريت ... وبعد لحظات قام من مكانه كانه استوعب اللحظة واخد الجيتار وبدا يهزى بصوت جميل وعذب . اطربنى صوت نغمات الجيتار ، وقلت حبابك يا حسن . ورد على قائلا ، انها قصيدة خاصة اسمعوها عن ناتاشا ، انها احدي اكثر المنحنيات عذوبة تلك التي عبر عنها المعتوه فلتسمعوه بصدق ، ... ناتاشا يا رطبا شهية ارتاح حي�
|
#38
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
[size="6"][فارس من بلاد كوش[
بقلم عادل احمد يوسف كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قذح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ، كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ، سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة .. على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت . (خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا ) طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ، تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها حتى عادت الصخرة الى طبيعتها .. خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء . .ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة . منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية . وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه . ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا . ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ، انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم . ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها . وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة .وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء . وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد . اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل ) كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم ..... ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ، وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ، يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة .. طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً... أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ... وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ... ( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) .... ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما . فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر . فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين . وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود . وصدقنا نحن الصغار ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم . ولكن منظر القبور يقول انها واقعة حقيقية .. كيف ذلك لا ادرى !!!! من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ، يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن . ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة . تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل . ذات يوم لا اذكر تاريخا له . ...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته . ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين ودستور امارتى لكم . ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم . (اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ، اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ، ولا اقبل رشوة لاداء عمل عمل غير شرعى ، ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه ولا عاشر امراة متزوجة ، ولا انطق بحكم دون سند ، ولا انصب الشراك للطيور المقدسة او حيوانا مقدسا ، اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة ) اقدم العطايا للمعبد ، اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى والملبس للعرى ،انعل هذا فى هذه الحياة الدنيا واسير فى طريق الخالق ، مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ، لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ، فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد. ثم تابع كلامه . ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائر يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش. اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد . اين محتويات العروش الملكية . لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض . هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء .. كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم . شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية . رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته . هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ، هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول . اسمعوا منى ، انها ليست تخاريف شيخ . انها تمتمات النيل عبر القرون . انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا اسمعى ايتها الجبال الصامدة ان عز للناس تصديقى هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين . كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه . رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا المقابر انت وهى موجودة , كيف ننكر ذلك . اذهب ايها الشيخ المخرف ، هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة . يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ، هل هى لعنة اله النيل ، ام غضبة الكنداكة ، ام سحرة موسى ، من يسير المكان هنا يا الهى .. ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ... مشيا على الاقدام . ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه . استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم .. ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,, وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى . وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا . وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ، والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى .. علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا . قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن
|
#39
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
الجزء الاول
_______________________ كنت اقف مع جمع غفير من ابناء قريتى فى يوم من ايام طفولتى الباكرة ، كان الجو غائما بجانب الجبل الكبير ، والذى ينتصب شرق قريتنا ، عندما يكون الجو صحوا وربيعيا ، يجتمع اهل القرية هناك هذه عادة متوارثة عن ابائنا الاولين . انه جبل يمتد على مسافة نصف كيلومتر ، تعلوه صخرة كبيرة تشبه حبة الفاصوليا ،وفجاة انشطرت الصخرة الى نصفين ...ثمة دخان كثيف ،وخطوط ممتدة منه كانها مسار طائرات ، كانت المسارات تتشكل من الوان عدة كانها الوان قوس قزح ،رايت بعض الاشباح الطائرة وسرعان ما بدا امام ناظرى خمسة اشخاص ، اربعة رجال وامراة ، كانوا جميعا يلبسون لبس النوبيين القدماء ,تلك اللبسات الملكية التى نراها منحوته فى اثارهم الخالدة ، ونقوشهم الممتدة عبر الازمان ، كان كل واحد منهم يحمل سيفا كسيف بعانخى الذهبى الملك النوبي العظيم ، والنياشين وحدها تزين ملابسهم ، سرعان ما انتظموا جميعا ونظروا صوب الجبل الذى كان خلفهم ، وأتت اشارة من هناك ، او هكذا بدا لى ، وبدوا يرددون النشيد الوطنى لمملكة كوش القديمة .. على نحو راتب ومهيب . اذهل الجميع وجعلهم متسمرين فى اماكنهم لبعض الوقت . (خلقنا الله ، فسجدنا له ،وجعل العالم ، ليهتف باسمنا ،فنحن الاوائل فى كونه ،وكل البشر اتو بعدنا ، فيا مجد كوش العظيم المجيد ، فمن فى الورى بك مثلنا ، وكنداكة تنسج ثوب المهابة عزا وفخرا ليبقى لنا ) طار الرجال صوب النجوم كصواريخ انطلقت من منصة ثابتة ، ولكنهم عادوا فى لحظات وبدوا يدورون حول الناس فى مسارات دائرية على ارتفاع مائة متر على وجه التقريب .واختفوا جميعا ماعدا المراة التى بقيت ولحظات الصمت المهيبة تجلد عيوننا والخوف يغزو رؤوسنا ، تمدد جسد المراة التى تقف كطود شامخ كانه بالون بلاستيكى وكبر واصبح اكبر من الجبل نفسه صاحت المراة صيحة مدوية وضربت الجبل بقبضة يدها حتى عادت الصخرة الى طبيعتها .. خاف الناس من هذا المنظر العجيب منهم من بكى ومن من خاف وارتعب ،ومنهم من فقد وعيه وكثيرون ضربوا الارض بارجلهم جريا صوب القرية تاركين هذا الكائن الملكى لوحده ، ..الكثير من البسطاء لايعرفون شيئا عن تاريخهم ولايعرفون شيئا عن ملكهم العظيم بعانخى الذى ارسل جيشا جرارا لغزو مصر لان المصريين اساءو للخيول ولا عن ابنه تهراقا الذي امتد ملكه حتى مشارف سيناء . .ثمه اقاويل كثيرة وتفسيرات جمة ، خرجت بعد ذلك لظهور هذه الكائنات العجيبة . منهم من قال ان سحرة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام والذى تحدث القران الكريم عنهم مازالوا يعيشون فى الارض النوبية ، وان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نفسه والذى يرجح الكثير من النوبيين انه كان نوبيا ولد فى هذا الجزء من العالم ، قبل ان يحمله النهر شمالا الى ارض الفراعنة وتلك قصة معروفة للجميع يقول البعض ان هؤلاء السحرة مازالوا قابعين فى جزيرة ناوة جنوب مدينة دنقلا الحالية . وان الحسد والبغضاء وافات كثيرة مرتبطة بالجدل والشعوذة قد تمكنت من النوبيين ، مما حرك مشاعر ألهتهم القديمة وارسلوا لهم هذه الكائنات العجيبة ، لترى الناس عجائب قدرتهم وسطوتهم على النيل وسكانه . ومنهم من قال ان هذه احدى الكنداكات اللائى رمين فى النيل منذ الاف السنين اتقاء الشرور ، وغضب النيل ، والفيضانات , وان هذه الكنداكة قد كانت وحيدة امها وكانت الام تتوسل الى ربها يوم اصطادوها قربانا للنهر .كانت تناجي ربها ، ليس اله النيل لانها لم تكن ابدا تعبد الهتهم ابدا ، انما كانت تناجى الها واحدا احد بعيد , اقوى من كل هؤلاء , عندما علم الملك النوبى انذاك بمعتقدات هذه المراة ،اختارابنة تلك الكنداكة قربانا للنيل ومن ذهب الى هذا الاتجاه فسر الظاهرة ان لعنة رمى الصغيرة قد عمت ارضنا منذ ذلك الزمان ،لان القرابين غالبا ماكانوا يختارنهم من سن الثمانية عشر عاما فما فوق وكانت الصغيرة يوم رميها فى النيل لم تبلغ العاشرة من عمرها .ومنذ ذلك الزمان فان التحذير من انتقام الالهة وتوسلات ام الكنداكة التي اثارت فضول الناس والتى انتحرت فى النيل غرقا بعد وفاه ابنتها مازال مستمرا الى يومنا هذا . ان النوبيين رغم انهم مسلمون الا ان بعضا منهم مازال يعتقد ان الالهة القديمة يمكن ان تاذيهم وان النيل مازال يفيض بمشيئة الهة النوبة القدماء ، انه الجهل ياسادتى لكن لا احد يستطيع تغيير الواقع وقلب هذه المفاهيم لان السحرة يحرسونها فى اعتقادهم .وكيف لا فان الطقوس العجيبة مازالت تسيطر على حياتنا بقوة اكبر مما مضى .فمثلا عند ولادة ابن جديد يهبون الى النيل ويتبركون بمائه وعند مرض احدهم وشفائه يذهبون الى اضرحة اولياءهم ويذبحون هناك خروفا او خروفين وعند نجاح ابن فى الاسرة فان سيدى ابو حسن ابو جلابية واضرحة اولياء لا احد يعرف عن تاريخهم هى ملاذات امنة لهم . ومنهم من قال انها روح ميدوب تتمدد خلاصا من الاذى الذى لحق بصاحبها . وهكذا تعاويذ القارة البائسة لاتنتهى ابدا من تقاليد الشلوخ والقتل والسحل لاخراج الجن واحيانا الضرب فى الراس حتى الموت .وشرب البول واكل الملوحة .وغيرها وافريقيا قارة تحكمها التعاويذ القديمة وتمضى بمشيئة السحرة وعصا الدجالين وبركة الشيخ المزعومة .وميدوب هو تجسيد للبؤس فى قارة الجوع والفقر رغم الغنى الفاحش لهذه الارض الغبراء . وسياتى ذكر ميدوب كثيرا لا فيما بعد . اسمى عبد المعين دفع الله ، ولدت فى قرية من قرى النيل ، اسمها مولين إركى ،وتعنى باللغة النوبية ( قرية الجبل ) كان والدى يعمل فى الزراعة بعد ان ترك جيش الانجليز الذى خدمه طوال خمسة وثلاثون عاما ابلى فيه بلاء حسنا ومنح على امانته وشاح القديس غريغوري لا اعرف تاريخا محددا ليوم ميلادى بالطبع ، لكنه مدون في شهادة التسنين التي اخرجتها فيما بعد ، وتسمى تقدير الطبيب للعمر الحقيقى للاطفال عند وصولهم لسن المدرسة ، وذلك بتاريخ الأول من ينائر كمعظم أبناء بلدى ، وتلك قصة قد تكررت كثيرا فى ابناء جيلى ولا احد اعطى تفسير دقيقاً لهذا التقليد ....إذ كان بإمكان آبائنا أو مسئوليى المراكز الصحية أن يسجلوا تواريخ ميلادنا فى نفس أيام الولادة كما تفعل معظم الأمم ، وهذا ما سبب ارباكاً للكثيرين من أبناء جيلى فى حياتهم ..... ولكن والدتى رحمها الله ، ذكرت لى عندما سالتها ذات يوم عن يوم ولادتى ، قالت فيما قالت اننى ولدت يوم أن اجتاحت السيول قريتنا ،وهدمت عشرين بيتاً ، وأوقعت آلاف النخيل ،وأتلفت محصول القمح لكل المزارعين ،وقالت أيضاً ان ميدوب شهيد القرية والذى وقع فيه سقف احد البيوتات المعرشة من سعف النخل كما هى عادة بيوتات النوبة عبر الازمان ، يوم السيل الكبير ، وأخرج من تحت الركام جثة هامدة ، وكان المسكين يحاول إخراج رضيع جيرانه اللذى جرفته السيول في ذلك اليوم الحزين ..ذاك لعَمرى ، حفظ ذكرى ولادتى من الضياع رغم انه مرتبط بمناسبة حزينة ..ويبدو ان القرية كلها قد تأثرت كثيراً بهذا الرحيل المفاجى والماساوى لشاب محبوب وخدوم حد الدهشة .. طالما وقف مساندا لكل قضايا القرية المصيرية ، ولقد سببت وفاته بالطبع صدمة كبيرة لكل سكان القرية والقرى المجاورة أيضاً... أقيمت سرادق العزاء لأكثر من شهر ، ورثاه الشعراء وتغنى بعظيم شمائله الفنانين ... وتكريماً له أقيم على قبره شاهد خرسانى ، وكتبت عليه العبارة التالية ... ( استشهد البطل ميدوب يوم الثالث والعشرون من يونيو عام الف وتسعمائه واتنين وسبعون وهذا يدل اننى انسان محظوظ وذلك ان نصف سكان القرية تقريبا يحفظون يوم ميلادى لان شاهد قبر ميدوب يوثقه ) .... ولميدوب قصص تروى , لقد مات منذ زمن بعيد كما قلت لكم ,, لكن روحه مازالت تؤرق حياة اهل القرية ,,فان ظهوره كثيرا وثم اختفائه اصبح لغزا ورعبا لاهل القرية .ومازال الناس محتارين ، هل كان ذلك الشخص الذى دفنوه هو ميدوب ام توامه ؟ ,, كما كان يقول ان له تؤاما يشبهه تماما . فى تقاليد القارة البائسة يمكنك ان تصدق كل شى ، ليس هنالك شى يوزن بالعقل ، فان العواطف والخرافات هى من تحرك قافلة الحياة وتنسج منوال الحياة لملايين البشر . فى فترة باكرة من عمرى شهدت احتفالا كبيرا فى القرية بعودة ثلاثة من مشايخ ماتوا قبل خمسون عاما . على وجه التقريب عندما اغرقت مياه السد العالى وادى حلفا ،على حسب ماسمعنا ، المهم ان هؤلاء المشايخ كانوا مدفونين هناك فى الجزء الغريق رمن المدينة ، ولكنهم قرروا ان ينتقلوا بمقابرهم الى القرية ويحكى انهم اوحوا لابن لهم بذلك ، وهو بدوره كان شيخا ورعا وصادقا لايختلف اثنان على ورعه وصلاحه ، وكانت على القرية ان تصدق كلما قاله الشيخ الجليل ابن الاكرمين وسليل الامة المبجلين . وفى اليوم المحدد وبدعوة من الشيخ نفسه ، ذهب نفر من اهل القرية يتبعون الشيخ ووجدوا قبورا ثلاثة فى ذات المكان الموعود . وصدق الناس ان الشيوخ يمكنهم ان يصحوا بعد موتهم ويتحركوا ويبدلوا مواطن قبورهم . ولكن منظر القبور يقول انها ليست قصة , بل حقيقة ماثله امام الجميع كيف ذلك لا ادرى !!!! في ذلك اليوم رغم صغر سنى كنت واعيا بما يكفى و بمايدور حولي ذهبت الي ابي وقلت له ..يا ابي كيف يتحرك الموتي بعد دفنهم وهل هنالك حياه خاصه بالشيوخ غير حياة الناس العاديين ,, وهل خصهم الله بهذه الصفات كان ابي ينصت لي بانتباه شديد ويقول لي نعم نعم انهم شيوخ اجلاء , ولقد توارثوا الخلافة ابا عن جد وهم في الاساس اناس متدينون , يعالجون بالقران كثير من المرضي والمجانين ويعلمون بعض الاشياء الغيبية بمدد من تقواهم ان الله يخص بعض الناس بقدرات استثنائية , ليست كلها ولكن بعضها, كيف يعرفون بعض الاشياء , هل يملكون الجن ,سالته ولجدما اذهلني روعه بهذا السؤال واقترب مني كثيرا وجلس علي ركبتيه لا ادري يا بني انه سؤال صعب لكن سقول لك كلاما واحدا سمعته من جدي قلت له ماذا قال يا بني اتعرف تلك الشجرة الطويله والمميزة الذي ينتصب في اخر القرية والمعروفة بالشجرة الخالدة قلت له نعم اعرفها قال لي لاتقترب منها ولاتاكل منها قد يكون هناك سر عظيم جزء من تمره يختلف لونه وحجمه وهنا يكمن السر لن لاتكلم احدا قلت له لماذا ان هذه المنطقة مليئة بالاشباح والارواح وتعاويذ اللذين ماتوا عبر الازمان , عليك ان تسكت ياابني , تاكد انه لو سمع احد حواراتنا , ربما تاتي الينا المصائب قد يسلط علينا هؤلاء غضبهم ولم يسمهم ولكني فهمت ما يهنيه علي اية حال ,قاطعته قائلا ماذا تقول يا ابي , ماذا قلت, اضطرب ابي قليلا وصال بنظره ناحيه اليسار ومن ثم اليمين كانه يريد ان يتاكد من ان المكان خال ولا احد يتلصص علينا وقال وهو يمسك يدي بكلتا يديه وهو جالس .اسكت يا بني ولاتنسي ان للنخل ايضا اذنان تسمعان . لم اري في حياتي ابي حائرا ومرتعبا مثل ذلك اليوم . من جانبي لم اكن مقتنعا بما قاله ابي ,, وكيف افهم من اين لهم ان يسمعوا ما قلناه وهم ليسوا معنا . ذهبت الي صديقي حسن واخبرته كل مادار بيني وبين ابي وقال لي هو ايضا .. انا ايضا لا اتصور ان للموتي قدرات خارقة . والا اين الملوك والجبابرة العتاه .اين بعانخي وتهراقا واين اماني ريناس واين اجدادنا الذين سدوا ترس الشمس باجسادهم وقطعوا النيل صباحا ومساءا واصطادوا التماسيح .. لوكانت هنالك خوارق لخصوا بها هؤلاء . وقال لي حسن مازحا لو كان الميت يتحرك لكان احري بجدك ان يعود الينا وهو الذي ملا اسماع الناس بالتلاوه والذكر الحكيم من هذا الاتجاه فان حكايات ميدوب الذى مات يوم ولادتى وقيادته للحياة فى منطقنا وامتلاكه القدرة على بلورة الاحداث ، شى لايمكن تجاهله فى خيال بعض الناس ، يحكى ان ميدوب قد دفن فى فركى خور ، وتعنى بالنوبية وادى فركى وهو وادى منخفض يشق القرية الى نصفين .. ويحكى ان هذا الخور يمتد الى مشارف مدينة ابوحمد عند انحناءة النيل نحو الغرب بعد مسار مستقيم لآلاف الأميال وهي مدينة تقع على النيل على بُعد ألف كلم تقريباً جنوبا من قرية فنتى اركى .... ويقال ان تلك المسافة يسكنها الشياطين ويقدر عددهم بالملايين . ويطلق عليه البعض وادى الجن . ويقال ان قبيلة الجن تزرع تلك الارض الممتدة والتى تقدر مساحتها بملايين الافدنة منذ الاف السنين ويقال ايضا انهم مسلحون بعتاد عجيب يمكنه ان يفوق قوتى امريكا وروسيا مجتمعة ويحكى ايضا ان هذا هو السبب الحقيقى لعدم زراعة واستغلال تلك الاراضى من قبل الحكومات المتعاقبة . تلك خرافات واساطير ولكنها تسيطر على التفكير الجمعى لاهالى النيل . ذات يوم لا اذكر تاريخا له . ...ظهر ميدوب فجاة وخاطب جمعا غفيرا من الناس وهذا نص خطبته . ايها السادة والسيدات احفاد ملوك وملكات كوش وكنداكات مملكته العظيمة قبل كل شى ، عليكم ان تعرفوا ، انا ميدوب ومهمتى ان ادافع ان ارث ومعتقدات ابائكم الاولين ودستور امارتى لكم . ميثاق خاليوت ابن بعانخى العظيم . (اننى لا اكذب ولااعتدى على ملكية غيرى ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء ، اننى لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ، ولا اقبل رشوة لاداء عمل غير شرعى ، ولا ادفع بخادم استجارتى الى صاحبه ولا عاشر امراة متزوجة ، ولا انطق بحكم دون سند ، ولا انصب الشراك للطيور المقدسة او حيوانا مقدسا ، اننى لا اعتدى على ممتلكات المعبد ( الدولة ) اقدم العطايا للمعبد ، اننى اقدم الخير للجياع والماء للعطشى والملبس للعرى ،العن هذا فى هذه الحياة الدنيا واسير فى طريق الخالق ، مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود ، لكي ارسم الطريق للاحفاد الذين ياتون من بعدى ، فى هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الابد. ثم تابع كلامه . ذات يوم وانا بالقرب من الجبل . رايت تلك المراة التى خرجت من حبة الفاصوليا ( الصخرة الكبيرة التى انشطرت ) ذات الروح الملكية تطير صوب السماء مغطية القرية كلها بجناحين كبيرين وهى تحدث صوتا مدهشا ،سمعه بعض اهل القرية ايضا ، كان ذلك الطائرة يقول . اين انتم من ملوك الماضى ، وملكات كوش. اين روح الكنداكات التى سيرت النيل وبنت الحضارات والهمت العباد . اين محتويات العروش الملكية . لقد اضعتم حضارتنا ،ورملتم تقاليدنا ولم تستطعوا حتى من استخراج ماتركناها لكم فى باطن الارض . هاهى الامم تسرق ملكهم وذهبكم وانتم نائمون ..ان طائرات تاتى من اين لاتدرون وسرقت عرش بعانخى الذهبى وانتم نائمون ،انتبهوا من اثارات صلب وصاى وكرمة وجبل البركل ومروى والاف المدن المطمورة , ان ثروتكم تعد بترليونات الدولارات ,مدن بكاملها طمرت وحضارات تحت الثرى ترقد من الاف السنين ولقد طواها النسيان يا من اخترعتم الابجدية واهديتم البشرية فن صهر الحديد وفنون القتال والنطفة الاولى فى فن النحت والبناء كفى رقادا ، ابناء النيل العظماء .. كفى انتظارا لعودة بعانخى العظيم .واصلت تثرثر واصبحت تتلو شيئا من تراثيات فننا القديم . شمس البوادى والمدائن والحضر ميسون عزتنا وماضينا النضر نوبا تباهى قوس غازينا انكسر النيل هرم الكون والشعب انتصر يا نخلنا المنثور فى شط الدرر يا قامة طالت اهازيج القدر انتهى كلامها هنا . هكذا قال ميدوب .. وسكت وهو ينظر للجميع كانه انتصر عليهم بالضربة القاضية . رد عليه رجل كبير فى السن , يا اهل قريتى لا يغرنكم كلام الموتى ، ميدوب هذا ميت وانا اللذى انزلته فى القبر ودفنته مع ثله من الناس ، لا اتذكر وجوه المشعيين يومها لكن الثابت ان هذا الرجل المقبور قد مات وان الشيطان يتمثل فى صورته . هل سمعتم فى حياتكم كلها ان ميتا عاد من قبره ،قلت له نعم نعم المشايخ الثلاثة رمقني الرجل العجوز بنظرة ازدراء ولكنه لم يقل شيئا لقد اغاظتني هذه الحركة وحاولت ان ارد عليه بحركه احتجاج . ان اصفق له مثلا لكن صديقي حسن كان بجانبي . لكزني برحله وقال لي بصوت خافت اسكت واصل الرجل العجوز كلامه هذه تخاريف رجال يملكون الشيطان ويطيعونه يا ابنائى ويا احفادى ويا اصحاب العقول . اسمعوا منى ، انها ليست تخاريف شيخ . انها تمتمات النيل عبر القرون . انها كلمات الصدق الباقية فى اخلاقيات امتنا المجيدة رغم خذلان الزمان لنا اسمع ايها النيل العظيم المدهش حقا اسمعى ايتها الجبال الصامدة ان عز للناس تصديقى هذا شانهم ولكن على ان اوصل رسالتى وبعدها لهم دينهم ولى دين . كان الرجل يصيح ولكن لا احد ينتبه لكلامه . رد عليه رجل يماثله فى السن انصدقك ام نصدق عيوننا المقابر اتت الي ديارنا وهي موجودة , كيف ننكر ذلك .ولقد راينا بام اعيننا لست لوحدي حتي تقولو انني مخرف ، لكن سكان اكثر من عشرة قري شهدوا معي وقال مخاطبا زميله اذهب ايها الشيخ المخرف ، هنالك ما وراء الجبل . ستجد الدلائل الدامغة . يا سادتى روح ميدوب المعذبة ، ستطارد قوافلنا الى الابد ، هل هى لعنة اله النيل ، ام غضبة الكنداكة ، ام سحرة موسى ، من يسير المكان هنا يا الهى .. ميدوب هذا يحكى انه من غرب افريقيا من نيجيريا تحديدا ، وكان عائدا مع بعثة الحجاج ،وتخلف عنهم لسبب غير معلوم وضرب النيل شمالا زائرا المنطقة كلها قرية قرية . حتى استقر به المقام فى حاضرتنا قرية مولى اركى ) قرية الجبل ) ويقال انه اتى ... مشيا على الاقدام . ولقد كان شابا لطيفا ’حسن المظهر وطيب السلوك..احبه الناس واحبهم هو ’ عاشرهم بلين القول وكرم المعامله وعاملوه باحسن منها ..وتكريما له او حبا فيه . استقطع له شيخ القرية خمسة افدنه من ارضه ليزرعه ويعيش بها ’ لان الرجل كان قد دخل فى حياة اهل القرية مدخلا حسنا واصبح جزءا لايتجزا من حياتهم افراحهم واتراحهم .. ما ان يتزوج شخص والا كان فى مقدمة من يقومون بواجب الضيافة والاستقبال ’ يجهز لهم الشاى وياتى لهم بالماء وما ان يموت شخص الا ان يكون اول من يتسابق لحمل النعش او ينزل الميت في قبره ,, وبعد ان مات بسنوات طويلة كان ميدون يظهر كثيرا وينقل الاعاجيب والالغاز والاحداث الى اهل القرية وذات يوم يحكى انه ظهر لاثنين من بنات القرية وقال لهن انه راى امراة بثياب ملكية تطير فى سماء القرية بشكل دائرى . وان جمعا كبيرا من الناس كانت تنظر الى السماء حيث تواصل الملكة دورانها ،، لكنها فجاة اقتربت من الحشد وكان الجسم الملكى الهائل يصغر ويصغر حتى اصبح مثل حبة الفاصوليا وتسلل الى راس احدى البنات الصغيرات ,, وواصل ميدوب كلامه .انها هى ، هى هى . نفس الشخص الخامس تلك المراة التى قرات نشيد مملكة كوش .ورايتموها جميعا . وفي اليوم التالى ظهر ميدوب ايضا وقال انه قبل طلوع الشمس قد راى عند النهر بنتا صغيرة وكانت تكبر وتصغر وما ان اقترب منها حتى بدت له صورة الملكة الطائرة,,وقال ايضا ان تلك الصغيرة التى راه مسجيا على الشاطى كان امواج النيل قد لفظته من باطنه و كانت ذو ملامح غريبة .. بيضاء كالثلج وعيونها خضراء وشعرها اشقر..وواصل كلامه كنت اريد ان اهرب , لكنها فتحت عينيها وقالت لى ,, هذا سر لاتذيعه انا روح الملكات النوبيات ,, جئت لاطهر الارض النوبية من دنس الاستعباد ، والانكار ,,ساكبر يا ميدوب وسترانى اعمر الارض النوبية وازرع معانى الطيبة وقيم التوارث الازلى .. علامتى اننى استطيع التكيف مع الظروف وابدل شكلى تصغيرا وتكبيرا . قال ميدوب فيما قاله ان المراة قد لقفته بجناحيها وطارت بها فى باطن الارض ونفذت الى اقطارها السحيقة ووجد عدد كبيرا من الملوك والملكات فى حفل ضخم وعظيم ملوك طوال القامة ، اقصرهم طوله يقارب الخمسة امتار ونساء وفتيات فارهات فى الطول وجميلات ما رايت اجمل منهن .. تحرك الملك العظيم من اريكته الذهبية وصعد المسرح لابسا نياشينه المزكرشة وقال لى . اشياء لم افهمها .فى ذلك الوقت , مثل ، ربيعة الكاهلية بنتنا انها ليست كاهلية كما تظنون وانما روح كنداكة نوبية سكنت فى جسدها وقال اياك والقدح المسحور ، لاتحكى اسرارها لاحد ، وقال لى الملك المعظم يا ميدوب انك من سلالة ملكية هاجر ابائك الى غرب افريقيا وهانحن عجلنا بعودتك ، عليك الاهتمام بالارض النوبية وموروثاتها وساهديك خاتمى الذهبى ، البسه فى يدك وعند الملمات اضغط عليه وستجد المفر من اي مشكلة تقع فيه بارك الجميع كلام الملك العظيم قال الملك باركوه وردد الجميع باركنا نحن جميعا ابناء مملكتك العظيمة ايها الملك المبجل وصادقنا على اوامرك .ميدوب ابننا بعد اليوم وسفيرنا الى الاحفاد ورثة العرش النوبى كاننى مولود نزل من بطن امه للتو ، عدت الى الارض , كيف لا ادري وباى وسيلة اتيت واى وقت استغرقت رحلة العودة لا ادرى ايضا ، لكننى عدت وكفى . عندما ودعتنى قالت لى ساظهر لهم تارة بوجه امانى ريناس واحيانا بوجه نفرتاتى واحيانا بوجه كيلوباترا ,, واحيانا كما رايتمونى عند الجبل.هذه كلمات الملكة .. قاله ميدوب للبنتين , يقول من حضرو بعد ذلك ،انهم وجدوا البنتين فى حالة اعياء شديد ولقد تم نقلهما الى مستشفى عبرى وتم افاقتهما هناك وبعد ان رجعا حكتا للناس ما حصل لهن ، بعدها . كان ميدوب يتكلم وبدا واضحا انه سارح بذهنه الي مكان ما قلت له كفاك خزعبلات انت الاخر اعتقد ان الشياطين وحدها تحرك الحياة في هذا البلد وفي لحظه اقترابي منه , اختفى ميدوب ثانية ربما الى مرقده الابدى وربما من نراه ليس هو انما تؤامه الاخر والذى تحدث عنه هو شخصيا . لا ادري الحقيقه . مستحيل ان ميدوب هذا الذي رايته هو هو الذي مات واكدت وفاته الكثير من اهل البلد ان فرضيه ان يكون تؤامه كان يدور في خيالي في المساء بينما كنت نائما . رايت حلما غريبا ثمه دخان كان يخرج من نخلة بعينها مرتفعة جدا وقديمة ومنتصبة نحو السماء ولاتشبه باقي النخلات في اي شي يقال ان ميدوب كان لاينام الا تحت ظلالها ويحكي انه قد ان يموت يملا جيبه من ثمره ويقول كلوا من هذه الشجرة الطيبة ان اصلها في الارض وثمرها من السماء وبعد ان مات كان الناس يرددون دائما انهم راوه هناك وفي يوم من الايام مررت بجانب الشجرة ورايت ورايت ثمة دخان يرتفع منه ميدوب وبنت اخري كان تقف ملتصقه به وتلوح لي وتقول دورك سياتي يا فتي انا وهيبة تذكر هذا الاسم جيدا .يا صديقي المستقبلي وستاكل يوما من ثمار النخلة لم اخاف هذه المرة , لان حياتنا كلها تحولت الي مجموعه من الترهات .والانقلابات الممتدة وارجو ان تكون هذه النقطه ماثله في اذهانكم . احتارت القرية لهذه الخوارق العجيبة بدءا بالصخرة وموت ميدوب وظهوره بعد كل هذا العدد من السنين . ______________________________________---------- كان اهلى يعملون بالزراعة في تلك الساقية التي ورثوها اباً عن جد .لم يكن لسكان تلك الارياف خيار اخر غير الزراعة والرعى . كانت هنالك نحو سبعون بيتاً في جوارنا ، بيوت اعمامى واخوالى وعماتى وانسابى . مع نفر قليل من عائلات اخرى.وكان صديقي حسن يسكن لوحده في اقصي طرف القرية في بيت قديم يخص اخا لجدي مات ولم يترك اولاد . تلقيت تعليمى الاول بمدرسة القرية،انا وصديقى حسن جمعة .. كنا حوالى ثلاثون شابا وشابة ندرس فى مدرسة القرية ,,كنت على علاقة طيبة مع الجميع ولكن ثمة شى مشترك جمعنى بحسن جمعة هو حب الشعر ونظمه .. كنا نتسابق دائما فى تاليف القصائد وحب العذارى ومفتاح دخلتنا الى قلوبهن تلك الذخيرة الشعرية الباذخة , قبل ان تفصلنا المدرسة الثانوية كانت لنا حكايات في نادي القرية حيث ليلة نهاية الدراسة ونهاية السنة تجمعنا ,, كنا نتسابق في كتابة المنلوجات والمسرحيات ومشاغبة الحسناوات وكذلك المتوسط وسافرت إلى دنقلا والتحقت بمدرستها النموذجية في المرحلة الثانوية .....وأثناء دراستى الثانوية وفى يوم من أيام الدميرة والناس مشغولين بجمع البلح من تحت النخيل ,,, وتلك الفترة بالذات والتى تسبق عندنا موسم الحصاد ... كنت اتجول تحت نخلات أبى وجدى وذلك في يوم قائم من أيام الدميرة ,,,وجدت هناك فتاتين من بنات العرب ,,, هؤلاء الاعراب غالباً ما يحضرون أيام الدميرة ويختفون بعدها ,, إنه موسم الحصاد ,,, موسم حصاد التمر ,, نعم نعم إنه عيد سنوى ,, يعم فيه الفرح كل قرانا ‘ ويتغير فيه شكل الحياة في القرية رأساً على عقب ، كثيرون من رجال ونساء وشباب وشابات يأتون من البندر ، وكذلك الاعراب من منطقة ارقو ووادى السليم وكرمة البلد وقرى المحس الجنوبية وواحة سليمة .......... ربيعة الكاهلية فتاة في الخامسة عشر من عمرها ، أو تزيد قليلا عن ذلك ,,انها تنتمي الى العرب النوبيين .. وهم خليط بين العرب والنوبة ,,جاءت من وادى السليم كانت ربيعة فريدة عصرها وجميلة لجميلات ذلك الموسم الاستثنائى بالنسبة لى . كان الناس يتحدثون عن جمالها الفتان وانوثتها الصارخة و جاذبيتها الفريدة ... إن الطول الفارع والقوام الممشوق والشعر الاسود المتدلى حد الركبة والعيون الواسعة السود وتناسق ساقيها والق وجنتيها قد الهمت الكثير من الشباب .. لذا كانت هدفاً للكثير من الفنانين والشعراء , حيث انها كانت ملهمتهم في الأغنيات واقول لكم كلمة قيلت فى ربيعة كانت ماركة من ماركات ذلك العام . كان صوت كاسيت لاغنية نوبية ياتيني بقوه وقفت واستمتعت بتك الاغنية حتي النهاية وانا اتاملها تماما وكم كانت كلام الغنية تلائم وضعي كانها فصلت لهذه اللحظة قديما قالوا رب صدفة خير من الف ميعاد هانذا اواصلي مرحي وانا انظر الي ربيعة ياقمر الزمان ارجع لينا تاني يامرح الليالي اشتقنا لقربك وللروح الجميله والطله البهية لدلع الليالي بالامس القريب شفناك ياحلو كل الحلة ترقص لوجيت مبتسم النخلات تنادي يا نيل ياسمح الاطفال تغني بطعم العسل ياقمر الزمان ارجع لينا تاني انت في قلوبنا شيدت الامل الغربة العجيبة لالون لا طعم العيش الجميل بدونك عدم يا جنه بلدنا يازهرة قلوبنا ارجع لينا تاني جيت ياحلوة تاني نورت البلد شلناك في الماقي والكل مبتنسم جيت ياحلوة تاني نورت البلد احقا اغنية رائعة وكانها فصلت فيها .قلت بصوت عال لقد كانت ربيعة الكاهلية اية من ايات الجمال ,,,وكان صوت ضحكتها يجلل في اطراف القرية ويفعل نوعا من الفرح المستدام علي طول اليوم . ولا حديث للشباب سوى سيرتها والق مشيتها ، ورقصة الخصل الولهانه متدليه على كتفها ، وقيل انها تحب الغناء وتكتب الشعر وتلحن الاغانى انها مزيج من تلالا الروح وسمو العاطفة وطغيان الجسد ثورة انسيابية ودلع يمشى على الارض . كل الاوصاف بسيطة فيها . سمعت عنها واعجبت بها قبل ان اراها وارسلت لها احدث اشعارى فصلت كلماتها تماما كيفما ارتسمت صورتها فى خيالى . ويقال ان أحد ظرفاء القرية قد قال عنها ، انها تشبه كيلوباترا زمانها .. بيد انها ليست لعوبة كسيدة الاسم . كل هذه الظروف قد الهبت فى دواخلى مشاعر مختلطة مما شجعتنى ان اقوم بدور البطولة . واتقدم الصفوف وذاك طبعى لن اغيره ,, احب الصف الأول من كل مهرجان وكل سباق . ولقد كانت جيئتها حدثا كبيراً للشباب . عزمت امرى لمطاردتها ,,,, ولم يكن لي اسلحة كثيرة ، ليس لى ميزات كثيرة عن كل هؤلاء الشباب اللذين تراصو للظفر بها ، قلت لكم انني كنت اتجول وسط النخيل وفجاة لمحت تلك الغزالة التي طالما ارقت مضاجعى ,,,نعم . وجدتها وكانت معها فتاه اخري منهمكتين في جمع التمر ، اقتربت منهن ،وقلت , ونظرى مركز الي سلطانة الموسم وقلت لها , اهلاً بك اميرة النيل وفاكهة الدميرة واهملت الثانية تماماً ,, لكن يبدو أن الثانية فتاة طيبة لاتعرف الغيرة الى قلبها مدخلاً ، وخجولة جداً ..كما توقعت ، التفت الي فاكهة العين ، اميرة النيل ، ربيعة الكاهلية وابتسمت فى وجهى وقالت لى وهى تتدلل في كلامها ، ماذا تريد ايها الشاب ,, يبدو انك اخطأت العنوان ، انا لا أعرفك بتاتاً ، يبدو أنك ولدٌ شجاعٌ وربما طينتك تختلف عن سائر الشباب في الامصار النوبية قديما سمعنا ان فارسا كوشيا عبرالنيل سباحة سبعة مرات تواليا لكي يكسب ود كنداكة نوبية اشتهرت بالجمال وانا اعرف جيدا وهذه حقيقة ( لقد كان هذا جدي ولكني لم ارغب ان اعلمها من انا ) إن أولاد القرى غالباً لايجيدون إنتقاء الكلمات التى تلامس قلوب العذارى. انت من طينة أخرى وكانت تنظر إلي بتحد واضح ، من اين لك كل هذه الجراة ؟ لتغازل فتاة مجهولة . وبدت تدندن وتغنى بصوت عذب اغنية لم اسمع بها لكنى بفراسة شاعر يمكننى ان اؤكد لكم ان ربيعة هذه مغنية قديرة وهاهى تغنى بصوت عذب كلمات اغنية جميله انها معجونة من السحر الذي خلد النيل ... وكلمات الاغنية هي ___________________ يا سمحة يا بت الجروف الساكنه في القلب الولوف بغناك لونت الحروف ومشيتي في الدرب المعرش بالورود عينك اه ..معجونة من سحر الغروب وسلاسل الشعر المذهبة المسافرة في الغيوم ونضارة الأنثي الوديعة في تلافيف السكون والشوق قد يدمنك يا بدر البدور اه منك اه من سحرك اه من دلعك اه يا بخت روحي بطلة القمر المنير ياعشق عيني بهمسة الضحك الولوف يا نسمة الفجر المباح سافرت في السحر الودود وعلي ضفاف خديك يا بدر البدور اقمت ناصية الهوي انتي المني ..الشاتلة شوقي في تباريح النوي الراسمة اسمك في الرمال وفي الخلاء وفي السماء الشاردة حتي ارتوت همسا وردده الصدي والنيل فاض مع الدموع وما ارتوى اني عشقتك يا وريفة مثل حلم غردا اني زرعتك مثل اسرار الهوى وكسيت بالشوق مدارات الصباية والجوى يا همسة القلب العذوب يا طلة الوجه الطروب قيسك عذبه الهوي اسفا لحب ما روي قلبى واتعبنى ومزقنى ومابلغ المدى كنت مشدودا جدا الى انغام صوتها الملائكى هذه الفتاة الموسومة بالسحر قد عذبتني من اللحظة الاولي هانذا ارقص كالمخمور تاركا الخجل والدهشة الاولي لمعرفة فتاة غريبة تمالكت نفسي واستجمعت قواي واخذت نفسا عميقا وسالت صاحبتها ,, لماذا لاتغنين معها , قالت لى وهى تضحك انها مجنونة , عندما ياتيها جنى الرقص تغنى هكذا لجدما ابهرنى ادائها المتقن للاغنية , لكنى علي اية حال حددت هدفي وقلت لها لا لا .. تستاهلين , انك احلى من هذه الكلمات واطول قامة من كل الالحان وارتجلت لها مركزا كلامى وعينى الى عينى فاكهة الخيال ربيعة الكاهلية ، بل انتى للنيل قرين وكل همس منك ترفد فى شواطئه عيون ..... وغنيت لها .. وانا ادند كأن الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى الله الله يا ربيعه القلب يا وصفه تداوي الروح ويا خلطة سحرية وقوي تهبنا الجمال من غابر الزمان ان مسار النيل وسيمفونية تداخل الامواج مع نسائم الصباح واشراقات الشمس واشعتها التي ترسم لوحة زاهيةعلي شطئان النيل مع اطلالة هذه الفتنة الكونية بكلما مافيها من مرح جعلتني في دهشة دائمة والي اشراقات قلبي وفورة روحي بلقاء هذه النيلية الممتعة . انما بلغت مبلغا عظيما من تجويد اللحن وتلطيف النغمة
|
#40
|
|||
|
|||
رد: فارس من بلاد كوش (رواية )
فارس من بلاد كوش الجزء الثاني ____ وانا ادند كان الطنبور فى يدى ..... يازهرة النيل على درب الهوى تدللى انى فرشت على بساط القلب كل حرائرى وملكت ناصية البيان بمعصى عطر الاماكن زرته وفرشت فى ردهاته سجادتى هيا تعالى اجلسى ومدي ذراعيك لي واقتفي اثر القمر بين السحابات الهجينة وبللي ساحاتي العطشي بفيروز ابتسامتك الملائكية وركزت علي المنحدر الناعم بين الحاجبين واحسست بطرب فى عينيها وكان بلون الشروق وواصلت كلامى وانا انظر اليها ،انه نفس العنوان ،والهدف هو هو ،وامثالى لايخطئون ،فهم اهل صيد وفراسة .. كل شى يكون في متناول يدهم إن عزموا على شى.. والمراد لابد ان يحققوه ، نحن ابناء واحفاد كوش ومن فى الورى مثلنا ، استعدلت فى وقفتها ونظرت مباشرة في عينى وضحكت بصوت جميل ،ومنحتنى هذه الضحكة اشارة الانطلاق نحو افاق الهوى. هانذا انظر اليها بتمعن اكثر ، واقيس بعينى الخبيرتين تلك المسافة بين وجنتيها ،وتجولت أيضا لاقيس اتساع حدقة عينيها ، واغمضت عيني وخاطبت نفسي لبرهة كل شى مسطرفيها باتقان ،كان مقاييس الجمال قد اخذت من هذا الوجه الباهر ،وقلت فى نفسى ايضا آه يالها من ملاك ,, كل شي فيها يصرخ اغراءا و فتنة .. لم ارى في حياتى فتاة بهذا الجمال ،،والغريب انها أتت لتجمع فى التمر ، وبدات اصرخ باعلى صوتى . يا عالم يا لاوهم اين انتم ايها السادة اين الرجال اذن فى ارض النوبة ؟ اين انتم يا ابناء ارض كوش العظيمة ؟ واين انتم يا احفاد بعانخى وتهراقا وأين العدالة الاجتماعية فى قرانا ؟ كيف لفاكهة كهذه تعمل في جمع التمر ؟ اين المستكشفين وأين الفضائيات ! مثل هذه الفتاة ،يجب ان تقام لها المهرجانات وتطاردها شركات الإعلانات ونظرت اليها وقرات علامات الاعجاب بادئة فى عينيها : من اين خرجت يا شمس هذا الصباح واطلقت لنا هذه الفتنة الكونية ، آه ثم آه يا ربيعة الكاهلية ،لكني في قرارة نفسي كنت سعيدا ،ان أحدا لم يلاحظ سحرها من القادمين الموسميين ،وقلت : حماك الله من اعين اهل البندر .. هذا شيء طيب ، لانك محفوظة الى هذه اللحظة ولكننى اخشى ان تراك عين متعطشة وتلتقطك منى ادام الله عزك نخلات جدى ،مادمت تثمرين لنا وبطرق اخرى . القنديلة وبنت المودة والجاو وربيعة الكاهلية ايضاً. كانت الجميلة تنظر الي باعجاب بالغ ،ربما اسكرتها الكلمات او هى فى الأصل ارادت ان تجاملنى، ومنحني هذا الموقف الإيجابي بغض النظر عن الأسباب الحقيقة وراء اهتمامها بكلامى . دفعة اضافية للمضي قدما في مقامرتي انها جرعات معنوية للاسترسال لشاعر مثلى لاتنقصه انتقاء الكلمات وانا مثل البحر زاخر باللؤلؤ والمرجان اكتب الشعر كيفما اريد وخيالى يتمدد ويكون اعطش فى مثل هذه المواقف ، اه ثم اه يا سادتى ليس كل يوم تفتح ابواب السماء ليهب النيل لنا حورية كهذه ، وليس كل شهر تثمر النخيل ليعطف بنا القدر بيوم رائع ايضا ،قلت في نفسى : نعم والف نعم للسعادة والجمال . تجاذبنا اطراف الحديث . ناولتني من جيبها تمرتين كبيرتين صفراويتين اكلتهما وانا انظر اليها بفرح وانفجر نهر الشعر في راسي ولم استطع ان اكبح جنون مشاعرى وبدأت اسمعها كلاما نثريا بصوت واثق وشجى ... ...... يا اميرة النيل وربيعة الدف السامي ويا همسة النيل الحيرى فى مناجاة الريح ويا رغوة الأمواج المتجاذبة الى روح الشطآن يا ايتها الكاهلية المعتقة بخمر ازهار الجروف اغيثى اذنى بهمسات دافئة بل اطلقى قريحتك واشدى ودندنى بصوتك الفخيم ،وشاعريتك البكرة تمام الالحان . وشجعى الحمام والطيور للغناء ، وارسلى للنيل همسات الحب والوئام ، ولملمى اوجاعنا الحزينة ، ارقصى ياسمحة الخصال ، وشتتى الشمبال ، تخيلى رحلة بقارب ، والموج في زحام ورغوة بيضاء ، طيرى مع الحمام ، يا بطة الغرام ، التفتت وقالت بثغرها الوثاب الله الله الله ،، شكرا لك ، شكرا لك .. لقد وضعت القمر بين يدى ، واطلقت عواطفى فى الهواء الطلق ، لاشم نفحات من قطرات الندى ، واردفت تقول .. اه منك يا شقى ,, اشعر برغبه في أشياء كثيرة وتابعت تقول .... لقد اعجبتنى خفة دمك ، وانتقاءك للكلمات انت تدغدع مشاعرى ، و تثير انوثتى ، يالك من شاعر بعنفوان نيلنا الخالد هذه ربيعة موجهة كلامها لى ،، وهانذا ثمل ونشوان احكى لكم من قمة تل الجنون ، كم كان وقع كلامها خفيفاً ,,,وكم اسعدتنى امتدادات ضحكاتها الملائكية .. اه ثم اه .. اين انتم يا رفاقى .. كم هى ممتعة وصلات الغرام . وبعد لحظات تسلقت احدى نخلات جدى ، وقطعت لها كل الظبائط الموجودة فى تلك النخلة وقلت لها ... وامرت قريب لى اصغر منى سنا ان يعبا لهما جوالين من التمر وشرع الطفل على الفور واتجهت صوب الجميلة وخاطبتها يا اميرة النيل وقلبى .. انت تستحقين محصول هذا العام كله . كل هذى التمرات لك وان اردت المزيد فابتسامتك اوامر لى ...كانتا تنصان باعجاب لى هى رفيقتها التى بدت عليها سعادة كبرى بما ان كل كلامى كان موجها لهدف معين الا وهى اميرة النيل ربيعة الكاهلية ، سرت الجميلة كثيرا لتصرفى ,,, وجاءت هي وصاحبتها لجمع التمر لا لا . لاتجمعا شى ،لقد كلفت شخصا لجمعه ، بعد ذلك قلت لها ,,,الا تعلمى اننى وفرت لك الكثير من الوقت ، قالت اميرة النيل لى نعم بل وأضافت وكل ما وفرته من وقت جراء وقفتك معي هو لك .ثم ضحكت مطولا وقالت : تلك هدية مذدوجة ان تنهال على كل هذا الاهتمام منك ، من شاب مثلك ، واى شاب . وقالت لى. سمعت انك شاعر وانا احب الشعر واموت فيه .. واردفت .. لو كنت حقا كما سمعت .. اهدى الي قصيدة الان ,, وكررت الان الان ,وعضت شفتيها بدلع ,, ولطالما احببتت تلك اللعنة فى حركة شفتيها ,, نظرت اليها مليا وقلت ,, اه صح انا شاعر واى شاعر يستطيع ان يصمد في رؤية هذا السحر الذى يغذو عينيك وارتجلت ..وانا ثمل برؤية ثغرها الوثاب واطير في ملكوت الفن السخي يافتنة العين يا حورية النيل اني احبك يا بنت الحلاوين عطر الاماسى ودف الليل اطربنى همس اللسان ولون الورد والزين شوقى اليك تراتيل معتقة خمرا فخمرا وذاك الكون يحمينى ووضعت يدي اليمين في صدري وواصلت مرح القوافي وانا مدجج بسلاح رضائها عني ان غبت حبى وخارطتى ويا لغتى تبقى الحروف بلا طعم وتلوين قلبى يهواك ها قد اكتوى كمدا كانت الجميلة منتشية وظننتها ستطير بعد حين مما شجعني ان اواصل جنوني وهانذا اواصل الشدو ثانية بعد فترة تامل لشفتيها التواقتين للكمال والقلب يدمع قبل الحس والعين وفيك مافيك يا روحا مهندمة تتلو جمالا يحاكى النجم والنيل وطيف حاجبك في صورة القمر قبل التمام فيا من منظر فنن ونبل مقلتك يبدو سواحلها كالبحر مدا وكم تحوى من صدف ومن زين ورسمة الفم فن فى خلاصته وتيه مشيتها للحب تلقين يافتنة العين يا حورية النيل دعنى اغنى وما للوصف تمكين دعنى لارسم مافى العقل من فنن يا فتنة النيل يا حورية االكون تاه الخيال ومالى في البكا لغة وسرحة النجم السارى الي حين اني انا الشاعر النيلى راحلتنى تمتد موجا وازهارا وتنين قاطعتني هنا وقالت يا لك من شاعر مجنون وضحكت بهستيريا وواصلت انفعالاتي ورب دار كساها القلب من كمد اعدت لجوفها نفس وتامين حتي اذا جاءت الاقدار في كنف اذاقها الشوق وجع الحب من تين وزيتون لقد احدثت هذه القصيدة ثورة في علاقتى بها ...وحقا عبرت حركات عينيها تلوح وتنتشى ربما الان احبك اكثر كانت تبكي صراحة وتلك الدموع كماء الذهب بل انني قرات في عينيها المنتشتين ماهو ابلغ من كلامها وقفنا للحظات ننظر الي بعضنا . وبعد فترة صمت ، قالت الجميلة : هل يمكننا ان نجلس ونتجاذب اطراف الحديث انه لشرف عظيم لى ان اقضى لحظات معك ثم كررت هيا نجلس ونتونس ونتعارف على نحو اعمق ان اردت يا طيب قلت فى نفسى وانا اتاملها مليا .. الله الله الغزالة قد وقعت فى الشرك .. لكنني لم اكن لارغب فى المضى قدماً في هذا المنوال فالقصور الفارهة تبنى طوبة طوبة .. ان تزرع فداناً في الجروف .. يستغرق منك تعب أسبوع كامل وقلت في نفسى، تمهل يا عبد المعين ، ما هكذا تورد الابل . وفي تلك اللحظة كانت هنالك نحو . جوالين من التمر تكفيها عناء العمل لاسبوع كامل او يزيد قد جهزت لهما من قبل الصبى جلسنا يا سادتى نحن الثلاثة والارض الواسعة افترشناها والسماء الصافية ممتدة الي لانهاية .. واحلامي بحجم الفضاء .. قالت صاحبتها لى ,,, هل تريد ان تعرف حظك . قلت لها لم افهمك , عن أي حظ تتكلمين ؟؟ ودققت في وجهها ولهول ما اصابني انها نفس البنت التي رايتها مع ميدوب قلت في نفسي عليها اللعنه ،، لها وهل هنالك من هو اسعد منى فى هذه اللحظات ,,, قالت افتح يدك انا اقرأ الكف .. قلت فى نفسى ربما قراءة الكف في مثل هذه اللحظات وانا انظر الى ربيعة الكاهلية والي تلك الشفتين المعرشتين بنار الغرام لاتعطى قراءات صحيحة كانت هذه الفكرة تدور في راسى وكانت عينى لاتفارق رؤية ربيعة الا لماما . قلت لوهيبة وانا مبتسم او مصطنع الرضا ... نعم ، نعم شى طيب يا عزيزتى . لكن اياك ان تقولى لي اننى لا استطيع ان اتزوج مستقبلا ربيعة الكاهلية ولو من باب المزح ..ولم افاتحها ابدا انني رايتها مع ميدوب لكني قلت لها ان مثل هذا الكلام سيكون انتحارا لك . ونظرت الي الى ربيعة ووجدتها منتشية بصورة جاذبة ومتوثبة كانها تريد ان تحضننى .. عدت الى عرافتى وقلت لها .. وان كان كلامك هذا مؤامرة منك .. تاكدى انني لن اترك كلامك يمر هكذا بل انني ساعاقبك .. عقابا لن تنساه ابدا وربما لن تستطيع ان تاتى الي هنا بعد اليوم خذى كلامي علي محمل الجد ..ماانتهى كلامي الا ان وجدتها تضحك ثم صممت قليلا واستعدلت في جلستها و قالت لا لا يا صديقي ما الذى يجعلنى اكذب عليك .. ان كنت لا اعرفك ، لكنني مترع بحب صديقتى الجميلة وكانت تنظر الى ربيعة ، وهي تبتسم وكانت ربيعة أيضا تبادلها نفس نظرات الحب والاعجاب .. الحلة وغطاءها ، كما يقول المثل النوبى القديم . وقالت بسرها لربيعة انا ساربط بينكما الي الابد وساربطه ايضا بي حسن جمعة حبيبي واسرت لصديقتها هنالك نخلة عالية لها سبعة فروع عمرها حوالي ثلاثة الالف عام يحكي انه من عهد بعنخي ولقد شتله الملك بنفسه واليها كانت تنسحب ارواح الكنداكات اللائي متن في النيل من ياكل منها واحد من اثنين اما يعود الي محبوتته او يتكلم في السياسة ان تمرة واحدة نجعلك تتكلم سبعة ايام متواليات في السياسة وتنسي امر الحب والعشق الا لحبيبتك الاصلية والاعجب ان هذه التمرة تعادي غيرها لو اكلت تمرة واحدة فان اي تمرة تاكلها بعده يعطي نفس المفعول لقد سماة النوبيون القدماء الشجرة الخالدة لكن ليست كل فروع تلك الشجرة مقدسة ,,فرع واحد منه وفي الفرع ظبيطة واحدة ,,,,, بعد ان اكملت سرها مع ربيعة اتجهت صوبي بنظرها وقالت وهيبة وهي تنظر الى كانها تتفحصني ، يجب عليك ان تعلم يا عزيزى اننى قارئة كف محترفة وغالبا ما تصدق نبوءاتى .. لقد تنبأت قبل ذلك بقيام سد مروى .. وبهبوط العملة الورقية وباختفاء جزيرتى جرجا وقورتين النيليتين .. وبامر الهدام علي شواطى قرية فنتى اركى وبامر الحرائق الكثير للنخيل كما جلدت رغباتى بسيرة زائعة الصيت و ملهمتى دوما كانت العرافة الشهيرة ام زينب الهوارية .. وام زينب هذه كانت معروفة حقاً .. انني أتذكر ذلك جيداً من حكايات جدتى ... كثيرا ما سمعت عنها في ونسات الاخرين أيضاً ... ساتطرق الي سيرتها في غير ذاك المكان قلت لها جميل جدا ، جميل جدا ما اسمعها منك يا وهيبة . ولكن الكلام متاح حتي للمجانين ، لكن اثبات الكلام بامور عملية هو بيت القصيدة ،،، نعم نعم نحن شعب نؤمن بالخرافات ولكن في نفس الوقت نؤمن فقط بتلك الخرافة التي يمكن تصديقها ، تابعت كلامي ولكن الان علينا ان نستغل الوقت باحسن طريقة ممكنة ..... اذن هيا بنا . وفتحت لها يدى . ، وانا انظر اليهما بسخرية كانتا منتشيتين وعلامات النصر بادية علي وجوهمها كانتا تبتسمان وتتمتمات بكلمات لم استطع ان اسمعها وهذه الحالة اغاظتني جدا ولكني بدافع من فضول عارم تجاسرت وواصلت صمودي ضحكت وهيبة بعد ان تركت يداي ربما لاحظت فيني شيئا يشبه الارتباك قليلا وتبعتها ربيعه بالضحك بصوت اعلي من صوتها وانا ايضا اطلقت عنان الضحك ولكن نكاية بضحكهما الذي لا اراه مبررا تمازجت اصواتنا ولم اعد اعرف كيف سينتهي بنا الامر ......ولكن في بالي كان يدور هناك سؤال واحد وهو ماعلاقه ميدوب بربيعة , هل هو صديق وهيبة فقط ام ان ربيعة ايضا تشتبك في بؤرة السر العظيم واحسست بشي غامض يسري في جسمي وفكرة سوداء تركل عقلي كانها توقظ فيني وتقول ربيعة ليست لك انه عالم يتعارك فيه اناس كثر ولم اكن اتقبل هذه الفكرة بتاتا ولو من باب المداعبة وقلت ان هذه الحورية قد شدت رحالها في عالمي واقامت قصرها المنقوش في شرايين القلب بينما اواصل شرودي الذهني في عالم ربيعة اي في غمرة انشغالي كما يقولون مسكت وهيبة بيدي بقوه وانا بدوري فتحت لها يدي على مصراعيها وبدأت تتاملها بتوجس . وانا مازلت في فمي طعم التمرتين وقالت وهيبة لي بصوت واثق وشجي اسمعني جيدا واجعل اذنيك الاثنتين مفرغتان تماما لما ساقوله سادت دقيقة صمت واردفت تقول كفك فنجان في وضع يبدو لى مقلوبا . قلت لها وانا اتصنع اضحك خلاص يا عبد الحليم حافظ يا العندليب النيلى .. اين فرقتك الموسيقية اذن .. وغنيت لها يا ولدى لاتحزن فالخوف عليك هو المكتوب يا ولدى . قالت لي العرافة .. صوتك جميل وجذاب ..قلت لها شكرا شكرا يا معجبة كنت انا امزح ظاهريا ولكنى في حقيقة الامر كنت خائفا بل مرعوباً ... ويبدو ان العفريتة قد لاحظت أمر ى نظرت الي وهى تشد يدى بقوة وبصرامة , قالت لاتخاف ياولدى وكررت ، لاتخاف يا أخى.. انت رجل ام إمراة ؟؟ الرجال هنا لايرعبهم شى . انهم بلا مشاعر . حتي لو طقه عقرب . يقف صامدا كالصخر . او كالنخلة الحمقاء كأنها وتد في الأرض او حجر ومعذرة يا صاحب الطلاسم ان استعرت شيئا من شعرك ونظرت الى وهيبة وقالت . اتفقنا وكانت توجه كلامها لى مباشرة .. قلت لها نعم نعم .. وبدات تقرا وتقول .. حقيقة ارى فنجانك فى وضع مقلوب وحبيبة قلبك سارحة وسط النخل وفى رمل الشطئان ، لكن هذا لايعني شيئا .ولايعنى أيضا أن السعادة لن تاتيك ابدا . وأن حياتك ستسوء . بل يعنى ان حياتك ستمر بمنعرجات غير طبيعية ، وازيدك يا صاحبى من الشعر بيت ان هذه البنت قد مشت بعيدا في استفزازى وانا كنت مستسلم تماما ,,, كانت صاحبة ربيعة مازالت تواصل كلامها موجها اياه لى .. لا لا يا صاحبى .. الفجر الموعود , قريب...... لكن هنا في شكل وطن قد يبدو حلما ، او هداما يقلع نخيلا علي الشاطى . او ذئبا ينقض علي زريبة البهائم ويعدمهم جميعا . او نزعة طفل يبدو مرعوبا ، وقت السيول ، ومضت تقول ... ولكن انقضى وقت الخوف لا تخف يا حلو المعشر .. ويا ابن الارض البكر .. وريث الثروة والجاه .. ... تاكد ان مستقبلك جميل .. بربيعة او غيرها .. انت رجل مبدع وخلاق وشاعر عظيم نعم انك لم تسوق نفسك بطريقة جيدة لكنى اؤكد لك ان اسمك سيذهب فى التاريخ كاحد اعظم شعرائه وسيكون للنيل من شعرك نصيب وكررت .. سيكون لك شان عظيم .. ولكنك ستمر بنفق نصفه ضوء ونصفه ظلام هنالك بقع بيضاء .. وأخرى سوداء قاتمة .. قد ياتيك الحظ في شكل رجل يصادقك ويقف بجانبك وقت الازمات او فتيات كثيرات تستمتع كثيرا معهن .. بنات من طينة اخرى ومن بلدان اخر . بنات تري الدم فى عروقهم يجرى . والذهب في شعرهم يلمع . والزرع في عيونهم يخضر , ممكن ان ياتيك في شكل بنت تتحرك فوق الجليد تمشى احيانا كانها قارب تجدفه التيار وتطير احيانا ,, ليس مثل الطيور تماما وتمنحك قبلة وانت قابع في تل جليدى .. او ربما ياتيك حظك رفع جسمها احيانا ثم تهبط الي الماء وانت تسبح في النيل ترفع يديك لتمسك بها او اشياء غير مالو كبطة تلعب في الماء لكن ثم ماذا بعد سالتها ... وانا مرعوب وكنت اكتم غيظى .... تاوهت قليلا وجرت نفسا عميقا وضغطت علي يدى كانها تريد ان تسمعنى بكل صفاء كل ما تريد قوله دون تشويش .. وقالت . وملامحها قد تغيرت تماما .. ربيعة ستكون معك والى الابد بصورتها ..مرسومة في جدار العقل بروحها ولكنك لن تتزوجها ابدا , وقع هذا الكلام كالصاعقة على عقلى وقلت انشاء الله انتى كاذبة لكنها اومات براسها كانها تعتذر وقالت هذا لايعنى انك لن ترى محبوبتك القدرية .. كحبيب وحبيبة ،، ربما بطريقة عابرة ترون بعضكما ان النقاط ليست واضحة ، فخطوط يدك متشابكة جدا لم اقرا كفا كهذا طوال حياتى ... ,,,,, قلت لكم هذه الكلمات قد وقعت كالصاعقة على راسى وشعرت بدوار وصداع ... وحاولت ن امسك يدها واقول لها نعم يا ربيعتى الان الان احبك اكثر . ونسيت امر العرافة ، وقلت لها ، ربيعتى واميرة قلبى .. ايتها الميدالية الذهبية ، لن تبارحى عنقى .. انت خلاصة المعادن النفيسة ، وقلائد الاميرات عبر العصور ، وانا البطل الخارق لمقتضيات المبارزة ، ساقطع البرارى وسانطلق علي صهوة العزيمة ، ولن يجرو فارس من اللحاق بى عندما يخص الامر ، بماراثون حلبة حبك .... انطلقى يا فرس الهوى وهنالك ما وراء المجرات تنتصب خيمة اميرتك . والتفت الى ربيعة وهى غارقة فى دموعها وقلت لها .. كلام النفس للنفس ، مقتبسا الهداية من رحمن الذات وايماءة العاطفة لاتستمع الي كلمات هذه المعتوهة ربيعتى الجميلة .. انت لى .. ولا احد في هذا العالم يستطيع ان يقلعك منى، فجذورك ياسيدتى ضاربة بامر الهوى في أعماق الأرض البكر ، ومعاولى عطشى للتوهان بعيدا فى الهوة السحيقة من ذاكرة الهوى ثم ،، حضنتها بكل ما املك من شغف وحنان . وكانت ربيعة غارقة في الحب حتي اذنيها . ارادت ان تبتعد عنى لكنها لم تستطع لانها كانت مشتاقة الى هذا العناق الدافى . استلمت ملاكى الجميل ونامت بين ذراعى كطفله صغيرة اتعبها الارق يا لها من لحظة سكرى . في جبين الصمت كنت اقبلها فى كل وجهها وأقول لها مهلا ربيعتى ابق معى الي الابد كانت تنظر الى نظرات غامضة ولكنها ودودة ، كانها تعرفنى منذ عشرات السنين . انى ارى الدف الذى ينبعث من عينيها كانها تقول وانا ايضا احببتك احببتك يا صديقى .. وتمنيت ان اقضى العمر كلو معك .. ايها الامير النوبى .. ان دقات قلبي تنبض باسمك الان حبيبى عبد المعين على كل حال الله يعين ,,,لم تكن الجميلة تتكلم هكذا ,,لكننى قرات فى عينيها موسومة بوشم الهوى الغلاب .... نظرت الي جانبى هنا وهناك ولكن العرافة كانت قد اختفت كان الأرض قد ابتلعتها .... .... وبينما نحن هكذا في حرم اللحظات الرهيبة , ثمة صوت من بعيد شق صمتنا وكنت اريد ان استوعب ماجرى وهى لحظات سكون تعقبها العواصف .. .................... جاء من بعيد فتى صغير جميل المحيا ، ضئيل الجسم فى مشيته عرج بسيط لا ادرى وهو يهرول ويبدو انه جرى مسافة طويلة دون توقف ، ان انفاس الفتى تحكي انه تعب وقف امامنا رافعا راسه منتصبا ، جال ببصره ناحيتنا واخير استقر نظره ناحية ربيعة وقال انتى ربيعة , ردت عليه ربيعة نعم ايها الطفل الصغير ما الخطب ، ومن ارسلك الى جاوبنى بسرعة ,, قال الطفل بسرعة ،والدتك مريضة جدا لا ادرى وقال الطفل أيضا .. انها تريد منك ان ترجعى باول لورى متجه السليمة . جدك ارسلنى اليك ، وطلب منك العودة فورا الي البيت ، , لا ادرى هل العرافة هي التي ارسلته ، ,,,تحولت لحظاتنا السعيدة الي شقاء ، كانت ربيعة تفكر في امها وانا كنت افكر فى ما قالتها العرافة ، وايضا فيما قاله الفتى الصغير ،، وكانت قارئة الكف قد عادت وكانت حزينة مثلى ولكن لما اختفت هكذا ثم عادت سؤال ملح كان يؤرقنى سؤال يلجمنى ،هل ياترى لن أرى ربيعى بعد اليوم سائلت نفسى .. وقلت في نفسي تبا لك يا ميدوب ما هذه التي رميتها في طريقي ,,, وقبل ان نبارح المكان أخرجت العرافة تمرتين من كيس كانت تحمله و قرات فيه بسرها بتمتمات غير مفهومة .. ناولتنى واحدة والثانية لربيعة ، ونظرت الها ربيعة وسالتها هل هي نفسها ردت نعم نعم كان مفعولها سحريا الم تلاحظي ابتسمعت حبيبتي اكلت نصيبى دون تردد ولا اخفى اننى كنت متوجس وقلق نوعا ما اما ربيعة فقد وضعت نصيبها في فمي وهى تقول الي الابد معا يا حبيبى . في السراء والضراء . ساحاول ان اعود اليك . ولكن ان لم اعد لا تبحث عنى ابدا ، لان القدر قد يكون قد اراد لنا الفراق . كم راق لي كلمة حبيبى . وكم اغاظنى الشطر الثانى من الكلام حين قالت قد لا اعود . اختلطت المشاعر الموجبة والسالبة فى خاطرى واحاطت جدار قلبى بكم هائل من الهواجس المريرة الحب يا سادتى سلطان يزين اريكة الامبراطور وظل يحنو لمسار الراعى ، ولحن يموسق قالب قافية شرودة يؤلفها شاعر مبتدي ذهلت حتى ارتويت وانا اسمع تلك الكلمات المتشابكة من احلى فم في خارطة الاناث ، فان النخلة الخالدة تثمر الكثير من التمر وهي تثمر طوال موسم السنة ولاتتوقف عن ابدا من اكل هدايا وهيبة وعندما اتمت كلامها غفوت للحظة رايت فيها صورة الملكة ووجه ربيعة ومن خلفهما وقف ميدوب مذعورا . وتهت وانا مغمض العينين فى متاهات الخيال السارح فى اقبية الجنون ، ونظرت فى عينيها والتي تبدو لى غامضة وحالمة وتراءى لي طيفها وهي تطير بجناحين عبر الفضاء الممتد الي الشمال رايت السحب والثلوج وجبالا من الجليد . ورجال شقر ونساء شقراوات وعيون خضراء . وكاننى مربوط بشى ما خارج النطاق الزمانى والمكانى .. في منطقة وسطى بين النجوم البعيدة . والقدر ينادينى كانها ومضات من جبين الشمس ويكتب اسمى في كف العفاريت السارحة في اللامنتهى ، ومنذ تلك اللحظات المجنونة . سكنت روح ربيعة فى دواخلى ,,, باسماء مختلفة وباشكال مختلفة في الليل والنهار والحركة والسكون والحزن والفرح واشياءأخرى ,,,ستجدها فى رحلتى مع الايام .. مع اختلاف الزمان والمكان . اختفت الجميلة مع اللوارى الذاهبة الى واحة سليمة ومع تجرعى لمرارة الفراق وقسوة الفراق وشرود الخيال ، فكرت فى اللحاق بها . وفكرت في التمرتين وفي كلام ابي والنخلة الخالدة وودت ان اذهب الي هناك ولكن ثمه عارض منعني فى مساء ذلك اليوم اجتمعنا نحن ابناء القرية لاول مرة منذ سنوات طويلة لنتناقش فى امورنا الخاصة دعوتهم انا شخصيا لمادبة عشاء واحضرت خروفا من حظيرة اغنامنا وكلفت صديقى حسن جمعة ليقوم بواجبات الطبخ وعدد من الشباب بواجب الضيافة دعيت حوالى خمسة وعشرون شخصا من الشباب وكنت اريد ان استشيرهم في امكانية ذهابهم معى لقرية ربيعة ، فى زفة كبرى تليق بفارس كوشى اصيل وذلك لخطبتها وان اعبر لهم بالتحام واصطفاف كل هؤلاء من حولى وباننى مهم وابن مشايخ ونوبى اصيل تجرى فى عروقى الدماء الملكية . ملوك كوش العظماء . وعليهم ان يعرفوا اننى الفارس الكوشى ويحق لى ان اتزوج من من اخترت ... وان اسرة ربيعة يجب ان تنصاع لشروطى والا فان الفيضان ، قادم والطوفان آت ، ايمانا منى بان اجعل الليلة مميزة وساحرة ، احضرت لهم سلفا بعضا من خمرة حاكمين النقية وحاكمين هذه قرية نوبية امتازت بجودة بلح الجاو المادة الاساسية للعرقى البلدى ،من تلك الخمرة المعدة سلفا من بلح الجاو الاصيل ونمي الي مسامعي ان هذه الخمرة تطعم بتمرة واحدة من الشجرة الخالدة لا ادري لماذا لا ادري لماذا ولكن الذي اعرفه انه عندما احتسي كوبا واحدا اوقدحا صغيرا ياتيني شيطان الشعر وابدع شرب الجميع حتى سكرو واكلو حتى شبعوا وكنت معهم مستمتعا بلحظات لاتنسى طلبت من حسن جمعة ان يغنى لنا ، ابتسم حسن واخد الطمبور ووزنه واتجه بنظره صوب الجميع كانه يريد ان يعرف مدى استعدادى للاستماع اليه تبادلنا الابتسامات علامات الرضا . بعد ان اطمان على الجميع والذين ترقبوا اغانيه بدا يغنى ، ....... باسمك ايها النيل العظيم رطنا ، وباسم حفيد ملوك كوش التقينا وباسم الكنداكات الجميلات تتفتح ابواب السماء لتهب لنا طراوة الصلاح اللذيذة فدا لك يا ايتها النخلة السامقة ،، المنتجة لتمر الجاو ، ولولاك يا تمر الجاو ، لما شربنا خمرة حاكمين النقية ( وهى خمرة كوش الاولى من بلح الجاو الحاكمينى الاصيل ) (( اخلطها يا صديقي بتمرتين من ثمار النخلة الخالدة )) عصير الملوك وعشق الكنداكات عبر الدهور ، الى اين تتجه اقدارنا اذن ، اللهم يارب العرش العظيم ، رب النيل ورب الجبال ، ورب البرارى ورب القفار ، فليسمعنى من فى البيوت ومن فى القبور ، من فى الجزر ومن فى الجبال ، بانى اغنى لاغلى الرجال ، رمز العز ورمز الفخار ، فيا طينة الشط اسرح معى ، هبنا الثمار وهبنا الزهور ، وفاكهة الفرح والبرتقال ، واكمل لفارسنا السرمدى عبد المعين سليل الشجاعة ، ورمح القبيلة زواجا اصيلا كاصل الجمال . وعند منتصف الليل . كانت ليلة جميلة ، لكن فى النهاية اتى الصباح ولم نفعل شيئا . ذات مساء وانا تايه فى مغارة الشوق ,, جاءت ربيعة ، جلست بجانبى وحكت مايلى , كانت وهيبة قبل ان اقابلها مع ربيعة فى ذلك اليوم تعيش قصة حب كبيرة ، مع شاب حسن جمعة لكنني لم اكن اعرف ذلك . ان وهيبة فتاة من قرية تجاور قرية صديقتها ربيعة ، ويحكي انها اتت الي منطقتنا في الموسم الفات ونزلت في قرية دفى وهي قرية محسية متاخة لمنطقة السكوت من ناحية الجنوب ، ويحكي ان علاقة نشات بين وهيبة وحسن ،ومن الطبيعي حسب مواريث مجتمعنا ان يكون العريس لبنات منطقتنا من نفس القبيلة . ونمي الحب بين هذين العاشقين وذات يوم تقدم حسن لخطبتها ، الا ان اعمام وهيبه رفضوا هذا الامر رفضا قاطعا ، واعتبروه عارا ما بعده عار وخاصة ان اثنين من ابناء هم مستعدين تمام للزواج من وهيبة واكثر من اربعة منهم كانو في سن الزواج ايضا كان والد وهيبه رجلا مثقفا وطيبا ومحبا لبنته الوحيده ، لم يكن ليرفض لها طلبا وكان في امكانه ان يعارض العائلة باكملها ويخاصمهم من اجل ارضاء بنته .. وعندما حاول ان يقنع بنته في بادي الامر ،ويوضح لها ان امر زواجها او مجرد خطبتها لشاب غريب سيجلب لهم الكثير من المتاعب وربما تحصل مقاطعة شاملة من الاهل جلست وهيبة علي ركبتيها وبدات تتوسل لوالدها انها تحب حسن ولايمكنها ان ترضي بغيره ، وان مجرد محاولاتهم لتثنيتها يمكنها ان تحطمها وتزيد من متاعبها الصحية وخاصة انها كانت فتاه نحيلة في جسدها . دخل والدها في صراع نفسي كبير بين امرين لا ثالث لهما ، اما ان يقبل ويكسب بنته وراحة البال ، او ان يرفض ويكسب اهله ويحطم مستقبل بنته وكذلك راحة نفسه الشخصية ، لم يكن الرجل بطبعه صبورا ولقد عرف عنه برغم طيبته الكبيرة سرعته في اتخاذ القرارات ، وذات يوم راي بنته حزينه وفي وضع يرثى لها ، سالها عن السبب وكيف له ان يساعدها ، قالت له ، والدي العزيز ، اريد منك ان تذهب لاعمامي وتجتمع بهم وتقل لهم ، انني مصره للمضي قدما والزواج من حسن ، وانك تؤيدني وستقف معي في كل الاحوال وهذا قرار نهائي لارجعة فيه . كان والد وهيبة قد اقنع تماما ، ان معارضته لهذه الخطبة وعدم موافقته لاتمام الزواج فيما بعد ، ستاتي باشياء كارثية ، ربما تفقدهه بنته الوحيدة نعن نعم لقد سيطرت عليه هذه الفكرة ودق الخوف علي جدار عقله بقوة لم يتريث كثيرا وسرعان ما خرج مسرعا الي حيث يجتمع الاهل في مثل ذلك الوقت وكان حسن ينتظره خارج البيت . وقال له ابو وهيبة اتبعني يا بني ساله حسن الي اين . قال له من غير سؤال تعال معي وستعرف الي اين نحن ذاهبون ووجد اخوانه كلهم هناك وكذلك ابناء اخوانه . خاطبهم جميعا دون ان يجلس اسمعونى جيدا .. نعم نعم : انتم اهلي ومن دمي ولحمي ، ولكن الشي الذي جئت من اجله شي خطير وان كنتم تحبوننى وتريدون لي خيرا ، ارجو ان توافقو قبل ان اصارحكم ويقيني ايها الاحباب لو ان الامر كان بيدي لما طرحت عليكم السؤال ابدا خاطبه اخاه الاكبر واسمه شمس الدين ، يا ابا وهيبة ما الامر ؟ ورد عليه ابو وهيبه الامر يا ابن ابي وامي انني نويت ان ازوج وهيبة من خارج العائلة من هذا الشاب الذي يقف امامكم . وذلك ارضاء لها وانتم تعلمون من هي ، انها وهيبة ابنتي الوحيدة ، وهي كل ما املها في هذه الحياة وكرر اريد ان البي رغبتها لاننى لا اريد ان تلومنى وتحملنى مسئولية فشل حياتها المستقبلية ان عارضت مسعاها وارغمتها علي الزواج دون رغبتها وانتم تعلمون انني لا املك غيرها . ارجو منكم ان تقفوا بجانبي هذه المرة ,، لان حالها لايسر وكان حسن يقف صامتا وخائفا ايضا ان هؤلاء المزارعين وابنائهم يبدو علي تقاسيم وجههم الصرامة والقسوة ايضا من اين اتيت بهذا الابله ساله اخاه الاكبر شمس الدين قال له ، انه شخص طيب ومن قرية قريبة من قري المحس لكنه سكن قريتنا منذ زمن بعيد ههههه ضحك الجميع قال اخوه الثاني بدر الدين يا اخي ان كان محسيا ،من اين له بهذا الشلوخ رد عليه ابو وهيبة والتف الي حسن وخاطبه رد عليهم وبين اصلك وفصلك لهم وقف حسن بثبات هذه المرة وقال لهم . انا لو اردتم ان تعرفي اصلى وفصلى من ابويين مختلفي الانتماء امي من فلاليح ارقو والمعروف ان هؤلاء الفلاحين وهم بيض البشرة من بقايا الاستعمار ووالدتي من قبيلة الشلك الافريقية المعروفة وان كنت قد اخذت بعض من ملامح والدتى ، الا انني اعتز بقبيلة والدى وهو شلكاوى اصيل تجري فيه الدماء الافريقية الحارة وهو ابن رث من الشلك كان له مقام وجاه اصيب الجميع بالصدمة الشديدة وقالوا يا ابا وهيبة ، ان كنت تريد لنا ولكم خيرا ، اذهب من هنا بسرعة ولاتجعلنا نقبض علي هذا الغريب وان قبضنا عليها , ان تعرف اننا سنقتله في الحال لذا اخرجو من هنا وبسرعة قالها الجميع بصوت واحد وفي معمعة الصراخ من هنا وهناك .. اصيب ابو وهيبة بتشنجات كبيرة سرعان ما غاب بعدها عن الوعى .. حملوه الي مستشفي دلقو القريب وهناك لفظ انفاسه الاخيرة .. كان حسن معهم حتي اخر لحظة ولكنه حينما علم بموت ابوهيبة ، خاف علي نفسه وغاب عن الانظار .. حمل اعمام وهيبة جثمان والدها ورجعو من دلقو الي بيت والدها .. انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم وعم حزن عارم ارجاء القرية والقري المجاورة بعد ايام من الحدث الجلل .. افاقت وهيبة علي صدمة اخري اخري الا وهي صدمة اختفاء حسن وتقاعسه عن القيام بواجباته ايام الوفاة لقد انكسرت وهيبة في خاطرها واصيبت في كبريائها ، كيف لرجل تحدت العالم من اجل الزواج به وغامرت من اجله بسمعته وسمعة العائلة يوم قبلت به وهو الغريب عن هذه المنطقة ليس بحكم المولد بل بالانتماء للجذور والتاريخ وتخيلت والدها ولحظات الحزن الرهيبة التي اعقبت وفاته وكانت وهيبة تؤنب ضميرها وتحمل نفسها المسئولية كاملة بعد ان اندفعت وراء رجل غريب ، يفتقد الي النبل والشهامة ، رجل ترك حبيبته في ذورة حوجتها له .. لقد فكرت وهيبة في هذه العلاقة التي سببت له كل هذه المصائب وهاهو طيف والدها لايفارق خيالها ، جلست وهيبة ثم قامت وصلت ركعتين واقسمت بالشفع والوتر ان تاخذ حقها وحق ابيها كاملا من حسن ، اذ اعتبرته من ذلك اليوم عدوها الاول كان ذلك قبل عام من معرفتى بها وذلك برفقة صاحبتها ربيعة الكاهلية لكنها اثرت ان تواصل العلاقة معه دون ضجيج وبعد عام من ذلك التاريخ . عندما بلغت الثامنة عشر من عمرى ساقتنى الظروف ان اكون ضمن كوكبة من ابناء وطني واللذين وقع عليهم الاختيار للدراسة في روسيا , وقبل سفرى بيوم واحد جاءت ومن دون سابق انذار العرافة وهيبة وهي تحمل قيراطا من البلح في دلو مائي ,, واهدتني إياه ,, قلت لها أانت تهديني بلحا ؟ ,, يا للمفارقة وانا صاحب الساقية وسليل النخلات ، قالت ، تذكر كلامي جيدا، هذا ليس تمرا فقط ،هذا طوق نجاة لك عند الملمات الكبيرة ,, فتمرتين ستكفيك وتغنيك من أشياء كثيرة ‘ هل دلوك مسحور سالتها ،، قالت وهي تبتسم ... سمه كما شئت ، فلتسمه مثلا القدح المسحور ،، ذاك ليس مهما ولكن هنالك جنى قد سبقك الي هناك انه حسن سارق قلبى وقاتله ، اتوقع بل اجزم ان الاقدار ستقابلك به ، ولكن اسالك بكل معانى الشرف والطيبة والجمال التي تؤمن بها ، ان تعطى حسن تمرتين يوم ان تقابله اكثر ، وبعد ان يتناوله سيكون كلو ما ياكله من التمر مسحورا . لاننى عزمت امرى ان اخدمه خدمة جليلة ، ولا اخفى عليك اننى نذرت حياتى من اجل اسعاده ومع الايام ستتضح لك كل شى ..انسى امره الان وحسبى ان اقول لك انه اذا دارت بك الأيام وقدر لك ان تقابلى ربيعة ‘ فستكشف لك السر , وتاكد ان هذا الدلو بما فيه سيكون ذو فائدة عظيمة لك ، انه مفتاح ديجون ستفتح به كل شى استعصى عليك فتحه , لم تمهلنى ان اسالها اكثر ,, وغابت عن ناظرى في لمحة بصر ,, لم اكن مستعدا للبحث عنها ,, لانى ببساطة تخيلتها هرطقات امراة مجنونة ...وقلت لك وتبا لحسن ، مالي انا اشغل نفسى بمشاكلكما ،، وقلت ان مشاكلى تكفينى ..... جلست وهيبة فى بيتها وتذكرت كل ما فعلت حسن بها استرجعت الاحداث وقالت فى نفسها , انها روح ميدوب اللعين وغدا ستعلم ماذا ستفعل بك الايام ياحسن , ان الارواح تتلاقح فى دفتر هذا الميت الحى ويالها من اثارة ، انها قصة حب رائعة جدا ذ، تلك التى ربطت وهيبة بحسن جمعة ، كانا يلتقيان عند وادى الجن ، خلف الجبل الكبير، كم جميلة تلك المنطقة الساحرة عند الغروب ،كان من عادة حسن جمعة الذهاب باكرا والكتابة والرسم احيانا فى تلك الصخور ،كلمات من الوجد وايات من الغرام وكانت وهيبة تنصحه دائما ، ان لايكتب شيئا ، لانها كانت تؤمن ان الجن وحده يسيطر على ذلك الوادى ، وكانت تقول ان الجن يمكنه سرقه اشعارك كلها وعمل ديوان باسمه . لم يكن حسن من ذلك الرجال اللذين يؤمنون بالخرافات ، كان يملك من العقل والشجاعة ما يكفى والدليل على ذلك انه لم يدخل ويتبرك فى تلك القباب ابدا ولم يؤمن بوجود الشيخ على امام القبب ايضا ، ولم يسال يوما لا فى سره ولاعلانية ان يمنحه الشيخ تلك القوة المطلوبة من كثير من الخلق فى تلك البيئة المسحورة . ولكنه كان مهتما بامتاع نفسه ايما امتاع . بل كان يرتجل كلمات مقفاة دوما عندما يحتسى قدحين من خمرة حاكمين النقية المعتقة والتى تسمى ايضا خمرة كوش . وقف ذات يوما مخمورا بجانب القبة وكان جمع غفير من الناس اتو لزيارة الشيخ لكنه لم يكن مهتما ابدا بنظرة الناس اليه . وذلك انه كان مؤمنا حقا بصحة رايه حول القباب عامة وقبة الشيخ على خاصة واليكم ما قاله .. ايها الشيخ المخبول ، القابع فى الضريح المجهول ، ايتها العظام المهترئة ، ايتها الروح البائسة ، انا حسون وقاله عن نفسه تحببا ، لا اؤمن بالخزعبلات ، قد تكون مهرجا ، وقد تكون مسطولا ومخرفا ، وقد تكون اكذوبة كبرى ، وقد يكون الضريح لجثة خيل من عصر بعانخى ، من خيول الاجداد ، كيف لا !! انهم كانوا يقدسون الخيول ، وبعانخى نفسه قاد معركة ، لان المصريين اساءوا للخيول ، هزمهم وحكمهم هو ومن اتى بعده ثلاثمائة وخمسون عاما ولكن كل هذا هين، فالمصيبة ان تطلع لنا ، بقايا عظام لحمار اعرج او كلب . كانت وهيبة تنصت اليه ، وقالت اسكت يا حبيبى ، اخاف عليك من لعنة القباب ، وقف حسن ونظر ثانيه ناحية القبة ، ربما شعر ببعض الذنب او التراجع قليلا ، ربما لانه مخمور ولكن تلك ليست عادته لكنه على اية حال ، بدا يمدح القبة ! ،،، ولكني مازلت احفظ ماقاله ثائر نوبي قديم لسالف الازمان تاريخ عريق يحكي لنا عن حال كوش فى الماضى السحيق فى حقبة كانت مقيدة الدروب كانت لنا فى ارضنا اعظم حضارات الجدود اسالكم يا ساداتى ووجه كلامه للزوار اين العقول الواعيات اين الاصالة والفحولة والثبات وقال بصوت خفيض قد تكون القبة لملك نوبى قديم معذرة لك حبيبتى قد اعود غدا الى هذه القبة لنرى ماذا فيه العام المنصرم كلمت اهلك وفشلنا وانتهي مسعاى بمصيبة وفاة والدكم وربما كسبا للوقت وتناسيا للجفوة من قبل اهلك سافر ولكنى على العهد دوما من الزواج بك مهما طال الزمن وكبرت الاشواك ولكن ان وعدتينى بالانتظار ساسافرمطمئنا للبحث عن عمل مناسب او اواصل دراستى وبعد سنوات ساعود وسنتزوج ، ابتسمت وهيبة وقالت كيف ستتركنى يا حبيبى ومن سيمنحنى القوة ويسمعنى كلمات الغرام تلك الكلمات التى تحرك الجبال وترتقى بروحى الى سماوات الهيام والدلع العاطفى ومن بعدك من يا ترى سيهبنى اغانى الغرام ومن سيروى عطشى وجوعى اليك من سيرمى شباكه فى امسيات الربيع ليصطادنى سيجف النهر فى عينى وكل منابع الغرام لن تزهر الشطان بعد اليوم لاتسافر يا حبيبى واجعل حبال الوصل ممدودةو ربما سيغنينا الله من يدرى كم من معدم صارا غنيا كم من مريض و ابرص شفاه شيخ مغمور كم من عقيم نال بركات الشيخ وانجب البنات والبنون بعد ان عجز اساطين الطب فى مساعدته لاتنسى يا جميلى ان لبعض المشايخ بركات . من عند الله (ذلكم هم اولياء الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ) احقا ما اقول انهم يدعون ربهم بنقاء ويعبدونه بصفاء وعليه فقد استحقوا مكافئة السماء ولقد منحهم الله حقا بعض القوى الخارقة فى نظر البشر ومنحهم ايضا فاصلا وقدرا من الامانى التي لطالما رددوها ان تعم البشرية سكت حسن قليلا وقال لمحبوبته ياساكنة فى قلبى الولوف ، يازين الروح يا عسل ، كفاك هرطقة وجنونا ، الشيخ يا غاليتى مات منذ زمن بعيد ، وهو الان من الرميمات البوالى ، \وقد لايكون عظمه موجودا ، وقد يكون روحه فى مكان اخر اوركبت جسد كائن اخر لو اردت الحقيقة ، ساثبت لك يا وهيبتي الساحرة والجميلة . ساثبت لك ذلك حتما ، ساشق الارض شقا بفاسى ومعاولى ذادى لست خائفا من احد ، فان كشف الحقيقة هدف نبيل ، دعنى احفر وارى ماذا هناك انقاذا لملايين الخرفان التى تنتظر فى فسحات الزمن الفداء بارواحها انقاذا لمدخرات الناس التى تذهب لشيوخ الدجل والشعوذة تغييرا لعادات قديمة ورؤى بالية نسجت من كفن التخلف الاجتماعى . سكت وكانت وهيبة تسمعه حتى انتهى من كلامه وسالته وهيبة ماذا قلت ياحسن ، اتريد ان تحفر قبر الشيخ ؟ ياله من جنون ، اذا فعلت ماقلته ، ستصيبنا اللعنة الابدية ، ولن تنام على الجنبة التى تريحك بعد اليوم ان حياتك ستتحول الى وصلات من الخوف والقلق والانغلاق تماما . تاثر حسن كثيرا بكلامها او هكذا كان يظهر او ربما خاف عليها من الصدمة ، وقال لها ، تاكدى لن اخطوا خطوة واحدة دون تعليماتك او اقل شي يمكن ان يحدث ،ساعلمك قبل اية خطوة ساتخذها ، يا وهيبة انتى حياتى وفجر احلامى ، وبانك بداياتى فى بحر الحب ونهاياتى فى اتونها . انتي ياوهيبة خلاصة دفق العطر ، وكل شراين قلبي تضخ من قلبك وتصب فى قلبى كل الحب كان الوقت قد سرق الحبيبين ، وحل الظلام لكن الفجر مازال معرشا على قلبيهما بضوء الصباح ومن يعرش الحب قلبه لا يعترف بولوج الليل ، ذهبت وهيبة كما قلت لكم وتبعه حسن كل الى بيته ، لكن هاجسا غريبا قد المح لحسن ان يعود فورا الي ضريح شيخه ، نعم نعم يمكننى القول ان حسن لم يتمكن مقاومه نزعاته فى معرفة ماذا فى القبر اتصلت بوهيبة لتكلمها ، ردت وهيبة اهلا حبيبي رد عليه حسن انا متاكد ياحبيبتى ان الضريح ليس فيه شى وسكت وردت عليه وهيبة بتشنج واضح لاتفعل ارجوك ، اتوسل اليك ورقدت المسكينة وقالت انا راقدة في الارض تماما جاث علي ركبتي لكن حسن لم يكن على استعداد ليستمع الى احد غضبت وهيبة غضبا عظيما ورمت السماعة فى وجها سكت حسن قليلا وقال بصوت عالى تبا لك ايتها الحمقاء ، وذهب حسن الي بيت اهلها وحاولت ملاطفتها ، الا انها كانت قد اتخذت قرارا صارما وموضوعيا للابتعاد عنه ، لم يكترث حسن بتوسلات حبيبته ، ليس هذا وحسب بل حمل معاوله وذهب حسن الى الضريح مباشرة وحفر الضريح كله بعمق اربعة امتار وطول ثلاثة امتار وعرض مترين ولجدما ادهشه ما وجدها هناك سيف ذهبى يزن نصف كيلوجرام وخاتم كبير وعصا من الذهب واشياء كثيرة حمل حسن كلما وجدها من نفائس وذهب الى بيته ودفنها فى حوش الرجال لم يكن الاحمق يعرف مقدار ما وجده من كنز ، لكن حسن لسوء حظه راه احد الاجانب الذين ربما يراقبون المكان بكمرات خفية ومنحه مبلغ ثلاثون الف دولار مقابل السيف الذهبى بعد سجال عنيف كاد ان يفضحهما .ما ان راى الدولارات حتى سال لعاب حسن ووافق على ذلك ووافق بعد ان عاند فى البداية كما قلت لكم ، استلم حسن المبلغ وعده تماما ورقة ورقة . وضعها فى كيس كبير ونظر الى الاجنبى وناوله السيف الذهبى ولكن لحسن الحظ اوسوء حظه لا لاادرى ان الاجنبى لم يطلب منه غير ذلك ذهب حسن ودفن المال ايضا فى ذات المكان الذى يرقد فيه كل ليلة ، وفى اثناء نومه ليلا جاءه ميدوب وعشر من فرسان مجهولين واوسعوه ضربا وقالو له اننا انتقمنا منك ولكن الحساب معك لم ينتهى بعد وتم استرداد سيف بعانخى الذهبى من الاجنبى الارعن القادم من وراء البحار وهو فى مكان محفوظ ، اما الاجنبى فقد رميناه فى البحر والتماسيح ستتولى باقى المسئولية زرت حسن فى ذلك الصباح ووجدت محموما وكان بعض من جيرانه مجتمعين حوله وهم فى ذهول ولايدرون ماذا حصل له وكان حسن يتكلم خارج راسه وليس مدركا لما حوله ، لدرجه انه لم يستطع التعرف على . لا ادري ماذا حصل له بالضبط ولكن حاله يدل انه مر بتجربة قاسية وتعذب كثيرا . لكنه كان يقول بصوت خافت كانه انين ... ميدوب ،،، اتركنى عليك اللعنة ، انا مرهق جدا ، خذ ماتريد ، لاتعذبنى يا ميدوب اعتذر منك ، لن اكررها سامحنى يا ميدوب .. كان الجميع ينصتون ولا احد اعطي تفسيرا مناسبا لهذه الحالة . رجعت الى البيت وتخيلت منظر حسن وتالمت جدا ، وقلت فى نفسى كيف اساعده . كنت عائدا من شاطى النيل فى اليوم التالى ، وسمعت صوتا خافتا يغنى فوق المقابر واقتربت منه وعرفت انه صوت حسن ولجدما افزعنى منظره ، كان يبكى ويغنى فى آن واحد . وعندما اقتربت منه جرى نحوى ومسك فى جلابيتى بقوة وقال عبد المعين الحقنى يااخى ان ميدوب يطاردنى ويريد ان يطعمنى بلحا مسموما , من اين اتى ميدوب بالتمر المسموم انه يقول لي , خذ تمرتين من ثمار الشجرة الخالدة لغز عجيب وسرعان ما سالت لحسن وقلت هو يريد ان يقتلك ، قال حسن نعم نعم وواصل كلامه انه هنا ,,, اللعنة انا اهرب منه , انه هنا ,, يخرج من هنا من المقابر ويعود اليها ، سالته ماذا يقول ميدوب يا حسن ،
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |